القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الأربعون والحادى والأربعون والثانى والاربعون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الأربعون والحادى والأربعون والثانى والاربعون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه 






رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الأربعون والحادى والأربعون والثانى والاربعون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه 



القفل اتكسر ووقع على الأرض، يونس انحنى بسرعه وزاحه، بإيده دفع الباب الخشبي اللي كان مموّه بجذور الشجره وأغصانها، ونزل سلالم حجريه ضيقه ملتويه، ريحة التراب والرطوبه تخنق، المكان تحت الأرض كان أشبه بممر مقفول، السقف واطي، والهوا مكتوم، وجه الفلاش على المكان الضيق، ووقف وهو بيبص حواليه، في كراتين كتير قدامه قديمه متراكم عليها تراب تقيل ومكتوب عليها حاجات بخط باهت، مد إيده وفتح أول كرتونه قدامه، كان جواها سيديهات كتير جدًا، محطوطه في علب بلاستيك باهته ومحافظ جلد مقفوله، كل كرتونه شبه التانيه، مليانه تسجيلات وأوراق قديمه مبعتره بين السيديهات. 

فضل يقلب بإيد سريعه، عينه بتجري على العناوين المكتوبه بخط باهت على بعض الكراتين، واللي من غير كتابه...

مأخدش وقت طويل في التفكير، بسرعه لف حوالين الاوضه بعينه، بعدين أخد قرار لحظي، طلع بهدوء تاني لفوق، راح بسرعه ناحية الجراج وطلع عربيته اللي نادرًا ما بيستخدمها، خرج بيها بسرعه من الجراح وراح تاني ناحية الشجره، نزل بسرعه، فتح الباب الخلفي للعربيه، ورجع تاني على تحت، ملامحه كلها إصرار وجديه، دور على أقدم تواريخ مكتوبه وجاب حوالي نص كمية الكراتين وشالهم واحد واحد على كتفه ونقلهم في شنطة العربيه، عينيه طول الوقت على البيت علشان يتأكد أن محدش ممكن يشوفه أو يظهر، رصّهم جنب بعض بحرص علشان ما يعملوش صوت،  رجع تاني، وقف وسط الباقي، وبص للكراتين اللي لسه مخدهاش، ابتسم ابتسامة خفيفه وهو مقرر أنه هيرجع ياخد دول بعد ما يشوف السيديهات اللي اخدها وياخد خلفيه...

بعدها قفل الفلاش، خرج تاني بهدوء، وقف دقيقة قدام الشجره، لمسها بإيده كأنه بيسجل المكان في دماغه، وبعد ما قفل الشنطه، مسح عرقه من على جبينه، ركب بسرعه وخرج من الجنينه، كان ماشي بسرعه والعربيه عامله صوت، بس هو مهتمش، بالعكس، ضغط بنزين أكتر ومشي.

أول حاجه عملها راح على أقرب محل الكترونيات، دخل وجاب لابتوب كويس ورجع على العربيه تاني، حط شنطه اللاب على الكرسي اللي جنبه، واتحرك ناحية مكان هو عارفه، كل ما يمشي كل ما الطريق يهدى، لحد ما وصل شارع شبه مظلم، مفيهوش غير عمود نور خافت.

ركن العربية على جنب، قلبه لسه بيدق بقوه، نزل بسرعه وفتح شنطة العربيه، جاب أقدم تواريخ مكتوبه على كرتونه بعنوان " صالح الطويل ١٩٩٥"، فتح الكرتونه وشاف السيديهات اللي مترقمه وجاب كذا شريط ورجع للعربيه، فتح الشنطه وسحب اللابتوب، مسح إيده في بنطلونه بسرعه وهو بيوصل أول سي دي، العربيه كانت غرقانه في صمت تام غير صوت أنفاسه المتوتر، عينيه ثابته على شاشة اللابتوب، الحماس مليون بس قلبه بيدق جامد جدا...


الفيديو اشتغل، الصوره باهته والإضاءه صفرا باينه إنها من أواخر التسعينات، الكاميرا متوجهه قدام مكتب خشبي كبير، عليه أوراق وكوباية عصير نصها فاضي، صالح الطويل كان قاعد وباصصلها، ابتسامه صغيره على شفايفه، عينيه كلها خبث.

قدامه صابرين... صغيره، ملامحها بريئه من بعيد لكن عينيها واضح إن فيها لهفه، كانت قاعده مستنية عصام ( جوزها) يخلص اجتماعه، لكن الحوار خد منحنى مختلف.

صوت صالح جه هادي لكن وراه ثقل

"كنت محتاج واحده تشتغل معانا زي ما قولتلك قبل كده... بس لازم شوية شروط مهمين جدًا علشان تكمل الشغل."

صابرين اتقدمت بضهرها لقدام، عينيها ضاقت باهتمام

"شغل إيه؟"

ضحك بخفه وهو بيهز راسه

"وده من ضمن الشروط."

رفعت حواجبها باستعجال

"هو إيه؟"

قال بهدوء 

"إنك متعرفيش إيه الشغل ده، كل اللي هيكون مطلوب منك... طلب بسيط... تنفذيه كل فتره وخلاص."

صابرين عضت شفايفها، عينها فيها فضول

"وإيه الطلب ده؟ كلمني عن التفاصيل."

صالح اتنهد كأنه بيختبرها وقال

"وبتسألي ليه؟ بتفكري تشتغلي انتي؟"

ردت بسرعه

"وليه لاء؟ بس رسيني."

ابتسم بخبث أكبر

"مفيش يا ستي، كل الموضوع إني محتاج واحده تستدرج بنات يكونوا كويسين... صحتهم كويسه، ومعندهمش أهل يسألوا عنهم... أو أهلهم ناس ضعيفه، كل اللي محتاجينه... تخدير... البنت اللي عليها الدور... هتتخدر، وحد هييجي ياخدها منك في المكان اللي تحدديه، وفي مقابل كل بنت... نص مليون."

صابرين اتجمدت ثواني، وبعدين قالت بدهشه

"نص مليون جنيه؟"

صالح هز راسه بالنفي، وقال بتصحيح

"دولار."

صابرين شهقت بخفه، وابتسامه صغيره ظهرت على وشها

"دولار؟ على كل بنت؟"

قال بثبات

"بالظبط."

صابرين اترددت لحظه، وبصت بعيد كأنها بتفكر، وبعدين رجعتله وقالت بلهفه

"يعني البنت تتخدر بس؟"

صالح قالها ببرود

"تتخدر... وبس."

وقتها صابرين مالت لقدام وقالت من غير تردد

"طيب... اعتبرني أنا الواحده دي."

صالح ضحك ضحكه صغيره

" يبقى هرد عليكي قريب."

وخلص أول سي دي 

يونس كان متجمد مكانه، عينه على الشاشه، نفسه متقطع، مش قادر يصدق أن دي مامته... بس بدل أول سي دي بواحد تاني وضغط على زرار التشغيل، ظهر نفس المكتب الأنيق اللي شافه في السي دي الأول، صابرين كانت قاعده قدام صالح، ملامحها متحفزه، عينيها فيها لهفه مش طبيعية، سألت بلهفه

"عملت إيه؟"

صالح رفع حاجبه وهو بيتكلم ببرود

"في إيه؟"

قربت بجسمها لقدام وقالت بسرعه

"في الشغل."

ابتسامه صغيره اترسمت على وش صالح وهو بيرد

"عايزين حد ثقه... مش مجرد أي واحده وخلاص، يعني واحدة تكون حريصه، ولو اتمسكت في يوم، متعترفش أبدًا."

صابرين هزت راسها بسرعه وقالت باندفاع

"وأنا موجوده، وكل ده هعمله."

صالح قال وهو لسه محافظ على هدوءه 

"لازم نجربك الأول، نشوف إنتي مستعده تعملي إيه."

ردها جه فوري، مليان جرأه

"هعمل أي حاجه عادي."

صالح قال وهو بيمدلها كارت 

"يبقى تبدأي من النهارده، كلميني النهارده من البيت على الرقم ده وهقولك تعملي إيه بالظبط، ولو اتراجعتي أو أي سبب تاني الاتفاق هعتبره ملغي"

وفجأة الباب اتفتح، ودخل عاصم بابتسامه ودوده، رحب بصاحبه وهو ميعرفش إن المكان اللي بيديره بشرف ونزاهه بيتحول قدامه لساحة لعبه قذره، صالح وقف واتبادل معاه التحية وكأن محصلش حاجه من دقايق.

هنا الشاشة اسودت... والسي دي خلص.


عند فريده وحسام

كانوا قاعدين في الصالون، الجو هادي، وضوء التلفزيون هو اللي منوّر المكان بس، الفيلم شغال وهما قاعدين جنب بعض، حسام كان متابع باهتمام، وفريده قاعده جنبه بتحاول تركز في الفيلم بس أحيانا التفكير بيسرقها.

رن فون فريده كسر حالة السكون، فريده مدت إيديها بسرعه على الترابيزه، شافت المتصل وكانت يسر، قامت وقفت بعد ما خدته، حسام بصلها وقال ببساطه

"هوقف الفيلم لحد ما تيجي."

لفتله وقالت باعتذار

"لاء كمل إنت، أنا هرد على يسر وبعدها هنام، حاسه اني عايزه انام ومش قادره اكمل"

كلامها ضايقه جدا، سكت لحظه وهو باصصلها وبعدين أومأ براسه وقال بنبره محايده جدًا يخفي بيها اللي جواه

"ماشي... براحتك."

مشيت وسابته قاعد لوحده قدام الشاشه، مسك الريموت وشغل الفيلم تاني، كان بيحاول يركز، بس أفكاره مش سايباه في حاله، من ساعة ما اتجوزوا وهو حاسس إن في حاجه مش مظبوطه، في مسافه دايمًا بينهم مهما حاول يقرّب هو، ومش قادره يفهم ابدا ليه اتغيرت تماما عن أول مره عرفها فيها، وليه أوقات كتير بتتجنبه أو بتتهرب منه.


فريدة طلعت الأوضة بهدوء، قفلت الباب وراها وسندت عليه لحظة كأنها بتاخد نفس جديد قبل ما ترد على يسر، ردت اخيرا وحاولت تثبت نبرتها وقالت بهدوء

"إزيك يا يسر؟"

صوت يسر جه متردد 

"فريده... عايزه اقولك حاجه بس مش عارفه أبدأ إزاي."

فريدة رفعت حاجبها باستغراب وقالت

"ابدأي على طول يا يسر، في إيه؟"

سكتت لحظه وبعدين قالت بخفوت

"يونس."

فريده ردت بسرعه

" ماله يونس؟!"

اتنهدت يسر وقالت

"يونس جه هنا... تحت البيت، ورن عليا، وبعد كده طلب مني انزله، ونزلت بعد زن كتير منه، وبعد كده خدني بعيد عن البيت علشان قالي عايز اقولك حاجه مهمه، وبعد كده قالي عايز اعيش معاكي علطول"

سكتت فريده ثواني، اتفاجأت من يونس، أخدت نفس قصير وقالت

"بتهزري؟! يونس عمل كده؟"

يسر أكدت بهدوء

"آه... أنا متوقعتش أصلًا."

فريدة عضت شفايفها وهي بتفكر، وبعدين قالت بسرعه

"طب... وانتي إيه رأيك؟"

يسر قالت بتردد أكبر

"أنا... مش عارفه، بس أنا أكيد مش مستعده."

فريدة رفعت حاجبها بدهشه

"مش مستعده لإيه بالظبط؟"

يسر قالت بصوت واطي

"مش مستعده وخلاص... مش قادره أتقبل أدخل في علاقه تانيه."

فريده قالت باستنكار

"علاقه تانيه؟ ليه؟ هي الأولى دي كنتي بتسميها علاقه اصلًا؟"

يسـر ردت بهدوء فيه شجن

"ولو برضو... ده خلاص كان هيكون جوزي لولا اللي حصل."

فريدة شدت نفس طويل وقالت بحراره

"والله العظيم ياسمين دي أول مره تعمل حاجه صح في حياتها! بجد بحييها... دي مكانتش حياه اللي كنتي هتعيشيها دي."

يسر قاطعتها بسرعه بنبره حزينه

"فريده، بلاش تتكلمي في الموضوع ده، إنتي عارفه إن الموضوع حساس بالنسبالي."

هزت فريدع راسها باستيعاب وقالت

"عارفة يا يسر... حاضر، خلينا في يونس."

يسر اتنهدت وقالت

"هو أصلًا ما يعرفش اللي حصل، جه وقال كده وخلاص، وأنا... مش هدخل في أي علاقات دلوقتي."

فريده اتنهدت وقالت

"يونس عارف بخطوبتك الأولى يا يسر وعارف كل حاجه حصلت"

يسر قالت بدهشه

"وعرف إزاي؟"

فريدة قالت بهدوء

"أنا قولتله قبل كده، هو كان بيحوم يعرف عنك أي حاجه... وأنا عرفته علشان وقتها يعرف إنك مش فاضياله ويسيبك في حالك."

يسر سكتت لحظه طويله، فريده سألتها بحذر

"غلطت؟"

ابتسمت يسر بضعف وقالت

"لاء... يمكن شلتي حمل عني، بس زي ما قولتلك... الموضوع بجد حساس، وأنا عارفه أنا هتصرف إزاي خلاص."

ردت فريده بنبره فيها حرص

"يسر... يونس كويس، آه يمكن مش مناسب ليكي حاليًا لأنكم مختلفين جدا عن بعض، بس إنتي ممكن تكوني داعم كبير ليه إنه يكون إنسان أحسن، لأنه مهمل... محدش بيهتم بيه، ولا بيوقفه عن الغلط اللي بيعمله، إنتي ممكن تكوني صفحه جديده في حياته."

يسر ردت بخفوت

"إن شاء الله... هشوف هعمل إيه وهبقى أقولك."

باب الأوضه اتفتح ودخل حسام، فريده بصتله بسرعه وهيا بترد على يسر

"ماشي يا يسر... واعملي اللي يريحك برضو انتي ادرى، سلام"

قفلت المكالمه ورفعت عينيها لحسام وقالت باستغراب

"جيت ليه؟ الفيلم خلص؟"

هز راسه وقال بابتسامه خفيفه

"لاء... بس الفيلم وحش من غيرك، قولت أنام أحسن."

ابتسمت فريده وقالت بخفه

" ايه الكلام اللي يحسسني بالذنب ده"

ضحك بخفوت وقرب منها، عينيه فيها مزيج من العتاب والاهتمام

"ممكن يبقى صح شويه، لإني كل ما أقعد معاكي حاجه تسرقك مني، مره شغل، مره مكالمه، مره مامتك، والتفكير المستمر"

سكتت فريده، معرفتش ترد، جواها ألف حاجه بتتخبط، قرب أكتر، مد إيده ومسك وشها بين ايديه وقال

"أنا مش زعلان... بس نفسي تحسي بيا زي ما أنا حاسس بيكي."

بصت له بعينيها اللي فيها اعتذار صامت، وقالت بهدوء

"حاسه بيك يا حسام... بس يمكن مش بعرف اعبر."

ابتسم ابتسامه صغيره وقال

" هو بس لو ترجعي زي أول مره شوفتك فيها كل حاجه هتتحل، حاسك مش كويسه، ممكن تقوليلي اللي مضايقك وتفضفضي ليا"

فريده سكتت لحظه وبعدين قالت

" أنا هكون كويسه يا حسام، صدقني، انا عارفه اني مأثره معاك بس غصب عني، سيبني يومين وههدي"

قرب منها أكتر، لمس إيديها وقال بابتسامة دافيه

"بصي... أنا مش هضغط عليكي، لو عايزه تشاركيني في ضيقك معنديش مانع أسمعك وأكون جنبك، بس عشان خاطري... فرفشي شويه، وحشتني فريده القديمه

فريدة بصتله وقالت

" يبني منا كويسه، انت محسسني اني زهدت الدنيا."

ضحك بخفه وقال

" والله انتي محسساني بكده، بس خلاص احنا عملنا ديل."

ردت

" طيب اتفقنا، يلا تصبح على خير هموت وانام"

ابتسم وقال

" وانتي من أهله"


عند يونس 

قفل السي دي وإيده لسه على الماوس، صدره بيعلى وينزل بسرعه من الغليان اللي مسيطر عليه، حس بدمه بيجري في عروقه كأنها نار، عقله مش قادر يستوعب إن مامته، الست اللي طول عمرهم شايفينها المثل والقدوه ، كانت جزء من لعب قذر بالشكل ده.

شد نفس عميق بس خرج منه مكتوم، ضرب بكفه على تابلوه العربيه مره واحده بعنف، بص قدامه في الضلمه، ملامحه اتبدلت تمامًا، الفضول اللي خلاه يفتح السيديهات اتحول لغل، مد إيده بسرعه وسحب السي دي التاني من اللابتوب وبدله باللي بعده، وبص ناحية الكراتين اللي ورا في شنطة العربيه، عينيه لمعت بتصميم عنيد.


شاشة اللابتوب نورت من جديد، والصوت بدأ يشتغل، نفس المكتب... مكتب عاصم، نفس المكتب اللي شهد خيانه من نوع مختلف جدا، الكاميرا بتسجل، وصوت صابرين هو أول اللي اتسمع، صوتها فيه حماس غريب وشيء من الفخر

صابرين قالت 

"امبارح خلصت، البنت اللي قلتلك عليها، الشغّاله اللي بتيجي تساعدني، ملهاش حد يسأل عنها، ولا أي حد يعرف حتى هيا فين."

صالح كان قاعد قدامها، سايبها تتكلم لحد الآخر، وقال ببرود وهو بيبصلها

"كويس... وبعدين؟"

صابرين ابتسمت ابتسامه صغيره وهي بترد

"حطيت لها المخدر في العصير زي ما قولتلي، أول ما اتخدرت، عربيه سودا وقفت تحت البيت وخدوها زي ما قولتلي"

صالح مال بجسمه لقدام وقال بفخر

"برافو."

صابرين رفعت حاجبها وسألت بلهفه

"طيب... والفلوس هتوصل امتى؟"

صالح قال

"بعد أسبوع هيكونوا في حسابك."

صابرين عضت شفايفها وقالت بنبره فيها قلق

"وأنا إيه يضمنلي الكلام ده؟"

ابتسامه بارده ظهرت على وش صالح وهو بيقول

"إنك تستني... ووقتها هتتبسطي."

صابرين سكتت لحظه، وبعدين مقدرتش تمنع نفسها من السؤال

"طب هما هيعملوا إيه فيها؟ وليه عايزينها؟"

صالح رفع إيده وكأنه بيوقفها وقال بنفس البرود

"قولنا... منسألش."

الصوره على الشاشه اتجمدت، والسي دي خلص.


يونس كان قاعد ومش مستوعب اللي بيسمعه، كأنه في كابوس مثلا وهيفوق منه،  إيديه ماسكه الدركسيون جامد وعينه بتجري على باقي الكراتين اللي ورا، رغم إن الفضول عنده بدأ يتعبه بس كان مصمم أنه لازم يفهم كل حاجه، وكان بيسأل نفسه ايه ممكن يكون أخطر من كده مثلا، وايه ممكن يكون موجود في السيديهات التانيه، مستناش اكتر، نزل بسرعه، فتح الشنطه تاني وعينيه وقعت على كرتونه مش مكتوب عليها حاجه، سحبها بحذر، فتحها، لقاها مليانه سيديهات برضو، بس من غير أي ترتيب، مد إيده، سحب واحده عشوائيه، ورجع تاني للعربيه، حط السي دي في الكيس الجانبي واستناه يشتغل، في الأول كان بيتفرج عادي بس اللي شافه لما كمل خلّى أنفاسه تتقطع، عينيه اتسعت بشكل لا إرادي، وضربات قلبه بدأت تسرع، يونس اتجمد مكانه، إيده اتشنجت على الفاره، وصدره بيعلى وينزل بسرعه، اللي شافه كان فوق احتمال أي بشر، مشهد مينفعش يتشاف ولا يتنسي.....

يتبع.....

بارت 40





السي دي بدأ بأوضة فيها بنت مربوطة على سرير حديدي، الأوضة كانت زي قبو ضلمة، لمبة صفرا خافتة في نص الأوضة، الحيطه والسقف متآكلين، البنت جلدها شاحب، وعينيها بتتحرك يمين وشمال برعب، بتحاول تفك قيودها بس جسمها ضعيف جدا.

دخلوا اتنين لابسين بالطو أبيض، ملامحهم مش واضحة بسبب الكاميرا، إيديهم ثابتة وباردة، واحد فيهم مسك مقص جراحي طويل، والتاني كان بيجهز ترولي معدن عليه أدوات... مشرط، منشار طبي صغير، أنابيب بلاستيك.

يونس حبس أنفاسه وهو متوقع ايه اللي هيحصل، صوت نبضه بقا عالي، واحد منهم قص شعرها بالمقص الطويل والتاني قرب المشرط من ايد البنت، صوتها اتخنق في صرخه مكتومه من الألم، بس هيا مش قادرة تتحرك لأنها مربوطة بإحكام، بدأوا يقطعوا في جلدها بدقه بارده، كأنهم بيتعاملوا مع قطعة قماش مثلا، قطعوا جزء من جلد دراعها وحطوه جوه كيس شفاف، البنت كانت بتترعش بجسمها كله، أنفاسها متقطعه، دموعها بتنزل بغزاره بس مفيش رحمه.

يونس حط إيده على بوقه بعنف وهو بيهز رجله بعصبيه، لأن اللي حصل بعد كده كان صعب على أي بشر أنه يشوفوا، جزئوا جسمها كله، كل حاجه فيها حرفيا فصلوها وحطوها في كيس، جلد، شعر، كل أجزاء الوش، كل أعضاء الجسم، حتى صوابع الإيد والرجل، والجلد نفسه بتاع الجسم، الليله دي بالنسبه ليونس بقت بداية كابوس... لأنه شاف بعينه إزاي "الشغل" اللي صابرين دخلت فيه مش مجرد استدراج بنات لاء... ده عباره عن جحيم متكامل.

إيده كانت بتترعش على الكيبورد، مبقاش قادر يتحمل أكتر من كده، هو يادوب اول ما سمع صوت المنشار الحاد وهو بيقرب من جسم البنت، ضرب اللابتوب بحده وقفله بسرعه، أنفاسه طالعه سريعه ومتقطعه كأنه لسه خارج من خناقه، مسح عرقه بكف إيده وهو حاسس بصداع بيكسر دماغه، وحس بغثيان شديد، نزل من العربيه بسرعه وهو بياخد نفسه بقلق وتوتر كأنه محتاج هوا يدخل صدره، رفع راسه لفوق، أخد نفس طويل وحاول يسيطر على الرعشه اللي مسيطرة على جسمه كله، انحنى فجأة، وإيده ماسكه بطنه ورجّع جامد، فضل يتقيأ لحد ما حس إن معدته اتقلبت كلها من جوه، رفع راسه بصعوبه، عينيه حمرا ومدمعه، مسح بوقه وهو بيتنفس بصوت عالي، ووشه كله غضب وقرف، المنظر اللي شافه محفور جواه ومش قادر يطلّعه من دماغه، كأنه لسه قدام عينيه دلوقتي، مكنش متوقع أبدا كل ده، حس إن معدته اتقلبت ومش هيقدر حتى يقف على رجليه بشكل ثابت، كان عارف إنه مهما حاول يكمل، مش هيتحمل يفتح سي دي تاني، المنظر كان أبشع من أي احتمال في خياله، بشاعة فوق إنسانية، حاجة كسرت جواه جزء مش هيتصلّح أبدا

سند على باب العربيه، قلبه بيدق بسرعه وإحساس بشع جواه، أخد اكبر صدمه في حياته، حس أنه في كابوس وأنه عايز يفوق منه، طول عمره كان فاكر أن السبب مهما كان هيكون اتفه من كده بكتير، عمره ما توقع أبدا يكون في حاجه كبيره ورا مامته وبالشكل ده، عمره في حياته ما كان بيتهم بأي حاجه بس دلوقتي هو اتحط في رقبته مهمه كبيره اوي، اكبر من تخيلاته اصلا، ومع اكتر شخص بيحبه، هل هيتصرف صح ولا مش هيتصرف، هيعمل ايه؟ 

فضل قاعد في عربيته للفجر بيفكر، هو خايف يفتح أي سي دي تاني أو هو اكتفي باللي شافه، ودلوقتي هو ندمان أن فضوله اتغلب عليه لأنه في ورطه كبيره، عمره ما اتوقع يتحط في ورطه زي دي أبدًا.....


عند صابرين 

كانت قاعدة في الصالون على الكرسي، ماسكه فنجان قهوه وهيا حاطه رجل على رجل بعد ما طلبت من سليمان يغير مكان الكراتين، ومستنياه ييجي يقولها أنه نقلهم، لكن كل ده اتبخر لما سمعت صوت خطوات سليمان بعد ما دخل عليها وهو بينهج من كتر ما كان بيجري ووشه اصفر وهو بيقول بخضه

"القفل.... القفل مكسور... حد دخل! وكتير اوي ناقص"

الكلمات وقعت عليها زي صاعقه، قلبها وقف لحظه، فنجان القهوة وقع من إيديها واتكسر، وقفت بحدة، وشها شحب كأن الدم انسحب منه وقالت بصوت واطي مليان رعب

"إيه؟! بتقول إيه يا سليمان؟!"

سليمان كان بيهز راسه بسرعه وقال

"أيوه يا ست الكل... القفل مكسور، والكراتين متلخبطه وناقصه... حد دخل أنا متأكد"

صابرين حسّت كأن الأرض بتتهز تحت رجلها، كل احتياطاتها، كل السنين اللي فاتت وهي حاطة قواعد صارمة عشان متقعش، دلوقتي اتضربت في مقتل.

همست لنفسها وهي عينيها بتلمع من الغضب والرعب

"مصيبه... دي مصيبه سودة... لو اتفتح اللي جوه الكراتين... هتبقى مصيبه"

رفعت عينيها لسليمان، بصت له بنظرة حاده

"اسمعني كويس يا سليمان... انقل اللي موجود دلوقتي، واقفلي المكان ده كأنه مكانش موجود، سامع"

سليمان بلع ريقه، رفع إيده بسرعه

"حاضر... حاضر يا ست الكل... اللي تأمري بيه"

صابرين قعدت تاني وهي مش قادرة تهدى، راسها مليانه ألف سؤال... ملامحها بارده بس مليانه خوف، جابت فونها وكلمت يونس، الفكره اللي جت في دماغها أول ما سليمان قال إن القفل مكسور كانت يونس، بس مفيش رد، كررت الاتصال تاني بنفس الرتابه، وكل محاولة كانت بتزود الخنقة جواها، رنت كتير لحد ما الفون اتقفل، عيونها بقت حمرا وفيها خوف حقيقي، ده اللي معملتش حسابه، كانت لازم تكون أسرع من كده، بس هيا هتحلها، هتحلها زي ما حلت كل المشاكل اللي قابلتها قبل كده.

فضلت واقفه في نص الصالون، إيديها متشابكه قدامها وعينيها بتتحرك يمين وشمال بسرعه، أول مره من سنين تحس إنها مش مسيطره، إن كل سيطرتها خرجت من إيديها، وكانت بتسأل نفسها، شاف ايه بالظبط وايه حالته دلوقتي؟ وهتقدر تسيطر عليه ولا ممكن يتمرد، سندت ايديها على أقرب كرسي كأنها محتاجة تتوازن، ورغم إنها دايمًا بتظهر قويه بس لأول مرة الخوف بياكلها من جوا، فتحت فونها ورنت على حد ثقه وبمجرد ما رد قالت بصوت حاد متوتر

"عايزه اعرف يونس فين حالًا، اعرفلي مكانه بسرعه"

سكت الراجل لحظه وبعدين رد 

"تمام، إديني نص ساعة وهبلغ حضرتك بكل تفاصيل تحركاته."

صابرين قفلت الموبايل من غير ما ترد بكلمه زياده، بس مستنيه على أحر من الجمر.


عند يونس

كان قاعد في عربيته، جسمه تقيل كأنه حجر، عينيه لسه شايفه المشهد قدامه مهما حاول يرمش أو يبص في اتجاه تاني، الموبايل بتاعه بيرن جنبه على الكرسي، لما شاف انها صابرين ضهره اتقوس لورا، قلبه اتقبض، رنت كتير بس هو مش قادر يرد، رنات وراها رنات، لحد ما حس إن دماغه هتنفجر، ولما شاف اصرارها عرف انها احتمال كبير تكون عرفت، اخد فونه وقفله، بس هو عارف إن قطع الاتصال مش حل، هو لازم يسبقها بخطوه، بص قدامه وحس إنه محاصر، لا عارف يرجع البيت، ولا عارف يروح لأي مكان، بس اللي عارفه ومتأكد منه إن حياته اتغيرت خلاص، وإنه مش هيقدر يكون نفس يونس القديم بعد اللي شافه، وان اللي عرفه غير جزء كبير منه، خلاه انسان اكبر وانضج وكأنه كبر ١٠٠ سنه مثلا، دلوقتي ممكن يكون زي تيم، تيم اللي حياته جحيم حرفيا، هيكون ضحيه لمامته زي ما تيم ضحيه طول عمره، مش هيقدر يعيش حياة تيم، هو اصلا طول عمره بيشفق عليه، طول عمره شايفه ضحيه ومش قادر يتدخل، دلوقتي بس هو حاسس بتيم، حاسس بالثقل اللي طول عمره شايله، بس هل هيسمح أن حياته كلها تبقى سجن زي تيم، هل هيسيب صابرين تجر بنات أكتر وتدمر حياة بنات تانيه كتير، ولا هياخد خطوه، هيكون جبان زي اخوه، وهيهرب زي سالي، ولا هيكون أكبر من الورطه اللي قدامه وهياخد فعل فعلا، مفيش قدامه وقت، لو صابرين عرفت أنه أخد كل ده ومشي وشافه، يبقى خلاص هتلاقيه خلال دقايق، اخد اخر سي دي اللي مقدرش يكمله من اللاب وحطه في جيبه، نزل من العربيه بسرعه وفتح شنطة العربيه، عينيه وقعت على كل الكراتين اللي بقت جرح مفتوح بالنسباله، فتحهم كلهم وسحب كل الملفات اللي كانت عباره عن معلومات شخصيه وطبيه للأشخاص اللي مكتوب اسمها، حاجات مرعبه تبين إن اللي بيحصل أكبر من مجرد "تجارة أعضاء".

وقف لحظه وبص حواليه، قلبه كان بيدق كأنه هيطير من صدره، مشي بعيد شويه ودور على مكان كويس وحفر فيه، حط الملفات والسيديهات اللي قدر ياخدها في الحفره وغطاها بالتراب كويس، وبعدين دور على حجر مميز شكله غريب وحطه فوق المكان عشان يكون علامه ليه، وقف بعدها، نفَض هدومه بسرعه وبص حواليه، رجع وركب عربيته ومشي.


عند صابرين

خرجت بسرعه من البيت بعد ما مكان يونس اتبعتلها، ركبت عربيتها وضغطت على البنزين جامد، الطريق كان كله توتر، لحد ما وصلت للمكان اللي اتقالها إن يونس موجود فيه، نزلت وبصت حواليها بس مفيش أي أثر ليه، مسكت الموبايل بعصبيه واتصلت بالشخص اللي جاب لها العنوان وقالت بغيظ

"إنت بتستهبل؟ فين يونس؟! المكان فاضي!"

صوته جه مرتبك

"والله يا هانم ده اخر مكان كان موجود فيه، بعد كده معرفش، هو غالبًا قافل فونه ومش هعرف أوصل أكتر من كده."

الكلام ده كان كفيل يعصبها، زفرت بغضب وغمضت عينيها بعنف، بس هيا عارفه هيا هتجيبه ازاي، هيا عارفه....


يونس كان سايق من غير هدف، رجله بس بتدوس بنزين وعينه على الطريق قدامه بس عقله مش معاه، النهار بدأ يبان بخطوط باهتة في السما وهو ولا حاسس بالوقت ولا حاسس بأي حاجه أصلا، بس كل اللي عارفه أنه مش هيرجع البيت أبدا وخصوصا دلوقتي، لف كتير لحد ما لقا أوتيل قدامه، ركن عربيته ونزل، دخل الريسيبشن وطلب حجز اوضه، الموظف فتح الكمبيوتر وبصله وقال

"تمام يا فندم، بطاقتك والكريدت كارد."

طلع يونس الكريديت والبطاقه، بس أول ما الموظف جرب يمرر الكريديت في الجهاز، طلع رفض، جرب تاني... نفس النتيجه.

الموظف رفع عينه وقال بحرج

"الكارت مش شغال يا فندم."

يونس قال بضيق 

" بس انا لسه مستخدمه"

الموظف اكتفى بهز راسه بأسف.

يونس خرج من الأوتيل بخطوات متوترة، ركب عربيته بملل، عرف أن اكيد صابرين هيا اللي وقفت الكريديت، كده هيا بتمسكه من أيديه اللي بتوجعه، وهو عارف إنها ممكن تجيب مكانه في أي وقت، خطواته مكشوفه قدامها زي كتاب مفتوح، بس فكرة إنه يواجهها دلوقتي مستحيله، مش مستعد.

مد راسه على ضهر الكرسي وغمض عينيه، اخد نفس عميق كأنه بيحاول يطرد الأفكار اللي بتكتمه.


العصر في المستشفى

يسر راحت لفريده وقالت وهي ماسكه موبايلها بقلق

"برن على يونس ومش بيرد."

فريده رفعت راسها وبصتلها ببرود

"وانتي بترني ليه؟ مش خلاص مش عايزاه؟"

يسر اتنهدت وقالت بنبره فيها حيره

"منا بكلمه علشان أقوله قراري... بس مقفول من الصبح."

فريده شبكت إيديها وقالت بهدوء مزيف

"ممكن يكون نايم، بيسهر طول الليل وبيرجع البيت الصبح."

يسر عضّت شفايفها وقالت

"بس يعني... قافله ليه؟"

فريده ردت 

"ابقي كلميه بالليل يا يسر"


عند يونس...

فتح عينيه ببطء وهو بيفتح عينيه بصعوبه، لقا نفسه كان نايم مكانه، اتعدل في الكرسي وهو بيستوعب هو فين وحاول يسترجع للواقع.

شد نفسه على الكرسي، مسح على وشه بأيديه واتحرك من مكانه.

قطع مسافة طويله وهو سايق من غير ما يحدد وجهته بالظبط، لحد ما فجأه لقا نفسه واقف قدام المستشفى اللي شغاله فيها يسر.

وقف مكانه لحظه، عينيه على المستشفى، إيده ماسكه الدركسيون بقوه، حس بخنقه بس ركن على جنب، نزل بخطوات تقيله ودخل بخطوات سريعه، دور عليها لحد ما لقاها واقفه مع فريده، قرب منهم ونده

"يسر"

فريده ويسر بصوله، يسر قربت وقالت

"يونس، كويس إنك جيت... كنت برن عليك بس فونك مقفول."

تجاهل كلامها وقال بصوت واطي مشحون

"عايزك ثواني."

يسر قالت بنبره متحفظه

"في إيه؟"

فريدة قربت وهي شايفه التوتر واضح على وشه وقالت

"يونس؟ في إيه؟"

يونس بصلها بنظره قاسيه قصيره وقال

"مفيش... عايز يسر بس."

يسـر ردت بحزم 

"طب قول عايز إيه؟ أنا مش هقدر أخرج."

فريدة بسرعة قالت 

"روحي معاه، هغطي عليكي."

يسر اترددت لحظة، بس شافت حاجة عينيه خلت صوتها يلين

"تمام... ثواني، هغير هدومي وجايه."

يونس قال بصوت متحشرج 

"تمام متتأخريش."

يسر انسحبت بسرعة وفريدة وقفت قدامه وسألته

"مالك؟"

يونس قال بحده

"فريدة، متسأليش، سيبيني باللي أنا فيه."

فريده قربت أكتر وقالت 

"تعرف إن مامتك كلمتني وسألت عليك."

يونس قلبه دق جامد وسأل بتركيز

"قولتلها إيه؟"

ردت

"هقول إيه يعني؟ قولتلها معرفش."

يونس شد نفسه وقال بسرعه

"متقوليلهاش إني جيت هنا."

فريده سألته بقلق

"طب ممكن تفهمني في إيه؟ إيه اللي عملته يخليها تسأل عنك كذا مره وتكون قلقانه كده؟"

يونس سكت لحظه وهو بيبص حواليه وبعد كده بصلها وقال بقهر

"مسمعتش كلامك... دورت وراها وعرفت اللي انتوا عارفينه، واللي انتوا مش عارفينه حتى... كله."

فريدة قلبها وقف لوهله وبعد كده بصتله بصدمه وقالت

"يونس؟ إنت بتتكلم بجد؟"

رد بصوت شاحب

"ياريتني كنت بهزر، ياريتني في كابوس... بس إزاي سكتي؟ انتي وسالي إزاي عملتوا زي تيم؟ أنا مش هقدر أكون زيكوا، انا اه مش مستوعب اللي انا فيه دلوقتي بس اكيد مش هكون سلبي زيكوا"

فريدة حاولت تتكلم بس يونس قاطعها 

"هتقوليلي دي مامتك ومش هينفع تعمل حاجه، بس لو أنا معملتش هيا هتعمل، بنات تانية هتموت، يا ترى لو مقدرتش أسيطر، هتقتلني أنا كمان؟ ده اللي عايز أعرفه، وعايز أشوف هي بتحب نفسها لحد فين، ولو تقوليلي مش هتقدر تقف في وشها تبقى غلطانه، كلكوا شايفين وجودي زي عدمه، عمرها ما توقعت اني اعرف حاجه زي دي، بس عرفت"

يسر جت وقالت بصوت هادي

"يلا؟"

يونس هز راسه ببطء ومشي ويسر مشيت وراه، فريدة وقفت ثواني متجمده مكانها ومش عارفه تعمل ايه....


يسر خرجت وهيا بتدور بعينيها على الموتوسيكل بس فجأه لقت يونس واقف قدام العربيه وفاتحلها الباب، بصتله باستغراب وقالت

"فين الموتوسيكل؟"

رد بجفاء

"مش معايا، اركبي."

ركبت بسرعة وهو ركب مكانه واتحرك، بعد كام ثانيه سألت

"رايح فين؟"

مردش على طول، سكت لحظه وبعد كده قال

"مش عارف."

ردت بسرعه

"طب في إيه؟ وليه حساك متغير؟"

وقف العربيه، حط رجله على ركبته وهز رجله بتوتر واضح، اخد نفس طويل طلعه على مراحل وقال بصراحه هيا مش متعوده تشوفه بيها

"أنا دلوقتي في أضعف وقت، بس إنتي أول واحده جيتلها لما حسيت إني ضعيف، حسيت إني مش عارف أروح فين، لقيت نفسي عندك، مش عارف أقولك إيه، مش عارف حاجه، بس أنا فعلاً مش أنا، وبس جيتلك لما حسيت إني ضعيف."

يسر قالت باستغراب

"في إيه؟ أول مرة أشوفك كده."

يونس بصلها ببرود وحزن 

"معتقدش إنك ممكن تشوفي يونس القديم تاني... أنا بقيت واحد جديد."

يسر مسكت إيديه برفق وكأنها بتحاول تهدّيه وقالت

"أهدى طيب، ممكن تقولي حصل إيه وليه بتقول كده؟"

غمّض عينيه لحظه، وبعدين قال بصوت واطي مشوش

"انتي فكرتي في الكلام اللي قولتهولك امبارح؟"

يسر سكتت شويه، قالت بهدوء

"مش وقته دلوقتي يا يونس، خلينا فيك انت."

بصلها وقال 

"يبقى انتي مش عايزاني."

ردت بسرعه

"قولت سيبك من الموضوع ده دلوقتي، اعتبرني صاحبتك دلوقتي وقولي ايه اللي مضايقك."

قال بحزم

"يسر، أنا عايز جواب دلوقتي، حالًا."

يسر سكتت لحظة، وبعدين اخدت نفس عميق، بتحاول تجمع الكلمات قبل ما تنطق...


عند صابرين 

كانت قاعده على أعصابها، عينيها كل دقيقة بتبص على الباب كأنها مستنية يونس يفتح ويدخل وهيا بتقول لنفسها

"أكيد هيرجع البيت... هيروح فين يعني... مسيره يرجع."

الباب اتفتح، تيم دخل بخطوات هادية كعادته، صابرين وقفت بسرعه، ملامحها مشدودة وقالت بلهفة

"تيم! يونس كلمك؟"

هز راسه بهدوء

"لاء"

سألت

"ولا جالك؟"

"لاء"

سألت تاني

"متعرفش ممكن يكون فين دلوقتي؟"

رد بنفس البرود

"لاء"

صابرين اتنرفزت، صوتها علي شويه

"يونس أخد حاجة مهمه ومظهرش لحد دلوقتي!"

تيم رفع عينه ليها بهدوء مستفز

"هييجي... أكيد."

قالت بغضب

"إنت بارد كده ليه! بقولك خد حاجة مهمة!"

رد بسخرية لاذعة

"هيا جت عليه؟ وبعدين يونس ضعيف، ويتضحك عليه بكلمتين... مش ده كلامك؟"

صابرين قالت بغضب وغيظ

"تيم... مالك؟ في إيه؟ اتظبط!"

ابتسم ابتسامة باهتة وقال ببرود

"يبقى متدخلنيش في دي كمان... لأني مش هفيدك، دلوقتي أنا بقيت إنسان بلا مشاعر."

قال كلمته وبدون أي اهتمام مشي من قدامها وطلع أوضته، قفل الباب وهو بيفتكر امبارح، لما شاف يونس وكان بيراقبه من غير ما ياخد باله، بس متدخلش، ابتسم لنفسه ابتسامة غامضة ومبقاش فارق معاه أي حاجه...

يتبع.....

بارت 41



يسر قالت بعد تفكير واضح وصوتها فيه تردد

"يونس، انا كنت لسه خارجه من علاقه مؤذيه قريب، وانت جيت وبتقولي ادخلي في علاقه تانيه في وقت انا مش قادره اتقبل فيه اي حاجه."

يونس سكت لحظه وبعدين قال وهو بيحاول يخفي اللي جواه

"ردك وصل... انا اصلا مستاهلكيش، يعني انتي ايه اللي يخليكي تقبلي واحد زيي؟ انا اصلا عايز اسحب كلام امبارح، قولته في لحظة عدم وعي"

يسر اتصدمت، بصتله بذهول وقالت

"بس يونس! ده مكانش قصدي... انا بجد مش معترضه عليك كيونس، انا مش عايزه ادخل علاقه تانيه، مش قادره أو مش متقبله"

يونس ابتسم ابتسامه باهته وقال

"فهمت، ربنا يوفقك... اوصلك فين؟"

يسر قالت بصوت متوتر

"يونس!"

بس هو كان باصص قدامه، ملامحه جامده، قال

"مفيش داعي نتكلم في حاجه تاني، انا فاهم كل اللي قولتيه، وانا بقولك اهو... انا شخص غير مسؤول، مشاكلي كتير جدا، صعب حياتي تكون مستقره، وانتي... انتي حتى لو فكرتي ترتبطي، هتختاري حد صح، حد حياته مستقره، مفيهاش مشاكل، وانا مش الشخص ده، هاا... اوصلك فين؟"

يسر فضلت ساكته، مردتش، فرفع صوته وهو بيحاول يبان عادي

"البيت ولا المستشفى؟!"

بصتله يسر بعين مليانه دموع، مدت ايديها وفتحت باب العربيه وقالت بهدوء

"مفيش داعي."

ونزلت من العربيه، خطواتها كانت تقيله كأنها سايبه وراها كلام كتير ما اتقالش بس غصب عنها.

يونس غمض عينيه بألم، قلبه بينزف، بس مد ايده بسرعه على الدركسيون واتحرك بالعربيه بعصبيه، رجليه داست على البنزين بقوه كأن الهروب هو الحل الوحيد.


رجع البيت وهو متلغبط، عينيه حمره وحاسس بتعب، وشه كان مليان غضب واشمئزاز، دخل الصالون، صابرين كانت قاعده على الكنبه، اول ما شافته قامت بسرعه، جريت ناحيته ووقفت قصاده، بصتله بترقب وخوف، قالت بصوت مش ثابت

"يونس؟ كنت فين كل ده؟ فاكر هتعرف تهرب مني يعني؟"

يونس وقف، رد ببرود قاسي

"المفروض مين اللي يهرب اصلا؟"

صابرين اتوترت اكتر، سألت بسرعه

"يونس... انت شوفت ايه؟"

يونس ضيق عينيه وقال بحده وغضب

"شوفت حاجات مكنتش اتخيل أمي تعملها حتى في احلامي، شوفت قد ايه احنا عايشين مع واحده مجرمه... قاتله."

صابرين اتلغبطت وحاولت تبرر

"يونس، انت مش فاهم حاجه، اللي شوفته ده كان..."

قاطعها بعنف

"كان قرف! كان جُرم كبير لو فاكره انك هتفلتي منه تبقي غلطانه، ولنفترض قدرتي تحمي نفسك في الدنيا... طب وبعد كده؟ البنات دول فاكره مش هيعرفوا ياخدوا حقهم منك؟ يا ترى كام بنت؟ من تلاتين سنه فاتوا لحد دلوقتي، قدرتي تستدرجي كام بنت؟ تستدرجيهم في بيت انتي اصلا مانعه فيه دخول أي بنت! متقوليش انك كده كنتي بتحاولي تبعدي الشبهات عن نفسك لما تمنعي تدخلي بنات البيت!"

صابرين رفعت صوتها وهي بتحاول تدافع عن نفسها

"يونس، انا عملت كل ده عشانكوا!"

يونس ضحك ضحكه مليانه مراره وقال

"عشان مين؟! انتي بتقولي ايه؟ يعني احنا اللي قولنالك تروحي تعملي كده؟"

قالت بعناد

"كنت عايزه أأمن مستقبلكوا... اجيبلكوا فلوس."

صرخ فيها

"لاء وانتي ناقصه! جوزك كان مليونير! وتقولي عايزه فلوس؟ فاكراني لسه صغير هتضحكي عليا؟"

صابرين هزت راسها وقالت بإنفعال

"انا مش بكدب! ابوك كان بخيل... بخيل جدا، وانا كنت عايزه اعيش زي كل الناس، مكانش بيسيب فلوس غير على القد، يادوب بتكفي!"

يونس صرخ بصوت عالي

"بتكفي! قولتي اهي بتكفي! بس ازاي نرضى؟! انتي مش بني آدمه... انتي شيطان! انا مش قادر استوعب حاجه! حاسس اني في كابوس... كابوس وحش اوي."

صابرين بصتله وقالت

"يونس، انا قولتلك غصب عني... وبعدين اللي شوفته انا مليش دعوه بيه، انا بس... كنت ببعت البنات دول مش اكتر."

يونس بصلها بصدمه، قال بضحكه مليانه قرف

"بس كده؟! يلهوي... ظلمتك، تصدقي ظلمتك بجد، لا كنتي روحتي فضيتيهم كمان عشان تبقي كملتي."

قعد فجأه، حط راسه بين ايديه، صوته خرج متكسر

"ازاي؟ ازاي امي تكون مجرمه كل ده؟ وانا فاكر انك... انا مش قادر اصدق، قولي إن اللي شوفته مش حقيقي، قولي فوتوشوب... أي حاجه."

صابرين قالت بهدوء بارد

"لا يا يونس... حقيقي، بس اللي شوفته تنساه، ولا كأنك شوفته، انا كان لازم يكون معايا أدله زي دي تدمر كل الناس اللي شغاله معاهم لو فكروا يأذوني، علشان كده انا كل يوم بكبر ومحدش بيقدر يقربلي، ولو في يوم حد فكر ينهيني هنهيه"

يونس بصلها، صوته مبحوح ومليان وجع

"انسى؟! يا ريت! بس اللي شوفته ده ما يتنسيش... ولا بعد ١٠٠ سنه حتى، مش معقول بعد كل ده لسه خايفه على نفسك! بتطلبي مني انسى؟ طب اتفضلي... نسيني اللي شوفته!"

قالت بحزم

"ياريت اقدر... بس اللي حصل حصل، واحنا لسه فيها، انت هتنسى... ومش بمزاجك."

يونس بصلها بتحدي وقال

"ولو منستش؟ هتعملي ايه؟ هتبعتيني ليهم؟ طب يلا... لأني مش هنسى! ومش هسكت! مش هقدر اسكت! حتى لو كنتي امي... ولو اني نفسي اتبرى منك دلوقتي حالا... بس للأسف."

صابرين شدت نفسها وقالت بصرامه

"يونس... اطلع اوضتك، ومتخرجش منها ابدا، واي حاجه انت عايزها هتكون عندك."

يونس هز راسه وقال بسخريه

"هتحبسيني يعني؟ ياربي... هتعملي فيا زي تيم؟ بس انا والله مش تيم، بكره هتشوفي ايه اللي هيحصل، كل حاجه هتبان"

صابرين طنشت كلامه وسألت بجديه

"فين اللي خدته؟"

يونس رد بسرعه

"متقلقيش... اول ما دخلت سليمان راح يشوفهم... هتلاقيه خدهم."

قالت بصرامه

"اطلع على اوضتك."

يونس وقف، صوته كان هادي بس مليان تهديد

"هطلع... بس الموضوع مخلصش."

طلع السلم بخطوات سريعه، صابرين طلعت وراه، اول ما دخل اوضته قفلت الباب من بره بالمفتاح.

صابرين اتنفست بارتياح وكأنها شالت حمل تقيل من على قلبها، نزلت بخطوات هاديه لحد ما وصلت للصالون، نادت على سليمان ولما جه وقف قدامها، قالتله بنبره فيها توتر واضح

"اتأكدت إن كلهم موجودين؟"

رد عليها سليمان وهو بيحاول يخلي صوته ثابت

"لسه، أنا خدتهم بس ونقلتهم المكان الجديد."

صابرين رفعت حواجبها وضغطت على كلامها وهي بتبصله بنظرات صارمه

"اتأكد الأول، وبعد كده انقلهم."

هز راسه بسرعه وقال بخضوع واضح

"تحت أمرك."

وبعدها خرج بهدوء.


يونس قعد على السرير بعد ما سمع صوت الباب بيتقفل من بره، قعد شويه وهو حاسس بزهد غريب، كأن الدنيا كلها فقدت قيمتها في لحظه، مد إيده لجيبه وطلع الفون، ضغط على زرار الباور لقاه فاصل شحن، اتنهد بغيظ وهو بيدور حواليه على الشاحن بس مكانش ليه أي وجود، وقف في نص الأوضه عينه بتلمع من الغضب والخذلان، وهز راسه كأنه استوعب الحقيقه، اكيد هي اللي شالته.

رمى الفون على الكومود بعصبيه ورجع تاني يمدد على السرير، بص للسقف وبيفكر جديًا ازاي ممكن يخرج من هنا.


عند فريده

كانت قاعده في البيت، مجهزه الغدا وحاطه السفره وهيا مستنيه حسام يرجع، الوقت عدى عن المعتاد وهو لسه موصلش، كل شويه تبص في الساعه وترن عليه بس بدون جدوى، لحد ما أخيرًا سمعت صوت المفتاح في الباب.

دخل حسام وقال بهدوء

"مساء الخير"

بصتله بسرعه وقالت بنبره مليانه عتاب

"كنت فين كل ده؟"

رد وهو بيحاول يخلي صوته عادي

"كنت عند ماما."

رفعت حواجبها وقالت

"من غير ما تقولٍِي؟"

ابتسم ابتسامه باهته وقال

"مش انتي قولتي هتخلصي شغلك متأخر، قولت اروح عندها بما إنك راجعه متأخر عن كل يوم."

قالت بحده خفيفه

"طب برن عليك مش بترد ليه؟"

قال باستغراب وهو بيبص في فونه

"بجد؟ آسف، مسمعتش الفون."

قالت وهي بتحاول تمسك أعصابها

"ولا حتى كلمتني النهارده زي كل يوم."

اتنهد وقال

"كان عندي ضغط شغل."

رفعت إيدها كأنها مش مصدقه وقالت

"مش مبرر، انت حتى لو ١٠٠ مشغول، بتكلمني حتى لو ثانيه."

قال وهو بيحاول يوضح

"أنا فعلًا آسف، بس أنا مكنتش فاضي خالص"

ردت ببرود

"تمام."

قال وهو ماشي ناحية الأوضه

" تصبحي على خير."

بصتله بذهول وسألته

"مش هتتغدى؟"

قال بسرعه وهو داخل الأوضه

"اتغديت عند ماما"

دخلت وراه بخطوات متردده وقالت

"بس أنا مستنياك كل ده"

لفلها وقال

"وماما كانت هتزعل لو مكنتش اتغديت معاها."

سكتت لحظه وقالت بنبره مكسوره

" اممم، تمام."

بصلها وقال بقلق

"متقوليش إن دي حاجه ضايقتك؟"

ردت بسرعه

"وانت شايف إنها مش تضايق يعني؟ مش شايف إنك نسيتني النهارده؟"

مسك راسه وقال

"انتي بتتضايقي من تدخلي المبالغ فيه بيكي، وانتي اللي قولتيلي سيبني اهدي يومين... ده اللي أنا بعمله يا فريده، مش عايز اضغط عليكي."

قالت بصوت مبحوح

"فتقوم ناسيني خالص؟ كأني مليش وجود؟"

رد بحزم وهو باصصلها

"ومين قال كده؟"

اتنهد بعمق وقال بصوت مرهق

"فريده، أنا مش فاهمك، ومش فاهم انتي عايزه إيه... ومش عارف حتى أعمل إيه."

فريده وقفت لحظه ساكته، ملامحها مليانه عتاب وزعل وهي مش قادره ترد بكلمه، خرجت بهدوء من الاوضه من غير ما تبصله، وبدأت تلم السفره.

حسام اتجمد مكانه ثواني كأنه بيفكر، وبعدين خرج بسرعه من الأوضه، وقف قدامها ومد إيده، مسك إيدها ومنعها وهي ماسكه طبق.

بصلها بعيون مليانه ندم وقال

"فريده... استني."

اتسمرت مكانها، قرب منها أكتر وقال بهدوء

"أنا آسف... تعالي نقعد ناكل سوا"

قالت وهي بتحاول تسحب إيدها

"بس انت قولت اتغديت عند مامتك."

شد إيديها أكتر وقال بابتسامه خفيفه فيها اعتذار

" حتى لو، أنا هاقعد آكل معاكي... عشان انتي مأكلتيش من الصبح."

قالت وهي بتحاول تبعد إيديها للمره التانيه

"أنا مش عايزه آكل."

قرب منها أكتر وبص في عينيها بإصرار وقال

" لاء، هتاكلي"

ردت بضيق 

"قولتلك مليش نفس."

رد بإصرار

"وأنا قولتلك هتاكلي... على الأقل معايا"

فضل ماسك إيدها ومتحركش، لحد ما اضطرت تبصله، نظراته كانت مليانه إصرار وحنان في نفس الوقت، أخد الطبق من إيدها ورجعها تقعد على الكرسي بهدوء، وقعد قصادها.

مد إيده على السفره وبدأ يأكلها بنفسه، فريده فضلت ساكته لحظه، وبعدين غصب عنها ابتدت تمد إيديها للأكل وحسام فضل معاها طول الوقت.

بعد شويه، حسام قال بهدوء

" ماما وبابا وخالتو وجوزها وريم بنتهم جايين آخر الاسبوع."

فريده رفعت راسها بسرعه وقالت بابتسامه

" بجد؟ ينوروا."

حسام بصلها وهو متردد وسأل

"يعني مش هتتضايقي إنهم هييجوا في يوم الاجازه؟"

قالت بهدوء 

"أكيد لاء، دول أهلك"

سألها بتردد

"يعني أكلم ماما وأقولها خلاص؟"

فريده استغربت شويه وقالت

"انت مش قولت جايين؟"

ضحك بخفه وهز راسه

"بس أنا مأكدتش، قولت لازم أخد رأيك الأول، انتي صاحبة القرار"

في اللحظه دي قلبها دق، حست انه مش بيعتبرها موجوده، هو بيعتبرها واحده ليها رأي وبيحترمها جدا، بصتله بابتسامه واسعه وقالت

" انت اللي صاحب القرار مش أنا، اكيد مش هيكون عندي أي اعتراض على اي حاجه تقولها" 


عند صابرين 

كانت قاعده على أعصابها من ساعة ما سليمان رجع وقالها إن الملفات مش موجوده، الدم غلي في عروقها، طلعت بسرعه على أوضة يونس، فتحت الباب ولقت يونس ممدد على السرير، عينيه سابحه في السقف وكأنه مش في الدنيا.

قربت منه وسألت بجمود

"فين الملفات؟"

يونس متحركش، ولا حتى فتح بقه.

حاولت تهدي نفسها وقالت بهدوء بارد

"وديت الملفات فين يا يونس؟"

بصلها للحظه من غير ما يرد ورجع بص لفوق تاني

ابتدت تفقد أعصابها أكتر وقالت

"بسألك سؤال."

اتعدل في قعدته وبصلها وقال ببرود

"معرفش بتتكلمي عن اي."

قالت بعصبيه واضحه

"مش عايزه استهبال، فين الملفات؟"

قال ببرود

"أنا قولت اللي عندي."

زفرت بغضب وقالت بصوت أعلى

"فين الزفت، حطيتهم فين واخدتهم ليه!"

ابتسم بسخريه وقال

"لما تعلي صوتك مش هخاف، واللي عندي قولته... اتفضلي يلا."

شدت نفسها وقالت وهي بتحاول تسيطر على غضبها

"هتروح مني فين يا يونس؟ أديك موجود أهو، ومش هتخرج من هنا طول ما انت مش راضي تتكلم."

رد بثبات

"قولت... اتفضلي."

صابرين خرجت من أوضة يونس بغيظ باين، قفلت الباب وراها بعنف وهي بتحاول تكتم عصبيتها، لقت تيم واقف قدامها ساند على السور، عينيه متابعه كل اللي حصل من بعيد، وقفت قدامه وقالت

"ادخل عقله، علشان أنا كده جبت آخري."

تيم هز راسه ببرود وقال بنبرة قاطعه

"قولتلك مليش دعوه... متدخلنيش."

قالت بغيظ

"يارب يصبرني عليكوا... هموت منكوا."

تيم قرب من أوضة يونس، وقف قدام الباب وخبط بخفه وقال بصوت واطي

"يونس؟"

يونس قام بكسل، حاول يفتح الباب وهو متنرفز وقال بحده

"عايز إيه إنت كمان؟"

تيم اتنهد وقال بجديه

"إنت كان مالك ومال كل ده؟ ده أنا كنت بحسدك."

يونس قال بنبره مليانه سخريه 

"ما انت حسدتني بقا خلاص... عليه العوض."

تيم قال وهو بيحاول يسيطر على صوته

"لو كابرت... هتفضل محبوس كده."

يونس رفع حواجبه وقال بتحدي

"عايزني أبقى زيك يعني؟ وأعيش حياتك المقرفه دي؟"

تيم اتجمد في مكانه، صوته طلع فيه غصه

"ولما إنت مش عاجبك حياتي المقرفه... دورت ليه وعرفت حاجات مكنش لازم تعرفها؟"

يونس قال ببرود

"وانت عارف أنا عرفت إيه."

تيم ابتسم ابتسامه باهته وقال

"أنا عارف كل حاجه يا يونس... أنا مش أهبل، بس غصب عني."

يونس قال بتحذير 

"عيد تفكيرك... لازم تعيد تفكيرك في نفسك."

تيم رد بنبره فيها يأس

"خلاص بقا... بعد إيه؟"

يونس سكت لحظه بعدين قال بجديه

"يعني مش هتساعدني أخرج من هنا؟"

تيم زفر وقال

" لو هعرف هخرجك، خليها بظروفها."

يونس ابتسم بخفه وقال وهو بيرجع لمكانه

" ابقى شقَر عليا."


تاني يوم في المستشفى

يسر كانت قاعده جنب فريده، صوتهم واطي والقلق باين على ملامح يسر.

فريده قالت وهي بتبصلها باستغراب

"وانتي كنتي فاكره إيه؟"

يسـر ردت بعد لحظة تردد

"أنا استغربت شويه يا فريده... يعني حسيت إنه مش يونس أصلًا."

فريدة عقدت حواجبها وقالت بهدوء

"وهو بنفسه قالك إنه اتغير... قالك إنه بقا يونس تاني."

يسـر هزت راسها وقالت بحيره

"وإيه سبب التغيير ده؟ يعني ليه؟"

فريده قالت بهدوء

"إنتي فكرتي إنه هيتمسك بيكي أكتر... وإنه مش هيسيبك."

يسـر اتنهدت وقالت

"قولت ممكن حتى يصبر عليا."

فريده ردت بحده خفيفه

"يصبر عليكي في إيه أصلًا يا يسر؟ واحد قولتيله مش مستعده ومش عايزه، هيعمل ايه يعني؟!"

يسـر رفعت عينيها ليها بسرعه وقالت

"قولتله إني مش قادره ارتبط تاني... مش إني مش عايزاه."

فريدة بصتلها بتركيز وقالت

"يسر... يمكن هو عنده ظروف مثلًا، انتي عارفه برضو ان مامته مانعه أي بنت تدخل البيت."

يسر رفعت حاجبها وقالت بسرعه

"مش هيا مانعه تيم بس؟"

فريده اتنهدت وقالت

"آه... بس ممكن تكون مانعه يونس ياخد خطوه زي الجواز مثلًا، يعني هو أكيد مش هيكسر كلام مامته."

يسر سألت بقلق

"تفتكري كده؟"

فريده هزت راسها وقالت بحزم

"آه ليه لاء؟ وخلاص… اللي بينكوا خلص من قبل ما يبدأ حتى، سيبيه ولو حاول تاني... إديله فرصه"

يسر بصتلها بتوسل وقالت

"فريده... لو عارفه حاجه قوليلي وريحيني."

فريده وقفت وهي بتعدل الاسكراب بتاعها وقالت

"وأنا قولتلك اللي أعرفه، يلا هروح أشوف مريض غرفه ٧."

ومشيت وسابتها بتفكر.

في نهاية اليوم

يسر رجعت البيت اخيرا بعد يوم طويل، وقفت قدام الباب، طلعت المفاتيح من شنطتها وقبل ما تحط المفتاح في الباب، فجأة الباب اتفتح من جوه، وخرجت منه ياسمين أختها بخطوات سريعه، يسر وقفت متفاجئه والمفاتيح وقعت من ايديها....

يتبع......

تكملة الرواية من هنااااااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا

 

تعليقات

التنقل السريع