القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل التاسع والاربعون والخمسون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل التاسع والاربعون والخمسون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه





رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل التاسع والاربعون والخمسون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه



كان قاعد على السرير بنفس الوضع بقاله ساعات، أو يمكن ايام، ضهره للباب وعينيه في الولا حاجه، ملامحه هادية بس هدوءه وراه عاصفه قويه، نَفَسه بطيء، إيده مضمومة على بعض كأنه بيحاول يمسك نفسه من الانهيار، من ساعة ما عرف إنها ماتت وهو اتكسر بمعنى الكلمة، ولا كلمة خرجت منه من ساعتها، كأن حياته وقفت عند النقطه دي.

مهما كان مين اللي دخله وبيحاول يخليه يتكلم، بس هو ثابت، لا رد ولا حركه، كان ساكت تماما كأنه مش في الدنيا.

من ساعة ما فاق من الغيبوبه وهو بيسأل عنها، مامته، بس دايمًا كان بياخد إجابات مبهمة، وبرغم إحساسه بالحقيقه المُره بالنسباله كان بيكرر السؤال لحد ما اضطرّوا يقولوله الحقيقة في الاخر، ومن اللحظة دي، كأن كل حاجة اتجمدت جواه، ملامحه اتسحب منها الروح، وصوته اختفى.

الدكاترة قالوا إن الصدمة كانت عنيفة عليه، وإن السكوت ده رد فعل طبيعي... بس بالنسباله خسارة أمه كسرت فيه حاجة محدش قادر يصلحها، حاجة سكنت جواه ومش عايزة تتحرك.

وبرغم المحاولات العديدة من كل اللي حواليه عشان يخرجوه من الحالة دي ويخلوه يرجع يتكلم بس هو قرر يعيش في الصمت بعيد عن كل الناس.


نور دخلتله وشدت كرسي وقعدت جنبه، بصتله بحزن وقلق بس هو حتى ما اتحركش ولا رمش، قالت بنبرة ناعمة وهي بتحاول تبين هدوءها

"تيم... عارفه إنك سامعني، حتى لو مش عايز ترد، أنا بفكرك إن وجودي هنا مش علشان أضغط عليك، أنا هنا علشانك."

قامت من مكانها، اتقدمت خطوتين ووقفت جنبه، بصتله وقالت بهدوء

"أنا مش هسألك النهارده، ولا هتكلم عن أي حاجه... أنا بس نفسي تطّلع اللي مكتوم جواك وتتكلم انت، حتى لو هتقول كلمه"

هو كان ثابت لا بصلها حتى ولا اتكلم، نورين عضّت شفايفها بخفّة، قعدت جنبه وقالت

"مفيش دكتور في الدنيا هيحس بيك زيي يا تيم... عايزاك تديني الأمان، اتكلم"

سكتت، فضلت تبصله كأنها مستنية منه معجزة، لكن هو ولا تحرك، ولا حتى رمش....


تاني يوم

الباب خبط خبطتين خفاف قبل ما يتفتح، نورين دخلت بابتسامه بسيطة وقالت 

"عندك ضيف."

لكن كالعادة، ولا كأنه سمعها، نفس النظرة الفاضية ونفس الصمت...

حاولت تحافظ على هدوءها وقالت بلُطف

"مش هيطوّل، ٥ دقايق وهيمشي."

فتحت الباب أوسع ويونس دخل بخطوات مترددة، بص لنورين اللي ادته إشارة خفيفة وبعدها خرجت وسابتهم لوحدهم.

يونس وقف مكانه، عينيه على تيم اللي قاعد في نفس الوضع، عينه في الأرض ومفيش أي رد فعل، يونس اتنهد وقال بصوت واطي جدًا

" وحشتني جدًا"

يونس فضّل واقف مكانه شوية، بيتأمل أخوه اللي كان زي التمثال.. لا بيتحرك، لا بيتكلم، ولا حتى بيبصله.

قرب منه خطوتين وقال بصوت مبحوح 

"كنت دايمًا تقول إنك أقوى واحد فينا... طب فين القوة دي دلوقتي يا تيم؟"

وقف جنبه، بص عليه والوجع مالي ملامحه

"أنا مش جاي ألومك، ولا جاي أقولك قوم ولا اتكلم... أنا جاي أقولك إننا كلنا بننهار، بس انت انهيارك بيوجع"

قعد جنبه وقال بخفوت

"فاكر لما كنت بتقولي إنك عمرك ما هتسمح للوجع يسيطر عليك؟ طب بص لنفسك دلوقتي"

سكت لحظه وبعدين قال

" بس قولت انك شايل كتير جواك، يا ترى لسه شايل ولا حسيت انك دلوقتي تقدر تعمل كل حاجه كنت ممنوع تعملها"

تيم متحركش، نفس التجمّد، نفس النفس القصير اللي بيطلع بصعوبة كأنه بيحارب عشان يفضل عايش بس مش عايز.

يونس عض شفايفه وقال بحزن

"مامتنا ماتت... وأنا مش قادر أنسى اللي حصل، بس أكتر حاجه وجعاني هيا سكوتك، عايزك معانا... كلنا مستنيين منك كلمه"

سكت لحظه وبعدين كمل

"أنا محتاجك، محتاجك معايا لأني موجوع انا كمان، مش قادر اتخطي آخر فتره في حياتي"

وقف، مد إيده ولمس كتف تيم بخفة وقال بصوت مكسور

"أنا مش هسيبك، فاهم؟ حتى لو قعدت كده سنين، أنا مش هسيبك."


يوم جديد 

نورين كانت قاعدة مع سالي وفريده جت، نورين بصتلها وقالت بواقعيه

"مش ناويه تتكلمي مع تيم؟"

فريدة هزت راسها بسرعة وقالت

"لاء، مش شايفة إن وجودي هيفيده... بالعكس، ممكن يأثر عليه بالسلب، هسمع أخباره من بعيد."

نورين رفعت حاجبها وقالت بهدوء

"أنا مش بتكلم عن عاطفة دلوقتي، بتكلم عن استجابة ذهنية، أوقات المريض لما يسمع صوت مألوف بيحصل تحفيز بسيط للمخ، حتى لو مبانش عليه، فيمكن يكون ليكي تأثير"

سالي سألتها بقلق

"يعني شايفة انها تشوفه؟"

نورين ردت بجدية

"مش شرط طبعا، بس عندنا احتمال ولو بنسبة ١٪ أنه يستجيب، فليه لاء"

فريدة قالت وهي بتحاول تهرب بنظراتها

"أنا مش جاهزة، مش عايزاه يشوفني تاني ولا عايزه ادخل حياته تاني"

نورين اكتفت بهزة بسيطة من راسها وقالت

"زي ما تحبي، بس خليكي عارفة إن العلاج ساعات بيحتاج مواجهه معاه، عموما الرأي رأيك"


اخر اليوم

فريدة رجعت البيت، دخلت بخطوات هادية، دخلت ولقت حسام رايح جاي في الصالون، رفعت حاجبها باستغراب وقالت وهي بتحاول تخفف التوتر بصوت طبيعي

"انت جيت بدري ليه؟"

ؤفع عينه ليها بنظرة جادة وقال

"انتي اللي جايه متأخر، كنتي فين؟"

سكتت لحظة وبعدين قالت بهدوء

"طب ممكن نتكلم؟"

سألها بنبره مشدوده

"كنتي فين يا فريدة؟ عديت عليكي في المستشفى بس عرفت إنك خرجتي."

أخدت نفس عميق وقالت مرة تانية وهي بتحاول تهدي الوضع

"ممكن نتكلم لو سمحت؟"

قعد على الكنبه وقال بهدوء ظاهري

"تمام، اتفضلي."

قربت منه، قعدت جنبه بعد تردد بسيط، قالت بارتباك واضح

"مش عارفة المفروض أقولك ولا لاء كل اللي هقوله، ومش عارفة الصح إنّي أخبي معظم الكلام ولا أواجهك بيه كله، بس أنا مش هخبي عليك حاجة، هحكيلك كل حاجة من الأول لحد دلوقتي."

عينيه اتعلقت بيها، ملامحه اتبدلت بين قلق وترقب، سألها بصوت خافت

"فيه إيه يا فريدة؟ إيه اللي حصل؟"

أخدت نفس تاني كأنها بتستجمع شجاعتها وقالت

"طبعًا انت عارف إن ماما وخالتو اتفرقوا من زمان، من ساعة ما كل واحدة فيهم اتجوزت، ومكانوش يعرفوا أي حاجة عن بعض، لحد ما بالصدفة... أو يمكن مش صدفة زي ما بنقول في العادي، أنا روحت أتابع مع يونس لأن سالي طلبت مني كده، قدام الكل كانت صدفه اني جيت اتابع مع يونس بس الحقيقة إن سالي هي اللي دورت عليا مخصوص، كانت متخيلة إن لما تدخل البيت بنت زيي، بنت أخت مامتها اللي مفتقداها ومش لاقياها، الدنيا ممكن تتغير شوية."

سكتت لحظة وكملت بصوت أهدى

"سالي كان عندها فضول تعرف سبب إن مامتها مانعة أي بنت تدخل البيت وطلبت مني أساعدها، وأنا مكنتش أعرف إنها دورت عليا مخصوص وأنها تعرف اصلا من البدايه اني بنت خالتها، هيا قالتلي بعد فتره"

حسام كان ساكت، نظراته مليانة أسئلة بس سابها تكمل.

"بالنسبالنا كان تيم هو المفتاح... لأن مامته كانت مانعاه هو بالتحديد إنه يقرب من أي بنت أو حتى يتعامل معاها، وسالي قالتلي إن تيم عارف كل حاجة عن مامته بس عمره ما هيتكلم حتى لو هيموت، فكان لازم أقرب منه، سالي حاولت كتير تقنعني أقرب منه، وأنا في الأول كنت مترددة، بس اقتنعت في الآخر."

ابتسمت ابتسامة باهتة وهي بتفتكر

"وبالرغم من إنه كان رافض وجودي جدًا في البداية، وحاول بكل الطرق يخليني أمشي، ده خلاني أصمم أكتر إني أكون موجودة، كنت بحاول أضايقه أوقات، أستفزه، يمكن أطلع منه أي حاجة، بس اللي حصل العكس، ساب البيت ومشي هو، وقتها كانت مامته مسافرة، مش في البيت."

سكتت، كأنها بتحاول تجمع أنفاسها قبل ما تكمل الباقي، أخدت نفس عميق، صوتها كان هادي بس جواه توتر واضح وهي بتقول

"وبس، فضل بره البيت لحد ما مامته جت أخيرًا، وطبعًا لما عرفت إن في بنت في البيت كانت بتهاجم سالي جدًا وطلبت منها تمشيني، قررت أنزل أواجهها، بس أول ما شوفتها اتخضّيت، اتلغبطت، كنت عارفاها من الصور، ماما دايمًا بتحكي عنها، بس عمري ما كنت متخيلة أشوفها قدامي وخصوصا في الوقت ده، وقتها سالي مكانتش لسه قالتلي إنها تعرف من بدري اني بنت خالتها، أنا كنت فاكرة إن كل حاجة صدفة، بس بعدين عرفت إنه لاء، كل حاجة كانت مترتبة من سالي، يونس وقتها كان فاضله حاجه بسيطة ويقوم، فسابتني الفتره دي، وبرضو تيم كان رافض وجودي جدًا... ومعرفش السبب كان إيه."

حسام كان قاعد قدامها، وشه بيتغير مع كل كلمة، عضلة فكه شدت ونظراته بقت حادة.

فريدة كملت من غير ما تبصله، كأنها عايزة تخلص الكلام قبل ما تتراجع

"فترة منهم عرفت علاقة ماما بعلي وكنت متضايقة، وتيم وقتها كان مهتم شوية بس الموضوع كان حساس بالنسبالي، المهم إن الفترة اللي كنت بتابع فيها مع يونس خلصت، واليوم اللي مشيت فيه، انت ظهرت فيه لو تفتكر"

رفعت عينيها ليه لحظة وقالت بنبرة هادية

"وبالرغم من إني خلاص مشيت من عندهم، سالي فضلت متابعة معايا وبنحاول برضو نعرف السبب ورا حكم أن مفيش بنت تدخل البيت، سالي طلبت مني أقرب من تيم وده فعلاً اللي كنت بعمله، بالرغم من كلامه اللي كان جارح بس كنت بحاول أقرب منه، لحد ما في مرة قال كلام مقدرتش أعديه، ومن وقتها قررت إن مليش علاقة بيه مباشرة، آه هساعد سالي، بس مليش دعوة بتيم."

في اللحظة دي، حسام اتنفس بصعوبة، حاول يخفي ضيقه بس كان واضح على ملامحه، أيده كانت بتتحرك بعصبية، سأل بصوت حاد

"كنتي بتحاولي تقربي منه؟"

فريدة قالت بهدوء

"كنت بحاول أفهمه مش أكتر."

بس عينيه قالت كل حاجة، كانت نظرة غيرة وغضب...

فريدة كملت بعد لحظة صمت

"وقتها كنت بكلم صاحبتي، دكتورة نفسيه، كنا بنحاول نفهم تيم... هي كانت بتقولنا حالته إيه بالظبط وإزاي نتعامل معاه، وقالت إنه أكيد بيفرغ كبته ومشاعره في مكان ما، وسالي قررت تراقبه، حطت كاميرات في أوضته وفضلت تتابع لحد ما عرفت إن عنده أوضة سرية جوه أوضته."

سكتت فريدة بعدها، وصوتها وطي شويه وهيا بتكمل

"دخلنا الأوضة بصعوبة، وأول حاجة شوفناها كانت صور لبنت تيم بيحبها، البنت دي مرسومة بدقة، وكذا مرة، بس مكانش ده المهم بالنسبالنا، المهم اللي بعده، لأن تيم تقريبًا كان راسم حياته كلها، كل سنه راسم الأحداث المهمه اللي حصلت في السنه دي"

سكتت لحظة وبعد كده كملت بابتسامه للذكري

"وقتها كنت انت بتحاول تقرب مني كتير، وعرضت عليا الجواز"

كملت 

"وأنا كنت مشغولة في اللي شوفناه، لأن اللي عرفناه كان صعب."

حسام كان ساكت، ملامحه مش مفهومة، بس سامع كل كلمه، فريده قالت مباشرةً

"صابرين كانت بتستدرج البنات في بيتها من زمان... بتخدرهم وتبيعهم لتجار أعضاء في الدارك ويب."

حسام اتصدم، اتجمد مكانه، صوته خرج مخنوق

"إيه اللي بتقوليه ده يا فريدة؟!"

قالت بهدوء رغم رجفة صوتها

"عارفه، صدمه... بس دي الحقيقه، لما  عرفت أن سالي عرفت ده، حبستها، لحد ما سالي قررت تسافر لجوزها، والموضوع اتقفل، والوضع استقر تقريبا في الفتره دي، واتجوزنا بعد كده... بس اللي حصل بعد كده مكانش في الحسبان."

سكتت ثواني، بصتله وقالت بخفوت

"سالي رمت كلام خلى يونس يشك، فدور ورا مامته لحد ما لقاها ماسكة ورق على كل الناس اللي شغالة معاها، ومعاها سي ديهات للبنات اللي كانت بتبيعهم، يونس قدم الورق ده للنيابة عن طريق شخص مجهول، واللي حصل إنهم قتلوها أول ما الورق ده اتسلم، وتيم وقتها كان في غيبوبة اصلا، بس هو دخل الغيبوبه دي لأنه عرف إن البنت اللي بيحبها اتجوزت صاحبه، ودلوقتي حامل."

كلامها الاخير خرج منها بهدوء، بس معداش وقت كتير عشان حسام يحلله ويستوعبه، ويفهم أن البنت اللي بتتكلم عنها دي تكون هيا، ملامحه اتبدلت فجأة، قلبه بدأ يدق بعنف، ووشه اتشد بعصبية حادة، بصلها بنظرة مميتة، صوته خرج واطي بس مليان غضب مكتوم

"البنت دي... انتي؟"

فريده سكتت، معرفتش ترد، اكتشفت أنها اعترفت من غير ما تنطق، وشه باين عليه الغضب وهو بيقرب منها وقال بصوت متقطع من العصبية

"وانتي... بتحبيه؟!"

قالت بسرعة

"أكيد مش زي ما انت متخيل!"

ضيق عينيه وسألها بنبرة فيها وجع

"إزاي؟ طب ليه ما قولتليش قبل ما نتجوز؟"

قالت وهي بتحاول تهدي أنفاسها

"حسام اسمعني، أنا كنت..."

قاطعها بعنف، صوته عليّ وهو بيحاول يكتم القهر اللي جواه

"لو كنتي قولتيلي من الأول كنت عرفت أتعامل، كنت فهمت! هو أنا أجبرتك تتجوزيني؟ كنتي رفضتيني وكنت هقدر أعيش مع ده، كنت هتعامل، بس دلوقتي... دلوقتي!"

قربت منه، مسكت وشه بين ايديها اللي بترتجف وقالت

"حسام، اسمعني، المشاعر دي من طرف واحد بس، عمرها ما كانت ممكن تنجح، أنا مش بحب غيرك، فاهمني؟ تيم بالنسبالي شخص انا بساعده، حاسة بالذنب ناحيته، لكن قلبي... اختارك انت."

اتنفس بقوة، أنفاسه كانت متقطعة وهو بيحاول يصدقها، قال بصوت مبحوح من وجعه وهو بيستوعب

"علشان كده علاقتنا في بداية جوازنا كانت فاترة... انتي عمرك ما حبتيني، انتي أكيد بتحبيه هو... أنا كنت مغفل."

هزت رأسها بعنف، دموعها نزلت وهي بتقول

"أقسم بالله بحبك انت، ومقدرش أعيش من غيرك، والله العظيم عمري ما كان في حاجة بيني وبينه، أنا حكيتلك كل اللي حصل بالظبط، انت بالنسبالي أغلى شخص في حياتي، يا حسام صدقني..."

سكت، بس نظرته كانت مليانة انكسار، كأنه شايف الحقيقة لأول مرة ومش قادر يواجهها.

فضل ساكت، مفيش ولا كلمة بتطلع، كأنه بيحاول يصدقها وفي نفس الوقت كل حاجة جواه بتصرخ بالعكس.

قرب خطوة منها، وقال بصوت واطي كله وجع

"انتي مش فاهمة انا كنت بحبك قد إيه، كنت شايف فيكي كل حاجة، كنت متطمن وانتي جنبي، ولما قولتيلي إنك اخترتيني صدقتك، بس دلوقتي كل اللي جوايا بيقولي إني استبن"

فريدة مسحت دموعها وهي بتقوله بسرعة، بتحاول تمسك أعصابه قبل ما ينهار أكتر

"لاء، لاء يا حسام متقولش كده، انت عمرك ما كنت كده، انا مش بكدب"

ضحك ضحكة قصيرة وقال بسخريه

"بس هو لسه في بالك، مش كده؟ لسه مهتمه بيه"

فريدة قربت منه أكتر، مسكت إيده بكل قوتها وقالت بصوت متقطع

"هو مكانش في بالي ابدا، كان في ضميري، كنت عايزة أساعده، أخلصه من اللي هو فيه مش أكتر من كده، والله انا بحبك يا حسام، وعمري ما خنتك حتى بنظرة."

بصلها وبعدها سحب إيده بهدوء وقال بصوت هادي ظاهري

"الخيانه مش دايمًا فعل، أوقات بتكون سكوت، وأوقات تانية بتكون مشاعر اتخبت جوه القلب."

سكت لحظة وبعدها كمل وهو بيبص بعيد عنها

"أنا محتاج وقت يا فريدة، محتاج أفهم أنا فين... وإنتي فين."

قالها ومشي ببطء ناحية الباب.

فريدة قالت وهيا بتحاول تمنعه

"لو سبتني هموت يا حسام."

عينيها كانت مليانة دموع، صوتها بيترعش بين الخوف والرجاء، بس هو خرج من البيت بسرعة، وهيا فضلت واقفة مكانها لحظة، بتحاول تستوعب اللي حصل، وبعدها قعدت على الأرض وهي بتعيط، لأنها مكانتش متخيله الأمور توصل لهنا.


حسام خرج من البيت بخطوات سريعة، عينيه مليانة غضب، فتح باب العربية بقوة وركب، وصل بيت اهله، دخل من غير ما يبص لحد، لا سلَّم ولا نطق بكلمة، طلع سلالم البيت بخطوات سريعه ودخل أوضته وقفل الباب وراه بقوة.

مامته اتفزعت من اللي حصل وقالت

"فيه إيه؟ شكله مش طبيعي، أنا هطلع أشوفه."

لكن بابا حسام وقفها وقال بحزم وهو بيحاول يخفي قلقه

"سيبيه دلوقتي"

قالت بعصبية وقلق حقيقي باين في صوتها

"بس وضعه مبقاش عاجبني، عايزة أعرف في إيه وماله؟!"

بصّلها وقال بهدوء ممزوج بحزم

"سيبيه دلوقتي يا منى، الولد شكله متضايق، اكيد جه هنا علشان عايز يقعد لوحده"

سكتت ورجعت قعدت مكانها تاني وهيا حاسه بقلق.


فريدة كانت قاعدة على الأرض في الصالة، بتعيط وندمانه على كل اللي قالته، كانت ممكن تخفي اخر جمله بس هيا حبت تعرفه كل حاجه كامله، فضلت قاعده مكانها وقت طويل، الوقت عدى وهيا لسه مكانها

بدأ النهار يطلع وحسام رجع اخيرا، فتح الباب وهيا اول ما سمعت صوت المفتاح في الباب قامت بسرعة، حسام دخل وفريده من غير ما تفكر جريت عليه وحضنته بقوة، بس هو فضل واقف مكانه، جسمه متصلب، بعد لحظة، فريدة بعدت عنه بهدوء.

حسام بِعد شويه وقال بصوت واطي بس ثابت

"أنا فكّرت."

وقفت مكانها، عينيها كلها ترقب مستنياه يتكلم، قال بعد لحظه

"اختاري يا فريدة... يا أنا، يا تيم."

الصمت ساد على المكان، قرب منها خطوة وقال

"أنا مش هجبرك على حاجة، بس طول ما انتي معايا، عمري ما هقبل إنك تقربي من تيم تاني... أبداً."

فريده سكتت وهيا بتحاول تستوعب كلامه، هو خد نفس هادي وقال بنبرة أقل حدة.

"أنا مش عايز أظلمك يا فريدة، بس أنا مش هقدر أعيش وأنا عارف إن في حد تاني واخد مساحة في حياتك، حتى لو احساسك ناحيته شفقه، أنا بحبك، بس مش هقدر اسمح لحد تاني مهما كان يشاركني فيكي، خدي وقتك، بس لازم تختاري، لاني كراجل كرامتي متسمحليش اسيبك تساعدي واحد انا عارف كويس اوي ايه مشاعره ناحيتك"

وسابها ومشي...

فضلت واقفه مكانها بتبص لطيفه وهيا بتحلل كلامه... اتنهدت وقعدت على اقرب كرسي وهيا بتفكر تعمل ايه.


يونس صحِي بدري، أول ما فتح عيونه مد إيده على الفون اللي على الكومود، أول ما فتحه لقا رسالة من حسام، فتحها بسرعة ولما قرأ الرساله رن عليه بسرعه، الفون رن شوية قبل ما حسام يرد أخيرًا.

يونس قال بنبرة متوترة

"إيه اللي انت باعته ده يا حسام؟"

حسام قال بهدوء

"أنا آسف يا يونس، بس أنا مش هقدر أكمل في الشراكة دي."

يونس رفع صوته شوية وقال

"بس ليه؟ إيه السبب؟ في حاجه حصلت؟ حاجه مضيقاك"

حسام قال بنبرة هادية كأنه كان محضّر الكلام ده من بدري

"اهدَى يا يونس، مفيش حاجه والله، بس بابا محتاجني معاه اليومين دول، ولما لقيت نفسي مش قادر أوازن بين الشركتين قررت أنسحب."

يونس قال بسرعة

"بس ليه كده؟ وليه دلوقتي؟ وليه سايبلي كل حاجه وأنت عارف إن تيم حالته مش تمام الفتره دي؟"

حسام قال باعتذار

"اعذرني يا يونس، والله غصب عني، إنت عارف إني عمري ما اتأخرت لا عليك ولا على تيم في أي حاجه، بس لما أقولك إني مش قادر أكمل، يبقى فعلاً مش قادر ثانية زيادة."

يونس هز راسه وقال 

"أنا فاهم، بس إنت عارف إن الشغل ده مش مجالي أصلاً، وإن نزولي كان عشان أغير من نفسي، دلوقتي أعمل إيه؟"

حسام قال وهو بيحاول يطمنه

"متقلقش، مش هسيبك لوحدك كده، في واحد صاحبنا ثقة جدًا، كان عايز يدخل معانا من الأول، بس وقتها إحنا مكناش حابين حد يدخل، هديه الأسهم بتاعتي، وهو فاهم الشغل كويس جدًا، يعني متخافش."

يونس اتنهد وقال

"طيب ماشي، لو كده تمام، بس إنت عارف غلاوتك عندي وقد إيه كنت عايزك تكون معايا في كل ده."

حسام قال بخفّة

"معلش يا حبيبي، ظروف بقى."

يونس سكت لحظه، صوته اتغير وقال بضيق حقيقي

"ظروف إيه يا حسام؟ وليه كلامك محسسني إنك بتقفل باب كده ومش ناوي تفتحه تاني؟"

حسام اتنهد وقال

"مش قصدي كده والله يا يونس، بس أوقات في حاجات بتجبرك تاخد قرارات انت نفسك مش مقتنع بيها، أنا كنت أتمنى أكمل معاكوا، بس كل حاجه دلوقتي متلغبطة."

يونس قال

"طب ما تيجي نتكلم وش لوش؟ افهم إيه اللي مضايقك، يمكن نلاقي حل."

حسام رد بسرعة

"مش هينفع دلوقتي صدقني، خلينا كده أحسن وكل حاجه هتوضح بعدين."

يونس قال

"ماشي يا حسام... انت ادرى"

حسام سكت لحظه وبعد كده قال بنبره خافته

"ابقى طمني على تيم دايمًا بالله عليك."

يونس سأل باستغراب

" ليه انت مش ناوي تتطمن عليه بنفسك؟!"

حسام قال

" سيبها بظروفها"

يونس رد

" طيب براحتك، مع السلامه"

قفل يونس مع حسام ورمى الفون قدامه، قعد ثواني ساكت كأنه بيحاول يهدّى نفسه، بعد شويه مد إيده للفون تاني ورن على يسر، مردتش عليه اول مره، زفر بقوة، رن تاني ولما ردت سأل بضيق 

"يسر... مش بتردي ليه؟"

بعد لحظه سمع صوتها أخيرًا، كان مبحوح وضعيف جدًا، بالكاد بيطلع

"يونس..."

قال بسرعه

"ايه يا يسر، مالك؟ صوتك عامل كده ليه؟ في ايه؟"

ردت بخفوت

"ياسمين..."

سأل بترقب

" ياسمين اختك؟"

قالت وهيا يادوب بتحرك شفايفها

"ياسمين... ياسمين ماتت يا يونس."

يتبع.....

بارت 49

#استثنائيه_في_دائرة_الرفض

by batool abdelrahman




بارت 50

#استثنائيه_في_دائرة_الرفض

by batool abdelrahman


فريدة دخلت المستشفى اللي فيها تيم بخطوات هادية، برغم هدوء خطواتها بس قلبها كان شغال على غير العاده، بيدق جامد وكأنها داخله مسابقه حياتها مرهونه على فوزها، لما وصلت عند أوضته طلبت من نورين تدخل لوحدها، نورين احترمت ده وسابتها تدخل لوحدها.

فتحت الباب بهدوء ووقفت لحظه بتبصله، تيم، اللي دايما كان ثابت وقوي وبارد، بقا دلوقتي مجرد ظل منه، ضعيف، ملامحه مطفية...

قربت منه بخطوات بطيئة، كل خطوة كأنها بتسحب منها نفسها، سحبت كرسي وقعدت جنبه، نظراتها عليه مليانة وجع مش قادرة تخفيه.

سكتت شوية كأنها بتحاول تلاقي الكلمات المناسبة وبعدين بدأت كلامها بصوت واطي مهزوز

" اترددت كتير اوي اجيلك واتكلم معاك ولا لاء، وفي الاخر جيت"

خدت نفس قصير وعيونها نزلت على الأرض وكملت

"مكنتش حابه ابدا انك تشوفني تاني، ومازلت طبعا، بس المره دي اخر مره اشوفك وتشوفني فيها، علشان كده جيت"

صوتها بدأ يترعش وهي بتكمل

" انا، انا حاسه بحِمل تقيل اوي على قلبي، لو تفتكر رفضك ليا اول ما بدأت اظهر في حياتك، تقريبا حياتك كانت مستقره قبل ما اظهر، بس طبعا مكانتش حياتك المثاليه اللي كنت عايزها، وبالرغم من كده كنت قابل بيها وكنت خلاص اخدت عليها بالرغم من أنها كانت غلط"

دمعة نزلت على خدها من غير ما تحس، مسحتها بسرعة وقالت

"لما دخلت حياتك يا تيم كنت بجد عايزه اساعدك، برغم رفضك بس كنت حابه اوي اساعدك واخرجك من حالتك، مش اوصلك للحاله اللي انت فيها دلوقتي دي"

نبرتها اتكسرت أكتر وهي بتبصله

" انت متعرفش انا ازاي متضايقه وانا شايفاك بالوضع ده، حاسه بصدماتك اللي خدتها ورا بعض، حاسه بيك وفاهمه قد ايه انت حاسس انك بتخسر"

سكتت شوية، دموعها كانت بتتجمع تاني، ابتسمت ابتسامة حزينة جدًا وكملت

"بس يا تيم، عايزه اقولك أن في حياتنا دي مفيش حد بياخد كل حاجه هو عايزها، اه ممكن مره تصيب وتاخد حاجه انت بتتمناها، بس مش دايما الحياه هتقف جنبك، هتخسر حاجات بس صدقني هتكسب قدامها، الحياه مكسب وخساره مش خساره بس."

خدت شهيق طويل كأنها بتحارب نفسها علشان تكمل

" لما دخلت الغيبوبه، عرفت انك بتهرب من واقعك الأليم اللي كنت بتخشى تعيشه في يوم، قررت تنسحب وتسيب كل حاجه، ولما رجعت انت اتمسكت تاني بالحياه، رجعت عشان تكمل حياتك مش عشان تقعد هنا بالمنظر ده"

قامت من مكانها وقعدت جنبه وقالت

"صدقني كلنا بنحبك، كلنا عايزين نساعدك، كلنا يا تيم بنمر بمشاكل في حياتنا، وياما ناس حياتها أسوأ بكتير بس وقفت على رجليها من تاني، مينفعش تستسلم كده"

فضلت ساكتة ثواني طويلة، وبعدين قالت وهي بتحاول تبتسم رغم دموعها

" حتى لو خسرت ناس مهمه في حياتك مش مهم، هيجي غيرهم، حتى لو مش هيعوضوك عن اللي راحوا بس صدقني هيملوا حياتك"

سكتت لحظة طويلة جدًا، اتنهدت وقالت بنبرة أهدى لكن وجعها أوضح وهيا عارفه تأثير كلامها عليه

"مشاعرك ناحيتي انا عارفاها من زمان، بس هل انت اصلا كنت متأكد منها؟ اكيد مشاعرك دي مؤقته ناحيتي، انا البنت الوحيده اللي دخلت حياتك فكان طبيعي انك تحبني، لكن انت مش بتحبني بجد يا تيم، ده حب لحظي مش حقيقي."

حمحمت وقالت وهيا بتبص بعيد عنه

" انا مش ليك، انا خلاص بقيت لحد تاني، بيحبني وانا كمان، انا كمان بحبه، غصب عني حبيته، لقيت نفسي من غير ما احس بحبه ومشاعري ناحيته لاول مره بحس بيها، عارف لما تحس انك مش قادر تبعد عن الشخص ده، لما تكون عايز تسمع صوته دايما وتستنى تشوفه، كل ده انا حسيته مع حسام"

كأن الكلمات دي كسرت جواه حاجة، دموعه بدأت تنزل، فريدة مسحت دموعه وهي بتحاول تهديه

" لاء لاء انا مش بقول كده عشان اضايقك، بقول كده عشان تعرف أن لو حبك ليا حقيقي كان زماني حسيت بمشاعرك دي، كان زماني دلوقتي متجوزتش حسام اصلا وفضلت معاك بس ده محصلش، لأن اللي بينا مش حب حقيقي يا تيم"

بصتله بحنية وهيا بتكمل

"هييجي يوم صدقني وتحب بجد، ووقتها هتقدر تفهم قصدي"

مسحت دموعها وقالت بصوت مبحوح

"نصيحتي ليك بجد انك تسمح تعالج نفسك، تدي فرصه لكل اللي حواليك، شوف الدنيا من ناحيه كويسه واسمح لنفسك تعيش بجد، جرب مش هتخسر حاجه، عمر ما زعلنا على اللي راحوا هيرجعهم، عشان كده لازم تقوم وتعوض خسارتك، شوف اللي حواليك، كتير بيحبوك وعايزينك كويس، ويارب اسمع اخبار كويسه قريب عنك، لاني حتى لو مشوفتكش تاني مش هقدر اتجاهل وجودك ودايما هتابعك"

وقفت وقالت بحزن

"دي آخر مرة تشوفني فيها... بتمنى من كل قلبي إنك تعيش الحياة اللي تستحقها، وتشوف كل خير."

لفت ومشيت خطوتين بس وقفت لما سمعت صوته بينادي

"فريده..."

فريدة لفتله بسرعة أول ما نطق اسمها، قلبها وقع في لحظة وهي سامعه صوته اخيرا

تيم قال بصوت متحشرج لكنه ثابت

"أنا مش طفل ومش مراهق، أنا إنسان عادي ناضج، فاهم كل حاجة بتحصل حواليا، آه يمكن مريض زي ما بتقولوا... بس عمري أبدًا ما أغلط في مشاعري."

وقف لحظة كأنه بيحاول يلم نفسه وبعدين كمل

"ومش إنتي أول بنت تدخل حياتي بجد، غلطي الوحيد إني حبيتك في وقت غلط... أو يمكن لإني معترفتش بمشاعري أول ما حسّيت بيها وكابرت بالرغم من أنه غصب عني"

صوته بدأ يتهز وهو بيكمل

"قدرت أتنازل عنك... وده كان عقابي، حياتي محدش يتخيل إن حد عايشها ومستحمل كل ده بس أنا سمحت بكده ورضيت زي ما قولتي، بس أنا مش عايز أتعالج... أنا عايز أخرج من هنا وارجع زي ما كنت، حتى لو خسرت أغلى ناس في حياتي هكمل حياتي زي ما كانت"

قرب منها خطوة، بص في عينيها وقال بهدوء كأنه بيترجاها

"خرجيني من هنا يا فريدة... أنا مش عايز اتعالج، لو فعلًا عايزة تساعديني... خرجيني من هنا."

وسكت.

كان صوته ساعتها أهدى من عادته، وكل كلمه قالها كان فيها وجع دفين هو بس اللي حاسه.

فريدة بصّتله وهيا مش مصدقة إنه اتكلم اخيرا، ومعاها هيا 

نطقت بصوت مبحوح 

"تيم..."

ابتسمت وسط دموعها وقالت بخفوت فيه رجفة

"محدش قال إنك مريض، بس كل واحد بييجي عليه فترة صعبة بيكون محتاج يفصل عن الدنيا شوية... وده اللي انت بتعمله دلوقتي، علشان ترجع تاني أقوى، ترجع وتقف على رجلك من جديد."

تيم رفع عينه ليها وقال بنبرة فيها حدة وكسرة

"الفترة خلصت... عايز أخرج من هنا، مش عايز حد يعاملني كأني مجنون."

قاطعته بسرعة 

"لاء مين قال كده؟ انت مش مجنون يا تيم، أنا محتاجة ثيرابيست أنا كمان يبقى كده أنا مجنونة!"

اتنفس بعنف وقال بحزم

"خرجيني من هنا."

حاولت تمسك نفسها وقالت بلطف

"طب اهدى طيب، ممكن؟ لو عايز تخرج، هخرجك... بس اهدى، أرجوك."

بلعت ريقها وقالت

" تخرج ونورين تتابع معاك في البيت؟"

هز راسه برفض وقال

" سيبوني اعيش حياتي زي ما انا عايش، مش عايز حد في حياتي"

ردت بسرعة

"بس دي مش زي ما انت عايز يا تيم..."

قال بوجع عميق

"لأني عمري ما هعرف أعيشها زي ما عايز... لأني عايزك!"

مدّ إيده، مسك إيديها بقوة وحطها على قلبه وهو بيقول بصوت مهزوز مليان إحساس

"لإنك من ساعة ما دخلتي حياتي وأنا مش قادر أخرجك من هنا... لو مش هتقدري تغيري حياتي زي ما أنا عايز بجد، يبقى سيبيني أخرج واعيشها براحتي"

كلماته كسرت جواها حاجات، قربت منه بخطوات بطيئة، مسكت وشه بايدين بتترعش وقالت بصوت واطي وهي بتحاول تسيطر على دموعها

"اهدى... اهدى، أنا... أنا..."

قاطعها بعصبية وهو بيبعد عنها

"متقوليش اهدى! أنا مش مجنون... مش مجنون!"

قالت بصوت عالي وهيا بتحاول متنهارش

"عارفة، عارفة والله يا تيم، عارفة..."

الباب اتفتح ودخلت ممرضه بسرعه، فريده بصتلها بسرعة وقالت بحدة

"متقربيش!"

الممرضة وقفت مكانها، وتيم كان بيتنفس بصعوبة، ودموعه بتنزل من غير وعي، اول مره تشوف حالته كده، عمره ما كان بالضعف ده، قربت منه وضمّته، حضنته بكل قوتها، قالت بصوت واطي وهيا بتحاول تهديه

"اهدى، خلاص... خلاص يا تيم، أنا هنا، أنا هنا..."

الممرضة قربت منهم بهدوء، وبإشارة صغيرة من فريدة بدات تديله حقنة مهدئة.

تيم اتنفس ببطء، جسمه بدأ يهدى، وملامحه استرخت، استسلم تماما...


سالي دخلت بسرعة أول ما عرفت إن فريدة دخلت لتيم، فتحت الباب بسرعة، شافت تيم غايب عن الوعي، جسمه راخي تمامًا، وفريدة جنبه بتحاول تقومه والممرضه بتساعدها

سالي قربت منها وقالت بخوف واضح

"إيه اللي حصل؟"

فريدة رفعت عينيها ليها، صوتها كان مبحوح وضعيف وهيا بتقول

"ساعدينا ننيمه على السرير."

سالي بسرعة قربت منها، شدّوه بحذر لحد ما حطوه على السرير، وبعدها سالي اتنفست بعمق وهي بتبص على وش فريدة اللي كان باين عليه الإنهاك التام.

خرجوا من الأوضة بهدوء، وسالي سألتها تاني بقلق

"إيه اللي حصل؟"

فريدة سندت على أقرب حيطة، كانت بتاخد نفسها بالعافية، دموعها نزلت وهيا بتقول

"أنا تعبت..."

سالي قربت منها وقالت بسرعة

"في إيه طيب؟ فهميني؟!"

فريدة بصتلها وقالت بتعب

"هو أنا ليه بيحصل فيا كده؟! هو أنا إيه اللي عملته في نفسي ده؟! إيه القرف اللي أنا فيه ده؟!"

سالي سألتها بحذر

"فريدة مالك؟"

فريدة بصت قدامها وقالت

"هو في الحالة دي المفروض أعمل إيه؟ يعني مطلوب مني إيه؟"

سالي سكتت، مش عارفة ترد، فريدة كملت بصوت بيتهز

"أمشي ورا مين طيب؟ أعمل إيه يا ربي؟ أنا إزاي..."

سالي قالت بخوف واضح

"طب كلميني طيب، قوليلي في إيه يمكن أساعدك!"

فريدة بصتلها، قالت بغيظ مكبوت

"مش مامتك ماتت ومتجوزش عليها إلا الرحمة، بس ربنا ينتقم منها على الحالة اللي وصلت ابنها بيها بسبب طمعها وجشعها... لو كانت لسه عايشة أنا كنت قتلتها بنفسي!"

سالي اتصدمت من كلامها وقالت

"فريدة؟ في إيه بقا؟! تيم ماله وانتي مالك؟!"

فريدة مسحت دموعها وقالت بصوت مهزوز

"تيم مش كويس، تيم مش كويس خالص..."

سالي قالت بخوف

"ماله؟ إيه اللي حصل؟"

فريدة قالت وهي بتحاول تسيطر على نفسها

"عايز يخرج من هنا، ومش عايز يكمل علاجه اللي لسه مبدأش أصلاً."

سالي اتفاجئت وقالت بسرعة

"يعني اتكلم وقال كده؟!"

فريدة هزت راسها بإيجاب وقالت

"آه، قال كده... بس يخرج إزاي؟! ويرجع إزاي لنفس الحياة دي؟!"

سالي قالت بحزم

"بس أنا مش هسمح بخروجه! مينفعش يخرج يا فريدة، إحنا ما صدقنا أصلاً أنه هنا!"

فريدة قالت بصوت هادي مليان يأس

"وجوده هنا ملوش لازمة طول ما هو مش عايز ده، إحنا كده مش بنعمل حاجة، وأنا مش هينفع أكمل معاه بس برضو مش هقدر اسيبه"

سالي قربت منها وقالت برجاء

"بس هو اتكلم معاكي انتي، يعني لو فضلتي معاه لحد ما يتعالج ويبقى أحسن، يبقى تمام كده."

فريدة قالت وهي بتبص بعيد عنها

"صعب أفضل معاه يا سالي... أنا دلوقتي بين اختيارين أصعب من بعض، يا أكمل حياتي مع حسام وابني اللي جاي، يا إما أضيع كل ده وأفضل مع تيم، يعني وجودي مع تيم مقابل إني أخسر حياتي اللي كنت بدأت أحبها."

سالي قالت بهدوء وهي بتحاول تهديها

"طب ما إنتي هتفضلي مع حسام، بس تكوني support لتيم."

فريدة هزت راسها وقالت بنبرة حاسمة فيها وجع

"حسام طلب مني مقربش من تيم تاني... وأنا مش عارفة أعمل إيه، مش هقدر أسيب تيم في الحالة دي."

سالي قالت بحزم

"يبقى شوفي حياتك يا فريدة، تيم أنا هعرف أتعامل معاه."

فريدة هزت راسها برفض تام وقالت

"بعد اللي شوفته النهارده، حاسة بعجز فظيع... يا ربي ليه بتحطني في مواقف صعبة أوي كده؟ أعمل إيه؟!"

سالي قربت منها وقالت بهدوء

"فريدة، أنا قلتلك فعلاً تعملي إيه؟ لو شايفة وجودك هنا هيهدد استقرار حياتك، يبقى امشي."

فريده بصتلها بإصرار وقالت

" أنا عمري ما هسيبك تيم في الحاله دي، متعودتش اسيب حد محتاجني، وتيم هفضل معاه لحد ما يكون كويس، مش هسيبه"


يونس كان واقف قدام بيت يسر، الجو هادي بس قلبه بيخبط بجنون، مش عارف يعمل إيه ولا يبدأ منين، كل اللي في دماغه صورة يسر وهي منهارة بعد اللي حصل لأختها، ماسك موبايله مش عارف يعمل ايه، يكلمها ولا ده مش وقته، بس هو فعلا عايز يعرف هيا عامله ايه دلوقتي.

بس قبل ما ياخد القرار، شد انتباهه صوت العربيه اللي وقفت قدام البيت، ولما شاف فريده نازلة من عربيتها حس براحة خفيفة، نزل هو كمان من عربيته بسرعة وناداها بصوت متوتر

"فريده!"

لفتله وقالت باستغراب

"يونس؟!"

قرب منها وقال بقلق واضح

"عرفتي اللي حصل؟"

هزت راسها بهدوء وقالت

"آه... بس معرفتش اي سبب، هدخل دلوقتي أشوف يسر."

كان هيتكلم بس هيا سبقت كلامه، مسكت دراعه بخفة وقالت وهي بتبصله بثبات

"هطمنك عليها، وجودك هنا على الفاضي دلوقتي."

اتنهد يونس وقال بجدية

"كلميني وطمنيني عليها، أنا قلقان جدًا."

هزت راسها ودخلت البيت بخطوات سريعة، خبطت على الباب بخفة، بعد لحظات الباب اتفتح وظهر يوسف، عيونه حمرا، والتعب باين على ملامحه.

قالت وهي بتبصله بحزن

"البقاء لله يا يوسف، شد حيلك."

رد وهو بيحاول يثبت صوته

"ونِعم بالله... يسر في أوضتها."

سألته بهدوء

"فين طنط؟ عاملة إيه؟"

هز راسه وقال بصوت مبحوح

"متسأليش يا فريدة... محدش مستوعب اللي حصل، أنا نفسي مش عارف انا إزاي واقف ولا إزاي ثابت أصلاً."

هزت راسها بهدوء ومشيت من قدامه، وصلت عند باب أوضة يسر، خبطت بخفة وفتحت الباب بهدوء.

يسر كانت نايمة على السرير، مغمضة عينيها، بس دموعها بتنزل، فريدة قربت منها وقالت بصوت واطي مليان حنية

"يسر..."

يسر فتحت عينيها ببطء، عدلت نفسها وهي بتمسح دموعها اللي مش راضية تهدى، وقالت بصوت متكسر

"فريدة... أنا حاسة إني بحلم، حاسة إني في كابوس مش عايز يخلص."

فريدة قربت منها وحضنتها بحنان وهي بتهمس

"ربنا يرحمها يا رب... ربنا رحمها."

يسر قالت بصوت مخنوق فيه غضب ووجع

"قتلها يا فريدة... بعد ما خانني وخلاها تخونني معاه قتلها."

فريدة اتصدمت وقالت

"انتي بتقولي إيه يا يسر؟! قتلها إزاي يعني؟!"

يسر هزت راسها وهي بتعيط

"قتلها صدقيني... أهله السبب، هما السبب في كل ده."

فريدة قالت باستغراب

"أنا مش فاهمة حاجة يا يسر."

يسر كملت 

"هما اللي عملوا ليهم عمل عند واحد كبير، بصي النتيجة، خلاه يقتلها! خلاه يقتلها بإيده! وبكل برود رايحين يقفوا جنبه ويقولوا أنه كان تحت تأثير خلاه يعمل كده، ازاي ده حصل، وياسمين ازاي سمحتله يعمل فيها كده، ازاي؟"

فريدة حطت إيديها على بوقها بصدمه وقالت بأسى

"لا حول ولا قوة إلا بالله..."

يسر انهارت أكتر، صوتها كان بيترعش وهي بتقول

"أنا لسه معشتش معاها، برغم اللي حصل بينا بس كنت بحبها، عمري ما كرهتها! ليه عملوا كده؟! إيه اللي يخليهم يعملوا كده وهما عارفين إن دي ممكن تكون النهاية؟! ليه يا فريدة يزرعوا بينهم الكره؟!"

فريدة مسكت إيديها وضغطت عليها وقالت بهدوء

"نصيب يا يسر، هما أكيد هيتحاسبوا، هيروحوا من ربنا فين؟"

يسر مسحت دموعها وقالت بصوت مبحوح

"كانت ترجع، والله كانت ترجع وكنت هسامحها، أنا سامحتها فعلاً، دي أختي يا فريدة..."

فريده مسحت على ضهرها وهيا بتقول

"ادعيلها يا يسر... ادعيلها، هو ده اللي هيريّحك ويريّحها."

(اللي حصل لياسمين ده حقيقي فعلا، بيحصل في معظم الأماكن علشان كده حبيت اكتب عنه باختصار كده، مش دايما بتوصل للقتل بس بجد اللي بيتعمله الأعمال دي حياته بتتحول لجحيم وحصلت في ناس قريبه مني، حصنوا نفسكوا دايما وشغلوا سورة البقره يوميا وهتشوفوا البركه في حياتكوا)


بعد أيام

سالي كانت مع تيم في أوضته، بتلم حاجته الناقصه بهدوء، كل حاجة كانت محطوطة بعناية، والجو في الأوضة كان فيه صمت تقيل، سالي كسرت الصمت وقالت بحزن

"متأكد يا تيم إنك مش عايزني أروح معاك؟"

هزّ راسه وقال بهدوء

"عايز أكون لوحدي."

بصتله بعيون حزينه وسألته بقلق

"متأكد أصلًا من قرارك؟ هتتعالج بجد عن اقتناع؟"

قال وهو بيشد سحاب الشنطه وبيعدلها

"متأكد، فكرت كتير... وقررت."

سكتت لحظه وبعدين قالت

"هتيجي قريب؟ إنت عارف أنا بحبك قد إيه ومش عايزاك تبعد أصلًا عني أنا ويونس."

ردّ بابتسامة باهتة

"سيبيها بظروفها... وادعي إن ربنا يريح قلبي."

حضنته جامد، قالت وهي بتحاول تبتسم رغم دموعها

"تروح وترجع بالسلامة... لندن هتنور بيك."

حضنها بهدوء، اتنفس بعمق كأنه بيحاول يقنع نفسه باللي بيحصل.


تحت، كان يونس واقف مستنيه، عينيه فيها حزن واضح رغم إنه بيحاول يخفيه بابتسامة صغيرة، تيم نزل مع سالي.

تيم قرب من يونس وقال

"مكانش في داعي توصلني."

يونس قال بسرعة وهو بيحاول يبتسم

"أنا هوصلك غصب عني أصلاً... مش عايزك تمشي."

تيم ربت على كتفه وقال بهدوء

"معلش... كده أحسن."

يونس سكت لحظة وبعدين حضنه جامد وقال بصوت متحشرج

"وجودك دايمًا كان بيديني القوة... مش عارف هعيش الفترة الجاية دي إزاي من غيرك."

تيم قال وهو بيربت على ضهره

"مش هغيب كتير... خليك مكاني لحد ما أرجع."

يونس شد نفسه وقال بابتسامة مترددة

"مكانك محفوظ... كل حاجة هتفضل زي ما هي لحد ما ترجع."

قاطعهم صوت صغير من بعيد بيقول بحماس

"خاااالووو!"

تيم لفّ بسرعة، شاف ياسين جاي بيجري ناحيته، نزل لمستواه وفتح دراعاته وياسين حضنه بقوة.

ياسين رفع راسه وقال ببراءة

"إنت هتمشي؟"

تيم هز راسه وقال بابتسامة حزينة

"آه... همشي."

ياسين سأله 

"هتروح عند بابا؟"

تيم ابتسم وقال 

"لاء... أنا رايح مكان تاني."

ياسين قال بسرعة

" يعني مش هتجبلي ليجو فيراري؟!"

ضحك تيم وقال وهو بيحط إيده على شعره

"من عنيا... هجبلك كل اللي إنت عايزه."

يونس قرب منهم وقال بلطف لياسين

"كفاية يا ياسين، خالو لازم يمشي ويلحق الطيارة."

ياسين بص لتيم وباسه وقال

" هتوحشني كتير"

تيم ابتسم وقام وقف، وقف عند الباب لحظه، خد نفس عميق وبس حواليه، خرج بهدوء من البيت، بص بصه اخيره للبيت قبل ما يركب العربيه ويتحرك، سايب كل حاجه وراه وقرر يدي نفسه فرصه جديده...

يتبع.........



 تكملة الرواية بعد قليل 

جاري كتابة الفصل الجديد  للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا

 

تعليقات

التنقل السريع