القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ثأر الشيطان الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية ثأر الشيطان الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون  بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات 






رواية ثأر الشيطان الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون  بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات 




قال تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر:5].


ماتنسوش الفوت


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الحادي والعشرون


في روسيا:


كانت جالسة في فِراشِها تنظر أمامها بشرود لا تدري ماسبب ذلك الشعور الذي تشعر به الآن .. لقد بقي جواد معهم لعدة أيام فقط، ولكن لماذا تشعر أنه قد بقي معها زمنًا طويلاً؟ لماذا تشعر أن هناك شيء خفيٌ بينهما لا تستطيع قراءته حتى الآن؟ .. استفاقت من شرودها عندما سمعت طرقات باب غرفتها، دخل فيليب بابتسامة هادئة واقترب نحوها يجلس بجوارها ..


- ألن تُخبرينني عن الشِجَار الذي دار بينكما؟


- لا أرغب بالتحدث لأنه لم يحدث شيءٌ بالفعل عميي.


- إذا لماذا أشعر أنه حدث أمرٌ ما هدم كل شيء بينكما؟


طالعته صوفيا بتعجب وأردف:


- كل شيءٍ بيننا؟! أنا وجواد لم يكن بيننا شيء .. لماذا تتحدث هكذا عمي؟


فيليب:


- لا شيء، ولكنني أشعر فقط أنكِ معجبة به.


ظلت صوفيا تطالعه وكان يبدو عليها علامات التردد


فيليب باستفسار:


- هل هناك شيءٌ تريدين أن تُخبرينني به؟


صوفيا بتنهيدة:


- أنت سبب شجارنا عمي.


- كنت أتوقع ذلك، أخبريني ماذا حدث؟


روَت له ماحدث وبعدما انتهت..


أردف فيليب بهدوء:


- خلافي مع جواد لا علاقة له بكما.


أردفت صوفيا بتبرير:


- لكن عمي..


قاطعها بهدوء واستأنف:


- إنه مُحِق.


صوفيا بتعجب:


- ماذا!


أردف ببساطة:


- أجل إنه مُحِق، أنا من أرسلت الرجال في المرة الأولى .. وعندما يرى جواد أن رجالي من يقومون بمهاجمته مرة أخرى سيكون رد فعله أكبر من ذلك صوفيا.


ظلت صامته وهي تطالعه وتشعر بضيق في صَدرِها ..


- لم أحب طريقته معك عمي.


ابتسم فيليب وأمسك بيدها برفق وأردف:


- وأنا أحببت شعوركِ ذلك حبيبتي، ولكن لا تُنهِي علاقتكِ مع أحد بسبب أي شخص طالما أنتِ لم تري من ذلك الشخص سوءًا وخاصة جواد!


هزت رأسها وأردفت:


- كنت أتوقع أن يكون لك ردة فعل قوية منك عندما أمسك بك.


صمت فيليب قليلاً ثم أردف:


- لا أعلم لمَ لم ألقنه درسًا، ولكن هناك شيءٌ ما أوقفني لا أدري ماهو.


- لماذا أشعر أنك تقوم بمعاملته كأنه أحد أفراد العائلة؟


صمت فيليب قليلًا وأردف:


- ربما لأنه يُذكِرني بشبابي وأحيانًا أشعر أنني أريد أن أُربت على كتفه وأخبره أن كل مايفعله هو الأفضل للجميع.


ثم قهقه فيليب بخفة على شعوره السخيف ذلك ثم استأنف:


- يجب أن ترتاحي عزيزتي .. فإنكِ لم تنامي جيدًا منذ أن ذهب.


إحمرَّ وجهها خجلاً من حديثه وابتسم لخجلها ذلك وكاد أن يخرج من الغرفة:


- عمي


فيليب وهو يلتفت إليها:


- نعم؟


- لقد أخبرني جواد أن من يفعل كل ذلك هو أحدٌ قريبٌ منك، هل من الممكن أن يكون مايقوله صحيحًا؟


صمت قليلًا وابتسم:


- صدقيه عزيزتي .. فإن أقرب أصدقائي هم ألدُ أعدائي.


ثم خرج من غرفتها وأغلق الباب خلفه واختفت ابتسامته وهو يتذكر على مدار الثلاثون عامًا الماضية حجم الغدر الذي تعرض له من الجميع حتى أصبح يثق تمامًا بأن لا أحد أهلاً للثقة ولكن ذلك الجواد عندما ظهر أمامه شعر أنه سيقوم بتغيير ذلك المفهوم عنده .. شعر أنه يتحدث مع نفسه وكان يخبره بكل أسرار عملهم أيضًا وهو يثق تمامًا أنه لن يفعل به شيئًا على الرغم من أنه يثق أن جواد له علاقة قوية مع الشرطة بسبب صديقه الشُرطِيّ حتى وإن فعل لن يستطيع أحد الإقتراب منه أبدًا.


هز فيليب رأسه بنفي وأردف بصوتٍ عميق وملامح مبهمة:


- أنت أول شخصٌ ستأتي الخيانة منه جواد.


لا يدري لما تُحزِنَه تلك الفكرة على الرغم أنه لا يوجد بينهما صلة قرابة، ولكنه يجب أن يكون على وضع الإستعداد الدائم؛ فالحرب ستكون قريبة!.


...................................................


وفي مصر، مرت الأيام وكان جواد يتابع حالة جدته عن بُعد وعندما اطمئن أنها بخير وعادت إلى منزلها بسلام وحولها أبناءها وأحفادها، عاد باطمئنان إلى القاهرة الكُبرَى ليُكمل باقي مهامه وكان أولها لقاءه مع عاصم!


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


في شركة جواد:


كانا يُطالعان بعضهما ولكن عاصم من تحدث بتعجب:


- DNA!! إنت مٌتخيل حجم الكلمة اللي انت بتقولها؟


كان جواد شاردًا لا يستطيع أن يُجيبه كان باله منشغلًا كثيرًا بالعديد من الأسئلة ويتمنى كثيرًا أن يكون كل ذلك غير صحيح!


- جواد، إنت بتتكلم بجد؟ إيه اللي يخليك تفكر إنك تعمل DNA


لعينة منك وعينة من زعيم المافيا الروسية!!!


أردف جواد بتفكير:


- فلنتغاضى عن إن والدتي كانت متجوزة واحد روسي إسمه فيليب! واللي المفروض إن هو متوفي من قبل ما أتولد .. وخلينا نتغاضى برده عن إن إسم زعيم المافيا الروسية هو فيليب .. بس أنا مش هقدر أتغاضى عن الشبة اللي بينا.


ثم استأنف وهو يطالعه متحدثًا بعدم فهم:


- إنت مُتخيل حجم الكارثة اللي أنا فيها، صح؟


ظل عاصم يُطالعه بهدوء إنهم حقًا في موقف لا يُحسدون عليه! ..


عاصم بعدم استيعاب:


- لا إن شاء الله لا .. ده هيبقى عقوق آباء ده لا!!!


ظل الإثنان صامتان ثم استأنف عاصم:


- هي النتيجة المفروض هتطلع إمتى؟


أردف جواد بإرهاق وهو يغمض عينيه ويستند بظهره على كُرسيِه:


- بُكرة.


- يا برودك يا أخي .. مالك بتتكلم براحة كده ليه؟


فتح جواد عينيه وأردف:


- أنا قلقان أكتر منك.


- تمام، خلينا نتفق على حاجة.


جواد باستفسار:


- إيه هي الحاجة دي؟


- إن مهما كانت النتيجة إنت هتفضل معانا مش هتنحاز للمافيا دي أبدًا.


طالعه جواد بغضب:


- أنحاز لإيه يا عاصم؟! أنا وانت هدفنا واحد والدليل العملية اللي تمت هنا في مصر تبع المافيا الروسية.


أردف عاصم بهدوء وتوضيح:


- عارف وواثق فيك، وعلى فكرة إنت كسبت ثقة الوزارة بالحركة دي، بس اللي أقصده إن حتى لو هو طلع باباك ماترجعش عن خطوتك معانا.


طالعه جواد كأنه يحمل همومًا كثيرةً على عاتقيه ..


استأنف عاصم حديثه:


- ليه سايب شمس عندهم هناك لحد دلوقتي؟


جواد بشرود:


- مش عارف، بس حسيت إن هناك أأمن مكان ليها، رجوعها لمصر دلوقتي مش هيفيدها بحاجة.


عاصم باستفسار:


- إنت راميها وسط النار، مش خايف من حركة غدر؟


جواد بتفكير:


- لا مش خايف.


- تفتكر مين اللي خطف مامتك؟


جواد وهو يطالعه:


- حد قريب من فيليب وقريب أوي هوصله وأنا عارف إزاي متقلقش.


صمت الاثنين قليلاً ثم تحدث جواد بعد ذلك:


- عندي مقابلة مع حَماك بعد شويه.


ابتسم جواد عندما قال تلك الكلمة وشعرعاصم بالإحراج وأردف بغرور:


- مش محتاج واسطة منك على فكرة، مركزي ومكانتي في المجتمع تخلي أي حد يوافق عليا.


جواد بمكر:


- اللي يشوفك بتتكلم كده ميشوفكش وانت بتجري ورا صباح السنة اللي عدت دي كلها! لا وكمان هي اللي كلمتني إني أكلم باباها في حين إن إنت صاحبي معملتهاش!.


ظل عاصم يرمُقه بغيظ وأردف:


- طب ياخويا أما نشوف هيوافق ولا هيرفض.


جواد بابتسامة:


- متقلقش هيوافق.


كاد أن يتحدث ولكن أوقفهما صوت طرقات الباب .. ودخل والد صباح بثيابته البسيطة وأردف بابتسامة:


- مساء الخير جواد بيه، أؤمرني كنت عايزني في حاجة؟


جواد بابتسامة:


- أكيد طبعا، اتفضل.


ثم التفت لعاصم وأردف:


- شوف هتعمل إيه في الموضوع اللي اتكلمنا فيه ده.


عاصم باستفسار وعدم فهم:


- موضوع إيه؟


عقِد جواد حاجبيه وهو يطالعه واستوعب عاصم مايقوله:


- اه تمام.


ثم خرج من المكتب .. استقام جواد من مقعده واقترب من والد صباح والذي يُدعى "مُنير" يقوم بتحيته ..


- انت بتقوملي مخصوص يا جواد بيه؟


جواد بابتسامة:


- وهو أنا لو مقومتش ليك أقوم لمين؟ إتفضل.


جلس السيد مُنير على أريكة في غرفة مكتب جواد وجلس جواد بجانبه بعدما اتصل بعامل البوفية لكي يصنع لهما كوبي قهوة ..


أردف مُنير بإحراج وابتسامة:


- والله يا جواد بيه كل ده ملهوش داعي .. إنت خيرك سابق.


- لا أبدًا دي حاجة بسيطة.


طالعه جواد بابتسامة وأردف:


- إيه الأخبار كلكم تمام؟


- الحمدلله على كل حال.


ظل جواد صامتًا وهو يُطالع ذلك الرجل الطيب يفكر كيف سيخبره بذلك الأمر.


أردف مُنير بتوجُس:


- خير يا جواد بيه قلقتني؟ سكوتك مش مطمني.


- لا أبدًا كل خير إن شاء الله.


أخذ نفسًا عميقًا ثم أردف بابتسامة هادئة وهو يتذكر حديثه مع السيد بهجت عندما كان يتقدم لخطبة شمس.


- في صديق ليا متقدم لصباح.


ظل مُنير يُطالعه بهدوء..


- وبعدين؟


- هو يبقى صاحبي وكنت حابب آخد رأيك لو حضرتك موافق طبعًا.


منير باستفسار:


- انت بتسألني أنا عن رأيي؟ حضرتك إنت اللي شايف إيه؟ أوافق ولا أرفض؟ انت عارف أي قرار يخص صباح أو حد من عيالي بلجألك علطول لإنك زي أخوهم الكبير .. فده يعتمد على قرارك إنت لإني واثق في حضرتك .. وطالما ده حد تبعك وحضرتك تعرفه شخصيًا أنا معنديش مشكلة.


جواد بابتسامة:


- يعني نقول مبروك؟


- أكيد طبعا.


........................................


كان عاصم يجلس بسيارته يفكر بأمر جواد! لا يُصدق تمامًا بفكرة أن جواد سيبقى معهم حتى بعد معرفته أن فيليب من الممكن أن يكون والده لأنه يعلم جواد جيدًا .. إنه يفتقد لعائلته كثيرًا .. كان طفلًا صغيرًا يريد عائلة مثله مثل غيره من الأطفال في الملجأ ولكن حظه لم يُحالفه..


منذ سنواتٍ عديدة مضت:


كان جالسًا بفراشه متكورًا ويومًا عن يومٍ يرى عدد الأطفال يقل في الملجأ الذي هو به .. لا يدري هل هُناك خطبٌ ما به؟ أم أن العائلات لا يرونه من الأساس؟ ثم لما لم تأتِ والدته حتى الآن؟ أغمض عينيه وبدأ بالبُكاء .. انتبه عاصم له عندما كان يلعب مع باقي الأطفال في الملجأ .. رآه جالسًا وحده لا يتحدث مع أحد اقترب منه بابتسامة بريئة وأردف:


- إنت قاعد لوحدك ليه؟


طالعه جواد ببُكاء ولم يُجبه وعاد يدفن رأسه بين يديه .. جلس عاصم بجانبه وأردف:


- انت بتعيط ليه؟


اعتدل جواد ونظر إليه بأعين حمراء من البكاء:


- هو أنا وحش؟


طالعه عاصم بعدم فهم ثم أردف باستفسار طفولي:


- ليه بتقول كده؟


- ماحدش جه أخدني حتى ماما مجتش، هي كده مباقتش عاوزاني؟


أردف عاصم بعدم فهم طفولي:


- انت اتفقت معاها على إيه؟


- إنها هترجعلي.


- خلاص اسمع كلام ماما وبعدين كلنا هنا مستنيين ماما تيجي تاخدنا إحنا كمان .. كلهم قالولنا كده.


هز جواد رأسه ثم أخذ نفسًا عميقًا لكي يهدأ ولكنه انتبه ليد عاصم أمام عينيه .. رمقه بهدوء ووجد عاصم يمُدُ يده إليه وهو يبتسم ..


- تعالى نلعب سوا إحنا محتاجين واحد كمان معانا في اللعبة.


تردد جواد وأمسك يده ببطئ واستقام من فراشه و ذهب ليلعب مع الأطفال مثل سنه هو وعاصم والذي بعد مرور سنوات بسيطة قامت عائلة ثرية ومكانتها معروفة في البلد بكفالته أما جواد فقد بقي وحده في النهاية حتى هرب يومًا ما من الملجأ وبطريقة ما تقابل الإثنان سويًا بعد سنوات عديدة ولكن كل واحدٍ منهما حياته كانت مختلفة عن الآخر! أحدهما أصبحَ ضابط والآخر أصبحَ مُجرِمًا مُحترِفًا في تجارة الأسلحة! واستطاع ذلك المجرم كسب ثقة الدولة والأعداء أيضًا.


في الوقت الحالي:


أردف عاصم بهدوء وهو يردد بثقة:


- هيرجع عن قراره أكيد لو طلع أبوه!


وضع رأسه على المقود بيأس وهو يفكر لا يدري ماذا سيصبح الأمر حينئذٍ ولكن يا ترى هل سيكون بجانبه أم سيقف بجانب العدالة تلك المرة! لأن كل المرات السابقة كانت يساعده ويحاول أن يجعل الوزارة ترجع عن قرارها في إلقاء القبض على جواد!


.......................................................................


في اليوم التالي:


كان جواد مستندًا بظهره على سيارته فوق جبل المقطم ويرتدي عدساته الشمسية السوداء ويمسك بيده مظروفًا مُغلق والذي يحتوي على نتيجة تحليل ال DNA .. كان يُطالع ذلك المظروف بتوتر ولأول مرة يشعر بالخوف هكذا، ابتلع بصعوبة وقام بفتحه بتوتر .. حتى أمسك الورقة التي بداخله وقام بفتحها ليرى النتيجة .. دقيقة فقط مرت وقد ارتعشت يداه وهو يمسك بالورقة .. كان يحاول أن يتماسك ولكنه لم يستطع! .. الحقيقة مؤلمة حتى وإن كانت مجرد فكرة فألمها ليس مثل كونها أصبحت حقيقة! إنه والده الذي أنجبه من صُلبِه! عروق وجهه برزت وهو يحاول أن يقاوم شهقاته ولكنه لم يستطع .. تنهيدة ألم مع بكاء مكتوم خرجت من فمه .. بكاء يعبر عن حرمان سنواتٍ من عائلتة كان يتمناها لنفسه! وليس ذلك فقط بل كان يتمنى يومًا ما أن ينادي أحدهم ب "أبي" ولكن لم يُحالفه الحظ .. والآن والده حي لكنه ليس مُجرَد شخصٌ عاديّ! إنه مُجرمٌ خطير! نظر ليديه الإثنتين بحزن ... يا الله!! لقد سلم والده إلى القانون بيديه هاتين!


..........................


"عزيزي لقد جَفَّت عيناي من البُكاء، ألا يؤلِمَكَ رؤيتكَ لحزني أم أنك لا تُبالي؟  ألا تعلم أنه منذ اليوم الذي ابتعدتَ به عني لم يأتِ بعد اليوم الذي يليه؟، أنتظرك أن تأتي لكي يعلم الجميع أننا لبعضنا منذُ البداية .. لقد كتبتُ لك العديد من الرسائل لماذا لا تُجيبُني إذًا؟ إنهم يخبرونني أنك بميت ولكن لا! إنهم كاذبون أنا أعلم أنك ستأتي وتأخذني من يدي يومًا ما وحينها سنقول للجميع لقد جمعنا القدر مرة أخرى!"


خاطرة بقلمي!


 ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الثاني والعشرون


كان ينظر للسماء بشرود وهو على قمة الجبل، لا يدري كم من الوقت قد مضى وهو على حالته تلك .. عينيه دامعتان ويُحْكِمُ قبضته على الورقة التي بها نتيجة ال DNA .. تنهد بحُزنٍ وهو ينظر حوله ثم عاد ببصرة إلى السماء وأغمض عينيه بإرهاقٍ كأنه قد فاض به الكيل لقد كان يُفكِر كثيرًا أن ينسحب من تلك المعركة! ولكن كيف؟ كيف يترك والدته بين يد المجهول؟ وكيف يترك والده والذي اكتشف للتو أنه على قيد الحياة؟، وكيف يتركُ شمسه؟! يشعر أنه الوحيد في هذه اللُعبة الذي يُمسك بأطراف ثلاثة خيوط! ولكن يتُم سحبهم في عكسِ إتجاهه ويسحبونه خلفهم على الرغم من مقاومته محاولاً جذبهم نحوه، وهؤلاء الثلاثةٌ هم والديه وشمس والعدو المجهول هو من يقوم بأخذهم منه! وأيضًا الذي تسبب في كل مايحدث في حياته منذ البداية .. تنهد باستسلام حينما سمع آذان الفجر وأخذ نفسًا عميقًا وركب سيارته وذهب لأحد المساجد وأدى صلاة الفجر ثم خرج وهو يقوم بالاتصال بالمطار ليقوم بحجز تذكرة لأقرب طائرة ذاهبة إلى روسيا والتي في نهاية اليوم الذي بدأ للتو.


اقترب من قصر السيد بهجت (سابقًا) وهو يفكر تلك المرة كيف سيتصرف مع والده وشمس وأيضًا كيف سيبحث عن والدته .. لا يوجد وقت للإستسلام هو لم يعتَد على ذلكَ يومًا ما وخاصة أن عائلته من يتعرضون للخطرَ!


ولكنه توقف عندما وجد عاصم يقف أمام القصر ينتظره ..


خرج جواد من سيارته واقترب من عاصم العاقد حاجبيه وهو يقترب منه..


- بكلمك مش بترد وقلقتني عليك.


أردف جواد بهدوء:


- أنا معنديش وقت لكلامنا ده ياعاصم أنا محتاج أنام شويه عشان راجع روسيا النهاردة.


أردف عاصم باستفسار:


- النتيجة طلعت يا جواد؟


ظل جواد يُطالعه قليلًا ثم أردف:


- أيوه طلعت.


- طب إيه؟؟ ساكت ليه؟ ده انت حتى ماقولتليش النتيجة عشان نتصرف أو عشان نفهم إيه اللي هيحصل بعد كده؟!


أردف جواد بعدم استيعاب:


- أقولك ليه؟ وانت مالك أصلا؟


عاصم بعدم استيعاب هو الآخر:


- انت بتهزر صح؟ انت ناسي إن فيليب ده من أعداءنا؟ ناسي إننا شغالين أنا وانت مع بعض عشان نساعد السُلطات في روسيا إنها تمسكه!!


أمسك جواد برأسه يقوم بفركها لأنه يشعر بالغضب والنعاس لقلة النوم في آنٍ واحد..


- مش ناسي، أنا بس حابب أفكر وأفهم اللي أنا فيه.


عاصم باستفسار:


- أفهم من كده إن النتيجة إيجابية؟!


هز جواد رأسه وهو شارد، وأردف عاصم بتحذير:


- جواد، أنا بحذرك .. أنا مش كل شويه هستغل سُلطتي إني أخرجك من أي كارثة إنت بتعملها، المرة دي هي الناهية!!


أردف جواد بغضب:


- ومين قال إن أنا محتاجلك إنت وسُلطِتَك .. هيفيدوني بإيه؟ انت اللي بتتحرك .. انت اللي بتستغل سُلطتك من غير ما ألجألك .. كل مرة يا عاصم إنت اللي بتتصرف من نفسك!


عاصم بعدم استيعاب:


- وده ملَفَتش نظرك لحاجة يا جواد!!!


ظل جواد صامتًا وأخذ نفسًا عميقًا وأردف:


- لفت نظري لحاجات كتير يا عاصم وهو إنك مش مُجرد أخ! انت صاحب عُمري اتربينا وكبرنا سوا في الملجأ .. بس لما الموضوع يمِس عيلتي يِبقى شُكرًا أنا مش محتاجلك لا انت ولا سُلطِتك دي .. الموضوع ده فيه عيلتي! إنت فاهم؟ عيلتي اللي أنا بدور عليها من سنين .. لمرة واحدة حِس بيا لإني مش هسمحلك إنت وأتباعك تدمرولي كل اللي كنت بسعى علشانه!!


عاصم بعدم فهم:


- أنا وأتباعي!! يا أخي ده أنا حلِفت قَسَم إن مهما كان المُجرِم مين مش هنام إلا لما أمسكه! إنت كده بتدمرني في شُغلي!


جواد بهدوء:


- ده إنت مش أنا! أنا مُجرم يا عاصم ولا نسيت؟! أنا تاجر سلاح! تقدر تتوقع مني أي حاجة حتى القَتل! .. لكن إنت؟ ظابط نضيف محترم حالف قَسَم ماشي عليه .. مكانتك كبيرة في الداخلية! أنا تحت وانت فوق هو ده الفرق بينا! أنا في القاع زي مابيقولوا وانت في القِمة!


هز عاصم رأسه بتفهم وأخذ نفسًا عميقًا وأردف:


- يعني خلاص كده! دي النهاية؟


أردف جواد بتوضيح:


- سميها زي ماتسميها.


ابتعد عاصم من أمامه ثم ركب سيارته وتحرك من أمام القصر تحت أعين جواد حتى اختفى .. تنهد جواد بحزن ودخل القصر وعقله منشغل كثيرًا فيما سيحدث عندما يعود لروسيا! ولكنه قرر أن يأخذ قِسطًا من الراحة فإن جسده وعقله منهكين تمامًا بسبب قلة النوم.


في روسيا:


كان فيليب يجلس مع أحد معاونيه من زعماء المافيا بأحد المطاعم الراقية ..


- لقد اشتقنا للعمل القوي الذي اجتهدنا به في العالم الماضي سيد فيليب، لا أعلم منذ عودة إبنة أخيك وأنت تُبقي النار خامدة! هل أنت قلقٌ عليها؟


طالعه فيليب بهدوء ثم أردف:


- لا، إبنة أخي تستطيع الدفاع عن نفسها جيدًا، ولكن لنقل أنني أقوم بتحضير أكبر مُخططٍ لم نَقُم به قبلًا لا ندري هل سنكون بحاجة أعضاء المافيا حول العالم أم سيقوم به عدة أشخاصٍ أم شخصٌ واحدٌ فقط.


تساءل الرجل باستفسار:


- شخصٌ واحد؟ أتساءل من سيكون المحظوظ الذي سيحصل على تلك المهمة.


ظل فيليب شاردًا يفكر فيما سيحدث في الأيام القادمة .. حتى قاطع تركيزه اقتراب أحد رجاله نحوه وهمس بالقرب من أذنه يخبره بشيءٍ مُهمٍ جدا.


- لقد آتتنا بعض الأخبار أن السيد جواد قد قام بتسليم أوراقٍ مهمة تخصُّ المافيا والخبر الأهم أن تلك الأوراق أتت من مكتبك يا زعيم!.


طالع فيليب الرجل الذي يُحدِثُه للتو لعدة لحظات ثم هز رأسه يسمح له بالرحيل ثم عاد يطالع الشخص الذي يجلس معه.


- أضمن لك أنني سأقوم بإختيار ذلك الشخص بعناية شديدة جُوِي! ولكن يجب أولاً أن أنتهي من التخطيط لذلك الأمر.


ثم عاد يرتشف فنجان قهوته بهدوء شديد .


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم / سارة بركات


 بعد مرور عدة ساعات، كان جواد يخرج من مطار روسيا يقود إحدى السيارات بسرعة البرق في طريقه إلى قصر السيد فيليب وبعد أن وصل نزل من السيارة ودخل القصر بعدما سمح له حرسُ بالدخول .. دخل القصر واتجه نحو مكتب فيليب بعد أن ترك حقائبه الخارج ثم دلف إلى المكتب ..


تقابلت عينيه مع عيني فيليب الذي يطالعه بهدوء وهو جالسٌ على كرسي مكتبه .. اقترب جواد منه بهدوء وفي ذات الوقت أردف فيليب بابتسامة هادئة:


- حمدا لله على سلامتك سيد جواد، لقد افتقدناك كثيرًا في رحلتك تلك.


كان جواد يتفرَّس ملامحه بهدوء يريد أن يتحدث معه ويخبره أنه ابنه ولكن كيف سيصدقه إذا لم يأتِ بوالدته أولا؟.. فقط يريد أن يطالع والده هكذا، والده؟! تلك الكلمة غريبةٌ كثيرًا بالنسبة إليه لم يشعر بمشاعر تلك الكلمة قط، تعجب قليلًا من تحدثه معه بالروسية ألم يكونا يتحدثا بالمصرية سويًا؟


- الله يسلمك.


ذلك ماتحدث به جواد بابتسامة لم يرها أحدٌ قط، ولكن فيليب لم يأبه لتلك الإبتسامة.


- أومال فين شمس؟


فيليب:


- ذهبت للصالة الرياضية لتتمرن.


- إنت مقموص مني من آخر مرة صح؟؛ فعشان كده بترد عليا بالروسي؟


لم يُجبه فيليب بل ظل يطالعه بهدوء، تنهد جواد ثم أردف بثبات وهو يجلس على كرسي أمام مكتبه:


- اعتبرني بردلك جزء من اللي شوفته بسببك.


ذلك ما تحدث به جواد ولكن في نية منه أن يُنهي الخلاف بينه وبين فيليب والذي تحدث بالمصرية تلك المرة بحِرص:


- مش مقموص منك ولا حاجة، وبعدين انت نسيت المخزن اللي حرقتهولي.


أردف جواد بابتسامة غريبة:


- ده أقل رد عندي، أنا لسه شايل كتير جوايا.


ثم قام بتغيير الموضوع الذي يتناقش به معه وأردف:


- طب طالما مش مقموص مني .. في حاجة شاغلة بالك أكيد؟


صمت فيليب لعدة ثوانٍ ثم أردف:


- في بس بعض الأمور شاغلة بالي بفكر فيها ده غير إجتماع زعماء المافيا.


صمت جواد لعدة لحظات ثم تساءل:


- هيكون إمتى؟


طالعه فيليب بملامح مبهمة:


- بعد يومين.


- تمام.


كان الإثنان يطالعان بعضهما بهدوء، أحدهما يتحكم بمشاعره من اللهفة يريد أن يُخبره بالحقيقة ولكن كيف؟ ما الدليل؟ مُجرد ورقة؟ سيكون من السهل تزوير مثلها وخاصة أن والدته بالنسبة لفيليب قد توفت في بداية زواجهما ولكنه سيتحمل قليلًا مرور الأيام حتى يُعيد والدته إليهم مرة أخرى؛ أما الآخر فهو يتحكم بالغضب الذي يسري بداخله نحو الجالس أمامه يريد أن يقتُله بعد أن تأكد من المعلومة التي آتته اليوم لا يُريده أن يبقى على قيد الحياة، كاد فيليب أن يتحدث ولكن انتبه الإثنان لدخول صوفيا إلى القصر وهي تحمل حقيبتها الرياضية خلفها كان يبدو عليها الإرهاق الجسدي لدرجة أنها لم تنتبه لوجود جواد الذي اعتدل من مقعده عندما رآها وخرج من مكتب فيليب كادت أن تصعد أدراج القصر لتذهب إلى غرفتها ولكن أوقفها صوته..


"hey little princess!"


"مهلاً أيتها الأميرة الصغيرة!"


التفتت ببطئ ولم تصدق ماتراه عينيها إنه يقف أمامها كانت تعتقد أن علاقتهما انتهت عندما رحل! ولكنه قد عاد، كان يطالعها بابتسامة هادئة اقتربت نحوه بخطوات مترددة حتى توقفت أمامه وأردفت بهدوء:


- كنتُ أظن أنك لن تعود.


- أذهب وأترك ماهو مُلكي؟!


لم تفهم ما يقصد ولكنها لوهلة شعرت أنها المقصودة بتلك الكلمة!..


أردف جواد بهدوء وهو يطالع كل إنشٍ بها:


- يبدو أنكِ مُرهقة أنتِ تحتاجين للراحة، ولكن كوني على عِلمٍ أنني وأنتِ لدينا موعِدٌ على العشاء اليوم ولكن تلك المرة ......


وجه نظراته نحو فيليب وأردف:


- دون وجود ضيوف متطفلة تقطع علينا موعِدَنا.


ابتسمت صوفيا من كلماته تلك يبدو أنه يُشاكِس فيليب الذي عَقِدَ حاجبيه للتو.


- حسنًا.


كادت أن تصعد للأعلى ولكنه أوقفها بابتسامة:


- لا ترتدي أي ثوبًا عاريًا .. أريده مُحتشِمًا من فضلِك.


التفت إليه تطالعه تحاول إخفاء ابتسامتها وهزت رأسها وصعدت للغرفة .. عاد جواد يلتفت إلى فيليب وتساءل:


- أحط شَنطِتي فين؟ ولا أنا مش مُرَحَب بيا هنا؟


أردف فيليب بهدوء:


- إعمل اللي انت شايفه مُناسِب، طالما مراتك في بيتي إعرف إنك مسموحلك تعمل أي شيء.


ثم نادى فيليب أحد رجاله وأمره بحمل حقيبة جواد الذي كان أن يصعد لغرفته..


- على فكرة وجودك مهم في الاجتماع.


هز جواد رأسه وتساءل:


- أومال فين أخوك؟


أجاب ببساطة:


- بيستمتع بوقته.


هز رأسه بتفهم ثم صعد للغرفة تحت أعين فيليب التي تتحدث بالكثير!...


في المساء:


كانا يجلسان على طاولة مستديرة تحت ضوء الشموع في مطعمٍ ضخم ولكن تلك المرة كانا وحدهما في المطعم كله حيث منع دخول زبائن غيرهم!، وأيضًا استعار جواد رجال فيليب الذين يقومون بحراسة القصر وجعلهم يقومون بحراسة المطعم مداخله ومخارجه.. تناولا العشاء في هدوء ثم بعدها تم تشغيل الموسيقى الناعمة في المطعم وأخذ جواد بيدها لكي يرقَصا سويًا .. كانا يطالعان بعضهما في المقابل في لحظة حميمية كتلك أنستهما الدُنيا .. ثم أردفت صوفيا بهدوء:


- من أنت؟


أغمض جواد عينيه ووضع مقدمة رأسه على خاصتها وأردف:


- أنا مُجردُ شخصٍ مُتَطًفلٌ بحياتك، شخص لا يمتلك صفات الرجل المثالي الذي تتمناه أي إمرأة وأيضًا لستُ ذكيًا كفاية لمعرفة كيفية التعامل مع المرأة.


قهقهت صوفيا وأردفت باعتذار:


- أعتذر إذا تضايقت مني حينها، ولكنك أخرجتني عن شعوري لأنني شعرت أنك تقوم بإجباري على شيء ولكنني لم أعلم أنك كنتَ خائفًا علي.


ظلا يطالعان بعضهما بهدوء ثم أردف وهو يلتمس وجنتها النعمة:


- لا بأس .. لقد انتهى الأمر.


نبَضَ قلبها بقوة أكثر من ذي قبل وأردفت:


- جواد.


- نعم؟


- أريدُ أن نجلس، من فضلك.


أبعد يديه عنها وأردف متفهما ارتباكها وخجلها:


- هيا بنا.


ثم عادا يجلسان وهي تأخذ نفسًا عميقًا كأنها قد تحررت لأنه كان يأسرها بلمساته تلك، هزت رأسها بقوة لعلها تستفيق قليلًا ولكنها انتبهت على سؤاله.


- مرت أسابيع على معرفتنا ببعضنا ولكنني لا أعلمُ عنكِ شيء صوفيا، لمَ لا تُخبريني عنكِ قليلًا؟


أردفت صوفيا بتعجب:


- أُخبِرُكَ عني!


أردف جواد وهو ينظُر في عُمقِ عينيها:


- لماذا تتعجبين هكذا؟ أنا أريد أن أتعرف عليكِ أكثر.


صمتت صوفيا قليلًا ثم أردفت:


- أنا أُحبُ الرقص .. الرياضة .. تَعَلُمَ اللُغات ثم لا أعلم شيئًا آخرٌ غير ذلك.


- ماذا؟


ارتبكت قليلًا وصمتت لعدة ثوانٍ ثم كررت حديثها:


- أنا لا أعلَم عني أي شيء غير ذلك.


كان يُطالعها بهدوء يحُثُها على أن تُكمل حديثها..


- حقيقة لا أعلم من أنا .. هو عامٌ واحدٌ فقط بنيتُ به عالمي هذا لكن ما قبل ذلك لا أعلم من أنا، ولكنني أقوم بإقناع نفسي دائمًا بأنني صوفيا ابنة أندريه وقريبة السيد فيليب .. أوتدري جواد؟ لقد حاولت أن أذهب لطبيبٍ نفسي لعلي أجدُ الدواء .. حاولت أن أتذكر مع الطبيب أي شيء لرُبَمَا يكونَ شيئًا نفسيًا هو ما جعلني أفقد ذاكرتي ولكنني لم أصل إلى أي نتيجة! فقط صمت تام .. ذاكرتي لا تَعرِض أي شيء .. حتى لغتي التي لا أعلم ماهي لا أتذكرها .. لا أعلم ما الذي حدث لي ولكن كل ما أتذكره أن جسدي كان به آثارُ تعذيب وكان هناك سيدة تُساعدني في الهرب من مكانٍ لا أتذكر ماهيته! ولكنني ركضت دون توقف حتى قابلتُ عمي فيليب.


كور جواد يديه بغضبٍ شديد ثم أردف وعضلات فكه تشتد..


- لا تتذكرين أي شيء؟


- لا .. ولكن كل مايراودني في الآونة الأخيرة أحلامًا مُزعِجة هل عقلي الباطن هو من يصورُ لي تلك الأحلام؟ أم أنها من واقع حياتي السابقة.


- ما هي؟


أخذت نفسًا عميقًا ثٌمَ أردفت:


- أنني أركضُ في غابة كبيرة لا يوجد لها نهاية خائفة وأبكي .. فقط أركُض دون توقف.


شعرت بالخوف قليلًا لتذكرها ذلك الحُلم ضمت نفسها بذراعيها كأنها تقوم بحماية نفسها ثم استأنفت:


- كل ما أريدُ إخبارك عنه هو أنني حزينة! لقد تركتني عائلتي أو أيًا من كنتُ أبقى معهم ... لم يبحثوا عني .. ظللت أنتظر عامًا كاملاً ولكن لم يأتِ أحد، تركوني وحيدة في هذا الظلام الذي أغرقُ به.


انهمرت عِبرَةٌ من مُقلتيها ولكنها انتبهت لجواد الذي ركَعَ على رُكبتيه أمامها وأمسك بذقنها الناعم لكي يرفع وجهها ..


- لماذا لا تضعين في عقلِك أنه من الممكن أن يكونوا قد بحثوا عنكِ ولم يسئموا أبدًا.


أردفت ببكاء:


- لو كانوا فعلوا ذلك جواد لكانوا أمامي الآن.


ظلت تبكي لعدة ثوانٍ ولكنها طالعته بعدم فِهم عندما تحدث:


- إنهم أمامُكِ الآن حقًا.


- ماذا تَقصِد؟


كان يُطالعها في عُمقِ عينيها ثم أخرَجَ هاتفه من جيبه يأتِ بشيءٍ ما ثم جعل شاشة الهاتف أمام عينيها .. كانت صورة لهما وهما بعَقد قرانهما كانا مبتسمين وسعيدين كان يقلب أمامها في الصور لعلها تتذكر أو تعلم أن جواد القابع أمامها هي كل ماتملك! .. الذي لم يَتركها للحظة واحدة! .. الذي تألم كثيرًا في غيابها!


أخذت منه الهاتف تنظر إلى الصور الموجودة به لا تُصدق .. إنها هي التي بالصور! هل ذلك يعني!... كانت عينيها دامعتين وهي تُطالع تلك الصور.


أردفت بارتعاش وبكاء وهي تطالعه:


- ماذا تعني تلك الصور؟ هل نحن ... هل نحنُ مُتزوجان!


كان جواد يطالعها بأعين دامعة لحالتها تلك ..


- أجِبني جواد، من فضلك.


- نحن متزوجان حقًا، صوفيا .. أنتِ زوجتي التي لطالما عشقتها ولم أعشق سِواها.


....................................


"أعشقك دون نهاية لعشقي ذلك حتى وإن نسيتكَ  فسأعشقك مرة أخرى"


رواية ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الثالث والعشرون


كانت تطالعه في المقابل بعدم استيعاب هل مايقوله حقيقي؟ لماذا سيكذب والصور التي تراها أمامها الآن هي دليلً صادقٌ على حديثه؛ ثم بدون أي أدلة فقلبها يخبرها أنه صادقٌ تمامًا يكفي أن نظراته متعلقة بها يا الله لقد أرادت دائمًا شخصٌ يطالعها هكذا، كيف لم ترى ذلك منذُ أن قابلته؟ الآن قد فهمت سبب غيرته التي لم يكن لها سبب بالنسبة إليها من قبل ولكن الآن قد أردكت السبب إنها تكون زوجته! .. لم تشعر بعبراتها التي تنهمر لأنهما نسيا العالم تمامًا وهما يطالعان بعضهما هكذا .. اعتدل جواد وجعلها تقف ثم قربها نحوه وقام بضمها بقوة .. تنهيدة قوية خرجت من فاهها كأن هناك شيئًا فقدته لمدة طويلة جدا وقد جدته الآن عندما أصبحت بين ذراعيه، هناك مشاعر قوية ومُختلطة أيضًا تشعر بها! هل ذاتها القديمة كانت تفتقد جواد لتلك الدرجة؟ استفاقت عندما انتبهت لحديثه ..


- أنا أعتذر .. أعتذر بسبب خُذلاني لكِ وأيضًا لعدم بقائي معكِ لإنقاذكِ مِن من فعل بكِ ذلك .. لا أستطيع تخيُّل كَم الصرخات التي كنتِ تصرخينها في غيابي والتي كان مُجرد تخيلها يجعلني لا أنام أبدًا، لا أستطيع تخَيُّل كل ما مررتِ به لقد تذوقت طعم المرارة بفقدانِك .. آسف حبيبتي كل ماحدث أنا السبب بِه لأنني كنتُ مُقصِّرًا في أمنِك .. لقد أخذوكِ مني في ذات المكان الذي كنتُ به .. لقد خطفوكِ مني وأنتِ بين يداي حبيبتي


رفعت رأسها لتطالعه في عينيه يا الله إن عينيه دامعتين! ..


- جواد، لا تقلق أنا بخير.


ذلك ماتحدثت به بتأثر ولكنه أردف بصعوبة:


- صوفيا هي التي بخير ولكن شمس؟ أين شمسي؟ أين حبيبتي؟ لقد غابت في عالمٍ مُظلِمٍ ولم تَعُد بَعْد .. غابت حياتي عني .. الفتاة الوحيدة التي كانت كُل شيء لي لم تَعُد إلى الآن، أنا تائه أشعر أنني أتخبط في الظلام لا أستطيع إيجادها ... إنني حتى لا أسمع صوتها وهي تناديني .. أنا خائِف.


كان يتحدث بأعين دامعة وتشتت في آنٍ واحد ثم استأنف وهو يضع مقدمة رأسه على خاصتها:


- لقد تَعِبتُ كثيرًا ولا أستطيع الحياة بدونك شَمس، أنتِ كنتِ عائلتي الوحيدة شمس.


- كفَى جواد، أنتَ تَكسِرُ قلبي بكلماتِكَ تلك.


انطلق تأوهًا من فاهها ليجعله يطالعها بقلق وهو يرى معالم الألم على وجهها!، ابتلع غصته وأردف بقلق:


- ماذا بكِ؟


ترددت قليلًا ثم أردفت بلامبالاة:


- إن قدماي تؤلِمَانني قليلًا، التدريب كان قاسيًا على قدماي اليوم.


أمسك بيدها وجعلها تجلس على كرسِيَّها برفق ..


وأردف باستفسار:


- أيُّ ساق؟


- اليُمنى.


ركع أرضًا وأمسك بساقها اليُسرى بهدوء بغتة مما جعلها تشعر بالإحراج والخجل في آنٍ واحد وهي تحاول أن تسحب ساقها من يديه ولكن شدد مسكته ولكن برفق ثم أردف:


- ثِقِي بي.


ثم استسلمت لترى ماذا سيفعل، ضغط برفق على عدة أماكِنَ بساقها حتى تأوهت عَلِم المكان الذي يؤلمها وقام بدلكه بيديه بهدوء ورفق حتى شعرت بأن عضلة ساقها التي تؤلماه قد خفَ ألَمُهَا .. تنهدت بارتياح وأردفت بتعجب وهي تُطالعه:


- لقد زال الألم!


تحدثَ بابتسامة هادئة:


- لا شُكرَ على واجِب.


ثم اعتدل حتى أصبح يقف أمامها وأردف:


- يبدو أنكِ قسوتِ على نفسكِ اليوم في تمارين الساقين لأنه ليس من المنطِقِي أن يكون التمرين ذاته قاسٍ إلا إذا لم تَكُن قدامكِ مُعتَادةً عليها ومن الواضح أنكِ رياضية حبيبتي فذلِكَ ليس سببًا منطقيًا .. المنطقِيُّ بالنسبة إلي أنكِ من الممكن أن تكوني قد أخطأتِ العَدَ أو حمَلتِ وزنًا ثقيلا عن المعتَادِ فاجأتِ بهِ عضلاتِ ساقيكِ أو أنكِ لم تقومي بتمارين الإحماء منذُ البداية ...


صمت قليلًا ثم استأنف:


- هل كان هُنَاكَ شيئًا يضايقُكِ؟


رفعت رأسها تُطالعه بصمتٍ تام حَرَك رأسَهُ يحاول أن يفهم صمتها أمامَ سؤاله ذلك، هل تنوي أن تُخفِي شيئًا ما؟ ..


أردفت بهدوء:


- لا شيء ولكنني لم أنتبه أن الوزن ثقيل في تمرين اليوم.


تساءل ببساطة:


- ما السبب؟


حاولت أن تتهرَب منه وأردفت بسرعة:


- جواد، لما تقوم بالتحقيقِ معي؟ لا يوجد شيء.


اقترب منها وانخفض بجذعه العلوي نحوها حتى أصبحَ وجهيهما قريبين ..


- قولي الصِدق، لا أريدُ سُوى الصِدق.


أردفت وهي تُطالعه في عُمقِ عينيه:


- كنتُ أشعر بالضيق لأنكَ لم تُهاتِفَنِي أو حتى لم تحاول التواصل معي بأية طريقة .. شعرتُ وقتها أننا لا شيء .. ثم لم أشعر بنفسي سوى وأنني أقوم بمجهودٍ عالٍ في الصالة الرياضية حتى أنني قد نَسيتُ الوقت ونسيت أنني أقوم بحَملِ أثقالٍ ثقيلةٍ جدا .. كنتُ فقط أريدُ أن أُرهق نفسي في الرياضةٍ بدلًا من إرهاق عَقلِي في التفكير بِك.


ظل صامتًا يُطالعها لعدة ثوانٍ ثم أردف:


- أرجوكِ لا تُكرِرِي ذلك مرةً أخرى، لأنكِ لا تعلمين أنني حتى مهما َتَحَدَثتُ عن ما بداخلي لن يساوي شيئًا من مشاعرِي الحقيقية نحوكِ.


ابتلعت بتوتر من قُربِهِ ذلك ثم أردفت:


- حسنًا.


ابتسم بهدوء وقام بتقبيل مُقدِمَةِ رأسها ثم أردف:


- فتاةٌ جيدة.


واعتدل وهو يُربت على شعرها بابتسامة، تعجبت من تلك الحركة ولكنها نوعًا ما أحبَت إهتمامه بها وأيضًا قلقه عليها .. أردفت بعد صمتٍ دامَ لثوانٍ وهما يطالعان بعضهما ..


- بما أننا زوجان، هل نعلم عن بعضِنا كُلَّ شيء؟


- لماذا تسألين هذا السؤال؟


- لأنني أريدُ أن أَعلَم كيف تقابلنا سابقًا، وأيضًا أريدُ أن أعلم عنكَ كل شيء؛ وذلك حقٌ لي بالطبع بما أنني لا أتذكر أي شيء.


ظل يُطالعها لعدة ثوانٍ ثم أردف:


- ولكنكِ لم تكوني تعلمين أي شيء عني.


تحدثت بتعجب:


- كيف؟


- فلنقل أنه سابِقًا لم تَكن هناك فُرصة لتعلمي عني أي شيءٍ.


طالعته في عمق عينيه وأردفت بهدوء:


- والآن أنا أريد أن أعرف عنكَ كل شيءٍ جواد.


تنهد بعُمق ثم عادَ يَجلِسُ على كُرسيِّه .. صمت لعدة ثوانٍ لا يعلم كيف يبدأ بالحديث عن نفسه .. هل يبدأ منذُ ميلاده؟ أم ما قبل ميلاده؟ أم مُنذُ لقائهما؟ .. شعرت بحيرته وأردفت:


- جواد.


رفع عينيه ينتظر حديثها..


أردفت باطمئنان:


- أخبرني فقط بكل شيء.


تحدث بهدوء:


- ولكن أعتقد أنه لن يَسُّرُّكِ سماع ما سأقوله.


أردفت بابتسامة:


- جَرِّبني.


أخذ نفسًا عميقًا ثم وأخيرًا تحدث جواد عما بداخله .. الماضي المؤلِم .. بدايةً من مولدِهِ لأنه لا يعلم قصة والده ووالدته كيف كانت .. سرَدَ كلُ شيءٍ لها لم يترك أي تَفصيلة يتذكرها .. عاش مع والدته وهو يراها تتعذب من شخص لم يرَه لأن القبو الذي وُلِدَ به كان مُظلِمًا وقت تعذيبها وأيضًا كانت تقوم بإخفاءه خلف ظهرها لكي تأخذ كل الضَرب ولكي لا يُصيبَه أي خدش .. تحدث عن تركها إياه في القاهرة في أحدِ المباني .. تحدَثَ عن ذهابِهِ للملجأ وكم كان وحيدًا هُناك .. تحدث عن صديقه عاصم الذي قابله في الملجأ تحدث عن هربه من الملجأ وهو في عمر الثالثة عشر بعد استغلاله انشغال العاملين به في حفلٍ ضخمٍ كانَ مُقامًا بِه ...


منذ عدة أعوامٍ مضت:


كان يَركُضُ دون توقف في شوارِع مِصرُ القديمة يتعثر في الطُرُقات تارة ويصطدم بالمارة تارةً أخرى تائه لا يعلم أين وجهته وأيضًا يشعُرُبالبرد القارس .. ظل يسير دون وُجهةٍ معينة حتى انتبه لأحد الأشخاص النائمين بأحد الشوارع الجانبية كان الشخص نائمًا أسفلُ غطاءٍ ثقيل وكان بجانبه غطاءًا آخر ولكنه لا يستخدمه .. اقترب جواد نحوه ينظر لذلك الغطاء يريد أن يتدفأ أسفله كان مُحرَجًا أن يقوم بإيقاظِ الشخص النائم يستأذنه في أخذِ الغِطاء ولكن البَرد كاد أن يقوم بتجميده ولا يضمن هل سيوافق الشخصُ النائمُ أم لا .. أخذ يلملم الغطاء بهدوء ثم ركض قبل أن يستيقظ الشخصُ النائِم .. واختبأ في مكانٍ بعيدٍ قليلا بعدما ركض مسافةٍ ليست بصغيرة وهو يحمِلُ الغطاءَ الثقيل .. أخذ يبحث عن أي شيء مُلقى بالشوارع حوله ليقوم بفرشه على الأرض حتى وجد قطع أخشاب سليمه بعض الشيء كانت مٌلقاة بإهمال بجوار محل أحد النجارين الموجودين بالقرب مِنه يبدو أن صاحب تلك القطع لا يريدها وما طمأنه أكثر هو أن بعض الأشخاص يأخذون منها .. ذهب وأخذ لوحًا كامِلاً يكفي جسده الصغير وسار به يعود إلى الشارع الذي ألقى به الغطاء .. وضع اللوح على الأرض لكي يحميه من برودتها ونام عليه بصعوبة بسبب خشونتها ولكنه تحمل لأجل النوم فقط .. يُريدُ أن يُريحَ جسده قليلًا .. نام واستيقظ على آذان صلاة الفجر وذهب لأحد المساجِد القريبة منه لكي يتوضأ وأثناء وضوءه قام بشم رائحة جسده والتي لم تُعجبه تمامًا وشعر أنه لا يصِح أن يُصلي وهو بحالته الرثة تلك انتبه أحد الأشخاص الذين يقومون بالوضوء معه على حالته ..


- في حاجة يابني؟


أردف جواد بحزن:


- ريحتي وحشه وشكلي مش أحسن حاجة بس أنا عايز أصلِّي بس مش حابب أصلي كده.


ابتسم الرجل بهدوء ثم أردف:


- طبيعي تحِس الإحساس ده لإننا أكيد لازم نقابل ربنا بأفضل هيئة.


تنهد جواد باستسلام ولكن الرجل أردف:


- ممكن أساعدك تاخد دوش سريع بس مش بالمياة دي عشان هي باردة .. تعالى معايا البيت هو هنا جنب الجامع بصراحة ملحقتش أتوضى هناك لإني الحمدلله لسه راجع من الشغل فجيت على هنا علطول.


هز جواد رأسه وهو يبتسم له وذهب خلف الرجل الذي سمح له بدخول بيته لكي يستحم لم يأخذ جواد وقتًا طويلًا في الاستحمام ثم خرج وهو يرتدي نفس ثيابه السابقة ولكنه تفاجأ بالرجل يحمل بيده ملابسًا نظيفة ..


- ده لبس ابني هو في إعدادي هييجي مقاسك إن شاء الله وخده ليك أنا مش عايزة.


شعر جواد بالإمتنان الشديد نحو ذلك الرجل ثم عاد للحمام ليرتدي تلك الثياب النظيفة ثم خرج من الحمام وتبع الرجل للمسجد ليحضرا صلاة الفجر، وبمجرد أن انتهى جواد من آداء الصلاة خرج بسرعة دون أن يتحدث إلى أحد ولكن كل ما قاله للرجل قبل أن يذهب هو كلمة "شُكرًا" وركض الرجل خلفه لكي يلاحقه ولكنه لم يستطع أن يجده .. عاد لينام حيث كان مستسلمًا لما سيحمله اليوم القادم له.


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


في وقت الظُهيرة:


استيقظ جواد على ركلة قوية في معدته وصوتٍ غليظٍ يقول:


- قوم ياض!


قام جواد بفتح عينيه بصعوبة ولكنه لم يستفِق بعد وشعر بالألم أكثر عندما ركله الرجل مرة أخرى ... فتح عينيه واعتدل بسرعة وهو ينظر للشخصُ الذي أمامه..


- إنت تبع مين؟ وإيه اللي جابك في منطقتي؟


هز جواد رأسه نافيًا لا يستطيع التحدث من صدمته بما يحدث له .. أما الشخص الذي يقف أمامه كان يرتدي ثيابًا رثة ومُمَزَّقة من الواضح أنه متسول والذي ثبت ذلك هو علامة السكين الموجودة بوجهه ..


- ماتنطق ياض.


- أنا معرفش حد، أنا هربت من الملجأ عشان أدور على ماما، وجيت على هنا عشان أنام بس أنا معرفش حد.


طالع المتسول هيئته وأيضًا للغطاء المُلقى جانبًا .. ثم أردف:


- الغطاء ده إنت سرقته صح؟


أردف وهو يهز رأسه بارتعاش:


- أخدته من صاحبه معرفتش استأذنه لإنه كان نايم و....


أكدَّ المتسول سؤاله بصوت مُقزز:


- سرقته؟


أردف ببكاء:


- اه سرقتُه.


- شاطر، عايز مكان تنام فيه صح؟


هز رأسه بسرعة وأردف الرجل بخُبث:


- عندي المكان.


أخذه الرجل للمكان المذكور والذي لم يَكُن سوى مخزنٌ به الكثير من الأطفال والذين يبدو من مظهرهم أنهم متسولين أيضًا لأن هيئتهم غير لطيفة بالمرة وشعر بالخوف أكثر عندما رأى بعض الأسلحة الصغيرة التي يحملونها معهم ولكنه انتبه على الرجل المتسول والذي يُلقب بالمعلم أمين يضع يده على كتفه مُردفًا بغلظة:


- ماتبقاش خرع كده أومال، إنت لسه شوفت حاجة .. متخفش دي شوية تهويشات ولسه يا ما هتشوف.


بقى جواد ذلك المُراهِق البريء مع هؤلاء المتسولين ولكن مع الأسف تلوثت براءته على مر السنوات بسبب العالم الذي وقع به دون أن يدري فقد كان يَسرِق مع باقي الأطفال والمراهقين ويقوم بالتسول وأيضًا يقوم ببعض الأنشطة التي تخصه والتي يُخفيها عن رئيسه ألا وهي تجارة السلاح وفي يومٍ ما..


كان جواد آنذاك في عمره الخامسة والعشرين وهو يقف أمام المعلم أمين الذي يُعطيه بعض التعليمات الهامة بصوت غليظ ولكن لينٍ قليلًا:


- بُص يا جواد الموضوع ده مُهِم أوي والناس الكُبَّرة عايزين ينجزوه ويخلصوا الموضوع ده في أقرب فرصة ولو نجحنا فيه هناخد فلوس ونقِب على وش الدُنيا، وأنا بقولك ده ليه؟؟ عشان إنت اللي على الحِجر وهتنجزني.


عقِدَ جواد حاجبيه وهو يطالعه ينتظره أن يُكمل حديثه، استأنف أمين حديثه:


- في راجل مضايق شوية ناس أكابر في السوق بتاعهم، عايزين يقرصوا ودنه.


أردف جواد باستهزاء:


- هنقرص ودنه إزاي؟


- الله ينور عليك، حلو السؤال ده .. بُص ده.


ثم أخرج أمين من جيبه عيارًا ناريّ جعل جواد يحاول التحكم في غضبه ..


- إنت بس هَتهَوِّش عليه و......


قاطعه جواد بغضب:


- أذية مش هأذي حد، عايز تأذي حد شوف غيري.


ضحك أمين مُردفًا باستهزاء:


- جرا إيه يا روح أمك؟ إنت فاكر نفسك مين؟؟ ده انت أخرك طلقتين وتموت لولا إن أنا صابر عليك عشان شايفك واد حلانجي وذكي .. إنت نسيت ياله إني خليتك الكُل في الكُل هِنا وخليت الكُل يِمشي بأمرك ولا إيه؟


أردف جواد بضيق:


- مانستش بس قتل لا.


- بس أنا مقولتش إنك هتقتله أنا قولت إنك هتهوش عليه يعني هتضربه طلقة في رجله أو دراعه حاجة بسيطة يعني وكلها كام يوم وهيخف وهيبقى زي الحصان ولا كإن جراله حاجة.


صرَّ جواد على أسنانه بقوة:


- من الواضح إنك مفهمتنيش .. أي حاجة فيها أذيه لحد مش هعملها .. انت فاكرني قاتل مأجور ولا إيه؟ شوف غيري يعملك الهبل اللي انت عايزه ده.


أردف أمين باستهزاء:


- هعديها المرة دي بس عشان العشرة اللي بينا يا جو .. لكن المرة الجاية فيها رقبتك.


ثم استعجل أمين أحد الأشخاص لكي يتقدم نحوه ..


- واد يا موسى .. تعالى هنا ياض.


- اؤمرني يا معلم.


عقِدَ جواد حاجبيه بغضب وخرج من المكان ولكنه ظل طوال الليل يتقلب في نومته يُفكر بالشخص الذي سيؤذونه غدًا يحاول مرارًا وتكرارًا أن ينام ولكنه لم يستطع حتى حل عليه الصباح وتَبِع ذلك الشاب الذي يُدعى موسى إلى المكان الذي يذهب إليه حتى وصل إلى منطقة بالقاهرة يبدو عليها الرُقيّ وانتبه لوقوف موسى أمام فيلا ولكن في الجهة المقابلة لها وذلك لوجود حافلة مدرسية تقف أمام الفيلا مباشرة وأخذ ينتظر كأنه ينتظر خروجَ شخصٌ ما .. طَالَع جواد الفيلا قليلًا لأنه كان يقف بركنٍ بجانب الفيلا ذاتها وماكان يُخفيه هو وقوف الحافلة ولم ينتبه له موسى ولكنه انتبه على خروج فتاةً مراهقة أو طفلة لم يستطع أن يُحدد ماهيتها ولكنها كانت جميلة لم يرى مثل جمالها سابقًا أو هو اعتقد ذلك، ولكنها لطيفة بشعرها الكستنائي الناعِم انتبه على ثيابها يبدو أنها ذاهبة لمدرستها ولكنه انتبه لخروج رجلٍ ما خلفها ..


- شمس، استني.


أوقفها ذلك الرجُلُ ووضع بحقيبتها شيئًا ما ثم قبلته من وجنته وركبت الحافلة التي تحركت وابتعدت عن الفيلا وهنا انتبه جواد لموسى الذي أخرجَ سلاحه يحاول التصويب على ذلك الرجل ولكن جواد لم يشعر بنفسه سوى وهو يركض نحو الرجل بسرعة لكي يحميه .. ثانية .. كانت ثانية واحدة هي الفيصل .. لم تُصَب الرصاصة السيد بهجت المستهدف ولكنها أصابت ذراع جواد.


......................................



قال الله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الرابع والعشرون


تفاجأ موسى من ظهور جواد أمامه فجأة ولم يستطع أن يفعل شيء سوى أن يهرب، كان جواد يقبض بيده على ذراعه بألم وانتبه للرجل الذي تحدث معه بذهول وهو يركع أرضًا ليساعده، ويسأله العديد من الأسئلة التي لا علاقة بها ببعض وذلك بسبب صدمته مما حدث للتو:


- إنت كويس؟؟ في إيه؟ إيه اللي حصل ده؟ مين ده؟ وليه يعمل كده؟


أردف جواد بهدوء وألم في آنٍ واحد:


- معرفش.


أردف الرجل بقلقٍ من حالته تلك:


- طب تعالى أوديك المستشفى حالا.


جواد بنفي ودوار:


- لا .. مستشفى لا.


ولكنه فقد وعيه بسبب فقدانه للكثير من الدماء، طلب بهجت المساعدة من بعض الأشخاص الذين مروا بجانبه وساعدوه ليحملوا الشاب الذي أنقذه للتو وذهب به إلى المشفى..


بعد مرور يومٍ كامل:


قام بفتح عينيه بهدوء لأنه كان يشعر بالدوار والرؤية كانت ضبابية .. يسمع فقط صدى لصوتِ صفيرِ جهازٍ بجانبه، حرك رأسه نحو مصدر الصوت ببطئ ودوار للأيمن ورأى ملامح غير واضحة لشخص يقترب منه ويتحدث..


- أخيرًا فوقت، قلقتني عليك.


ظل عدة ثوانٍ في حالة الدوار تلك ولكنه استفاق من تلك الحالة شيئٍا فشيئًا ووضحت ملامح الشخص الواقف بجانب فراشه .. كان رجلًا بشوشًا يبتسم له بهدوء ..


أردف جواد بإرهاق:


- أنا فين؟


أردف بهجت بابتسامة:ٍ


- إحنا في المستشفى.


اعتدل جواد من سريره ولكن أوقفه بهجت:


- إنت محتاج ترتاح.


- ليه جبتني هنا؟


- إيه اللي مخوفك كده.


أردف جواد بضيق وإرهاق:


- أنا مبخفش.


ابتسم بهجت بهدوء ثم أردف:


- متقلقش إحنا في مستشفى حد معرفة ليا، ده لو قلقان طبعا من موضوع البطاقة الشخصية.


طالعه جواد بهدوء ولكن بهجت استأنف حديثه:


- ماتقلقش قولتلك، أنا لما لقيت إن مفيش بطاقة في جيبك عرفت أنا هروح فين ودلوقتي اللي يهمني إنك تقوم بالسلامة.


كان جواد يطالعه باستفسار لماذا هو طيب لتلك الدرجة؟ ألن يسأله عن سبب وجوده أمام فيلته؟ ألن يسأله عن ماحدث؟ ولكن استفاق على صوته..


- مش عايزك تفكر كتير، كل اللي انت محتاجه دلوقتي هي الراحة التامة.


أعاده بهجت ينام على الفراش مرة أخرى ثم جلس على كرسيه الذي كان بجانب الفراش مرة أخرى ورفع سماعه الهاتف الخاص بالغرفة وتحدث مع أحدهم..


- المريض فاق ممكن تيجو تطمنوني على صحته؟


همهم ثم أغلق الهاتف ثم تقابلت عينيه مع جواد الذي يطالعه بهدوء وتعجب في آنٍ واحد، ولكن بهجت ابتسم له ابتسامة مطمئنة وربت على يده بحنان أبوي وتساءل:


- إسمك إيه بقا؟


صمت جواد قليلًا ولكنه أردف قائلا:


- جواد.


بهجت بابتسامة:


- اسم جميل، وأنا بقا إسمي بهجت تقدر تعتبرني زي والدك بالظبط.


طالعه جواد بتأثُّر وكاد أن يتحدث، دخل فريق طبي للغرفة ليطمئن على صحته .. وبعد أن انتهوا وطمأنوا بهجت على حالته ظل جواد صامتًا ولكنه تحدث بشرود:


- كانوا عايزين يقتلوك، الشاب كان بيصوب على قلبك مش أي مكان تاني.


بهجت بتعجب:


- هما مين؟َ!! أنا مليش أعداء أنا دايمًا في حالي.


نظر إليه جواد ثم أردف:


- ممكن ده يكون اللي مضايقهم منك .. إنك في حالك.


ظل بهجت صامتًا يُطالعه ثم أردف:


- بص أنا مش هسألك على أي حاجة ولا هقول إيه اللي جابك عندي لإني واثق إن ربنا سيحانه وتعالى بعتك ليا في الوقت المناسب ولولاك كان زمان بنتي يتيمة.


- ربنا يباركلك فيها.


- يا رب، دلوقتي كل اللي محتاج أعرفه منك الشخص اللي حرَّض على قتلي عشان أقدر أوصل ليه وأقدم فيه بلاغ.


قهقه جواد بإرهاق ثم أردف:


- انت طيب أوي يا أستاذ بهجت، بلاغ إيه بس؟ إللي يعمل كده بيبقى شخص واصل أوي.


أردف بهجت بهدوء:


- طول ما ربنا معايا أنا مش هخاف من حد أبدًا.


تعجب جواد من ثقته الزائدة تلك من أين أتى بها؟؟ ولكنه استفاق على صوته:


- متخافش يا جواد أنا معاك، وزي ماقولتلك اعتبرني زي والدك ومن النهاردة إنت دراعي الليمين .. قُولِّي بس إنت على المكان ومتقلقش أنا هتصرف.


تنهد جواد بعمق يفكر هل يُخبره بمكان أمين؟ هل من الممكن أن يضره؟ أسئلة كثيرة هاجمت عقله في تلك اللحظة لأن كل خطوة سوف يُقدِم عليها تُعبِّرُ عن تغييرٍ كبيرٍ في حياته وذلك بالطبع ماعاشه منذ الصغر كان يعيش في جحيم وكان يتنقلُ دائمًا من جحيم إلى جحيمٍ آخر، ماذا سيفرق إذًا وهو لم يرى يومًا هنيئًا بحياته؟؟ أغمض عينيه بهدوء ثم أخبر بهجت بعنوان أمين الشخصُ الهارب من العدالة والذي قام بخطف الكثير من الأطفال ويحرض على القتل وتجارة المخدرات وأيضًا تجارة الأعضاء!


.........................................................


مرت الأيام وكان جواد يستعيد صحته أولاً بأول أثناء مكوثه بالمشفى وكان يتابع خبر إلقاء القبض على الشخص الذي يُدعى أمين وأعوانه ومن خلالهم وصلوا لعدد كبير من رجال الأعمال الفاسدين والذين تم إلقاءالقبض عليهم .. تنهد تنهيدة عميقة تدُّل على كم الألم والأذى النفسي الذي عان منه بسبب ذلك الرجل! .. انتبه على صوت طرقات على باب الغرفة .. أغلق التلفاز ونظر لباب الغرفة الذي دخل منه بهجت بابتسامة كبيرة ولكنه لم يكن وحده بل كانت بجانبه ابنته الصغيرة التي شردَ بها جواد للمرة الثانية ..


- أحب أعرفك بشمس بنتي اللي مليش غيرها، وده بقا ياشمس أبيه جواد هيبقى معانا من النهاردة..


ابتسمت له ببراءة لم يدري لما رقَّ قلبه لابتسامتها تلك ومدت يدها الصغيرة له تصافحه .. حاوط كفها يدها الصغيرة بكف يده الكبير..


- ألف سلامة عليك يا أبيه يا رب تقوملنا بالسلامة في أقرب وقت.


كان جواد متعجبًا لقولها تلك الكلمة له حتى تعجب أنها صدرت من بهجت أيضًا ..


بهجت باستفسار:


- مالك مستغرب كده ليه؟


أردف جواد بانزعاجِ بعض الشيء:


- دي بتقولي يا أبيه!


قهقه بهجت ثم أردف:


- لازم عشان احترام السن .. شمس عندها عشر سنين يا جواد.


كانت ملامحه تبدو عليها الإنزعاج خيبة الأمل لأنه كان يظنها أكبر قليلًا، مرت الأيام وخرج جواد من المشفى وتم إنشاء أوراقٍ رسمية بلقبٍ وهميَّ بمساعدة السيد بهجت الذي اشترى له شقة لكي يبدأ فيها حياته ومن هنا بدأ جواد حياته كشخصٍ مستقل يعمل في تجارته السرية وأيضًا يقوم بتعويض مافاته في التعليم وأيضًا يُساعد السيد بهجت في بعض أعماله ويستمر بزيارتهم في الفيلا باستمرار ثم القصر أيضًا وذلك بعدما انتقلوا إليه وقام جواد بشراء تلك الفيلا، ولكنه كان جاف المعاملة قليلًا مع شمس وخاصة عندما أصبحت مراهقة؛ فقد كان كثير التحكم بها دون أن تدري ما السبب لفعله ذلك وزاد الأمر عن حده حينما دخلت الجامعة.


.....................................................


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


في الوقت الحالي:


كان يطالعها بهدوء وهي تستمع لقصة حياته .. كانت تشعر بالانزعاج بسبب ماعاشه وأيضًا أثناء سرده لها كل ماحدث كانت تبكي .. تنهدت وطالعته بهدوء:


- أكمِل لماذا توقفت؟ أين أبي الآن؟ ألستُ أنا شمس صحيح؟ كيف تزوجنا؟ هيا أخبِرني.


روى لها كل شيء وهو طلبه لها بالزواج سرًا من أبيها دون أن تدري .. أخبرها عن تمردها وأنها تزوجت شابًا آخر رُغمًا عن أبيها .. أخبرها بكل شيء .... كانت تبكي .. إنها يتيمة! توفى والدها وجواد كان هو عائلتها الوحيدة، ثم إنها تشعر أنها كانت أنانية كثيرًا في حق نفسها وفي حقه .. ثم هل بعد كل ما رآه منها مازال يُحبها؟! لمَ تزوجها؟


- لماذا تزوجتني؟


ذلك ما أردفت به دون وعي .. تعجب من سؤالها ذلك .. من المفترض أنها قد التمست حبه ومشاعره نحوها عندما روى لها ماحدث في الماضي وحتى عندما قابلها، كاد أن يتحدث ولكنها استأنفت بعقلانية كأنها تسأل نفسها:


- فتاة بذلك الغرور والعجرفة كيف لك أن تظل تُحِبَها حتى بعدما رأيته منها؟


- لم تكوني في وعيك، ثم إنكِ كنتِ بحاجة إليَّ دائمًا دون أن تقولِي.


- لماذا بقيت بجانبي؟ لو كان أحدًا غيرك حدث له ذلك لدعس قلبه ورَحل.


صمت جواد قليلًا يحاول البحث عن إجابة هل يُخبرها بكل شيء؟


- جواد أنتَ تُخفي عني شيئًا على الرغم من أنني كنت أريدُ منك الصِدق فقط.


تنهد بعمقٍ ثم أردف يُلقي ما بجعبته:


- إن فيليب يكون والدي الحقيقي.


صُعِقَت عندما أخبرها بالحقيقة ..


- أتمزح!


- أنا لا أمزح في أشياءٍ كتلك مطلقًا وإجابتي على سؤالك، لماذا ما زلت متمسكًا بكِ على الرغم من أنني رأيت بكِ كل ذلك، هو أنكِ تُذكرينني بوالدتي، التي كانت عائلتي الوحيدة وذلك لا يُنفي تمامًا سببي الرئيسي وهو حبي لكِ.


أردفت بتشتت:


- كيف؟ هل زوجة عمي الراحلة هي والدتُكَ أنت؟! لا أستطيع أن أصدق، لقد توفت بعد أشهرٍ بسيطة من زواجهما.


أردف جواد بصعوبة:


- لا صوفيا، إن أمي مازالت على قيدِ الحياة.


- يا الله! كيف؟!! وعمي؟؟ إنه حزينٌ كثيرًا على فقدانها، كيف تفعل به ذلك جواد!!


دمعت عينيها وهي تتذكر حزن فيليب الذي ينظر بشكل دائم إلى صورة زوجته والذي ظل مُخلصًا طوال حياته .. لقد عاش على ذكرى أشهرٍ بسيطة لمدة عُمرٍ كامل.


- لذلك أخبرك بهذا الآن.


طالعته باستفسار ولكنه استأنف حديثه:


- أنا أريد مساعدتك صوفيا.


أخبرها بما وصل إليه حديثًا وهو معرفته بأن فيليب والده ومحاولاته الكثيرة في استرجاعه لوالدته ولكنها كانت تختفي ..


- أريدُ أن أصل بأي ثمنٍ إلى ذلك الحقير والذي كان سببًا في إختطافكِ مني أيضًا، تلك الرسالة لن أنساها لقد أخذكما سويًا في آنٍ واحدٍ صوفيا.


ظلت تطالعه بهدوء ثم أردفت باستيعاب:


- جواد! لقد نسيتُ أن أخبرك بشيءٍ من الممكن أن يكون هامًا بالنسبة إليك.


تساءل بحيرة:


- ماهو؟


- هناك سيدةٌ ما قد ساعدتني بالهرب من المكان الذي كنتُ محتجزةٌ به.


نبض قلبُ جواد بقوة على أملٍ أنها من الممكن أن تكون والدته وأردف بلهفة:


- حاولي أن تتذكري جيدًا كيف كانت تبدو .. أرجوكِ صوفيا.


حاولت أن تتذكر السيدة جيدًأ ثم أردفت:


- ذات بشرة بيضاء شاحبة وشعر أسودٍ طويلٍ لكن به بعض الشعيرات البيضاء جسدُها ضعيفًا للغاية ..


صمتت قليلًا تحاول أن تتذكر شيًئًا آخر ولكنها استأنقت باعتذار:


- أعتذر ذلك كل ما أتذكره.


دمعت عينا جواد وهو يسمع عن والدته ثم قام بفتح هاتفه وأتى بصورةٍ قديمة لوالدته قد قام بتصويرها خِلسة عندما كان يقوم بزيارة جدته وأردف بصعوبة:


- هل هذه هي؟


أخدت منه الهاتف لترى صورةً لشابةٍ في بداية العشرينات وحاولت أن تُقارنها بمظهر وهيئة السيدة في الوقت الحالي وجدت أنهما متطابقان لولا عوامل الزمن على السيدة الأخرى.


- أجل إنها هي جواد.


حاول أن يتحكم في عبراته ولكنه لم يستطع، استقامت صوفيا من مقعدها فور أن رأت انهياره واقتربت منه:


- هل أنتَ بخير؟


هز رأسه نافيًا قامت بضمه بقوة تُربِت على ذراعه بحنان وبعد عدة ثوانٍ ابتعد عنها بهدوء وهو يأخذ نفسًا عميقًا ثم أردف بخشونة:


- يجب أن نذهب.


- لماذا؟


نظر حوله ثم أردف:


- لقد حلَّ الصباحُ صوفيا، ويجب أن تنامي.


استوعبت أنهما لم يشعرا بمرور الوقت .. هزت رأسها وأخذت حقيبتها وأمسك بيدها يخرجان من المطعم.


وقف بسيارته أمام قصر فيليب وقبل أن تخرج من السيارة أمسك جواد بيدها مردفًا بهدوء:


- صوفيا.


التفت إليه تًطالعه:


- كل ما أخبرتكِ به اليوم هو سرٌ بيننا، لا يجب أن يعلم فيليب أنني ابنه أو أن زوجته حيّة على الأقل الآن.


- لماذا؟


- لا أريد أن يؤلمه قلبه مرة أُخرى عليها، يكفي ماعاشه طوال تلك السنوات .. علمه أنها ميتة أهونُ عليه من علمه أنها مُختَطَفة طوال تلك الفترة ولا يستطيع إيجادها.


صمتت قليلًا ثم أردفت:


- حسنًا، ماذا ستفعل الآن؟


- سأتركها لله، لا تقلقي لقد اقتربت على إيجاد أمي.


تحدث بآخر كلمة بابتسامة لطيفة ..


- أتعلم أنني أثق بك، صحيح؟؟


- أجَل أعلم.


كانا يُطالعان بعضهما وهما بالسيارة ثم قام بتقبيل يدها وأردف بحب:


- أنا سعيدٌ كثيرًا لأنكِ بجانبِي حبيبتي، كلها أيامًا قليلة وستعود إليكِ ذاكرتكِ أنا على يقينٍ بذلك.


طالعته في عمقِ عينيه وأردفت بتأثر:


- أتمنى ذلك كثيرًا، لأنني أريد أن أتذكر كل ما بيننا جواد، لا يكفيني أن تُخبرني عما مضى.


- لا تقلقي.


نزلا من السيارة ثم دخلا للقصر وهما يُمسِكان بيد بعضهما ويبتسمان بتفاؤل وصعدا على أدراج القصر وظلا يسيران في ممر الغرف حتى توقفا أمام غرفتها .. استندت بجسدها على الباب وهو كان يقف أمامها يطالعان بعضهما ..


- أتمنى أن تكوني قد سعدتِ برفقتي اليوم.


- بل أنا من أتمنى ذلك جواد.


أمسك بوجهها بين يديه ثم أردف:


- ومن ذاك الذي لا يسعد ببقاءه بجانبكِ شمس؟


رقَّ قلبها عندما ناداها بذلك الإسم وأردفت بتأثر:


- ذلك الإسم له إيقاعٌ مُختلف عليّ عندما تُناديِني به، يجعل قلبي يدُقُّ الطبول.


- مُجرد إسمٌ يفعل بكِ ذلك، فما بالك بصاحبة الإسم ألم تتساءلي عن ماتفعله بي؟


ارتبكت وشعرت بالخجل من حديثه ذلك أخذ جواد نفسًا عميقًا يحاول أن يقوم بتغيير الموضوع:


- أريدُ أن أطلُبَ منكِ شيئًا.


- ما هو؟


- تعلمي المصرية، أريد أن نتحدث بها .. أشعر أنني في غربةٍ طالما أتحدثُ بلغةٍ غيرها.


أردفت بابتسامة:


- حسنًا سأتعلمها.


التمس ذقنها يُمرر اصبعه على شفتيها برفق ثم أردف:


- هناكَ بعض اللحظات التي كنت أتمنى أن نعيشها أنا وأنتِ سويًا وسيكون لها وقعها الخاص على قلبينا لذا..


قام بتقبيل مقدمة رأسها واستأنف:


- سأنتظر عودة ذاكرتكِ لكي نعيش تلك اللحظات سويًا لأول مرة.


إحمر خدَّيها ووضع مقدمة رأسه على خاصتها وأردف بصوتٍ مُنخفض:


- تُصبِحين على خير، شمسي.


ابتعد عنها وذهب لغرفته؛ أما هي فقد كانت تشعر أنها كالمُغيبة ولكنها استفاقت عندما دخل غرفته ودخلت غرفتها أيضًا وهي تلتمس خديها وابتسمت بسعادة وأخيرًا وجدت عائلتها والتي تتمثل في جواد.


.......................................


في اليوم الذي يلية وهو يوم الاجتماع، كان جواد يرتدي حُلته السوداء المتناسقة على جسدة بشكلٍ مثالي ويستند بجذعه على مكتب فيليب الذي يُطالِعَهُ بهدوء أما بالنسبة لأندريه فكان لا يهتم فهو اجتماعٌ وسينتهي.


جواد بضيق:


- لماذا إجتماعٌ كهذا سيُقامُ هنا؟


أردف فيليب بلامبالاة:


- وماذا لدي لأخسره؟ ثم إن لأ أحد يجرؤ على فعل أي شيء لأي أحد يخُصُّني، لا تقلق.


طالعه جواد بضيق، بداخله الكثير من الدلائل التي تنفي كلام فيليب ولكنه فضَّل الصمت.


انتبه الثلاثة على دخول أحد رجال فيليب يُخبرهم بأن الضيوف قد أتوا، استقام فيليب ويعقبه أندريه واعتدل جواد وتبعهما ليدخل قاعة الإجتماعات الضخمة والتي كان يجلس بها العديد من الرجال والنساء الذين يبدو عليهم الإجرام والثراءِ الفاحِش وعلى جسدهم الكثير من الوشوم! فهم زعماء مافيا بالطبع.


وقف الجميع إحترامًا لفيليب الذي دخل القاعة بحٌلته الأنيقة وكانت سوداء بالكامل حتى القميص الذي يرتديه بالكامل والذي زاد جاذبيته شعره الكيرلي المتوسط الطول ذو اللونِ الأبيض المُختلط بالأسود وبجانبه أخيه أندريه ذو الشعر البُنيَّ القصير ويرتدي حُلةً بنيةَّ اللون وقميصًا أزرق وبنطالاً بُنيِّ مصنوع من القُماش، أشار فيليب لهم بالجلوس ثم جلسوا وجلس جواد بجانب فيليب على جانبه الأيمن وأندريه كان على جانبه الأيسر.


تحدث فيليب بابتسامة:


- أهلا بكم أعزائي زُعماء المافيا العالمية، سعيدٌ كثيرًا باجتماعنا الضخم هذا وأتمنى ألا يكون آخر إجتماع فلدينا كثير من الأعمال لفعلها سويًا .. وقبل أن نبدأ إجتماعنا المهم ذاك أريدُ أن أعرفكم بشابٍ ساعد المافيا الروسية بشكل كبيرٍ في الآونة الأخيرة وسيكون له دورٌ كبيرٌ أيضًا في الفترة القادمة .. السيد جواد من مِصر أرجوكم رحبوا به.


رحب به جميع الزعماء الموجودين بالقاعة وكان من ضمنهم ماتيوس الذي يتحكم بغضبه بقوة وهو يُطالِعُ جواد الجالس بجانب فيليب، ولكن بَهُتَت ملامحه عندما تقابلت نظراته مع جواد الذي يُطالعه بهدوء.


.....................


"وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"


 [آل عمران:97]


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الخامس والعشرون


كانا يطالعان بعضهما لعدة ثوانٍ فقط ولكن ماتيوس شعر أنها دقائق! تنهد بارتياح عندما ابتعد جواد بعينيه عنه حيث أنه كان يُطالع جميع الموجودين بالقاعة، وتحدث فيليب:


- هذا الإجتماع قمت به لأن هناك الكثير من الخطط التي شغلتني في الآونة الأخيرة والتي أريدُ تنفيذها بالطبع ومن مشتملاتها مهمة قويةٌ جدًا، ولن أستطيع تنفيذ تلك المهمة دون استشارتكم أعزائي.


تساءل أحدهم:


- ماهي؟


ابتسم فيليب وأردف:


- ذهب!.


طالعه الجميع بهدوء، ولكن فيليب استأنف:


- سنسرق ذهبًا يخص مجموعة دول في وقتٍ واحد.


تعجب جواد من حديثه وكان يريد أن يعترض ولكنه فضَّل أن يصمت حتى النهاية.


- كيف ذلك يا زعيم؟


ابتسم فيليب وأجاب:


الآن في روسيا وأثناء حديثنا ذلك، الأمن القومي يقوم بغلق أبواب خزائنه على أطنانٍ من الذهب لا حصرَ لها..


صمت قليلًا يراقب ملامحهم الهادئة ثم استأنف:


- والتي سنقوم بسرقتها.


صمت الجميع يطالعونه بذهول ومتعجبون لما يقولون .. سيسرقون ذهبًا وليس من أي أحد! بل من الأمن القومي!!


- ولكن يا زعيم؟ كيف سنفعلها؟


ابتسم فيليب بابتسامة هادئة ثم أردف:


- لا تقلقوا كلابنا داخل الشرطة كُثُر، ولكن أنا لدي مشكلة.


تلك المرة تساءل ماتيوس:


- ماهي؟


تقابلت عينيه مع خاصتي فيليب الذي تحدث بهدوء:


- لدينا الخطة .. لدينا التنفيذ ... الفريق الذي سيقوم بتلك الخطة سيكون شخص من كل دولةٍ في تلك القاعة وذلك الآن لا يهمني ... بل يهمني هو الهرَب؟؟ كيف سنهرب بالذهب إذا تم اكتشافنا؟؟


في تلك اللحظة حبس الجميع أنفاسهم ينتظرونه يكمل حديثه، أردف فيليب بهدوء:


- عندي فكرة أظن أنها بدائيةٌ قليلًا ولكنها ستكون مثمرة .. وقت الهرب سنحتاج خطة بديلة ... أو بالأحرى تمويه وذلك لكي نستطيع أن نهرب، نريدُ عدة أشخاص يقومون بالتضحية لأجل المافيا العالمية وستأخذ عائلاتهم الكثير من الأموال وذلك في حالة القبض عليهم.


عقد جواد حاجبيه بضيق من التقزز الذي يحصل أمامه كيف يعتبرون كل ذلك عادي وطبيعي؟ أغمض عينيه بضيق من تفكيره ذاك! .. ظل من بالغرفة يتشاورون في تلك الخطة حتى أعطوه الموافقة.


أردف فيليب بابتسامة شريرة:


- إذا مرحبًا بكم في أقوى سرقة على مر التاريخ!


هز جواد رأسه بيأس بسبب مايحدث ولكنه انتبه على تحدث فيليب...


- ولكن لن تتم تلك السرقة بشكل جيد إذا لم يكن قائدها قوي! لذا قمت باختيار قائد الفريق من الآن والذي سيكون السيد جواد بالطبع!.


التفت للجميع يُطالعون جواد الذي صُدِمَ من حديث فيليب ويطالعه بذهول! ولا يستوعب مايحدث! حتى أنه شعر أنه لا يستطيع التحدث إنه في موقف لا يُحسَد عليه هل يعيى والده مايفعله به؟؟ إنه يرميه بين النيران، أردف فيليب بهدوء:


- إذا كان لدى أحدٌ أي إعتراض فليخبرني؟


لم يتحدث أحد ولكن ماتيوس كان يبتسم فقط.


- إذَا لقد انتهى الإجتماع أعزائي، سأنتظر منكم الأعضاء الذين سينضمون للفريق وأخبروني بالجديد خلال الأيام القادمة!


انتهى الإجتماع ورحل الجميع ولم يتبقى سوى ماتيوس الذي ظل جالسًا يُطالع فيليب وجواد بهدوء ..


أردف فيليب باستفسار:


"إلى ماذا تنظر ماتيوس؟"


أردف ماتيوس بابتسامة:


- لا أظن أن تلك المهمة ستنجح، لا أصدق كيف فكرت بشيء كهذا هل فكرة في حجم المخاطرة التي من الممكن التعرض لها؟


فيليب بهدوء:


- لا يوجد لك أي حق في الإعتراض ماتيوس لأنه بمجرد نهاية الإجتماع فلن أستمع لأي أحد.


أردف ماتيوس بشفقه:


- أشفق عليك كثيرًا فيليب، فمن يراك الآن ويقارنك بالماضي لن يصدق أحدٌ ماتفعله.


كاد فيليب أن يرد عليه ولكن تحدث أندريه بدلًا عنه:


- ماتيوس لا حاجة لنا بالحديث عن الماضي؛ فما مر قد مر، نحن الآن نريد أن نُنجز أعمالنا قدر المستطاع وبأقل الخسائر.


كانوا يتحدثون ولكن جواد كان يطالع ماتيوس بهدوء يتفرس ملامحه ثم حرك رأسه لليمين محاولًا التركيز على شيءٍ ما وذلك عندما قام ماتيوس بضبط ياقة قيمصه بيده اليسرى تلك الشامة الموجودة في كفه! لقد رآها في ذلك اليوم!


عودة لأحداث حفل المافيا الروسية:


كان جواد يدخل القاعة مُرتديًا قناعه الأسود، يمشي بين الحشود الموجودين ذوي الهويات المجهولة بسبب أقنعتهم .. ولكنه يعلم هوية واحدة في تلك القاعة على الرغم من محاولة تخفيه بشكل جيد لكن لا سيعرفه من بين ملايين لأنه قد قصد فعل ذلك به حتى يصل إلى ما يريد في ذلك اليوم بالتحديد ولكي يراقبه جيدًا ليعلم مع من يعمل! .. ذو القدمين العرجاء وصاحب اليد اليُمنى المقطوع أصابعها *ساجد* .. كان يقف وسط القاعة يتحدث مع أحد الرجال والذي يبدو عليه أنه مهم نظرا لوجود بعض الرجال المقنعين حوله ذلك الرجل كان يوجد على يده اليُسرَى شامة! ظل يراقبهم دون أن ينتبهوا له وذلك لأنهم لن يعلموا هويته اسفل ذلك القناع.


********


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


عودة للحاضر:


أردف ماتيوس بهدوء:


- لا أندريه أنا أرفض حديثك ذلك، كيف يمكن أن ينساني صديقي وتريد مني ان أتعامل معه كأني لا أعرفه! .. لقد باعني صديقي ولم يسمح لي بأن أقف بجانبه، في أصعب أوقاته و ....


أردف فيليب بهدوء:


- في عالمنا ماتيوس يجب نقطع أيدينا لكي لا تكون عونًا لأعداءنا ضدنا يومًا ما .. أنا ليس لدي أصدقاء .. عملنا هو من يجمعنا سويًا، ومايجعلني لا أقتلك بسبب تعليقاتِك وتغطرسك هو أن أيامنا تلك تغفر لك، ووجودك بجانبي غفرَ لك، لكنني أكرر حديثي لا صداقة ولا أبوه ولا أخوةٌ أيضًا في عالمنا، هذا هو قانوننا وإذا أردت الإنسحاب منه فمبارك لك مقدمًا.


حمحم ماتيوس ثم أردف:


- لم أقصد ذلك و..."


تدخل أندريه وأردف بهدوء:


- لا نريد حديثًا إضافيًا .. لقد شرفَنَا وجودك لذلك الوقتُ القصير عزيزنا ماتيوس.


حمحم ماتيوس ثم استقام من مقعده وخرج من القاعة تحت أعين جواد الذي يراقبه بعينيه بحِرص وجُملة واحدة تتردد بداخله..


"أقربُ شخصٍ لك هو المشتبه الأول به"


وكل الأدلة تُشير إلى تورط ماتيوس، بعد خروجه من القاعة ظل جواد جالسًا مكانه بجانب فيليب وأيضًا أندريه بقي معهم.


- إزاي تاخد قرار يخصني من غير ماترجعلي؟


ذلك ماقاله جواد وهو يحاول كتم غضبه من فعلة فيليب والذي أردف ببرود دون أن ينظر إليه:


- لازم تعرف إنك من ساعة مبقيت من ضمن أفراد المافيا الروسية ليا الحق في إني أوجهلك مهام بدون إذنك .. إعتبر نفسك موظف في شركة وأنا بديلك تاسك عشان تنفذه، وأنا متوقع منك أعلى آداء.


أردف جواد بغضب:


- اللي إنت بتتكلم فيه حاجة والواقع اللي إنت بتفرضه عليا ده حاجة تانية!، إنت عايزني أسرق!!


- أنا مقولتش إنك هتسرق .. أنا قولت إنك قائد الفريق! ده غير إنك إنت اللي هتحرس نصيبي من الذهب.


حاول جواد كبت غيظه وإنفجاره ثم استغفر الله وأردف بهدوء مصطنع:


- تمام .. بس ده اشتراك في سرقة.


- إخلي مسئوليتك .. حاول تراقبهم من بعيد وتساعد على نجاح المهمة وتحافظ على نصيبي مش أكتر.


ذلك ماتحدث به فيليب بلامبالاة .. نفخ جواد بضيق ثم خرج من القاعة .. ظل فيليب صامتًا ويجلس أندريه بجانبه يطالعه في صمتٍ تام! ..


- أنا متنازل عن حصتي في الذهب أندريه وسأسامح في أي تلفيات من الممكن أن تحدث في نهاية المهمة!


..................................................


بمرور الوقت:


كانت آسيا تجلس بفراشها تنظر أمامها بشرود فهي دائمًا هكذا في كل الأوقات كل ماتفعله تفكر بإبنها وزوجها أيضًا .. انتبهت على دخول ماتيوس للغرفة واعتدلت بسرعة تحبس أنفاسها وتحاول التحكم في اشمئزازها وخوفها منه في آنٍ واحد.


- مرحبًا عزيزتي.


لم تُجِبه واقترب يستنشق رائحة شعرها وأغمضت عينيها باشمئزاز وجلس أمامها .. قام بتشغيل هاتفه على تسجيل صوتي وأول ماسمعته هو صوت فيليب الذي دقَّ قلبها بشدة عندما سمعته:


- سنسرق ذهبًا يخص مجموعة دول في وقتٍ واحد.


ظلت تستمع إلى مخطط سير الخطط عبر التسجيل الصوتي وانتبهت إلى الجملة التالية..


- ولكن لن تتم تلك السرقة بشكل جيد إذا لم يكن قائدها قوي! لذا قمت باختيار قائد الفريق من الآن والذي سيكون السيد جواد بالطبع!.


طالعت آسيا ماتيوس بتعجب مما تسمع! وأردفت:


- ماذا؟ هل يقصِد جواد؟ بُنَيّ؟


- أجل كما سمعتي عزيزتي .. يبدو أن السيد فيليب يريد قَتْلَ ثمرة حبكما.


طالعته بعدم استيعاب ثم أردفت:


- أنت تكذب.


- لا تلك المرة لا أكذب آسيا، لقد جُنَّ فيليب كثيرًا في الآونة الأخيرة .. أو بمعنى آخر جنَّ عندما توفيتي، لقد نسي نفسه.


- ألم تسأل نفسك من يكونُ السبب؟


أردف بابتسامة كبيرة:


- أنا بالطبع ولي الفخر في ذلك .. أنتِ لا تعلمين كم أكرهه كثيرًا .. كم أتوق لمنصبه ذلك.. ولكن صبرًا سأنال كل شيء وذلك عندما يقوم فيليب بقتل إبنه لن يقف أحدٌ أمامي وقتها.


ثم ضحك .. ضحك كثيرًا .. واعتدل وخرج من الغرفة وتركها تبكي بسبب ماسمعته من فيليب! ..


- جواد حبيبي.


عادت بذكرياتها ليوم عقد قران جواد.


كانت تجلس بكرسي هزازٍ في الغرفة التي تبقى بها في فيلا في مصر وتقوم بضم دُمية طفلها بقوة؛ فمنذ أن أتت وذلك الشخص الذي أتى بها يقوم بوعدها دائمًا أنها ستقابل ابنها جواد ولكنه لا يأتي به هو فقط يأتي لزيارتها ليطمئن عليها .. انتبهت على دخول خادمتين للغرفة ويبدو أنهما جنسيتها ليست مصرية وتلك كانت أول مرة تراهما يبدو أنهن بدأن عملهن هنا حديثًا .. كانا يتحدثان باللغة الإنجليزية أمامها ..


- إن عقد قران السيد جواد اليوم، لا أصدق أن ذلك اليوم قد أتى.


تحدث الأخرى بابتسامة:


- أنا سعيدة حقًا لأجله لطالما كان السيد جواد جيدًا مع الجميع إنه يستحق الأفضل دائمًا.


- مهلا!


ذلك ما تحدثت به آسيا لتقاطعه حديثهما ..


- ماذا تقولون؟ فرح من؟


- فرح السيد جواد سيدتي.


أردفت بتعجب وعدم فهم:


- كيف سيتزوج بُني وهو لا يزال طفلًا صغيرًا؟


تعجبت الفتاتان من قولها ذلك ولكن أردفت إحداهن:


- سيدتي إننا نتحدث عن السيد جواد والتي تكون صورته في ذلك الإطار الزجاجي.


التفتت تُطالع ذلك الإطار المُعلق على الحائط .. تُطالع هيئته .. تُطالع كل شيئٍ به وهنا تذكرت استفاقت سيا من صدمتها .. حيث أن ذكرياتها كلها كانت متعلقة فقط بوعدها أنهما سيتقابلان لا شيء فقط غير ذلك .. كان لقائها طفلها هو أملها الوحيد في الحياة! .. تذكرت! تذكرت كل شيء!! استقامت آسيا بإرهاق وسارت بخطىً هادئة وهي تحاول أن تتعكز على أي شيءٍ بجانبها .. يا الله! إنها حقًا أمًا سيئة جدًا! كيف لم تنتبه للتشابه الكبير بينه وبين فيليب زوجها المتوفي ... كيف؟! كادت أن تقع ولكن أسندتها الفتاة التي كانت قريبة منها وأجلستها بهدوء على كرسيها المتحرك ..


- إنتبهي سيدتي.


كانت ترتجف وتبكي بقهر وهي تضم دميته بقوة وكل ماتقوله ..


- جواد حبيبي .. إزاي ماشمتش ريحتك اللي فضلت حافظاها سنين؟! إزاي ماحستش بيك!! إزاي كنت عامية لما أنت كنت قدامي الوقت ده كله!!


ظلت تبكي بقهرٍ على إهمالها في حقه وأنها حُرِمَت من أفضل اللحظات التي ممكن أن تعيشها بجانبه! فعلى الرغم من ظروفها القهرية إلا أنها ترى دائمًا أنها أمًا سيئة!


......................................................................




تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع