القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ثأر الشيطان الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية ثأر الشيطان الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات 




رواية ثأر الشيطان الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم سارة بركات حصريه في مدونة قصر الروايات 



قال رسول الله ﷺ: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنةَ بسلام.


 والله سبجانه وتعالى في كتابه العظيم يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].




الفصل السادس


حمحم جواد ثم أردف بهدوء:


- في شوية كلمات واقفين قدامي محتاجك تشرحيهملي.


لا ما قاله حقيقي، حمحمت بإحراج لأنها شعرت بإحراجه تعلم أنه يعشق شمس وهو في وضعٍ حرِج ..


أردفت بإستسلام:


- خلاص أنا هذاكرلها.


أردف جواد بنفي:


- لا ماتقلقيش هعرف أذاكرلها، إنتِ بس هتوضحيلي الحاجات إللي مش هفهمها.


هزت رأسها بيأس وتمنت لو يرزقها الله بشخصٍ مثل جواد.


- لا يا جواد بيه، خلاص أنا هذاكرلها، أنا خلاص مش زعلانة منها.


تنهد جواد بإرتياح كأن هناك حِملٌ ثقيل قد أزيح من فوق أكتافه.


واستأنفت بهدوء:


- هكلمها دلوقتي وأتفق معاها على مواعيد شرحي ليها.


أردف جواد بإبتسامة كأنه يراها:


- شكرا يا صباح، إنتِ جدعة وتستاهلي كل خير.


- شكرًا لحضرتك على كل حاجة عملتهالنا وبتعملهالنا.


أغلق الإثنان المكالمة الهاتفية بينهما وبدأت صباح في البحث عن رقم شمس لكي تهاتفها، وجدته وقامت بالإتصال بها .. كانت شمس تجلس في حجرة المعيشة وهي تشعر بالضيق أنها لا تفهم شيء من دروسها، إنتبهت على رنين هاتفها رفعت حاجبيها بتعجب وهي ترى إسم صباح على شاشة هاتفها .. حمحمت بهدوء وأردفت بغرور وهي تُجِيب:


- نعم؟


- بصي أنا ماليش دعوة بصاحبتك أنا بس نصحتك وإنتِ ماتققدبلتيش النصيحة خلاص ماليش دعوة، أنا بكلمك عشان أشرحلك أكيد في حاجة واقفة قدامك.


كانت شمس ترقص بداخلها من السعادة وأردفت بكبرياء مزيف:


- على فكرة مش محتاجاكي، المحاضرات كلها سهلة.


- شمس، أنا حافظاكي أكتر من نفسك وكمان في المذاكرة .. أراهنك إنك مش عارفة تفهمي حاجة فيهم.


صمتت شمس ولا تعرف كيف تُجيبها واستأنفت صباح حديثها باستسلام:


- هكون عندك من بكرة الصبح وأهي فرصة فاضل أسبوعين على الإمتحانات هنعرف نلم فيهم المنهج سوا.


- أوك.


أغلقتا سويًا وقفزت شمس من سعادتها غافلة عن جواد العاشق الذي يراقبها ويراقب سعادتها تلك.


همس بينه وبين نفسه:


- هانت يا شمس، قريب هتبقي في حضني.


في صباح اليوم التالي:


دخلت صباح القصر وهي تقوم بتعديل عدساتها الطبية، قابلت السيد بهجت أثناء خروجه، وتوقف متحدثًا معها بترحابٍ شديد:


- منورة يا صباح، ليه كنتي غايبة عننا كل ده؟


أردفت بإحراج لطيبته اللطيفة تلك:


- ظروف، غصب عني يا عمو.


- ليه يا حبيبتي في إيه؟ إنتوا كويسين طيب؟ لو محتاجاني أتدخل قوليلي بس.


أردفت بتردد:


- شكرًا لحضرتك، بس مشاكل عادية في حياتي وكده والحمدلله حليتها.


- تمام يا حبيبتي ربنا يكرمك، شمس فوق في أوضتها.


- اه فعلا يا عمو الخدم قالولي.


- تمام يا حبيبتي تسمحيلي أسيبك بقا وأشوف شغلي.


- خد بالك من نفسك يا عمو.


خرج من القصر وخلفه رجاله أما هي؛ فقد صعدت على أدراج القصر تقصد غرفة شمس الضخمة، طرقت عدة طرقات بسيطة على باب غرفتها حتى سمحت لها بالدخول .. دخلت صباح الغرفة دون أن تبتسم ولكن إبتسامة شمس لها أنستها ما سبب حزنها منها وإبتسمت دون وعي منها؛ فهي أيضًا تحب إبتسامة شمس فتاة لطيفة تحبها ولكن رفقتها مع تلك الفتاة التي تُدعي روما وأيضًا باقي الفتيات في المجموعة يجعلونها غريبة بعض الشيء، لكن بالنسبة إليها شمس تستحق الأفضل دائمًا.


أردفت شمس بإبتسامة:


- إتأخرتي خمس دقايق بحالهم، يلا بقا نبدأ عشان نلحق نخلص في الأسبوعين دول.


أردفت بإبتسامة تطمئنها:


- إن شاء الله هنخلص.


بدأن بالمذاكرة، مرت الأيام وبدأت إمتحانات شمس والتي كانت لطيفة بالنسبة إليها؛ فكالعادة شرح صباح ينقذها دائما في الوقت المناسب .. وفي خلال تلك الأيام كان ساجد يهاتفها دائمًا يخبرها بكلامه المعسول الذي يغسل عقلها به حتى أتى آخر يوم.


كان ساجد جالسًا بمكانٍ ما يفكر في شئ حتى آتته مكالمةٌ هاتفية:


- نفذ، إنت اتأخرت كتير.


همهم ثم أغلق الهاتف وقام بمهاتفة شمس.


- خلصتي إمتحان؟


كانت تقف مع روما وهي تبتسم بسعادة:


- اه خلصت خلاص.


- طب إيه رأيك نتقابل؟ محتاج أشوفك أوي.


شعرت بالخجل ثم أردفت بنبرة لطيفة:


- حاضر هجيلك، نتقابل فين؟


- هبعتلك المكان علطول.


أغلقا مكالمتهما سويًا وتنهدت بسعادة، وانتبهت لحديث روما:


- إي؟ شو في؟


- رايحة أقابل ساجد دلوقتي.


- يا روحي على هالجمال، سعادتك كتير حلوة يا شمس.


- يلا باي همشي أنا.


كادت أن تذهب ولكن أوقفها صوت صباح:


- شمس.


إستدارت شمس لتطالعها بإستفسار، إقتربت منها صباح بإبتسامة:


- مالحقتكيش بعد اللجنة، نزلتي مع البنات علطول وسبتيني، عملتي إيه في الإمتحان؟


أردفت ببرود:


- كان تافه أوي.


أردفت صباح بسعادة:


- طب الحمدلله.


صمتت قليلًا مترددة فيما تقول ثم أردفت:


- بصراحة كان نفسي نخرج أنا وانتِ بعد الإمتحان.


- شو! شمس مو فاضية حبيبتي، وراها شي أهم.


إلتفتت صباح لروما تتحدث بضيق:


- أنا وجهت كلامي لشمس مش ليكي.


- أنا وشمس واحد حبيبتي.


كادت أن تُجيبها ولكن شمس من تحدثت:


- مش فاضية يا صباح بصراحة واه معلش نسيت، إستني..


ثم بحثت في حقيبتها عن شئٍ ما حتى أخرجت بعض النقود ووضعتها بيدها:


- شكرا على تعبك في المذاكرة معايا، باي يا بنات.


رحلت شمس وتركتها بين باقي الفتيات اللواتي يُطالعنها بسخرية؛ أما هي فقد كانت تشعر بالصدمة من فعلة شمس تلك، تعطيها نقودٌ في يدها! هل تظنُها متسولة؟!


- إذا كان بدك مصاري من البداية خبرينا يا بنت لا تنحرجي.


ثم قهقهت روما وقهقهن معها باقي الفتيات وتركنها تبكي بسبب ذلك الشعور الذي شعرت به للتو.


دخلت شمس أحد المطاعم وظلت تبحث عنه حتى وجدته يجلس على كرسي يخص إحدى الطاولات، إقتربت منه بإبتسامة خجلة وجلست أمامه ..


- وحشتيني.


- وإنت كمان


- بصي أنا جبتك هنا عشان وحشتيني وكمان عشان حاجة تانية.


طالعته بإستفسار واستأنف:


- بصي يا شمس، أنا بحبك وإنتِ أكيد بتحبيني صح؟


هزت رأسها بإبتسامة حالمة.


- طب ليه مانتجوزش؟


تعجبت من ذلك السؤال بينما أوضح ساجد جديثه قليلاً:


- يعني أقصد، أنا وإنتِ بنحب بعض ومع بعض بقالنا فترة حلوة، أنا عايز أتجوزك بصراحة، موافقة؟


تحدثت بتوتر وخجل:


- إنت فاجئتني بصراحة.


كرر ساجد سؤاله مرة أخرى:


- موافقة ولا لا؟


أجابته بتلعثم:


- أكيد موافقة.


إتسعت إبتسامة ساجد وبرقت عيناه ظنتها أن سبب ردود أفعاله تلك هو حبه لها ولكنها لا ترى ما بداخله.


- خلاص أنا هكلم والدي وإنتِ كلمي والدك واتفقي معاه على ميعاد أجيلك فيه، إيه رأيك؟


- أوك تمام.


أمسك بيدها بقوة مردفًا بحبٍ مزيف وهو ينظر في عمق عينيها:


- هتتحدي العالم كله عشاني؟


أومأت بإبتسامة وخجل..


- وأنا كمان هعمل المستحيل كله عشان تبقي ملكي.


رواية / ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


في المساء:


كان السيد بهجت يجلس مع جواد في حديقة القصر يتحدثان:


- حضرتك هتفاتح شمس إمتى في موضوعنا؟ هي خلاص كده خلصت إمتحانات.


- لما ترجع إن شاء الله، ماتقلقش ماحدش هياخدها منك، أنا مش شايفها مع غيرك أصلا يابني.


ربت بهجت على كتفه بإبتسامة أبوية وإنتبه الإثنان لإقتراب شمس منهما.


أردف بهجت:


- تعالي يا حبيبة بابي، كويس إنك جيتي دلوقتي، عايز أتكلم معاكِ في موضوع مهم جدًا.


أردفت شمس بهدوء:


- وانا كمان محتاجاك في موضوع.


أردف بهجت بإبتسامة:


- نبدأ بيكِ، في إيه؟


طالعت جواد الذي يجلس بجوار والدها ينظر لها بهدوء وبإبتسامة هادئة في ذات الوقت..


- مش قُدام جواد.


قهقه جواد بسبب أنه شعر أنها خجلة من وجوده، كان أن يتحرك ليتركهما سويًا ولكن تحدث بهجت:


- إنتِ عارفة إن جواد زي إبني بالظبط وبعدين لسه في حاجات كتير محتاجين نتكلم فيها وجواد موجود لإنه شئ مشترك بينا إحنا التلاتة.


لم تُركز في حديثه وقررت أن تبدأ حديثها:


- بابي، أنا وزميلي في الجامعة بنحب بعض، وهو عايز ييجي يتقدملي، ممكن تحددلي ميعاد؟


أشلاء! قلبه تحطم إلى أشلاء ولو كان تحطم القلب له صوت؛ لسمع العالم كله صوت تحطم قلب جواد الذي لطالما تمناها، أيُعقل أن هناك شخصٌ آخر قد سبقه وسرق قلب حبيبته قبله؟!!!.


توقف بهجت بمكانه وأردف بضيق:


- إيه إللي بتقوليه ده ياشمس؟ من إمتى الكلام ده بيحصل من ورا ظهري؟ إنسي خالص الكلام ده.


تعجبت شمس من حديث والدها لم تكن تتوقع ردة فعلته تلك أردفت بضيق غافلة عن ذلك العاشق الجريح:


- ماتحسسنيش إني عملت جريمة يا بابي، أنا وزميلي بنحب بعض فيها إيه يعني؟ ده أنا كنت فاكرة إنك هترحب بالموضوع ده.


أكد السيد بهجت حديثه بضيق:


- وأنا بقولك تنسي الكلام ده خالص، ماينفعش يا شمس، ماينفعش.


كاد أن يُكمل حديثه ويقوم بتوضيح السبب، ولكنها قاطعته بصراخ وبكاءٍ في آنٍ واحدٍ:


- هو إيه إللي ماينفعش؟؟ أنا مش عيلة صغيرة، أنا كبيرة كفاية إني أختار شريك حياتي واستحالة إنه يكون من اختيارك إنت، بجد يا بابي .. إنت .. إنت خذلتني.


إستدارت وابتعدت عنهم وهي تبكي في نية منها للخروج من القصر ولكن جواد أمسكها من ذراعها، حاولت إبعاد ذراعها عنه وأردفت بصراخ:


- ابعد عني، أنا بكرهك طول عمري بكرهك .. بكره تدخلك في حياتنا .. بكره حبه ليك .. بكره وجودك نفسه .. إنت شخص ماعندكش كرامة عشان فرضت علينا وجودك في حياتنا.


لم تنظر داخل عينيه بتمعن، لم تشعر به يومًا ولن تشعر، هكذا هي دائمًا عمياء القلب، ترك ذراعها وابتعدت وخرجت من القصر كاد أن يتبعها رجاله ولكنه أوقفهم بإشارة من يده .. لم ولن تشعر به أبدًا .. كفى جواد .. كفى.


كانت روما تجلس في منزلها تتعاطى الممنوعات ولكنها استفاقت على صوت طرقاتٍ على باب منزلها، توقفت واتجهت نحو الباب لترى من الطارق، عقدت حاجبيها ثم قامت بفتح الباب لها، كانت شمس تبكي وعندما رأت روما أمامها إنفجرت من البكاء وضمتها بقوة مردفة ببكاء ونحيب:


- بابي خذلني يا روما، طول عمره بيحب جواد وبيسمعله لكن أنا لا، شايفني دايما طفلة صغيرة.


- اخ منه جواد هادا، روقي حبيبتي راح يكون كِل شي امنيح.


أغلقت باب المنزل وذهبت بها لغرفتها لكي تستريح وبالطبع لم تنتبه شمس للممنوعات الموجودة على الطاولة في غرفة المعيشة بسبب حالتها تلك، بعد عدة دقائق كان شمس تنظر أمامها بشرود ..


- إي؟ إنتِ امنيحة؟


أومأت شمس بهدوء ثم أردفت:


- شكرا يا روما، ماليش غيرك ألجأله.


- لا تقولي هيك شي يا بنت، مافي هادا الكلام بيناتنا.


- أنا بحبك أوي يا روما وبتمنى إن صحوبيتنا تفضل مستمرة.


إبتسمت روما بهدوء ثم صمتت قليلًا تطالعها ثم أردفت:


- بتعرفي يابنت إني عم بغار.


أردفت شمس بتساؤل:


- من إيه؟ وليه؟


- منك.


رفعت شمس حاجبيها بدهشة، واستأنفت روما حديثها:


- عندك أبوكي عم يحبك كِل هادا الحب وعندك هاد البيت الدافي، كِل طلباتك عم بتيجي لإلك بدون تعب، لكن أنا ياشمس، ما ضل لإلي غير هادا البيت الصغير وإمي وأبي مو عايشين معي، كنت أحسدك دايمًا إنك عندك أب متل عمو بهجت، كْتير يحبك ويخاف عليكِ، يمكن نقول هاي هي الحياة مو عادلة بالمرة.


شعرت شمس بالشفقة عليها وقامت بضمها وأردفت بتأثر:


- إنتِ أختي يا روما، إنتِ الوحيدة إللي أنا حبيتها وارتحتلها وعايزاها دايمًا معايا، عشان كده أنا جيتلك لما لقيت الدنيا ضاقت بيا.


لم تُجيبها روما ولكن كان هناك عِبرة تتساقط من مقلتيها وهي بين أحضان شمس.


كان بهجت مستلقيًا على فراشٍ بإحدى المستشفيات وبجانبه جواد الذي ينظر أمامه بشرودٍ .. كانت عينيه حمراوتين كأنه كان يبكي لأيام ولكنه لم يُذرف دمعة واحدة ولكن قلبه من كان ينزف.


- شمس.


إنتبه جواد على همس السيد بهجت بإسم إبنته .. إقترب نحوه بهدوء وأمسك بيده، إستيقظ السيد بهجت من النوبة التي إجتاحته فجأة بعد خروج شمس من القصر:


- شمس فين يا جواد؟ أنا عايز بنتي ترجع لحضني من تاني، أنا مش قادر على فراقها، هعملها إللي هي عايزاه، سامحني يا جواد .. سامحني.


كان السيد بهجت يبكي وكان جواد يطالعه بقلب مجروح .. يبدو أنه قد خسر المعركة التي كان يهيأ له أنه سيكون الفائز فيها في النهاية ، تنهد بعمق وجعل المشفى تقوم بالإتصال على شمس والتي فزعت عندما سمعت بخبر وجود والدها في المشفى وذلك اليوم كان اليوم الذي ترك جواد فيه شمس و السيد بهجت.


مرت الأيام وأصبحت الحالة الصحية للسيد بهجت بخير واجتمع مع والد ساجد واتفقا على موعدٍ لزفافهما وكان الموعد قريبًا جدا، كان السيد بهجت يحاول الوصول إلى جواد ولكنه اختفى تمامًا لم يعرف له طريق!، حتى أتى يوم الزفاف .. كان البعض فيه سعيدًا لقرب الوصول إلى هدفه والبعض الآخر متوتر .. وتلك كانت حالة شمس التي تقف أمام مرآتها تنظر لهيئتها بتوترٍ وسعادة في آنٍ واحدٍ، تنهدت بعمق تحاول أن تقوم بتهدئة أنفاسها، ذلك اليوم كانت تتمناه كثيرًا منذ الصغر كانت تتخيل دائمًا أنها عروسٌ جميلة وها هي قد حققت أحلامها .. أجمل زفاف وأجمل طلة .. إنها الملكة اليوم .. إنتبهت على دخول والدها للغرفة لكي يصطحبها إلى قاعة الزفاف ويقوم بتسليمها لزوجها، تعلقت بذراعه بإبتسامة سعيدة ولا تعلم أن تلك ستكون آخر إبتسامة تُرسم على وجهها.


كان جواد يجلس في قصره مشعث الشعر وينظر أمامه بشرود ممسكًا بيده عيارٍ ناري، ينظر لكل شئ محطمٌ حوله بالقصر .. لقد تدمرت أحلامه، تدمر كل شيء، الفتاة التي أحبها منذ صغرها اليوم ستكون لشخصٍ غيره.


تنفس بثقلٍ وتناول هاتفه يتصل برقم أحدٍ ما، ظل الهاتف يصدر رنينًا حتى سمع صوت صديقه على الطرق الآخر.


- جواد، أخيرًا عاش من سمع صوتك أنا قولت إنك نسيتني من بعد ما مشيت آخر مرة.


تحدث جواد بضياعٍ تام:


- عاصم.


- نعم يا جواد؟ في إيه مالك؟ إنت كويس؟ صوتك ماله؟


- أنا هقتلها، ماينفعش تبقى لغيري يا عاصم.


عقد عاصم حاجبيه بسبب حديث صديقه وقام بتجهيز نفسه لكي يخرج وحاول أن يُهدئ صديقه في ذات الوقت:


- إهدى يا جواد، أيًا يكن سبب إللي إنت فيه .. إنت أكيد نفسيتك مش مظبوطة دلوقتي .. حاول ماتاخدش أي قرارات وإنت في الحالة دي.


- هي ليه عملت فيا كده؟؟ بعد كل ده وماحستش بيا أنا؟ ليه؟؟ ده أنا كنت موجود جنبها وقدامها طول الوقت.


- إهدى طيب يا جواد، قول طيب أساعدك إزاي؟


أردف جواد بشرود:


- إسجني.


- أسجنك إزاي؟؟ إنت مش مجرم يا جواد.


- لا أنا مجرم .. أنا تاجر سلاح يا عاصم .. هحاول ألفق لنفسي أي تهمة ودي حاجة سهلة، بس المهم إني أتسجن ولا إني أبقى قريب منها.


- إنت طول عمرك ماشي صح، عشان كده كنت جايلك آخر مرة اتقابلنا فيها، في صفقة كبيرة الوزراة عايزة تعملها مع شركتك.


أردف جواد متحدثًا بشرود متجاهلاً حديث عاصم:


- يا تسجني، يا أقتلها.


كاد أن يتحدث عاصم ولكن جواد أغلق المكالمة الهاتفية، إعتدل جواد وخرج بهيئته تلك من قصره متمسكًا بعياره الناري، قاد سيارته وذهب للمكان الذي يُقام به حفل زفاف شمسه، خرج من السيارة ووقعت عينيه عليها وهي تبتسم وتتأبط ذراع ساجد تنظر له بعشق، لم يلاحظه أحد لأنه كان يقف بعيدًا عنها.. رفع يده يصوب العيار الناري نحوها ولكنه توقف عندما شعر بعيار ناري مصوبٌ نحو رأسه وأردف عاصم بحدة:


- نزل سلاحك يا جواد، نزل سلاحك.


لم يستمع له جواد وجهز عياره الناري وكاد أن يصيبها..


- نزل سلاحك بقولك، إنت مطلوب القبض عليك يا جواد.


- إبتسم جواد وأنزل سلاحه ونظر نحو شمس التي جلست بسيارة ساجد وودعت جميع الحضور.


في الوقت الحالي:


كان جواد يقف بجانب شخص يحمل حاسوب يبحث عن شئٍ ما..حتى أردف ذلك الشخص بحماس:


- أنا خلصت.


أخرج قائمة مطبوعة بها بعض الأسامي ..


- دول الناس إللي اشترو الموتوسيكل ده في خلال السنادي.


- تعرف تجيبلي صورهم يا جاسر؟


أوما جاسر وفي خلال دقائق بسيطة أعطاه صورهم الشخصية .. كان ينظر لصورهم لعله يبحث عن الريبة والشك في ملامحهم .. حتى توقفت عينيه على شخصٍ ما ملامحه غير مُريحة بالمرة..


- شكرًا يا جاسر.


- شكرًا لحضرتك إنت يا جواد بيه.


إبتسم جواد بهدوء ثم ذهب حيث العنوان المكتوب أمامه .. بعد مرور بضع دقائق كان يقف أمام منزلٍ في حيٍ قديمٍ بالقاهرة الكبرى، سأل أحد الأشخاص عن عنوان ذلك الشخص دله رجل على مبنى سكني متهالكٌ بعض الشئ ..


- موجود في الدور الأرضي.


شكره جواد ثم دخل ذلك المبنى ووقف أمام باب الشقة وطرق عليه بهدوء .. فتحت له شابة في عقدها الثالث ..


- أفندم؟ حضرتك عايز مين؟


- ده بيت سيد عبدالغفور؟


نظرت الشابة لهيئة جواد الراقية وظنت أنه رب عمل زوجها:


- أيوه هو يابيه، إتفضل يا أهلا وسهلا نورتنا يابيه .. يا سيد .. يا سيد إصحى.


نظر جواد نحو الأطفال الذي يصدرون الشغب في تلك الشقة المتهالكة ..


- إتفضل يا بيه إستريح.


واستمرت في مناداة وجها لكي يستيقظ، جلس على مقعدٍ متهالكٍ ينظر لهؤلاء الأطفال .. إنتبه لطفلة صغيرة تقترب نحوه وتبتسم له يبدو أنها في عمرها العاشر، ذات العمر الذي قابل به شمسه .. كان عمرها عشر سنوات، إنتبه على صوت رجل ناعس يتحدث بتعجرف:


- إيه يا ولية؟ هو ماحدش عارف ينام في البيت ده؟ مين عايزني؟


أنهى جملته عندما رأى جواد أمامه وفي لحظة تأكد جواد من أنه هو الشخص الذي يبحث عنه بسبب جرح السكين الموجود على معصم يده .. ركض الرجل بسرعة وخرج من المنزل يهرب من جواد الذي قفز من النافذة المفتوحة وتوقف على قدمه بالحي، كان الرجل يركض وهو يلهث وكان يلاحقه جواد بسرعة، حتى وصلا مكان مزدحم في القاهرة .. كان الرجل يصطدم بالناس أثناء هربه من جواد المُصِر على اللحاق به .. حتى خرجا من ذلك المكان المزدحم واقتربا نحو طريق السيارات السريع، كان جواد حريصًا على ألا يصطدم بالسيارات وسرع من ركضه أكثر حتى إقترب من ذلك الرجل وكاد أن يُمسك به ولكن الرجل صُدم بسيارة صدمة قوية ووقع على الطريق ميتًا.


................................................


آرائكم؟ توقعاتكم؟


بتمنى تنزلوا ريفيوهاتكم وتقييماتكم عن الرواية ورشحوها لأصحابكم ربنا يسعدكم.


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم

رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم / سارة بركات


الفصل السابع


كان يقف أمام جثة ذلك الرجل الذي يُدعى سيد المُلقاة أرضًا وخلفه ضباط الشُرطة يقومون بتغطية الجثة، إنتبه لحديث صديقه الغاضب:


- مش اتفقنا إن إنت مش هتعمل حاجة غير لما تعرفني؟ برده للمرة التانية يصادف إنك في مسرح جريمة في نظر للقانون.


أردف جواد بشر:


- قولتلك إللي هيقطع طريقي مش هيشوف مني غير كل شر.


أردف عاصم بهدوء:


- يبقى لو وصلت لحاجة تعرفني، أنا زي مانت شايف بحقق ورا كل إللي بيحصل، أي معلومات توصلك لازم تبلغني بيها عشان هتساعدني في القضية دي جدا.


- بس أنا شايفك مش بتتحرك، أنا مش عارف أنام من غير ما آخد حقي منهم، أنا دماغي شغالة أربعة وعشرين ساعة عشان أعرف أوصلهم.


تنهد عاصم بصعوبة وأردف بهدوء:


- أنا فاهم ومقدر إللي حصل بس إحنا محتاجين خيط نوصلهم من خلاله، وده إللي أنا شغال عليه .. بلاش يا جواد تتدخل في شغلي، زي مانت دماغك شغالة أربعة وعشرين ساعة .. أنا كمان ببص في القضية دي ومش بنام، الموضوع مكلكع يا جواد، الناس دي عبارة عن شبكة كبيرة مش معروف أولها من آخرها.


شرد جواد في قوله قليلًا ثم تحولت ملامحه للغموض.


- تقدر تمشي من هنا يا جواد، أنا هستجوب أهل المتوفي وهحاول أعرف عن علاقاته.


كاد أن يمشي ولكن أوقفه عاصم مرة أخرى:


- جواد، أنا عايز أساعدك وعايزك تساعدني عشان أقدر أعمل ده .. أي معلومة توصلك بلغني بيها وماتتصرفش، أرجوك.


تجاهل حديثه ثم رحل يفكر في الخطوة القادمة فهو لديه كل الخيوط التي ستوصله إلى هؤلاء الأشخاص يومًا ما .. و عندما يحين اللقاء لن يترك أحدًا منهم حتى يقتص منهم على ما فعلوه بشمسه.


مرت الأيام على بهجت الذي عاد حزينًا مرة أخرى على فراق إبنته وتجاهلها له؛ أما بالنسبة لشمس فقد كانت تتحسن و كان جواد يقوم بمتابعة حالتها الصحية والنفسية دون أن يأتي للمصحة حتى مر خمسة أشهر على كل تلك الأحداث وأتى اليوم الذي ستخرج فيه شمس من المصحة.


خرجت من غرفتها دون قيودٍ تلك المرة، تتنفس بإرتياح وبإبتسامة مرتعشة ترتسم على وجهها، تنظر حولها تبحث عنه بعينيها، لقد اختفى في الآونة الأخيرة لم تعلم عنه أي شئ، الشخص الوحيد الذي وقف بجانبها وكان عونًا لها .. سارت بضع خطوات خلف الممرضة التي تساعدها في الخروج ولكنها توقف عندما رأته .. كان هناك .. شامخًا قويًا وأيضًا غامضًا كما اعتادته دائمًا، يرتدي حُلةً سوداء راقية .. هذا هو جواد الأنيق الذي اعتادت أن تراه دائمًا .. إبتسمت راكضة نحوه ودخلت في أحضانه..


- شكرا إنك جيت.


لم يُبادلها ... لم يُبادلها أي شئ والأدهى أنه لم يتحدث وظل صامتًا، إرتبكت وشعرت بالإحراج وابتعدت عنه متنهدة بإرتعاش بسبب إحراجها ذلك .. قام بحمل حقيبتها وأردف بملامح خالية من أي تعبير:


- يلا.


هزت رأسها بإماءة بسيطة ثم سارت بجانبه وهي تضم ذراعها اليُمنى بيدها اليسرى، وضع حقيبتها في سيارته ثم صعد السيارة وهي صعدت بجانبه دون أن تتحددث بكلمة .. ظلا هكذا صامتين حتى توقفت سيارته أمام باب قصر والدها .. إلتفتت تطالعه باستفسار:


- أنا جيت هنا ليه؟ بابي عرف؟ إنت قولتله حاجة؟


أردف جواد بلامبالاة:


- لا، أنا ماتكلمتش في أي حاجة .. دي حاجة بينكم إنتوا الإتنين .. أب وبنته مع بعض أنا ماليش دخل في أموركم، أنا دوري خلص أنا رجعتك لبيت باباكي وإنتي كويسه وأنا وفيت بوعدى لبهجت بيه.


أردفت بشرود:


- بس أنا مش كويسه.


إلتفت يطالعها ولكنها استأنفت ببكاء:


- أنا فعلا مش كويسه يا جواد، أنا أقرب الناس ليا خذلوني، واحدة كانت بتحقد عليا ودمرتلي حياتي والتاني ضحك عليا ومثل عليا الحب وحبيته من كل قلب، ده أنا إتحديت الدنيا كلها عشانه!!، إزاي يحصل معايا كل ده؟! أنا كنت بخاف أزعلهم .. كنت بخاف أعمل تصرف يضايقهم من غير ما آخد بالي، أنا كان عندي إستعداد أقف جنبهم .. بس .. بس خذلوني! .. إنت إزاي شايفني كويسه بعد إللي أنا مريت بيه لحد دلوقتي؟؟ إزاي حكمت إني كويسه بعد ما حياتي ومستقبلي إتدمروا.


كان يقبض على يده بقوة يمنع نفسه من ضمها ونسيان ما فعلته به وأردف بجفاء:


- أنا ماليش علاقة بيكِ ولا بحياتك إنتِ حرة .. إنتِ إللي جبتِ لنفسك كل ده.


طالعته بتعجب من حديثه ذلك، وأردفت بعدم إستيعاب:


- إنت ماكنتش كده.


تنهد بهدوء مكررًا حديثه بصيغة أخرى:


- حمدالله على سلامتك يا شمس هانم، أنا وفيت بوعدي لوالدك وهو إنك ترجعي بالسلامة، تقدري تنزلي من العربية.


كأنه ألقى بدورق ممتلئٍ بالمياه المثلجة فوق رأسها شعرت بالإحراج وخرجت من السيارة هرع إليها أحد حرس القصر لأخذ حقيبتها .. كانت تطالعه بتأثر ولكنه تجاهلها ورحل.


"لا أعلم بما شعرت في تلك اللحظة التي تركني بها؟، الشخص الذي كنت على يقين أنه لن يتركني من بين الجميع وفي النهاية تركني ورحل، هل خذلني؟ أم أنني آذيته دون أن أدري؟"


وضعت يدها على قلبها الذي يؤلمها ولا تدري ما السبب، ثم دخلت للقصر وهنا تقابلت مع والدها الذي ينظر لها باشتياق وتعجب في آنٍ واحدٍ.


- شمس؟!


لا تستطيع تفسير كم المشاعر التي احتاجتها عندما رأت والدها يفتح لها ذراعيه يحثها على الركض لكي يضمها وبالفعل خارت قواها واستسلمت وركضت نحوه لكي تستقبلها ذراعيه بلهفة وقوة ..تركت العنان لعبراتها وبكت بنحيب عالٍ .. استسلمت لآلامها، تريد أن تنهار قليلًا .. ألا يحق للإنسان أن يستسلم وينهار قليلًا لكي يستريح من أعباء الحياة حتى لو لخمس دقائق؟! .. تعجب بهجت من حالتها تلك.


- مالك يا شمس؟ بتعيطي ليه؟


تحدثت من بين شهقاتها بصعوبة:


- أنا اتطلقت.


طالعها بصدمة آلمت قلبها بسبب خوفها على حالته الصحية من ذلك الخبر، لا تعرف، هل تَقُصُّ عليه ماحدث لها أم لا؟


كان مصدومًا مما سمعه للتو، هل تطلقت! كيف! إبنته الصغيرة الرقيقة أصبحت مطلقة! .. ظل صامتًا هكذا لعدة ثوانٍ شعرت شمس أنهم دقائق طويلة وأردفت ببكاء:


- بابي، إنت ساكت ليه؟ أنا آسفة بجد .. أنا غلطانة .. ياريتني كنت سمعت كلامك من الأول، أنا بس غلطتي الوحيدة إني حبيته وصدقته.


قام بضمها مرة أخرى يربت على ظهرها.


إبتعد قليلًا يطالعها وأردف بتردد:


- لو في إيدي أصلح إللي بينكم قوليلي، أنا جنبك.


هزت رأسها بالنفي بقوة:


- لا مش عايزة أرجع ليه أبدًا، كان صفحة سودة في حياتي وقطعتها خلاص.


ربت على رأسها متحدثًا بهدوء:


- ماشي أنا معاكِ .. قوليلي محتاجة إيه وأنا أعملهولك.


- أنا محتاجة أنسى كل إللي حصل معايا.


- هتنسي ماتقلقيش هتنسي.


..............................


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم / سارة بركات


في المساء:


كانت تجلس في غرفتها القديمة تنظر أمامها بشرود، استطاعت أن تفلت من أسئلة والدها المتعددة عن سبب الخلاف الذي حدث بينها وبين ساجد لكي يتطلقا .. حتى أخبرته بحجة أنه يقوم بخيانتها، استفاقت من شرودها ذلك عندما دخل والدها الغرفة يجلس بجانبها على السرير يضمها بقوة:


- إيه إللي مصحيكي؟ مش قولتِ هتنامي؟


- ممكن أسألك سؤال؟


- أكيد.


- هو ليه جواد مبقاش يعاملني زي الأول؟ إحنا ماكناش كده؟


أردف باستفسار:


- شوفتيه فين؟


حاولت أن تبحث عن كذبة لكي لا تخبره أنها كانت بالمصحة ..


- قابلته وأنا جاية في الطريق النهاردة، ماكلمنيش وعمل نفسه مش شايفني.


تنهد بهجت بحيرة هل يخبرها أنهما كانا مخطوبان وكان سيُعلن عن خطبتهما تلك بعد إنتهاءها من الجامعة؟


- سكت ليه يا بابي؟


تنهد بإستسلام ثم أردف:


- عشان يا شمس مع الأسف إنتِ جرحتي جواد جدا، جواد كان متقدملك وأنا وافقت وكنا هنجهز للإعلان عن خطوبتكم وكنت هقولك كل ده طبعا في اليوم إللي إنتِ قولتيلي فيه إنك عايزة تتجوزي ساجد.


صدمة! .. كان رد فعلها الوحيد هو الصدمة، لم تكن تتوقع ذلك .. هل كان جواد يحبها؟؟ .. كانت تعتقد أنه يقصد مضايقتها فقط ليس إلا .. ارتعش جسدها من الصدمة تتذكر كل كلمة مؤلمة قالتها له .. تتذكر كم جرحته قبل زواجها .. لم تكن تعلم.


تداولت الكثير من الأسئلة في مخيلتها، ضيقه الشديد عندما ذهبت للسباحة وكان رجلَا من يقوم بتدريبها، هل تلك كانت غيرة منه؟؟ أولم يكن تطفلًا منه كما كانت تعتقد؟؟ وضعت يدها على وجهها بحرج عندما تذكرت تمزيقه لكل الأثواب العارية التي قامت بشراءها من المركز التجاري .. كل تلك كانت غيرة منه .. غيرة خطيب على مخطوبته! .. لم تشعر بالعبرة التي سقطت من مقلتيها .. تتذكر نظراته لها .. همساته .. كل ذلك كانت تفسره بأنه متطفل يفرض عليها وجوده في حياتهم .. أغمضت عينيها بقوة عندما تذكرت الكلام المؤلم التي أخبرته به يومها ..


" أنا بكرهك طول عمري بكرهك .. بكره تدخلك في حياتنا .. بكره حبه ليك .. بكره وجودك نفسه .. إنت شخص ماعندكش كرامة عشان فرضت علينا وجودك في حياتنا"


تشعر بالضيق كثيرًا من نفسها هل فعلا جرحته بتلك الطريقة؟ كيف لم ترى أي شئ؟ هل كانت عمياء لتلك الدرجة لكي لا ترى حبه الواضح لها؟ غبية يا شمس أنتِ غبية .. ولكن هناك سؤالٌ جعلها في حيرة من أمرها .. هل لو كانت تعلم حب جواد لها وكان أخبرها والدها بكل شئ قبل لقاءها بساجد، هل كانت ستقبله زوجًا لها؟ أغمضت عينيها متنهدة بحُرقة مردفة بكلمة واحدة.


- نصيب.


كان بهجت يطالعها بحزن، لا يريد أن يعاتبها ولا يريد أن يتحدث بأي شئ يكفي ما عاشته وتلك كانت نتيجة إختيارها، هل سيعاقبها هو أيضًا؟ لا .. لا يريد عقاب طفلته بل يريدها أن تهنأ في حياتها.


- وبعد ماعرفتي خلاص، ناوية على إيه يا شمس؟


طالعته وأردفت بإبتسامة هادئة:


- جواد إنسان محترم وماشوفتش منه حاجة وحشة أبدًا، بس نصيبة مكنش معايا.


تحدثت بآخر كلمة بصعوبة ثم استأنفت بهدوء:


- أنا محتاجة أغير جو .. إيه رأيك أروح معاك الشركة الفترة الجاية؟


تعجب لحديثها ذلك، تريد أن تذهب للشركة معه؟! إنتبهت لتساؤلاته الواضحة في عينيه، تنهدت تنهيدة بسيطة ثم قامت بالتوضيح:


- محتاجة أعيش حياتي صح، محتاجة أشوف مستقبلي.. عايزة أنسى وأنا عارفة أنا هنسى إزاي.


لمعت عيناها بالدموع عند آخر كلمة .. يستحيل أن تقصد ساجد بذلك الكلام .. ولكنها تقصد ماحدث لها في الآونة الأخيرة وأيضًا جواد.


...............................


كان يقف في مكان يملؤه الظلام يراجع بعض الأشياء ورجاله يقفون خلفه .. نظر للطرف الآخر الذي يقابله في الجهة الأخرى والذي لم يكُن سوى ساجد طليق شمس المقطوع الأصابع في يده اليمنى وأعرج القدمين؛ فلقد استغرق الأمر منه شهورًا في العلاج، كان يقوم بغلق حقائب الأموال ويقدمها لجواد الذي يقدم له في المقابل حقائبٌ كثيرة ممتلئة بالأسلحة من خلال رجاله.


- كده تمام يا .. يا جواد بيه.


أردف ساجد بسخرية وهو يطالع جواد الذي يقف شامخًا كعادته والذي أردف ببرود:


- لو ضحكت تاني هقطعلك صوابع إيدك التانية.


إختفت إبتسامة ساجد الساخرة وابتلع ريقه مردفًا:


- مبارك عليك الصفقة ومبارك علينا إنت يا جواد بيه.


هز جواد رأسه وخرج ساجد وخلفه رجاله من ذلك المكان..


أردف جواد بإشمئزاز:


- كلب.


إقترب أحد رجال جواد منه..


- العمل إيه دلوقتي يا زعيم؟


أردف جواد بشر:


- إبتدت اللعبة وقريب أوي كلهم هيقعوا في إيدي.


.................................................................................................



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه"؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة.


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


الفصل الثامن


كان السيد بهجت يتجهز للخروج من قصره ولكن أوقفه صوتها:


- بابي إستنى.


إلتفت للخلف يطالعها كانت تنزل على أدراج السُلم ترتدي زيًا رسميًا وقامت بتصفيف شعرها الكستنائي على هيئة كعكة أردفت بإبتسامة باهتة:


- سوري إتأخرت.


أردفت بتساؤل:


- إنتِ رايحة فين؟


أردفت بتساؤل:


- مش إتفقنا إني هنزل الشركة معاك الفترة الجاية؟


- ماكنتش متوقع إنه هيكون النهاردة، كنت فاكرك تقصدي بعد أسبوع على الأقل عشان نفسيتك.


تنهدت تنهيدة بسيطة ثم أردفت بتوضيح:


- لا مش هقدر أقعد أسبوع لوحدي، أنا محتاجة أنسى زي ماقولت لحضرتك.


هز بهجت رأسه مقبلًا مقدمة وجهها


- ماشي يا حبيبتي يلا بينا.


أمسك بيدها وخرج الإثنان من القصر وخلفه الحرس وبعد مرور عدة دقائق توقفت سيارة السيد بهجت أمام الشركة خرجت من السيارة ووقفت تطالع شركة والدها أو بمعنى أدق شركتها والتي طالما ترجاها والدها أن تتعلم إدارتها معه منذ أن دخلت الجامعة لكي تقوم بإدارتها بشكل رسمي بعد التخرج! .. ولكنها مع الأسف أضاعت الكثير من الفرص في حياتها لو كانت فقط طاوعت والدها في كل مايطلبه منها دون أن تتصرف بطفولية ومراهقة لكان وضعها الآن مختلف .. تنهدت بإرتعاش وأغلقت باب السيارة تدخل الشركة بحرصٍ شديد تنوي أن تعوض ما فاتها يجب أن ترهق نفسها في العمل لعلها تنسى كل مامضى والذي نتج عن سوء إختيارها .. دخلا الشركة سويًا وهنا توقف جميع الموظفين لإستقبالها بترحابٍ شديد ما عدا فتاة واحدة ظلت تنظر لها بضيق شديد ولم تكن سوى صباح التي آذتها شمس كثيرًا، بعد أن رحبت شمس بالفتيات أيضًا إنتبهت على صباح التي تقف في ركن آخرٍ بالقاعة الرئيسية، إبتسمت شمس بإتساع مردفة بلهفة:


- صباح!.


إقتربت منها لكي تصافحها ولكنها تفاجأت من إبتعاد صباح وخروجها من تلك القاعة دون أن تتحدث معها بكلمة، ظلت واقفة حيث هي تسأل نفسها العديد من الأسئلة، هل قامت بأذية صباح دون أن تنتبه أيضًا؟!، يا الله لقد آذيتي الجميع يا شمس، تنهدت بإستسلام ولحسن حظها لم ينتبه أحدٌ لما حدث .. بعد دقائق معدودة، كانت تقف أمام غرفة مكتبٍ ضخمة تطالعها بإبتسامة كبيرة.


- إيه رأيك؟


- تحفة طبعا يا بابي.


إلتفتت إيه وقامت بضمه بقوة ثم إبتعدت تطالعه بحب .. أردف بهجت بهدوء:


- المكتب ده كنت مجهزه ليكِ من سنين، معلش هو مترب شويه الشباب هييجوا ينضفوه حالا .. بس المهم إنه عجبك.


- شكرا يا حبيبي.


- على إيه بس؟ دي شركتك بعد ما أموت يا حبيبتي.


طالعته بتأثر ولاحظت شعره الأبيض الذي زاد في الآونة الأخيرة عن ذي قبل .. هل تسببت في كل ذلك؟؟ إستفاقت من شرودها على صوته:


- في بنات لسه تحت التدريب وإنتِ هتبقي معاهم لحد ما الدنيا تظبط معاكِ ومعاهم صباح صاحبتك.


لاحظ حزنها وشرودها ثم أردف بتنهيدة:


- أنا مش عارف إيه إللي حصل بينك وبينها بس صدقيني .. صباح دي أكتر بنت جدعة إنتي صاحبتيها يا شمس، كفاية إنها كانت بتيجي تذاكرلك وبتضحي بوقتها عشانك.


هزت رأسها ثم أردفت:


- هي صباح جات الشركة هنا إزاي؟


إبتسم بهجت:


- جواد هو إللي دخلها الشركة بعد ماتخرجت علطول، جواد بيه يؤمر وأنا أنفذ.


أردف بالجملة الأخيرة بمزاح لإعتباره أنه في مكانة إبنه، ولكن شمس قد آلمها قلبها .. إهتمام جواد بصباح هل هناك شئٌ خلفه؟ .. هزت رأسها بنفيٍ بقوة .. هذا لا يهمها . ما يهمها الآن هو أن تبحث عن ذاتها وهذه هي البداية.


عاد جواد إلى أعماله ولكن تلك المرة ليست الأعمال المعتادة له قبل أن يدخل السجن!، بل أصبح يتعامل مع المافيا من جميع أنحاء العالم ويُمدهم بالأسلحة دون عِلم الدولة بالطبع وهذه جريمة لا تُغتفر بالنسبة للقانون.


تدربت شمس واكتسبت الكثير من المهارات في إدارة الشركات حيث أنها بدأت تحضر بعض الصفقات مع والدها وكانت تتعلم من خبراته حيث أنها كانت في بعض الأحيان من تقوم بعمل بعض الصفقات وتنجح بها .. تعلمت كل شئ مع الفتيات المتدربات ومن بينهم صباح التي لم تكن تتحدث معها بتاتًا وذلك كان يُحزنُ شمس ولكنها كانت تشجع نفسها دائمًا أن كل ذلك لا يهُم .. من الممكن أن يكون ما يحدث هو فترة مؤقته .. نعم! الألم فترة مؤقته ثم كُلَ شئٍ سيُنسَى بمرور الوقت.


بعد مرور سنة:


كان بهجت يسعل بشدة وهو يخرج من غرفته بالقصر إنتبهت شمس لسوء حالته وهي تخرج من غرفتها أيضًا.


- بابي مالك؟


سعل بهجت بشدة ولم يستطع أن يُجِيبها.


- بابي، إنت كويس!.


هز رأسه وأردف بهدوء:


- أنا كويس مافيش حاجة، يلا ننزل الشركة.


كادت أن تتحدث ولكنه سعل بشدة.


- لا يابابي إنت مش كويس خالص شكلك واخد دور برد جامد، قولتلك إمبارح لازم تلبس هدوم تقيلة، الجو برد يا حبيبي.


أخذ نفسًا عميقًا وهو يربت على وجنتيها الناعمتان .. ينظر لها بحب عينيها .. عينيها التي تذكره دائمًا بوالدتها التي أحبها كثيرًا .. تلك الأعين التي تشابه لون ضوء الشمس، تلك الأعين كان قد تم إطفاؤها منذ سنة ولكن الآن إنهما يلمعان ببريقٍ غريب .. إن شمس التي أمامه الآن ليست إبنته المكسورة التي كانت تبكي وتخبره أنها قد إنفصلت!، إنها الآن أفضل سيدة أعمال في نظره، إنها إمرأة قوية تستطيع أن تدبر أمرها، لم تعد تحتاجه.


أردف بإرهاق:


- عندك حق، أنا كان لازم ألبس تقيل الجو كان تلج إمبارح، مافيش مشكلة ننزل الشركة وبعدها هظبط كل الأمور دي ماتشغليش بالك.


أردفت بصرامة مزيفة:


- مافيش شركة النهاردة يابابي إنت أجازة مَرَضِي، محتاج ترتاح شوية.


- بس يا شمس في صفقة مهمة و......


قاطعته بإبتسامة:


- هحضرها أنا يابابي، إرتاح إنت النهاردة.


طالعها قليلًا بهدوء ثم هز رأسه وأردف:


- أنا واثق فيكِ يا شمس.


قبلت يده وأردفت بحب:


- عايزاك تاخد بالك من نفسك هخلص كل حاجة وهكلمك أطمنك.


ثم تركته وخرجت من القصر، ركبت سيارتها وتحرك بها السائق ويتبعها بعض الحرس .. بعد مرور دقائق وصلت للشركة.. قام أحد الحرس بفتح باب السيارة لها وخرجت منها بشموخ .. دخلت الشركة بثقة عالية ليس كأول مرة دخلت بها تلك الشركة وهي مطأطأة الرأس .. لا الآن الوضع مختلف، تعلمت الكثير في السنة الماضية تلك.


إبتسمت لكل الموظفين بترحاب وعندما إقتربت من صباح طالعتها مبتسمة لها بهدوء ثم ذهبت لغرفة مكتب والدها لمراجعة أوراق الصفقة، أما صباح كانت تطالعها بإبتسامة دون أن تراها شمس .. على الرغم من عدم حديثهما إلا أن شمس قد أصبحت قوية، تغيرت كثيرًا وهي فخورة لما وصلت به؛ فهي قد علمت عن حالتها بسبب الشائعات التي إنتشرت في الجرائد منذ مدة وعن سبب طلاقها ولكن ما رأته صباح في شمس عند دخولها الشركة في أول مرة كانت منكسرة والآن هي قوية ... جلست شمس على كرسي المكتب بتنهيدة وإستندت بظهرها عليه لتستريح قليلًا وهي تراجع أوراق الصفقة التي بيدها وتقوم بدراستها جيدًا ولكنها شردت وأتى على بالها الشخص الذي أرهق روحها وطرد النوم من عينيها .. أخذت نفسًا عميقًا وألقت أوراق الصفقة جانبًا وقامت بفتح حاسوب والدها المحمول تبحث عنه لكي ترى أخباره؛ فهو منذ آخر لقاءٍ بينهما لم تراه مرة أخرى لقد إختفى تتابع أخباره فقط عبر وسائل التواصل الإجتماعي.


- جواد الجندي.


كتبت ذلك الإسم في خانة البحث ظهرت صوره الحديثة .. لقد أصبح جذابًا كثيرًا .. عيناه أصبحتا قاسيتان أكثر من ذي قبل .. نظراته في الصورة جعلتها ترتعش كأنه ينظر لها بالفعل، إستفاقت على صوت هطول الأمطار الشديدة بالخارج، أغمضت عينيها وهي تفرك بهما ثم أغلقت الحاسوب، إستقامت ووقفت عند حائط المكتب الزجاجي تطالع الأمطار وتنظر أمامها بشرود في وقتٍ واحدٍ، تتذكر كلماتها له .. كلماتها التي تؤرقها ولا تجعلها تنام بشكل طبيعي كالباقين، كلماتها التي تعبر عن كرهها له .. إنهمرت عبرة من مقلتيها وهي تسأل نفسها هل هو بخير؟ .. لقد جرحت عاشقًا وليس شخص عادي، جرحت جواد الذي ظل بجانبها دائمًا.


رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات


وفي ذات المكان وذات التوقيت أسفل الجو الممطر ذلك، توقفت سيارة جواد أمام شركة السيد بهجت، خرج من السيارة وخلفه بعض رجاله .. إبتسم للموظفين عندما رحبوا به وإتجه نحو مكتب السيد بهجت ليفاجأه؛ فمهما حدث فهو بعتبره كأبيه، يريد أن يمر عليه فقط ثم سيرحل مرة أخرى، بالطبع لم يجرؤ أحد أن يسأله ماذا يفعل هنا أو ماذا يريد؛ فجواد له الحرية في أن يأتي شركة السيد بهجت في أي وقتٍ يريد.


إقترب من مكتب السيد بهجت بإبتسامة وقام بفتح الباب بهدوء.. إختفت إبتسامته عندما رآها أمامه .. تعطية إياه ظهرها وهي تقف عند الحائط الزجاجي للمكتب .. أشار لرجاله بالرحيل ثم عاد والتفت إليها مرة أخرى يطالعها .. كان شعرها الكستنائي منسدلا على طول ظهرها .. ترتدي ثوبًا أسودًا مصنوعًا من القماش المحبوك أو المنسوج الذي يتميز بوبر ناعم وكثيف وبريق زخرفي ( قطيفة) .. أصبح جسدها متناسقًا أكثر عن ذي قبل .. إقترب نحوها بخطوات بطيئة و هادئة .. رائحتها تزداد مع كل خطوة يخطوها نحوها .. توقف خلفها وكان لا يفصل بينهما شئ سوى مسافات قليلة تكاد تكون منعدمة .. كانت تبكي ولكن رائحة عطره التي تتذكرها تسللت لأنفها تنهدت بإرتياح تستنشقها وأعادت رأسها للخلف قليلًا ولكنها إستقرت على صدر أحدًا ما! .. إلتفتت لترى من خلفها وتفاجأت بوجوده أمامها.


أردفت بدهشه:


- جواد!


كان يطالعها بأعين تلمع يا الله لقد مرت سنة وهو يحاول تخطيها ونسيانها وعندما يراها أمامه ويسمع إسمه منها كل ذلك التخطي مر كأنه لم يحدث من الأساس! .. أصبحت أجمل بكثيرٍ عن ذي قبل، أصبحت إمرأة ناضجة أكثر. حمحمت بإحراج لأنها شعرت أن نظراته تلك تخترقها.


- إزيك؟


أردف بهدوء:


- كويس، أنا شايف إنك بقيتي أحسن.


إبتسمت من حديثه معها وأردفت:


- اه الحمدلله، كل حاجة بتعدي.


- كويس.


ظلا يطالعان بعضهما لبعض الوقت ثم أردف:


- بهجت بيه مش موجود ليه؟


- بابي واخد دور برد زمانه نايم دلوقتي عشان لو جربت تكلمه يعني هو مش هيرد ده إللي أقصده.


همهم جواد وهو ينظر في عمق عينيها..


- وإنتِ بتعملي إيه هنا؟


أجابت بإبتسامة وتلقائية:


- أنا بشتغل هنا بقالي سنة، وعايزة أقولك إني في خلال السنة دي كنت شاطرة وكسبت صفقات كتير أوي ولسه كمان قدامي صفقة كمان النهاردة.


هز رأسه بهدوء ثم طالع شفتيها المطليتان باللون الأحمر، وراجَعَ هيئتها مرة أخرى، ولكنه لم يتحدث بكلمة وكاد أن يخرج.


- جواد.


توقف معطيًا إياها ظهره، وأردفت بتأثر:


- سامحني.


لا تدري ماذا فعلت به تلك الكلمة الآن جعلت قلبه ينفجر للكثير من القطع هل ترى أن ما رآه بسببها سينتهي بتلك الكلمة؟ .. لقد تغير كل شئٍ شمس!، إلتفت لها يطالعها بهدوء:


- بتقولي حاجة يا مدام شمس؟


ماذا يقصد بتلك الكلمة؟ .. هل يقصد أن يذكرها أنها أصبحت غريبة عنه؟! .. إقترب نحوها حتى إنعدمت المسافة بينهما ..


- قولتي إيه؟ عيدي كلامك.


أردفت بتلعثم:


- سامحني يا جواد على إللي عملته فيك.


تساءل بهمس:


- والتمن هيكون إيه؟


تعجبت من سؤاله ذلك وأيضًا شعرت بالتوتر بسبب إنعدام المسافة بينهما تشعر أن أنفاسهما تختلط من أحاديثهما، إبتلعت بتوتر وأردفت بعدم فهم:


- إنت عايز تسامحني بمقابل يا جواد؟!


أردف بتصحيح وثبات:


- إسمي جواد بيه يا مدام شمس، ياريت ماتشيليش الألقاب بينا، عايزاني أسامحك يبقى هيكون بمقابل.


تساءلت بإرتعاش وهي تُخفض رأسها بتوتر:


- إيه هو المقابل ده؟


رفع يده يلمس ذقنها الناعم ليرفع وجهها لكي تتقابل نظراتهما ..


- ليلة، ليلة واحدة ممكن تغفرلك كل إللي عملتيه فيا يا شمس، ليله واحدة هتخليني أنسى إنك ماكنتيش في حياتي قبل كده.


ثانية .. إثنان ..ثلاثة .. كانت يده تمنع يدها من أن تصفعه على وجنته ..


- إياكِ يا شمس، لو عملتيها هيبقى بموتك .. أنا مش جواد إللي إنتِ تعرفيه .. إياكِ تنسي نفسك وتتعاملي معايا على أساس إني واحد شغال عندك، أنا أشتريكِ وأشتري أبوكِ ذات نفسه.


كانت مصدومة مما تراه ومما تسمعه، إنه مُحِق هو ليس جواد الذي كان بجانبها .. إنه شخص آخر .. جواد الذي تعرفه لا يمكن أن يطلب منها طلبًا مثل ذلك ..


أردفت بإشمئزاز:


- إنت حقير وبنى آدم قذر.


أردف بإبتسامة مستفزة:


- نتيجة عمايلك يا مدام شمس.


إبتعد عنها بضع خطوات واستأنف:


- عمومًا العرض لسه قائم لو حبيتي تغيري رأيك.


واتسعت إبتسامة وهو يطالعها من قدمها حتى رأسها قبل أن يخرج من الغرفة وتركها؛ أما هي فظلت تقف تتابع خروجه بصدمة .. وبعد عدة دقائق استفاقت من صدمتها تلك متذكرة الصفقة التي تنتظرها اخذت نفسًا عميقًا تقوم بتعديل هيئتها وتزيد من وضع مساحيق التجميل لكي تبدو في أفضل طلة وخرجت من الغرفة.


بعد أن خرج جواد من الشركة إختفت إبتسامته وأمر سائقه بالرحيل يفكر بما حدث بينهما منذ لحظات .. لقد كانت بين يديه .. لما إنتظر موافقتها؟ لما عرض عليها ذلك من الأساس؟ لما لم يختطفها لكي يبقيا سويًا ويختفيان بعيدًا عن ذلك العالم الموحش الذي اختاره هو؟؟ .. إنها شمسه .. إنها حبيبته .. كل شئ بداخله يصرخ بالعودة إليها وإختطافها ولا يعلم أحدٌ عنها شيء .. ولكن لا حاول أن يقوم بتهدأة نفسه وبدأ يتابع أعماله عبر هاتفه ولكنه تذكر أمرًا ما! .. إنها ذاهبة بهيئتها الصارخة تلك لكي تقوم بعمل صفقة! كيف ترتدي مثل تلك الثياب وهو حي؟ بعد ثوانٍ أرصدة سيارة جواد صوت صريرٍ عالٍ يدل على توقفها وعادت السيارة من حيث تحركت وهو شركة السيد بهجت.


.................................


آرائكم؟ توقعاتكم؟ 


ماتنسوش ترشحوا الرواية لأصحابكم.


الدعاء عبادة وطاعة لله وامتثال لأوامره والبعد عن غضبه وسخطه، وقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". رواه البخاري، ومسلم.


"رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات"


الفصل التاسع


"يقولون أن الحب أعمى ولكن جواد لا يحب شمس فقط بل يعشقها!"


كان في طريقه حيث سينعقد الإجتماع الذي ستقوم شمس بمناقشة صفقتها به، كان شاردًا وغاضبًا في ذات الوقت كيف يفعل بنفسه ذلك معها؟ ألا يكفي؟ يا الله لقد أرهقته ولكنه إكتشف أنه لا يستطيع البقاء حيًا بدونها، إستفاق من شروده على صوت هاتفه الذي يُعلن عن وصول رسالة نصية له، قام بفتحها يطالع محتواها.

"You didn't complete the previous deal well but we hope you like our gift"


"لم تقم بإتمام الصفقة السابقة بشكل جيد!، ولكننا نتمنى أن تنال هديتنا إعجابك"


عقد حاجبيه بغضب من تصرفات هؤلاء الأوغاد، طالع الوقت بهاتفه ووجد أنه متبقٍ فقط خمس دقائق للوصول إلى مكان شمسه.


دخلت شمس بأناقة أحد المطاعم الراقية مرتدية معطفها الأسود وسألت عن طاولة معينة ودلها أحد العاملين نحو طاولة يجلس حولها رجلين ينتظرانها وحينما لاحظا إقترابها نحوهم وقفا إحترامًا لها هزت رأسها بإبتسامة ترحب بهما كما رحبا بها وجلست أمامهم، أردف أحدهم بغزل ويُدعى "ممدوح"


"مكناش نعرف إن بنت بهجت بيه جميلة أوي كده؟ اه كنا بنشوف صورتك في المجلات والجرايد بس إنتى على الحقيقة أحلى."


إرتعشت إبتسامتها بسبب إحراجها وأردف الآخر بغزل مريبٍ والذي يُدعى "حسن":


"طبعا عندك حق .. وطليقها خسران عشان خسر إنسانة زيها."


ارتبكت واضعة يدها على رقبتها تدلكها ثم أردفت إبتسامة هادئة وواثقة:


"أنا جاية هنا عشان في صفقة المفروض نتناقش فيها بس لو حابين تتكلموا عني او عن حياتي فممكن نتفق على وقت تاني أفضل."


كادت أن تقف ولكن المدعو حسن أوقفها:


"آسفين ليكِ طبعا، مانقصدش إتفضلي."


هزت رأسها وقامت بفتح ملفات الصفقة وبدأت بمناقشتها .. كان ممدوح يركز في بنود الصفقة أما الآخر كان يطالعها وهو يرتشف قهوته .. يتابع حركاتها .. نظراتها .. ولكن نظراته لها لم تكن نظراتٍ بريئة بل كانت مفترسة كنظرات أي ذئب بشري .. ثانية .. ثانية واحدة وكانت قهوته تنسكب في عينيه جراء رفع يده الممسكة بالكوب من خلال جواد ..


تحدث بصراخ وألم:


"عيني."


في ذات الوقت كان جواد يمسك شمس من ذراعها .. أردفت شمس بضيق:


"إنت بتعمل إيه هنا؟"


رد عليها بغضبٍ أكبر:


"أنا إللي المفروض أسأل السؤال ده، إنتِ بتعملي إيه هنا وسط الرجالة دي؟؟ واحد كانت عينه هتطلع عليكي بسبب لبسك وشكلك و.."


صمت لثانية بسبب غضبه واستأنف:


"ولا إنتِ كنتِ حابة بصاته ليكِ أصلا؟!!"


كادت أن تصفعه ولكنها صدمت عندما دفعها أرضًا بيده اليُسرى وأشهر عياره الناري بيده اليمنى في ذات الوقت نحو أحدٍ ما بالمطعم وبدأت أصوات طلقات النيران في المكان .. وكان رجال جواد من يطلقون النيران على رجالٍ آخرين غير معروف هويتهم أو تابعين لأي طرف لأنهم كانوا ملثمين ..


"إستخبي تحت أي ترابيزة يا شمس."


أردف جواد بتلك الجملة بصوتٍ مرتفعٍ .. وبالفعل اختبأت تحت إحدى الطاولات بجانب سيدة تحتضن طفلها الرضيع وهي تبكي بخوف وفزع .. كانت تشعر أنها تائهة لا تدري ماذا يحدث حولها ... أصوات طلقات النيران لا تتوقف، وقعت عينيها على الرجلان اللذان كانت تجلس معهم كانا يختبئان برعب أسفل إحدى الطاولات .. كيف حدث هذا؟! في ثانيةٍ واحدةٍ كل ذلك حدث! .. ماذا يفعل جواد هنا؟ ماذا يعمل من الأساس؟؟ من هؤلاء!.


إختبأ جواد نحو أحد جدران المطعم يلتقط سلاحان قذفه له أحد حراسه على بُعد .. أمسك بهما بقوة ثم خرج من خلف الجدار وبدأ بإطلاق النيران بالعيارين وهو يتحرك من زاوية لزاوية أخرى بالمطعم كان كل مقصده هو إصابة اليد أو القدم .. يبتعد عن المناطق التي بها أعضاء حيوية لكي لا يموت أحد وذلك ما فعله هو ورجاله حتى انتهت أصوات طلقات النيران بالمكان وتعالت أصوات سيارات الشرطة بالقرب من المطعم .. سمع صوت هاتفه يعلن عن وصول رسالة نصية أخرى .. التقطه وطالع الرسالة بغضب:


"This time the gift was simple, we will be waiting for you at the Mafia bosses gathering in Italy, we will announce it soon"


"تلك المرة الهدية كانت بسيطة، سننتظرك بحفل تجمع رؤساء المافيا في إيطاليا، سنُعلن عنه قريبًا"


انتبه عندما أخرج الرجال الملثمين الملقون أرضا مادة شربوها وفي غمضة عين كان جميعهم أمواتًا .. ألقى جواد أسلحته بضيق مما يحدث، يكرههم .. يكرههم جميعًا، إستفاق من تفكيره عندما سمع صوتها..


"جواد."


إلتفت للخلف رآها تبكي إقترب منها ورَكَع يطالعها .. ينظر لملامحها جيدًا يتأكد أنها بخير ولم يُصِبها أذى.


أردفت بارتعاش:


"مين دول؟"


كان يتمنى لو يضمها يطمئنها ولكنه أردف بعجرفة:


"مش عارف، ومايهمنيش أعرف."


بعد مرور عدة دقائق:


إستمرت التحقيقات بالمكان وتحدث الشهود عن الواقعة والتي من بينهم شمس أما بالنسبة لجواد فقد كان يقف مع صديقه يتشاجران:


"برده هتقول متعرفهمش؟! أومال أنا إللي أعرفهم؟! دول كانوا جايين يقتلوك يا جواد!! متعرفهمش إزاي؟"


"أنا قولت كل اللي عندي يا عاصم، واللي حصل ده حماية للناس اللي موجودة في المكان، يعني أسيبهم يموتوا لو طلقة جات فيهم بالغلط؟ وأظن إنك شوفت كل اللي حصل في الكاميرات في المكان."


"ماهي دي المشكلة يا جواد."


صمت عاصم قليلاً ثم أردف:


"ماشي يا جواد، بس صدقني لو المرة الجاية لقيتك في مكان فيه قلق .. حتى لو مجرد مكان إنت عديت منه أنا هحبسك."


أردف جواد ببرود:


"اعمل إللي تعمله."


ثم تركه واقترب من شمس يطبق على ذراعها يجرها خلفه ..


"جواد."


لم يُجبها ولم يتحدث ولكنه أجبرها أن تركب معه داخل سيارته وأمر سائقه بالتحرك .. ظل طوال الطريق صامتًا وشاردًا ولكن في ذات الوقت يمسك بيد شمس بقوة أخرج هاتفه وطلب رقمًا ما وكان الطرف الآخر هو ساجد طليقها:


"أيوه يا بوص."


"وصل الكلام ده للزبالة بتوعك .. أنا جواد الجندي مابتهددش أبدًا .. وقريب جدا هنتقابل."


ثم أغلق بوجهة وظل صامتًا .. كانت تطالعه بهدوء ولكن بداخلها العديد من الأسئلة .. لقد تغير جواد كثيرًا عن آخر مرة .. أصبح ككتلة الثلج تمامًا .. لا أحد يعلم ماذا يجول بخاطره .. في السابق كان من السهل التقرب منه كان انسانًا بسيطًا على الرغم من غلاظته معها لكنه الآن أصبح صعبًا حتى في التحدث معه.


رن هاتف جواد يعلن عن رنين مستمر التقطه وكان السيد بهجت إبتسم جواد بهدوء وقام بالرد:


"ألو."


"جواد ابني إزيك؟"


"بخير الحمدلله، طمني عليك؟ أنا عديت عليك النهاردة انت مكنتش موجود"


سعل بهجت بقوة مما جعل من جواد يتعجب لأمره ..


"أنا تعبان شويه واخد شوية برد .. هسألك سؤال وترد عليا."


"اتفضل."


"انت لسه بتحبها يا جواد؟"


في تلك اللحظة تقابلت عينيه مع شمس التي تنظر له بحزن وفي ذات الوقت بداخلها العديد من الأسئلة .. ونظر لأيديهما المتشابكة ولكنه تركها بجفاء ثم أردف متجاهلا سؤال السيد بهجت:


"إنت لازم تكشف."


"لا يا جواد مش عايز أكشف .. أنا محتاج أعرف إجابة سؤالي دلوقتي حالا."


أغمض عينينه بقوة متحدثًا بهدوء:


"ماتضغطش عليا، انت محتاج عناية طبية وأنا هبعتهالك."


قهقه بهجت بخفة متحدثًا:


"أنا خلاص أخدت جوابي منك، بتمنى تسامحني يابني، ومش لازم تيجي تزورني لإني عارف إنك مش عايز تيجي عندي هنا تاني عشانها."


"الكلام ده ميتقالش على التليفون يا بهجت بيه، انت والدي وماينفعش الإبن يزعل من أبوه."


"ماشي يابني."


"أشوفك على خير."


"إن شاء الله."


أغلق المكالمة وأرسل رسالة بإرسال فريق طبي لمنزل السيد بهجت للعناية به ..


"طالما والدك تعبان نزلتي ليه؟"


أردف بذلك السؤال بجفاء كادت أن ترد تقوم بالدفاع عن نفسها ولكنه تحدث بجفاء مستأنفًا:


"مالهوش لازمة خلاص قربنا نوصل."


لم تعد تفهم ماذا يحدث؟ لما يتحدث معها هكذا؟ أكل هذا لأنها قامت بجرحه؟؟ ولكن فاض بها الكيل.


أردفت بصراخ:


"هو في إيه؟ إنت ليه بتتعامل معايا كده؟"


علا صوته في المقابل وأردف بغضب:


"عشان إنتِ تستحقي كده، أنا شوفت بسببك حاجات كتير، أنا مكنتش كده يا شمس! .. أنا كل اللي أنا فيه ده بسببك إنتِ."


بكت وتحدثت بقهر:


"وأنا ماطلبتش منك تتدخل في حاجة تخصني، ماحدش طلب منك حاجة بجد! ليه جايب السبب كله عليا!!."


"فات الأوان .. الشخص إللي بيتعاقب على كل فعل إنتِ عملتيه في حياتك هو أنا."


"ليه؟؟! ليه ياجواد؟؟"


أردف بتأثر وهو ينظر في عمق عينيها:


"عشان ... عشان..."


ولكنه صمت لم يعد يستطيع أن يتحمل وجودها بقربه يجعله يفقد السيطرة على مشاعره وعلى ذاته من الأساس .. توقفت السيارة أمام قصر السيد بهجت ..


أردف جواد بهدوء:


"مبقاش ينفع نبقى سوا يا شمس .. أنا وانت مينفعش نبقى موجودين في حياة بعض .. أنا مش جواد بتاع زمان .. أنا دلوقتي شخص تاني مينفعش تبقي موجودة في حياته أصلا."


كادت أن تتحدث ولكنه أردف بدلًا عنها:


"اتفضلي انزلي اتطمني على والدك .. أتمنالك التوفيق في حياتك."


لم تكن تملك أي فرصة سوى أن تأخذ المتبقي من كرامتها وتخرج من سيارته دون النظر خلفها .. ولكنها على يقين جيدًا أن كل ذلك من صنع يديها، دخلت القصر أما هو فقد عمل مكالمة هاتفية لرقم مجهول وأردف بشرود:


"كانوا جايين يقتلوها .. كانوا عايزين ياخدوا مني أغلى حاجة عندي .. بس صدقني مش هيشوفوا الشمس في أيامهم الجاية، هحرقهم بالنار إللي في قلبي."


مرت الأيام وكثرت سفريات جواد لخارج مصر وكانت شمس تتابع أخباره من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ولا تدري ما سبب سفره المستمر هذا؟ .. هناك شئ غير مفهوم في حياة جواد! وتساءلت أيضًا .. أين عائلته؟؟؟ من أي عائلة ينحدر جواد!! .. أين والده وأين والدته اكتشفت أنها لا تعلم عنه أي شئ .. زاد مرض السيد بهجت في الآونة الأخيرة وكانت شمس خائفة كثيرًا بسبب وعكته الصحية تلك التي لم يجد الأطباء لها سبب! .. وفي يومٍ ما كان السيد بهجت يقف في حمام غرفته يسعل بشدة وضع يده موضع فمه يحاول أن يهدأ ولكنه وجد نفسه يسعل دمًا .. ظل ينظر للدماء لثوانٍ ولكنه استفاق عندما سمع صوتها.


"بابي."


قام بغسل يده من الدماء بسرعة ومسح فمه بالمياه وأخذ نفسه عميقًا يحاول أن يظل ثابتًا وقويًا أمام ابنته.


خرج من الحمام بإبتسامة أبوية بشوشة واقترب منها يضمها بقوة ..


"ايه يابابي؟ إنت كويس؟"


"الحمدلله يا حبيبتي، حبيبة بابي عاملة إيه النهاردة؟"


"أنا بخير الحمدلله طول مانت بخير، يلا عشان تاخد الدواء."


هز بهجت رأسه وجلس بفراشه بمساعدتها .. أعطته الدواء ثم قامت بضمه بقوة ..


"هتعملي إيه دلوقتي؟"


أردفت بإبتسامة:


"مافيش هقعد معاك شويه وبعدها هروح أنام."


"طب روحي نامي لإني محتاج أنام دلوقتي."


"ماشي يا حبيبي تصبح على خير."


قبلت مقدمة رأسه ثم أغلقت إضاءة الغرفة وخرجت منها، أخذ بهجت هاتفه وحاول الإتصال بجواد ولكن الرقم كان خارج التغطية .. بدأ سعاله يشتد وأرسل له رسالة نصيه لعله يراها فيما بعد.


"رواية / ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات"


في صباح اليوم التالي:


دخلت شمس غرفة والدها تبتسم بسعادة وقامت بإزاحة الستائر بمفردها لكي تنتشر آشعة الشمس بها، وتركت الخادمات طعام الفطور بالغرفة ثم خرجن، اقتربت شمس منه متحدثة بتفاؤل:


"يلا يا بابي قوم عشان تفطر."


ولكنه لم يُجِيبها ..


"بابي بلاش دلع، قوم يلا عشان البنات حضروا الفطار وهو خلاص قرب يبرد ده أنا صممت إني أصحيك بنفسي"


ولكنه لم يستيقظ أيضًا .. أمسكت بيده ولكنها صعقت عندما وجدتها باردة وليست دافئة كالعادة قامت بهز جسده لكي يستيقظ:


"بابي أرجوك إصحى."


بدأ نحيبها عندما وجدته لم يستيقظ وصرخت بأعلى صوتها في القصر جعل الكل يركض على غرفة السيد بهجت.


........................


كان جواد برفقة رجاله خارج مصر في دولة أجنبيه ينظر للمبنى الموجود أمامه والذي يتم إحتراقه كليًا .. كان ينظر بقسوة للمبنى الذي تلتهمه النيران بالكامل ثم أمسك بهاتفه وقام بفتحه ولم ينتبه للرسالة التي آتته وقام بكتابة رسالة نصية للرقم الذي أرسل له الرسالة السابقة قبل ذهابه للمطعم.


"One for one, and the one who started is wrongful, the next time you will be the ones who burn, my regards"


"واحدة بواحدة والبادئ أظلَم، في المرة القادمة ستكونون أنتم من تحترقون، تحياتي."


ثم أغلق هاتفه وابتعد عن هذا المكان بسيارته وبعد عدة دقائق أتت مكالمة له من هاتف أحد رجاله من القصر يريدون إخباره بشيء. أعطاه الرجل هاتفه وأخذ جواد الخبر الذي نزل على قلبه كالصاعقة! وهو موت السيد بهجت.


........................


كانت آيات القرآن الكريم منتشرة في دار مناسبات يتم فيه عزاء السيد بهجت .. كانت شمس تنظر أمامها بشرود وعينيها مازالت تخرج منها الدموع حتى الآن .. كانت صباح تجلس بجانبها تمسك يدها بقوة ولكن شمس مغيبة العقل في عالم خاص بها .. وهو تخيلها لكل لحظة كانت بها مع والدها .. إبتسامته .. ضحكاته .. ضمته لها .. تشعر بإنحناءة غريبة في ظهرها! .. تشعر أنه لا يوجد أحد بجانبها .. لقد إختفى من كان يدللها ويستثنيها عن الآخرين .. اختفى داعمها وقوتها ولن يعود مرة أخرى .. مات السيد بهجت ولن يعود! .. كان جواد يقف يأخذ عزاء السيد بهجت ويصافح الموجودين بوجهٍ شاردٍ .. يتذكر كم مرة شجعه السيد بهجت على عمله وأن يظل دائمًا في الطريق المستقيم .. ظل جواد وشمس هكذا حتى انتهى العزاء واقترب جواد من مجلس السيدات لكي يأخذ شمس ويرحلا ..


أردفت صباح عندما رأته يدخل المجلس:


"جواد بيه يا شمس جاي ياخدك."


رفعت شمس رأسها بأعين مليئة بالدموع متحدثة بنبرة مهزوزة:


"جواد."


استقامت بصعوبة بمساعدة صباح واقتربت منه ولم تشعر بنفسها سوى وهي ترتمي في أحضانه ويقوم بضمها بقوة .. أردفت بنحيب:


"بابي مات يا جواد .. أنا ماليش غيرك، ماتسبنيش .. أنا مبقاش ليا حد غيرك ماتعملش زيه وتسيبني وتمشي يا جواد أرجوك."


ربت بحنو على ظهرها بيد وشعرها بيده الأخرى كحنان أبٍ على إبنته ..


"سابني ومشي."


"ماتقلقيش، انا معاكي .. يلا نمشي."


هزت رأسها بتيه وحاوطها بذراعيه يقوم بمساعدتها في التحرك بسبب حالتها تلك وركبا سيارته .. كانت مستندة برأسها على كتفه طوال الطريق تنظر أمامها بشرود؛ أما هو فقد كان شاردًا يفكر كثيرًا بما سيحدث في الأيام القادمة فهو وبصعوبة كان يبتعد عنها لأجل مصلحتها .. ولكن الآن بعد رسالة السيد بهجت أصبحت شمس مرتبطة تمامًا به ولا يمكن أن يبتعدا تنفيذًا لوصية السيد بهجت آخر كلمات قد أرسلها له في رسالة نصية قبل وفاته ..


" خلي بالك من شمس يا جواد .. إتجوزوا وعيشوا وانسوا اللي فات أنا عايز أموت وأنا مطمن على بنتي ومش هعرف أطمن عليها غير معاك."


..........................................................................




قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:60].


ماتنسوش اللايك


الفصل العاشر


في دولةٍ أجنبية وفي قصرٍ ضخم تحيطه الأزهار الملونة والأشجار .. كان يسير بإتجاه باب الخروج ويحيطه رجاله الذين يحملون الأسلحة ولكنهم لم يكونوا أي رجال بل كانت فرقة خاصة مدربة جيدًا وتوجد أوشمة مرسومة على أذرعهم .. يرتدون زيًا أسود وعدسات شمسية سوداء يبدو على مظهرهم الهيبة وسبب تلك الهيبة هو الشخص الذي يسير في حمايتهم .. رن هاتفه بإستمرار التقطه يقوم بالإجابة على تلك المكالمة ولكنه لم يتحدث في بدايتها علا وجهة ابتسامة غامضة ثم أردف بلغة البلد للشخص الذي يتحدث معه. (الحوار مترجم إلى اللغة العربية الفصحى)


- سيأتي إلينا في النهاية.


ثم أغلق المكالمة وأشار لأحد الحرس بالإقتراب منه.


- نعم سيد فيليب؟


- بلغ الخادمات بأنه سيكون لدينا ضيفًا مميزًا عما قريب، اجعلهم يقوموا يتجهيز القصر جيدًا لاستضافته.


أومأ الرجل رأسه ثم ذهب ينفذ ما أمره به .. خرج الرجل مع رجاله وركب سيارته التي يقودها سائقه وتمتم بهدوء وثقه:


- سنلتقي قريبًا يا جواد.


..................................


كانت مستلقية على فراش السيد بهجت تحتضن إطار صورته وتنظر أمامها بشرود بأعين تائهة، لا تصدق أنه لم يَعُد موجود! .. كيف ستمر أيامها بدونه إذا مرت من الأساس؟ .. لقد أصبحت وحدها في هذه الدنيا .. ماتت والدتها منذ صغرها والآن والدها، كيف ستعيش؟ .. يوجد بقلبها ألم كبير، تشعر أنها لا تستطيع التنفس .. كان جواد مستندًا بجسده عند باب الغرفة يطالعها بحالتها تلك .. لا يعلم كيف يواسيها .. ظل هكذا لساعات منذ أن عادا من الجنازة .. لم تأكل ولم تشرب أي شئ منذ توفى السيد بهجت .. استفاق من شروده على صوت هاتفه الذي يعلن عن مكالمة واردة ... أجاب على الهاتف دون أن تبتعد عينيه عن شمس:


- معاك.


عقد حاجبيه وأردف بتعجب وهو يبتعد قليلًا عن الغرفة:


- سرطان!.


- مع الأسف الحالة كانت متأخرة واكتشفنا إن بهجت بيه كان عارف، البقاء لله يا جواد بيه.


- شكرا لحضرتك، تعبتك معايا.


أغلق المكالمة وتنهد بصعوبة، كيف لم يخبره بهجت بحالته تلك؟! .. كان دائمًا يحمل سر بهجت لما لم يخبره أنه مصاب بالسرطان؟! .. عاد للغرفة ووجد الخادمات يحاولن أن يطعمن شمس ولكنها أبَت .. دخل الغرفة وأردف:


- سيبوها.


خرجن من الغرفة؛ أما هو فقد اقترب منها يجلس على الفراش بهدوء ثم تحدث:


- إنتِ ما أكلتيش من امبارح وده هيأثر عليكي بالسلب.


أردفت بشرود:


- أنا عايزة أموت.


عقد حاجبيه يحاول أن يكون هادئًا بسبب حديثها ذلك يعلم أنها حزينة، ولكن كلمتها تلك آلمت قلبه .. لن يستطيع أن يعيش بدونها أبدًا، قام بملئ ملعقة من الطعام يقربها نحو فمها متحدثًا:


- كلي عشان تتغذي.


لم تُجِبه ولم تتحرك ساكنة .. وضع الملعقة جانبًا على صينية الطعام ثم أمسك بيدها:


- تفتكري إن باباكي هيكون مبسوط وانتي حالتك كده؟


- بابي مات، أنا مش قادرة أتخيل حياتي من بعده.


ثم هبطت عبراتها تبكي مرة أخرى على والدها وأردفت بألم:


- إزاي يعمل فيا كده؟ إزاي يمشي ويسيبني؟ .. أنا مش قادرة، أنا قلبي بيوجعني.


وضعت يدها على موضع قلبها ثم عادت تطالع جواد ببكاء ..


- سابني يا جواد، وهو أصلا وعدني إنه عمره ماهيسيبني.


كان يفصل بينهما مسافاتٍ بسيطة، كان مترددًا .. يتمنى لو يقوم بضمها بقوة بين ذراعيه يهشم عظمها .. لطالما تمنى أن تنعدم المسافات بينهما، يتمنى أن يتذوق تلك الشفاة وها قد آتته فرصته! كانا تائهين يطالعان بعضهما .. مسافات قليلة .. فقط متبقٍ مسافات قليلة بينهما ولكن جواد ابتعد عنها على الرغم من رفض قلبه واصراره على تكسير أضلعها بين ذراعيه .. أما بالنسبة لشمس؛ فقد كانت تائهة لم تنتبه تمامًا لما كان سيحدث هي فقط تشعر أنها تحتاج جواد بجانبها لكي تستند عليه، إنتبهت له عندما عاد يقرب الملعقة من فمها ولكنها تلك المرة قامت بفتح فمها باستسلام وأخذ يُطعِمها وبعد أن انتهى من إطعامها كانت هناك بقايا من الطعام بجانب فمها اقترب منها بهدوء ووضع يده على وجنتها الناعمة يتحسسها بلطف والتقط تلك البقايا بإبهامه، كانت تطالعه بهدوء وتسأل نفسها العديد من الأسئلة، كيف لم تنتبه أن جواد كان يتعامل معها هكذا قبل أن تتعرف على طليقها؟ .. من كثرة تدخله في حياتها كانت تراه مجرد متطفل في حياتها، كيف لم ترى تعامله اللطيف معها؟ .. حاولت أن تتذكر كل مافات من حياتها .. كان تعامله لطيفًا معها ولكنها من كانت تراه مستفزًا لأنها لم تكن تريده في حياتها، غبية شمس!، استفاقت من شرودها عندما سمعت طرقات باب غرفتها .. دخلت صباح الغرفة وأردفت بابتسامة عندما رأت جواد يحمل صينية الطعام:


- إزيك يا جواد بيه؟


أردف بابتسامة:


- إزيك يا صباح جيتي في وقتك، هسيبك أنا مع شمس شويه.


هزت رأسها وعند إقتراب خروجه من الغرفة همس لها ..


- حاولي تخرجيها من اللي هي فيه.


إبتسمت ابتسامة مطمئنة له ثم خرج من الغرفة؛ أما هي فقد جلست أمام شمس تطالعها بهدوء ..


- إزيك؟


أردفت شمس بشرود:


- الحمدلله.


ظلت صباح صامته ولكنها كانت تبحث عن أحاديث تتحدث بها معها لكي تخرجها من حالتها تلك، ولكنها لم تفعل أي شئ سوى أنها قامت بضمها بين ذراعيها .. أغمضت شمس عينيها وظلت تبكي لبعض الوقت على فراق والدها وكانت صباح تقوم بتهدأتها حتى نامت بين ذراعيها .. كان جواد يقف في باحة القصر وحوله رجاله يُملي عليهم ما سيحدث في الفترة القادمة حتى قطع تركيزه رنين هاتفه المستمر .. قام بالرد على الهاتف ..


- لقيناها.


إحتدت ملامح جواد وعاد لقسوته السابقة كأن هناك أحدٌ قد أعاد إشعال جرحه مرة أخرى، ولم ينتبه لعاصم الذي دخل القصر.


كانت صباح جالسة بجانب شمس النائمة في الفراش تربت على شعرها بهدوء .. ظلت هكذا بجانبها لوقت طويل وحينما ملت اعتدلت من الفراش وخرجت من الغرفة وأخذت تتمشى في القصر قليلًا حتى توقفت عند باحة القصر لمحت جواد يقف مع شابٍ ما يتحدثان، كان عاصم يتحدث مع جواد بخصوص ماتوصل إليه ..


- إللي حصل في الفترة الأخيرة يا جواد ده طلع وراه عصابة كبيرة أوي لامه من كل الجنسيات .. مش عارفين مين دول؟ أو إيه غرضهم بس الهدف المبدأي واضح وهو تجارة المخدرات والسلاح.


كان جواد يطالعه بهدوء وهو يستمع لحديثه .. انتبه لوجود صباح ..


- اتفضلي يا صباح، محتاجة حاجة؟


التفت عاصم للخلف ينظر لمن يتحدث إليها جواد، ثم عاد ينظر إليه مرة أخرى ..


- هبقى أكلمك على التليفون نكمل كلامنا ... البقاء لله.


هز جواد رأسه ثم خرج عاصم من القصر أما جواد كان يطالع صباح بهدوء ينتظرها أن تتحدث أو تبرر سبب وقوفها بباحة القصر ..


- أنا بس مليت وقولت أتمشى شويه في القصر.


هز جواد رأسه ثم تساءل:


- شمس فين؟


- نايمة فوق.


- حاولي تفضلي معاها الفترة دي، لإني هحتاج أسافر بره مصر كام يوم ومافيش غيرك أقدر أثق فيه في وجود شمس معاه، لو ينفع تباتي معاها الفترة دي يبقى تمام.


- بس بابا.....


قاطعها بهدوء:


- ماتقلقيش من جهة باباكي، أنا هكلمه.


هزت رأسها أما هو فقد تركها وذهب للغرفة التي يبقى بها وبدأ بتجهيز نفسه للسفر.


بعد مرور بضع ساعات:


استيقظت شمس من غفوتها واعتدلت وتفاجأت ببقاء صباح بجانبها نائمة في الفراش .. اعتدلت من فراشها وذهبت للحمام لكي تستفيق قليلًا ثم عادت لفراشها مرة أخرى .. سمعت صوت طرقات على الباب ثم دخلت الخادمات للغرفة يحملن الطعام لها ..


أردفت شمس باستفسار:


- جواد بيه فين؟


إستيقظت صباح على إثر سؤالها ذلك وأجابت بنعاس:


- سافر بره مصر.


تمتمت بشرود:


- إزاي يمشي ويسيبني لوحدي؟!


أردفت صباح تطمئنها قليلًا:


- هو قالي إن في حاجة لازم يسافر مخصوص عشانها وشوية وهيرجع.


..............................


في إحدى الدول الأجنبية كان جواد يقف أمام مصحة للأمراض العقلية .. كان عقله يرفض تمامًا أنه سيجدها هنا .. لا .. بالتأكيد ليست هي .. دخل المصحة ودخل بعضًا من رجاله خلفه والمتبقين توقفوا بالخارج .. توقف أمام غرفة بيضاء وقام بفتح بابها، وأشار لرجاله بالبقاء خارجًا، دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه، كانت هناك سيدة تحتضن دُمية قطنية لدُّبٍ صغير وكانت تنظر أمامها بشرود وتدندن بنغمةٍ للأطفال .. دندنة .. أذنه تعرفها جيدًا دندنة يستطيع تمييزها من بين كل الدندنات في العالم! .. ذلك الدُّب القطني البُنِّي يتذكره جيدًا .. ظهرت أمامه صورة مشوشة لطفلٍ يصرخ وإمرأه تصرخ بإسمه "جواد" .. ويقع الدب من يدِ الطفل وصراخ المرأة يستمر، تقدم نحوها ببطئ يشعر أن الدُنيا تضيق به حتى توقف أمامها .. كانت سيدة ذات شعرٍ بني يتخلله بعض الشعيرات البيضاء .. بشرتها كانت بيضاء كالثلج .. سوداء العينين ولكن ملأتهما التجاعيد .. تلك الملامح لم ينساها أبدًا .. أيعقل أنه قد مر أكثر من ثلاثين عامًا؟! .. اقترب منها أكثر ولم يتحدث ولكنه ظل يطالعها، انتبهت على وجوده وتوقفت عن الدندنة وطالعته باستفسار وأردفت بلغة أجنبية:


- من أنت؟


اهتزت مقلتا جواد وهو يطالعها هكذا وهي لا تعرفه .. كيف؟


- سيدة آسيا؟


تحدثت بعدم فهم:


- نعم أنا، من أنت؟


- لقد تعاهدنا على اللقاء وها قد نفذت وعدي لكِ .. لقد سافرت حول العالم كله لكي أجدكِ حتى وجدتكِ.


ذلك ما أجابها به جواد .. ظلت تطالعه ولكنها أردفت:


- أنا لا أتذكر من أنت، هل التقينا قبلًا؟


تجاهل سؤالها ثم أردف وهو يشير إلى الدمية التي بيدها وهو يعلم الإجابة مسبقًا:


- دمية من تلك؟


- إنها لطفلي جواد.


التمعت عينا جواد وتمنى لو يقبل قدمها الآن ولكنه ظل ثابتًا وركع أرضًا وأمسك بيدها:


- هل تستطيعين تحدث العربية؟! هل تتذكرين مِن أين أنتِ؟


نظرت إليه قليلًا تحاول أن تفهم مايقول وشعرت بتشتت ..


- ابتعد عني، أنا خائفة.


التمعت عيناه ثم أردف بحب:


- لا تخافي مني .. أنا صديقٌ لجواد.


تحدثت بلهفة وهي تبحث عنه بعينيها حولها:


- هل أنت جاد؟ أين هو؟ ثم إنك كبيرٌ قليلًا على أن تكون صديقة .. إن بُني في الخامسة من عمره فقط.


ظل صامتًا يطالعها بحزنٍ يقسم أنه سيجعل من فعل بها هكذا يدفع الثمن غاليًا.


أردفت بتوسل:


- أَجِبني أرجوك، أين بُني؟ لقد أخذوهُ مني .. لقد أخفوه عني .. لم يتبقى لي إلا دُميَته، أين صغيري.


- إهدأي، هو بخير لا تقلقي سوف آخذكِ له، إنه بمصر ثم إنه دائمًا يخبرني أنه يشتاق إليكِ كثيرًا .. إنه يريد رؤيتكِ أكثر منكِ.


- إذا خُذني معك إلى مصر تلك لكي أضمه بين ذراعي.


هز رأسه بابتسامة ثم أردف:


- سوف أقوم بتجهيز إجراءات خروجكِ من هنا، وسنعود سويًا إلى مصر.


كانت تبكي وهي تطالعه ومن سعادتها قامت بضمه بقوة .. شعر أنه عادَ طِفلًا صغيرًا بسبب ضمتها تلك، ضمتها أذابت كل الثلج بداخله، أشعرته أنه هشٌ تمامًا، كم اشتاق لها .. كم اشتاق لذلك الدِفئ الذي تمنى دائمًا أن يشعر به عندما كان طفل شوارع!.


................................


كانت شمس قلقة بسبب عدم إتصال جواد بها، هل يتركها هو الآخر؟ شعرت بالضياع ولكنها انتبهت على صوت صباح:


- ماتقلقيش هيرجع هو أكِّد عليا.


التفتت إليها ولكنها ظلت صامته لبعض الوقت ثم أردفت ..


- شكرا يا صباح على وجودك معايا هنا.


طالعتها باستفسار ثم أردفت:


- مافيش شُكر بينا إحنا زي الإخوات ياشمس أو ممكن أنا اللي بعتبرك زي أختي وأكتر.


أردفت بتساؤل:


- يعني مش زعلانه مني عشان اللي عملته فيكِ؟


تنهدت صباح ثم أردفت:


- مهما يحصل بينا فأنا بركن خلافاتنا على جنب وببقى جنبك.


تنهدت شمس ولم تتحدث ولكن طمأنتها صباح كأنها تقرأ مابداخلها.


- صدقيني يا شمس، جواد بيه بيحبك وعمره ماهيمشي ويسيبك


هزت رأسها..


...............................


في اليوم التالي:


ضرب بقبضة يده زجاج المكتب وأردف بغضب بلغته الأم:


- كيف يجدها؟ لقد قلت لكم أن تخفوها تمامًا عنهما.


تحدث أحد الرجال الواقفين أمامه:


- سيد ماتيوس نحن فعلنا مابوسعنا لكي لا يجدها السيد جواد والسيد فيليب، ولكن السيد جواد من وجدها أولًا.


اذهبوا من أمامي يا حثالة، ثم قام بإعادة ضبط شعره الأسود الذي يتخلله بعض الشعيرات البيضاء بيده التي تنزف .. ثم أمسك بإطار في غرفة المكتب كان به صورة قديمة لفتاة في الثامنة عشرة من عمرها ..


- آسيا حبيبتي، إنه يأخذكِ مني مرة أخرى ولكن نسخته المصغرة من تفعل ذلك، لن أسمح له بفعل ذلك حتى لو اضطررت لقتله.


.................................................................


تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع