القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن وعشرون 28بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن وعشرون 28بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن وعشرون 28بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


 

الفصل الثامن والعشرون

.........

داخل صالون منزل اكمل......

كان الجميع يجلس في هدوء حين دخلت حنان تحمل الشاي والقهوة لهم جميعًا

اقتربت جيانا من فريد، مالت نحوه وسألته بقلق :

انت كويس.....؟؟


ابتسم لها محاولًا إخفاء حزنه، وقال بحب :

يعني هو معقول اشوفك أول حد الصبح وما أبقاش كويس؟! ده أنا أبقى ما بفهمش ولا بحس


تنهدت وحركت رأسها بيأس، تذكرت غزله المفاجئ لها في السابق وقالت :

لسه زي ما انت، مفيش فايدة


حرك رأسه نافيًا، ونظر لها بصدق، قائلاً :

فريد بتاع زمان كله اتغير، ماعدا حاجة واحدة ما اتغيرتش فيه، ولا عمرها هتتغير، وهي حبه ليكي، اللي عمره ما نسيه ولا هينساه يا جيانا


لكن صوت أكمل قاطع حديثهما ساخرًا من الخلف، بينما كان يجري مكالمة تخص عمله :

آه، وايه كمان.....؟؟


تنهد فريد وقال بصوت خفيض حانق :

يالله.....وانا بقول بردو يومي كان ناقصه ايه




رفع أكمل حاجبه، سأله بتحدي :

بتقول حاجة ؟؟


رد عليه فريد بابتسامة صفراء :

بقول مساء الفل يا خالي


رد عليه اكمل بسخرية :

اه بحسب


ثم جذب جيانا من يدها لتجلس بجانبه على الأريكة، بعدما كانت تجلس قرب فريد

..........

على الجانب الآخر، كان أيهم يجلس إلى جانب تيا، يسألها بلطف واهتمام :

انتي كويسة


ردت عليه بصوت خافت، حزين :

الحمد لله


ثم نظرت له بقلق وسألته هي الأخرى :

انت كويس.....يعني بعد اللي عرفته امبارح عن والدتك


زفر بضيق وقال بغضب يحاول التحكم فيه منذ الأمس :

نار قايدة جوايا....كل ما أفتكر إنها قتلت أمي، ببقى عاوز أدفنها حية، ولولا فريد، كنت قتلتها فعلًا من غير تفكيؤ، كفاية اللي عملته فيكي كمان، هي وابن ال.......


شعرت بالخجل من لفظه الخارج، فاعتذر منها قائلاً بحرج :

احم....آسف


صمت للحظات ثم تابع برجاء :

تيا انا عارف انه مش وقته، بس حابب أسمعها منك، انتي موافقة على طلبي للجواز


همست بخجل وهي تنظر للأسفل :

لو بابا وافق......انا هوافق


رد عليها بلهفة :

السؤال ليكي والرد منك يا تيا، انتي عاوزاني ولا لأ، ريحي قلبي بأجابتك......لو ليا خاطر عندك، قوليها


بعد لحظات صمت، تمتمت بخجل :

موافقة يا ايهم


ارتسمت السعادة على وجهه وقال بعشق :

يا حلاوة أيهم وهي طالعة من بين شفايفك


نظرت له بحدة ونهضت قائلة بخجل :

تصدق انا غلطانة اني قاعدة بتكلم معاك


وقف سريعًا وهو يضحك قائلاً :

استني بس، ماتبقيش قفوشة كده



جلست تيا من جديد فقال ممازحًا :

بصي يا ستي، شكل الموضوع بتاع أبوكي هيطول على ما يوافق، فإحنا نستغل الوقت الضايع ده ونحدد كل حاجة للفرح، عشان أول ما يقول موافق، نقوم احنا متجوزين في ساعتها


ضحكت بخفوت، فسألها بإعجاب وهو يتأملها :

بتضحكي على ايه....؟!


ردت عليه بابتسامة رقيقة :

احنا في إيه ولا في إيه


ضحك هو الآخر، ثم سألها بجدية :

ماقولتليش، حابة نعيش في بيت لوحدنا ولا نقعد في قصر العيلة


ردت عليه بتردد وخجل :

بص هو، يعني أنا مش بحب القصر ده، دخلته كذا مرة بس عمري ما حسيت براحة جواه خالص، كئيب ومفيش فيه اي روح


سألها باهتمام :

يعني تحبي بيت منفصل ؟؟


قبل أن تجيب، جاء صوت أكمل كعادته ليقاطعهم ساخرًا :

يا ترى قررتوا تسموا العيال ايه ولا لسه.....؟!!!!



رد عليه أيهم بسخرية :

حمايا حبيب قلبي، وأنا أقول القعدة ناقصها إيه، اصل معقول أقعد معاها دقيقتين على بعض من غير تشريفك


نظر اكمل الى تيا قائلاً بصرامة :

روحي اقعدي جنب اختك


زفر أيهم وقال بغيظ بعد ان غادرت تيا :

بقولك يا حمايا، ما توفق راسين في الحلال وتجوزنا بقى حرام عليك، ده أنا بتجوز على نفسي


زجره أكمل بغضب، قائلاً :

اتلم يا سافل


ضحك أيهم وأطلق قنبلة من المزاح :

أقسم بالله شكلك كنت مقضيها في شبابك، واللي بتعمله معانا ده شكل حماك كان بيعمله فيك، ما تقولنا يا حنون كان شقي ولا إيه النظام....؟!


رمقه أكمل بنظرة غاضبة وقال بتحذير :

اقسم بالله كلمة كمان وهتطلع بره


اقترب منه أيهم وهو يضحك، ومد يده ليمسك بوجنته بإصبعيه، قائلاً بمرح :

قفوش انت أوي يا حمايا


انفجر الجميع ضاحكين، بينما ركض أيهم ليجلس بجانب فريد

يراقب أكمل الذي اشتعلت عيناه غضبًا، جالسًا بين ابنتيه ممنوع عليهما الاقتراب


كلما حاول أحدهما التحدث إلى ابنتيه، كان نصيبه نظرات نارية من اكمل تكاد تحرقهما !!!!!!!

............

في منتصف ذلك اليوم......

بعد ساعات من الجلوس العائلي واللحظات المتباينة ما بين المرح والتوتر، حضر حامد إلى منزل أكمل النويري، دخولُه لم يكن عابرًا، بل محملًا بإجابات كان يدرك أنها معلقة في أذهان البعض، لا سيما جيانا، التي ما إن رأته حتى علا وجهها بتلك النظرة الحانقة المعتادة، نظرة لم تهدأ منذ أن كشف وجهه الآخر، فهي لن تنسى ما فعله بها !!!


جلس على المقعد في صالون المنزل، كان الجميع متواجدًا، بينما كانت جيانا تجلس على الأريكة المقابلة له، لم تُبعد نظرها عنه لحظة، وكأنها تحاول أن تخترق بصماته بحثًا عن ذرة صدق




ابتسم، يحاول أن يخفف من حدة الأجواء، فقال ساخرًا لجيانا :

بلاش نظرات الغضب دي، أنا عارف إنك مش طيقاني


زفرت جيانا بقلة حيلة، وردت عليه بضيق :

بس مش بنفس درجة الكره بتاعة أول امبارح


ضحك، ثم قال وهو يبرر موقفه بنبرة فيها شيء من الدفاع عن النفس :

كان لازم أعمل كده، لو حسين كان حاسس إني بعاملك بحساب أو خايف آذيكي، كان هيروح يبلغ مجدي.....وساعتها كانوا هيشكوا فيا، وكانوا هما اللي هيتصرفوا ويقتلوكي


كلماتُه أثارت فضول الصحفية التي بداخلها، تريد ان تربط الخيوط ببعضها لتعرف الحقيقة، فهناك اشياء مازالت مجهولة بالنسبة لها، سألته بجدية :

انا عايزة أعرف كل حاجة... ..بالتفصيل


أومأ لها بهدوء، ثم صمت قليلًا وكأن قلبه يثقل بما سيقوله نبرته انخفضت، وبدت عليه ملامح الحزن، لا سيما حين نطق باسم ابنه "حسن" :

الحكاية بدأت من خمس سنين


صمت للحظات، ثم تابع بحزن سكن عينيه :

وقتها كنت بشتغل في شركة راجل أعمال كبير، بس الشركة أعلنت إفلاسها، وملقتش شغل بعدها، اضطريت أشتغل عامل في بنزينة مؤقتًا لحد ما ألاقي شغل تاني، كنت متجوز، وعندي ولد اسمه حسن، كان عنده 10 سنين، بس بعد ما استلمت الشغل بأسبوع........


صمت من جديد، الذكريات تخنقه كلما تذكر ما حدث بذلك الماضي الأليم :

في مرة، وأنا راجع من الشغل بليل........


عودة بالزمن......قبل خمس سنوات

في تلك الليلة، كان حامد يسير وحده بين أزقة الحي المظلمة، متأخرًا كما اعتاد منذ أن تغيرت ظروفه، خطواته المرهقة لم تكن تثير الانتباه، لكن فجأة لمح رجلًا يركض نحوه بخطوات متخبطة، يركض خلفه خلفه، أربعة رجال ضخام البنية، وجوههم لا تُبشر بخيرٍ ابدًا !!!!!


اختبأ الرجل في مدخل بناية، بينما راح مطاردوه يتفرقون بحثًا عنه في الاتجاهات المحيطة، لم يلحظ أحدهم وجود حامد، الذي كان قد اختبأ بدوره خلف شجرة كبيرة


ما إن تأكد من ابتعادهم، حتى سار بحذر إلى مدخل البناية قلبه يخفق وهو ينظر حوله، يراقب الظلال ويتجنب إصدار أي صوت


دخل، فوجد الرجل ممددًا في إحدى الزوايا، يلهث، وقميصه الأبيض غارق بالدماء، مصاب برصاصة داخل صدره، أسرع إليه حامد يسأله بقلق :

انت كويس، فيك حاجة، خليني أوديك المستشفى


لكن الرجل، بالكاد يتنفس، اعطاه حقيبة صغيرة، قائلاً بتعب :

شكلك ابن حلال، الشنطة دي امانة، سلمها لراجل اسمه إبراهيم النويري، ظابط. هعطيك رقمه


مد له هاتفه، وأخبره بكلمة المرور، بينما الألم ينهش صدره بقوة، ردد حامد بقلق متصاعد :

هعمل اللي انت عاوزه، بس قوم معايا نروح مستشفى، أو نبلغ البوليس ع الأقل


حرك الرجل رأسه، نافياً، بالكاد خرج صوته، قائلاً :

ما....فيش وقت، مشي من هنا.....بسرعة


لحظات ثم سقط دون حراك، تحسس حامد عنقه....لا نبض

لقد توفي الرجل !!!!



وقف في مكانه مشدوهًا، أنفاسه متسارعة، التفت سريعًا، أخذ الحقيبة والهاتف، وغادر البناية دون أن ينتبه لتلك الكاميرات المثبتة عند المدخل، والتي التقطت صورًا واضحة له وهو يحمل الحقيبة ويخرج بها !!!!!

.........

عند عودته إلى المنزل، كانت نعمة، زوجته، بانتظاره قرب الباب، تعاتبه قائلة بقلق :

ااتأخرت أوي يا حامد، انا بخاف عليك لما تتمشى بالليل كده


لكنه لم يرد، جلس على الأريكة بصمت، عيناه تائهتان في الفراغ، فسألته بقلق :

مالك، فيك إيه.....؟!


لم يجبها، بل فتح الحقيبة، كانت تحتوي على أوراق كثيرة، بعضها باللغة الإنجليزية، والآخر بالعربية، قرأ ما استطاع، وعيناه تتسعان في كل ورقة

تعاقدات لصفقات سلاح.....ممنوعات.....تجارة سوداء لا تعرف الرحمة، سألته زوجته وقد زاد قلقها :

في إيه يا حامد، فيك إيه ؟؟


أغلق الحقيبة، ثم تنهد طويلًا، وبدأ يسرد لها كل ما حدث

شهقت نعمة بخوف، وقالت :

انت لازم تسلم الشنطة للراجل ده في أسرع وقت، إحنا مش قد الناس دي يا حامد، ممكن يأذونا، الشنطة دي مش هتفضل في بيتنا ليلة تانية


أومأ لها ببطء ثم قال :

مظبوط....هسلمها للظابط بكرة، وربنا يستر


لكن تلك الليلة لم تحمل لهم النوم، بل قلقًا وتفكيرًا متواصلًا، وعين لا تغمض !!!!!

........

في الصباح الباكر، اتصل حامد برقم إبراهيم النويري كما طلب منه الرجل، لكن لا رد


ظل يحاول طوال اليوم، لكن لا إجابة !!!!!


في اليوم التالي، صعد إلى سطح البناية

أخرج الأوراق من الحقيبة، وضعها داخل كيس بلاستيكي أسود، ثم انحنى ورفع إحدى بلاطات الأرض، التي كانت تُشبه باقي الأرضية لكنها غير ثابتة بالكامل


حفر بيديه، دفن الأوراق، أعاد البلاطة إلى مكانها، ثم جلس واتصل من جديد من هاتف الرجل، لكن لا يزال الهاتف مغلقًا


في نفس الليلة، رن الهاتف، كان اسم "إبراهيم النويري" ظاهرًا على الشاشة، أجاب حامد على الفور، ليأتيه صوت ابراهيم قائلاً بأسف :

السلام عليكم، ازيك يا حسام، معلش، أنا لسه فاتح التليفون دلوقتي


لكن جاءه صوت حامد :

أنا مش حسام


سأل ابراهيم عبر الهاتف بقلق :

مين معايا؟!


بدأ حامد يسرد ما حدث، كاملًا، دون إخفاء اي شيء

صمت إبراهيم للحظة، ثم قال بصوت متعب :أنا في المستشفى، كنت بعمل عملية، ومش هقدر أخرج، ممكن تجيب الورق وتيجي عل العنوان اللي هقوله ليك، وهخلي حد يستناك عند الباب ويجيبك عندي


وافق حامد بلا تردد، فقد باتت تلك الأوراق كابوسًا ثقيلًا....

لا يخشى على نفسه، لكن عائلته، نعمة وابنه حسن، كانوا هما الأهم


تنهد حامد، متابعًا حديثه بحزنٍ وباختصارٍ شديد، وكأنه يخشى أن ينبش الجراح العميقة التي تمزق قلبه :

بعدها بيوم، رجعت من الشغل لقيتهم خطفوا ابني، إدوني مهلة يومين أرجع الورق، يا إما يقتلوه، حاولت أتصل بعمك، مكنش بيرد، ولما روحت المديرية، قالولي إنه واخد أجازة ومسافر، وهيرجع بعد كام يوم، عدى اليومين، وأنا بحاول أوصل لعمك أو ليهم عشان أزود المهلة........



خفض رأسه، يتابع بصوت مبحوح من الألم :

رفضوا، خصوصًا بعد ما شافوني وأنا رايح المديرية أسأل على عمك، أصلهم كانوا بيراقبوني، وبعد يومين رجعولي ابني، بس كان.......كان جثة.......دبحوه، وسرقوا اعضاءه  !!!!!


1


صاعقة حلت على الجميع، بينما هو أطرق رأسه للحظة، قبل أن يتجاوز تلك الذكرى القاسية وكأنها حجر ثقيل على صدره  :

أقسمت إني لازم أدفعهم واحد واحد التمن، عمك عرف اللي حصل بعدها بيوم، وفضل يلوم نفسه، وساعدني كتير، اتفقنا إنه يسلم الورق للنيابة، قبلها كنت اتعرفت على خالك يا سمير لكن حصل اللي غير كل حاجة، موت إبراهيم ومراته في حادثة، والورق اللي معاه اختفى، ساعتها اتفقت أنا وخالك اني لازم اكون وسطهم، بعد تدريب طويل، خدنا الخطوة بدأت من أصغر واحد في رجالتهم، اتصاحبت عليه، لحد ما اقترح إني أشتغل معاهم، فضلوا يحطوني تحت اختبارات أكتر من مرة عشان يتأكدوا إني مش خاين، عملتلهم حاجات كتير عشان أثبت إني عايز فلوس وبس بأي طريقة كانت، وإني كرهت الفقر ، والباقي بقى معروف، وصلت للي وصلتله، وكل خطوة كنت متابع مع خالك، ما اتقابلتش مع مجدي غير من حوالي سنة أو أقل، بعد ما اطمنولي


ساد الصمت، وكانت العيون تلاحقه بمزيج من الشفقة والحزن، بينما فريد ظل جالسًا، يبتلع الغصة، وقلبه يتمزق مما سمعه، وبعد وقت قصير، غادر حامد البيت، معتذرًا لجيانا عن تلك الحادثة القديمة، فابتسمت برحابة صدر، وغادر الجميع تباعًا، وكلا منهم غارق في أفكاره وآلامه !!!!!

..........

في صباح اليوم التالي

كانت خطواتها سريعة وهي تغادر المطار، تستقل سيارة أجرة متوجهة مباشرة إلى المستشفى التي يرقد فيها والدها، بعد سلسلة من الاتصالات العاجلة لمعرفة مكانه، أما والدتها، فكان هاتفها مغلقًا، ومكانها مجهول


ما إن وصلت، حتى اتجهت نحو غرفة والدها، لكنها توقفت فجأة حين وجدت آسر أمامها، نظرت إليه بسخرية، ثم تابعت طريقها متجاهلةً إياه، مد يده ليوقفها، لكنها دفعته بعيدًا باشمئزاز، دون أن تلتفت، فردد برجاء :

روز.....استني، اسمعيني بس


لم تتوقف، بل تابعت حتى وقفت أمام الزجاج الشفاف، تراقب جسد والدها الممدد على السرير، موصولًا بالأجهزة، نظرة باردة خلت من الحزن، ربما فقط شفقة على حاله، لكن ليس أكثر


وقف آسر بجانبها، ثم قال بحزن :

لو كنتي استنيتي يومها، كنت قولتلك.......


قاطعته رونزي قائلة بابتسامة ساخرة :

كنت هتقولي ايه، هتقول قد إيه بتكرهني، ولا كنت هتشرح بالتفصيل إزاي كنت بتخطط تنتقم من أبويا....؟!


رفعت حاجبها، تحدق فيه من أعلى لأسفل باحتقار :

أنت ما سيبتش حاجة ماقولتهاش، الكلام خلص بينا يومها، يا حضرة الظابط


ناداها برجاء ان تسمعه :

رونزي…...


اشارت بإصبعها نحوه، تحذره، قائلة بحدة :

دكتورة رونزي، ما تشيلش الألقاب بينا



حاول تبرير ما قاله في الماضي :

مكنتش قصدي اللي قولته، كنت متعصب ومش واعي


حركت رأسها باستهزاء، ثم قالت :

آه آه، ما أنا عارفة، ومصدقاك، ها حابب تضيف حاجة كمان


زفر آسر بضيق، ثم قال :

بلاش طريقتك دي يا رونزي


ابتسمت ببرود، وردت عليه قائلة :

ده اللي عندي، وإذا كان مش عاجبك.....امشي


ثم رمقته بسخرية جارحة، وقالت :

سبحان أصلاً مين صبرني على وقفتي معاك دلوقتي، أصل بعيد عنك بقرف من الزبالة


تمالك نفسه، ورد عليها بحدة :

أنا مقدر اللي بتقوليه، وعارف إن اللي قولته صعب ويوجع بس.....


قاطعته قائلة بقسوة :

الكلام يوجع لو كان من حد يستاهل، مين انت بقى عشان اتوجع منك


رد عليها بحزن :

رونزي.....انا بحبك، وانتي بتحبيني


ردت عليه بحدة :

كنت......وحط تحتها مية خط


حاول تهدئتها، قائلاً برجاء :

طب ممكن تهدي ونقعد نتكلم


ردت عليه رونزي ببرود :

مش فاضية


توسلها آسرقائلاً :

طب لما تفضي


"لما بقى" قالتها ثم رحلت تاركةً وراءها قلبه مثقلًا بالندم، وهو يعاهد نفسه أن يصبر حتى تهدأ !!!

.......

بعد زيارتها لوالدها، وبعد محاولات فاشلة للوصول إلى والدتها، اتجهت إلى البيت الذي استأجرته، مرورًا بمنزل أكمل النويري لتأخذ حقائبها وتقدم اعتذارها على مغادرتها البلاد فجأة دون ان تخبر احد


استقبلتها جيانا بصدمة :

رونزي !!!!!


ابتسمت رونزي بتوتر، وقالت :

ممكن أدخل، ولا وجودي غير مرحب بيه ؟؟


جاء صوت حنان من الخلف، معاتة اياها  :

إيه الكلام ده يا بنتي......ده بيتك


خفضت رونزي رأسها، تقول بصوت خافت، حزين :

عارفة إن اللي عمله بابا يخليكوا تكرهوني


تدخل أكمل، قائلاً بهدوء :

مين قال الكلام الفارغ ده، اللوم ع الغلطان بس، والغلطان هو والدك مش انتي


نظرت نحو آسر الذي جاء خلفها، وكلماتها موجهة له :

اللي عندهم أصل وأخلاق.....هما اللي بيفكروا كده


ابتسمت حنان، وقالت :

بيتنا مفتوح ليكي في أي وقت يا بنتي


لكن رونزي ردت عليها بابتسامة صغيرة :

أنا جاية آخد حاجتي بس، انا أجرت بيت قريب، وهقعد فيه لحد ما أسافر قريب ان شاء الله


سألتها جيانا بحزن :

هتسافري؟


ردت عليها بهدوء :

حياتي كلها في ألمانيا، حتى شغلي كله هناك


عاتبها اكمل قائلاً :

عيب تعيشي لوحدك وإحنا موجودين


ابتسمت بهدوء وردت عليه برجاء ان لا يضغط عليها :

صدقني......هكون مرتاحة كده


وافقت حنان على مضض، وأصرت أن تتناول طعام الغداء معهم قبل رحيلها

.........

داخل غرفة رونزي بمنزل اكمل النويري

بينما كانت تغلق حقيبتها، سألتها جيانا بفضول :

فيه إيه يا رونزي؟ سفرك المفاجئ وتليفونك المقفول، كل ده مش طبيعي، قوليلي حصل حاجة معاكي


تهربت رونزي من الرد عليها وقالت :

مفيش


لكن حين اصرت عليها جيانا، ردت عليها برجاء :

سيبيني أحتفظ بالسبب لنفسي يا جيانا، مش جاهزة اتكلم دلوقتي خالص


ابتسمت جيانا بحنان، وقالت :

زي ما تحبي، بس اعرفي دايمًا ان اختك موجودة

عانقتها رونزي بحب وامتنان لوجودها بحياتها


بعد وقت، تناولت الغداء معهم، ثم غادرت، وهي تضع أول خيوط خطتها للانتقام من.....آسر !!!!

........

في صباح اليوم التالي

استيقظ الجميع على خبر صادم

هروب دولت من المستشفى !!!

توجه آسر وسمير فورًا لمراجعة الكاميرات، وما رأوه كان صاعقًا !!!!!!

_

في صباح اليوم التالي، انتشر الخبر المزلزل بسرعة بين الجميع، هروب دولت من المستشفى

لكن الغريب أن لا أحد يعرف كيف حدث ذلك بالضبط


كان أول من وصل إلى المستشفى آسر وسمير، اللذان تابعا سجل كاميرات المراقبة بحذر شديد، صُدموا حين رأوا شخصاً ملثمًا يدخل غرفة دولت بعد منتصف الليل، ويقوم بحقن المخدر في جسد العسكري الذي يحرس باب الغرفة، وبعد دقائق قليلة، خرج ذلك الشخص وهو يجر الكرسي المتحرك الذي كانت تستقله دولت بسرعة، لكن يبدو انهم لم ينتبهوا لتلك الكاميرات ايضًا


الكاميرات التي التقطت ممرضة تخرج من الغرفة خلفه تحمل بيدها حقيبة مليئة بالنقود، يبدو انها استلمتها من ذلك الملثم الذي لم يتمكنوا من التعرف على وجهه، لكنهم لم يعيروا الأمر اهتمامًا


في نفس اللحظة، دخل أكمل وفريد وأيهم الغرفة، حيث روى لهم سمير بسرعة ما شاهده، طلب آسر فورًا من رجل الأمن أن يجلب لهم سجل كاميرات المراقبة عند باب المستشفى في الوقت ذاته


في اللقطات، شاهد الجميع الرجل وهو يضع دولت في سيارته، ثم أدخل الكرسي المتحرك من الخلف، لكن يبدو أن خطته لم تكن ذكية كما ظن، فقد أخطأ في التفاصيل


تقدم فريد وأيهم نحو السيارة، وبدأ الشك يتسلل إلى قلبيهما حتى ردد ايهم بجدية، ليتأكد من ظنونه :

قرب نمرة العربية كده


نظر فريد وأيهم معًا، وقالا بتوافق :

دي عربية فادي !!!!!!


تبادلوا النظرات، فأمر آسر وسمير بسرعة بإرسال إشارات لجميع اللجان المرورية، يطلبون فيها احتجاز أي سيارة تطابق هذه المواصفات ورقم اللوحة فورًا !!!!!!

..........

كان المستشفى في حالة فوضى عارمة، الأطباء والممرضون يهرولون في كل اتجاه، والأصوات تتعالى هنا وهناك، وسط هذا الاضطراب، استغل ذلك الشيطان مجدي الفرصة الذهبية فقد علم من أحد الممرضين أن دولت هربت، فابتسم بخبث، ثم طلب منه السماح له بدخول الحمام، ليلقى منه الممرض مساعدة سريعة دون أن يشك في شيء


ما إن دخلا معًا إلى المرحاض، حتى تحامل مجدي على ألمه وجذب الممرض من رأسه بقوة، مصدمًا إياها بجدار الحمام عدة مرات متتالية، حتى تهشمت قواه وسقط فاقدًا للوعي على الأرض


لم يضيع مجدي ثانية واحدة، ارتدى ملابس الممرض على عجل، وتسلل بين الجموع التي كانت مشغولة بالبحث عن دولت


مر بجوار العسكري الواقف على المدخل، مستغلًا انشغاله في حديث جانبي مع إحدى الممرضات، وانطلق خارج المستشفى بخطوات ثابتة لا تثير الشبهات


لم يتجه إلى بيته أو أي مكان آمن، بل إلى ذلك الموقع الذي عرفه مؤخرًا، المكان الذي كان يتوقع أن دولت ستذهب إليه بعد هروبها، لم يكن يعلم بعد أنها عاجزة عن الحركة، لكن داخله يقينه انها هناك......وأن المواجهة قريبة جدًا !!!!

.........

بينما في الجهة الأخرى، توقفت سيارة فادي أمام غرفة صغيرة تقع في منطقة نائية تخلو من أي مارة، ترجل من السيارة، يساعد دولت على النزول وجلوسها على الكرسي المتحرك، قادها إلى الداخل بعدما دلته على مكان مفتاح الغرفة المدفون في الرمال بجوار الباب



كانت الغرفة ضيقة، شبه خالية من الأثاث، سوى عمود خشبي يتوسطها، دفعت دولت كرسيها باتجاه العمود، ثم أزاحت قطعة خشب مخفية في وسطه، فأخرجت صندوقًا صغيرًا


لمع بريق الطمع في عيني فادي حين انكشف أمامه الصندوق المكدس بأوراق النقود وسبائك الذهب، سال لعابه وهو يتخيل كيف ستنقلب حياته رأسًا على عقب إذا حصل على كل تلك الثروة، فبالنسبة له المال يعني السلطة، والراحة الأبدية، والنعيم الذي لا ينفد


كانت دولت، بعزم هادئ، تعبئ الأموال والسبائك في حقيبة كبيرة وضعتها على ساقيها، وحين انتهت، أخذت بعض السبائك وحزم من النقود، ومدت يدها بها نحو فادي قائلة بضيق :

خد، الفلوس اللي اتفقنا عليهم، وهاتلي بيت بعيد مفيش حد يعرفه، أقعد فيه لحد ما أعرف أخرج من البلد، كمان شوفلي حد يفضل معايا، وهدفعلك اللي انت عاوزه


لكن فادي، وقد أظلمت ملامحه بمكر دفين، وقال:

هو فيه حد يعرف المكان ده غيري أنا وانتي....؟؛


ردت عليه بنفاذ صبر :

لا، المهم تشوفلي البيت بسرعة


ضحك بسخرية، ونظر إلى ساقيها المشلولتين قائلاً :

بصراحة، الاتفاق فيه تعديل، انتي عارفة الواحد لما يعيش مشلول، بيتمنا الموت ألف مرة.....فأنا بقى قررت اريحك


ارتجفت دولت، وقد بدأ الخوف يتسرب إلى قلبها، فسألته بزعر :

انت بتقول إيه، انا هزودلك الفلوس........


أخرج فادي سلاحه من خلف ملابسه، شد أجزاءه ووجهه نحوها، قائلاً بمكر :

ده مش تخريف يا مرات عمي، دي فرصة عمري، سيبك عايشة أو أخلص عليكي، في الحالتين مش هتعرفي تمنعيني من اني اخد كل الفلوس دي لنفسي


لكن صوتًا جاء من خلفهما، محمّلًا بالسخرية والتهكم :

آخر حاجة كنت أتوقعها يا دولت، اني أشوفك عاجزة كده، مش قادرة تدافعي حتى عن نفسك


التفت فادي بفزع، ورفع سلاحه نحو القادم.....انه مجدي !!


– ارمي السلاح من ايدك !!

قالها فادي بحدة وهو يصوب سلاحه بحذر نحو مجدي


ابتسم مجدي ببرود، متجاهلًا الألم الذي يعصف بجسده من طعنة لم تلتئم بعد :

نزل السلاح يا شاطر، وامشي، الفلوس دي تلزمني وحقي، طلع نفسك بره لعب الكبار، واقصر الشر وامشي


رد عليه فادي بتحدي :

بس ده مش هيحصل، الفلوس دي بقت بتاعتي خلاص


أما دولت، فقد تملكها القهر وهي ترى الاثنين يتصارعان على أموالها، بينما هي حبيسة كرسيها، لا حول لها ولا قوة


تمسكت بالحقيبة بكل ما أوتيت من قوة، لكن في اللحظة التي مد فيها فادي يده ليخطفها، دوى صوت رصاصة أطلقها مجدي، فأصابت كتف فادي من الخلف، وجعلته يترنح على ركبتيه


لم يمنحها مجدي فرصة للتنفس، إذ صوب سلاحه نحو رأسها مباشرة، فصرخت دولت، لكن الرصاصة كانت اسرع فلقت مصرعها على الفور !!!!



في ذات اللحظة، ضغط فادي على الزناد مرتين، رغم الألم المبرح في كتفه، فأصاب جسد مجدي برصاصتين أردتاه قتيلًا على الفور


لهث فادي، يمد يده المرتعشة نحو الحقيبة، ثم خرج مسرعًا من المكان، يقود سيارته بجنون، والدم ينزف بغزارة من ذراعه، لكن سرعان ما ظهر أمامه شبح شاحنة ضخمة، حاول تفاديها بلا جدوى


الاصطدام كان عنيفًا، حطم السيارة تمامًا، وأزهق روح فادي في لحظتها، لتصعد إلى خالقها، تاركة خلفها دماءً ومالًا مُدنس لم يصل لأحد !!!!!!

............

بعد وقت قصير، كانت سيارات الإسعاف والشرطة تملأ المكان، صفاراتها تمزق سكون المنطقة. سائق الشاحنة، الذي لم يصب سوى ببعض الكدمات والخدوش، كان هو من أبلغ عن الحادث، وما إن تعرفت الشرطة على هوية صاحب السيارة، حتى سارعت بالاتصال بآسر، الذي حضر على الفور برفقة أكمل، سمير، فريد، وأيهم !!!!!


لكن ما إن وقفوا أمام المشهد، حتى جمدت الدماء في عروقهم، السيارة كانت مطبقة على جسد فادي، مشوهة بالكامل، لا مفر من الموت فيها !!!


استمرت الشرطة لساعات تمشط المنطقة القريبة من موقع الحادث، بحثًا عن أي أثر لدولت، وأخيرًا، قادتهم التحريات إلى غرفة صغيرة مهجورة، اقترب سمير من الباب، وركله بقوة بينما يمسك سلاحه، ليفتح الطريق أمام الجميع


كان المشهد بالداخل صادمًا…...

دولت غارقة في دمائها على كرسيها، وبجانبها جسد مجدي ممدد بلا حراك، انحنى آسر بسرعة، يتحسس نبض مجدي، لكنه لم يشعر بشيء.....لقد فارق الحياة


وقف فريد وأكمل، أعينهما مثبتة على جسد دولت، وكأن الصدمة جمدت مشاعرهما، لم تخرج منهما دمعة واحدة رغم الحزن الذي انغرس في صدريهما، بينما أيهم، الذي كان يراقب صديقه في صمت، مد يده يربت على كتفه، ولم يدري هل يواسيه لفقدانه، أم يخفف عن نفسه بشعور أن قاتلة والدته قد لاقت مصيرها، مؤكدًا في نفسه تلك المقولة التي ترسخت الآن أكثر من أي وقت مضى "من قتل يُقتل، ولو بعد حين"

...........

عاد الجميع إلى منازلهم، والحزن يخيّم على القلوب، بعضهم لم يعرف كيف يحدد مشاعره، أهو حزن على الراحلين أم ارتياح لانتهاء هذه السلسلة من المآسي


بينما عند عليا والدة فادي، كان المشهد مختلفًا......

صرخة مدوية شقت سكون الليل حين وصلها خبر موت فلذة كبدها، نعم، كان يحمل صفات سيئة، واقترف ذنوبًا كثيرة، لكن في نظرها سيظل ابنها، قطعة من قلبها


صرخاتها كانت تمزق القلوب، صرخات أم تنعى ابنها بكل ما فيها من وجع، حتى فقدت وعيها من شدة الانهيار، لتتسابق الأيدي في محاولة إسعافها، والشفقة تعلو الوجوه


أما هايدي، فما إن وصلها الخبر حتى أجهشت بالبكاء، دموعها تنهمر بحرقة على شقيقها، كانت حزينة، مشفقة عليه، ومتألمة لأنه رحل بهذه الطريقة المأساوية، حاملاً معه أخطاءه دون فرصة للتكفير عنها




في مكان آخر، كان فريد حبيس غرفته في الفندق الذي يقيم فيه. ظل ممددًا على السرير، يحدق في سقف الغرفة طوال الليل، الحزن ينهش قلبه، والدموع تلمع في عينيه، لكنه يكبتها في صمت، رحيل والدته بهذه الطريقة القاسية ترك داخله فراغًا لا يمكن ملؤه، وجرحًا لن يلتئم بسهولة !!!!

..........

في اليوم التالي، وقف فريد بين الجموع في مراسم دفن والدته وابن عمته، بثبات خارجي يخفي زلزالًا داخليًا، وجهه جامد، ملامحه صامتة، لكن قلبه كان يغلي بمزيج من الحزن، الألم، والخذلان، لم يكن يتوقع أن يرى أكمل هنا، لكنه فوجئ به يتقدم نحوه، يحيطه بعناق قوي، عناق لم يكن مجرد مجاملة عزاء، بل كان رسالة صامتة تقول " ابقَ قويًا، لست وحدك"


على الجانب الآخر، كانت رونزي تقف في جنازة والدها، لكن قلبها لم ينبض بحزن، كانت مشاعرها باردة، وكأن الأمر يخص شخصًا غريبًا، عللت ذلك في داخلها انها كيف تحزن على رجل لم يمنحها يومًا إحساسًا بكونها ابنته، رجل لم يعطها سوى اسمه، دون أن يمنحها حبًا أو حنانًا أو حتى اهتمامًا، بالنسبة لها، كان أبًا بالاسم فقط، لا أكثر


والدتها شيري حضرت العزاء أيضًا، ولكن ملامحها كانت جامدة تمامًا، خالية من أي أثر للحزن أو الانكسار، نظرتها كانت ثابتة، وكأنها تشاهد حدثًا لا يمسها شخصيًا، وكأن بينهما وبين الراحل جدارًا عازلًا منذ زمن بعيد

........

بعد أن عاد أكمل من العزاء ومراسم الدفن، صعد إلى غرفته مباشرة، جلس على طرف الفراش، منكس الرأس، يدفنه بين كفيه، الحزن يثقل صدره، ولا ينكر أبدًا وجعه على رحيل شقيقته، رغم كل ما فعلته


تقدمت حنان بهدوء، تدخل الغرفة من خلفه، وبصوت يقطر أسى قالت وهي تعرف ما به دون أن يسرد شيئًا :

اكمل......


رفع رأسه قليلًا، وأطلق ما كان حبيس قلبه :

مكنتش أتمنى يحصلها كده، عارف إنها عملت كتير، قتلت وأذت أقرب الناس ليا، بس دي أختي في الأول والآخر، مكنتش أتمنى تكون علاقتنا بالشكل ده، ولا إنها تموت بالطريقة دي


ربتت على يده برفق، محاولة مواساته :

استهدى بالله يا أكمل......وادعيلها بالرحمة


أومأ لها بصمت، لتكمل حنان برجاء :

أكمل، خليك جنب فريد، الولد بجد محتاجلك، اللي حصله مش سهل، هو هيكون محتاج لحد يسنده اليومين دول، ابوه زي ما انت عارف مفيش منه رجا، الولد كويس، هو بس محتاج اللي يشده للطريق الصح، بلاش حركاتك دي معاه، قوم بواجبك كخاله، اخواتك اللي يرحمهم، آسر وفريد دلوقتي مالهوش غيرك، دول امانتك


تنهد وهو يجيبها بهدوء :

اكيد مش هسيبه، انا عارف انه كويس، وان يجي منه، ولو بعمل كده معاه، فده عشان أعلمه إن اللي بيجي بالساهل بيروح بالساهل، اللي بعمله فيه عشان أسلم بنتي للي يستاهلها، وكمان أعلمه درس عمره ما ينساه، بنات الناس عمرها ما كانت لعبة


اومأت له بصمت، ثم ابتسمت بحب وهي تقول :

غير هدومك يلا، وانزل.....اكون حضرت الغدا


غادرت الغرفة، وبقي هو يبدل ثيابه كما قالت، لكن، وهو يتذكر لحظة وضع شقيقته في قبرها برفقة فريد، مر في خاطره سؤال ثقيل

هل الأموال، وكل تلك الأمور السيئة، تستحق أن يفقد الإنسان آخرته من أجلها....؟!





أجاب نفسه في صمت لا والله ما تستحق، فكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام

كل شيء زائل، ولا يدوم، لا شيء يستحق أن يبيع الإنسان آخرته لأجله

...........

بعد يومين، كانت رونزي تجلس في منزلها، تضم قدمها إلى صدرها، وتنظر للفراغ بعيون شاردة، حتى انها لم تنتبه لرنين جرس الباب، ولم تُدرك دخول آسر الذي وقف عند الباب بعد أن فتحته الخادمة، اقترب منها بابتسامة هيام، وقال :

رونزي !!!


انتفضت واقفة، تحدق به بحدة، وقالت :

انت ايه اللي دخلك هنا.....؟؛


رد عليها آسر بهدوء :

جيت أطمن عليكي


ضحكت رونزي بسخرية مريرة وقالت :

لا فيك الخير والله


زفر آسر بضيق ثم قال برجاء :

رونزي ممكن نتكلم شوية من غير خناق....؟؟


ردت عليه بنبرة قاطعة، مليئة بالغضب :

لا


ردد آسر اسمها برجاء :

رونزي


صرخت عليه بحدة :

متنطقش اسمي على لسانك


اقترب منها خطوة، قائلاً بتوسل ان تسمعه :

سوء التفاهم بينا لازم يتحل، اقعدي نتكلم بهدوء.....


ضحكت رونزي بسخرية، ثم قالت بحدة:

مفيش سوء تفاهم بينا، اطلع بره، أنا مش طايقة أشوفك، إيه معندكش دم ولا كرامة


جز آسر على اسنانه، قائلاً بغضب :

رونزي، بلاش طولة لسان


تحدته قائلة بصوتٍ مرتفع :

ده اللي عندي، طولة لسان وبس، ولو تعرف تسكتني....سكتني


نظر إليها بمكر وقال :

لأ، هعرف


ضحكت بسخرية، لكنه فجأة وضع يده على خصرها، وجذبها إليه، قائلاً بمشاكسة :

تحبي تجربي وتعرفي هسكتك إزاي.....؟!!


في لحظة، اقترب منها فجأة، وضغط جسده بقوة وكأنه لا يريد أن يتركها تفلت، تاهت أفكارها، وكل إحساسها كان محتشدًا في ذلك الاقتراب المفاجئ، حاولت تدفعه بكل ما تملك من قوة، لكنه متمسكًا بها بإصرار، بعد جهد، تمكنت من الابتعاد بصعوبة، مسحت شفتيها باشمئزاز، ثم رفعت يدها وصفعته صفعة مدوية، قائلة بغضب :

اطلع بره، يا حيوان


كانت صدمته عظيمة حين صفعته، والأدهى أنه شاهدها تمحو أثر شفتيه من على شفتيها بعيون مليئة بالاشمئزاز أومأ لها بهدوء يخالف نار الغضب التي تتأجج بداخله، وقال :

طالع بس، راجع يا رونزي، ومش هحاسبك ع القلم ده ولا طولة لسانك دلوقتي


غادر، وتركها تتنفس بغضب متأجج، نيران الانتقام تشعل صدرها، رفعت نظرها نحو الكاميرا الصغيرة في الزاوية، حمدت ربها لأنها ركبتها عندما استأجرت المنزل، والآن تحقق لها مبتغاها سريعًا !!!


اتصلت بالرجل الذي ركب الكاميرا، وطلبت منه قص المقطع المخل من الفيديو ووضعه على فلاشة صغيرة، ثم توجهت مباشرة إلى القسم، عاقدة النية على الانتقام  !!!!!!!

.........

في ذات اليوم، دخل آسر مكتب اللواء مجدي خال سمير، الذي استدعاه بشأن أمر هام، وما إن سأله عن السبب، حلت عليه الصدمة !!!



— أنت موقوف عن العمل يا حضرة الظابط !!!

قالها رئيسه في العمل بجدية، ولم تخلو نبرته من الغضب الشديد


سأله آسر بغضب وصدمة :

واتوقف عن العمل ليه، إيه السبب ؟؟


رد عليه اللواء بحدة :

متقدم فيك بلاغ تحرش وتعدي على بنت !!!!!


ردد آسر بصدمة وعدم استيعاب :

أفندم


رد الآخر عليه بحدة وغضب :

والواقعة متسجلة فيديو كمان، وفي شهود، واللي رافعة عليك القضية معاها الجنسية الالمانية !!!!!!


سأله آسر بتوجس :

اسمها ايه


رد عليه الآخر بحدة :

رونزي.....رونزي مجدي القاسم، بنت مجدي القاسم !!!!


اتسعت أعين آسر بصدمة، وسأله :

فين الفيديو ده ؟؟


ألقى له الآخر الهاتف على المكتب بحدة، ليلتقطه آسر وينظر للفيديو بغضب، تلك الماكرة استغلت ما حدث لصالحها، أو لنقل إنها خططت لذلك منذ البداية


كور يده بغضب، والشر يتطاير من عيناه، ثم ألقى الهاتف من يده قائلاً :

بنت ال......


بغضب كان يغادر المكتب سريعًا، متجهًا نحو منزلها،

ما إن وصل، وفتحت له الخادمة الباب، دخل المنزل بغضب كالأعصار يبحث عنها، حتى وجدها تجلس على الأريكة بالصالون تتابع التلفاز، وتضع قدمًا فوق الأخرى

قبل أن ينطق بكلمة، قالت رونزي بسخرية :

كنت مستنياك تيجي


اقترب منها، يجذبها من يدها قائلاً بغضب يكاد يفتك بها :

عملتي كده ليه ؟؟


دفعت يده، قائلة بسخرية وتحدي :

اوعى تكون فاكر إن اللي قدامك هتقعد تبكي من اللي عملته فيها، أو هتكون ساذجة وتضحك عليها بكلمتين مرة تانية، تؤ خلاص مفيش منه، أنا كل اللي كنت بعمله اليومين اللي فاتوا عشان أوصل للي عوزاه، ووصلت، زي ما انت عملت بالضبط.....العين بالعين، والبادئ أظلم، اللي حصل ده جزء من اللي لسه هيحصل، دي بس البداية يا حضرة الظابط


تداركت نفسها، ثم قالت مستفزة اياه :

ظابط ايه بقى......ما خلاص


نظر بعيون ملؤها الصدمة والدهشة، يتساءل في صمت أين تلك الفتاة التي عرفها وأحبها، أين رونزي التي كانت تشرق بابتسامتها الصافية، بينما يقف أمامه الآن وجه مختلف، لا يحمل من براءة الأمس سوى طيف باهت


ضحكت هي، لكن ضحكتها لم تكن سوى سخرية تذوب في مرارة جرح عميق، وكأنها تقهقه على كل الألم الذ أجبرها أن ترتدي هذا القناع الجديد


رددت بصوت ثقيل مشحون بالغضب والخذلان :

البركة فيك بقى، انت اللي خلتني كده، شغلك غالي عليك اوي صح، بسببه عملت الفيلم ده كله، وقهرتني وكسرت قلبي، فحلفت مية يمين لأقهر قلب واوجعك زي ما وجعتني




صمتت للحظات ثم تابعت بتوعد :

ده مش النهاية.....لا ده لسه بداية الطريق بينا يا ابن النويري !!!!!


نظر إليها مطولًا، عيناه تشتعلان بالغضب والاحتقان، كل نبضة في صدره تغلي غضبًا لا يُطْفأ، تلاقت نظراتهما في تحد صامت، حوارٌ بلا كلمات يشعل أجواء المكان بتوتر متصاعد لم يتحرك من مكانه، رغم رغبته الملحة في الانصراف، لكن قدميه لم تطيقا الانتظار، فركل الطاولة الزجاجية بعنف، بديعرف نفسه جيدًا في لحظات الغضب، وأن أي تصرف يمكن أن يجعل الأمور اسوأ !!!!!

........

مرت عدة ايام على تلك اللحظة المشحونة، وأحداث كثيرة جرت في طياتها


أُغلقت القضية، وتمت ترقية آسر وسمير، لكن تم وقف ترقية آسر بسبب القضية المرفوعة عليه من قبل رونزي


اليوم، كان موعد تقسيم التركة بين رونزي ووالدتها شيري،

بعدما تم التحفظ على اغلبها لثبوت انها من مصادر غير مشروعة، وقبل أن يبدأ المحامي بكلماته، قطعت شيري الحديث قائلة ببرود قاتل :

اظن أن الورثة بس هم اللي ليهم الحق في الفلوس دي


رد عليها المحامي بجدية :

مظبوط يا هانم


ردت عليه شيري ببرود :

يبقى رونزي بتعمل إيه هنا....؟!!!


صُدمت رونزي من حديث والدتها، ليجيب المحامي بهدوء :

رونزي هانم، هما بصفتها بنت حضرتك والأستاذ مجدي......


قاطعتها شيري كأنها تقول أمرًا عاديًا، وليس كارثة :

أولًا، أنا عمري ما خلفت، ولا كان ليا أولاد، ثانيًا، مجدي كان عنده مشكلة في الخلفة، ومش بيخلف، يعني رونزي مش بنتي ولا بنت مجدي !!!!!


سألتها رونزي بصعوبة، فقد ثقلت انفاسها من شدة الصدمة :

ايه !!!




ردت عليها شيري بقسوة :

اللي سمعتيه يا بنت.....نادر وروحية !!!!!!!!!!

...............

البارت خلص 🔥❤️



 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع