رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل 51الاخير بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل 51الاخير بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
فريده كانت قاعدة قدام حسام، ملامحها حزينة وساكته كأنها بتحاول تهرب من المواجهة، حسام كان قاعد قدامها، باصصلها وبيقول بوجع ممزوج بغضب
"بحاول لحد دلوقتي أفهم لو أنا غلطت في حاجة... هو أنا غلطت يا فريده؟ يعني كتير عليا إن حياتي تكون مستقرة؟"
فريده بصتله وقالت بهدوء
"إنت مغلطتش... بس أنا كمان مغلطتش."
ابتسم حسام ابتسامة قصيرة باهتة وقال
"وليه لومتيني؟ ليه قولتيلي إني إنسان وحش عشان سيبت صاحبي واتخليت عنه؟ هو أنا وحش بجد؟ طب كنت اعمل ايه؟"
هزت راسها وقالت بصوت واطي
"مكانش قصدي، بس كنت متضايقة إنك مش قادر تفهمني... إنك سيبته في ظروفه دي بالرغم إنكم صحاب، وفوق كل ده عايزني أنا كمان مكونش واقفة جنبه وهو محتاجني."
قال حسام وهو بيزفر بضيق
"عارفة مشكلتك إيه يا فريده؟ إنك مش بتحطي نفسك مكاني، وأنا متأكد إنك لو كنتي مكاني كنتي هتقومي الدنيا مش هتقعديها، لو حياتنا مستقرة ولقيتيني جيت في يوم كلمتك عن بنت بساعدها وهيا بالنسبالي مجرد حد بساعده، بس جيت قولتلك إن البنت دي بتحبني أنا وعايزاني أقف جنبها... يا ترى بعد ما عرفتي مشاعرها ناحيتي هتسيبيني أفضل معاها؟ هتسمحيلي أكون جنبها؟ هو انا اصلا هسمحلك تخيريني بينكوا؟ ولنفترض حصل وسمحت تخيريني ولقيتيني جاي بقولك إني هفضل جنبها لحد ما تعدي محنتها، بالعلم إنها صاحبتك أصلًا... هتسمحيلي أكون جنبها؟ وهتسمحي لنفسك تفضلي مصاحباها وانتي عارفه مشاعرها ناحية جوزك، فكّري وردي عليا."
سكتت فريده، عارفة إن اللي بيقوله مجرد افتراض بس الكلام ضايقها جدا وكأنه حقيقي، خلاها تحس بنار في قلبها وهو مجرد افتراض، قالت بهدوء
"إنت أكيد عارف ردي كويس... بس أنا دلوقتي بقولك إني قولت كده في وقت ضيق، حقك إنك تتضايق، بس يمكن غلطي إني قولتلك كل حاجة من الأول للآخر، كان لازم أخبي حاجة زي دي لو كنت عارفة إنها ممكن تسبب مشكلة أو تفرق بينك وبين صاحبك"
ابتسم بمرارة وقال
"بالعكس... كويس إنك قولتيلي علشان أفهم كل اللي مكنتش فاهمه في الأول، أفهم ضيق تيم مني في آخر فترة، ومعاملته اللي بقت أبرد من الأول أصلًا، وعلشان أفهم سبب ضيقك بعد ما اتجوزنا وحتى فتورك قبلها، علشان أفهم ليه مقدرتيش تحبيني في البداية ويمكن لحد دلوقتي، يمكن تكوني بس حبّيتي اهتمامي، حبّيتي معاملتي ليكي... بتحبيني عشان حاجة معينة مش أكتر، وبمجرد ما الحاجه دي تختفي حبك هيروح، محبتينيش من الأول ودي المشكلة، وأنا للأسف فهمت ده متأخر... يمكن تيم تكوني حبّيتيه من أول مرة، بس أكيد مش هتيجي تقوليلي كده في وشي."
هزت فريده راسها جامد وقالت بانفعال
"ده مش حقيقي، تيم عمري ما حبّيته في البداية زي ما قولت، صدقني... محصلش."
قال وهو بيبصلها بثقة
"يبقى مؤخرًا... مش كده؟"
قالت بسرعة
"لاء طبعًا، إنت ليه متأكد أوي كده؟"
رد
"علشان مش قادر أرتاح من جوايا، مش قادر أقتنع إنه بالنسبالك حد عادي، خصوصًا بسبب تمسكك بيه في الآخر برضو."
اتنهدت وقالت بتعب
"أنا في موقف صعب... لو إنت برضو حطيت نفسك مكاني هتفهم قصدي."
قال بحزم
"وأنا في موقف أصعب، أنا خسرت صاحبي عشانك، ومش عارف لو كنت هخسرك إنتي كمان ولا لاء، تفتكري مين موقفه أصعب؟"
سكتت لحظة وبعدين قالت بنبره حزينه
"طب إحنا ليه بنعمل في نفسنا كده؟"
رد بسرعة
"لإنك اخترتي بالفعل يا فريده... اخترتيه هو لما قولتيلي مش هقدر أنسحب لحد ما يبقى كويس، واللي هو اخبط دماغك في الحيط! يبقى إيه يا فريده؟"
قالت وهي بتحاول تسيطر على رعشة صوتها
"تمام، قولت إني مش هسيب تيم لحد ما يكون أحسن، بس متنازلتش عنك، ولا عمري هعملها، مينفعش أسيب حد محتاجني في نص الطريق، وده اللي كنت عايزاك تفهمه."
ضحك ضحكة قصيرة وقال
"وهو تيم تعبان جسديًا؟ فريده فوقي! إنتي مجرد ممرضة مش دكتورة نفسية، سيبي للدكاترة شغلهم واهتمي بشغلك اللي بتحبيه."
قالت وهيا بتحاول تشرحله
"حالة تيم في الأول مكانش ينفع دكتورة أصلاً تدخل في حياته مباشرة، دي كل الحكاية، ويوم ما دخلت إنت مكنتش في حياتي، يعني أصلاً مينفعش تحاسبني على حاجة زي دي... اللي ليك عندي تحاسبني بعد ما اتجوزنا."
قال بصوت عالي شوية
"أومال أنا بعمل إيه؟ أومال إحنا ايه دلوقتي؟"
قالت بصوت هادي
"أنا وعدت سالي إني أفضل معاها للآخر قبل ما أتجوزك... مينفعش أخلف وعدي معاها لمجرد أننا اتجوزنا"
سكت لحظة وبعدين قال بمرارة
"وعد سالي أهم من وعدك ليا أنا؟ من حياتنا؟"
فريدة بصتله بحزن وقالت
"الموضوع مش كده، بس اللي هما عدوا بيه صعب يا حسام، ليه مش قادر تفهم مدى صعوبه اللي مروا بيه"
قال بهدوء غريب
" عارف كل ده، عارف انها صدمه قويه أنهم يتحملوا كل اللي حصل، بس انتي ذنبك ايه برضو علشان تكوني معاهم في ده، ليه مصممه تدمري حياتك وحياتي معاكي، انتي مستغنيه عني للدرجادي؟!"
هزت راسها برفض وقالت
" كل الحكايه اني مش عايزه اسيب سالي لوحدها، محدش جنبها غيري، خصوصا بحالة تيم دي"
حسام قال بضيق وهو بيهز رجله
" تيم تيم تيم، انتي ليه حاطه تيم جزء من حياتك كأنك ملزمه بيه؟ ليه مصممه تخليني أكرهه وأكره سيرته؟"
هزت راسها وقالت بهدوء
"أنت بتظلمه، والله العظيم بتظلمه يا حسام، تيم عمره ما طلب مني أكون جنبه، أنا اللي كنت عايزه اكون جنبه علشان اشوفه كويس"
قاطعها وقال بصوت مبحوح
"وإنتي شايفه إن وجودك جنبه فعلاً هيخليه كويس؟ شايفه كده انك بتعملي الصح مش بتكسرينا احنا الاتنين؟"
سكتت، معرفتش ترد، كانت عارفة إن اللي بيقوله حقيقي، بس في نفس الوقت مش قادرة تنكر إحساسها بالمسؤولية تجاه تيم.
حسام كمل
"بصّي يا فريده، أنا مش عايز أكون الشخص اللي يتخير اصلا، كنت غلط لما قولتلك يا انا يا هو بس اللي حصل حصل، اللي بينا بقا مؤلم... بجد مؤلم."
قالت بنبرة فيها رجاء
"متحكمش على اللي بينا علشان ظرف زي ده... يمكن الأيام اللي جاية توضّح كل حاجه وتفهمني اكتر"
قرب منها وقال
"أنا مشكلتي مش في الأيام الجاية، مشكلتي في النهارده، في اللحظة دي، وأنا شايفك بتدافعي عنه أكتر ما بتدافعي عني."
نزلت دمعة من عينيها وقالت بصوت واطي
"علشان أنت خلاص بطّلت تحاول تفهمني، تفهم اني مش بدافع عن حد اصلا"
وقف مكانه، قال بهدوء ووجع
"لاء أنا فاهمك كويس أوي يا فريدة... يمكن أكتر ما كنتي عايزاني أكون فاهم."
رفعت عينيها ليه وقالت بصوت مكسور
"يعني إيه؟"
ردّ وهو بيبصلها
"يعني خلاص، اتأكدت انك مش ليا لوحدي"
حاولت تتكلم، بس قاطعها
" لو أنا غلط اثبتيلي، وافتكري اني مش بجبرك على حاجه"
عند تيم
ركب الطيارة، قعد مكانه وسند راسه على الكرسي، عيونه كانت شاخصة في اللاشيء، مد إيده بهدوء وبص للأسورة اللي في معصمه، بسيطة جدًا، بس ليها معنى كبير اوي بالنسباله، أسورة فريده اللي احتفظ بيها كأنها قطعه من قلبه، فضل يبصّلها شوية، مرر صباعه عليها وهو بيفتكر اليوم ده وقد ايه كان منهار فيه لحد ما سمع صوت المضيفة بتعلن عن إقلاع الطياره، رفع راسه، اتنهد، وبعد لحظة قلعها وحطها في جيبه...
فريدة دخلت الكافيه اللي اتفقت تقابل إسلام فيه بعد ما كلمها وفهم منها إنها متضايقة وحب يخفف عنها شوية، بصّت حواليها لحد ما شافته، راحتله وسلمت عليه وقعدت قصاده، حطت شنطتها على الكرسي اللي جنبها، وسكتت لحظة طويلة وهو سابها لحد ما سألها بهدوء
"إيه بقا مالك؟"
ردّت وهيا بتنهد
"تايهة... معرفش إيه بيحصل في حياتي بجد."
قال وهو بيشرب من قهوته
"طب قولي، في إيه؟ يلا، سامعك."
بدأت تحكيله كل حاجة، من أول تعبها النفسي وضغط الموقف، لحد تيم، لسالي، ولحسام اللي مش عارفة تتفاهم معاه.
إسلام كان ساكت، بيهز راسه كل شوية وكأنه بيحاول يستوعب كل اللي بتقوله، عينيه فيها تركيز هادي، ولما خلصت كلامها قالت بصوت واطي جدًا
"في الحالة دي المفروض أعمل إيه؟"
إسلام مسك نفسه لحظة، وبعدين قال بهدوء فيه جدية
"حسام يستاهل منك أصلًا إنك تختاري بينه وبين حد تاني مهما كان؟"
فريدة رفعت عينيها ليه وقالت
"هو اللي خيرني يا إسلام، وأنا مختارتش تيم، كل اللي حصل إني اختارت أكمل اللي بدأته."
إسلام قال بهدوء
"في دكاترة فعلًا يا فريدة يكملوا ودي وظيفتهم، بس ليه تضيّعي حياتك وتهددي استقرارها لما حسام شخص كويس اوي كده؟ الا لو انتي لمؤاخذه اللي مريضه نفسيا"
قالت وهي بتبصه بثبات
"صدقني... إنت علشان مش في الموضوع مش فاهمني، تيم حد مهم بالنسبالي."
قال بسرعة وبحدة بسيطة
"تيم شخص عادي زي أي شخص، المهم بالنسبالك هو حسام وبس."
هزّت راسها وقالت بهدوء
"بس مقدرش أكسر مشاعر تيم كده."
إسلام ردّ بسرعة، صوته بدأ يعلى شوية
"وبالنسبة لمشاعر حسام؟! حسام أهم يا فريدة... مينفعش تيجي عليه!"
فريدة قالت بصوت واطي
"طب وتيم؟"
قال وهو بينفخ بضيق
"تيم ماله؟ تيم خلاص اللي كان مانعه يتعالج مبقاش موجود... يعني دورك فعلاً خلص، إلا لو كنتي إنتي فعلًا مش بتحبي حسام وبتحبي تيم."
فريدة سكتت، ردت بنبره مجروحه
"محدش فاهمني ليه؟ تيم بالنسبالي حد بساعده مش أكتر."
إسلام سأل
"ولما هو حد بتساعديه ليه متمسكة بيه كده؟ ليه عايزة تكمّلي لحد ما يكون كويس؟ علشان يقولوا فريدة شاطرة؟ فريدة اللي قدرت تعالج تيم؟ لو ده اللي عايزاه سيبي حسام وروحي لتيم... يلا، الخيار قدامك"
فريدة قالت بصوت مخنوق
"كل اللي بتقوله ده هري... أنا مش عايزة غير إن حياتي تكون مستقرة وبس."
قال بجديه
"أنهي حياة فيهم يا فريدة؟ خليكي واضحة وصريحة علشان تريّحي اللي قدامك."
قالت بهدوء
"إسلام، أنا فعلاً واضحة."
ميل لقدام شويه وقال
"طب لو كده يبقى فين المشكلة؟ اختاري دلوقتي... يا ترجعي لحسام، يا تسيبيه وتستني تيم يرجع."
فريدة بصتله بصدمة وقالت
"إيه اللي إنت بتقوله ده؟ أكيد مش هسيب حسام! إنت ناسي إني حامل؟"
إسلام قال بهدوء
"لاء مش ناسي... بس لو مكنتيش حامل يا فريدة، كنتي سبتي حسام."
ردت بسرعه
"لاء طبعًا... أنا عمري ما هسيب حسام."
ابتسم وقال
"بس خلاص... ارجعي لجوزك وانسي تيم وسالي، عمرهم ما كانوا معانا أصلًا يا فريدة، سطّحي علاقاتك مع أي حد بيهدد استقرار حياتك حتى لو بالغلط."
سكتت لحظة طويلة جدًا وبعدين قالت
"عارف..."
بصلها وقال بهدوء
"إيه؟"
قالت بصوت مكسور
"يمكن مثلًا لما عرفت مشاعر تيم قولت لنفسي ليه لاء؟ ليه مكونش معاه أنا كمان واديله نفس المشاعر...؟"
اتنهدت وقالت
"وبالفعل حاولت... حاولت أخليه يبوح بمشاعره دي، بس هو كان مصمم يسكت، لحد ما حسام اتقدملي، أنا كنت ناوية أرفضه خلاص... بس قررت آخد رأي تيم نفسه، روحت سألته عن حسام، وهو قالّي لو وافقتي مش هتندمي، وفعلاً مندمتش لأني حبيت حسام بجد... حبيت كل حاجة فيه من غير ما أحس."
صوتها لان وهيا بتكمل
"وحقيقي... مش هقدر أعيش حياتي لو هو مش فيها، تيم هو السبب في جوازي من حسام، لأني كنت ناوية أرفضه، بس وافقت عليه من غيظي من تيم، وحتى لما وافقت على حسام وشوفت انهيار تيم بنفسي، روحتله تاني وقولتله إن دي المرة الأخيرة اللي هقرب منه فيها لو سمحلي وهو متكلمش برضو، يمكن كل ده حصل علشان أتجوز حسام."
إسلام بصلها فتره وقال بهدوء
"بعيدًا عن جبروتك يا فريدة... بس هو في الأول وفي الآخر نصيب، يمكن دخلتي حياة سالي وتيم علشان تتجوزي حسام اصلا، وبما إنك اتجوزتيه وبتحبيه، يبقى أنا مش شايف إن في مشاكل."
اتنهد وقال بابتسامة صغيرة فيها صدق
"روحي لحسام وقوليله كل ده، حسّسيه بوجوده في حياتك وطمنيه إن مفيش غيره في قلبك، خلاص يا فريدة، المشكلة اللي مكانتش موجوده اتحلت."
فريده بصت قدامها وهيا بتفكر في كل الاحداث الأخيره اللي حصلت، بتفكر في كلامها مع اسلام وكلامها مع حسام نفسه... بتفكر في تيم نفسه اللي اختار علاجه بعيد عنها اصلا وشاف أن ده هيكون اريح ليه، افتكرت ابنها او بنتها اللي جايينلها هيا وحسام قريب، حطت أيديها على بطنها وابتسمت بشرود....
AFTER A WHOLE YEAR
سالي قالت بفرحه ممزوجه بشوق
"انتي قولتيلي لما تيم يرجع أعرفك، احنا مستنيينه اهو، اخيرا جاي"
فريده حست براحه وقالت بهدوء وهي بتتنفس بعمق
"الحمد لله... يرجع بألف سلامة يا رب."
سالي قالت بامتنان
"شكرًا يا فريدة إنك فضلتي معايا للآخر، جِميلك ده مش هنساه أبدًا."
ردت فريدة بابتسامة صافية
"أنا عملت اللي عليا، والحمد لله إن دي كانت النهاية... وربنا يخليكوا كلكوا لبعض ومع بعض"
سالي قالت بنبرة امتنان عميقة
"الحمد لله يا رب، بالرغم من غياب ماما اللي أثر فينا كلنا، بس حياتنا بقت أحسن من قبل كده... كفاية إني شايفة يونس وتيم بخير."
ابتسمت فريدة وقالت
"ودي أهم حاجة فعلًا، إنكم بخير."
سمعت فريدة صوت عياط فقالت بسرعة
"فريد بيعيط، هروح أشوفه واكلمك تاني."
قالت سالي بابتسامه
"طيب، هستناكي، وبوسيلي فريدو"
قفلت الخط بسرعة، وراحت بسرعه ناحية الأوضة، فتحت الباب ولقت حسام شايل فريد في حضنه، بيحاول يهديه وهو بيهزه بهدوء.
وقفت لحظة تتأملهم قبل ما تبتسم وتقول بصوت حنون جدًا
"بيقولوا الأبهات حضنها دافي أكتر من الأمهات... مكنتش مصدقة لحد ما شوفتك أب."
حسام بصلها بابتسامة خفيفة وقال
"طب تعالي في حضني علشان أدفيكي انتي كمان."
ضحكت وقربت منه، حضنها بحنية وهي قالت بصوت واطي مليان حب وصدق
"أنا بحبك أوي... ربنا يخليك ليا أنا وفريد."
رد عليها وهو بيبصلها بعيون كلها حب
"وأنا بموت فيكي..."
رجعت طيارة تيم بعد سنة كاملة، سنة كانت كفيلة تغيّر كل حاجة فيه، كان نازل من سلم الطيارة بخطوات هادية، ثابتة، وشه فقد حدة الانفعال اللي كانت دايمًا مرسومة عليه، وبقت ملامحه أنضج، اهدى، عيونه بقا فيها سكينة غريبة، بص حواليه لقا لقا يونس مستنيه، أول ما شافه ابتسم ابتسامة حقيقية، يونس جري عليه، حضنه جامد وقال
"نورت مصر يا وحش"
تيم ضحك بخفة وقال بصوت واطي
" وحش ايه بقا ما خلاص"
ضحكوا الاتنين بخفه...
الطريق للبيت كان ساكت بس مريح، يونس بيبص كل شوية لتيم اللي بيبص من الشباك وكأنه شايف كل حاجه لأول مره ومن منظور مختلف، مش بيتكلم كتير، بس ملامحه بتحكي عن رحلة طويلة من العلاج والمواجهة والتسامح مع نفسه.
قربوا من البيت، تيم قلبه بدأ يدق بشوق للمكان اللي شهد انهياره، واللي النهارده هيشهد ميلاده من جديد.
العربية وقفت قدام البيت، تيم نزل بهدوء، بص للبيت، ملامحه فيها رهبة وحنين.
وفجأة سمع صوت سالي جاي من بعيد وهيا بتقرب عليه بسرعه
"تيم؟!"
بص ناحية الصوت، شافها بتقرب منه ودموعها نازلة، اتقدم خطوتين، سالي حضنته بكل شوقها، قالت بصوت مبحوح
"كنت مستنياك يا تيم... كنت مستنياك ترجع!"
تيم لف إيده حواليها بهدوء، صوته خرج واطي بس مليان دفا
"اديني رجعت، ورجعت مختلف تماما"
ابتسمت وقال
"حمد الله على سلامتك"
ابتسم هو كمان وقال بنفس الهدوء اللي رجع بيه
"الله يسلمك."
دخلوا جوه البيت، يونس قال بحماس وحزن مختلط
"ياربي... مش مصدق نفسي إنك هنا، سنة عدت بصعوبة وانت مش موجود."
تيم ابتسم ابتسامة هادية، وقال بصوت واطي وثابت
"حصل خير..."
تيم بص حواليه، أخد نفس عميق، وحس بالسكينة لأول مرة من فترة طويلة، كأن كل وجع السنة اللي فاتت اللي كان عايشه لوحده كل ليله بدأ يدوب.
تيم بص ليونس وسأله
" هتتجوز امتا؟"
يونس اتفاجئ من سؤاله، ابتسم بخفة وقال وهو بيحك شعره
"قريب جدًا إن شاء الله... كنت مستنيك"
تيم رفع حاجبه وهو بيبصله بنظرة فاحصة
" أنا قولت اصلا هرجع الاقيك متجوز ومخلف"
يونس ضحك وقال وهو بيحاول يخفف الجو
"مينفعش أتجوز من غيرك يا تيم."
قبل ما تيم يرد، سالي قالت بسرعة وهي بتقرب منهم وبتحاول تغيّر الموضوع بلطف
"سيبه يطلع يرتاح يا يونس، أكيد مرهق من السفر."
يونس بصّلها وقال بجدّية خفيفة
"عارف، بس علفكره في حاجة لازم احنا التلاتة نسمعها سوا... مش عارف ازاي مسمعتهاش واتحكمت في فضولي بس ادينا كلنا مع بعض اهو"
تيم قطّب حاجبه وسأله باستغراب
"قصدك إيه يا يونس؟"
يونس ابتسم ابتسامة غامضة وقال
"هتفهم في وقتها، مش دلوقتي."
تيم سكت، اكتفى بنظرة طويلة في وش يونس كأنه بيحاول يقرا اللي مخبيه، بس لما ملقاش إجابة قرر يسكت هو كمان.
"لو بتتفرجوا عليا دلوقتي يبقى أنا خلاص مش موجوده، انا دلوقتي بالنسبالكوا ميته، كنت عارفة إن اليوم ده جاي عاجلا او آجلا، اليوم اللي كل حاجة هتنتهي فيه ونهايتي جايه كده كده و بالطريقه اللي عمري ما اتمنيتها"
سكتت لحظه، اتنهدت وكملت
"أكتر حد اتظلم في البيت ده هو تيم، مكنتش أم كويسة، مش هنكر إني كنت أنانية جدًا، ظلمتكوا كلكوا، بس نفسي تسامحوني، تسامحوني على السيرة الوحشة اللي سيبتهالكوا، على كل الذنوب اللي عملتها وكانت في وشكوا انتوا في الآخر"
اتنفست بصعوبة، كملت بصوت ثابت رغم رجفة صوتها
"عارفه أن اللي عملته صعب وصعب جدا كمان بس متخيلتش في يوم اني اكون بعمل كده، دخلت في الاول بمزاجي ومن غير حتى ما اسأل عن اللي بيحصل في البنات دي ولما عرفت حاولت انسحب اكتر من مره بس اللي بيدخل الطريق ده مش بيخرج منه غير وهو ميت، انا كل اللي كنت عايزاه اكون واحده مهمه في المجتمع، اصرف فلوس براحتي وعلى راحتي، وده عمره ما كان هيحصل مع ابوكوا، بس للاسف مقدرتش احسب خطورة كل ده قبل ما اطمع، كان نفسي انسحب بس مقدرتش، وبما اني مش هقدر أخرج كانت لازم اكون واحده قويه وسط ناس كبيره ليها مكانتها في المجتمع، ناس ماسكه البلد وأمانها لا يمكن تتخيلوا انهم يكونوا بيتاجروا في حاجات زي كده ابدا، في البدايه كانوا أشخاص مجهولين بس عرفتهم، ولما عرفتهم مسكت عليهم مستندات توديهم في ستين داهيه علشان اقدر احمي نفسي وميتغدرش بيا، ومحدش عمره كان هيقدر يأذيني، لانهم عارفين كويس اوي ان لو حصلي حاجه حد تبعي هيقدم ورقهم ده للنيابه ووقتها كل حاجه هتضيع من بين أيديهم وسمعتهم هتفضل سيئه طول العمر، فمكانش حد يقدر يأذيني، حياتهم بين ايديا، حبيت اوي القوه دي، ادمنتها"
سكتت لحظه وبعدين كملت
"قررت ننقل البيت ده، وقررت ميكونش في اي بنت موجوده علشان ابعد الشبهات عني، ولو اي بنت اختفت ميكونش في اي دليل ضدي انها كانت عندي في يوم من الايام، بس كنت بعرف استدرجهم وبديهم الآمان، وتيم للاسف شافني مره، كان صغير وقتها ومكانش فاهم اي حاجه بس انا فهمته أن البنت دي نايمه واني كنت بديها حقنه لأنها تعبانه بس الحقيقه اني كنت بقتلها بالحقنه دي، لحد ما بدأ يكبر وشافني كذا مره وسكتته بطريقتي، اللي شافه صعب وآثر عليه بالسلب لحد دلوقتي، خوفت على نفسي فجيت عليه، وكنت هاجي عليكوا انتوا كمان لو حد منكوا عرف وده اللي حصل في الآخر، كنت عارفه أن لو حد نكش ورايا كل حاجه هتتعرف والنهايه هتكون قربت، وقربت اوي، زي ما ابوكوا برضو حاول ينكش ورايا وقدر يعرف حاجات مكانش لازم يعرفها، بدأت اديله حاجات تعجّزه وتشله لحد ما اتشل فعلا، ولحد دلوقتي بديله كل ده علشان ميتحسنش ويرجع يقف على رجله، لو حد سألني انتي ازاي بالقسوه دي هقول ان الدنيا بتحب القاسيين، اللي يعيشوا فيها غصب عنها، وانا اتحولت من واحده كانت بتخاف تقتل حشره لمجرمه كبيره جدا قتلت كتير اوي، كتير اوي عمرهم ما هيسامحوني على أعمارهم اللي سرقتها منهم، على الغدر اللي استخدمته معاهم، على مدار ٣٠ سنه شغل قتلت مئات البنات، وللاسف مكانش قدامي حل للتراجع، حياتي عباره عن جرايم وبس ومعرفتش اسيب حاجه واحده حلوه وندمانه بس مش قدامي حاجه اعملها"
اتنهدت وقالت
"عارفة يا تيم إنك اتدمرت بسببي، بتمنى تعيش حياتك الباقيه وانت احسن كتير، تكون اتعالجت لأن اكيد اللي شوفته مكانش قليل على طفل، حبيت نفسي وحياتي اكتر ودي بيسموها انانيه، دلوقتي قدامكوا فرصه تعيشوا حياتكوا زي ما انتوا عايزينها، أنا كنت أم مجرمة... أنانية... معرفتش أحب غير نفسي، حبيت الراحة والسلطة أكتر منكم.
يمكن تكرهوني، وعارفه ان مفيش حاجة تبرر اللي عملته، بس دي الحقيقة... دي أنا.
مفيش حلو تفتكروه ليا بس ياريت متدعوش عليا، لاني دلوقتي ندمانه على كل حاجه عملتها، والنهايه دي اكيد استحقها، وعارفه انها هتيجي دلوقتي أو بعدين، اتمني ليكوا حياه احسن"
تيم كان قاعد قدام الشاشة، جسمه ثابت، بس مهزوز من جواه، الصوت اللي كان بيسمعه مش مجرد تسجيل... كان الماضي كله بيرجع يتحط قدامه من تاني، بكل وجعه وغموضه وأسراره اللي حاول يهرب منها سنين.
يونس كان حاطط إيده على وشه، هو عارف كل ده بس كل ما يحاول يستوعبه يحس أنه هيتجنن، سالي كانت دموعها بتنزل وهيا بتبص على الشاشه بحزن.
لما الفيديو خلص، ساد صمت طويل جدًا... صمت تقيل يخنق.
يونس كسر الصمت وقال بنبره مخنوقه
"كنت عارف... بس مكنتش عايز أصدق"
تيم قام واقف، مشي كام خطوة بعيد عنهم، بص ناحية الشباك كأنه بيحاول يهرب من صدى صوتها اللي لسه بيرن في ودانه، قال بعد لحظات طويلة من الصمت
"كنت فاكرها كوابيس وأنا صغير... كنت دايمًا بشوفها وهيا بتقتل البنات دول، بس كنت بكدب نفسي، كنت بقول دي أمي... أمي مستحيل تعمل كده."
يونس اتنفس بعمق وقال
" اللي حصل حصل، مش هنقدر نغير الماضي، مضطرين نكمل حياتنا"
سالي بصتله بدموع وقالت
" نكمل؟! عادي كده"
يونس هز راسه وقال
" اه، نكمل لأننا لازم نعيش... نعيش صح المره دي، هيا قالت إنها مجرمة، بس احنا مش لازم نكون ضحاياها طول عمرنا، هيا ماتت، بس احنا لسه عايشين، ولسه عندنا فرصة ننضف اللي وسّخته."
ساد الصمت بعد كلام يونس، اتنهد وكمل
"احنا أصلًا كنا هنكون من الضحايا، بس ربنا كتبلنا عمر تاني بسبب سليمان."
سالي بصتله بسرعه وقالت باستغراب
"إزاي يعني؟!"
يونس بصلها وبعدين بص لتيم وقال
"كان زمانا احنا كمان موتنا، فاكره اليوم اللي رجعتي فيه، في نفس اليوم ده كنا احنا كمان هنموت معاها، بس سليمان وقفهم، قالهم إنه هيديهم باقي المستندات اللي عنده ويمشوا من غير ما يأذوا حد تاني، وفعلاً اخدوا المستندات الباقيه ومشيوا"
تيم قال بضيق
"بعد ما قتلوها؟!"
يونس هز راسه ببطء
"أممم، وفلوسها اتحجز عليها، بس اللي محدش منكم يعرفه إن ثروتها كانت ضخمة بشكل محدش يتخيله."
تيم قال
"بس أنا عارف."
يونس بصله باستغراب وقال
"صدقني، مش كلها."
تيم رد بهدوء، صوته مليان يقين
"صدقني انت اللي مش عارف، متحجزش عليهم كلهم، الفلوس متوزعة في أماكن كتير محدش يعرف عنها حاجة."
يونس قال بجدية
"بس المبلغ اللي اتحجز كبير جدًا يا تيم."
تيم قال بابتسامة باهتة
"في قدهم كذا مرة في أماكن مش معروفة."
يونس قرب منه خطوة وسأله بجديه
"طب وهتعمل فيهم إيه؟"
تيم قال بحزم
"أكيد هسلمهم، عمري ما أقبل جنيه واحد من دم الناس اللي ماتت غدر دي على نفسي او عليكوا"
سالي قالت بصوت مبحوح وهيا بتمسح دموعها
"ده الصح... الفلوس دي بتاع ناس أبرياء، أرواح راحت ظلم."
يونس اتنهد وقال وهو يحاول يخفف الجو
"أنا عايز أنسى آخر سنتين في حياتي."
تيم قال وهو يبتسم بسخرية
"وأنا."
يونس رد عليه
"انت عايز تنسى عمرك كله يبني، تبدأ على نضافة من جديد."
تيم ضحك بخفة وقال
"عندك حق، محتاج أفوق وأخلص من الماضي بكل قرفه وأبدأ حياة صح مع ناس صح."
سالي ابتسمت وقالت
" أنا بحبكوا أوي على فكرة."
تيم بصّلهم وابتسامته بقت أهدى
"وأنا بحبكوا."
يونس قال
"وأنا كمان بحبكوا"
تيم بص لسالي ويونس وقال
" هو فين بابا؟ أنا عايز أشوفه."
يونس قال
"في المستشفى، سالي ودّته هناك وخلت ممرضة تتابع حالته أول بأول، وخد بالك من ممرضه دي"
تيم بصّ لسالي باستغراب وقال
"وغيرتي اللي شغالين في البيت لبنات كمان؟"
سالي قالت
"أنا جالي عقدة لدرجة إني غيرت حتى مدرسين ياسين، كلهم بقوا ميسات."
تيم قال وهو بيضحك
"طب ما تتعالجي، أنا عندي ليكي دكتورة في لندن هتفك عقدتك دي علفكره"
سالي قالت بغيظ
"لاء يا حبيبي، اللي فيك هتجيبه فيا!"
يونس ضحك وقال
"البيت كله محتاج علاج والله، احنا نحجز على لندن ونتعالج كلنا بالمرّة! وناخد تيم نعالجه تاني"
تيم قال وهو يضحك من قلبه
"جت من عندك، دي لندن فيها كمية بنات هيفكوا عقدتك يا سالي"
سالي قالت بسرعة
"قول لنفسك يا حبيبي، كنت اختارت واحدة منهم بقا."
تيم قال بابتسامة غامضة
"ومين قال مختارتش؟"
سالي ويونس بصوله بصدمة وقالوا في نفس الوقت
"انت قولت إيه؟!"
تيم ضحك وقال
"فضحت نفسي مش كده؟!"
سالي قربت منه وقالت بلهفة
"أنا عايزة أعرف كل حاجة عن الموضوع."
يونس لف من الناحية التانية وقال وهو بيضحك
"من طق طق لسلاموا عليكوا!"
سالي قالت
"علشان كده مكنتش عايز تنزل صح؟!"
تيم لف ايده حواليهم وقال
"طب تعالوا وانا هحكيلكوا."
وبس كده، خلصت
تمت الحمد لله...
البارت الأخير
#استثنائيه_في_دائرة_الرفض
لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا