القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نسمه متمردة الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية نسمه متمردة الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم أمل  مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات





رواية نسمه متمردة الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم أمل  مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات





نسمه متمردة 

بقلمي أمل مصطفي 

البارت السادس عشر

*******


هتفت  بنبرة حادة :

— وبعدين يا أيهم؟


حدثها بمرح 

 يعني طالعة كده لكلام ولا سلام؟


ومروان برده  كان طالع، كأنه مش شايف حد.

 هو انتوا اتخانقتوا تاني؟


ضمّت حاجبيها بتعجب وسألته:

— هو أيهم جه؟


أجابها:

— آه.


قالت ببرود:

— طيب، تمام. وسّع كده، علشان أنا راجعة مرهقة جدًا.


اتخذ أيهم جانبها وهو يهتف:

— حاولي تكسبي مروان يا نسمه، مروان بيحبك بجد.


هزّت رأسها في صمت وصعدت السلم،

بينما وقف أيهم يتابع صعودها وهو يهتف بصدق:

— ربنا يسعدكم ويكفيكم شر شاهي.


**********


دخل مروان غرفته، وأرسل رسالة قصيرة مضمونها: "عايزك".


تسارعت دقات قلبها بشكل لذيذ عند رؤية اسمه فقط على الرسالة، وضعت يدها على صدرها في محاولة يائسة للسيطرة على نبضاتها، وهي تهتف في نفسها:

"يا ترى عايز إيه؟ يا رب... أنا ماسكة نفسي بالعافية."


دخلت الغرفة، وجدته يجلس وفي يده شيء أحمر.


تحدثت بتوتر واضح في صوتها:

– نعم؟


التفت مروان إليها، مرر عينيه عليها بتمني، ثم توجه إليها وهو يهتف ببرود:

– خدي، البسي ده، عايز أشوفه عليكي.


نظرت لما يحمله بيده بعدم فهم:

– إيه ده؟


رد ببرود:

– قميص نوم.


نظرت له بغضب قائلة:

– أفندم، أنا مش جارية عند حضرتك!


أنت نسيت إننا اتفقنا، أنا مراتك على الورق بس...

قال وهو يحاول إظهار اللامبالاة في صوته:

غيرت رأيي، وعايزك تمنعي نفسك عني، تقدري على الذنب ده.


رفعت عينيها بحزن، تتساءل في نفسها: هل يأخذ حقه منها بالقوة؟ هل يغصبها على قربه؟


 لقد حلمت ورسمت شكل أول لقاء بينهما يوم الزفاف، لكن إعصار غضبه ضرب أحلامها الوردية على صخرة الأوهام، والآن يريد أخذها دون إرادتها.


أخذت القميص وهي تردف بوجع:

– حاضر، طلباتك... أوامر.


ظل مروان يؤنب نفسه ويلعن تهوره. لقد رأى وجعها يلمع في عينيها، لم يكن يتمنى أن يحدث ذلك بينهما، لكنه ترك نفسه يحترق بالنار وحيدًا. يريدها بإرادتها الحرة، وهي لم تترك له شيء.


خرجت نسمة بعد وقت طويل، وهي في قمة الألم والفتنة، كأن هذا الثوب صنع خصيصًا لها.


اقترب منها بخطوات مترددة، واحتضنها بعشق واضح، متمنيًا أن تلين له عندما تشعر بلهفته وشوقه إليها. انحنى عليها، يقبلها بلهفة وحب.


لكنها، رغم شوقها الشديد له، شعرت بأنها رخيصة، فلم تتجاوب معه.


ظل يقبل وجهها وعنقها، وهو يهمس لها بكلمات حب ورومانسية عن مدى حبه لها واشتياقه المؤلم لضمها إلى أحضانه.


لكنها لم تستجب، كأنها جسد بلا روح.


قبّل وجنتها حين ذاق دموعها المالحة، ثم ابتعد عنها. نظر إلى وجهها، ووجدها تبكي في صمت.


شعر بنخزة في قلبه، فابتعد عنها وهو يتألم من نفورها.

لقد فاض به من  تمردها، وتلك النار المشتعلة في جسده، ليصرخ بها بصوت عاصف:

— الله يسامحك... الله يسامحك!

أنا بكره اليوم اللي حبيتك فيه.


أصيب بحالة هياج  شديدة، فقام بتكسير كل ما يقابله لينفس عن غضبه، وهو يتحدث لنفسه:

— ليه... ليه كل ده؟

أيه الحصل عشان بتعملي معايا كده؟


نظر إليها بعدم تصديق مما يمر به وهو بجانبها:

— إنتي عملتي فيه إيه؟

رفض عقله ما يحدث، وراح ينهل الغرفة ذهابًا وإيابًا.


— أنا مروان، اللي كل الحريم بتجري ورايا، يتمنوا بس نظره أو لمسة،

ده يكون حالي بشحت منك القرب والاهتمام!

بلمسك وأنتي كره لمستي!


أغمضت عينها بألم لما وصلوا إليه، فهي لم تتوقع أن يؤلمه  بعدها عنه إلي هذا الحد .


اقترب منها، وقبض على ذراعها بقوة:

— افتحي عيونك،

شوفي إنتصارك، شوفي عملتي فيه إيه،

عرفتي تنتقمي مني عشان رفضتك يوم فرحك؟


نظر لها وتحدث بألم شديد:

— إنتي عارفة إني رحت لبنات ليل عشان أثبت لنفسي إنك مش مهمة،

والنار اللي بتشعليها جوايا، أي واحدة تقدر تطفيها.


ضحك ضحكة ألم، لكنه لم يستطع اخفاء ألمه وهو يهتف:

— بس مقدرتش... شوفتك بيني وبينها...


صُعقت نسمه مما تسمعه، هل هي مسؤولة عن حالته؟

هل رفضها له طوال تلك المدة جعله يرتمي بين أحضان الحرام؟ لعنت نفسها وكبريائها، فقد تسببت في لعن ملائكة السماء والأرض.


نظر لها وهو يفهم ما تفكر فيه، وهز رأسه لها بسخرية:

— أه، تصدقي؟ حاولت أكتر من مرة، حتى شاهي...

روحت لها، متحملتش لمسة إيدها، كأنها نار تحرقني، غيرك خالص.


ثم أكمل بجنون:

— أنا مش مصدق... أنا بقيت أسيرك،

أسيرك إنتي وبس. نظرة منك بتدخلني الجنة،

وكلمة منك بتنزلني سابع أرض.


لا... لا، أنا لازم أهرب من جحيم قربك.


تحدث وهو يرتدي ملابسه ويتجه إلى الباب، محاولًا أن يهرب بما تبقى من كرامته ورجولته الضائعة أمامها.


أرادت أن تخبره أنها أيضًا جُرحت وتألمت كثيرًا بيده، وأنه الآن يسألها عن سبب بعدها، يجب عليها التوضيح.

لكنها هتفت بالبكاء:

— أنا شوفتك معاها!


تسمرت قدماه، والتفت لها، وهزت رأسها:

— أه، شوفتك معاها في المول.


صدقتك لما قربت مني بمشاعر جديدة، وثقت في مشاعري اللي أكدت أنك حبيتني،


وفي لحظة، انهارت كل حياتي لما شوفتك بتضحك معها، وحاطت إيدك على إيدها، في نفس الوقت اللي كنت بتطلب قربي ورضاي.

********

في المساء عند أحمد 

رن جرس الباب بينما كان أحمد ونادر يجلسان معًا.


نادر، بنبرة تحذيرية:

— إياك تأكل الفشار من غيري، أنا تعبت فيه.


توجه أحمد إلى غرفته وهو يضحك:

— لما تفتح، أكون جبت ورق المشروع من جوه وخرجتلك.


قام نادر بفتح الباب، فوجئ بشاهنده التي هتفت بنعومة:

— ممكن أشوف المهندس أحمد؟


وخلفها الحرس.


رد نادر باحترام:

— أه، يا فندم.


دخلت دون إذن، وطلبت:

— ممكن تسيبنا شويه؟


نظر لها نادر بتوتر ثم إلى الداخل:

— أه، طبعًا اتفضلي.


خرج نادر ووقف أمام البحر، يدعو لصديقه.


جمع أحمد الأوراق، واستدار ليخرج، لكنه تفاجأ بوجودها في نفس الغرفة.

كيف ومتى دخلت غرفته؟ وأين نادر؟ لماذا لم يخبره؟


قام بسرعة ليرتدي تيشيرته، وتحدث بغضب:

— إنتي إزاي تدخلي غرفة شاب عازب كده من غير إذن؟


طالعته  بنظرات جريئة، وردت:

— إيه؟ عادي.


رد أحمد بحدة:

— عادي عندك إنتي، لكن أنا لا، فيه حدود.


اقتربت منه أكثر، وضعت يدها على صدره 


مسك أحمد يدها بقوة ودفعها بعيدًا عنه.


صرخت شاهنده من ألم يدها، واقتربت بتهديد:

— إنت عارف ممكن أخلي رجولتي تبهدلك، بس صعبان عليا أشوه الوش والجسم الجميل ده.


ضحك أحمد بقوة:

— وأنتِ فاكرة إني كده هخاف؟ يبقى بتحلمي! أنا مش بخاف غير من ربنا، ومش ممكن أعمل حاجة تغضبه، ولو على موتي.


أحترم الناس أه ، أخاف لا، يلا اتفضلي، امشي من هنا حالًا.


تحدثت بتهديد:

— أنا كل حاجة عايزاها بتتحقق، وأنا عايزاك أنت وبس، وهوصلك.


استغفر أحمد في سره من تلك الوقاحة التي تعرض نفسها دون حياء أو خوف من حساب ربها

، ثم هتف بحدة:

— إنتي مجنونة بقى


اقتربت منه مرة أخرى، تهتف بصدق:

— مجنون بيك من أول لحظة شوفتك، وأنا نفسي فيك، عيوني ماعدتش بتشوف رجالة غيرك.


كانت تحاول الاقتراب مرة أخرى، لكنه قابلها بصعفة قوية على وجهها، جعلت شفتيها تنزف.


ثم جذبها من ذراعها بقوة، وفتح الباب، ودفعها إلى الخارج قائلاً:

— ممنوع رجلك تخطّي هنا مرة تانية، فاهمة ولا لأ؟


وقفت شاهنده أمام الباب المغلق، تتوعد له بأنّه سيأتي لها راكعًا مثل غيره.

**********


في غرفة مروان مازال الجو مشحون بالألم عندما أكملت 


نسمه، وهي تبكي، قالت:

— أنا شوفتك معاها.


تسمرت أقدامه، ثم التفت إليها.


هزت رأسها وأجابت:

— آه، شوفتكم يوم المول، وهي حاطّة إيديها فوق إيديك.


تابعت بمرارة:

— عارف حسيت بإيه؟ بنفس إحساسي يوم فرحنا... كان ألم فوق احتمال.


أكملت وهي تمسح دموعها:

— واحدة صاحبتي بصّت علياتشوف ايه لافت نظري قوي كدة  ضحكت وقالت  فعلاً، مز يا بختها بيه.


من بين شهقاتها أكملت :

— كنت عايزة أجري عليك وأحضنك قدامهم، ده بتاعي، أنا وملكي أنا... بس خوفت من رد فعلك، تكون حنيت ليها تاني وتجرحني قدامها.


لما  ابتسمت لها، حسّيت بالضياع والوحدة.


اتمنيت وقتها أن أكون فاقدة البصر،  أهون من أن اشوفك في الوضع ده  .


بدموع قالت نسمه:

— أنا زيك بتألم وحاسة بالوحدة، محتاجة أحس بالأمان، ألاقي حضن يحتويني ويطمني إني حاجة غالية عنده، مش ممكن يفرط فيها بسهولة.


— أنا كنت بشتاقلك أضعاف اشتياقك ليّا، وكل ما أحن أخاف وأبعد، وأقول خلاص هو مش نصيبي، كفاية جراح لحد كده.


وتابعت:

— وكل ما تقرب مني أخاف أكون مجرد نزوة، وبعد كده يروح لحاله، وأنا بس اللي ادفع الثمن.


عاد مروان بسرعة، جذبها بقوة إلى أحضانه بلهفة تألمه منذ أسابيع. همس في أذنها بطريقة حميمية:

— أوعي تقولي على نفسك نزوة، أنتي عشقي وجنوني.


— أنتِ أجمل وأهم وأغلى حاجة في حياتي كلها. بعدك عني كان بيضعفني وبموت من شدة شوقي ليكي .


  أسف يا حبيبتي لأني جرحتك من غير قصد.


— اليوم ده كنت معاها بعترف لها بحبي ليكي، وإن علاقتي بيها هتكون مجرد صداقه. وهي لما حطت إيديها عليا ابتسمت لها بغرض الوداع مش أكتر.


— بس صدقيني، أنا اتخلقت عشانك أنتي وبس. وبكرة تعرفي إن حبيبك مش خاين ولا بتاع نزوات.


تعلقت به نسمه أكثر وهمست:

— أنا بعشقك يا مروان، والله مافيش راجل يملأ عيني غيرك. سامحني عشان قسيت عليك، بس ده كان الظاهر.


— لكن جوايا كنت بتمنى قربك كل لحظة وبحلم بيه.


ضغطها مروان أكثر بين أحضانه، كأنه يريد جعلها وشمًا على صدره.


بدأ يقبلها بجنون وشغف، رفعها بين ذراعيه، يبثها لهفته وألمه من بعدها.


هتف  برجاء:

—نسمه  لو عايزاني أبعد يبقى الوقت، لأني والله مش هقدر بعد كده.


تعلقت أكثر بعنقه، وكانت إشارة منها على موافقتها لتصبح زوجته أمام الله.

********

عند أحمد، اتصل برئيس العمال وقال:

— معلش يا حج محمود، عشان صحيتك.


رد محمود بود:

— أبداً يا بشمهندس، خير؟


أوضح أحمد:

— عايزك تكلف عدد زيادة من العمال بحراسة المون اليومين دول.


استفسر محمود:

— ما تقلقش، إحنا كده كده بنعمل ورديات على المون، بس إيه سبب طلبك ده؟


تحدث أحمد بقلق:

— أصل أنا مش مرتاح لشاهندة، جاتلي الشاليه النهارده وطردتها، مش عارف رد فعلها.


فهم محمود قصده، وقد رأها في عينها من قبل ذلك، فشجعه بالدعاء:

— ربنا يكفيك شرها، يبني، دي حرمة صعرانة.


أكد أحمد بحزم:

— معلش، زوّد الرجال لحد ما أشوف حل.


طمأن محمود:

— التآمر بيه، وكلنا معاك.


تمتم أحمد بإمتنان:

— ربنا يخليك يا حج، تصبح على خير.


**********


اتصل أحمد بمروان،  مروان باستغراب ده أحمد :


ابتعدت نسمه عنه وهي تداري جسدها كأنه يراها.

ضحك مروان قائلاً:

— مالك يا بنتي؟ ده في التليفون، وبعدين، إنتي مراتي.


ثم قام بضمها إلى أحضانه أكثر.


وفتح الخط :

— ألوو، إزيك يا أحمد؟ أخبارك؟


هتف أحمد بإحراج بسبب تأخر الوقت:

— أنا آسف لأني بكلمك دلوقتي، بس الموضوع ضروري.


رد مروان بهدوء:

— أنت تتصل في أي وقت، ومش محتاج تعتذر.


قص أحمد عليه كل ما حدث مع شاهندة.


ضحك مروان بكل رجولة:

— بقي أنت ضربتها وطردتها؟ هان عليك! دي البنت صاروخ!


ضربته نسمه على صدره وهو لا يزال يضحك.


قال أحمد:

— لو ملكة جمال، ماليش فيها، أنا اتربيت على الخوف من الذنب.


قال مروان بجدية:

— ولا يهمك، آخر الأسبوع هكون عندك، و أعلي ما في خيلها تركبه.


هتف أحمد بتردد:

— بس أنا مش عايز أسببلك مشاكل، لو كده ممكن تبعت مهندس غيري يمسك المشروع؟


رد مروان:

— لا، محدش هيكمله غيرك، ولو مش عاجبها تلغي العقد وتدفع الشرط الجزائي. ولو على المون، ماتخفش، هبعتلك ناس تحرسها.


قال أحمد:

— مالوش لازمة العمال اللي معايا يحرسوها، وندفع لهم اللي كانوا التانيين هاخدوه.


*********

جلست نسمه بقلق واضح، وقالت:

— أحمد ماله يا مروان؟


طمأنها مروان بهدوء:

— أبداً، صاحبة القرية راحت له وعرضت نفسها عليه، ضربها وطردها.


شهقت نسمه بزهول:

— معقول فيه واحدة تعمل كده؟ أنا فاكره مجرد تمثيل.


ثم أكملت بخوف:

— بس كده ممكن تأذي أحمد؟


قال مروان وهو يقبلها:

— إنتِ مش عارفة قوة ونفوذ جوزك.


ردت بقلق:

— بس هو هناك لوحده؟


ابتسم مروان بثقة:

— أنا ليا رجالتي في كل مكان.


لم يعطها فرصة للكلام، فقد امتلك شغفها  بجنون، كأنه يرى أنثى لأول مرة في حياته أو يلمسها.


تأثرت به وفقدت السيطرة على مشاعرها، وهي بين يديه، حتى خوفها على أخيها توقّف، وقضيا أجمل ليلة في عمرهما.

**********

كان أحمد بين عماله عندما لاحظ توافد الكثير من سيارات الحرس.


أشار إلى محمود قائلاً:

— خليك تجمع رجالك بسرعة، الوضع مش مبشر بالخير.


***********


يتبع

نسمه متمردة 

بقلمي أمل مصطفي 

البارت السابع عشر

***********


في الصباح،

كان أحمد يقف مع عمّاله الذين أحبّوه واحترموه في مدة قصيرة.


توقفت سيارات حرس شاهندة.

عندما رآهم محمود، أشار لرجاله لكي يجتمعوا، لأن دخولهم لا يُبشّر بخير.


اتجه زياد، وخلفه اثنان من الحرس، ناحية أحمد، الذي كان منشغلًا مع بعض العمال.


تحدث زياد من خلفه بقوة:

ـ "سيب كل حاجة في إيدك وتعال معانا، الهانم عايزاك."


التفت له أحمد بثقة وقال:

ـ "أنا مش فاضي. لما أخلص شغل، أبقى أشوف عايزة إيه."


وضع زياد يده بقوة على كتف أحمد وتحدث:

ـ "يبقى تيجي غصب."


نفض أحمد يده، وأخذ وضع الهجوم، وتحدث بقوة:

ـ "مش أحمد خالد الحسيني اللي حد يغصبه على حاجة."


هجم زياد على أحمد، الذي صدّ هجومه بقوة، فأجسادهما كانت متقاربة، مع فارق إتقان أحمد للكونغ فو.


وقف الثلاثة أمام أحمد، وما غفلوا عنه أنه يعلم كل أماكن الضعف في أجسادهم، ويستغلها.

كانت مواجهة عنيفة وغير عادلة.


ركض نادر يساند صديقه وأخيه، لكنه تعرض لأكثر من ضربة. قاوم ألمه حتى يسند صديقه، الذي أسقط اثنين من الحرس.


أما محمود، فوقف هو وباقي العمال كسدٍّ منيع بين أحمد وباقي الحرس، الذين تأهّبوا عندما شعروا بقوة خصمهم.


قال الحرس مهددين:

ـ "لو ما بعدتوش، هنفرّغ فيكم السلاح!"


رد محمود بلا مبالاة:

ـ "إحنا صعايدة، والسلاح جزء من حياتنا، ولا بيفرّق معانا."


ليحدث اشتباك آخر بين الحرس والعمال.


أما أحمد، فرغم قوة زياد الجسدية وسرعته في الحركة، تغلب عليه وأسقطه.


ظهرت أربع سيارات أخرى.

نظر الجميع إلى بعضهم البعض، وعلموا أن ما يحدث... حرب لن تنتهي.

********

استيقظ مروان وهو سعيد، لأنه امتلك من تمتلك قلبه ومشاعره. ظل يتأملها وهي غافية... نسمة فاتنة، رائعة الجمال، بدون أي مكياج. حرّك أنامله على وجنتها بنعومة، ثم انحنى عليها وقبّلها برقة.


فتحت عينيها على مصرعها، عندما شعرت بدفء جسده بين يديها.


حاولت نسمة الإفلات من قبلته، لكنه لم يُعطِها فرصة، حتى امتلكها مرة أخرى. 


ضمها إلى أحضانه بحب، و قبّل خصلات شعرها. ابتسمت بسعادة لوجودها بين أحضانه.


هتف بحنان:

ـ "أنتِ عاملة زي الفاكهة الصابحه اللي تجذب الواحد لأكلها، حتى لو شبعان. جمالك يخليه يشتهيكِ مرة تانية."


ضمّت نفسها أكثر إلى صدره، لا تصدق أنه أخيرًا اعترف بحبه، لتعبر عن مشاعرها و فرحتها:

ـ "أنا بحبك أوي يا مروان، و بتمنى أفضل طول العمر بين إيديك. مش بحس بأنوثتي غير قدامك، ومش بشوف نفسي جميلة غير في عيونك."


تأمّلها بشغف، وردّ بحب:

ـ "لا، كده كتير عليّا قوي."


هتفت بسرعة:

ـ "مروان، أرجوك، عايزة أطمن على أحمد."


قبّل جبينها وجذب هاتفه.

وعندما سمع صوت الطرف الآخر، هتف بقوة:

ـ "عملت إيه يا إبراهيم في اللي طلبته منك؟"


ـ "كله تمام يا باشا، ثواني ويكون عندك."


هتف مروان بأمر واضح:

ـ "خد الرجالة بتوعك، وروح لأحمد، نسيبي، في العنوان ده. متفارقوش لحد ما أخلص موضوع شاهندة."


ـ "ما تقلقش يا باشا، كله تحت السيطرة."


قال مروان محذرًا:

ـ "مش عايز أوصّيك، من الوقت تكون عنده، ولو اتخدش، أنت ورجالتك هتدفعوا الثمن."


إبراهيم، مؤكدًا:

ـ "أوامرك يا باشا، في رقبتي."


أغلق مروان الهاتف، وجد نسمة تلمّلم  المفرش حولها لتقوم. جذبها إلى صدره مرة أخرى، وقال:

ـ "رايحة فين؟"


هتفت بخجل:

ـ "داخلة آخد شاور، وأروح لشرين صاحبتي أطمن على مامتها... لأن ملهمش حد."


رد بإصرار:

ـ "مافيش حد يقدر يخرجك من حضني النهاردة. أنتِ ملكي، وأنا مش هفرّط فيكي لحد.


 أنا طمنتك على أحمد، و هبعت سيف يشوف طلباتهم و يطمنك، لكن مافيش خروج من الأوضة دي النهاردة."


ثم أجرى اتصالًا بسيف.


بينما قامت نسمه بالاتصال   بسهير:


ـ "صباح الخير يا ماما، حنين صحيت؟"


ـ "لا يا قلبي، لسه."


هتفت نسمة باعتذار:

ـ "معلش يا ماما، لما تصحى خليها معاكي، لأن مروان مش عايزني أخرج من الأوضة، وطلب الفطار هنا."


كادت سهير تطير من شدة فرحتها، مثلهم وأكثر:

ـ "بجد؟ طيب يا قلبي، براحتكم. و الفطار ثواني ويكون عندكم... ربنا يهديكم."

**********

عند أحمد،

ظهرت سيارات حرس كثيرة، وصنع رجالها دائرة أصبح الجميع داخلها.


نزل إبراهيم من إحدى السيارات، وهتف بصوت مرتفع:

ـ "فين المهندس أحمد الحسيني باشا؟"


كان أحمد قد انتهى من زياد، فرد بثبات:

ـ "أنا خير."


أشار أحد الرجال قائلًا:

ـ "إحنا رجالة مروان باشا... وحرسك الخاص طول فترة وجودك هنا."


أجرى إبراهيم اتصالًا بمروان ليطمئنه:

ـ "أيوه يا باشا، أنا معاه. كان فيه حرب هنا، بس أحمد باشا ما يتخفش عليه... راجل بجد، وخد حقه منهم."


طلب منه مروان أن يوصله بأحمد. تناول أحمد الهاتف بابتسامة، ثم هتف بعتاب:

ـ "إيه يا مروان؟! وليه كل الناس دي؟ هو أنت فاكر نسيبك ضعيف أو جبان؟"


سأله مروان بهدوء:

ـ "أنت كويس؟"


ـ "أيوه، الحمد لله، بخير... ما تقلقش."


قال مروان:

ـ "أنا مش قلقان، وعارف إنك قدها... بس أختك هي اللي خايفة. الرجالة معاك، وأنا هخلصك منها خالص. وبعد الحفلة هتلاقيني عندك."


رد أحمد بهدوء:

ـ "تمام... وأنا مستنيك."

*********


أغلق مروان الاتصال مع أحمد، ثم بادر على الفور بالاتصال بشاهندة.

تحدث بصوت يحمل غضبًا وقوة:


ـ "أهلاً مدام شاهندة... عايزك تشوفي الرسائل اللي بعتهالك. ده تحذير بسيط: لو ما بعدتيش عن أحمد، نسيبي، كل الفيديوهات الجميلة دي هتوصل لجوزك."


توقف لحظة، ثم أردف بلهجة صارمة:

ـ "وبعد كده، هتكون متشيرة على تليفونات البلد كلها. و إنتِ عارفة إن مروان الفيومي... ما بيهددش ، فبلاش تلعبي معايا."


أنهى المكالمة بكلمة قصيرة وواضحة:

ـ "سلام."


***********


جلست شرين بجوار والدتها في المستشفى، تتصفح "الفيس" على هاتفها المتهالك، عندما سمعت طرقًا على الباب. تعجبت، فالممرضات اللاتي يأتين لوالدتها يطرقن طرقة واحدة ثم يدخلن.


قامت وفتحت الباب، فوجدت أمامها شابًا وسيمًا يحمل بعض الأكياس بيده.


أخفضت شرين عينيها وتحدثت بحياء:

ـ "أيوه، حضرتك عايز حاجة؟"


ظل سيف يتأمل وجهها وخجلها الظاهر، ولم يرد.


قالت شرين بحياء، متظنة أنه أخطأ في الغرفة:

ـ "هو حضرتك غلط في الأوضة؟"


هتف بإحراج، بعد لحظة تأمل لها:

ـ "لا، أبدًا. مش إنتِ الآنسة شرين؟ صديقة مدام نسمة؟ أنا سيف المحمدي... صديق مروان، جوزها."


هتفت بترحيب:

ـ "أهلاً بحضرتك، اتفضل."


قال بابتسامة:

ـ "شكرًا، أنا جايب شوية طلبات، لأن مدام نسمة مش هتعرف تيجي النهاردة. ولو محتاجة أي حاجة... أنا تحت أمرك."


ردت بلطف:

ـ "ماكنش ليه لزوم التعب ده والله. نسمة جابت كل حاجة امبارح."


وضع سيف ما بيده، وأخرج لها بطاقته الخاصة:

ـ "ده فيه كل أرقامي... لو احتجتي حاجة. بعد إذنك."

********

خرجت نسمة من الحمام بعد أن أخذت شاور، لتجد نفسها في أحضان مروان، الذي هتف بشغف وهو يجذب بعض خصلات شعرها:


ـ "وحشتيني الحبة دول يا نسمتي."


ثم انحنى ليقبّل عنقها.


اعتدلت لتكون في مواجهته، وهتفت بهيام:

ـ "أنا مش مصدقة عيوني ولا وداني... معقول مروان بين إيديا وبيقول إنه بيحبني؟"


صمتت لحظة، ثم تابعت بانفعال عاطفي:

ـ "ياه يا مروان، لو تعرف أنا بحبك قد إيه... من أول لحظة شوفتك فيها، بقي عندي هوس اسمه مروان. كل يوم كنت بتفرج على صورك اللي على النت... علشان أحفر ملامحك في ثنايا قلبي. وماكنش ممكن، في أقصى أحلامي، أتخيل وجودي بين إيديك بالمنظر ده. حاسة إني بحلم... وخايفة أصحى منه."


ضحك مروان بمرح وهو يحملها بين يديه، وقال:

ـ "أنا هثبتلك يا قلبي إنك مش بتحلمي."


وقبل أن يتمادى، أرادت أن تثنيه، فقالت بسرعة:

ـ "مروان، استنى... أنا عايزة أصلي العصر، المغرب قرب يأذّن."


أنزلها من بين ذراعيه وهو يشعر ببعض الإحباط.


اقتربت منه بدلال، وقالت:

ـ "حبيبي، أنا هصلي، بس مش رايحة في أي مكان... بس حرام لما الفروض تبقى موصولة كده."


ابتسم بحنان، وردّ:

ـ "ثواني... هتوضى وأصلي معاكي."


*********

بعد مرور الأيام...


وقف مروان يعدّل هيئته أمام المرآة، وحين لمحها تعتدل في جلستها، أردف مبتسمًا:

ـ "صباح الخير يا حبيبتي."


ابتسمت، وهي تمرّر يدها بين خصلات شعرها لتعيدها إلى الخلف، وقالت:

ـ "صباح النور."


ابتسم من جمالها، ثم ترك فرشاة شعره وتوجه نحوها، يمرر يده بين خصلات شعرها الجميل، وقال وهو ينظر لعينيها:

ـ "عامله حسابك إن عندنا حفلة النهاردة، ولا نسيتي؟"


هتفت بتوتر وخوفًا من رد فعله وزعله:

ـ "حبيبي، أنا ماليش في حفلتكم دي... دي بتبقى كلها ذنوب."


رد مروان بإصرار:

ـ "دي حفلة تجديد العقد... وإنتِ مراتي، ولازم تكوني موجودة. الكل عرف إننا ارتبطنا أوردي. تحضري."


قالت برجاء:

ـ "طيب، ممكن طلب... لو مش هيضايقك؟"


قبّل وجنتها، وهو يردف بابتسامة حنونة:

ـ "حبيبتي، اؤمري... شوفي تتمني إيه، وأنا أجيبه لحد عندك."


هتفت بنفي واضح:

ـ "الطلب ده مش عشاني... أرجوك، بلاش خمرة في أي حفلة تخص شغلك."


نظر لها، ثم قال مترددًا:

ـ "بس دول أجانب، ودي حاجة أساسية في حفلاتهم."


ردّت بحكمة هادئة:

ـ "أجانب في بلدهم، لكن هنا إحنا مسلمين... لازم تعودهم يحترموا دينك، لما إنت تطبّقه.

عايزة بدل ما إحنا نمشي على عادتهم، نخليهم هما يحترموا عادتنا بتمسكنا بيها."


ضمها مروان، وقبّلها، ثم قال بحب:

ـ "خلاص... كل طلباتك أوامر."


ابتسمت بحنان، وقالت:

ـ "حبيبي، دي مش أوامر... دي خوف عليك من حساب ربنا."

********

يتبع

نسمه متمردة 

بقلمي أمل مصطفي 

البارت الثامن عشر 

*********


طرقت نسمة على باب غرفة شرين، وجدتهم مستعدين للرحيل.


تحدثت شرين بابتسامة شكر:

ـ "إزيك يا نسمة؟ وحشتيني."


ردّت نسمة باعتذار:

ـ "إزيك يا شوشو؟ آسفة والله إني غبت عنكم اليومين اللي فاتوا."


هتفت شرين بامتنان:

ـ "كفاية وقفتك معايا يا نسمة، عمري ما أنساها. و البشمهندس سيف كل يوم بيعدّي علينا مرتين."


قالت نسمة:

ـ "طيب، لو جاهزين، يلا علشان أوصلكم وأنا في طريقي."


هتفت شرين بفزع:

ـ "لا كفاية اللي حصل قبل كده!"


دخلت نسمة لتسلّم على والدة شرين، و قبّلت جبينها:

ـ "معلش يا طنط، بنتك رغّاية ونستني أسلّم عليكي."


ضحكت والدة شرين بتعب، بينما شهقت شرين:

ـ "كده يا نسمة؟ أنا رغّاية؟! مخصماكي."


اقتربت منها نسمة قائلة:

ـ "كده يا شوشو؟ فيه واحدة تخاصم أختها؟"


قالت والدتها بدعاء حانٍ:

ـ "ربنا يخليكم لبعض، وما يدخلش بينكم شيطان."


وضعت نسمة يدها في يد والدة شرين، وهتفت بطيبة:

ـ "طب يلا يا قمر نخرج من جو المستشفى الخانق ده."


...


بعد فترة، وقفت نسمة تحت عمارة في حي متوسط، لكن بدا واضحًا الفرق الشاسع بينها وبين سكنهم القديم.


سألت شرين باندهاش:

ـ "إحنا وقفنا هنا ليه؟"


ردّت نسمة باختصار:

ـ "انزلي بس."


نزلت شرين و سندت والدتها، ثم صعدن إلى الدور الثاني. فتحت نسمة الباب و دخلن إلى الداخل. كانت الشقة نظيفة جدًا، وبها أثاث مرتب وأنيق.


أجلست نسمة والدة شرين، وسألتها بابتسامة:

ـ "إيه رأيك يا طنط؟"


ردّت الأم بإعجاب:

ـ "جميلة يا حبيبتي... ربنا يباركلك فيها."


قالت نسمة بنبرة مطمئنة:

ـ "دي بتاعتك إنتي وشرين، يا طنط."


مررت شرين عينيها في المكان، و تمتمت:

ـ "يعني إيه؟"


شرحت نسمة بهدوء:

ـ "أنا قولت إن شقتكم إيجار مش ملك... إيجار بإيجار يبقى مكان تاني أحسن. دي مدفوع إيجارها، و كلمت بابا تشتغلي في الشركة بعد الكلية، علشان علاج طنط، والمكان هنا أحسن. إيه رأيك؟"


...


احتضنتها شرين وبكت بحرقة.

ظلّت نسمة تربّت على ظهرها بحنان، وقالت:

ـ "اهدي يا حبيبتي... إيه حصل لكل ده؟"


رفعت شرين وجهها والدموع تملأ عينيها:

ـ "كل ده و بتسألي إيه حصل؟ مافيش حد أصله وقف معانا، ولا حتى عطاني لقمة عيش... وإنتي تعملي كل ده و إحنا مجرد زمايل؟!"


هتفت نسمة بزعل واضح:

ـ "يعني إنتي معتبراني مجرد زميلة؟"


ردّت شرين بسرعة:

ـ "لا طبعًا، مش قصدي كده! يعني إحنا نعرف بعض من حوالي ثلاث شهور بس، و بنتعامل كأننا أصحاب من سنين.

و أصحابي من سنين، محدش منهم كان بيكلّف نفسه ييجي يطّمن على ماما... عارفة ليه؟ لأنهم بيحتقروا المكان والبيت اللي ساكنة فيه."


رفعت نسمة أناملها تمسح دموعها، وهي تشجّعها:

ـ "طيب يلا، دخّلي طنط ترتاح، وتعالي نضبط الحاجات دي... لأني اتأخرت على حنين."


*******


كانت دموع والدة شرين تسيل في صمت.

بعد صبر طويل، جبر...

أرسل الله لهم من يأخذ بيد ابنتها، ويرفع عن أكتافها حملًا ثقيلًا، كان يكوي قلبها على صغيرتها، التي حملت ما لا يطيقه الرجال.

**********


في المساء، خرج مروان من غرفة ملابسه، فوجد ملاكه تقف أمام المرآة، ترتدي حجابها باهتمام. وقف خلفها واحتضنها، وهمس بجوار أذنها:

ـ "هو جمالك ده طبيعي؟"


تورّد وجهها بخجل.


أكمل وهو يبتسم:

ـ "شكلك بالحجاب تجنن، ومن غيره مفعول جمالك أقوى من زجاجة شامبانيا."


عبثت بوجهها وقالت مازحة:

ـ "أعوذ بالله، بتشبهني بالخمرة!"

ضحك وهو يقبل عنقها من فوق الحجاب قائلاً بتأثير:

ـ "أنا بحمد ربنا أن جمالك ده مش بيظهر لحد غيري، وكويس إنك لابسه حجاب، وإلا كنت لبستهولك بنفسي."


هتفت بتوتر من قربه:

ـ "طب ممكن تبعد شويّة؟ عايزة أخلص لبس."


هتف بمرح وهو يقترب أكثر:

ـ "هو أنا مضايقك في حاجة؟"


زاد توترها، لقد أصبحت تعشق قربه وتتمناه كل لحظة، لكنها ردّت متوترة:

...


مرر مروان عيناه على وجهها الأحمر من الخجل، وعلى عينيها التي تهرب منه، وهمس بمتعة:

ـ "يعني أنا بأثر فيكي."


رفعت عينها تواجهه، وقابلت نظرته الراغبة،  ابتعدت بسرعة:

ـ "لا، أرجوك، أنا تعبت من كتر ما بأخد شاور. أنا هبوش كده."


ضحك مروان بكل رجولة وقال:

ـ "حسابنا بعد الحفلة."


**********


وقفت نسمه تتأمله وهو يرتدي ساعته وينثر عطره الأخّاذ. رفع عيونه، فوجدها تتأمله بعشق.

قال مروان مبتسمًا:

ـ "لا كده، أنتي مش عايزاني أخرج من الأوضة النهارده؟"


ركضت نسمه نحو الباب وهي تضحك:

ـ "لا خلاص، أنا خرجت أهو!"


في الحفلة، كان التنظيم رائعًا والحضور مميزًا، وبرامج الحفل مُعدة بعناية.

حضور نسمه كان قويًا وملفتًا، تتحرك بين الحضور بثقة وبراعة. قامت بدورها كزوجة رجل أعمال مهم بإتقان، أدهشت الجميع.

كأنها خلقت لهذا الدور، رغم حيائها الذي جذب الأنظار.


استقبلت الجميع وتعاملت معهم باحترام دون مصافحة بالأيدي.


وقف مروان مع الوفد الفرنسي، محتضنًا نسمه من خصرها، وهي تتحدث الفرنسية بطلاقة.

اعتذرت عن عدم المصافحة وشرحت السبب، فاحترموا رأيها.


بينما كانت آنجيلا، سكرتيرة الوفد، تتحدث مع مروان بإعجاب شديد، وكانت ترمقه بنظرات جريئة، فهو كان مثال الرجولة الطاغية.


بعد إمضاء العقد، هتفت آنجيلا بدلال:

ـ "ممكن مستر مروان كلمة؟"


ابتعد مروان عنها، وكانت عيون نسمه تتابعه بغيرة، وعيون أيهم تتابعها.


التفتت نسمه فوجدت أيهم يقف مع بعض الفتيات، ويضحك بقوة. ابتسمت وتوجهت إليه.


نسمه بمرح:

ـ "أيهم باشا، منور والله!"


ضحك أيهم وهو يرد بمرح:

ـ "أنتِ المنورة الدنيا والله يا قمر."


نسمه بضيق من تصرفاته:

ـ "وبعدين معاك؟ إحنا معانا ناس غريبة ومروان بيزعل."


أيهم بغيظ:

ـ "يا أختي، ما تجيبيش سيرته، مش كفاية؟ خلي الحفلة قرديحي!"


---

ابتسمت نسمه وقد فهمت قصده وقالت:

ـ "لا يا أخويا، ده الطبيعي. إحنا هنا مش في فرنسا. وبعدين، وريني بطاقتك كده."


تعجب أيهم وقال بفضول:

ـ "ما دخل بطاقتي في حواركم؟ ليه؟"


ردت نسمه بمرح:

ـ "عايزة أتأكد أنت مسلم ولا لأ."


ضحك أيهم بقوة، وهو ما لفت نظر مروان الذي ترك آنجيلا وذهب إليهم.


هتف مروان بعصبية واضحة:

ـ "ممكن أفهم إيه اللي بيضحك سيادتك كده؟"


قال أيهم:

ـ "هو فيه حد يوقف مع نسمه ونفسه ما تفتحش للدنيا!"


رد مروان بنرفزة:

ـ "أيهم، بلاش أسلوبك ده. نسمه خط أحمر، مش واحدة من حريمك."

ثم تركه وجذب نسمه إلى مكان بعيد.

سألها:

ـ "ممكن أعرف بيحصل إيه معاكم؟"


أضافت نسمه بتحذير:

ـ "أنتِ ناسية إن فيه صحافة وممكن حد ياخد لنا صورة ويتحفل علينا، وصورتي تتهز."


رد مروان بعدم تصديق:

ـ "أنت أخدت بالك إنت بتقول إيه؟"


ثم هتف بعنف يغذيه غيرته:

ـ "أه، عارف إن أيهم زير نساء، وكل مرة ينزل مصر الصحافة مالهاش سيره غير حريم اللي بيغير. هم زي البدل، ولما مراتي تقف معاه، مليون حاجة هتتقال."


روت نسمه بهدوء:

ـ "لو عمايلك دي غيرة، أنا..."


قاطعها مروان بسخرية:

ـ "أنا أغير من أيهم؟ لسه ما اتخلقش المروان يتحط معاه في مقارنة ويغير منه."

هتفت نسمه بصدمة:

ـ "يبقى كلامك ده شك! وأنا مش ممكن أسمح بكده. أنا فوق مستوى الشبهات، لأني بخاف من ربنا... بعد إذنك."


وقف مروان يتابعها وهي تبتعد، يلعن تسرّعه وإغضابه لها بتلك الطريقة.


جلست نسمه تنفخ بغضب إلى جوار سهير، التي سألتها:

ـ "مالك يا حبيبتي؟ شكلك متضايق."


ردّت نسمه، وهي تحاول رسم ابتسامة مصطنعة:

ـ "أبدًا يا ماما، بس أنا ماليش في الجو ده."


قالت سهير بفخر:

ـ "إزاي ده؟! أنا وبابا مش مصدقين وقفتك الجامدة دي، كأنك مولودة سيدة أعمال!"


كادت نسمه أن ترد، لكنها صمتت فجأة وهي تتابع آنجيلا تتوجه نحو مروان. وقفت نسمه في مكانها مرة واحدة، بينما نظرة سهير اتجهت تلقائيًا إلى مروان، وضحكت قائلة:

ـ "الله يرحمك يا مروان يا حبيبي!"


آنجيلا بدلال:

ـ "مروان، حبيبي، وحشتني كتير، ومش عارفة ألاقيك!"


هتف مروان بعدم اهتمام:

ـ "آنجيلا، أنا اتجوزت، وبحب زوجتي جدًا، ومش ممكن ألمس واحدة غيرها."


اقتربت آنجيلا، ووضعت يدها على صدره بإثارة. لكن فجأة، يدٌ أخرى نزعت يدها بعنف.


التفتت آنجيلا، لتجد أمامها نسمه، ترمقها


 بنظرة غاضبة، وقالت بقوة:

ـ "معلش، مسز آنجيلا... مروان ده ملكي أنا، وأنا ما أسمحش لحد يلمس حاجة ملكي أبدًا.

ولو ده اتكرر تاني، هتشوفي وش ما أحبش إنك تشوفيه."


وقف مروان مصدومًا مما يحدث. فقطته أخرجت أظافرها وأعلنت ملكيتها له دون لحظة تردد... وداخل قلبه، شعر بنشوةٍ لا توصف.

********

رجع أيهم من الحفلة وهو يلوم نفسه على تلك المشاعر التي خانته. جلس في غرفته، يدفن وجهه بين كفيه، والندم ينهش قلبه.


ـ "أنا مش عارف أعمل إيه... إحساس الخيانة هيموتني.

ورغم كده، مش قادر أشيلها من تفكيري. كل ما أبعد يومين أرتّب أفكاري، أرجع تاني ملهوف عليكي.

مش عارف إزاي قدرت أخون أخويا وصاحب عمري...

وثقة خالتي اللي جابتني عشان أقرّب بينكم."


كانت الكلمات تخرج منه كأنها طعنات، والندم يخنقه. صراعه الداخلي كان أقوى من قدرته على الاحتمال، لكنه لم يجد إجابة.


*********


دخلت نسمه غرفة الملابس، أخذت قميص النوم وإسدالها وتوجهت لتخرج، لكن مروان وقف في طريقها، يسألها بحدة:


ـ "رايحة فين؟"


أجابته بجمود:

ـ "هَنام مع حنين."


قال مروان برفض قاطع:

ـ "لا طبعًا، ماعدش نوم بره الأوضة دي."


ردّت نسمه بحزن:

ـ "أنا مش عايزة أنام هنا... أنت شكيت فيّ، وده مش ممكن أَغفره."


دفعها مروان للحائط خلفها، وقام بحجزها بين يديه، واقترب منها حد الالتصاق، وقال بصوت متوتر:

ـ "أنتِ بتلوي دراعي يا نسمه؟ بتهدديني ببُعدِك؟"


ردّت بجمود:

ـ "أنا مش بَهدد حد... بس مش ممكن أنام معاك في مكان واحد بعد ما شكيت فيّ.

أنا آه بعشقك... بس كله إلا كرامتي وشرفي.

نزع قلبي أهون من طَعن شرفي."


تأمّلها مروان بذهول مما وصل إليه تفكيرها، وقال بصوت خافت:

ـ "أنا مش ممكن أشكّ فيكي أبدًا.

أنا واثق فيكي أكتر من نفسي.

أنا كان قصدي... أنا غيران عليكي، لكن مش غيران من أيهم."


مرر يده على عنقها، وهتف باشتياق:

ـ "إنتِ حبيبتي... وروحي... وأماني الوحيد.

الفكرة دي عمرها ما مرت في خيالي."


هتفت بحزن:

ـ "سيبني النهارده... حقيقي مش قادرة أكون معاك في نفس المكان."


ابتعد مروان عن طريقها، وظلّا ينظران إلى بعضهما بألمٍ صامت، ثم تركته نسمه وذهبت إلى غرفة حنين.


**********


فتح مروان هاتفه، ليتفقد الكاميرا المثبّتة في غرفة الطفلة. وجدها هناك، تحتضن حنين، وقد غفت الصغيرة داخل حضن أمها الدافئ.


همس لنفسه بأسى:

ـ "يا بختك يا حنين... هتستمتعي بدفء حضنها، وأنا هعاني من الحرمان، والوحدة، وألم الفراق.

كل ده منك يا أيهم... حسبي الله فيك.

مش عارف زيارتك طولت قوي ليه كده المرة دي!"


أسند رأسه إلى الحائط، يغمره شعور بالندم والخسارة... وبقلبٍ يعتصره الوجع، أغلق عينيه على أمنية واحدة:

أن تعود نسمه إلى حضنه، كما كانت.

*****

جلست شاهي تحمل بين يديها إحدى المجلات، وقد تصدّر غلافها صورة لإحدى حفلات رجال الأعمال، وكانت الصورة تجمع بين نسمه ومروان، وتحمل عنوانًا بارزًا:


"ملاك بين رجال الأعمال"


صرخت شاهي بانفعال وهي تهلوس بكلامٍ غير مفهوم. اقتربت منها صديقتها، وقد بدا القلق على وجهها، وسألتها:


ـ "وبعدين يا شاهي؟ هتعملي إيه؟"


ردّت شاهي بغضب يشتعل في عينيها:

ـ "أنا لازم أخرّب حياتهم! ده أنا شاركت في قتل أخته لأنها كانت واخدة جزء كبير من اهتمامه.

تيجي حتّة فلاحه زي دي... تحتل كيانه كله؟ لا! لازم أخلّص منها، بس بطريقة تخليه يندم إنه فضّلها عليّا.

أنا مش ممكن أسيب الفلوس والمركز لوحده زي دي!"


ثم التفتت إلى المرآة خلفها، تحدّق في انعكاسها بوجه مشوّه بالحقد، وتحدثت إلى نفسها كشيطان:


ـ "أنا كنت بتفسّح وبلبس زي الأميرات، والكل بيعملّي حساب بسبب اسمه. دلوقتي ماعادش طايق حتى يسمع صوتي!

هجيب الفلوس اللي بصرفها منين؟"


ردّت عليها جيجي بقلق:

ـ "بس اتصرّفي بسرعة، لأن البنات هيسافروا الأسبوع الجاي."

********

جلس أحمد ونادر بين العمال، تتعالى ضحكاتهم في جو من الألفة والبساطة.

ارتفعت ضحكة أحمد بمرح وهو يهتف للجالس أمامه:


ـ "وبعدين معاك يا محي؟ أنا مش قادر من كتر الضحك!"


تنهد الشاب بغلبة وقال بصوت متعب:


ـ "أعمل إيه يا بشمهندس؟ لو ما عملتش كده هموت من الخنقة."


تحدث أحمد بتشجيع ودفء:


ـ "لا، اضحك وسيبها على الله. هو قادر يغير حالك للأحسن.

كل واحد بييجي له نصيبه لحد عنده، من غير ترتيب ولا حساب... بس قول: يا رب."


رن هاتف نادر، فظهر على الشاشة اسم "لمار". استأذن من أحمد وابتعد قليلاً ليجيب.


كاد يسألها عن حالها، لكن سبقه صوت بكائها الحار، فشعر بالخوف وسألها بقلق:


ـ "مالك يا لمار؟ فيه إيه؟ حد من أهلي ضايقك؟"


ردّت من بين شهقاتها، صوتها مكسور:


ـ "مات... وسابني. مات حتى ما خدتش عزاه...

ليه عمل معايا كده؟ حرمني من وجوده، حي وميت!"


تألم قلبه من حالها، وتحدث بلهفة:


ـ "إهدي يا حبيبتي، وفهميني... إيه اللي حصل؟

إهدي عشان خاطري."


قالت بانكسار:


ـ "بابا مات من أسبوع يا نادر. مات، وهو متفق مع عمي حسن إنه ما يبلغنيش غير بعد أسبوع!

وأنا اتصلت بيه، وبلغني.

كنت نفسي أشوفه، وأحضنه لآخر مرة.

ليه عمل كده؟ أنا بموت من فراقه..."


هتف نادر بحزن عميق:


ـ "البقاء لله... ربنا يرحمه.

أنا بكرة هكون عندك، ما تقلقيش.

هنروح نقرأ الفاتحة، وتقعدي جنبه، تحكي له كل اللي جواكي... لحد ما ترتاحي."


عاد نادر بخطوات متسارعة نحو أحمد، وجهه يحمل مزيجاً من الحزن والتوتر. اقترب منه وهمس:


ـ "والد لمار توفي من أسبوع... وهي منهارة."


نظر إليه أحمد بدهشة واضحة، وقال باستغراب:


ـ "إزاي من أسبوع وإحنا منعرفش؟"


تنهد نادر وأجاب:


ـ "ده كان طلبه... بس أنا محتاج أكون معاها، حالتها صعبة جداً."


أشار أحمد برأسه وقال بحسم:


ـ "خلاص... الصبح تسافر."


لكن نادر هتف بقلة صبر:


ـ "لا، عايز أروح دلوقتي."


أحمد، وهو يرمقه بنظرة مليئة بالحنان، قال مبتسماً:


ـ "حبيتها يا نادر؟"


تلعثم نادر للحظة قبل أن يرد بتوتر:


ـ "حبيت مين؟!"


ابتسم أحمد بهدوء وأردف:


ـ "اللي مش طايق تستنى للصبح عشان تطمّن عليها."


لم يعد هناك مجال للهرب، تنهد نادر بعمق وكأن اعترافه يحمل ثقلاً على قلبه وقال:


ـ "أحمد... أنت أخويا وصاحبي، مش عارف أقولك إيه.

بس... أنا بقيت بفكر فيها، دايمًا مشتاق لها، وعايز أسمع صوتها.

في عز تركيزي، ألاقي صورتها قدامي.

ولما سمعتها بتعيط، حسيت بقلبي عايز يخرج من بين ضلوعي ويروح يهديها، عشان يطمن... ويهدي هو كمان."


سكت لثوانٍ ثم أكمل:


ـ "حاجات كتير جديدة عليّ... مش عارف ده إعجاب ولا حب."


ضحك أحمد بخفة وهو يربت على كتفه:


ـ "لا، دانت حالتك صعبة! خد مفتاح العربية واتوكّل على الله...

وخد كمان مفتاح الشقة، لأن البيت عندكم صغير، وأكيد هتحتاج مكان ترتاحوا فيه."


احتضنه نادر بحرارة، وقال بإمتنان:


ـ "ربنا يخليك ليا يا صاحبي."


عادا معاً إلى حيث يجلس العمال، وهتف أحمد معتذراً:


ـ "معلش يا رجالة، مضطرين نمشي... حما نادر توفّى."


وقف الجميع يواسونه، يقدمون له التعازي والدعوات بالرحمة للراحل.


تحرك نادر مسرعاً، لا يحمل معه سوى قلب مثقل، ووجهة واحدة... لمار.

********

نزل أيهم من سيارته، ليجد شاهي واقفة أمامه. لم يتمالك نفسه، وهتف بضيق:


— "خير يا شاهي؟ جاية ليه؟"


ردّت بصوتٍ يحمل الغضب والاحتقان:


— "جاية أشوف آخرتها مع صاحبك اللي مش طايق يسمع صوتي ولا يشوفني، من ساعة حتّة الفلاحة دي ما دخلت حياته!"


تنهد أيهم ببرود، قائلاً:


— "سيبيهم في حالهم يا شاهي. هو بيحبها وهي بتعشقه، وأنا وإنتي عارفين إنك عمرك ما حبّيتي مروان... شاهي بتحب الفلوس، وشاهي وبس."


أكمل بهدوء:


— "سيبيهم في حالهم، ومش صعب عليكي توقعي واحد غني يصرف عليكي وتاخدي كل حاجة إنتي عايزاها."


رمقته شاهي بنظرة حاقدة، وقالت بغلّ:


— "أنا أسيب؟ آه بمزاجي. لكن ماحدّش ياخد مني حاجة هو عايزها، أبداً... حتى لو هخرّب الدنيا على الكل."


هتف بحدة وتحذير، بطريقة لم تعهدها منه من قبل. فذلك الدنجوان المرح، الذي لا يفكر إلا في نفسه ومظهره، اختفى لحظة، ليحلّ محله رجل حاسم:


— "كله... إلا نِسمة! لو فكّرتي تأذيها، هتشوفي مني وش عمرك ما كنتي تتخيلي إنه موجود."


ضحكت شاهي ضحكة خليعة، وقالت بسخرية:


— "أوبس! مش ممكن... أيهم، زير النساء، واقع لشوشته! وفين؟ في مرات أخوه وصاحب عمره؟ دي طلعت مش سهلة."


ردّ أيهم بحدّة، وقد علا صوته بانفعال:


— "إيه التخاريف دي؟ أنا عمري ما أخون مروان، أبداً... مهما كانت الظروف!"


نظرت له نظرة خبيثة، كأنها تخترقه، وهمست بثقة:


— "أنا أعرفك... عزّ المعرفة، يا أيهم."


اقترب منها فجأة، وبدون مقدمات، أمسك بذراعها وضغط عليها بقوة، نظراته مشتعلة بالتهديد.

**********

يتبع


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا






تعليقات

التنقل السريع