رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثالث والاربعون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثالث والاربعون بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
يسر وقفت مصدومة، عينيها ثابتة على ياسمين كأن الزمن وقف للحظة، ياسمين اتفاجئت، وشها اتغير بسرعة، بس انسحبت بسرعة من غير ما تبص وراها ولا تنطق بكلمة، وكأنها عايزة تهرب من المواجهة.
يسر حوّلت نظرها فورًا لمامتها اللي كانت واقفه ورا الباب، عينيها فيها غضب وحزن وصوتها متقطع
"ده بجد؟"
مامتها وقفت قدامها، حاولت تبقى هادية رغم ارتباكها
"يسر، كان لازم أشوفها، كان لازم أتطمن عليها، دي مهما كانت بنتي."
يسر قالت بنبرة كلها مرارة
"يعني سامحتيها؟ نسيتي اللي عملته فيا؟"
مامتها زفرت تنهيدة طويلة وقالت بعاطفة واضحة
"دي بنتي برضو يا يسر، مش هقدر أستغنى عنها وأسيبها، مش هقدر أعيش من غير ما أتطمن عليها وأشوفها عايشه ازاي"
يسر وقفت مذهولة، صوتها طلع مخنوق
"بجد؟ يعني بسرعة كده نسيتي اللي عملته؟ ده بجد؟"
مامتها قالت وهيا بتحاول تشرح لها وجهة نظرها
"افهميني يا يسر، دي بنتي، لما تبقي أم وقتها هتفهميني."
يسر ضحكت ضحكة قصيرة بسخرية مليانة وجع
"أم إيه بقى؟ البركة فيها حولت يومي لكابوس، وبعد كل ده كأنها معملتش حاجة؟ مش قادرة أصدق."
يسر مستنتش رد، طلعت بسرعة على أوضتها، ومامتها بتنادي بس هيا مردتش.
عند ياسمين
رجعت البيت، محمد اول ما سمع الباب بيتقفل راح بسرعه وسألها بلوم
"اتأخرتي كده ليه؟ كنتي فين كل ده؟"
ردت ببرود
"كنت في الشغل، هكون فين يعني؟"
قرب منها وسأل بإصرار
"بس انتي اتأخرتي النهارده؟ كنتي فين؟"
دخلت الاوضه وهي بتحاول تقصّر الكلام وقالت بملل
"ما قولت في الشغل، خلصنا بقى."
محمد قال بحدة خفيفه
"ياسمين صوتك... مش شايفه انك زودتيها؟"
وقفت، لفت وشها ناحيته وقالت بصوت مقطّع من الانفعال
"محمد، ابعد عني دلوقتي، علشان انا لا طايقه نفسي ولا طايقاك."
دخل وراها وهو مصِر يكمل الكلام
"مش شايفه انك مزوداها، بالرغم اني بعملك كل حاجه بتتمنيها وبسعى لرضاكي"
ردّت عليه ببرود محتد
"انت معملتش حاجه زياده ولا بتجبي عليا، بالعكس... انت لسه عندك نقص."
الكلام ده خلّاه ينفعل أكتر، قال بصوت عالي
"بعد كل ده؟ ده انا خليت ماما واخواتي البنات يسيبوا الشقة عشانك، فرشتها من جديد على زوقك وروحت جبتك بنفسي ورديت كرامتك قدام أي حد ضايقك، كل ده ولسه... لسه عايزه إيه تاني؟"
ياسمين وقفت قدامه، وبصوت فيه مراره قالت
"ده واجبك، المفروض كان يحصل من زمان، بس انا كنت بقدّم تنازلات، يعني ده جاي متأخر، وانت بس بطل ترمي ودنك لامك واختك، وساعتها هترتاح وتريح."
محمد زفر بحنق وقال
"انتي عايزه ايه تاني بعد كل ده؟ انتي مش عامله ليا وجود فعلا وبتتصرفي دايما بمزاجك، والله أعلم هتعملي ايه بعد كده، وانا مش بسمع كلام حد، انا شايف بعيني اهو."
ياسمين وقفت دقيقة، جمعت كلامها وردت بسخرية قاسية
"ده كلام اختك آيه صح؟ طيب ايه رأيك لو جبتلها عريس ييجي ياخدها وتغور معاه بدل ما بقت بايره ومحدش راضي يبص في وشها؟ ولو إني هشفق عليه بس هرتاح من خلقتها، لأنها طول ما هيا موجوده في نفس البيت بحس بخنقة."
محمد قال بتحذير وهو بيقرب منها
"ياسمين، خدي بالك من كلامك، انتي مفكرة نفسك مين؟"
متراجعتش، بصتله بمرارة وصرامة
"انا، انا يادوب اللي بشتغل وبصرف على البيت اللي انت مش قادر تكفيه، انا اللي سيبت العز اللي كنت فيه وجيت قعدت هنا في القرف ده والفقر ده عشان حد ميستاهلش."
الكلمات دي خلّت غضبه ينفجر، مقدرش يتحكم في نفسه ولا غضبه، ضربها على وشها جامد وهو مش شايف غير اهانتها ليه.
عند فريده
خرجت من المستشفى ولقت علي واقف مستنيها بره، بصله باستغراب هو قرب منها بابتسامه هاديه وقال
"ازيك يا فريده؟"
ردت بابتسامة بسيطة
" الحمد لله تمام، في حاجه؟"
هز راسه وقال بحذر
"لا لا متقلقيش، مفيش حاجه... انا بس جيت اتكلم معاكي شويه."
فريده بصتله وسألت باستغراب
"تتكلم معايا في ايه؟ خلاص كتب كتابكوا بكره، يعني مفيش حاجه تحاولي تلين دماغي بيها."
علي حمحم وبدأ يتكلم بصوت واطي
"فريده... انتي عارفة اني أرمل ومش بخلف، ومراتي ماتت بدري، عيشت عمري كله لوحدي من غير حد، تعرفي ده طبعًا، مش كده؟"
فريده قالت
" امممم... وبعدين؟"
علي قال بهدوء
" حبيت استقر واعيش بعد كتير اوي، قولت اني مش عايز اموت لوحدي، ولما شوفت ايناس حسيتها شبه مراتي، فكرتني بيها وده اللي شدني ليها جدا، كانت بنفس الطيبة ونفس كل حاجه... بس معرفتي بيها مكانتش سهلة، كنت بتعب عشان أقنعها اني بحبها فعلا، هي كانت رافضة في الاول، بس مع الوقت بدأت تلين، كنتوا انتوا اول حاجه في بالها، بس قولتلها نعرفكوا في الوقت المناسب، بس للأسف انتي عرفتي قبل ما نقولك، ويمكن ده سبب التوتر بيني وبينك."
فريده بصلته وقالت بحيره
" وبتحكيلي الكلام ده دلوقتي ليه؟"
علي بص قدامه وقال بضيق
" لأن ايناس لسه حاسة انك مش مرتاحة، وكانت بتفكر كتير تلغي الموضوع، وانا قولتلها انا هتصرف، قوليلي يا فريده لو الموضوع مضايقك واحنا نلغي، لاني مش هقدر اعمل حاجه غصب عنك انتي او عن ايناس حتى لو روحي فيها، بس مشاعرك انتي اهم"
فريده سكتت لحظة، اخدت نفس طويل وردت بصدق مخلوط بتردد
"يمكن الطريقه اللي عرفت بيها مكانتش لطيفة، ويمكن في الاول مكنتش متقبلة ان ماما تتجوز واسلام كمان يتجوز وابقى لوحدي، بس اللي حصل اني اتجوزت قبلهم اصلا، فدلوقتي كل حاجه اتغيرت، واظن جوازكوا مناسب، انا مش هحب ان ماما تكون لوحدها بعد ما اسلام يتجوز، وانا مش هقف قدامكوا، انا كنت حاسه ان الدنيا كلها ضدي، بس دلوقتي كل حاجه اتغيرت، وكل واحد بيشوف حياته، وانا نفسي هكلم ماما وهقولها رأيي بجد."
علي ابتسم بارتياح وقال بفرحه حقيقيه
" بجد يا فريده... مش عارف اقولك ايه، كنت جايلك وانا خايف... خايف توقفي الجوازه، بس انا ممنونك، واعتبريني زي والدك لو ده مش هيضايقك، ولو احتاجتي اي حاجه عرفيني."
فريده ردت بخفة ومجاملة
" ولا يهمك، الف مبروك."
علي عرض عليها بحب
"طب تحبي اوصلك؟ ولا انتي رايحه فين؟"
فريده قالت بهدوء
" شكرا، انا مستنيه حسام، زمانه جاي."
علي هز راسه بابتسامة صغيرة وقال
"تمام، ربنا يسعدك ويوفقك يا بنتي."
عند ياسمين
كانت بتلم هدومها بسرعه في الشنطه ومحمد واقف قدامها بيقول برجاء
"ياسمين... أنا آسف بجد... عشان خاطري، والله معرفش عملت كده إزاي، انتي عصبتيني وانتي عارفة إن غصب عني، أنا دورت على شغل كتير وملقيتش."
مردتش عليه، كانت مازالت بتلم هدومها كلها، قال
"عشان خاطري، أنا آسف، طب هدور على شغل تاني وتالت، والله، عشان خاطري..."
قفلت شنطتها بسرعه وهو قال بسرعه وهو بيحاول يوقفها
"طب اقعدي من الشغل بتاعك لو متضايقة، اقعدي وانا مش هخليكي تدفعي جنيه واحد، ياسمين... ياسمين، أنا اسف والله، انا معرفش أنا عملت كده ازاي."
وقفت، بصتله بصه باردة مفيهاش تردد، ونطقت بكلمة واحدة بس قصيرة وثقيلة
"طلقني."
اتصدم، قال بصوت مبحوح
"انتي بتقولي ايه؟ ده مستحيل... أنا مش هقدر أعيش من غيرك يا ياسمين."
كررت الكلمة بنفس الهدوء والحزم
"قولت طلقني."
محمد قال بذعر وهو بيحاول يخليها تتراجع عن قرارها
"هعملك يا ياسمين اللي انتي عايزاه صدقيني، كل اللي انتي عايزاه هاعمله، هكتبلك الشقه باسمك لو ده هيرضيكي، ارجعي عن قرارك بس عشان خاطري"
سكتت دقيقه، سابت الشنطه وقربت منه بخطوات ثابته، وبصوت مستيقن ومليان برود قالت
"ط..ل..ق..ن..ي."
قال بسرعه
"طب انتي عايزه ايه؟ قولي، عايزة البيت كله؟ هكتبهولك، هكتبه كله والله."
وقفت شوية قدامه، عينيها ثابتة في عينيه، وقالت ببرود
"كده ممكن نتفق."
عند فريده
أخدت نفس عميق وهي ماسكه الفون، رنت على إيناس اللي ردت بحب
"عاملة إيه يا قلبي؟"
ابتسمت فريدة وقالت بصوت مبحوح
"ماما... وحشتيني."
ضحكت إيناس بخفة وقالت
"وانتي كمان يا حبيبتي، طب ليه مش بتيجي؟ انتي وحشتيني بجد يا فريدة."
فريدة اتنهدت وقالت وهي بتحاول تلاقي عذر
"علشان بيبقى عندي شغل، ويادوب بخلص وأرجع البيت، وكده كده بنتجمع كل ويك إند."
إيناس قالت بإصرار
"برضو تيجي يوم في النص... انتي بتوحشيني."
فريدة حاولت تخفف الموقف، قالت بهزار
"خلاص بقى، بقيتي عروسه ومش هتفضي لحد."
إيناس ردت بسرعه وقالت بعتاب
"أخص عليكي يا فريدة، انتي وإسلام عندي أهم من أي حاجة في الدنيا."
ضحكت فريدة بخجل وقالت
"بهزر يا ماما."
نبرة إيناس اختلفت وبقت جادة جدًا
"بجد يا فريدة، لو مش عايزاني أتجوز هلغي كل حاجة، لو مش هترضَي أوقف كل حاجة دلوقتي."
فريدة سكتت لحظة، وبعدين قالت بهدوء
"لاء طبعًا يا ماما، أنا مش متضايقة، بدأت أتقبل."
إيناس سألت بقلق واضح
"بجد؟ ولا بتقولي كده عشان مزعلش؟"
فريدة ابتسمت بحنان وقالت
"لاء بجد، وعشان أثبتلك... هكون عندك من الصبح بدري."
إيناس قالت بتأثر
"متعرفيش كلامك فرحني قد إيه... طب قوليلي، حسام عامل إيه؟ وانتي مرتاحة معاه؟"
فريدة ردت بثقة وفي صوتها طمأنينة
"حسام كويس الحمد لله... ومبسوطة جدًا معاه، متعرفيش هو حنين معايا قد إيه."
إيناس قالت وهي بتدعي من قلبها
"الحمد لله يا قلبي... يارب دايمًا."
قفلت فريده مع ايناس، قعدت على السرير وسندت ضهرها على المخده، مسكت الفون في إيديها وبصت في السقف بشرود، كلامها مع مامتها كان كله طمأنينة ورضا، لكن جواها كان في صراع كبير، هي قالت إنها مبسوطة مع حسام، بس الحقيقة إنها لسه مش قادرة تحس بالحب اللي المفروض تحسه، او مش قادره تعترف لنفسها هيا ايه إحساسها.
سمعت صوت حسام وهو بيفتح باب الأوضة، دخل وقال
" ايه يا حبيبتي، لسه صاحيه؟ مش كنتي تعبانة؟
فريده ردت بابتسامة باهتة
"آه، بس كنت مستنياك"
قرب منها وقال بحنان
" يارب دايما ادخل الاقيكي مستنياني"
ابتسمت و اتنهدت هيا بتفكر في اللي جاي.
تاني يوم جه زي ما كان مترتب بالظبط، كتب الكتاب كان هادي جدًا ومن غير أي ضجه، اللي كانوا موجودين كانوا من العيلة والأصحاب المقرّبين، وكل حاجة اتعملت في هدوء وبساطه، عقد قران في البيت وحفله بسيطه جدا، وبعد ما خلص اليوم، كل واحد رجع بيته واليوم مر خفيف من غير أي احداث.
في يوم الإجازه
فريدة صحيت من بدري وهي مجهزه نفسها لليوم من اوله، بتظبط الجو قبل ما أهل حسام يوصلوا، كانت بتحاول تخلي كل حاجة تمام وعلى مزاجهم، بعد شوية، حسام صحي من نومه وهو لسه مغمض عينيه وقال بصوت نعسان
"صباح الخير."
فريده ابتسمت وقالت
"صباح النور، كل ده نوم؟"
رد وهو بيتمطّى
"عشان نايم متأخر"
سألته
"أهلك جايين امتى؟"
هز كتفه وقال
"مش عارف، هكلم ماما وبعد كده هوصي على الأكل."
ابتسمت فريده وقالت بهدوء
"تمام، زي ما تحب."
بعد وقت قصير، رن جرس الباب، فريدة قامت بسرعة وفتحت وهي مبتسمة، أول ما دخلت مامت حسام وباباه، رحبوا بيها بحراره وحضنوها كأنها واحدة من العيلة من زمان، ابتسمت فريدة وحست براحة، بعدها دخلت خالة حسام مع جوزها، سلموا سلام عادي تقليدي من غير زيادة ولا نقصان، فريدة بادلتهم بابتسامة بسيطة.
لكن لما دخلت ريم، مدّت إيدها وهي بتسلم بفتور واضح، وهيا بتبصلها من فوق لتحت، فريدة حسّت بالبرود، لكن حاولت تخفي ده بابتسامة رقيقة.
حسام كان واقف ورا فريده، أول ما ظهر ابتسامة كبيرة اترسمت على وشوش الكل، مدّوا إيديهم يسلموا عليه بحرارة وحفاوة واضحة، وخصوصًا ريم اللي كانت سلامها مختلف خالص، مدت إيديها بسرعة وسلمت بحرارة باينة، وفضلت واقفة جنبه شوية زيادة عن اللزوم وهي بتسأله أخبار شغله وحاجات تانية باهتمام ملفت.
فريدة لاحظت السلام المبالغ فيه من ريم، وعينيها اتحركت تلقائي وهي شايفة اهتمامها الواضح بحسام، قلبها اتقبض للحظة، بس ابتسامه خفيفه زينت وشها وهيا بتحاول تتجاهل الإحساس اللي جواها، ومع ذلك، عينها فضلت تراقب من بعيد كل تصرفات ريم مع حسام، حتى وهي بتحاول تبان طبيعية.
دخلوا كلهم وقعدوا، حسام قعد، وريم بسرعة راحت قعدت جنبه، حسام وسّع شوية علشان يسيب مسافة بينها وبينه، لكن فريدة كانت هتولّع من جوه وهيا شايفة اللي بيحصل، ومع ذلك مسكت أعصابها وقعدت، الجو كان مايل للهدوء، والكل بدأ يسألهم أسئلة عادية عن أحوالهم وحياتهم، خالته بصتله بابتسامة وسألته
"الجواز عامل إيه يا حسام؟"
حسام ابتسم ابتسامة دافية، ونقل نظره مباشرة على فريدة وهو بيرد
"حلو جدًا... أحلى مما كنت متخيل."
الكلام خرج منه بصدق، ونظراته كلها كانت رايحة لفريدة كأنه بيكلمها هيا بس، فريدة حسّت قلبها بيتخبط جوه صدرها، ووشها احمرّ غصب عنها.
ريم سألت بفتور وهي رافعة حواجبها
"اشمعنا دلوقتي يعني؟"
حسام بصلها بثبات وقال
"كنت مستني ألاقي البنت المناسبة..."
سكت لحظة، وبص لفريدة بنظرة كلها حب وضاف
"ولقيتها."
فريدة نزلت عينيها بسرعة وهي حاسة بخجل، في حين خالته ابتسمت وقالت بدعاء صادق
"ربنا يخليكوا لبعض يا حبيبي."
ريم ابتسمت ابتسامة باردة وقالت بنبرة فيها استهزاء خفيف
"أيوه طبعًا... كله بيبان حلو في الأول."
حسام رفع حاجبه ورد عليها ببرود واضح
"يمكن، بس جوازي من فريده غير أي كل"
بعدها رجّع بنظره لفريدة كأنه بينهي الحوار عند النقطة دي، ريم عضّت شفايفها بضيق وهي بتحاول تدارى ضيقها.
مامت حسام لاحظت الجو وقالت بسرعة بابتسامة ودودة
"ريم قصدها تقول إن المهم إنكوا تفضلوا كده على طول مش أكتر."
حسام اكتفى بابتسامة صغيرة وهو بيرجع يتكلم مع باقي العيلة، متجاهل أي محاولة من ريم إنها تتدخل تاني.
فريدة انسحبت بسرعة للمطبخ، قلبها بيدق من العصبية ووشها محمّر، وقفت قدام الرخامة، اخدت نفس عميق كأنها بتحاول تسيطر على أعصابها، لكن جواها كان بركان مولّع.
بعد لحظات، سمعت خطوات حسام وهو بيستأذن من اللي قاعدين وداخل وراها، دخل المطبخ وبصلها باستغراب وقلق وقال بنبرة هادية
"فريدة؟ في إيه مالك؟"
بصّتله بحدة وقالت بغضب مكتوم
"إيه قلة الذوق دي؟"
قرب منها خطوة وقال بهدوء أكتر
"بس اهدي... في إيه لكل ده؟"
ردت بسرعة وعينيها كلها نار
"دي واحدة قليلة الأدب، المفروض تفهم إنك واحد متجوز وتاخد بالها من كلامها، مش معقول تتكلم من غير عقل كده"
حسام حاول يهديها
ـ "معلش يا ديدا، هيا شخصيتها كده، معلش استحملي النهارده عشاني."
هزت راسها بضيق وقالت
"يا حسام أهلك على عيني وراسي... بس البنت دي لاء، أنا أصلاً أول مرة أشوفها وياريتني ما شوفتها."
اتنهد حسام وقال بحزم لطيف
"خلاص بقا، لسه اليوم هيبدأ."
سكتت لحظة وبعدين قالت وهي بتتنفس ببطء
"تمام روح، وأنا هجيب عصير وجايه وراك."
قال برجاء
"متتضايقيش ها؟"
همّ يخرج بس هيا قالت بنبره حاسمه
"متقعدش جنبها."
بصلها بابتسامه وقال
"عيوني."
انسحب حسام من المطبخ وهيا فضلت واقفة لحظة بتحاول تهدي نفسها، بعدين أخدت نفس عميق وبدأت تصب العصير وبعدها خرجت، أول ما دخلت الصالون لقت حسام بالفعل مغير مكانه، قاعد جنب باباه وبعيد عن ريم، عينها وقعت على ريم اللي كانت متجهمه وبتبص لحسام بضيق وده زود جواها شعور بالرضا، قعدت جنب حسام وهي بتحط العصير، فبصلها بسرعه وابتسم ابتسامه صغيره.
بعد الغدا
فريدة قامت وجابت الحلويات بنفسها، حطّت الأطباق قدام الكل بابتسامة، الجو كان هادي، بس التوتر بدأ لما ريم اتحركت وقعدت جنب فريدة فجأة.
ريم بصت لفريدة بنظرة جانبية وقالت بصوت واطي يكاد ما يُسمعش
"يا ترى إيه المميز فيكي؟"
فريدة اتفاجئت وقالت وهي بترفع حواجبها
"أفندم؟!"
ريم ميلت ناحيتها وقالت ببرود
"شد حسام يعني... جبتيه من مرة إزاي؟"
فريدة أخدت نفس عميق وبصتلها بابتسامة فيها تحدي وقالت
"انتي محروقة أوي كده؟ بيحبني بقى، أعمل إيه؟ اتجدعي انتي كمان، عايزين نفرح بيكي."
ريم عضّت شفايفها وقالت بنبرة فيها غيظ متخفي
"برضو حبك على إيه؟ أنا أعرف حسام من زمان، عمري ما شوفته بالرومانسية دي... غير معاكي إنتي وحبيبة."
فريدة ضيقت عينيها باستغراب وقالت
"حبيبة؟"
ريم عملت نفسها مترددة وقالت
"أوبس؟ نسيت إنك مش عارفة حبيبة... أصلها حب حسام الأول."
فريدة فضلت ثابتة، ردّت بهدوء وبثبات
"اممم... وبعدين؟"
ريم اتلغبطت وقالت
"بعدين إيه؟"
فريدة قالت بحزم وهي متمسكة بابتسامتها
"أيوه... عايزة توصلي لإيه برضو؟ مهما كانت حبيبة دي، أكيد كانت ماضي... المهم دلوقتي حسام مع مين؟ أصل حسام اتجوزني، تحبي أجيبلك القسيمة؟... مجيتيش الفرح ليه صحيح؟"
الكلمة الأخيرة نزلت على ريم زي صفعة، حست بغيظ بس مقدرتش ترد، خصوصًا إن الكل كان قاعد حواليهم
حسام كان قاعد بيتكلم مع باباه بس عينيه بين الحين والتاني كانت بتروح على فريدة، لاحظ حركة ريم لما مالت عليها وبدأت تهمس بكلام، شدّه الفضول وابتسامته اختفت، فضل يراقب من بعيد من غير ما يقاطعهم ولما شاف فريدة بترد بثبات وبهدوء، وحس الغيظ في ملامح ريم، فهم أن فريده وقفتها عند حدها ومسابتلهاش فرصه تهزها.
اليوم خلص أخيرًا، ولما بدأوا أهل حسام يقوموا يمشوا فريدة اتنفست الصعداء وهي بتودعهم بابتسامة هادية، كانت متعمدة تتجنب ريم حتى إنها مسلمتش عليها خالص، لكن ريم اتقدمت وسلّمت على حسام، وهو مد إيده بسرعة يادوب لمس أطراف صوابعها بس وسحبها في لحظة من غير أي اهتمام أو حرارة.
بعد ما مشيوا كلهم، فريدة دخلت أوضتها بخطوات سريعة كأنها عايزة تقفل اليوم، حسام دخل وراها وهو عينيه عليها وحاسس إنها مشحونة بمشاعر كتيره، قفل الباب وراه بهدوء، قعد على طرف السرير وبص لفريدة اللي كانت واقفة قدام التسريحه بتفك اكسسواراتها بعصبية واضحة.
قال بنبرة هادية
"ديدا، مالك؟ ليه متوترة كده؟"
فريدة لفتله بسرعة وقالت بحدة
"انت مش شايف البنت دي مستفزة ازاي، طول اليوم بتحاول تعكنن عليا."
حسام هز راسه وقال وهو بيقرب منها
"ما تهدي بقا، فكك منها، مش عارف انتي مدياها ليه أكبر من حجمها، يوم وخلص يا فريده "
فريدة بصتله وقالت بغيظ ممزوج بغيرة
"بس أنا مش بحب حد يبصلك بالشكل ده ابدا، ليه كده بجد؟"
ابتسم حسام وقال بهدوء
"وانا مش بشوف غيرك، متخليش حد يعكر عليكي يومك، انتي أغلى عندي من أي حاجة."
فريدة سألت بنبرة مختلطة بين فضول وغيرة
"مين حبيبه؟؟"
حسام سأل باستغراب
" حبيبه؟ عرفتيها منين؟"
فريده سكتت ففهم انها ريم، قال ببساطه
"حبيبه صاحبتي من زمان؟ ومازلنا بنتكلم"
فريدة رفعت حواجبها وقالت بحدة
"ما ايه؟ مازلتوا؟"
رد بهدوء
"أه طبعا، حبيبه من أعز أصحابي بجد، وكل فترة لازم نتكلم ونتطمن على بعض"
فريده سألته بهدوء
"ومتجوزتهاش ليه؟"
حسام ضحك بصوته كله وقال بدهشة
"نتجوز؟ أنا وحبيبه؟ انتي أكيد بتهزري."
فريدة قالت بحدة
"وأهزر ليه؟ متنفعكش؟"
رد بثقة
"أنا وحبيبه أصحاب أكتر من إخوات، بالنسبالي هيا صاحبة غالية، بس عمرنا أبدا ما فكرنا في بعض كده، عمرها ما حصلت."
فريدة بصتله بضيق وقالت
"وكنت ليه بتعاملها برومانسية؟"
حسام اتعجب وقال باستغراب
"رومانسيه؟ حبيبه ورومانسيه؟ فريده، انتي لازم تقابلي حبيبه بجد، لازم اعرفكوا على بعض."
فريدة سألته بسخريه
"الحب الأول؟"
حسام قال باستهزاء شويه ووضح
"حب ايه وأول ايه؟ هيا ريم جايه تعكنن وتمشي؟ حبيبه عندها ابن طولى دلوقتي وتقولي حب؟"
فريد قالت بهدوء
"ما يمكن عشان كده مينفعش تتجوزوا."
حسام قرب منها وعيونه فيها دهشه
"فريده؟ جوز حبيبه صاحبي جدًا وحبيبه صاحبتي من أكتر من عشر سنين، مش قادر أفهم دماغك، بس كل اللي عايز أقوله؟ لازم تقابلي حبيبه، لازم."
فريده اتنهدت وسألته
"ليه مكلمتنيش عنها من قبل كده؟"
حسام رد بصراحة
"مش عارف... بس هي مسافرة بره مصر، بقالي كتير مش بكلمها فمجتش مناسبة يعني، بس كده كده كنتي هتعرفيها في يوم"
فريده هزت راسها، بدأت تمسح الميكب بهدوء، حسام حس انها متضايقة جدًا، قرب منها وقال برجاء
"بلاش ننهي اليوم وانتي متضايقة؟ أنا بحبك، انتي أول نبضة وأول دقه يا فريده، صدقيني انتي اول حب في حياتي واخر حب كمان"
فريدة غمضت عينيها وقالت بصوت ضعيف
"ساعات بحس إني بعيدة."
همس بحنيه
"انتي أقرب واحده ليا، أنا بعشقك يا فريده، عمري ما أبدلك بأي حاجة في الدنيا، انتي مش متخيلة انت عملتي فيا إيه."
فريدة قالت بصراحة موجعه
"انت تعرف إن المفروض انهاردة يكون يوم لذيذ بس أنا مفرحتش بيه خالص؟"
حسام قال بحنيه
" بس هننام مبسوطين؟ مش هسيبك متضايقه"
قلب فريدة دق واتنفست ببطء، حسام قال بحب
"بحبك."
همس جنب ودنها بطلب لطيف
"قوليها يا فريده؟ نفسي أسمعها منك."
فريدة سكتت لحظة، ورا الصمت كان في صراع، أخيرًا قالت بصوت مهزوز
"دلوقتي أنا مش مبسوطه."
حسام قال بهدوء وهو بيخفي ضيقه
" بس ههستناكي تقوليها."
فريدة غمضت عينيها واستجمعت نفسها، همست أخيرًا بوعد
"وأنا أوعدك إني هقولها في يوم"
بعد أيام
فريدة كانت في المستشفى، بتتكلم في الفون مع سالي، صوت سالي جه قلقان
"فريده يعني إيه؟ لما كلمت ماما أسألها عن يونس قالتلي إنه نايم في البيت، بس أنا بقالي أسبوعين مش عارفه أوصله."
فريدة عضت شفايفها وقالت
"وأنا بكلمه، بس فونه مقفول."
سالي قالت بسرعه
"إنتي تعرفي حاجة طيب عنه؟"
فريدة اخدت نفس عميق وقالت
"يونس آخر مرة شوفته قالي إنه عرف كل حاجه إحنا عارفينها، وإنه عارف أكتر كمان"
صوت سالي اتشد أكتر
"كده وضحت، أكيد ماما فرضت عليه الحبس هو كمان، فريده، أنا لازم أوصله، لازم أكلمه."
فريدة حاولت تسيطر على توترها وقالت
"طب أعمل إيه يا سالي؟"
سالي ردت بسرعة، صوتها كله إصرار
"روحي البيت وحاولي تكلميه، اتصرفي يا فريده."
فريدة هزت راسها ببطء
"فكرت بس كنت بتراجع، أقل حاجة هروح ليه وازاي؟"
سالي قالت برجاء
"اتصرفي يا فريده، يونس ممكن يعمل مصايب لو فضل محبوس اكتر من كده، أكيد هو صابر مؤقتًا وبيفكر في حاجه، بس صدقيني مش هيقدر يفضل كده."
فريدة بعد صمت قصير قالت بنبرة هادية مترددة
"خلاص يا سالي، أنا هتصرف وهبقى أكلمك."
سالي قالت
" تمام، استنى مكالمتك"
فريده قفلت معاها وافتكرت اللي كانت ناويه تعمله قبل ما سالي تكلمها، مشيت بخطوات بطيئه ناحية الحمام، قفلت الباب ووراها ووقفت قدام المرايه وهيا بتبص لنفسها بضيق، بصت للاختبار اللي في ايديها وهيا متوتره، عينيها ثابته على التعليمات وهيا بتحاول تركز، عدت اللحظات ببطء وهيا بتنفذ التعليمات، ولما بصت للاختبار وهيا ماسكاه بأيدين بتترعش لقت العلامتين واضحين، خطين مش واحد، النتيجة إيجابية.
واقفه قدام المرايه، ماسكة الاختبار ودموعها واقفة على حدود عينيها، الصدمة مسيطره عليها وقلبها بيدق بسرعه رهيبه وهيا بتهمس لنفسها بصوت مش مسموع
"إيجابي..."
وعينيها متعلقة بالاختبار كأنه ورقة صغيرة غيرت حياتها كلها في لحظة.
يتبع.....
بارت 43
تكملة الرواية بعد قليل
جاري كتابة الفصل الجديد للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا