القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نسمه متمردة الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية نسمه متمردة الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم أمل  مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات






رواية نسمه متمردة الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم أمل  مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات



نسمه متمردة 

بقلمي أمل مصطفي 

البارت العاشر

*******

في فيلا مروان، اجتمع الجميع في غرفة المعيشة في جوٍّ أسري جميل افتقدوه منذ وفاة ابنتهم. كانوا يشاهدون أحد الأفلام، وقد خيّم على المكان دفء افتُقد لسنوات.


كانت حنين ونسمة تجلسان بجوار بعضهما البعض، ترفعن أقدامهما على ذراع الأريكة، وترتديان الملابس ذاتها: بنطالًا أحمر وبلوزة بيضاء بنصف كم، كُتب عليها "Love" باللون الأحمر. كانت نسمة تمسك بلوح كبير من الشوكولاتة، تكسر منه مكعبات لها ولحنين، وتأكلانه بسعادة.


أما مروان، فكان يجلس متابعًا نسمة بانتباه واستمتاع، لم يرَ شيئًا من أحداث الفيلم، إذ كان كل تركيزه منصبًا عليها. كان يراقبها في أدق تصرفاتها، راغبًا في مداعبتها ومشاركتها تلك اللحظات.


التفت إلى حنين قائلاً بحنان:


— "حبيبة بابي، ممكن أدوّق الشيكولاتة؟"


ردّت حنين رافضة:


— "لا يا بابي، دي بتاعت البنات بس."


— "وبابي؟" سألها مازحًا.


قالت بثقة طفولية:


— "لا  يا بابي، الرجالة مش بيأكلوا شوكولاتة، لأنهم أقوياء، لكن البنت جميلة وناعمة زي الشيكولاتة."


ضحك الجميع على تلك الطفلة التي تتحدث بطريقة تفوق عمرها.


قال مروان مستعطفًا:


— "طيب، عشان خاطر بابي، حتة صغيرة."


أجابت حنين بمرح:


— "خلاص، هقول لمامي، وبعدين أرد."


ثم اقتربت من نسمة و همست في أذنها، وركضت فجأة وهي تصرخ:


— "يلا يا مامي!"


ضحكت نسمة و نهضت تركض خلفها، بينما لحق بهما مروان،  ضحك كلا من سهير ووجدي، الذين افتقدوا هذه الحياة منذ سنوات.


قال وجدي بدهشة:


— "أنا مش مصدق إن ده مروان ابني... ده معملهاش وهو صغير!"


أجابته سهير بسعادة:


— "الحب بيغيّر الإنسان، و يشوف الدنيا وردي، و يطلّع منه تصرفات ماكنش يتخيل إنه يعملها."


أما مروان، فكان يشعر بالحياة لأول مرة منذ زمن بعيد، بعيدًا عن روتين المكاتب و ضغوطها. ركض خلفهما، وهو يصرخ:


— "والله ما سايبكم... أنا تخدعوني؟!"


ركضت نسمة وحنين في كل الإتجاهات بعشوائية، و ضحكاتهما تملأ المكان. اختبأتا خلف أحد الحوائط.


همست حنين:


— "بابي راح فين؟"


 نسمة هامسًه:


— "مش عارفة يا حنون."


وفجأة، صرخت نسمة عندما وجدت نفسها ترتفع عن الأرض. 


ركضت حنين وهي تصرخ، أما نسمة، فلم تستطع الإفلات منه، ووجدت نفسها بين أحضانه. كانت وجوههما قريبة بشكل يكاد يُهلك قلبها العاشق.


نظرت نسمة في عيني مروان، فتوقّف كل شيء حولهما.  عيون تنطق عشقًا.


 أما مروان، فهام في لون عينيها، وفي جمال خضارها الساحر.


قال بصوت مفعم بالمشاعر، وقد غلبه قربهما:


— "أنا كسبان... و أستحق جايزة."


---


رفعت نسمة يدها إلى مروان بلوح الشوكولاتة دون أن تنطق بكلمة. اقترب منها، وهمس أمام شفتيها بصوت خفيض:


— "لا... أنا عايز من الشوكولاتة بتاعتي."


ثم انحنى وقبّلها بحب واستمتاع، قبلة صادقة خرجت من أعماق قلبه.


لم تقاومه نسمة، ولم تحاول الابتعاد، بل لفت ذراعيها حول عنقه، وبادلته جنونه بشوقٍ متبادل. وبعد لحظات، تركها لالتقاط أنفاسها، وهمس:


— "بعشقك يا نِسْمتي... وكل حياتي."


فاقا على صوت حنين تصرخ بمرح:


— "ييييه، أتمسَكتي يا مامي!"


ارتبكت نسمة وقالت بتوتر وهي تُخفي وجهها:


— "نزّلني يا مروان، ما ينفعش البنت تشوفنا كده!"


لكن مروان، وهو يغمز لها، أجاب بمشاكسة:


— "أنا مرتاح كده."


توسلت إليه برجاء:


— "مروان..."


فرد عليها بنبرة هادئة، وفيها من المزاح الشيء الكثير:


— "تُؤ، مش هنزلك غير جوا، ولا آخدك وأطلع... وشوفي هيفكروا في إيه!"


قالت وهي تكاد تموت خجلًا:


— "لا... خلاص."


عاد مروان وهو يحملها بين ذراعيه، بينما كانت تضع رأسها على صدره، عاجزة عن رفع عينيها من شدة خجلها.


 تحدثت سهير مازحة:


— "إيه ده؟ مروان هو اللي كسب؟!"


جلست حنين بجوار جدتها بحزن وقالت:


— "آه، شفتي يا تيتة؟... هياخد الشوكولاتة بتاعتنا!"


انحنى مروان و قبّلها قائلاً:


— "لا يا حبيبتي، مش هاخدها... أنا خدت حقي خلاص."


هتفت سهير بخبث، وهي تبتسم:


— "إزاي يا حبيبي؟ هو مش كل ده عشانها؟"


غمز مروان لها بتحايل مرح، وأجاب:


— "لا... أنا كُلت من نوع فاخر!"


ثم استدار وهو يلوّح لهم:


— "تصبحوا على خير."


************


كانت نسمة تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها من شدة الإحراج. كانت تعلم جيدًا أن ما حدث وصل إلى سهير ووجدي، وكأنهما قد رأيا كل شيء بأعينهما.


قال وجدي بمرح، وهو يرمقها بنظرة ذات مغزى:


— "إيه يا حبيبتي؟ مش هتطلعي لجوزك؟ ليكون محتاج حاجة!"


ارتبكت نسمة وردّت سريعًا:


— "ها؟!"


ضحكت سهير وقالت بحنان:


— "سيبوا البنت في حالها. يلا يا حبيبتي، اطلعي نيمي حنين وارتاحي شوية."


حملت نسمة حنين بين ذراعيها، محاولة الهروب من الموقف المحرج، ثم قالت وهي تبتعد:


— "تصبحوا على خير."


**********


بعد مرور بعض الوقت، خرجت سهير إلى الريسبشن، وجدت مروان يقف هناك، يتلفت حوله بحيرة.


قالت بمكر:


— "خير يا مروان؟ مش كنت بتقول هتنام؟ ولا فيه حاجة عايز أعملها لك؟"


شعر مروان بحرج شديد من والدته، ولعن في داخله غباء تصرفه.


— "أحم... كنت، يعني... أصل كنت عايز نسمة، أسألها على حاجة."


ردّت سهير بسعادة:


— "نسمة طلعت بعدك على طول، تنيم حنين. شوف إنت عايز إيه، وأنا أعمله."


قال مروان وهو يستدير للصعود:


— "شكرًا يا حبيبتي... تصبحى على خير."


تابعته سهير بنظرات مشتاقة، وقالت في سرها: "ربنا يسعدك يا حبيبي... وأشوف عيالك."


*******


فتح مروان باب غرفة حنين بهدوء، وجدها نائمة في أحضان نسمة. شعر بغيرة خفية تسري في قلبه. اقترب من السرير، وجلس على طرفه، ثم حرّك أنامله بنعومة على كتفها العاري، ثم على عنقها، حتى وصل إلى شفتيها بشوقٍ دفين.


تململت نسمة عندما شعرت بشيء يتحرك على جسدها. فتحت عينيها ببطء، فالتقت بنظرة مروان المليئة بالرغبة.


تورد وجهها بخجل، اعتدلت في جلستها، و همست:


— "فيه حاجة؟"


ردّ عليها مروان بنظرة عاشق وهمس:


— "مكانك... في حضني أنا وبس."


ثم حملها بين ذراعيه.


---


تحدثت نسمة برفض خافت:


— "مروان، ما ينفعش كده... أنا هنام مع حنين."


لكن مروان لم يترك لها فرصة للابتعاد، اقترب منها، وهمس عند أذنها بصوت خافت و مرتجف:


— "أنا بعشقك يا نسمة."


كأن تلك الكلمة كانت المفتاح السحري لرضوخها؛ لتتعلق بعنقه وهي لا  تصدّق اعترافه، ولا تلك الطريقة الرومانسية التي قالها بها.


*******


وقف نادر متفاجئًا عندما رأى الفتاة صاحبة المشكلة تقترب منهم على استحياء، وهي تسند رجلًا كبيرًا في السن، بدا عليه التعب.


قال الرجل، موجّهًا حديثه لابنته بنبرة حازمة:


— "يلا يا لمار، واقفلي عليكي كويس."


غادرت لمار دون نقاش، بينما توجّه الرجل نحو نادر، الذي بادر بمساعدته على الجلوس.


قال الرجل بامتنان:


— "شكرًا يا ابني... أنا جيت أشكرك، لأنك أنقذتها من ولاد الحرام دول."


أجابه نادر بأدب:


— "لا شكر على واجب يا حج، دي زي أخواتي البنات."


نظر الرجل إلى أحمد وسأله:


— "هو ده معاك؟"


— "آه، ده صاحبي." أجابه نادر.


هزّ الرجل رأسه، ثم قال:


— "طيب، ممكن أكلّمك على جنب، بعيد شوية؟"


— "آه طبعًا، اتفضل." رد نادر، وهو يتبعه.


ابتعدا عن أحمد قليلًا، ثم تحدث الرجل بنبرة جدية:


— "بص يا ابني، مجرد دخولك في مشكلة مالكش دعوة بيها علشان تحمي شرف بنت متعرفهاش... ده دليل على أصلك الطيب. وعشان كده... عايز أديك بنتي."


تجمّدت ملامح نادر، ونظر إلى أحمد الذي كان يتابع المشهد من بعيد، كأنهما لم يفهما ما قيل.


سأل أحمد، مستفسرًا:


— "قصدك إيه يا حج؟ معلش وضّح."


تنهد الرجل بحزن، وكأنه يشعر بثقل قراره، ثم قال:


— "هي بنتي الوحيدة... وشكلكم ولاد ناس. وأنا كنت عايزاها تتجوز حد يحميها."


ضحك نادر ضحكة مريرة، وقال وهو يشير إلى وجهه المتورم:


— "حضرتك مش شايف وشي؟ ده أنا اتروّقت! ولولا تدخل صاحبي، كنت في عداد الأموات. يعني مش عارف أحمي نفسي... أحميها إزاي؟!"

تحدث والد لمار بصوت باكٍ، وهو ينظر إلى نادر برجاء:


— "أنا راجل كبير، زي ما أنت شايف... ومريض. أيامي في الدنيا معدودة، وهي ملهاش غيري. والوضع اللي شوفته ده بيحصل في الرايحة والجاية. الناس هنا بتخاف منهم، وأنا خايف عليها... مرّة يعملوا فيها حاجة، أو بعد موتي حد منهم يأذيها."


تنهد بألم، ثم أضاف:


— "وأنا مش هقدر أحميها. علشان كده، كنت عايزك تكتب عليها... وتاخدها معاك."


تأثر نادر بكلماته، ونظر إليه بعينٍ دامعة، ثم قال بهدوء:


— "حضرتك متعرفش عني حاجة علشان تعطيني بنتك..."


رد عليه الرجل بإصرار ممزوج بالحزن:


— "تصرفك دليل عليك. أنا في أي لحظة ممكن أقابل وجه كريم. أرجوك، صدقني... مش سهل على أب يعرض بنته بالشكل ده، ولا يرخصها."


هتف نادر بسرعة، مقاطعًا:


— "حاشا لله! مش قصدي كده... بس أنا في أول مشواري، ومعايا أبويا وأمي، وبنتين في رقبتي. وظروفنا... هل قدنا؟"


ابتسم الرجل رغم ألمه، وقال:


— "ده يخليني أتمسك بيك أكتر. طول ما بتصون أهلك، تبقى هتصون بنتي."


قاطع أحمد الحديث فجأة، وهو يهتف:


— "خلاص يا نادر!"


التفت نادر إليه بذهول:


— "أنت بتقول إيه يا أحمد؟ ده عايزني أكتب عليها وأخدها وأنا ماشي! هقول إيه لأهلي؟ هقولهم إيه؟ معلش... أنا اتجوزت؟!"


رد أحمد بصوت هادئ يشجعه:


— "يا عم، سيبها على الله. اعتبرها أمانة... والله، لو ارتحتوا لبعض، كملوا. ما ارتحتوش؟ اعتبرها أخت ثالثة. ولما تلاقي لها ابن الحلال، جوزها."


قال الرجل بامتنان، ونظرة راحة بدأت تتسلل إلى وجهه:


— "أهو صاحبك حلها. وبعدين هي معاها دبلوم تمريض، يعني هتشتغل وتساعدك على المعيشة."


نظر إليه نادر وقال:


— "طيب... وأنت؟"


رد الرجل بإيمان عميق:


— "أنا معايا ربنا... أهم حاجة، هي تبعد عن هنا قبل ما تضيع."

عاد والد لمار إلى البيت، ووقف يناديها بصوت هادئ مكسور:


— "لمار، حبيبتي... لمي هدومك في شنطة، عشان هتروحي بيت جوزك."


تجمّدت لمار في مكانها، وظلت صامتة للحظات، تحاول استيعاب ما قاله. ثم نظرت إليه بصدمة، وقالت:


— "جوز مين يا بابا؟!"


لم ينظر إليها، بل أكمل طريقه نحو غرفته وهو يقول:


— "الشاب اللي دافع عنك."


تحركت خلفه بخطوات متعثرة وصدمة أكبر ترتسم على وجهها، ثم أسرعت لتوقفه، وقفت أمامه بعينين دامعتين وهمست:


— "إزاي بس يا بابا؟! أنا معرفهوش... وليه هيتجوزني؟! وهو حتى ما يعرفش اسمي!"


هتف والدها بصوت حزين:


— "خلاص... الموضوع انتهى. هو راح يجيب المأذون وجاي."


---


وصل نادر وأحمد ومعهما المأذون، بالإضافة إلى أحد الجيران ليشهد على العقد. تمّ عقد القران في جوّ مشحون بالحزن والتوتر، خالٍ من أي بهجة.


أما لمار، فجلست في غرفتها تبكي بحرقة، بعد أن أجبرها والدها على التوقيع على أوراق الزواج، دون أن يُمنح لها حقّ الرأي أو الاختيار.


استأذن والدها الحضور، ثم توجّه إلى غرفة ابنته. كان قلبه يعتصر ألمًا على فراقها، لا يعلم كيف سيمرّ عليه هذا اليوم دون رؤيتها أو الحديث معها، لكنه كان مضطرًا... ابنته ضعيفة، ولن تقدر على مجابهة الحياة وحدها.


أغمض عينيه لحظة عندما رآها على تلك الحال، ثم اقترب منها وجلس بجوارها، وقال بصوت متهدّج:


— "بُصي يا بنتي... إنتِ عارفة إنك أغلى عندي من الدنيا كلها، بس ما فيش في إيدي غير الحل ده علشان أحافظ عليكي. انسَي كل حاجة تخص المكان ده... حتى أنا."


صرخت وهي تبكي بحرقة، وعيونها تمتلئ بالعتاب:


— "ليه كده يا بابا؟! أنا عملت حاجة ضايقتك علشان ترخصني كده؟! ما فكرتش هو هيقول عليّ إيه؟! أو أرفع راسي قدامه إزاي وأنا معروضة عليه ببلاش؟!"


رد عليها بصوت مخنوق:


— "لا يا حبيبتي... طول عمرك غالية، وزي البلسم على قلبي... بس أنا عايز أرتاح من التفكير في بكرة."


بعد مرور بعض الوقت، توقّف أحمد بسيارته أسفل منزل نادر، بينما كان الأخير يجري اتصالًا هاتفيًا بوالده:


— "لو سمحت يا بابا، تعال تحت البيت... وهات هناء معاك."


لم يتأخر والده، وما إن نزل حتى فوجئ بوجود فتاة تبكي بجانب ابنه. تسلل القلق إلى قلبه، واقترب يسأل بقلق:


— "مين دي يا نادر؟ وبتعيط ليه كده؟"


أجابه أحمد بهدوء:


— "ممكن حضرتك تدخل معانا العربية، ونحكي لك كل حاجة."


التفت نادر إلى شقيقته:


— "هناء، خدي لمار معاكي فوق."


ركب الجميع السيارة، وبدأ نادر في سرد ما حدث لوالده، دون أن يخفي أي تفصيلة.


تنهد الأب بحزن وقال:


— "لا حول ولا قوة إلا بالله... هو فيه كده؟!"


تدخل أحمد موضحًا:


— "بص يا عمي، نادر ماكنش موافق في البداية، بس دموع الراجل الكبير أثّرت فينا. أنا اللي طلبت منه يوافق... تكسبوا فيها ثواب."


ابتسم والد نادر بلطف وطيبة قلب:


— "ومالُه... ربك ما بيسيبش حد. كان عندي بنتين، بقوا تلاتة. وربنا هو الرزّاق."


قال نادر وهو يشعر ببعض الارتياح:


— "طيب، أنا هاخد هدوم الشغل وهبات مع أحمد."


نظر إليه والده ساخرًا:


— "وإنت هتروح الشغل بوشك المشلفط ده؟! بذمتك، ده شكل مهندس؟!"


انفجر أحمد ضاحكًا، بينما نظر إليه نادر بغيظ:


— "اضحك... اضحك، ما هو الكلام جاي على هواك!"


ثم التفت إلى والده، وقال بجدية:


— "بابا، بلاش حد يضايق لمار بالأسئلة. كفاية إحساسها إن باباها رماها ليا... البنت ما بطّلتش عياط."


طمأنه والده بنبرة حانية:


— "ما تخافش يا ابني... وربنا يوسعها عليك."


صعد نادر بصحبة والده إلى الشقة لجمع متعلقاته. وهناك، توجه إلى لمار وقال بلطف:


— "لو سمحتي يا لمار، ممكن كلمة؟"


هزّت رأسها، ونهضت خلفه بصمت. دخل إلى غرفة البنات، وتبعته.


في تلك الأثناء، سألت أم نادر زوجها بقلق:


— "هو فيه إيه يا أبو نادر؟ ومين دي؟"


روى لها ما حدث، وأوصاها بلهجة حاسمة:


— "إياكي تفتحي معاها أي موضوع يجرحها أو يخليها تحس بالغربة."


في الغرفة، جلس نادر على السرير، وأشار لها بالجلوس إلى جواره. جلست على استحياء، فمهما حملت اسمه، ما زال غريبًا عنها، ولم يمر على معرفتهما سوى ساعة واحدة.


قال نادر بصوت هادئ:


— "أنا عارف اللي حصل مش سهل عليكي... ولا عليّا. بس ربنا ليه حكمة في كل حاجة. أنا معاكي في كل حاجة تطلبيها، بس اصبري... ونشوف الأيام مخبية لنا إيه."


ثم أكمل مطمئنًا:


— "والبيت ده بيتك... وأهلي هما أهلك. وباباكي ده أعظم أب في الكون، اللي يعمل كده علشان يحمي بنته، يتشال على الراس. ادعيله دايمًا."


تردّد قليلًا، ثم قال:


— "اتصاحبي على أخواتي وأمي... ما تتكسفيش منهم. أنا هبات مع أحمد، وده رقمي، لو احتجتي أي حاجة، كلميني على طول."


نظرت إليه لمار بعينين دامعتين، وقالت بصوت خافت:


— "أنا آسفة... لأني لخبطتلك حياتك."


ابتسم نادر بحنان، وأجاب:


— "مافيش لخبطه ولا حاجة... بس مش عايز دموع. وإلا... هزعل منك."

****************

يتبع


نسمه -متمردة 

بقلمي- أمل -مصطفي 

البارت -الحادي عشر 

******

---


دخلت شهد إلى الداخل، فوجدت سهير ونسمة تجلسان. ألقت التحية وجلست بجوارهما.


سألت نسمة شهد عن أخبارها، فأجابتها:


– الحمد لله.


اعتذرت سهير وهي تهم بالرحيل:


– معلش يا شهد، أنا ماشية، هروح النادي... أصحابي عايزني.


ردّت شهد بهدوء:


– براحتك يا طنط، أنا هقعد مع نسمة شوية.


ابتسمت نسمة بحب وقالت:


– اللبس الواسع جميل جدًا عليكي يا قلبي... ربنا يتقبّل.


هتفت شهد بخجل:


– يعني ممكن أحمد يتقبلني كزوجة؟


نظرت إليها نسمة بصدمة، لكنها عندما رأت تعابير الحزن البادية على وجه شهد، تخطّت صدمتها وقالت:


– هو يلاقي زيك فين؟


استجمعت شهد شجاعتها لتُخرج ما في داخلها. هي ليست من الشخصيات البريئة الساذجة، لكنها وُلدت في مجتمع لا تربطه مبادئ ولا قوانين سوى المال والنفوذ. وقعت في طريق أحمد ونسمة، وكانا الخلاص بالنسبة لها.


قالت بصوت مفعم بالصدق:


– بصي... أنا بنت وحيدة، وكان نفسي يكون ليا أخت أتكلم معاها عن مشاكلي و أحكيلها أسراري. ممكن تكوني الأخت دي؟


احتضنتها نسمة بحنان وقالت:


– طبعًا يا حبيبتي... في أي وقت هتحتاجيني، هتلاقيني معاكي.


تنهدت شهد وقالت بحرقة:


– أنا بحب أحمد جدًا، و بتمناه زوج ليا. عمري ما عشت المشاعر دي غير معاه.


ثم أكملت:


– بس هو شايفني بنت مدلعة و مستهترة عشان لبسي و عفويتي، بس والله أنا مش كده. أنا فتحت عيوني لاقيت الكل بيلبس كده، حتى ماما وبابا و أخويا، محدش فيهم كان بيعترض. فهعرف منين إن ده غلط؟


صمتت قليلًا ثم تابعت:


– بس من يوم ما شوفته، لاقيته دايمًا الناصح... وأنا بحاول أكون الصورة اللي بيتمناها. فلو ممكن تساعديني أكون زوجة تليق بيه...


شعرت نسمة بحيرة شديدة. لا تريد أن تجرحها، وفي الوقت نفسه لا تود أن تقطع صلتها بربها. هي تعرف أخاها جيدًا، وتخاف أن تترك شهد تسبح في أوهام.


قالت بحذر ومحايدة:


– هو بيعاملك كأخت، ومش عايزاكي تعلقي نفسك بيه على الفاضي.


سألتها شهد، وقلبها يتألم:


– يعني هو قال إني زي أخته؟


ردت نسمة سريعًا:


– لا، لا أبدًا... ما اتكلمناش في الموضوع ده خالص. بس أنا عارفة أخويا وتفكيره. أنتي من عالم، وهو من عالم تاني خالص.


---

أحمد ملتزم، وعارف ربنا، وله نظام عايش عليه، ومش ممكن يقبل حياتكم المنفتحة.


مراته هتعيش مع أهله مش مع أهلها، وأكيد أهلك مش هيرضوا بنتهم تسيب الفيلا وتعيش في شقة.


ردت شهد بلهفة:


– أنا ممكن أعيش معاه في أي مكان.


لهفتها كانت واضحة، فأجابتها نسمة بحنان:


– أنا بحبك وأتمنى تكوني مرات أخويا. وبعدين، كفاية إنك بتحاولي تتغيري عشانه وبتحاربي حياتك اللي اتربيتِ عليها.


ثم تابعت:


– أنا هتكلم معاه وهرد عليكِ، بس لو الرد عكس تفكيرك، ما تزعلِيش، ماشي؟


شهد شعرت بحيرة شديدة. هل ستستطيع أن تكمل حياتها إذا رفض حبها؟ ولكن لم يكن بيدها شيء غير الموافقة. وقفت وهي ترد بصوت منخفض:


– حاضر، بعد إذنك.


نسمة تعجبت من حالتها وسألتها:


– رايحة فين؟ خليكي معايا.


ابتسمت شهد قليلًا، ثم بررت هروبها:


– ماما جايّة النهاردة من السفر، ولازم أكون في استقبالها.


قالت نسمة بحنان:


– طيب يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك وسلمي عليها.


خرجت شهد، وقابلت مروان وأحمد. رمقت أحمد بنظرة حزينة، بينما ناداها مروان وهو يسألها:


– شهد، أنتي رايحة فين؟


ردت شهد بحزن:


– معلش يا أبيه، ماما جايّة من السفر ولازم أكون في استقبالها.


لم يعرف أحمد سبب ضربات قلبه المتسارعة، التي كانت تتعالى بين ضلوعه عند رؤيتها. ألقي عليها التحيّة وقال:


– إزيك يا آنسة شهد؟


كادت شهد أن تبكي، لكنها ردّت بصوت مخنوق:


– إزيك يا بشمهندس.


ثم توجهت إلى سيارتها دون أن تقول المزيد.


نظر أحمد إليها، ولا يعلم ما بها، ولكن منظرها جعله يشعر بالحزن

********

كانت سهير جالسة في النادي، تتحدث مع أيهم، ابن أختها. هو عكس مروان تمامًا، شخصية مرحة، عاشق للنساء.


يركض خلف الجمال ولا يتوقف عند واحدة، يتنقل من فتاة إلى أخرى، ولا تستعصي عليه أي أنثى بسبب وسامته وأسلوبه الجذاب. كان اللعوب في جذبهن كما لو كان يلقي عليهن تعويذة أو يسحرهن.


سألت سهير بلهجة حازمة:


– هتجي الساعة كام؟ أصل أنا عايزاك تقابل نسمة قبل ما مروان يرجع.


رد أيهم:


– الساعة تسعة، هتكون الطيارة على أرض الوطن.


ثم أكمل بعدم تصديق:


– أنا مش عارف إنتِ بتعملي ليه كده؟ إنتِ عارفة إنه مش بيحب نسمة دي، وقلبه مع شاهي. يبقى ليه تعب القلب ده؟


لم يعجبها إدخال شاهي في حوارهم، فهتفت بغضب:


– ولد! إنت معايا ولا معاه؟ أنا عارفة إنه صاحبك وبير أسرارك، بس إنت بتساعده وبتساعدني. لو مش عايز، خلي نفسك ماتجيش.


ضحك أيهم على عصبيتها وقال مازحًا:


– مالك يا سوسو؟ عصبية ليه؟ أويعني يكون وجدي طنشك وماشي مع مزه اليومين دول وعايزه تطلعيه عليا أنا وابنك الغلبان؟


ثم أضاف بسخرية:


– ولد اتلم!


أجاب أيهم بعد أن تهدأ ضحكته:


– بهزار! خلاص جوزيهالي، وإكسبي فيه ثواب. تمسكك بيها دليل على إنها برفيكت.


تحدثت سهير بتمني:


– معلش يا حبيبي، قلبها ملك ابن خالتك.

*********

دخل مروان وأحمد، ليهتف مروان:


– أزيك يا ناني، وحشتيني.


ابتسمت له بحب وقالت:


– الحمد لله.


ثم التفتت إلى أخيها أحمد، وقالت:


– حبيبي، أزيك؟


اقترب منها أحمد ليقبل وجنتها، وقال:


– أزيك يا قلبي، وحشاني.


تحدث مروان بغيرة:


– يعني هو بوسة وحضن، وأنا من بعيد؟


أقترب منها مروان وقال:


– على فكرة، أنا جوزك وأولي بيكي من أخوكي.


ثم جذبها إلى حضنه، وهي خجولة من أخيها.


أما أحمد فكان يشعر بسعادة من اهتمام مروان بأخته، لأنه يعلم كم تعشق زوجها.


بينما هتف مروان بتهديد:


– لو كنت أعرف أنك جاي تاخد مراتي، ماكنتش جبتك!


أحمد ضحك وقال بمرح:


– والله ما خدت حاجة، حتى فتشني!


ضحك مروان وقال:


– هعديها عشان خاطر أنت أخو حبيبتي.


– تشكر يا أبو نسب، نردهالك في الأفراح.


ثم سأل مروان عن والدته:


– ماما في النادي؟ وحنين جت من الحضانة؟ أكلت ونامت؟ وبابا جوه في المكتب؟


هتف مروان وهو يصعد:


– ماشي يا أبو عيون خضرا، هاخد شاور وأنزل بسرعة.


إلتفت أحمد إلى نسمة، ثم نظر إلى شهد، فلاحظ أنها كانت تبدو حزينة.


نظرت نسمة إلى أخيها بتعجب، ثم هتفت بخبث:


– حتى تعاقبه على إخفاء مشاعره عنها لأول مرة... أصلها بتحب.


كان كلامها صدمة كبيرة له.


– بتحب؟ هي قالتلك كده؟


– أه، بس حظها وحش، اللي بتحبه رافض حبها. وهي تعبانه جدًا، وكانت جايّة تسأل تعمل معاه إيه؟


شعر أحمد بقلبه ينشطر إلى قطع صغيرة من شدة الألم. فمن دق لها القلب واختارها دونًا عن كل النساء، تعشق غيره. تغيرت ملامحه وأصبحت حزينة. تحدث إلى نسمة، فقال:


– معلش يا حبيبتي، مضطر أمشي، بلغِ مروان.


رق قلب نسمة عندما شعرت بألم أخيها، فقالت بحزن:


– ليه يا حبيبي؟ خليك معانا.


كان يشعر باختناق، يريد الاختلاء بنفسه، ثم رد برفض:


– معلش، وقت تاني.


أردت نسمة تصليح خطأها، فصمتت للحظة ثم قالت:


– طيب، مش عايز تعرف شهد بتحب مين؟


أحمد، وهو يزدرد لعابه:


– مش مهم، المهم إن ربنا يسعدها ويريح قلبها.


ولكن نسمة أكملت بحذر:


– بتحبك إنت يا أحمد.


التفت لها أحمد بذهول، ثم أكملت:


– أه يا حبيبي، بتحبك إنت. وكانت عايزة تعمل أي حاجة تخليها تليق بيك. ليه ما حكيتش لأختك؟


جلس أحمد، كأنه لم يعد يستطيع السيطرة على قدميه.


– معقول؟ الحب يضعف الشخص لتلك الدرجة؟


– مش عارف، مشاعري بحس إنها بنتي، أختي. محتاجة رعاية ومتابعة. بحس جواها طفلة.


– بكون مبسوط لما بشوفها، لكن جواز؟ ما فكرتش فيها كده. لأنها مش هتقدر على طبعي. أنا من عالم، وهي من عالم تاني.


نظر أحمد إلى نسمة، ثم تحدث بمرارة:


– سهل على اللي زيّنا يعيش في عالم منفتح، لكن صعب على اللي زيها تعيش بعد الانفتاح ده في عالم مغلق له حدود وعادات.


نسمة، وهي تشعر بالحنان تجاهه، قالت:


– بس شهد بتحبك، والحب بيعمل المعجزات. حبك واهتمامك هيخليها تكتفي بيك. هي مش محتاجة أكتر من الحب والاهتمام. أنت عارف، تعتبر لوحدها رغم وجود أهلها. هتكون ملكك إنت. أنا شوفت عشقها في عيونها. هي تستاهل المحاولة.


أحمد بدا عليه الحزن الشديد، فقال:


– صدقيني، أنا ما اهتميتش بوحده ولا خوفت عليها زيها. هي ليها مكانة خاصة في قلبي. حسيت بحزنها كأنه جوايا. اتمنيت أخدها في حضني وأشيل منها كل الحزن.


نسمة، التي شعرت بعمق مشاعره، ابتسمت وقالت بسعادة:


– الله الله، ده حبيبي طلع رومانسي وبيقول شعر!


ثم تحدثت بجديّة:


– بص، الفرصة بتيجي مرة واحدة، متضيعهاش.

*********"

كانت نسمة تسير بين زميلاتها في المول لشراء هدية لإحدى زميلاتها المريضة، تستمتع بمشاغبتهن.


فجأة هتفت إحداهن:


– أنا عايزة آيس كريم!


أكملت رانيا بسخرية:


– وأنا هوت شوكولات.


بينما قالت شرين بتعجب:


– ومين هيدفع؟ إن شاء الله؟


وفاء ورانيا في نفس الوقت، قالوا:


– أنتي طبعًا!


تأملتهم شرين بصدمة، ثم استشعرت صدقهم، لتردف بعدم رضا:


– نعم يا أختي، دانا لميت ثمن الهدية بالعافية.


اقتربت منها وفاء، وضعت يدها على كتف شرين وهي تمثل البراءة:


– يعني، خسارة فيا آيس كريم؟


أبعدتها شرين بخفة وقالت:


– لا، خسارة ليه؟


هتفت نسمة بملل:


– باسسسس، أنا العزماكم!


البنات، بفرحة كبيرة، ردّوا:


– تعيش نسمه يا نسمه يا تعيش!


ضحكت نسمة بمرح، وهي تردد:


– أنا مش عارفة مصاحبكم أزاي! يلا يا اختي انتي وهي.


مرّت شرين عينيها على المكان الذي كانت تتوجه إليه نسمة، وقالت بقلق:


– لا، مش هدخل المكان، شكله غالي.


أجابت وفاء:


– فعلاً يا نسمة، المكان غالي. ليشغلونا عندهم، تخليص حق!


ردّت نسمة على وفاء مازحة:


– يلا يا هبلة، منك ليها.


جاء شاب وأخذ طلباتهم، وجلسوا يتسامرون حتى نزل الأوردر.


وقفت نسمة لدفع الحساب، وقالت:


– يلا، أنا اتأخرت.


ثم دفعت الحساب، وهي تلتفت لترى ما جعل قلبها ينكسر في لحظة.


سألتها وفاء بقلق:


– مالك يا نسمة؟ وقفة كده ليه؟


لملمت شتات نفسها، وهتفت بتوتر:


– لا، أبدًا. يلا نمشي.

*********

دلف مروان إلى غرفته، فوجد نسمه جالسة وهي تضع يديها على ركبتها وتضع رأسها فوقهما، وتستمع من خلال الهاند فري.


اقترب منها وأخذ إحدى السماعات ليستمع معها، فوجدها تستمع إلى أغنية عمرو دياب:


حسيت إني لاقيت حلم السنين وصحيت فجأة... بقيت من المجروحين.


رفعت نسمه عيونها، كانت حمراء من كثرة البكاء.


جلس مروان بلهفة، وقال:


– مالك يا حبيبتي؟ حد ضايقك؟


ظلت نسمه تنظر إليه دون أن تتكلم.


اقترب منها حتى يضمها، لكنها ابتعدت عن مرمى يده بعنف، لدرجة أنها اصطدمت بظهر السرير خلفها.


مروان، مستغربًا:


– للدرجة دي مش طايقة لمستي؟


نظرت له بإنكسار وقالت بصوت ضعيف:


– لو سمحت، عايزة أكون لوحدي.


لم يرد، وقال بتفهم:


– براحتك يا نسمه. ولو إحتاجتي تتكلمي في أي وقت، هتلاقيني موجود.


ثم تركها وخرج من الغرفة بغضب.


مرت الأيام، وشعر مروان أن هناك تقاربًا بينهما، لكن في لحظة معينة شعر أنه يعيش في وهم.


فهي لن تنسى أبدًا ما تفوه به لسانه في ليلة زفافهما.

**********

يتبع


نسمه -متمردة 

بقلمي- أمل- مصطفي 

البارت- الثاني- عشر 

***********


مرت الأيام، وكانت نسمه تتجنب مروان، وكان ذلك يغضبه بشدة.

سأل والدته إذا كانت تعلم ما الذي يحزنها ويجعلها لا تريد التحدث معه. وكلما حاول التقرب منها، كانت تتهرب منه بأي حجة.


لكن سهير، هي أيضًا، لا تعلم ما بها. ولا تريد الضغط عليها، لكن تصرفها كان يدل على أن مروان هو سبب حزنها. وهي ترفض التحدث نهائيًا.


---

عاد  مروان إلى المنزل، وعندما دخل غرفته وجد نسمه.

تخرج من غرفة ملابسها مرتدية فستان واسع لونه اخضر مميزا ، ووقفت أمام المرآة تسرح شعرها. تفاجأت بوجوده في هذا الوقت.


توترت عندما رأته في المرآة خلفها، يتأملها بعشق. اقترب منها وهمس لها بعتاب:


– هان عليكِ حبيبك تسيبيه؟ كل ده حضني مش وحشك؟


لم يجد منها ردًا.


اقترب أكثر، وقبلها  بشوق، ثم نزل إلى عنقها يطبع عليه قبلات كثيرة بنعومة ولهفة،هاتفا بصوت هامس :


– بتبعدي عني ليه؟ وأنتِ عارفة أن بعدك بيجنني.


فاقت نسمه من عاصفته، وابتعدت عنه بعنف.

هتفت بتحذير:


– لو سمحت، آخر مرة تقرب مني بالشكل ده! أنا هنا عشان حنين وماما سهير بس، غير كده مضطرة أرجع عند أهلي.


ابتعد مروان بغضب، ثم رفع صوته وقال:


– لسه ما تخلقش اللي يتكلم معايا بالطريقة دي. ولا حد يملي عليا شروطه، حتى لو كان أغلى إنسان عندي.


ثم أكمل بضيق:


– ولو قلبي هو اللي يزلني و يضعفني، أخلعه من بين ضلوعي و أفعصه تحت رجلي.


ثم تركها وخرج.

مثل بركان ثائر لا يعلم من اين اتت بكل تلك القسوة  حتي تقابل اشتياقه بطريقه بارده غير مباليه 


**********


بينما جلست نسمه على الأرض تبكي.

كانت تعلم أنها جرحت رجولته، لكنه لا يعلم شيئًا عن مدى جرحها. لقد كسر شيئًا داخلها لا تستطيع إصلاحه، وهو ثقتها به.


*************

ركب مروان سيارته وظل يسير بها، لا يعرف ما سبب هذا التغيير.


منذ ثلاث أيام، وهو يحاول التقرب منها، لكنه لم يفهم ماذا حدث لكل هذا الجفاء. لقد وجد في قربها النعيم، رغم ماله ونفوذه، لم يشعر بالراحة أو السعادة إلا معها. هي له نسمة الهواء الباردة في الصيف، والشمس الخجولة في برد الشتاء.

***********


لكنها جرحت رجولته وكرامته برفضها له.

كان يريد صفعها حتى تفوق، لكنه فضل تركها في غضبه وأخذ يسير في طريق آخر.


اتصل مروان بسيف وسأله عن مكان تواجده.


– أنا سهران مع فريد في *****.


ذهب مروان وهو في قمة غضبه.

وصل إلى المكان، وجد سيف يجلس وسط مجموعة من الفتيات، كاسيات عاريات.


تحدث مروان دون أن يلقي السلام:


– يلا يا سيف، عايزك.


حاول فريد أن يغير رأي مروان:


– خليك، السهرة لسه في أولها.


لكن مروان رفض، وقال بحدة:


– لا، أنا عايز سيف في موضوع.


اقتربت منه إحدى الفتيات ووضعَت يدها على صدره:


– ممكن تعزمني؟


نفض يدها بعنف، وقال بغضب شديد:


– إنتي إزاي يا حيوان تحطي إيدك عليا كده؟ غوري من وشي! والله يكون آخر يوم في عمرك!


تحركت الفتاة من أمامه بخوف، وتركَت المكان كله.


إلتفت مروان إلى سيف وقال:


– هتيجي معايا ولا أمشي؟


سيف، وهو يرى حالته، قال:


– لا، جاي معاك خلاص.


*********


في الخارج، سأل مروان بضيق:


– إيه اللي جابك معاه في مكان زي ده؟ إحنا مش خدنا عهد إننا ما ندخلش الأماكن دي تاني!


أجاب سيف باستهزاء:


– أنت عارف ابن عمك غاتيت، وفضل يزن عليا. جيت عشان أرتاح من زنه.


لم يتحدث مروان، وركب سيارته. ركب سيف جواره.


انطلق مروان، واحترم سيف صمته. بعد وقت، وصلوا أمام مكان هادئ.


سأل سيف بقلق:


–  مالك يا مروان؟ أول مرة أشوفك غضبان كده!


تحدث مروان بضيق:


– بقالِي ثلاثة أيام بحاول أصالحها، رغم أني مش عارف سبب حزنها، وبرضه رفضت تتكلم معايا. ولما حاولت أحتويها وأخفف عنها، بَعَدت عني بطريقة حسستني إني حقير أوي.


تحدث سيف باستغراب:


– هاتلها خاتم أو أسورة، وهي هتنسي كل حاجة.


رد مروان بخيبة:


– للأسف، الحاجات دي مش بتلفت نظرها.


ضم سيف حاجبيه بتعجب:


– إنت بتتكلم على مين؟


صرخ مروان بعصبية:


– سيف، مش عايز غباء! نسمه طبعًا.


سيف، بعدم تصديق:


– إنت حبتها؟


تنهد مروان بحب، وقال بصوت خافت:


– أنا معرفتش الحب غير معاها. أنا بعشقها، أدمنتها. مش بعرف أنام غير وهي في حضني. و عقابها ليا قاسي قوي، لما سابتني و بتنام مع حنين.


لا يصدق ما يسمعه.

هل مروان عاشق؟ وهل يؤلمه بعد امرأة؟ هو يراه في تلك الحالة لأول مرة.


 سأله بصدمه ، للدرجة دي يا صاحبي؟


أكّد عليه بكلماته:


– أكتر من كده، مش عارف مالها إيه غيرها من ناحيتي كنا قربنا من بعض و حسيت أنها بقت ليا ونسيت اللي حصل أول جوازنا .


هتف سيف بهدوء، محاولًا تهدئته:


– قرب منها وحاول معاها مرة و اتنين. هي تستاهل اللي توصلك للحالة دي، تستاهل المحاولة، والتعب.


شوف عملت إيه؟ ضايقها من غير ما تحس. هاتلها وردة، شيكولاتة، رسالة رومانسية.


رد مروان بحزن:


– رفضها ليا جرح رجولتي. إحساس صعب، إنك تتترفض من الإنسان الوحيد اللي بتتمناه.


تحدث صديقه بهدوء، وهو يحاول مساعدته:


– أكيد في حاجة جرحتها منك، أنت مش عارفها. حاول معاها، ومتنساش إنك جرحتها في يوم زي ما هي جرحتك، ورغم كده فضلت معاك.

************

بعد مرور أسبوع،

رجع مروان إلى منزله وهو يحاول إخفاء شوقه ولهفته لها، بينما يظهر البرود الدائم أمام الجميع. كان قلبه يعاني بصمت، لكنه لا يظهر شيئًا من ذلك.


أما هي، فكانت تتحرك كأنها إنسانة آلية، تبتسم في وجه الجميع بينما تتألم من الداخل، تحمل في قلبها الكثير لكنها تخفيه بحذر.


سمع نداء والدته:


– تعال يا حبيبي، أنا عايزاك في موضوع.


جلس أمامها باهتمام، يحاول إخفاء توتره:


– خير يا أمي؟


سهير بهدوء:


– نسمه جالها عريس.


وقف مروان فجأة، غاضبًا، وكأن كلماتها أصابت نقطة حساسه في قلبه:


– نعم؟ بتقولي إيه؟


سهير حاولت أن تسيطر على ضحكتها، وهي تردد بصوت خافت:


– نسمه جالها عريس، سليم ابن السفير خالد.


تحدث مروان بعصبية أكبر، وجهه يعلوه الغضب:


– سي زفت ده؟! أزاي يتجرأ و يبص لمراتي؟! دانا امسحه من الوجود!


تحدثت سهير ببرود:


– محدش يعرف إنها مراتك. هو شافها وهي معايا في النادي، ولما مامته سألت، قولت إنها  قريبتنا. زي ما كنت طالب.


ثم تابعت بصوت هادئ، محاولة الضغط على مروان أكثر:


– وبعدين يا حبيبي، أنا غلط لما خليتك ترتبط بيها وأنت قلبك ملك لواحدة تانية. 


وأنا  اهو بصحح غلطي. البنت أنطفت، و علي طول شارده، بتبتسم، أه بس حساها حزينة من جوه.


ثم ضغطت أكثر على جرحه:


– سيبها لنصيبها وعيش أنت حياتك.


 وعلى فكرة، جالها أكتر من عريس، البنت بتملك جمال أخاذ مافيش حد بيشوفها إلا لما ينبهر بيها 


بس أنا شايفه إنه أكتر واحد مناسب ليها.


مروان، رد بقسوة و تهكم :


– و البرنسيسه رأيها إيه؟


سهير، بحذر وذكاء، أجابت:


– لا، أنا مكلمتهاش في حاجة. حبيت أعرفك الأول.


وقف مروان مرة أخرى، غاضبًا، ونظر إليها بعينين متعصبتين:


– خلاص يا ماما، بعد كده تخرج بدبلتها 


والكل يعرف إنها مرات مروان. وأنا مش هطلق، يكون في علمك، حتى لو هي طلبت كده. بعد إذنك.


سهير، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة انتصار، همست لنفسها بصوت منخفض:


– ومين عايز طلاق يا قلب أمك؟ أنا وراك لحد ما تعرف قيمتها وتحافظ عليها. صبرك عليّا التقيل جاي وراء أنا بعت اجبلك أيهم اللي هيعيشك علي الجمر 

**********


عند أحمد،

كان يقف مع نادر وسط العمال، يعملون بجد تحت أشعة الشمس الحارقة.


نادر، وهو يلاحظ وجه أحمد الذي تحول إلى جمرة من النار بسبب الشمس وبشرته البيضاء، قال بتعجب:


– أنت وشك أحمر كده ليه؟ من الشمس؟


أحمد، وقد شعر بالحرارة الشديدة على وجهه، رد:

– طيب، روح أغسل وشك. أصل كده يلتهب.


توجه أحمد سريعًا نحو طرمبة الماء في الموقع، خلع قميصه وغسل وجهه وشعره بالماء البارد. بلل ذراعيه أيضًا حتى يخفف من حرارة جسده.


بينما كان أحمد منشغلًا في غسل وجهه، سمع فجأة صرير أحد العمال، فركض بسرعة ليرى ما يحدث. وعندما وصل إلى مصدر الصوت، وجد شابًا يتدلى من الدور الثالث، وكان يبدو في حالة خطر شديد.


******

تسلق أحمد الحبل المتدلي بحركة سريعة، وكان جسده ينقض بين الحبال و كأنما كان يقذف نفسه نحو هدفه. حتى وصل إلى العامل، أمسك به بقوة، ثم بدأ في النزول به ببطء، وهو يسأله بلهفة:


أحمد: "أيه الحاصل ده؟ ممكن أفهم؟"


رد العامل بصوت متعب وقلق:

: "حبل السأله اتقطع...


احمد بضيق 

 مش تخلوا بالكم، الحاجات دي عايزة متابعة يومية. دي أرواح ناس مش لعبة."


شكر الجميع أحمد على اهتمامه السريع، وفي تلك اللحظة، 


حضرت مدام شاهنده، سيدة من الطبقة المخملية، كانت تتابع الموقف من بعيد.


 كانت ترتدي هوت شورت جينز وتوب كب، وعلى عينيها نظارات شمسية، 


بينما كانت حذاؤها بكعب عالٍ. 


خلفها كان الحرس، يتبعونها بهدوء، لكن نظراتها كانت مشغولة بشيء آخر.


تمرر عيونها على وجه أحمد، الوسيم، جسده الرياضي، وشعره المبلل الذي يلمع من حر الشمس. 


بشرته كانت وردية من شدة الحر، مما جعلها تشعر بإعجاب شديد تجاهه.


شاهنده: "هاي!"


أحمد رفع عينيه إليها، و أجاب بشكل مهذب:

: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."


خلعت شاهنده نظاراتها الشمسية، وبدأت تتأمله دون حياء، بينما كان أحمد يُخفض عينيه عن نظرها، مستغفرًا في سره.


شاهنده بسؤال غامض:

"أيه الحاصل هنا؟"


أحمد أجاب بسرعة:

"غلطه غير مقصوده، بس مرت على خير."


شاهنده نظرت له بحيرة، ثم قالت:

"أنت المهندس الجديد، صح؟"


أشار أحمد إلى أحد العمال لكي يعطيه قميصه المبلل، وقال:

أحمد: "أه، أنا هكمل المشروع."


شاهنده: "أيه الحاصل للمهندس التاني؟"


أحمد: "عنده حالة وفاة، واضطر يسافر. في أي خدمة أقدر أقدمها لحضرتك؟"


ظلّت شاهنده تنظر له بنظرات غامضة، كانت نظرات لا يفهمها سوى الرجال.


 لكن أحمد لم يهتم بذلك، كان يفكر في شيء آخر.


شاهنده: "أنا باجي هنا كل مدة، بس يظهر إني هحب المكان ده جدًا."


أحمد أجاب ببرود وبأسلوب عملي:

"تشرفي في أي وقت."


*********


دخلت نسمه وحنين إلى المنزل، وكانت حنين تنادي بصوتها الطفولي:

- "ماما تيته! ماما تيته! إحنا جعانين!"


ضحكت سهير بسخرية:

- "دوشة كل يوم! مش هنخلص. إحنا جعانين؟ طب خدوا شاور على ما الدادة تخلص!"


توجهت نسمه نحوها بدلال، وقالت:

- "بقي كده يا مامي، زهقتي مننا؟ أنا مخصماكي!"


وأضافت حنين بحماس:

- "وأنا كمان يا تيته!"


ضحكت سهير بحنان وهي تضمهم إليها، وقالت:

- "أه منكم! عملتم عليا حزب."


كان قلبه، الجالس في الركن، يتراقص مع نغمة صوتها العذب، دون أن يراها.


ثم أشارت سهير إلى خلفهم:

- "سلموا على أيهم، ابن أختي."


إلتفتت نسمه بخجل، وقالت:

- "آسفة، معرفش إن معاك ضيوف."


أجابت سهير وهي تبتسم:

- "ده ابني التاني، مش غريب."


ركضت حنين نحوه، وهي تصيح:

- "يويو! وحشتني!"


حملها أيهم وهو يقبلها وقال لها:

- "يا بنتي! حرام عليكي! كل الجسم ده يتقاله... يويو!!"


بغضب طفولي قالت حنين:

- "أنا بحب أدلعك!"


أجابها أيهم بسخرية:

- "دلعيني بأي حاجة، ماعادا الاسم ده!"


ثم التفتت نسمه إلى أيهم وقالت بلهجة رقيقة:

- "حمدالله على سلامتك يا أستاذ أيهم."


رد أيهم في نفسه:

- "الله يخرب بيتك يا مروان، قدرت تقاوم دي إزاي؟ أنا كده هشك فيك!"


وكزته سهير في جنبه ليُفاق، فقال وهو ينظر لها بصدمه:

- "الله يسلمك! إيه ده؟ هو أنتي حقيقية؟"


شعرت نسمه بالخجل، ولم تستطع الرد، بينما ضحكت سهير بمرح وقالت:

- "الولد ده دايمًا متهور."


ثم تحدثت سهير بغضب، موجهة حديثها إلى ابنها:

- "أتلم! لو مروان سمعك، أنت عارف غضبه هيكون إزاي."


قال أيهم بفزع:

- "لا، كله إلا غضب مروان! ده الكل كان بيخاف مني ويعملي حساب، وأنا بترعب منه! أصل أيده تقيلة أوي... الله يخرب بيت غبائه!"


ضحكت نسمه على طريقة حديثه عن حبيبها، الذي يغضب منها مثل الأطفال.


ثم قالت نسمه:

- "بعد إذنك يا ماما، هطلع أنا وحنين."


أجابت سهير:

- "طيب يا حبيبتي، هخلي الدادة تحضر الأكل."


ثم التفتت سهير إلى أيهم بغضب بعد صعود نسمه إلى غرفتها، وقالت له:

- "أنا جيباك عشان تشعلل غيرته، ولا تشقط البنت منه!"


رد أيهم بهيام:

- "غصب عني يا سوسو، البنت حاجة صعبة... طلقه."


سهير قالت في استغراب:

- "أتلم يا بني! دي مرات أخوك! وبعدين أنت تعرف الأجمل منها؟"


رد أيهم بجدية:

- "لا يا سوسو، الحجاب ما خلاها ماتتسواش بحد."


سهير ضربت كفًا على كف في حالة من الاستنكار، وقالت:

- "لادانتا... أتجننت رسمي!"

**********

زادت ضربات قلبه عندما سمع صوت ضحكتها المميزة، تلك الضحكة التي تسحره وتجعله ينسى كل ما حوله، كأنها تأخذه إلى عالم آخر بعيد عن الواقع.


دلف مروان إلى الداخل، لكن قلبه قفز في صدره عندما وجدها تتحدث بسعادة مع أيهم.


- "لا، حقيقي! أنت ملكش حل، أنا هموت من كتر الضحك!"


شعر مروان بغيرته تتآكله من الداخل.


 فهو يعلم جيدًا أن ابن خالته أيهم يملك مفاتيح قلب المرأة. 

لديه خبرة كبيرة في جذب النساء، وعندما يلتقي بإحداهن لأول مرة، يستطيع أن يقرأ خفايا مشاعرها بسهولة، ويعرف تمامًا كيف يثير اهتمامها.


شعرت نسمه بوجوده خلفها. رفعت عيونها قليلًا، وجدته ينظر إليها بعمق شديد. هزت رأسها برفق، وحاولت أن تُخفي مشاعرها.


 خفضت عيونها بسرعة كي لا تضعف أمامه. لأنها، على الرغم من كل شيء، تشتاق إليه منذ آخر محادثة بينهما.


خطا مروان خطواته القوية والثابتة نحوهم، قائلاً بلهجة رسمية:

- "حمد الله على سلامتك."


قام أيهم باحتضانه بحماس:

- "وحشتني يا وحش!"


رد مروان بابتسامة ضيقة، بينما كان أيهم يتحدث باشتياق:

- "وأنت أكتر. أخبار خالتي إيه؟"


تحركت عيون مروان نحو نسمه، وكان يشعل قلبه الغيرة


 بينما ينظر  أيهم إليه.


- "كلنا تمام."


ثم سأله مروان بتوتر:

- "غريب، ليه ماعرفتنيش؟ كنت جيتلك المطار."


ضحك أيهم بمرح:

- "حبيت أعملها لك مفاجأة." ثم أكمل بنبرة خبيثة:

- "ظاهر إنك ماكنتش عايزني أشوف الملاك ده. حاجة صعبة، ربنا يكون في عونك، براءتها تقتل."


شعرت نسمه بغضب من كلمات أيهم، بينما كان مروان يشعر بأن دماءه تغلي من الداخل. لكنه تحامل على نفسه، ولم يظهر غضبه أمام أمه.


سأله مروان، وهو يحاول ضبط أعصابه:

- "الزيارة هتستمر قد إيه؟"


اتسعت عيون أيهم بدهشة، فهو يسأله هذا السؤال لأول مرة:

- "أنت لحقت تزهق مني؟ أسبوعين، قابلين للزيادة."


وقفت نسمه، وقالت بنعومة:

- "بعد إذنكم، حنين وراها  هوم ورك."


تابعها مروان بنظراته حتى مرت جواره. ثم رفع أنامله بهدوء، و حركها برقة على يدها.


  تلك اللمسة كفيلة بأن ترد الروح إليه، وتروي شوقه الذي كان يعذب قلبه


أما هي، فقد شعرت بإنتفاضة قلبها، بل كأن كيانها كله يهتز. نظرت إليه بعشق، وعينيها تلمعان كما لو كانت على وشك أن ترتمي في أحضانه. لكنها توقفت في اللحظة الأخيرة، تذكرت يد شاهي التي كانت فوق يده. شعرت بغضب مفاجئ، وقلبها يعج بالغيرة التي لا يمكنها إخفاؤها.


حدث نفسه بصدمه: "للدرجة دي مشتاق لها؟ مجرد لمسة صغيرة لإيدها... تسعدني زي المراهق اللي بيعيش لحظات مسروقة مع حبيبته؟"


تحدثت هي، وهي تصعد إلى الدرج:

- "ياااه، يا مروان... لو تعرف أنا تعبانه قد إيه. مش عارفة أحدد مشاعرك ليا... حب ولا إعجاب؟ يارب ريح قلبي، و رسيه على بر."


************

يتبع

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا







تعليقات

التنقل السريع