رواية ثأر الشيطان الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية ثأر الشيطان الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات
بسم الله الرحمن الرحيم
يلا نتوكل على الله ماتنسوش اللايك قبل القراءة كنتم واحشيني جدا
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
الفصل الأول
"طائر يطير بجناحيه القويان بحرية دون قيود، ولكن ضَعُفَت وهلكت تلك الأجنحة من كثرة طيرانه حتى أصبح بلا فائدة."
ظلام .. مكان يملؤه الظلام على الرغم من وصول ضوء النهار لنوافذه ولكن ذلك أمر طبيعي بالنسبة للسجون .. سجون مظلمة بداخلها مجرمين بعضهم يملك قلبه ظلام دامس والبعض الآخر لم يلمسه الظلام حتى.
كان السجناء يتحركون في صفٍ واحدٍ يتجهون صوب قاعة الطعام كالآلة التي تتحرك دون مشاعر ولكن مايشغل كل سجين منهم هو مايملكه خارج هذا السجن؛ فهناك من ترك عائلته وأطفاله وضحى بنفسه لأجلهم بسبب ضيق الديون، وهناك من سرق، وهناك من قتل و أيضًا هناك من سُجِنَ ظلمًا لإختلاف الأسباب .. ولكن غير كل ذلك كان هناك شيطان قوي مختبئٌ في عرينه، لا يعلم أحدٌ سبب بقاءه في ذلك السجن حتى اليوم.
في غرفة مظلمة ينبعث من نافذتها نور الصباح كان الصوت المسموع بها أصوات أنفاسه الثقيلة، كان يقوم بعمل تمارينه الصباحية القاسية، تمارين تُبرز عضلاته القوية بشدة .. من يراه يتمرن هكذا يعتقد أنه يقوم بتعذيب نفسه، ولكنه مُعتاد على ذلك إنتهى من تمارينه ثم إعتدل وأخذ ثيابه النظيفه وإتجه صوب المرحاض ليستحم ليزيل عن نفسه عناء مافعله بجسده .. قام بتشغيل المياة وإنسابت على جسده بالكامل .. وبعد أن إنتهى إرتدى ثيابه ثم خرج من المرحاض متجهًا نحو مائدة الطعام .. كان هناك شابًا يتحرك بشرود ولم ينتبه للشخص الذي بجانبه والذي إصطدم به بقوة ..
- مش تِفَتَّح يا أعمى؟؟
أردف السجين بغضب ..
- أنا آسف جدًا مانتبهتش.
إقترب منه السجين ولم يقبل إعتذاره وقام بلكمه بقوة وكاد أن يلكمه مرة أخرى ولكن أوقفته يد الشيطان الذي أردف بهدوء.
- ماتمدش إيدك على حد هنا طول مأنا موجود.
- هتعمل إيه يعني؟؟ خوفت أنا.
أردف السجين بسخرية .. أما بالنسبة للشاب فقد أردف بخوف من ذلك السجين ..
- جواد بيه إبعد عنه ده هيأذيك.
إبتسم جواد نصف إبتسامة وهو يرى ذلك السجين قد إتسعت إبتسامته أكثر.
- إسمع كلام الكتكوت الصغير وبطل لعب مع الكبار.
كاد أن يضع السجين يده على ذراع جواد ولكنه أمسكها بقوة وقام بثنيها خلف ظهره في نية منه لكسرها .. شعر الرجل بألم شديد .. وأردف جواد بهدوء مبالغ فيه.
- بكرر كلامي مرة تانية، ماتمدش إيدك على حد طول مأنا موجود.
ثم دفعه على سجينٍ آخر بقوة، وإبتعد ليجلس على مائدة الطعام بجوار ذلك الشاب الذي لُكِمَ منذ قليل.
- شكرًا لحضرتك، أنا آسف إني دخلتك في مشاكلي.
ربت جواد على كتفه بهدوء دون أن يتفوه بكلمة ثم شرع يتناول طعامه، كان السجناء حوله إما بعضهم صامت أو آخرون يضحكون ويدردشون، وأثناء تناوله للطعام شعر بخطوات سريعة خلفة، نظر لصورة معكوسه على الصحن الذي بجانبه وبحركة سريعة منه رفع ذارعه يمسك بها يد الشخص الذي كان يقترب نحوه من الخلف ممسكًا سكينًا كان ينوي بها أن ينهي حياته .. إلتفت للشخص الذي كان يحاول أن يقتله للتو كان ذلك السجين الذي لكم الشاب، حرك جواد رأسه يمينا ويسارًا وقام بخلع ذراعه الذي يحمل السكين، صرخ السجين بألم ولم يكتفِ بذلك بل كسر أصابعه التي تُمسك بالسكين، تألم السجين وكان يحاول أن يبتعد عن ذلك الشيطان ولكن هيهات قام جواد بأخذ السكين من يده ثم غرسها بقدمه بقوة صرخ الرجل بألم شديد أمام أعين كل السجناء ولكن لم يفعل أحدٌ شئ بل كانوا يشاهدون مايحدث في صمت، ثم ضرب وجهه بالطاولة التي أمامه مما جعل السجين يفقد وعيه وضع السجين على كرسي ودفس وجهه بصحن ممتلئ بالطعام ثم عاد يجلس مرة أخرى ليكمل طعامه بهدوء وأيضًا عاد السجناء لإكمال تناولهم للطعام و بعد أن انتهى من تناول طعامه عاد لزنزانته الإنفرادية، أخذ يبحث عن هاتفه لكي يرى شيئًا به ولكنه إنتبه أن هناك إشعارًا على هاتفة برسالة مرسلة إليه من رئيسه بالعمل أو بالأخص الشخص الوحيد الذي وقف بجانبه منذ الصغر ومن يومها وهو عاهد نفسه أن يكون يده اليمنى وأن يبقى بظهره دائما.
"الفترة دي بيجيلي تهديدات يا جواد، حاسس إني اتورطت في مصيبة .. أنا خايف على شمس حاول تطمن عليها في أقرب وقت .. خايف يكون جرالها حاجة من بعد ما اتجوزت من تلات شهور كلمتني فترة وبعد كده أخبارها إنقطعت عني ومن وقتها وهي مباقتش بتظهر ومش عارف أوصلها."
أغمض عينيه بقوة يحاول أن يأخذ نفسًا عميقًا يهدئ من روعه .. "شمس" صاحبة ذلك الاسم تطارد أحلامه دائما وتخطف أنفاسه أيضًا بمجرد التفكير بها؛ لدرجة أنه قد ابتعد عنها حتى ذهب إلى مكان لا يستطيع أن يصل له أحدٌ فيه بعد أن تزوجت ولكن ها هو القدر يجمعه بها مرة أخرى .. قام بعمل بعض الإتصالات وأصدر بعض الأوامر ثم إرتدى ثيابه ببرود يتجهز لأن يخرج من تلك الزنزانة، خرج منها ثم من السجن بهدوء وثبات فمن يجرؤ أن يمنع الشيطان جواد عن خروجه من السجن دون تصريح؛ فهو مجرد زائر أو شخصٌ مقيمٌ به فكل من في السجن يكن له الإحترام والتقدير .. شيطانٌ يمشي بهدوء مرتديًا حُلته السوداء وتوقف حينما توقفت أمامه سيارة سوداء ضخمة ..
- جواد بيه .. حمدالله على السلامة.
نظر جواد لحارسه الشخصي وهز رأسه ثم ركب سيارته والتي كان ينتظره رجلا يعرفه بداخلها .. قدم له صورةً لفتاة ذات بشرة حنطية ووجهها به نمش وعينيها بلون آشعة الشمس جعلت قلب جواد يدُق كعادته ..
- شمس هانم من وقتها إختفت وده كان آخر ظهور ليها.
الصورة تُظهِر أنها كانت تقضي عطلة صيفية وقعت عينيه على الشخص الذي يحتضنها بقوة والذي يُدعى زوجها ..
- زي ماحضرتك شايف الصورة كانت من شهر العسل و....
قاطع كلماته نظرات جواد الشيطانية وعاد يطالع شمس التي بالصورة مرة أخرى يحرك أصابعه الطويلة والجذابة على وجهها الجميل وظل يطالع إبتسامتها تلك .. تنهد متذكرًا ضحكاتها البريئة واللطيفة والناعمة تلك أيضًا ..
منذ شهورٍ عديدةٍ مضت:
كانت تركض على أدراج القصر بشعرها الكستنائي وتحمل كتبها لأنها على مايبدو أنها متأخرة على جامعتها كالعادة .. ركضت نحو غرفة الطعام وهنا قفزت على قدم والدها الستيني تقوم بإحتضانة بقوة متجاهلة جميع الحرس الموجودين بالقاعة ومن بينهم جواد الذي يقف خلفه بشموخ بقوة ..
- صباح الخير يا بابي.
ضحك بهجت على طفولة إبنته اللطيفة..
- مش كبرنا على الحركات دي ولا ايه يا شموسة؟
ضمته بقوة وهي تنظر في عينيه..
- أنا عمري ما أكبر طول مأنا لاقية الدلع الحلو ده.
ثم إستقامت وإعتدلت وهي تمسك بكتبها ..
- هحتاج امشي أنا بقا عشان متأخرة جدًا.
أردف بهجت بتعجب:
- بالسرعة دي؟؟"
تنهدت وهي تقوم بتعديل ثوبها الأصفر المليء بالورود السوداء:
- متأخرة على الجامعة انت عارف إن النهاردة أول يوم في آخر ترم وأخيرا هتخرج، بس عشان ده أول يوم لازم ألِّم شلتي الفاسدة حواليا كالعادة.
قهقه بهجت من تلقائيتها تلك:
- ماشي يا حبيبتي أنور السواق مستنيكي بره.
قبلته على وجنته قبلة رقيقة وحينما كانت تعتدل تقابلت نظراتها مع جواد الذي ينظر لها ببرود .. ذلك لوح الثلج الذي لا يهتم ولا يبالي لأحد .. دائمًا ما تطلق عليه ذلك اللقب .. ولكنها لم تهتم له وكادت أن تتحرك إلتفتت لوالدها مرة أخرى ..
- أنا هتأخر على فكرة.
- رايحة فين؟
ذلك ما أردف به بهجت بتساؤل وهو يترك طعامه..
- هنزل المول هشتري شوية حاجات مع أصحابي.
- طيب لما تخلصي كلية كلمي جواد يجيلك عشان يبقى معاكم هو والرجالة.
نظرت بضيق نحو جواد الذي يطالعها بهدوء..
- لا بلاش جواد أصحابي بيخافوا منه.
سمع جواد ضحكات مكبوته من الرجال خلفه ولكنهم صمتوا عندما طالعهم بنظرة شيطانية .. وما ضايقها أكثر هو صمته وعدم رده عليها بل رد على والدها..
- أوامرك يا بهجت بيه.
ثم نظر جواد نحو الفراغ لم يعِرها إهتمام.. تضايقت أكثر من إبتسامة والدها تلك..
- بابي لو سمحت، أنا مش عايزاه ييجي.
تنهد بهجت مردفًا بإستسلام:
- ماشي يا شمس .. هشوف أي حد يجيلك.
ابتسمت بسعادة وطالعت جواد بإنتصار .. لم يبالِ لها شعرت بالضيق مرة أخرى ولكنها رحلت لكي لا تفتعل المشاكل، فمزاجها اليوم جيد لا تريد أن تُعكره بسبب جواد، ركبت السيارة وبدأ السائق بالتحرك .. بعد خروجها أردف بهجت بإبتسامة هادئة لجواد وهو يطالعه..
- معلش يا جواد لو طلبت منك تروح معاها، إنت عارف إني مابعرفش أثق في حد غيرك، الكل عارف إنك مش حارس شخصي، أنت دراعي الليمين في كل حاجة .
- أردف جواد بهدوء:
- كلمتك سيف على رقبتي حتى لو هبقى جليس أطفال، طالما دي أوامرك أنا هنفذها.
إبتسم له بهجت بامتنان يتذكر وقوف جواد الدائم بجانبه لقد كان إبنه الذي لم يُنجبه قط، هو طوال حياته تمنى لو يكون لديه إبن ولكن الله رزقه بإبنته الجميلة تلك والتي يحمد الله على وجودها، ولكن تلك العنيدة يصعب التعامل معها حقًا، يخاف عليها كثيرًا، ظل جواد ينظر له بإبتسامة هادئة يراقب ملامح وجهه حتى أردف.
- عايزني أروحلها، صح؟
هز بهجت رأسه وهو يتنهد..
- شمس كل حاجة بالنسبالي ومابعرفش آمِن لحد غيرك في أي حاجة تخصني، روح معاها المول وخد رجالتك معاك.
- أوامرك.
مر بعض الوقت وتوقفت السيارة أمام باب الجامعة، خرجت منها شمس مرفوعة الرأس وعلى وجهها ملامح الغرور والتكبر، دخلت الجامعة وهي تتحدث بالهاتف مع إحدى صديقاتها..
- إنتِ فين؟"
- أنا بالكافيتيريا يا شمس، عم انطرك.
أغلقت الهاتف ثم بدأت بالبحث عن صديقتها والتي تدعى "مرام" سورية الجنسية ويلقبونها ب "روما" .. دخلت الكافيتيريا تبحث عنها حتى وجدتها .. كانت ذات بشرة حنطية وشعر أشقرٍ أجعد قصير وترتدي بنطال جينز وسترة قصيرة دون أكمام .. توقفت شمس عندما رأتها تجلس مع شاب يبدو أنه زميلهم بالجامعة .. إقتربت منهما قليلًا وكان حديثهما على مسمعها.
- إيه، كيف بلشت؟
- كنت بجرب حظي وأهي ضربت معايا.
إنتبهت روما على إقتراب شمس منها ..
- شمس حبيبتي.
إعتدلت روما ووقفت تحتضنها بقوة، وبادلتها شمس بقوة.
- يا الله، أنا كتير اشتقتلك الشهرين ياللي مروا حسيتهم دهر في غيابك رفيقتي.
إبتعدت شمس عنها وإبتسمت بحب:
- وإنتِ كمان وحشتيني أوي يا روما.
ثم صمتت تشير بطرف عينيها للشاب الجالس ... تحدثت روما بإستيعاب:
- يا ويلي شو نسيت، هاد ساجد رفيقنا هون بالجامعة بس أنا بعرفه عن طريق الشغل .. ساجد هاي شمس أقرب رفيقه إلي.
إيتسم ساجد وإعتدل وإقترب يصافحها..
- إزيك يا شمس؟، سعيد إني إتعرفت عليكي.
- شكرًا.
ظل يطالعها كثيرًا أما شمس فقد ابتسمت بهدوء لذلك الشاب، شابٌ طويل ذو ملامح رجولية جميلة يبدو عليه بعض الإرهاق ولكن على ماتعتقد أن ذلك بسبب العمل لأن روما ذكرت قبل قليل أنهما يعرفان بعضهما عن طريق العمل .. أبعدت يدها عن يده بهدوء
ثم وجهت حديثها لروما تتهرب من ذلك الشاب الوسيم ..
- يلا نمشي باقي البنات مستنيينا.
تركاه بعد أن ودعاه وعندما خرجتا من كافيتيريا الجامعة بدأت شمس بالتحدث ..
- كنتم بتتكلموا في إيه؟
- كان بيحكي عن بداية شغله بالمجال إللي بشتغل فيه، بس تعرفي إنو شب كتير غني.
- بجد؟
- إيه، مايعرف ليش عم يشتغل وهو مالو محتاج مصاري.
لم تهتم شمس بأن تسأل عن عملهما أو عن حياته الشخصية وظلتا تسيران حتى إقتربا من باب الكلية.
- لَك ماقِلتي، وينُن البنات؟
أردفت بتأفف:
- ياشيخه ماتعوجيش لسإنك كده إتكلمي مصري بتعقديني مابفهمش حاجة منك وبجمع الكلام بالعافية عشان برستيجي مايروحش، إتكلمي معايا مصري أسهل بدل ما أخليكي تريقة الجامعة كلها يا روما في إيه؟
- اخ منك إنتِ ياشمس، أنا مش بعرف أحكي مصري كتير بس حاضر هلغبط بينه وبين السوري كِرمالك .. هلأ فين البنات؟
- داخلين عليهم أهوه.
إقتربتا حيث تقف مجموعة من الفتيات يضحكن بأصواتٍ عالية ولا يهتممن أنهن بالجامعة .. حيوا بعضهن ومن مظهر تجمعهن ذلك كان يبدو أن شمس هي قائدة ذلك الجمع .. إقتربت إحدى الفتيات نحو شمس كانت ترتدي عدسات طبية ومن مظهرها يبدو أنها فتاة من الطبقة المتوسطة.
- شمس، إزيك؟
نظرت لها شمس بإبتسامة هادئة..
- ازيك يا صباح؟ أخبارك إيه؟
قامت صباح بتعديل عدساتها الزجاجية ثم تحدثت بإحراج لأن باقي الفتيات ينظرن لها بسخط، ولكن مايهمها الآن هو أن شمس قامت بالرد عليها وأيضًا مازالت تتذكر إسمها، رائع!..
- أنا الحمدلله بخير، أنا قعدت أتصل بيكِ كتير في الأجازة ماكنتيش بتردي عليا، أتمنى إنك تكوني بخير.
كانت الفتيات حول شمس يسألون أنفسهم الكثير من الأسئلة، كيف تتحدث معها شمس هكذا؟.. كيف أعطتها المجال من الأساس أن تأتي وتقف معهن هكذا؟
- ممكن أكون مانتبهتش للموبايل وقتها، بس شكرًا إنك إفتكرتيني.
كادت أن تتحدث ولكن قاطعتها شمس بتحدثها إلى الفتيات..
- يلا بينا يا بنات نخرج، حاسة الجو بقا يخنق أوي.
- فعلا، عندك حق.
شعرت تلك الفتاة المدعوة بصباح بحزنٍ شديد ثم راقبتهم وهم يخرجون من الجامعة .. أردفت بحزن محدثة نفسها.
- ممكن هي مش قادرة تتكلم فعشان كده هي مشيت.
كانت تبرر لشمس طريقتها تلك ثم دخلت المحاضرة .. أردفت إحدى الفتيات لشمس..
- إنتِ بتطيقي المعاملة إزاي معاها بجد؟
أردفت بلامبالاة:
- بتساعدني في المذاكرة والإمتحأنات.
أردفت أخرى بملل..
- ربنا يعينك على المعاملة مع الأشكال دي.
نظرت شمس لهن جميعًا قليلاً ولكنها لم تُجِبهم .. قضت الفتيات يومهن دون حضور أي محاضرات تُذكر بل قضوه بالكامل في سياراتهن يتحركن بلا هدف .. بمرور الوقت .. على جبلٍ مرتفع قليلًا في مدينة المقطم، كانت شمس تجلس بسيارة روما تنظر بشرود أمامها ولكنها إستفاقت من شرودها ذاك عندما أعطتها روما السيجار التي بيدها ..
- خِديلك دِخان.
حاولت شمس أن تقوم بالتدخين ولكنها سعلت بشدة ..
- صعبة أوي، لا مش قادرة.
- جَرْبِي بس.
دخنت قليلًا ولكن بصعوبة ولم تستطع إكمالها وأعادتها لها مرة أخرى .. حركت روما رأسها يمينًا ويسارًا مردفة بسخرية ..
- فرفورة إنتِ يا شمس.
- ماتعودتش على كده.
- بيصير حبيبتي في يوم.
وأكملت روما تتعاطى الدخان، إلتفت لها شمس تطالعها..
- بتشربوا الحاجات دي إزاي؟ أنا شايفة إن البنات كلها ..*أشارت نحو باقي الفتيات وهن يجلسن بسياراتهن يقمن بالتدخين* ... إتعودوا يشربوا الحاجات دي، في حين إن من كام شهر بس كانوا زيي كده.
- مابعرف كيف أحكيلك، بس أنا والبنات كنا عم نتقابل كتير في الأجازة واتعودوا، هو بس الموضوع محتاج جرأة وتعود مش أكتر، بس إنتِ خايفة من والدك .. شو بعملك أنا؟
إعتدلت ثم بدأت التفكير بوالدها ..
- لا مش خايفة منه طبعا، بابي بيحبني ومش بيرفض أي حاجة أنا عايزاها.
- يبقى خَلَص، ليش عم بترفضي؟
- هقولك، أنا بحس إن الحاجات دي مش لينا ..دي للرجالة.
- بتعرفي شمس، أحيأنا بشعر إنك بريئة كتير، وأحيأنا بشعر إنك متلنا هيك ما إلِك أهل يسألوا فيكِ.
كادت أن تتحدث ولكنها إنتبهت لشئ لم تنتبه له قبلًا، أردفت شمس بصراخ وهي تشير لأنفها..
- إنتِ عملتي بيرسينج إمتى؟
- عَاجْبِك؟
- طبعا عاجبني، عملتيه إمتى؟ وإزاي تعمليه من غيري؟ إنتِ عارفة إن كان نفسي فيه من بدري.
- خَلَصْ بنروح سوا وبسويلك واحد.
- إتفقنا.
- إمتى بدنا نروح عالمول؟ كل هاد الوقت عم ننطر إن وقت الجامعة يخلص.
أخذت شمس تطالع هاتفها تنظر للوقت ..
- خلاص قربنا، يلا نتحرك وهما أكيد هيستنوني.
- ليس عم ننطرهم ياشمس؟
- لإن بابي مايعرفش إني مابحضرش محاضرات، فمش عايزاه يزعل لو إكتشف ده، عايزة أخلص الجامعة على خير.
- أنا بحكي إنو ليش عم ننطر رْجال ميشان يحرسونا، نِحْنَ مو أطفال ياشمس.
- دي تعليمات بابي.
تأفأفت روما ولكن شمس إبتسمت بهدوء متذكرة حديث والدها دائمًا بأنه يخاف عليها ولذلك تقوم بتنفيذ تعليماته .. تقصد بعض تعليماته لأنها متهورة قليلًا .. إنتبهت عندما أخرجت روما سيجارًا مختلفة عن التي كانت تتعاطاها قبلًا ..
- تاخدي واحده؟
- لا طبعا.
قهقهت روما وهي تقوم بالتدخين وبدأت بتحريك سيارتها،
ثم بدأت باقي السيارات بمتابعتها .. بعد عدة دقائق وصلت الفتيات للمركز التجاري المقصود .. وأخذت شمس تبحث حولها عن حرس والدها الشخصي .. حتى وجدتهم يقفون بعيدًا .. أشارت لهم بأن يتقدموا ولكنه فتحت عينيها على مصراعيها عندما ظهر جواد أمامها .. تلعثمت عندما رأته..
- جواد.
- شو؟
إلتفتت روما تنظر برعبٍ للوح الثلجي الذي يقترب نحوهن..
- شو هالمصيبة هاد! بَعدُوه عنَّي، رَح يِكشفني .. دِخان السجاير كِلُه مْعَبَى بِتْيَابِي.
إبتعدت روما تقف خلفهن .. ضيق جواد عينيه بشك من حالة تلك الفتاة السورية الخائفة ... ثم عاد ينظر لكل الفتيات اللواتي تغيرت ملامحهن أيضًا..
- إنتِ قولتي إنه مش هييجي.
أردفت شمس برجفة خفيفة عندما تقابلت عينيهما بصمت:
- هو فعلا مكنش هييجي، بس بابي شكله غير رأيه من غير مايقولي.
توقف أمامهن بهدوء مريب لبضع ثوانٍ ثم إقترب نحو شمس التي كانت تقف جامِدة .. كانت المسافة بينهما قليلة يطالعها بتركيز ولكنها بدلًا من أن تخاف منه أن يُكشف أمرها رفعت رأسها بغطرسة وغرور تطالعه في المقابل ..
"من يظن نفسه هذا حتى يكون مصدر خوفها؟"
هدأت ملامح جواد ثم أردف:
- هنبدأ من فين؟
أردفت بغرور:
- خليك ورايا وخلاص.
أخذ نفسًا عميقًا يحاول أن يهدِئ من روعه لأن طفلة صغيرة من تقوم بإصدار الأوامر، ثم هز رأسه .. تحركت من أمامه وتحركت خلفها الفتيات وكانت روما تحاول أن تختبئ بينهن ولكن جواد إنتبه لذلك الوشم الموجود على كتفها من الخلف .. كان وشم على هيئة ثٌعبان .. عَقِد جواد حاجبيه وهو يطالع ذلك الوشم.
كانت الفتيات يتمسكن بشمس التي تحاول أن تكبت ضحكاتها ..
- إنتوا بجد خايفين منه؟
- إنتِ مش شايفاه عامل إزاي؟ تحسيه رئيس مافيا.
قهقهت شمس متحدثة بسخرية:
- جواد؟! رئيس مافيا!.. إتكلموا في حاجة منطقية شويه .. قال رئيس مافيا قال.
في الوقت الحالي:
كان جواد يقف أمام مخزن أسلحة يتجهز جيدًا لمهمته التي خرج من السجن لأجلها ثم سيعود لسُباتِه مرة أخرى بعد أن يجدها، كان يقف خلفه مجموعة من الرجال يتجهزون أيضًا وبعد أن إنتهى.
- عنوان المكان وصل يا زعيم.
نظر جواد جيدًا للموقع الذي ينظر إليه .. يبدو أن الوغد يحب المناظر الطبيعية لكي يقوم بإختيار المالديف أنسب مكان للخطف!.. حان الآن إنتهاء وقت شهر العسل.
..........................
آرائكم؟
توقعاتكم؟
"وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ"
وصف المكان في الجزيرة مش حقيقي ماهو إلا من وحي خيالي أنا أخري أروح إسكندرية - مطرووح - جمصة لكن المالديف؟؟ نو وااااي
ماتنسوش اللايك
الفصل الثاني
في جزيرة رائعة الجمال تدعى "المالديف" في منزل صغير رائع الجمال من الخارج ولكن حينما نُلقي عليه نظرة من الداخل نجد أنه ليس بجميلٍ، بل بشع نظرًا لما يفعله ساكنه بداخله .. كانت مُلقية على الأرضية الباردة بوجهٍ مليءٌ بالكدمات وليس وجهها فقط، بل جسدها أيضًا به علامات تعذيب أرهقتها وأضعفتها .. ترتدي فقط ثوبٌ أسودٌ قصير دون أكمام يقرب لثياب النوم .. كانت تتنفس بثقل تحاول أن تعتدل ولكن الضربات التي أخذتها من زوجها الذي خذلها وظهرت حقيقته بعد الزواج مباشرة منعتها من ذلك .. تحاملت وإستندت بركبتيها المتورمتين على الأرض ووقفت بصعوبة محاولة تحمل ذلك الألم الذي يفتك بجسدها بالكامل .. وقع بصرها على السلاسل الحديدية المعلقة على جدران الغرفة التي بها .. شعرت بالخوف وتمنت أن تهرب ككل مرة تهرب بها ولكن تلك المرة تتمنى أن لا يستطيع الوصول إليها .. وصل إليها صوت المياة في الحمام إستنتجت أنه يأخذ حمامًا لكن من مِن المفترض أن يأخذ حمامًا؟؟ هو أم هي؟ ..
"لا وقت لذلك السؤال الآن، شمس" كانت تتحدث بينها وبين نفسها "هذه الفرصة العاشرة لكِ لكي تهربي من ذلك الحقير"
إلتفتت وإتجهت نحو باب المنزل ولكنه مغلق بإحكام تأففت وتحدثت بين نفسها مرة أخرى
"يبدو أنه قد تعلم من آخر مرة .. إذا لنبحث عن طريقةٍ أخرى"
إتجهت نحو إحدى النوافذ الخشبية وجدت أن الفرق بينه وبين الأرضية الخارجية ( الرمال) ليست كبيرة كأي منزل، بل أغلب المنازل هنا صغيرة تتكون من طابقٍ واحد على الأقل والمقصود هو المنازل القريبة من الشاطئ.
هتفهت بهمس:
"مش مشكلة أنا كده كده متدغدغة، مش هتيجي على دي، وحتى لو لو هموت المهم إني هبعد عنه ومش هشوف وشه تاني."
ثم ألقت بنفسها من النافذة ووقعت على الرمال .. حمدت الله أنها لم تتألم كثيرًا وإعتدلت لتقف وبدأت بالركض حافية القدمين وشعرها يتطاير خلفها .. تركض بسرعة شديدة لا تريد أن تنظر خلفها .. تركض دون وجهة معينة .. لا تعرف أي شخص على تلك الجزيرة .. وحتى لو أوقفت أحدهم سيعيدونها لزوجها .. يا الله كم تتمنى أن تتخلص منه، هي فقط عروس! .. كانت عروسٌ تقضي شهر عسلها الذي طالت مدته ولا تعلم متى ينتهي مع زوجها ومعشوقها الذي أحبته ببراءة .. ولكنها لم تكن تعلم أن كل ذلك سيحدث .. تتذكر كم كانت عنيدة في إختيارها له وأنها تحدت والدها لأجله .. هبطت عبرة من مقلتيها لتذكرها كل ذلك، لقد وقع والدها أرضًا يومها وكاد أن يصيب بجلطة بسبب عِندها معه .. ولكنه في النهاية رضخ لأجلها .. لقد كانت غبية وعنيدة و أنانية .. لقد إختارته على والدها .. وقفت تلفظ أنفاسها بصعوبة وبدأت بالبكاء بنحيب بقلبٍ مؤلم، لقد جرحت والدها .. وتتمنى لو يجتمعا مرة أخرى حتى تخبره كم تحبه وكم هي نادمة على مافعلته به .. حتى لو لآخر مرة.
إنتهى من حمامه وإرتدى ملابسه وبعد أن إنتهى ذهب للغرفة التي كانت بها ولكنه لم يجدها .. تنهد ساجد بضيق من تلك الغبية المُدللة .. يبدو أنها هربت للمرة التي لم يعد يذكر كم هو عددها، خرج من المنزل ليبحث عنها ولكن تلك المرة لن يمر الأمر على خيرٍ بتاتًا.
وصل اليخت الذي يحمل جواد ورجاله ... كان الطقس باردًا .. لا يصدقون من ذلك الأحمق الذي يقضي شهر عسله هنا في ذلك الطقس .. بدأت السماء تُمطر بشدة وإتجه جواد ورجاله نحو الوجهة المرسلة إليه .. إفتحموا المنزل الخشبي الصغير ولكنهم لم يجدوا أي أحدٌ به .. نظر جواد حوله يتفحص ذلك المنزل .. ترك السلاح الذي بيده جانبًا وبدأ يستكشف المكان حتى دخل غرفة صغيرة توقف بها عندما رأى ما بداخلها .. سلاسل حديدية و سوط! إلتفت ينظر للمكان أكثر .. هناك أدوات تعذيب! .. وآثار دماءٍ أيضًا .. إحمرت عينا جوادُ بغضب وخرج من تلك الغرفة يجعل رجاله يلاحقوه .. إنتبهوا لآثار الأقدام بالخارج كانت أثار قدميها الحافيتين وضع جواد يده على موضع أقدامها ثم إنتبه لآثار حذاء رجالي كان يلاحق تلك الآثار ... لاحق تلك الآثار أيضًا ولكن أسرع من أي أحد .. كانت بين الأشجارِ في الغابة الخاصة بتلك الجزيرة والمطر كان يجعلها تتحرك بقدميها العاريتين بصعوبة والبرد القارس يؤلم جسدها بشدة ذهبت نحو أرض رطبة وإنزلقت بسبب المياة ووقعت أسفل تلك الغابة وتلوث جسدها وثوبها بالوحل وصرخت بألم إثر وقعتها تلك وجُرحت قدماها ولم تعد تستطيع أن تتحرك أو تهرب مرة أخرى .. إنتبه ساجد لتلك الصرخة لكونه قريبًا منها وتحرك إتجاه ذلك الصوت حتى دخل الغابة .. غرُبَت الشمس وكان جواد قد إقترب من الغابة ولكنه توقف لأنه لا يعلم كيف يسير .. حتى إنتبه لصوت أحدهم يناديها ..
"شمس."
عقد جواد حاجبيه ودخل الغابة يتبع ذلك الصوت .. إرتجفت شمس بذعر عندما سمعت صوت زوجها .. تتمنى أن تموت الآن ولا تقابله مرة أخرى حاولت أن تتحامل على نفسها مرة أخرى ولكنها لم تستطع حاولت أن تختبئ بين الأشجار تدعوا الله أن لا يجدها.
توقف ساجد بمنتصف الغابة يبحث عنها بعينيه .. حتى جاءت عينيه على أرضية رطبه بها آثار إنزلاقٍ حديثةٍ .. إبتسم بشرٍ وأخيرًا وجدها.
أردف بخبث وهو يلتف حول المكان الذي هي به:
- تعرفي يا شمس، أنا فعلا حبيتك عشان كنتِ غير كل البنات، كنتِ هادية وشقية وبتحبي تغامري والكل بيتمنى يبقى معاكِ، شباب الجامعة كانوا بيتكلموا عنك دايمًا إنك رافعة مناخيرك للسماء وماحدش عارف يوصلك، بس أنا أخدتها تحدي إني هكسر غرورك ده...."
تفاجأت به يقف أمامها وهو ينظر لها بشر ..
- وبقيتي أهوه زي الكتكوت المبلول خايفة تشوفي خيالي أو تلمحيني حتى.
كادت أن تتحرك ولكنه أمسك بشعرها بقوة .. صرخت بألم وأمسك برقبتها بقوة .. كانت تحاول أن تتنفس ولكنها كانت تختنق ..
- لازم أشوف حِجة أقولهم بيها مراتي ماتت إزاي؟ فكري معايا.
كان مستمر فيما يفعله وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها ولكنها تختنق .. تفاجأت بضربة قوية على رأس ساجد جعلته يتوقف عما كان يفعله بها وصرخ بألم .. كانت رؤيتها مشوشة نظرًا لإختناقها .. كانت تستنشق بصعوبة .. وعندما وجدت أن ساجد قد تركها ركضت دون أن تنظر خلفها .. لا تعلم أن جواد من قام بضرب ساجد .. إلتفت ساجد ينظر للشخص الذي يقف خلفه .. لم يكن شخصٌ عادي بل كانت ملامحه لا تبشر بالخير .. كان غاضبًا.. أردف ساجد بإستفسار:
- إنت مين؟
لم يُجبه جواد بل لكمه بقوة وأوقعه أرضًا حاول ساجد أن يقاتله أيضًا ولكنه جسد جواد كان أقوى .. سدد له اللكمات بقوة حتى لم يعد هناك مكانٌ سليم في وجهه .. لم يكتفِ جواد بذلك، بل كسر ذراعه الأيسر وأيضا كسر أصابع ذراعه تلك .. ظل يضرب رأسه بقوة لم يرى أمامه .. بل كان فقط يتذكر على ماذا كانت تحتوي تلك الغرفة .. يتخيل كيف صرخت في كل لحظة كانت تعاني بها .. أبعده أحد رجاله من قتل ساجد الذي فقد وعيه وأصبحت حالته يائسه ..
- إهدى يا زعيم، هتقتله.
إستفاق جواد عما كان يفعله وظل ينظر حوله يبحث عنها بعينيه .. ولكنه تذكر أنها ركضت ..
- خدوا الكلب ده معاكم شويه وهنمشي.
ركض حيث كانت تركض شمس .. كانت تركض دون توقف غير مبالية لجسدها الذي يصرخ من الألم تحاول أن تلتقط أنفاسها جيدًا .. ولكنها تفاجأت بمن يمسك بها من ظهرها .. صرخت بقهر تحاول الفكاك منه تُكمِل هربها منه ..
- شمس.
لم تسمعه من صراخها .. ظلت تصرخ كثيرًا ليبتعد عنها ولكنه لم يبتعد وجعلها تلتف لتنظر له ... هدأ صراخها الهيستيري وتحدثت بكلمة واحدة ..
- جواد.
هدأ جسدها كأنها وجدت الخلاص وأغمضت عينيها تستلم لتلك الراحة التي تناديها، إلتقطها جواد بين ذراعيه .. كانت مستكينة ونائمة بين ذراعيه كان ينظر لها بهدوء .. لملامحها التي لم تعد كآخر مرة رآها بها .. تمنى لو يكون لديه الحق بضمها وتحطيم عظامها بضمته لها .. تمنى لو يقوم بلمس شعرها الكستنائي الذي لطالما عشق رؤيته ورائحته .. تمنى لو يلمس تلك الشفاة يعاقبها على مافعلته به طوال تلك الأشهر الماضية .. ولكن لا .. كل ذلك لا يجوز، أغمض جواد عينيه يأخذ نفسًا عميقًا لكي يهدأ من تلك المشاعر التي إجتاحته وإعتدل واقفًا وهي بين ذراعيه القويتين.
...............................................
في صباح اليوم التالي:
كانت تجلس في حمام غرفتها بقصر والدها تنظر أمامها بشرود والخادمات تقُمن بتحميمها من ذلك الوحل الذي كان يملأ جسدها وثيابها .. كانت جميعهن يشفقن عليها مما رأوه بجسدها .. آثار تعذيب مبالغ بها .. لو كان أحدٌ غيرها تعرض لذلك التعذيب كان قد مات .. أكد عليهن جواد أن لا يخبرن أحدٌ بما حدث لها .. ولن يتحدثن فجواد وإن كان الذراع الأيمن للسيد بهجت فهو له فضلٌ عليهن جميعًا بعد الله.
إستفقن عندما تحدثت بإرهاق وصوت مبحوح..
- بابي فين؟
أجابتها إحدى الخادمات:
- بهجت بيه لسه مايعرفش إن حضرتك هنا، هو حاليا في الشركة.
أغمضت عينيها تتنهد بإرهاق، ولكنها قامت بفتحهما عندما أردفت إحداهن:
- جواد بيه مقالش لحضرتك عن إللي حصل لبهجت بيه؟
نظرت لهن بإستفسار، أكملت الخادمة:
- بهجت بيه مريض بالقلب ومابلغش حد حتى جواد بيه بس جواد بيه عرف بطريقته وبلغنا إننا نحاول نهتم بصحته على قدر المستطاع، أنا قولت أبلغ حضرتك عشان.......
لم تُكمل الخادمة حديثها ناظرة لهيئتها تلك، هزت شمس رأسها تتذكر أنها السبب في كل ماحدث لوالدها في الفترة الأخيرة من مشاكل صحية .. توقفت إحدى الخادمات عن عملها عندما كانت تقوم بتنظيف ذراعها الأيمن .. نظرت لشمس بفزع لوهلة ثم عادت تُكمِل عملها كأنها لم ترى شئ.
بمرور الوقت كان جواد يقف أمام غرفة شمس تهمس إليه تلك الخادمة التي كانت تساعدها في الإستحمام .. نظر لها جواد بهدوء بعدما سمع ماقالته .. أشار لها بأن تذهب ثم دخل غرفة شمس دون أن يطرق الباب .. كانت تقف عند نافذة الغرفة تنظر أمامها بشرود ولكن ما لفت إنتباهه أنها ترتدي ثوبًا صيفي، وليس ذلك فقط .. بل يُظهر جميع كدمات جسدها الذي هلك من كثرة التعذيب .. شعر أن وتيرة غضبه ترتفع في كل مرة يتذكر فيها تلك الغرفة والتي قام بحرقها هي والمنزل بأكمله قبل أن يرحل بشمس من تلك الجزيرة ... تقف مُرتعشة أمام النافذة تتابع سقوط الأمطار بحزن وشرود تتذكر ماحدث لها منذ ساعات وكيف تم إنقاذها وكيف عادت لمنزل والدها أيضًا؛ فبالنهاية هي من جنت على نفسها لأنها أردات ذلك المختل منذ البداية، إستفاقت على صوت خطوات هادئة تتقدم نحوها ببطئ .. خطواته التي تعرفها جيدًا إلتفتت ووجدته يقف أمامها بهيئته الطاغية، عيناه هادئتان وفي ذات الوقت ماكرتان لا تعلم ما الذي يدور بداخل عقله، إنه الشيطان الذي كان موجودًا بجانبها دائمًا منذ الصغر؛ فهو ذراع والدها الأيمن وليس ذلك فقط إنما يكون بمثابة إبنه الذي لم ينجبه، الشخص الذي يضحي بنفسه دائمًا لأجل والدها، شعرت بالبرد القارس عندما ظل يطالعها هكذا؛ فهو كالعادة بارد كبرود فصل الشتاء لا يتحدث كثيرًا بل يعمل أكثر، يختفي كثيرًا ثم يظهر فجأة من حيث لا تدري، تتذكر كيف كانا .. كان ظلها الحارث، ولكن الآن أصبح كل شئٍ مختلف، وضع يده في جيب مِعطفة الأسود يقاطع تلك النظرات مردفًا بهدوء وبرودٍ في آنٍ واحد:
- أنا مابلغتش بهجت بيه بإللي حصل ده، هو هييجي هنا وهيتفاجئ بمجيك ممكن نقول جاية زيارة .
كانت تشعر بالبرد القارس أثناء حديثه ذلك كأنه قد طعنها بقلبها.
- غيري هدومك دي وحاولي تداري الكدمات إللي في وشك بأي طريقة.
إنتبهت لعروق عنقه البارزة بشدة أثناء حديثه لها لماذا تشعر دائمًا أنها تثير إشمئزازه، لماذا يكره رؤيتها أمامه؟ وجدته يلتفت لكي يرحل ولكنها أردات أن تعبر له عن إمتنانها:
- جواد.
توقف معطيًا إياها ظهره ..
- شكرًا إنك أنقذتني.
تجاهلها ثم خرج من الغرفة .. هبطت عبرة من مقلتيها عند خروجه من الغرفة، لا يطيق النظر في وجهها .. يبدو أنها قد أساءت له أيضًا مثلما أساءت لوالدها .. إنتفضت عندما عَلا صوت الرعد بالخارج .. وذهبت لتقوم بتبديل ثيابها لثياب شتوية ..
كان جواد يقف خارج الغرفة مستندًا على جدارها يمنع نفسه من العودة إليها مجددًا والصراخ في وجهها ومعاتبتها على مافعلته به دون أن تدري، ولكن لا .. لم يعد لذلك فائدة .. تنهد تنهيدة عميقة وإبتعد عن غرفتها رن هاتفه والمتصل كان يخبره بعودة السيد بهجت للقصر .. أغلق الهاتف وأمر الخدم بإعداد طاولة الطعام لأجله كما أمرهم بإخبار السيدة شمس بإقترابه ايضًا.
توقفت سيارة السيد بهجت أمام القصر، خرج من السيارة متجهًا للداخل وخلفه رجاله .. ولكنه توقف مكانه عندما وجد جواد يقف في باحة القصر ينتظره بإبتسامة هادئة ..
- جواد!
أردف السيد بهجت بإسمه بلهفة واقترب منه يضمه بقوة ..
- وحشتني يابني، أخيرًا شوفتك.
تفوه جواد بإبتسامة:
- ماقدرتش مبقاش موجود لما تحتاجني.
أردف بهجت بلوم:
- يعني جيت عشان كده بس؟
كاد أن يجيبه ولكنه أوقفه صوتها..
- بابي
إلتفت بهجت نحو ذلك الصوت الذي لا يصدق أنه سمعه .. كانت تهبط على سلالم القصر بهدوء كانت إبنته الصغيرة .. لا لم تعد صغيرة كانت إمرأة هادئة .. هبوطها على السلالم هادئ ليس كقبل زواجها .. هل أصبحت عاقلة بعد أن تزوجت من تُحب؟ هل كان مخطئًا في حقها حقَا؟ .. لم يشعر بنفسه سوى وهو يقترب منها يقوم بإحتضانها بقوة .. ظهرت معالم الألم على وجهها لأن والدها يضغط على كدماتها دون أن يدري .. قاطع لحظتهم تلك جواد الذي أردف بهدوء:
- أنا طلبت منهم يجهزوا الأكل عشان تقضوا دقايق لطيفة سوا في زيارة مدام شمس دي.
إبتعد عنها بهجت ينظر لجواد بإستفسار، أردف جواد بوضوح:
- مدام شمس جاية زيارة ساعتين وهتمشي.
تعجبت شمس من قرار جواد ذلك، ثم وإلى أين ستذهب؟ لا يوجد لها ملجأ الآن سوى منزل والدها.. إلتفت بهجت إلى شمس مرة أخرى..
- معقولة يا شمس؟ جاية تعطفي عليا بساعتين بس؟
كادت أن تتحدث ولكن قاطعها جواد:
- مدام شمس كانت مسافرة للندن تكمل شهر عسلها مع زوجها إللي مش عارفين هيخلص إمتى.. بس أصرت إنها لازم تعدي عليك الأول.
إلتفت بهجت إليها ينظر لها بحزن، وأردفت ترضخ لرأي جواد الذي لا تعلم مراده:
- معلش يابابي .. ماتقلقش مش هتأخر عليك هما كام يوم بس وهرجعلك.
أردف بهجت بإستفسار:
- جوزك فين؟ مجاش معاكِ ليه؟
نظرت لجواد ثم عادت تنظر لوالدها مرة أخرى تحاول البحث عن كذبة تخبره بها حتى وجدتها أردفت بهدوء:
- بيخلص شوية أوراق في المطار .. هو بيسلم عليك.
هز بهجت رأسه وهو يطالعها بهدوء ..
- طيب يا حبايبي يلا ناكل.
أماء جواد بهدوء وسبقهم لقاعة الطعام .. تعجبت شمس أن تلك هي المرة الأولى التي ينضم فيها جواد لهم في تناول الطعام .. إستفاقت عندما أمسك والدها بيدها بحب أبوي وأمسك بوجهها الممتلئ بمساحيق التجميل التي أخفت كدمات وجهها بجدارة .
- كنتي وحشاني أوي يا شمس، وبتوحشيني دايمًا .. ماتنسينيش يا حبيبتي.
أماءت له بإبتسامة منكسرة وجذبها خلفه لمائدة الطعام بدأ الثلاثة بتناول الطعام بهدوء وكانت شمس تشعر بإرهاق ودوارٍ مُفاجئ .. ولم يخفى ذلك عن عين جواد الذي كان يتابع كل ما تفعله .. كان يطالع كل إنشٍ بها .. إلتفت ينظر لبهجت الشارد والحزين بتفكيره ..
- بهجت بيه، في حاجات كتير محتاج أنا وحضرتك نتكلم فيها بس بعد ما مدام شمس تمشي.
نظر له بهجت بإستفسار، ثم أردف جواد بهدوء:
- بخصوص الرسالة إللي حضرتك بعتهالي.
- تمام.
عادوا يكملون طعامهم ..
بعد أن إنتهوا من تناول الطعام، كان شمس جالسة بحانب والدها في قاعة الجلوس و تنظر له بشرود ثم أردفت:
- أنا آسفة يابابي على كل حاجة وحشة عملتها في حقك.
تعجب بهجت من حديثها ذلك ..
- ليه بتقولي كده؟
حاولت أن تتحدث وتخبره عما عاشته ولكنها لم تستطع ..
- مافيش يا حبيبي، أنا بس كنت محتاجة أقولك الكلام ده، خايفة تبقى زعلان مني بسبب أي شغب حصل مني زمان.
أمسك بوجهها بيديه ينظر لها بحب أبوي ..
- إنتي ماتعتذريش، إنتي تعملي إللي إنتي عايزاه.
مازال يدللها حتى بعدما فعلته له، قاطع لحظتهم تلك الخادمة التي تمسك بيدها الهاتف:
- زوج حضرتك على التليفون بيستعجلك.
نبض قلبها برعب هل عاد ساجد مرة أخرى؟؟؟ ألم يتولى جواد أمره كما كان يفعل مع أي شخص يؤذيها؟ .. أغمضت عينيها تحاول أن تبدو هادئة أمام والدها .. وإلتقطت الهاتف متحدثة بإرتعاش:
- ألو.
- أنا مستنيكي بره يلا عشان هنمشي.
كان جواد هو المتحدث وبعد أن أنهى حديثه أغلق المكالمة الهاتفية.
أردف بهجت بإستفسار:
- في حاجة يا حبيبتي؟
هزت رأسها نافية
- لا مافيش، أنا همشي دلوقتي، ساجد مستنيني في المطار.
ضمها بقوة بين ذراعيه ..
- هتوحشيني، إبقي كلميني يا شمس.
- حاضر يابابي.
كادت أن تقف ..
- إستني هخلي حد يوصلك.
أوقفته مردفة بتلقائية:
- جواد معايا، هيوصلني.
بعد أن خرجت من القصر، كان بهجت ماكثًا بمكانه يتعجب من وجودها هي وجواد سويًا منذ متى وهما سويًا من الأساس؟؟! .. كيف عاد جواد من مكان إختفاءه وكيف عادت شمس أيضًا في نفس اللحظة؟ كيف كان جواد يتحدث مكان شمس منذ عدة دقائق كأنهما يخفيان شيئًا ما.
صعدت السيارة بجانب جواد والذي تحرك دون كلمةٍ واحدة ..
- هنروح فين؟
لم يُجِبها وإستمر في هدوءه ذلك .. شعرت بالإرهاق يشتد عليها والدوار يجتاحها أيضًا وشعرت أنها تحتاج لشيءٍ ما .. ولكنها تجهله .. تشعر أنها تريد دواء أو مادةٍ ما لا تدري ماهي.
- جواد أنا تعبانة، أنا مش عارفة أنا فيا إيه.
كان هادئًا لا يتحدث أبدًا .. صرخت عندما إستفزها صمته..
- جواد رد عليا.
توقف جواد بسيارته فجأة والتي أصدرت صوتٍ عالٍ عند توقفها .. وأردف بغضب ممسكًا ذراعها الأيمن كاشفًا عن آثار إبر ..
- ده إللي فيكِ يا شمس.
لم تنتبه لتلك الآثارِ قبلًا هذا يعني أنها قد حُقِنَت في ذراعها الأيمن عدة مرات ولكن بماذا؟؟ عاد جواد لهدوءه وقام بتشغيل سيارته مرة أخرى ..
- جواد إحنا رايحين فين؟ رد عليا أرجوك.
لم يُجِبها وأكمل طريقه حتى توقف أمام مكانٍ ما بعد عدة دقائق .. إلتفتت شمس تنظر لذلك المكان الغريب الذي توقف به جواد .. وصُدمت عندما وجدتها مصحة لمعالجة الإدمان.
- إنت جايبني هنا ليه؟ إمشي من هنا.
عندما لم تجد أي إجابة منه خرجت من السيارة تحاول الهرب منه ولكنه نزل خلفها ولاحقها ليمسك بها .. صرخت تحاول أن تبتعد عنه ..
- إبعد عني .. سيبني.
كان يجذبها عنوة عنها وحملها بين ذراعيه يقوم بتسليمها للرجلين اللذان يقفان أمام المصحة أمسكا بها يكتفانها صرخت بقهر وتنظر في عينيه
- لا، جواد!!!!!.
..................................
"صلوا على رسول الله"
ماتنسوش اللايك قبل القراءة
رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم سارة بركات
الفصل الثالث
كان يجلس بسيارته أمام المصحة بملامح شيطانية وكل ما يشغل تفكيره الآن هو أنها أصبحت مُدمنة بسبب ذلك الحقير، لقد أطفأها لم تكن تلك شمسه التي كانت تُنير قلوب الجميع بسبب ضحكاتها ومشاكساتها .. لم تكن تلك مشاغبته .. بل الموجودة تلك الآن ماهي إلا نسخة ميتة من شمسه.
منذ أشهر عديدة مضت:
كانت الفتيات بالمول التجاري يقمن بالتبضع وكان جواد ورجاله خلفهن، كانت شمس قد إختارت العديد من الثياب بجوارها صديقتها روما والتي إختارت بعض الثياب لنفسها أيضًا .. ذهبت شمس لإحدى غرف تبديل الملابس لكي تقوم بتجربة تلك الثياب تحت أعين الشيطان الذي يراقبها في صمت وكانت صديقتها بالغرفة المجاورة لها .. جربت قطعة قصيرة ثم خرجت لكي تُريها لروما ولكنها لم تنتهي بعد من تجربة الثياب التي قامت بإختيارها .. إقتربت من صديقاتها اللواتي لم ينتهين من إختيار الثياب بعد لكي تسأل عن رأيهن ولكن ما منعها من الإقتراب منهم هو وقوف جواد أمامها بملامح غاضبة ..
- إنتِ فاكرة نفسك رايحة فين؟
أردفت بلامبالاة:
- وإنت مالك؟
أردف ببرود:
- إرجعي مكانك، و اللبس ده مش هتاخديه معاكِ.
أردفت بضيق:
- ماحدش سمحلك إنك تتحكم في حياتي وفي إللي أنا هلبسه.
إبتسم نصف إبتسامة:
- والدك إللي سمحلي.
استأنف بصوت هادئ وفحيح في الوقت ذاته:
- إرجعي للبروفة، وأي لبس قصير اختارتيه إنسي إنك تجيبيه.
ظل الإثنان يطالعان بعضهما بتحدٍ ولكن الفائز بالنهاية كان جواد، حيث إستسلمت شمس وعادت لغرفة تبديل الملابس لكي تقوم بمراجعة الثياب التي اختارتها وفي ذات الوقت كانت تشعر بالضيق أنه يصدر الأوامر في حقها، نفخت بضيق لأن أغلب الملابس وإن كان جميعها كانت قصيرة .. ولكنها فكرت بخبث أنها ستُظهر له أنها قد أخذت بالفعل الملابس الطويلة .. أخذت تجرب جميع الملابس في غرفة تبديل الملابس ولم تخرج وبالطبع أعجبوها كلهم حيث أن جسدها كان نحيف ولكنه أنثوي منحوت بشكل مثالي .. تنهدت وأخذت الثياب وخرجت .. مثلت اللامبالاة وفي ذات الوقت خرجت روما أيضًا .. أردفت شمس بضيق:
- لسه فاكرة؟
أردفت روما بتعجب:
- شُو فِي؟ أنا شو عَمَلِت؟
تمتمت شمس بضيق:
- ماعملتيش حاجة.
كان جواد يقف مع رجاله يتابع تحركات شمس وهي تتحدث مع تلك السورية، لَمَحَ ذلك الوشم مجددًا وظل ينظر إليه بغموض.. وقفت الإثنتان وخلفهما باقي الفتيات لكي يقوم بدفع ثمن الثياب التي قاموا بشراءها وبعد أن انتهوا ودعت الفتيات بعضهن وكانت شمس تقف مع روما أمام سيارتها تتحدثان بعد أن وضعت ثيابها في سيارة جواد:
- شو راح تعملي اليوم؟
أردفت شمس بملل:
- مافيش، مش هعمل حاجة، وإنتِ؟
- وأنا كمان ما راح أعمل شي.
صمتت روما قليلًا ثم أردفت:
- شو رأيك بتيجي عندي ببيتي و نضل سوا لحتى الجامعة بُكرة؟
تحمست شمس قليلًا ولكنها تأففت:
- لا، بابي مش هيوافق
فكرت روما قليلًا ثم إقترحت:
- شو رأيك باجي أنا ونجرب الِتْياب سوا.
سعدت شمس كثيرًا بإقتراحها ذلك.
- تمام جدًا، إستني هبلغهم إني هركب معاكِ عشان مستنييني.
هزت روما رأسها بإبتسامة لطيفة، ذهبت شمس تقف أمام جواد تتحدث بهدوء:
- أنا هركب مع صاحبتي هي هتبات معايا النهاردة.
عند آخر كلمتين كانت تتحدث بسعادة وحماس جعلت ملامح جواد تهدأ وهو يطالعها وأماء لها بهدوء؛ أما هي فقد عادت لصديقتها التي لم يُبعد جواد عينيه عنها لدقيقة واحدة وفي ذات الوقت كانت روما تشعر بالخوف من جواد بسبب نظراته الغامضة تلك.
- يلا بينا.
ركبت شمس بجانبها وتحركت روما بسيارتها ويتبعها جواد برجاله حتى وصلت لقصر والدها، دخلت الفتيات القصر وخلفهم الرجال يحملون الثياب التي قامتا بشراءها وخلفهم جواد الذي كانت يتحدث بهاتفه، قبل أن تصعد شمس لغرفتها مرت على والدها في غرفة مكتبه أولاً.
- بابي.
إستقام من مقعده وقام بضمها بقوة..
- حبيبة بابي، طمنيني عملتي إيه؟ جبتي كل إللي عجبك؟
أردفت بإبتسامة وهي تنظر في عمق عينيه:
- أكيد طبعا يا حبيبي.
إقتربت شمس من روما تمسك بيدها لتعرفها على والدها:
- دي روما يابابي، صاحبتي السورية إللي كلمتك عنها كتير.
صافحها بهجت بإبتسامة أبوية لطيفة:
- إزيك يا روما؟
أردفت روما بإبتسامة:
- كْتِير امْنِيحَة، كيفك إنتَ عمو؟
إبتسم بهجت وأردف بهدوء:
- الحمدلله بخير، أتمنى تكونوا انبسطوا يابنات.
أجابت شمس بسعادة:
- أكيد طبعا يابابي.
دخل جواد للغرفة وإقترب من بهجت يتحدث بهدوء:
- هتحتاج مني حاجة قبل ما أمشي؟
- تعبتك معايا يا جواد.
إبتسم جواد بهدوء وأثناء خروجه من الغرفة تقابلت عينيه مع روما التي تنظر له بترقب ولكنه تجاهلها وخرج .. تحدثت شمس بعد خروج جواد:
- بابي، روما هتبات معايا النهاردة.
أردف بهجت بترحيب:
- أكيد طبعا تنور، هخلي الخدم يجهزولها أوضة
- لا هتبات معايا في أوضتي يا بابي.
- إللي تشوفيه يا حبيبتي.
ضمته بقوة قبل أن تخرج تحت أعين روما التي تنظر لهما بهدوء ثم أمسكت شمس بيدها وخرجتا سوية من الغرفة .. دخلتا الغرفة وقامتا بإستخراج ثيابهن وكانت شمس سعيدة بأنها قد خدعت جواد وبالنهاية أخذت الثياب التي تعجبها دون أن يعلم .. عندما كانت شمس ترتدي ثوبٌ قصير تفاجأت به ممزق.. صرخت بفزع وأمسكت باقي الثياب القصيرة وجدتها ممزقة أيضًا لا تصلح للإرتداء .. فزعت روما من مظهر ثياب شمس وركضت تبحث في ثيابها هي الأخرى ظنًا منها أنه قد تم خداعهم ولكنها تنهدت بإرتياح عندما وجدت أن ثيابها سليمة.
صرخت شمس بغضب :
- جواد!!!!
كان جواد يقود سيارته مبتسمًا بهدوء وملامحه تدل على الإرتياح الشديد .. أمسكت شمس بهاتفها تقوم بإرسال رسال له.
- إنت إزاي تعمل كده في هدومي؟؟ إنت مالك بيا وبحياتي؟ أنا بكرهك.
وصلته رسالتها، وقرأها بهدوء ولكنه لم يُجِبها ..
- كيف بيعمل هيك يا شمس؟
أردفت بغضب:
- البيه فاكر إنه هيقدر يتحكم في حياتي .. إما وريته مبقاش أنا شمس.
- شو راح تعملي يعني؟
-هشوف وقتها هعمل إيه.
جلست روما بجانبها تتنهد ثم صمتا قليلًا.
- بتِعْرفي يا شَمِس، انا حبيت علاقتك بوالدك كتير.
إبتسمت بهدوء ثم أردفت:
- أنا وبابي مالناش غير بعض من بعد ما مامي إتوفت وهو من وقتها بيحاول يعوضني عنها.
- إنتي كتير محظوظة يا شمس، أنا بيبقى صعب عليا أشوفهم حتى إنتي أكيد عارفة إني عشت عمري كله بأمريكا وأنا جيت على هون لكن الإتنين سفرهم كتير حتى إختاروا إنهم يضلوا بأمريكا وعم يبعتولي في الأجازات.
إقتربت منها شمس تضمها بقوة:
- إنتِ أقرب واحدة ليا يا روما، أنا بعتبرك زي أختي .. خليكي عارفة ده كويس وأنا موجودة وبابي موجود لو محتاجاه في أي حاجة هيكون جنبك، المهم ماتحسيش إنك لوحدك.
- شكرا ياشمس، إنتي كتير لطيفة وأنا بدي إنك تعرفي إنك أقرب رفيقة إلي.
قاطع حديثهما رنين هاتف روما والتي أجابت فورًا.
- إيه كوتش؟
المتحدث على الطرف الآخر أجاب ..
- أوك، بكون عندك بمعادي.
ثم أغلقت هاتفها وتقابلت عينيها مع عين شمس التي تنظر لها بترقب ..
- شو في؟؟
- إنتي كنتي بتكلمي مين؟
- هاد الكوتش تبعي، عم أتدرب سباحة
صرخت شمس بحماس:
- ماقولتليش ليه كنت روحت معاكِ.
تحدثت روما ببساطة
- خلَص بتيجي معي من بكرة شو رأيك؟ أنا ما رَح أروح الجامعة بدي أروح على السباحة علطول.
- إشطا.
سهرت الفتاتان تتحدثان سويًا حتى غلبهما النوم.
رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات
في صباح اليوم التالي:
كانت تدندن ببعض النغمات بسعادة وهي تهبط على أدراج القصر مرتدية ثوب أزرق طوله يصل لبعد الركبة ببعض الشئ وهو من الأثواب المحظوظة التي لم يقم جواد بتمزيقها لها وخلفها روما .. ذهبت تقبل والدها ويتناولا طعام الفطور وتنهدت بإرتياح عندما لم تجد جواد أمامها.
قبلت والدها من وجنتيه متحدثة:
- صباح الخير يا بابي.
- صباح النور يا حبيبتي.
جسلت على المائدة وجلست بجانبها روما والتي إفتقدت تمامًا ذلك الجو العائلي ..
أردف بهجت بإبتسامة لروما:
- صباح الخير يابنتي، أتمنى تكوني نمتي كويس.
- صباح النور عمو، إيه نمت كتير منيح.
بدأت الإثنتان بتناول الطعام وبعد أن إنتهت شمس..
- بابي أنا ممكن أطلب منك طلب؟
- إيه يا حبيبتي؟
- أنا عايزة أشترك في تدريب سباحة مع روما.
تحدث بهجت بإستفساروعدم فهم:
- أكلملك كابتن تيجي تدربك هنا إنتي وروما يعني؟
- لا بابي، أنا هروح نادي مع روما ونتمرن هناك.
تعجب بهجت:
- ليه نادي وفي هنا بسين؟!
- أنا بحس إن هنا سجن، لكن أنا عايزة يبقى في ناس حواليا وأتعامل معاهم وكده مبقاش لوحدي أنا وروما.
أردف بهجت بعدم إقتناع:
- إللي يريحك، إعملي إللي إنتِ حباه يا حبيبتي، هتروحي بعد الجامعة؟
- لا الميعاد بعد شويه، وقبل ماتتكلم .. صباح باخد منها المحاضرات وهي كده كده هتيجي قريب هنا تشرحلي وتساعدني في المذاكرة.
- ماشي يا حبيبتي إبقي سلميلي عليها لما تشوفيها، ومحتاج إنك تهتمي شويه بالجامعة يا شمس.
- حاضر يابابي.
قامت بتقبيله وأشارت لروما بأن يتحركا وبالفعل تحركا بسيارة روما .. وقبل أن يذهبا للنادي قامت شمس أولا بشراء زي للسباحة ولكنه كان عارٍ بعض الشيء وذهبت هي وروما في اتجاه النادي .. وقف جواد بسيارته أمام نادٍ معروفٍ يبحث عن أحدٍ ما بداخله حتى قابله ..
- جواد، أنا هنا أهوه.
إبتسم جواد وإقترب يصافح صديقه والذي يُدعى عاصم ..
- عامل إيه يابني؟
- الحمدلله، فينك كده؟ بتختفي كتير أوي يا جواد..
- غصب عني، إنت أخبارك إيه؟ والشغل أخباره إيه؟ كويس؟
تنهد عاصم تنهيدة بسيطة ثم أردف:
- من إمتى الشغل بيكون كويس؟ إنت عارف الطاحونة إللي ببقى فيها صبح وليل وأحيانًا الشغل بيتطلب مني إني أبات برا.
- ربنا يوفقك.
- آمين .. إنت بقا فينك كده؟ لسه ماتجوزتش يا جواد؟؟ معقولة؟! ده إنت في النص التلاتينات.
صمت جواد قليلًا ثم أردف:
- لسه مالقتهاش وبعدين إنت عارف إن شغلي رقم واحد بالنسبالي.
- ربنا يوفقك.
كاد جواد أن يتحدث ولكنه إنتبه لفتاة تشبه شمس رآها من على بُعد أمتار .. تلك الأحاسيس والمشاعر التي يشعر بها دائما عندما يرى شمسه .. هل هي هنا فعلا؟ أم يُهيأ له فقط أنه يراها؟ من المفترض أنها بالجامعة الآن .. ماذا ستفعل هنا .. وما أكد له أنها هي، هو وجود تلك الفتاة السورية معها.
ربت على كتفه مردفًا:
- معلش يا عاصم هنتقابل وقت تاني.
- في إيه؟
إختفى جواد من أمام عاصم الذي وقف بذهول مما حدث للتو ... لم يتقابلا لسنوات والآن يتحدث معه لعدة دقائق ثم يذهب، هكذا فقط ولكنه برر لنفسه أنه من الممكن أن يكون طرأ له عمل مهم.
إقترب جواد من الممر الذي سارت به شمس ووجد لافته تشير إلى أنه طريق المسبح .. عقد حاجبيه بإستفهام من وجودها هنا .. دخل ذلك الممر ودخل قاعة المسبح نظر حوله يبحث عنها ولكنه لم يجدها .. تنهد بإرتياح يبدو أنه كان يحلم .. كاد أن يخرج من القاعة ولكنه تجمد بمكانه عندما رآها .. رآها ترتدي ملابس سباحة عارية ..
- المايوه كتير حلو عليكِ ياشمس .. كتير عم ينطقك.
- هو فعلا جامد أوي وعجبني.
تحولت ملامح جواد إلى ملامح شيطانية كان يتفحصها من رأسها لأخمص قدمها .. ساقيها عاريتان .. بطنها عارية .. فقط المُختبئ مؤخرتها وصدرها! فقط!!! قامت شمس وروما بعمل بعض الإحماءات قبل أن تنزلا المياة .. وهنا إصطدمت شمس بأحدهم ..
- أنا آسف.
إلتفتت شمس لمن إصطدم بها وكان زميلها بالجامعة ذلك الفتي المدعو بـ ساجد.
- مافيش مشكلة.
- ساجد! إنت هون؟!
- روما إزيك؟
رحبا ببعضهما كثيرًا لكن شمس كانت تراقب مظهره المهندم ولباقته في التحدث معهما .. وإبتسامته تلك .. إبتسامته اللطيفة .. كان شابًا لطيفًا ..
- شمس.
إستفاقت عندما نادتها روما ..
- ساجد رفيقنا بالجامعة ماعم تتذكريه؟
- أكيد فاكراه، إزيك؟
صافحها بفتورٍ ..
- إزيك يا شمس؟
- كويسه الحمدلله.
- أستأذنكم أنا يابنات كان نفسي أقف معاكم بس ورايا شغل.
- إيه ساجد، بشوفك
- باي روما، باي شمس.
أشارت له الفتاتان بالوداع، وكانت شمس تتابع حركاته وهو يخرج من القاعة وهنا تقابلت عينيها مع عيني جواد التي لا تبشر بالخير أبدًا .. ولكنها تماسكت وأظهرت البرود وتجاهلت وجوده يكفي ما فعله بثيابها ..
نزلت المسبح مع روما ووقف أمامهما بالمياة رجل كان يتحدث معهما ويشير لهما ببعض الكات ومن الواضح أنه الذي سيقوم بتدريبها .. رجل!! .. رجلٌ سيقوم بتدريبها؟؟ .. سيلمسها! .. كان المسبح فارغًا بعض الشيء كانت فقط روما وشمس من يسبحان، لأنهما ببداية اليوم .. عندما أمسك المدرب بكتفي شمس توقف جواد أمام مرأى بصرهما ..
- إطلعي.
- لا.
أردف جواد بغضب:
- أنا مش هكرر كلامي تاني.
نفخت شمس بضيق ..
- شو بَك جواد!
- إخرسي إنتِ خالص.
خرجت شمس من المسبح وإقترب منها جواد يمسك بذراعها بقوة ..
- سيبني.
- إمشي قدامي يلا.
أردفت بحنق:
- أغير هدومي طيب.
- إبتعد عنها وتركها تذهب للحمام لتغيير ثيابها.
إلتفت جواد نحو روما التي تطالعه وهي تتمرن ولكنه تجاهلها وخرجت شمس التي إرتدت ثوبها الأزرق بسرعة .. أمسكها من ذراعها وخرجا من قاعة السباحة .. وكانت شمس تتأفف تحاول أن تُبعده عنها ولكن بنيته القوية كانت لا تساعدها في ذلك إطلاقًا .. جعلها تركب سيارته عنوة عنها وركب بجانبها وبدأ بقيادة السيارة وصمت .. ولكنها لم تصمت:
- أنا مش عيلة صغيرة عشان تعاملني بالأسلوب .. ده إنت مين أصلا عشان تعاملني أنا كده؟؟
لم يُجِبها ولم يكترث لما تقول ..
- أنا هقول لبابي على إللي إنت عملته النهاردة ده، مش هيعديها أنا واثقة من كده .. مش كفاية إنك قطعت فساتيني؟
ظل هكذا صامتًا حتى وصلا للقصر ولكن لحسن حظ جواد كان بهجت قد خرج لشركته .. أخرجها من السيارة وهو يمسك ذراعها بقوة يجذبها خلفه حتى وصلا لقاعة المسبح الخاصة بالقصر .. ولكنه كان مستمرًا بالمشي نحو المسبح ..
- جواد! .. إنت هتعمل إيه؟!
توقف بها على حافة المسبح ثم قربها منه وأردف بهدوء:
- مش عايزة تتعلمي السباحة؟؟ إتفضلي .. عند البِسين أهوه! .. ولا إنتِ خايفة؟؟
- أيوه هتعلم إزاي؟ لازم كابتن.
أردف جواد بهدوء:
- بهجت بيه بقا يعرف إن إللي كان بيمرنك راجل مش واحدة ست؟
- مالكش دعوة بيا يا جواد .. إنت فاكر نفسك مين عشان تتحكم بحياتي؟ .. إنت يا دوب واحد شغال عند بابي .. لا إنت قريبي ولا تعرفني أصلا وحتى لو روحت قولتله إن إللي كان بيدربني راجل .. فيها إيه يعني؟؟
أردف جواد بغضب:
- فيها إنك متربتيش.
دفعته بقوة بغضب ولكن لم يتحرك من مكانه بسبب قوته البدنيه وقوة الدفع جعلتها تعود للخلف فتعرقلت بحافة المسبح ووقعت في المياة ولكن ذلك المسبح هو أعمق بقليل عن المسبح الآخر.
- جواد!!!
كانت تحاول أن تسبح ولكنها كانت تغرق، قام بخلع سترة حلته السوداء وحذاءه وألقى بنفسه في المسبح خلفها .. أصبحت أسفل المياة تقابلت نظراتها هي وجواد الذي أخذها بين ذراعيه لعدة لحظات ثم إرتفع بها إلى سطح المياة .. سبح بها حتى وصل إلى سُلم المسبح وجعلها تصعد وهو صعد أيضًا متحدثًا بهدوء وهو يأخذ سترته وحذاءه معطيًا إياها ظهره..
- من بكرة هتيجي كابتن تدربك هنا والتزمي بحضورك في الجامعة.
ثم خرج من القاعة دون أن يسمع ردها .. أما هي كانت تريد أن تصرخ به مرة أخرى .. " من تظن نفسك؟؟ زوجي!!"
..............................
في الوقت الحالي:
توقف جواد بسيارته أمام قصر السيد بهجت وأخذ نفسًا عميقًا يهدئ من روعه ولكي لا يظهر على ملامحه شيء ..
دخل القصر وإتجه نحو غرفة المكتب .. ووقف أمامه بهدوء..
- كنت محتاج نتكلم في التهديد إللي حضرتك بتتعرضله.
هز بهجت رأسه نافيًا:
- أنا إللي محتاج أعرف الأول إيه إللي بيحصل من ورا ظهري؟ في حاجة إنت وشمس مخبيينها عليا يا جواد؟
لم يتحدث جواد بكلمة وظل يطالعه بهدوء ..
- جواد رد عليا.
- أرد أقول إيه يا بهجت بيه؟ من كتر التهديدات إللي بتتعرضلها بقيت شاكك في كل إللي حواليك، مش لاقي رد بصراحة.
تنهد بهجت بصعوبة ووضع يديه على رأسه يفكر ..
- إنت لسه بتعاقبني؟ صح؟
ثم عاد ورفع رأسه يطالع جواد:
- إنت بتعاقبني عشان خَلَفت وعدي معاك في جوازك إنت وشمس .. بتعاقبني إنك ساكت ومباقتش زي الأول معايا وكمان إختفيت عشان مش حابب تتعامل معايا.
أردف جواد ببرود:
- الموضوع مالهوش علاقة يا بهجت بيه، أنا كان ورايا شغل مهم ... ومهما حصل مافيش حاجة تأثر على علاقتنا .. حضرتك في مقام والدي.
إستقام بهجت من مكتبه وأردف برجاء:
- طب بما إنك لسه بتعتبرني زي والدك .. أنا محتاج أعرف بنتي مالها، شمس مش كويسه خالص.
كان يتحدث وهو يتنفس بصعوبة وإنتبه جواد لذلك..
أمسك جواد بيديه وأجلسه على كرسي قريب منه وجعله يشرب بعض المياة لكي يهدأ ..
- ماتقلقش شمس كويسه .. أنا حاطط عيني عليها وهي مسافرة مع جوزها.
هز بهجت رأسه ثم أردف بحزن:
- كان نفسي تكون إنت جوز بنتي يا جواد، أنا حاسس إن حياتنا كلها إتلغبطت من بعد ما خَلَفت إتفاقي معاك إنكم هتتجوزوا بعد ما هي تخلص دراسة .. أنا ماكنتش هعرف أطمن عليها مع حد تاني غير معاك.
إرتكز جواد أرضًا على ركبتيه ممسكًا بيد بهجت متحدثًا بإيتسامة هادئة:
- أنا بخير وشمس بخير دلوقتي، صحتك دلوقتي مهمة عندنا كلنا بالدنيا دي، لازم تحاول تخلي الزعل والندم ميأثروش عليك، الشباب هنا بيقولوا إنك مش بتاخد أدويتك، ليه؟
لم يجد بهجت ردًا لكي يُجيبه ولكن جواد إبتسم وأردف بهدوء:
- عمومًا أنا الفترة دي هكون معاك، هكون في الفيلا بتاعتي أي وقت تحتاجني فيه هكون عندك .. بالنسبة للتهديد إللي إنت كلمتني عنه إيه إللي حصل؟
أمسك بهجت بهاتفه ليريه الرسائل التي جاءته من أرقام غير معروف هوية صاحبها ظل جواد يبحث في الدردشة تى توقف أمام صورة فتاة .. ولم تكن أي فتاة بل كانت تلك الفتاة السورية مُلقاة أرضًا ومكتوب على الرسالة.
" بنتك هي إللي عليها الدور"
أردف جواد وهو يطالع بهجت:
- مافيش رسايل تانية جات من بعد دي؟
- لا مافيش، أنا قلقت على شمس بسبب الرسالة دي عشان كده بعتلك علطول، ومعرفش مين دول؟ وإيه إللي بيحصل؟
ربت جواد على يديه مردفًا بهدوء:
- ماتقلقش ..أنا هشوف الموضوع، زي ماتفقنا خد أدويتك ونام كويس.
هز بهجت رأسه بهدوء؛ أما جواد فقد استقام وخرج من غرفة المكتب بملامح شيطانية.
..................................................................................................................................
آرائكم؟ توقعاتكم؟
إيه إللي هيحصل؟ يا ترى جواد هيعمل إيه؟ شمس جرحت قلب جواد كام مرة بدون ماتنتبه؟
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
"صلوا على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"
رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم /سارة بركات
الفصل الرابع
منذ أشهر عديدة مضت:
كانت تجلس في باحة القصر مع روما تقُصُّ لها ماحدث بضيق شديد.
- فاكر نفسه مين عشان يتعامل معايا كده؟ إنساني همجي ومستفز.
أردفت روما بتنهيدة:
- بعتقد بَيِّك هو ياللي سمحله يعمل متل هيك معك.
تأففت شمس وهي تتابع دخول مدربة السباحة لباحة القصر..
- ده حتى إداله كل الصلاحيات.
أردفت روما بهمس مسموع لشمس:
- لَك شو هالجمال حتى متفنن بإختيار أتباعه امنيح.
تابعت شمس نظراتها لكي تعلم عن ماذا تتحدث وجدتها تتحدث عن بعض رجال جواد الذين يتمتعون بجاذبيه غريبة.
- بودي جارد يا روما! آخرك تبصي لبودي جارد!
إستفاقت روما عندما أردفت شمس بما تحدثت به للتو:
- مو بقصد .. بس أنا عم إحكي إنه......
قاطعتها شمس مردفة بضيق:
- مش لازم نجيب سيرته أكتر من كده دمي محروق، مش كفاية إنه باعت البودي جاردس بتوعه يحرسونا
أردف روما بإستفسار:
- ليش؟ شو هو عَم يشتغل؟
كادت أن تجيبها شمس ولكن قاطعهم توقف أمامها المدربة تبتسم لهم بهدوء:
- إتأخرت عليكم؟
كانت شمس تطالعها بهدوء تقيم جمالها ذلك .. إن روما مُحقة إنه حقًا يتفنن في إختيار متابعيه.
أردفت روما بمرح:
- لا حبيبتي، جِيتي بوقتك، إيه شو بتعلمينا اليوم؟
بدأت المدربة تتحدث عن برنامج التدريب لليوم ثم تحركت الفتيات الثلاث للمسبح الخاص بالقصر.
في صباح اليوم التالي:
كانت شمس وروما تجلسان في كافيتيريا الجامعة يشربان مشروبهما الصباحي ويتحدثان في بعض الأشياء ولكن قاطع حديثهما روما التي رفعت يدها بإبتسامة كبيرة متحدثة:
- ساجد.
إقترب ذلك الشاب المدعو بساجد وجلس معهما على ذات الطاولة:
- إزيكم يا بنات؟
- كتير امنيحة..
أردفت شمس وهي تطالعه بهدوء وخجل فتاة واضح:
- الحمدلله.
إبتسم لها ساجد، وأردفت روما بحماس:
- إيه، إنت شو أخبارك؟
- الحمدلله، كله تمام.
أردف بتلك الكلمة وهو يطالع شمس الخجلة في مكانها، رنَّ هاتف روما والتقطته تنظر لمن يتصل بها ثم أردفت:
- بعتذر منكم .. دقايق وبرجع.
- إتفضلي.
رحلت روما وتبقت شمس التي تجلس أمام ساجد، ينظر لها بهدوء، كان يُمسك بيده كوبًا به مشروبه الصباحي يرتشف منه بضع رشفات ثم أردف:
- أنا بقالي فترة بشوفك، بس أنا لحد الآن معرفش غير إسمك.
كانت تٌبعِد عينيها عنه لا تريد أن تتحدث فهي خجلةٌ كثيرًا من كونهما يجلسان وحدهما..
- سمعاني؟
نظرت إليه بإستفسار مصطنع:
- إنت بتكلمني؟
أردف وهو يشير إلى مقاعد الطاولة الفارغة التي يجلسون بها:
- أكيد بكلمك، أظن مافيش غيرنا هنا لوحدنا.
- سوري ما أخدتش بالي، كنت بتقول إيه؟
- بقولك إننا لحد الآن بنتقابل كتير صدفة بس أنا معرفش بس غير إسمك، أنا متشوق إني أعرف أكتر عنك.
حاولت أن تجد كلامًا تتحدث به إليه ولكنها شعرت بحرارة شديدة في خديها تدل على شدة خجلها..
- تعرفي إنك جميلة جدا، وأجمل بنت هنا في الجامعة؟ وبصراحة أنا المرة دي تعمدت إني أجي النهاردة الجامعة عشان أشوفك وأقعد أتكلم معاكي، زهقت من النظرات إللي بينا ومحتاج أخد خطوة ناحيتك.
إبتسمت شمس بهدوء ثم أردفت:
- بمعنى؟
- يعني أنا مُعجب بيكي، ومحتاج أتعرف عليكي أكتر عشان يبقى في بينا حاجة رسمي فيما بعد، وإحنا قريبين من سن بعض فهيبقى سهل إننا نفهم بعض.
قهقهت شمس بخفة ثم أردفت تلك المرة بجدية دون خجل:
- وإنت ضمنت منين إن أنا وافقت؟ مش يمكن شايفاك زيك زي دول كلهم.
وأشارت على جميع الشباب الموجودين بالكافيتيريا حولها والمقصد أنها لا تريد أن ترتبط بأي أحدٍ من الجامعة.
- مش يمكن أنا غيرهم كلهم؟
أردف بتلك الجُملة بثقة عالية لا تعلم من أين أتى بها .. هو بالتأكيد وسيم ورائع ويبدو من مظهره أنه مهندم .. ويبدو أنه ثري كما أخبرتها روما قبلًا .. يبدو مُختلفًا قليلاً عنهم كما قال، كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها مردفًا:
- بكرة الساعة عشرة بليل نتقابل في ******، وهستناكي.
وغمز لها وإستقام من مقعده في ذات اللحظة التي عادت بها روما إلى الطاولة..
- ساجد، لَوين رايح؟
- خلصت إللي جاي عشانه.
أردف بتلك الجُملة وأشار لها ثم رحل، طالعت شمس بتعجب ثم أردفت:
- شو بيقصد؟
أخذت شمس نفسًا عميقًا ثم أردفت بهدوء:
- عايز يقابلني بكرة.
صرخت روما بحماس وتعجبٍ في آن واحد:
- إحكي إللي صار يلا.
قصَّت لها شمس عن حديثهما الذي كان قبل ثوانٍ معدودة ثم أردفت روما:
- إيه شو هالجمال، ساجد كتير شاب امنيح، خلوق أنا اتحدثت معه كتير أحيانًا بشعر إنه مو من هاد العالم، بحس إنه عايش بعالم آخر هو ماله متل شباب اليوم.
- يعني أعمل إيه؟
- إعطي لَإِلك فرصة وإتقابلوا، الشاب كتير جِدِّي، وبصراحة أنا أحيانًا بشعر إنك عم تباديلة المشاعر نفسها.
شعرت شمس بالخجل من حديثها ونظرت أمامها لم تُعَلِق على ما قالته وإستأنفت:
- أعمل إيه طيب؟ أجيبها لبابي إزاي؟
- ماني فاهمة عليكي شمس، تقدري تقولي أي شيء، ممكن تحكي إنك رَح تكوني معي.
- بس أنا متعودتش أكذب.
- شو؟ شمس أنا ليه عم بحس إنك ما مريتي بحب مراهقة من قبل؟
أكدت لها شمس سؤالها ذلك مردفة بهدوء:
- أنا فعلا ماجربتش ده قبل كده، جواد من كتر ما كان بيتدخل في حياتنا زيادة عن اللزوم كان بيبعد عني أي ولد كان يقرب مني لمجرد الزمالة كمان.
- إيه هادا هو جواد، أنا كتير صرت عم أكرهه عم يتصرف كإنك إنتِ إللي بنته مو بَيِّك أونكل بهجت.
نظرت إليها شمس قليلًا ثم أردفت:
- إنتِ عندك حق، خلاص أنا هقول لبابي إني هخرج معاكي.
- كتير امنيح.
كادت أن تتحدث شمس ولكن قاطعها صوت:
- شمس، ممكن أتكلم معاكي شويه؟
كانت تلك الفتاة زميلتها والتي تُدعى صباح، طالعتها روما لثوانٍ ثم إلتفتت لشمس بإبتسامة:
- بشوفك شمس، أنا عندي موعِد.
أومأت بهدوء وإبتسمت روما لصباح:
- تشاو.
عقدت صباح حاجبيها وهي تطالع هيئتها ثم عادت تطالعه شمس:
- إزيك؟
- كويسه.
ذلك ما أردفت به شمس بلامبالاة وهي تأخذ رشفة من كوبها ..
جلست صباح بجانبها وحاولت شمس الإبتعاد عنها قليلًا:
- أنا جهزتلك المحاضرات إللي فاتتك في الكشكول ده، شوفيهم كده ولو في أي حاجة تانية إنتِ محتاجاها أو وقفت معاكِ قوليلي.
- أوكِ، محتاجة كام؟
أردفت صباح بإبتسامة هادئة:
- أنا مش محتاجة منك حاجة خالص غير إنك تذاكري، وتبطلي تخرجي مع إللي إسمها روما دي.......
كانت صباح تحادث شمس بحسن نية كلهفة صديقة تريد مصلحة صديقتها، ولكن قاطعها صوت شمس العالي ..
- ماتتدخليش في حياتي وخليكِ في حالك، وإنتِ مين إنتِ عشان تحكمي على روما صاحبتي؟ إنتِ تعرفيها؟ تعرفي حياتها؟ تعرفي ظروفها؟ لا ماتعرفيش يبقى خليكِ في حالك أفضل.
شعرت صباح بالحزن والإحراج في آن واحدٍ لأنه بالإضافة لإهانة شمس لها كان جميع من بالكافيتيريا يطالعونها بسخرية ..
- أنا آسفة.
ثم خرجت من الكافيتريا راكضة وهي تبكي؛ أما بالنسبة لشمس فقد تأففت لأن تلك المدعوة صباح قد عكرت مزاجها الجيد أخذت أشياءها ثم خرجت من الجامعة في نية منها للذهاب للمنزل؛ أما بالنسبة لصباح فقد كانت تبكي وهي تجلس بركن من أركان إحدى الكليات بالجامعة إلتقطت هاتفها وهي تبكي وطلبت رقمًا معين ووضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد حتى أتاها صوته.
- ألو.
- جواد بيه.
- أيوه يا صباح معاكِ.
أردفت ببكاء:
- أنا إعتبرتها أختي وأنا بكلمها وبنصحها إنها تبعد عن البنت إللي إسمها روما دي، مالحقتش أكمل كلامي وإتكلمت معايا بأسلوب مش كويس، نفسي أفهم هي ليه مش قادرة تتقبلني في حياتها؟ أنا بحاول أساعدها بحاول أبقى جنبها بس هي لسه مش شايفاني يا جواد بيه، أنا بعِز شمس وبحبها عشان شايفاها بريئة مقارنة بالبنات إللي هي مصاحباهم غير كده ماكنتش قربت منها.
أردف جواد بهدوء:
- ماتزعليش، هي شمس مش قادرة تميز الصح من الغلط دلوقتي، بس مسيرها في يوم هتفهم.
- إمتى؟ حضرتك دخلتني الجامعة الجميلة دي وإللي كانت من أحلامي في يوم من الأيام وطلبت مني أبقى جنبها وأساعدها في المذاكرة والمحاضرات، وكمان بجيلها البيت بهتم بمذاكرتها، وأنا بالنسبالي الموضوع مختلف أنا بعتبر شمس زي أختي فعلا .. وبعمل ده من قلبي .. بس أنا تعبت من المعاملة دي، أنا عارفة إن أنا هنا عشانها بس أنا تعبت يا جواد بيه.
تنهد جواد بيأس من تصرفات شمس:
- تمام يا صباح، أنا هشوف الموضوع ده، إنتبهي إنتِ لدراستك وسلميلي على والدك وماتقلقيش.
- شكرا لحضرتك.
أغلقت صباح المكالمة الهاتفية مع السيد جواد؛ الرجل الذي يعمل والدها عنده فهم في البداية كانوا من الطبقة الفقيرة وكانت معيشتهم صعبة كثيرًا، ولكن منذ أن عمل والدها عنده وقد إرتفع مستواهم المعيشي وأصبحوا من ضمن الطبقة المتوسطة .. كان مثلها الأعلى كانت تراه دائمًا مع والدها منذ صغرها .. كان حلمها في يومٍ ما أن تتزوج شخصًا مثله أو تتزوجه هو، هزت صباح رأسها نافية .. تُذكر نفسها أن جواد أدخلها تلك الجامعة لتتعلم ولكي تهتم بشمس، الفتاة الوحيدة التي يهتم بها جواد في هذا العالم .. قامت بمسح عِبراتها أسفل نظارتها الطبية وقامت بتعديلها تأخذ نفسًا عميقًا وكادت أن تعتدل لتقف، إنتبهت لوجود تلك الفتاة المدعوة بروما تقف مع شابٍ ما والذي يكون ساجد ولكنها لا تعلم من هو من الأساس ولا تعلم إسمه لأنها لم تراه قبلًا في هذه الجامعة، تجاهلت وجودهما سويًا وذهبت لكي تحضر محاضراتها المتبقية.
.................................
"رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات"
في مساء اليوم التالي:
كانت ترتدي ثوبًا من اللون الأزرق وتركت شعرها الكستنائي منسابًا فوق ظهرها، تهبط على أدراج القصر بترقب تبحث بعينيها عن والدها حتى وجدته جالسًا مع أحد رجال الأعمال في باحة القصر يضحكان سويًا ويدردشان قليلًا .. إقتربت منه بإبتسامة مصطنعة تحاول أن تتقن الكذبة التي ستخبره بها الآن ..
- بابي.
إلتفت بهجت لصغيرته وتعجب من أنها ترتدي ثوبًا وتضع بعضًا من مستحضرات التجميل على وجهها..
- رايحة فين يا حبيبتي؟
- هروح أقابل روما هنخرج ساعة أو ساعتين كده وهرجع تاني.
نظر بهجت لساعة يده ثم أردف بتعجب:
- الساعة تسعة ونص، إنتِ من إمتى بتخرجي بليل كده، هكلم جواد يوصلك.
أردفت بتأفف دون مراعا للضيف الموجود:
- لا مش عايزة جواد يوصلني ولا عايزاه في حياتي أصلا، بطَّل تدخله في حياتي، ده بيتحكم فيا بشكل مقزز .. بلاش يا بابي تخليني أزعل .. وبعدين أنا مش هروح بعيد، في كافيه ناحيتها هقعد معاها فيه وهرجع علطول.
طالعها بهجت قليلًا بهدوء ثم أردف:
- ماشي، بس ماتتأخريش.
- ميرسي يا بابي.
قبلته من وجنته ثم خرجت، أما بالنسبة لرجل الأعمال الذي كان معه أردف بإستفسار:
- هو جواد بيه وحضرتك علاقتكم ببعض إيه؟
إبتسم بهجت مردفًا بهدوء:
- جواد إن شاء الله هيكون جوز بنتي .. هي مسألة وقت لسه هفاتح شمس في الموضوع قريب.
- بجد؟ ألف مبروك.
- الله يبارك فيك، الموضوع لسه ما أعلناش عنه، كان الإتفاق بيني وبين جواد بشكل مبدأي، بس لما شمس تخلص جامعة هنشوف الأمور هتوصل لإيه.
- بالتوفيق.
ثم أكمل بهجت دردشته مع صديقه؛ أما بالنسبة لشمس فقد تنهدت بإرتياح بعدما كذبت على والدها وتحركت بسيارتها من أمام القصر وذهبت لتقابل ساجد، كانت متوترة طوال الطريق تفكر عن ما ستتحدث به معه وأين ستؤول الأمور؟ .. كيف تتعامل معه من الأساس هي تبدو ظاهريًا بالنسبة للجميع جريئة وقوية لكنها بداخلها تشعر أنها هشة خائفة .. أخذت نفسًا تحاول أن تُهدئ من روعها .. إنه ليس فتًى سيء .. إنه زميلها بالجامعة .. ظلت تُذكر نفسها بذلك حتى وصلت للمكان الذي أخبرها به ... كان عبارة عن مكانٍ راقٍ بالقاهرة الجديدة .. كان هناك .. كان يقف متأنقًا وينتظرها .. إقتربت منه بإبتسامة لطيفة وهادئة وبادلها الإبتسامة عندما لاحظ إقترابها ..
- إتأخرت عليك؟
- لا أبدًا.
سارا قليلًا وكان هو الذي يتحدث عن نفسه .. عن حياته .. عن عمله الظاهري وهو أنه يتابع جميع أعمال والده؛ أما هي فقد كانت صامته هادئة خجلة .. فتلك أول تجربة تخوضها ..
- وإنتِ؟
إنتبهت إليه عندما وجه حديثه لها..
- كلميني عن نفسك.
أردفت ببضع كلماتٍ بسيطة:
- شمس عندي واحد وعشرين سنة، ماليش غير بابي وصاحبتي تبقى روما.
سأل بتعجب:
- بس كده؟!
أجابت بفضول:
- هو في إيه تاني أتكلم عنه؟
- بتحبي إيه؟ بتكرهي إيه؟
إبتسمت شمس بهدوء ثم أخبرته بما تحب وتكره .. يبدو أنه مهتمٌ بها كثيرًا هذا رومانسي حقًا .. شعرت بتخبط في مشاعرها بسبب الخجل الكبير الذي تشعر به .. مر الوقت وهما يدردشان سويًا.
بعد عدة دقائق:
كانا يجلسان في كافيتيريا راقية .. وكان ينظر في عمق عينيها وتلك المرة أمسك بيدها بقوة، حاولت أن تُبعِدَ يده عنها ولكنه تحدث بهدوء:
- ماتخافيش
- مش خايفة طبعا، بس مش بسرعة كده.
- ليه مش بسرعة؟ أنا معجب بيكِ وإنتِ بتبادليني نفس المشاعر.
لم تجد ردًا لتُجيبه، إبتسمت بخجل ..
أردف ساجد بأعين لامعة:
- أوعدك يا شمس إنك هتعيشي أجمل أيام حياتك معايا.
في الوقت الحالي:
كانت تطرق على باب غرفتها في المصحة بغضب وصراخ:
- خرجوني من هنا، أنا مش حابة أبقى هنا.
لم يُجِبها أحد وصرخت قهر، ظلت هكذا لأيام لم يبالي أحدٌ لصراخها .. ثم وأين جواد؟ بعد أن تركها هنا لرم يأتِ لو لمرة لكي يراها، لا تصدق حتى الآن أنها مُدمنة على الممنوعات .. حتى الآن تتساءل كيف ومتى حدث هذا؟ لا تصدق أن ساجد فعل بها كل ذلك .. لقد كانت حمقاء صدقته ووقعت في غرام ذلك الكاذب الحقير .. ولما تُلقي اللوم على ساجد من الأساس؟ هي من سمحت لكل ذلك بأن يحدث لها.
............................
في مستودعٍ مُظلمٍ كان جواد يقف أمام ذلك الشخص المُلقى أرضًا .. كان وجهه مليئًا بالكدمات وجسده به بعض الكسور .. ألقى أحد رجال جواد دورقٌ من المياة على رأس ساجد والذي إستيقظ مفزوعًا من غفلته وأيضًا من ثلوجة الطقس بالإضافة إلى البرد القارص الذي يشعر به الآن بسبب المياة الباردة التي أُلقيت عليه أيضًا.
كان جواد يطالعه بهدوء وهو فزعٌ هكذا، ورجاله يمسكون به بقوة لكي لا يهرب منهم.
أردف جواد بهدوء:
- مطلوب منك تعمل حاجة بسيطة وقصادها هتاخد حريتك.
نظر له ساجد بإنتباه كأن مفتاح خروجه هو إتفاقه مع ذلك الشخص الذي يقف أمامه .. تقدم نحو جواد أحد رجاله يعطيه بعض الأورق ..
- دي أوراق طلاقك من شمس.
عقد ساجد حاجبيه .. ولكن جواد إستأنف حديثه بهدوء:
- هتوقع على الورق ده كله، ومش هتسيب ورقه واحدة.
هز ساجد رأسه بتعب نظرًا لأن يده اليُسرى مكسورة .. قدم أحد الرجال الأوراق لجاسر وقام بتوقيعها كلها ولم يكن هناك أي مكانٍ في الورق يُطلب فيه توقعه إلا ووقعه .. أخذ رجل الاوراق منه ووقف خلف جواد الذي يطالع ساجد بنظرة شيطانية ..
سأل ساجد بإرهاق:
- إنت مين؟
لم يُجبه ولكنه قام بخلع معطفة الأسود وأخذه منه أحد رجاله؛ أما بالنسبة للرجال الذين يمسكون بساجد فقد تركوه وإبتعدوا عنه ..
- أنا لما هخرج من هنا ويعرفوا إللي إنت عملته فيا مش هيسيبوك .. إنت ماتعرفش أنا مين؟
أردف جواد بلامبالاة:
- مايهمنيش أعرف.
لم يستطع ساجد أن يتحدث ولكنه إنتبه عندما وقف جواد أمام حائط معلقٌ به بعض الأدوات أخذ من بينهم سكينٌ حاد .. إبتلع ساجد ريقه بصعوبه وهو يراقب إقتراب جواد منه ..
- إنت وعدتني إنك هتخرجني من هناك بمجرد ماهوقع الأوراق.
رفع جواد حاجبيه بدهشة ثم أردف بإبتسامة شيطانية:
- أنا فعلا قولت كده بس ماوضحتش إنك هتخرج من هنا وإنت مش واقف على رجلك.
كاد ساجد أن يهرب ولكن أمسكه رجال جواد مرة أخرى وجعلوه يقف أمام جواد الذي يشمر عن ساعديه وهو يُمسك السكين ..
- هسألك في سيناريو يخص حياتك مع شمس، كنت بتعذبها إزاي؟
صرخ ساجد بقوة عندما طعنه جواد بقوة في قدمه اليسرى .. وقع أرضًا يصرخ بألم .. أتى له أحد رجاله بسكينٍ آخر، وإرتكز جواد على قدميه وهو يطالع ساجد المُلقى أرضًا.
- ليه أخدت مني روحي؟
نظر له ساجد بإستفسار بين ألمه وهو يستند بيده اليمنى على الأرض ولكنه صرخ بقوة مرة أخرى عندما قطع جواد أصابع يده اليمنى بالسكين الآخر.
- هيقتلوك .. هيقتلوك.
كان يصرخ بتلك الكلمات من شدة ألمه، إبتسم جواد بشر وأردف:
- ييجوا .. ينوروا .. أنا مستنيهم.
ظل ساجد يتلوى بألم وهو يطالع جواد الذي تغيرت ملامحه الهادئة لملامح شيطانية، خائف منه كثيرًا لم يكن يتوقع أن كل ذلك سيحدث .. إستأنف جواد حديثه:
- دلوقتي .. هسألك سؤال أخير مطلوب منك تجاوبني عليه.
كاد ساجد يطالعه وهو يبكي من شدة ألمه ويرجوه أن يتركه لحاله:
- البنت السورية ... إللي إسمها روما، موجودة فين؟
أخبره بعنوان المكان الذي هي به على الفور دون تردد وهو يصرخ ويتلوى من ألمه ..
ربت جواد على رأسه متمتمًا بهدوء:
- برافو عليك، شاطر.
ثم توقف وأخذ الأوراق من أحد رجاله بهدوء وذهب نحو الباب وأردف قبل أن يخرج:
- إكسروا رجله التانية وإرموه في أقرب صفيحة زبالة.
صرخ ساجد بفزع وهم يقومون بسحبه نحوهم ثم خرج جواد من ذلك المستودع وصوت ساجد يُدوى في المكان.
بمرور الوقت
كان جواد يقف أمام مبنى سكني في حيٍ راقٍ وخلفه رجاله، صعد هو ورجاله وقاموا بتحطيم باب شقتها ولكن عندما دخلوا الشقة كانت رائحتها بشعة كثيرًا، أخرج جواد منديلُا من جيبه ووضعه على أنفه، وبحث عن روما في الشقة حتى وجدها مٌلقاة أرضًا ولكنها لم تكن حية بل كانت جثة هامدة متعفنة!.
................................
آرائكم؟ توقعاتكم؟
إيه إللي هيحصل؟
عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: مَن سبَّح الله دبر كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين الجميع تسع وتسعون، وتمام المئة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير؛ غُفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر. (صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم / سارة بركات
الفصل الخامس
كان يقف أمام جثة روما المُلقاة أرضًا وخلفه ضباط الشُرطة وفريق الطب الشرعي يحققون في تلك الجريمة المُرتَكبة .. جثة فتاة سورية الجنسية في الثالثة والعشرين من عمرها، سبب الوفاة طلق ناري في الصدر، كما أنه تم حقنها قبلها بمادة من الممنوعات القوية، ظل يفكر كثيرًا من خلف كل هذا؟، ذلك الفتى الذي تزوجته شمس وتلك الفتاة السورية لم يكونوا إلا سوى عروس متحركة يتم تحريكها لتنفيذ الأوامر فقط، إستفاق جواد من شروده على صوت صديقه عاصم:
- وصلت إمتى؟
أردف جواد بهدوء:
- زي مانت شايف جيت لقيتها كده.
أردف عاصم بهمس مسموع لجواد:
- كنت جاي تعمل إيه يا جواد؟ مش قولتلك تبعد عن الطريق ده وكان في عهد منك إنك تمشي سليم.
طالعه جواد ثم تفوه ببرود:
- أنا طول عمري ماشي سليم، بس إللي يقطع طريقي مش هيشوف مني غير كل شر.
تنهد عاصم بضيق:
- اه إنت هتقولي، إنت ماسيبتش في الراجل إللي إنت حبسته عندك ده حته سليمة .. إنت تحمد ربنا إنه لسه عايش.
طالعه جواد بضيق وإستأنف عاصم كأنه فهم نظراته تلك:
- حاضر مش هخلي حد يراقبك تاني، أنا بس قلقان عليك إنت بقالك شهور متغير وفي إتفاقات كتير بينا يا جواد، ماتقصرش رقبتي قدام الوزارة.
أردف بشرود وهو ينظر لجثة روما:
- ماتقلقش، كل حاجة هتخلص قريب.
تنهد عاصم بإستسلام:
- تمام، خليني معاك للآخر.
- هتحتاج مني حاجة قبل ما أمشي؟
- لا تمام كده، ولو إحتجت أعرف منك معلومات زيادة عنهم أكيد هتصل بيك.
هز جواد رأسه بهدوء ثم خرج من المكان .. بعد مرور وقت بسيط .. توقفت سيارته أمام المصحة النفسية لكي يقوم بزيارتها.
كان يقف أمام باب غرفتها الذي فُتِح بواسطة الممرض الذي كان يقف أمام الباب:
أردف جواد بهدوء:
- هتأخر شويه، إقفل علينا الباب.
هز الرجل رأسه والذي نفذ أمره بعد أن دخل جواد للغرفة .. كانت تضم جسدها بقوة تقرب ركبتيها نحو صدرها وهي تجلس على فراشها مستندة على الحائط تنظر أمامها بشرود ..
أردف جواد بهدوء:
- شمس.
إلتفتت نحوه بلهفة وأردفت بأعين دامعة:
- جواد.
إقتربت منه وقامت بضمه بقوة لكنه لم يبادلها أي شئ .. إبتعدت عنه قليلًا تنظر في عمق عينيه وأردفت بأمل:
- إنت جاي عشان تخرجني من هنا صح؟
لم يُجِبها وقدم لها الأوراق مردفًا بهدوء:
- وقعي الأوراق دي.
أردفت بإستفسار:
- إيه دي؟
أردف ببرود وهو ينظر في عُمق عينيها:
- أوراق طلاقك من جوزك.
لعدة ثوانٍ لم تستوعب ماقاله للتو وطالعته بإستفسار، ولكنه لم يتحدث بكلمة إضافية .. أخذت منه الأوراق بيدٍ مرتعشة تطالعها وأخذت منه القلم ووقعت الأوراق .. وقدمتها له مرة أخرى بعدما انتهت.
- يلا نمشي من هنا، أنا مش حابة المكان ده.
- أنا جاي هنا عشان أسألك كام سؤال.
أردفت بعدم إستيعاب:
- يعني إيه؟ يعني مش هتخرجني من هنا؟!
تجاهلها مستأنفًا:
- البنت إللي إسمها روما دي، ماشكتيش في تصرفاتها لما كنتم أصحاب؟ أو حاولت مثلا إنها تجُرك لطريق معين؟ تعرفي كانت بتتواصل مع مين؟ أو هي عرفتك إزاي؟
تجاهلت جميع أسألته تلك وأردفت بإرهاق:
- أرجوك، أنا عايزة أخرج من هنا مش قادرة أستحمل.
لكنه ظل صامتًا يطالعها بهدوء، إقتربت منه أكثر مكررة حديثها بصراخ وتقوم بضرب صدره بقوة:
- خرجني من هنا يا جواد.
كانت تبكي وهي تقوم بضربه بقوة ولكنه أمسك بيدها يمنعها من أن تُكمِل ما تفعله ..
- أنا بكرهك.
أردفت بتلك الكلمة بصراخ، وانهارت تبكي بين ذراعيه، ربت على ذراعها متحدثًا بهدوء:
- أنا عايزلك الأحسن، مش هينفع تخرجي من هنا دلوقتي، لازم تتعالجي الأول، وعايزك تتطمني إن ساجد ده مش هيقرب ناحيتك تاني، بس أنا دلوقتي محتاجك تساعديني، عايزك تجاوبي على أسئلتي يا شمس عشان أقدر أوصل للي عمل كده فيكِ.
إبتعدت عنه قليلًا وهي تنظر في عمق عينيه مردفةً باستفسار:
- طب إيه علاقة روما بالأسئلة إللي إنت بتسألهالي لدي، إيه علاقتها كمان باللي حصلِّي أصلا؟!
- لإن روما هي السبب كله في اللي حصلك.
طالعته بتعجب وذهول في آنٍ واحدٍ، كيف؟! .. إنها صديقتها! لا لم تكن كذلك بل كانت أختًا لها، يبدو أن هناك سوء تفاهم..
أردفت بعدم تصديق:
- روما تبقى صاحبتي مالهاش علاقة بإللي حصلي يا جواد، دي كانت أقرب حد ليا، مكنش في حد غيرها بيسمعني ويحس بيا، دي كانت بتطمني وبتاخدني في حضنها لما ببقى متضايقة أو مخنوقة أنا وهي كنا واحد يا جواد، كنا بنبات سوا مع بعض، كانت بتنام جنبي على سريري .. إستحالة صاحبتي أنا تعمل فيا كل ده!
كانت تطالعه وهي تدافع عن صديقتها والتي بالتأكيد لن تُؤذيها يومًا ما ..
إستأنفت بذهول وعدم تصديق:
- صح يا جواد؟ مش روما مستحيل تعمل فيا كده؟ إنت شايفنا كنا دايمًا سوا، أنا عرفتها على بابي، خليتها تعتبره باباها هي كمان.
أردف جواد ببرود وهو ينظر في عمق عينيها:
- صاحبتك دي طلع وراها حوار هي وجوزك.
سقطت عبرة من عينيها وأردفت بإرتعاش:
- إزاي؟
- إنتِ إللي هتقدري تجاوبيني .. أنا محتاج إجابتك على أسئلتي .. أنا محتاج أعرف أتصرف مع مين يا شمس؟
نطق بإسمها بتأثر وهو ينظر في عينيها .. إرتعش قلبها بسبب نظراته تلك ولا تدري ما السبب .. حاولت أن تبحث في عقلها عن أي ذكرى تتعلق بعمل روما المزعوم .. ثم أردفت:
- أيوه قابلت حد قبل كده أخدت منه حاجة.....
منذ أشهر عديدة مضت:
كانت تقف بجوار سيارة روما تتحدث مع ساجد عبر إحدى وسائل التواصل الإجتماعي، ولكنها إنتبهت عندما خرجت روما من سيارتها بعد أن قامت بإجراء مكالمة هاتفية .. إقترب نحوهما شاب بدراجته النارية ولكنها لم تستطع أن ترى ملامحه جيدًا بسبب إرتداءه للخوذة فلم يقم بإزاحتها عن رأسه، نظرت للدراجة النارية وقد أعجبتها هي تعلم ذلك النوع جيدًا وتخيلت أن ساجد هو من يقود الدراجة وهي تجلس خلفه وتضمه .. إبتسمت على سذاجة خيالها وإنتبهت ليد الشاب الذي يقدم الطرد لروما .. كان هناك جرح سكين على معصم يده! ولكن الجرح يبدو أنه قديم لأنه لم يلتئم وترك تلك العلامة .. عقدت حاجبيها ولكنها لم تهتم وطالعت روما التي تبتسم للطرد الذي في يدها كان عبارة عن صندوق لم تستطع شمس أن ترى مابداخله لأنه كان مغلقٌ بإحكام ..
أردفت شمس بإستفسار:
- إيه ده يا روما؟
أردفت بإبتسامة وهي تطالعها:
- حاجة جيالي تبع الشغل.
تساءلت شمس بملل:
- وهو الشغل ده هيفضل غامض كده بالنسبالي يعني؟ إنتِ وساجد ساكتين كده مابتنطقوش .. بتشتغلوا إيه؟
إستأنفت باستنكار وهي عاقدة حاجبيها:
- تجار مخدرات؟
قهقهت روما ثم أردفت بابتسامة وهي تطالعها:
- شغالين في التسويق يا شمس.
- تمام.
رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات
في الوقت الحالي:
- ده إللي أنا فاكراه.
أردف وهو يقدم لها هاتفه:
- هاتيلي نوع الموتوسيكل إللي الشاب ده كان راكبه.
بحثت عن نوع دراجة معين حتى ظهر أمامها صورة نوع الدراجة ..
- كانت دي بالتحديد.
كان ينظر للدراجة ذات اللون الأزرق بهدوء .. وقام بتحميل الصورة على هاتفه .. وإلتفت ليخرج ولكنها أمسكت بيده ..
- جواد، ماتسبنيش هنا لوحدي.
كانت عبراتها تسقط وهي تتحدث، طالعها بملامح مبهمة؛ ألم يحِن الوقت لكي يضمها بقوة بين ذراعيه؟، ها هي الآن أصبحت مُطَلَقة! .. ألم يحنِ الوقت أن ينتقم من تلك الشفاة الصغيرة التي لطالما تمنى أن يتذوقها؟ ولكن لا جرحه منها أعمق مما يتصوره أحد .. لقد أحبها للحد الذي لا أحد يستطيع أن يتخيله وقابل ذلك الحب جرحًا كان حجمه أضعاف ذلك الحب .. لم ولن يُشفى قلبه منها .. كيف؟؟ كيف فعلت ذلك بقلبه؟؟ كيف أحبت ساجد؟؟ كيف لم تُحبه هو وخاصة أنه كان أمامها طوال الوقت .. كان متواجدًا في كل الأوقات .. كان يحميها دون أن تطلب حمايته .. إستنزف الكثير من طاقته في تلك العلاقة التي لم يكن لها مستقبل من الأساس ..
تحدثت مرة أخرى عندما لاحظت شروده بها:
- جواد.
إستفاق من شروده على صوتها؛ أما هي فقد استأنفت بإستفسار:
- هو أنا زعلتك في حاجة؟ أنا حاسة إن في حاجة كبيرة أوي أنا عملتها وإنت زعلان بسببها.
صمت قليلًا ثم أردف بهدوء:
- راجعي حياتك تاني يا شمس .. راجعي كل حاجة عملتيها وشوفي إنتِ زعلتيني ولا لا.
- جواد أنا مابحبش الألغاز، أنا محتاجة أعرف منك إنت لإنك عمرك ماهتخبي عليا حاجة.
تغيرت نبرة صوته للحدة قليلًا:
- جِبتي منين الثقة دي؟
إقتربت منه قليلًا ثم أردفت بهدوء وهي تنظر في عمق عينيه:
- مش عارفة، بس كل إللي أنا عارفاه يا جواد إن لو كل الناس إللي أعرفها إتفقوا على أذيتي حتى لو كان بابي ذات نفسه، إنت الوحيد إللي عمرك ماهتتغير وهتحميني وهتفضل معايا.
كان يطالعها بهدوء ولكنه رد على حديثها ذلك بخروجه من الغرفة دون أن ينطق كلمة واحدة؛ إنهمرت عبراتها لأنها تشعر بالخذلان بالفعل! .. يبدو أن جواد مُحقًا .. يبدو أن روما وساجد إتفقا عليها ووقعت في مصيدتهما مع الأسف .. إقتربت من الباب ووضعت مقدمة رأسها تستند بها عليه وهي تبكي .. وفي ذات الوقت كان جواد مازال يقف بالخارج مستندًا بظهره على الباب إبتعد عن الباب قليلًا ينوي الرحيل ليُكمل أعماله ولكنه عاد وتوقف أمام الباب مرة أخرى يضع يده على مقبض الباب يريد الدخول لكي يضمها بقوة بين ذراعيه، يريد أن ينسى ماحدث منها .. يريد أن ينسى خذلانها له .. اهٍ لو تعلم كم عشقها لبكت ندمًا على ماسببته له ولكن لا، إنه لا يرضى لها الحزن يكفى ما عاشته.
......................................
منذ أشهر عديدة مضت:
كانت شمس تحاول أن تقوم بمراجعة محاضراتها لأن الإمتحانات قد إقتربت ولكنها كالعادة لم تفهم شيء إنتبهت على بعض الرسائل التي أُرسلت إليها من ساجد، كانت رسائل رومانسية وفكاهية في آنٍ واحدٍ .. كانت سعيدة جدا أنها قابلت إنسانًا لطيفًا مثله .. وبعد عدة ساعات إنتهت من دردشتهما وقامت بغلق دفتر المحاضرات .. خرجت من غرفتها وهي تدندن بسعادة .. ثرية .. تمتلك حبيبًا ثريًا .. لديها والدها يحبها كثيرًا .. لديها روما توأم روحها .. ماذا تريدُ بعد؟ إنها الحياة المثالية التي تتمناها أي فتاة في الحياة، لم تنتبه للذي يقترب نحوها حتى إصدمت به وهو توقف يطالعها بهدوء .. عقدت حاجبيها بضيق ورفعت رأسها متحدثة بضيق:
- مش شايفني ماشية قدامك؟
أردف جواد بهدوء متجاهلًا ذلك الموقف:
- رايحة فين؟
تعجبت من سؤاله ذلك ونظرت حولها تطالع منزلها ثم عادت تنظر له متحدثة باستنكار:
- أفندم؟ إنت بتسألني أنا رايحة فين؟؟ وكمان في بيتي؟؟!
ظل صامتًا ينتظر ردها وظلت هي تتحداه بنظراتها حتى إستستلمت وأردفت بضيق:
- هقعد مع بابي شوية.
همهم ثم تسائل بهدوء:
- أخبار مذاكرتك إيه؟
أردفت بضيق:
- وإنت مالك؟؟
ثم تحركت من أمامه ولكنه أمسك بذراعها لكي يجعلها تقف أمامه مرة أخرى وكرر سؤاله مرة أخرى ولكن بنبرة جادة:
- أخبار مذاكرتك إيه؟
أردفت باستفزاز من طريقته تلك وهي تُبعِد ذراعها من يده:
- مش بذاكر.
- ليه؟
تأففت بضيق ثم أردفت:
- أنا حرة .. براحتي .. مش حابة أذاكر.
ثم تركته ورحلت ولكنه تلك المرة لم يوقفها .. دخل غرفتها وظل يبحث في دفتر المحاضرات حتى وجد أنها بالفعل قد حاولت المذاكرة ولكنها قد فشلت، وجد تعليقاتها على بعض المحاضرات بكلمات تعبرعن عدم فهمها لتلك الجُمل والمصطلحات المذكورة أمامه .. تنهد ثم أخذ نفسًا عميقًا يُفكر فيما سيفعله لأجل أن تفهم تلك المحاضرات لأن إمتحاناتها قد اقتربت ولا يريدها أن ترسب .. يريدها فقط أن تنجح كي يتزوجها مثلما إتفق مع السيد بهجت سابقًا .. لا يعلم كيف يحتمل بُعدها هكذا؟ يريدها أن تُنهي دراستها في أسرع وقت .. إن الإنتظار مُتعبٌ حقًا بالنسبة إليه، إلتقط هاتفه وطلب رقم صباح وانتظر عدة ثوانٍ لكي تُجِيبَه وقامت بالإجابة بالفعل:
- ألو.
- مساء الخير يا صباح، إزيك؟
أردفت بهدوء:
- بخير الحمدلله يا جواد بيه.
ظل جواد صامتًا لا يدري كيف يتحدث أو كيف سيخبرها بما يريد أن يقوله ..
- ممكن تيجي لشمس البيت تشرحيلها؟
أردفت صباح بنفيِّ شديد:
- أنا آسفة لحضرتك يا جواد بيه، الفترة دي مش هقدر أتعامل مع شمس بعد إللي حصل منها.
تنهد بإستسلام ثم أردف:
- ممكن أطلب منك خدمة طيب؟
- أكيد؟
أردف بصعوبة:
- هحتاج منك تشرحيلي أنا.
...............................................
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا