رواية ليتني لم أحبك الفصل السابع وعشرون 27بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية ليتني لم أحبك الفصل السابع وعشرون 27بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل السابع والعشرون
_______
ما إن خفتت أصوات الأقدام في الخارج، حتى أمسكت جيانا بيد تيا وسحبتها خلفها بسرعة، قلبهما يكاد يخلع من مكانه من شدة الخوف
ما إن فتحت الباب بحذر، حتى تجمدت في مكانها، وتيا شهقت بقوة، جسدها ارتعش من الذعر......
كان يقف امامهما رجل، يحمل سلاحًا في يده، وجهه متوتر، عيناه تراقبان المكان تتوقعان الخطر في أي لحظة
همس بسرعة، وهو يلتفت يمينًا ويسارًا :
ادخلوا الدولاب، اقعدوا جواه، نص ساعة بالظبط والبوليس هيوصل، الدور ده مفيهوش كاميرات، متخافوش، انا هنا علشان أساعدكم.
1
لم تنطق جيانا بكلمة، فقط دفعت تيا لتدخل، فالوقت لا يسمح بأي تردد، ثم لحقت بها وهي تلتقط أنفاسها المتسارعة
قبل أن يُغلق الباب عليهما، مد الرجل يده وأعطاها سلاحًا، قائلاً بخفوت :
خلي السلاح ده، معاكم احتياطي
أومأت له بامتنان سريع، فتراجع وأغلق الباب بهدوء، ثم أسرع في الابتعاد، ولما اعترضه أحد الرجال وسأله :
لقيتهم.....؟!
رد عليه بثبات :
دورت في الدور ده كله، مفيش حد، يمكن نزلوا تحت
ثم مضى في طريقه كأن شيئًا لم يكن، بينما بداخل الخزانة، كانت انفاس تيا وجيانا محتبسة، يشعران بالخوف مع كل ثانية تمر عليهما !!!!!!
..........
على الجهة الأخرى، كانت سيارات الشرطة تقترب بسرعة، تقطع الطريق نحو القصر، يصاحبها آسر، وسمير، وأكمل، وأيضًا فريد وأيهم، وحامد !!
لولا أن أحد رجال مجدي، المكلف بحراسة القصر، خان ولاءه، بمساعدة حامد وأفشى سر المكان، لما تمكنوا من الوصول إليه !!!!!!!
بعد قليل، بدأت قوات الشرطة بالانتشار بهدوء، تطوق القصر من كل الجهات
اقترب حامد من آسر وقال بنبرة منخفضة بعدما حصل على معلومة من الرجل التابع له :
فيه باب خلفي، عليه اتنين حراس بس
أخرج أيهم وفريد سلاحهما بسرعة، يستعدان للتسلل، لكن آسر أوقفهما بحدة :
رايحين فين؟! انتوا هتفضلوا هنا، مفيش حد هيتحرك
رد عليه فريد بصرامة، ونبرة لا تقبل النقاش :
انا داخل معاكم، ودي مفيهاش اعتراض
أيده أيهم قائلاً بحدة مماثلة :
احنا داخلين، واللي يحصل يحصل
تدخل سمير محاولًا تهدئة الوضع :
ما ينفعش، حياتكم في خطر
لكن فريد قاطعه قائلاً بعينين مشتعلة :
حياتي كلها جوه المكان ده، مش هقعد هنا مستني حاطط ايدي على خدي وقلبي بيتقطع
ردد أكمل أخيرًا، بنبرة تجمع بين الحسم والخوف على بناته :
مش وقت كلام، خلونا نتحرك بسرعة
حاول آسر الاعتراض، لكن نظرة حاسمة من أكمل جعلته يصمت مُجبرًا
بدأ الجميع بالتسلل نحو الباب الخلفي، وبعد أن قام رجال الشرطة بتقييد الحارسين دون صوت، فتحوا الباب بهدوء
كان الباب الخلفي يؤدي مباشرة للطابق الأرضي من القصر، حيث يتواجد قرابة عشرة حراس فقط، أما البقية فكانوا يراقبون الباب الأمامي
أشار آسر لسمير، وصوبا سلاحيهما بكاتم صوت نحو الحراس، وما إن سقط أولهم، حتى انتبه الباقون، وأخرجوا أسلحتهم بسرعة
اندلع تبادل كثيف لإطلاق النار، استمر لدقائق، حتى سقط كل الحراس أرضًا بعد إصابتهم
ركض فريد أولًا، يتبعه أيهم والبقية، متجهين للطابق العلوي، حيث أخبرهم الرجل أن تيا وجيانا تختبئان
فتح فريد باب الخزانة بسرعة، ويده ترتجف من القلق….
رفعت جيانا السلاح في وجهه، ظنًا أنه أحد رجال مجدي، لكن ما إن رأته، ورأت والدها خلفه، حتى شهقت واندفعت نحو والدها تحت تأثير الصدمة
ارتمت جيانا في أحضان والدها، تتشبث به كأنها تغرق…
ولحقت بها تيا، وانهارت بالبكاء بين ذراعيه، تحكي له بصوت متقطع ما كاد ذلك الوحش أن يفعله بها
أما جيانا، فاكتفت بالبقاء بين ذراعي والدها، تتنفس الأمان الذي حُرمت منه طويلاً، تشعر أن الخطر قد ابتعد أخيرًا
كل ذلك حدث تحت أنظار فريد، بعينين امتلأتا حزنًا وذنبًا…
وعيون أيهم، التي احمرت كالجمر من شدة الغضب، خصوصًا حين سمع ما كانت تيا تقوله !!!!
كل كلمة خرجت من فمها كانت تنغرز في قلب فريد كخنجر
والدته كانت السبب، كل هذا الألم.....كان بسببها ايضًا
ردد أيهم بصوت خرج من بين أسنانه، صوت أشبه بالغليان :
متلقح في انهي أوضة......؟؟
أشارت جيانا بيدها المرتعشة إلى غرفة في نهاية الممر، فانطلق أيهم كالصاروخ نحوها، يتبعه فريد والجميع، بينما الشرطة كانت تتكفل بباقي رجال مجدي أمام القصر
ما إن فتحوا باب الغرفة، حتى وجدوا مجدي ملقى أرضًا، في بركة من الدماء، اقترب سمير منه، انحنى وفحص نبضه، ثم قال بحدة :
في نبض، لسه عايش
اخذ آسر يفتش الغرفة بعينيه قبل أن يسأل بقلق :
دولت فين؟!
دخل الرجل الذي أرشدهم إلى القصر وهو يلهث قائلاً بتعجل :
فوق، على سطح القصر، في طيارة هتيجي تاخدها !!!!!!
بسرعة كان الجميع يركض نحو السطح، يتسابقون مع دقات قلوبهم التي تزداد توترًا، وما إن وصلوا، حتى وجدوها.......
كانت دولت قد وصلت قبلهم بدقيقة، واقفة هناك تلهث بأنفاس متقطعة، شعرها مبعثر ويدها ترتجف على الزناد
خلفها رجلان ضخما الجسد، تتطاير من نظراتهم نوايا القتل وما إن رفع أحدهم سلاحه، حتى عاجله آسر وسمير بوابل من الرصاص دون تردد
شعرت دولت أن الخطر يقترب منها، فرفعت سلاحها فجأة، وصاحت بصوت حاد مليء بالتهديد، وهي تتراجع للخلف بخطوات ثقيلة :
محدش يقرب
كان صوتها كالسيف، لكنه لم ينجح في شق الغضب المتجمد في قلب فريد، نظر إليها، والدهشة تشق ملامحه، ثم نادى بصوت مبحوح، يتمايل بين الحزن والخذلان :
ماما !!!!!!
ساد الصمت لحظة، لكنه لم يكن هدوءًا.....بل كان أشبه بالعاصفة التي تحبس أنفاسها قبل أن تنقض على كل شيء
صرخت دولت، بعينين تشتعلان حقدًا، وغضبًا :
انت واقف في صفهم، جاي تسلم أمك للبوليس، بس ده مش هيحصل….إلا على جثتي، الموت عندي أهون من كده
تقدّم آسر نحوها، عيناه تغليان من شدة الغضب :
سلمي نفسك بهدوء، أحسنلك، مش هتستفادي حاجة من اللي بتعمليه، الرجالة بتوعك كلهم اللي مات، واللي مسكناه، حتى مجدي اتقبض عليه
أدارت وجهها عنه، تنفي بعنف وكأنها ترفض حتى فكرة الهزيمة، ثم قالت بصوتٍ مبحوح، غاضب :
مش هيحصل بقولك، الموت أهون من إن آخرتي تبقى زنزانة، بعد كل اللي بنيته السنين دي كلها
صمت أكمل لحظة، ثم رفع رأسه نحوها، كانت نظرته ممتلئة بالخذلان، وهو يقول بصوت خافت، حزين :
قضت عمرها كله مقهورة عشانك، كانت معانا بس قلبها معاكي، كانت بتتكلم عنك كل يوم، بتستناكي ترجعيلها، حتى في حلمها مكنتش شايفة غيرك، الحمد لله انها ماتت قبل ما تشوفك بالشكل ده…..كانت هتموت بدل المرة الف مرة وهي شايفة شيطانة بتدمر وتقتل من غير ضمير
صرخت دولت قائلة بغل لم يهدأ رغم مرور السنين :
انتوا السبب، انت و إبراهيم وأبوكم…..كلكم السبب في كل حاجة بتحصلي، أبوكم هو اللي ضحك عليها، خلاها تختاره هو وتسيب بنتها، باعتني عشانكم، كنتوا أحسن مني في ايه عشان تختاركم وأنا لأ !!!
زم اكمل شفتيه، وصوته انقلب إلى حدة مشوبة بالمرارة :
الذنب مش علينا.....ابوكي هو اللي طلقها، وهو اللي خدك منها، وهو اللي ملا قلبك بالحقد ده كله، مفيش أم تتحط بين أولادها وتختار واحد وتسيب التاني، بس كانت بتحبك أكتر مننا، اللي حصل غصب عنها، ابوكي خدك منها بالحيلة، انتي اللي مش عاوزة تشوفي غير الوحش بس، اياكي تلومي حد فينا، عاوزة تلومي حد روحي لومي نفسك، لومي ابوكي اللي ملا قلبك وعقلك بكلامه المسموم وكدبه
تنهد، ثم تابع بسخرية مريرة وهو ينظر لعينيها الجاحدتين :
لو كنتي عرفتي احنا استنينا سنين قد ايه عشان نشوفك، كنا بنحبك من غير ما نعرفك، من كلامها عنك، بس انتي صدمتينا وبدل ما تفرحي بينا، خلقتي بينا عداوة، لا انا ولا إبراهيم عمرنا تخيلنا إنك تبقي عدوتنا
حدقت فيه بعينين غائمتين بالحقد، وكأن الحقيقة صفعت وجهها، لكن الغل فيها كان أشرس من أن يعترف بالهزيمة :
كداب، كلامك مش هيقلل من كرهي ليكم، انتوا السبب
اقترب اكمل منها، بصوت ملغم بالغضب والاحتقار وقال :
انا مش بقولك الكلام ده عشان تبطلي تكرهيني، انا بقولك عشان تعرفي قد إيه كنتي غبية، حبك وكرهك ما يفرقوش، لأني مش هنسى إنك كنتي السبب في موت أبويا وأخويا....
صرخت عليه بجنون، وانهيار :
انا مش غبية، انا اذكى واحدة فيكم، سامعني، انا اذكى واحدة فيكم كلكم
ضحك آسر بخبث، ثم ألقى كلمات كالسم ليخرج منها ما كل ما تخفيفه من اسرار :
بأمارة ايه انك ذكية !!
رفعت رأسها بفخر وجنون، وقالت بنظرات مليئة بالشماتة :
بأمارة إني قدرت أدمر جزء من حياة كل واحد فيكم، كنت في منتهى السعادة وانا بعمل كده، امممم تحبوا نبتدي بمين
ثم التفتت نحو آسر، قائلة ونظرة الثأر تلمع في عينيها :
ابراهيم اتدخل في اللي مالوش فيه، وكان هيهد اللي بنيته، كله، وقع في إيده ورق يودي مجدي في داهية، ولو مجدي وقع، أنا كنت هقع وراه، اصلها دايرة وهتلف ع الكل، ما انت عارف بقى، فكان لازم نخلص منه، بس حظه انه مراته كانت معاه، فماتوا هما الاتنين، بعد ما حد من رجالة مجدي لعب في فرامل العربية
صمتت لحظة، ثم أدارت رأسها ببطء نحو ايهم، وقالت بابتسامة لزجة :
الدور عليك دلوقتي انت يا ايهم !!!!!!
نظر إليها مذهولًا، فبادرت دولت بصوت مشبع بالخبث :
بتبصلي كده ليه، اه انا أذيتك، ومش انت لوحدك، لا دهخانت وأبوك كمان، اللي عاملي فيها روميوو
قهقهت بسخرية، ثم تابعت بفخر :
الكل فكر إن نور ماتت قضاء وقدر، طبعًا مستحيل يحصل كده، اصل انا كنت بحبها، ومن كتر حبي، مرضتش أموتها زي الباقيين، خليتها تموت بالبطئ واحدة واحدة !!!!!!!!
كلماتها صدمته !!!!
لقد قتلت والدته الحبيبة بكل برود
كاد أن ينقض عليها لولا يد سمير التي منعته من التهور :
اه يا بن.......
تراجعت خطوتين للخلف، قائلة بشماتة وغل :
كانت تستاهل تموت، تفرق ايه هي عني عشان يبقى عندها زوج يحبها وانا لأ، تفرق ايه عني عشان صلاح الزيني ومراته يحبوها ويفضلوا يمدحوا فيها وانا لأ، تفرق ايه عني عشان الكل يحترمها وانا لأ، من يوم ما دخلت قصر الزيني وسرقت مني مكانتي فيه، كانت مفكرة نفسها احسن مني، لكن انا مفيش احسن مني، انا دولت هانم الناجي، اللي لسه ما اتخلقش اللي يفكر يتحداها أو يحط راسه براسها، ده انا انسفه من على وش الأرض
– هقتلك !!!!
صاح بها أيهم وهو يحارب يد سمير وآسر اللتين تمنعاه من الذهاب إليها والفتك بتلك الحقيرة التي قتلت والدته، أغلى ما يملك
ردت عليه دولت بسخرية واستهزاء :
اتكلم على قدك يا حبيبي، كان غيرك اشطر
ثم تنهدت قائلة بضيق مصطنع :
اووف، ما تضيعش وقت، خلينا نروح للباقي
تصنعت التفكير مرة أخرى، وقالت وهي تنظر لأكمل الذي يحتضن بناته، ولازالت هي توجه السلاح تجاه الجميع
اممم نروح لمين، آه، نرجع تاني ليك يا أكمل ولبناتك، اممم تعرف ان جواد كان شخص حقير اوي، يبيع ابوه عشان الفلوس، مع ذلك سمعته كانت كويسة اوي وسط رجال الأعمال، عملت ايه انا بقى، اتفقت معاه انه يخطب بنتك،
واتفقت معاه برده انه يخطفها ويخدرها ويصورها معاه،
بس بنتك الحظ كان من نصيبها، عشان ابني انا يروح ينقذها، لا وكان هيموت بسببها كمان، تعرف جواد وافق يعمل كل التمثيلية دي مقابل عقد تعاقد مع شركة عالمية بس
ثم تابعت بحقد وغضب :
لولا أن الحظ محالفك، كان البوليس بكره بيخبط على باب بيتك بتهمة قتل جواد
تابعت بغل وهي تنظر لتيا وجيانا وأكمل :
أما خطف بناتك النهاردة، تم بأمر مني، كان لازم أكسر عينك وعينهم، كنت ناوية أرميهم لرجالتي يتسلوا بيهم بعد ما مجدي يخلص منهم، وابعتهم ليك
منع سمير ايهم بصعوبة من أن يذهب إليها ويخرج بروحها.....
الحقيرة، يقسم أن الشيطان يتعلم منها
تابعت دولت، وهي تنظر لحامد الذي يناظرها بغضب شديد :
حامد.....حامد الخاين
رد عليها بشراسة :
انا عمري ما كنت خاين، الخيانة دي من طبعك انتي مش انا
ضحكت دولت بسخرية، ثم قالت :
بسبب غبائك وعنادك زمان، ابنك مات، فيها ايه لو كنت سمعت الكلام من الأول، كان زمانه عايش، بس هنقول ايه بقى، ناس مش بتيجي غير بالسك على دماغها
نظرت له بسخرية، متابعة بعد أن التقطت أنفاسها :
لو كنت سمعت الكلام، وخدت الفلوس، وقفلت بوقك،
مكنش حصل اللي حصل لابنك، واضطريت اقتله انا ومجدي
قرصة ودن ليك، واديك خسرت ابنك، والفلوس، والورق اللي كنت ناوي تقدمه للبوليس رجعلي من تاني.....
شوفت قد ايه انت غبي؟ وانا اللي ذكية !!
انت خسرت التلاتة، وانا كسبت كل حاجة
نظرت له، متابعة بفخر وغرور :
بس اعترف، إن لولا اللي عملناه فيك وفي ابنك، ماكنتش وصلت للي وصلته دلوقتي، انا فضلي عليك
رد عليها بشراسة، مقتربًا منها، لتتراجع هي للخلف خطوتين :
نهايتك هتبقى على ايدي
ما إن أمسكه احد رجال الشرطة مانعًا إياه من التحرك، تابعت هي بسخرية :
اتكلم على قدك، انت أضعف من أنك تعمل كده
زفرت بضيق مصطنع، ثم قالت بفخر :
سيبني أكمل بقى، خليهم يتعلموا ويشوفوا الذكاء، اممم نروح لمين، آه، خلينا في زينب الخدامة وبنتها
ابتسمت بغل، ثم تابعت قائلة:
كان لازم قرصة ودن ليها، عشان تبقى تفكر قبل ما تحط رأسها براسي، الخدامة دي، صحيح محمد اختارني،
بس ده مكنش كفاية بالنسبة ليا عشان اشفي غليلي منها،
بالتوكيل اللي محمد كان عمله ليه لمدة كام يوم بس،
بيعت البيت اللي كان مقعدهم فيه، ورميتهم في الشارع
بس الظاهر ده مكنش كفاية، كان لازم أخلص منها ومن بنتها.......وارتاح منهم
ثم نظرت لسمير، متابعة بسخرية وخبث :
اممم نيجي لسمير !!!!!
هو الصراحة مش أنا اللي عملت ده مجدي
نظر لها بصدمة وعدم فهم، لتتابع بسخرية :
ايه، بتبصلي كده ليه، هو انت مفكر أن انت الوحيد اللي مفيش حاجة طالتك، تبقى غلطان، ده انت أكبر مغفل فيهم
تخيل تبقى......آآآآه
خرجت من شفتيها فجأة، حادة، مرتجفة، كأنها نزعت من روحها، تبعها صراخٌ مفزع شق سكون الليل
لقد تراجعت خطوة للوراء، دون وعي، دون أن تنتبه أنها تقف على حافة السور القصير لذلك القصر العتيق.....وسقطت
سقطت بثقل ماضٍ لا يُغتفر، وجسدٍ حمل من الآثام ما فاض عن طاقته، اصطدمت بالأرض، وامتزجت أنينها بصرخات المذعورين، وحولها بركة من الدماء، تسيل كأنها تغسل خطاياها......و تشهد عليها
اندفعت عناصر الشرطة للأسفل، ووراءهم صوت سيارات الإسعاف يملأ الأرجاء، لكن هناك على السطح، وقف الجميع في صمتٍ تام، كأن الزمن تجمد !!!!
كأن الكلمات قد خُنقت في الحناجر
كأن الصدمة أطبقت على الأرواح
نظراتهم معلقة بالسور، بالمكان الذي كانت فيه.....
بالحقيقة التي قالتها، بالشر الذي سكنها، والحقد الذي لوث ملامحها حتى الرمق الأخير، ووسط هذا السكون.......
نظرت جيانا إلى فريد، نظرة امتلأت بالشفقه، بالحزن، بالوجع كان واقفًا في مكانه كالتمثال من شدة صدمة
جسده متخشب، وعيناه تحدقان في أثر والدته......
كأن الزمن توقف فيهما، رأت كل شيء في عينيه،
الخذلان، الحسرة، الألم.....
كأن شيئًا قد انكسر فيه للأبد
ابتعدت عن حضن والدها بهدوء، لم تعبأ بصراخ من حولها أو بخطورة ما مرت به، فهيئة فريد وحدها كانت كفيلة بأن تعصر قلبها.....
اقتربت منه، أمسكت يده بخفة، بصدق، بدعم،
كأنها تقول له " انا هنا....انا بجانبك دومًا "
نظر لها......
عينيه تلمعان بدموع متجمدة، تأبى السقوط،
تبادل معها نظرة صامتة، لكنها كانت أبلغ من أي كلام
برغم النيران المشتعلة في قلوب الجميع،
برغم الرغبة في القصاص، في الانتقام من دولت التي فجرت جحيمًا من الاعترافات.....
إلا أن الشفقة تسرّبت إليهم دون استئذان، كلما نظروا إلى فريد الذي لم يتكلم، لم يصرخ، لكنه صمته كان ابلغ من اي حديث يمكن ان يقال !!!!!!!
..........
وصل الجميع إلى المستشفى
القلق يأكل قلوبهم، الأسئلة تملأ رؤوسهم
كيف حال جيانا وتيا.....؟؟
ماذا حدث لدولت ولمجدي.....؟؟
كان فريد لا يزال ممسكًا بيد جيانا
لم يتركها للحظة
يده كانت باردة، مشدودة
تتمسك بها كأنها طوق نجاته الوحيد وسط غرق لا خلاص منه
حتى أكمل، كان يراقبه من بعيد، مزيج من الغضب والشفقة في عينيه، الغضب مما حدث، والشفقة على قلب لا يتحمل هذا الكم من الطعنات
بعد وقت قصير، خرج الطبيب بوجهٍ جاد، تجمع حوله الجميع، قلوبهم على حافة الانهيار
ردد الطبيب بنبرة هادئة :
الأستاذ مجدي قدرنا نلحقه، حالته كانت صعبة بس استقرت،
محتاج راحة ومتابعة، وإن شاء الله خلال أسبوع أو اتنين حالته تتحسن
ثم تنهد، وعيناه امتلأتا بأسفٍ عميق وقال :
أما بخصوص مدام دولت، للأسف حالتها كانت خطيرة جدًا،
الوقعة أثر على العمود الفقري بشكل مباشر، وسبب لها.....
تردد لحظة ثم أكمل بأسف :
شلل دائم !!!!!!
.........
عاد الجميع إلى منازلهم بعد يومٍ ضج بالأحداث، بعضهم حمل حزنًا أثقل القلوب، وآخرون نالوا أخيرًا ما تاقوا إليه بعد سنواتٍ من الصبر المُر
أما سمير، فظل أسيرًا لذاك السؤال الذي لم تُتح له إجابته الكلمات الأخيرة التي لفظتها تلك المرأة قبل أن تسقط من أعلى سطح القصر لا تزال ترن في رأسه......
عقلُه يدور في دوائر مغلقة، يبحث عن تفسير، يفتش بين احتمالات لا تنتهي
أما حامد، فكان أول من غادر، خطواته كانت أسرع من أن تُلحق بها أنفاسه، لا شيء يقف بينه وبين شوقه، مضى كأن كل الطرق تؤدي إلى بابها، باب من أحبها بكل ما أوتي من قلب
في ذلك الليل الساكن، وعلى صوت طرقات مُتتالية، استفاقت نعمة، ارتدت إسدالها بخفة، تتقدم بخطى حائرة نحو الباب، تهمس في سرها من قد يأتي في هذا الوقت المتأخر من الليل.....؟!
ما إن فتحته، حتى شهقت بدهشةٍ مباغتة وقالت :
حامد !!!
أجابها بصوتٍ اختلط فيه الحنين بابتسامة حُب لم يخفت رغم السنين :
أيوه، حامد يا نعمة
نظرت إليه بدموعٍ تلألأت في مقلتيها، وسألته بصوتٍ مخنوق :
جاي عاوز ايه
دفع الباب برفق، ودخل كأنه يعود إلى وطنٍ هجره رغمًا عنه، ثم قال بصوتٍ متهدج بالصدق :
جاي أقولك حق عليا... جاي أقولك إني عارف إن بُعدي عنك وجعك، بس غصب عني، مكنتش هقدر أعيش وأكمل حياتي من غير ما آخد حق ابننا حسن
نظرت إليه بسخريةٍ مريرة، وقالت :
واخدته ؟؟
قص عليها كل ما جرى، من يوم رحيله وحتى لحظة عودته، وعندما انتهى، قال بحزن :
لو كنت كملت في انتقامي وإنتي معايا، كان ممكن يجرالك حاجة، مقدرتش أتحمل أعرضك للخطر، بعدت عنك عشان كنت خايف أخسرك زي ما خسرت حسن ابننا زمان
همست بصوتٍ مختنق، والدموع تغمر وجهها :
ودلوقتي....جاي ليه ؟؟
نظر إليها بعينٍ لم تعرف النسيان، وشوقه يملأ نبرته :
جاي عشانك، عشان نرجع لبعض
ابتسمت بسخريةٍ تحمل من الألم أكثر مما تحمل من الرفض :
انت قدرت تعيش من غيري السنين دي كلها....هتقدر تعيش من غيري سنين تانية، إنت مبقتش محتاجني زي زمان
اقترب منها، أمسك كتفيها برفق، وجعلها تقف أمامه مباشرة، ثم قال بصدق :
مين قال إني مبقتش محتاجك؟! أنا محتاجك أكتر من الأول بكتير، مفيش يوم عدى عليا فيه لحظة إلا وكنت بفكر فيكي، انا عمري ما اقدر أعيش من غيرك يا نعمة
حركت رأسها نافية، وقلبها ينزف خلف كل دمعةٍ تنهمر :
كداب والدليل؟ سنين البعد دي كلها، من غير ما تسأل عني أو حتى تفكر تشوفني، انت نسيتني، وأنا كمان نسيتك، ومش عوزاك، ومبقتش أحبك
تنهّد بحزنٍ غائر، وقال بعدم تصديق :
كدابة، أنا أكتر واحد يعرفك.....قلبك لسه بيحبني، زي ما قلبي لسه بيحبك، والدليل عنيكي اللي بتهرب مني، كفاية بقى يا نعمة، انا مش حمل وجع فراق تاني، مش عايز أخسرك زي ما خسرت حسن زمان، خليكي جنبي.....انا مقدرش أعيش من غيرك، انا بحبك
سألته بعينين دامعتين، صوتها بالكاد خرج من بين شهقاتها :
ومراتك....؟!
أغمض عينيه للحظة، ثم تنهد قبل أن يجيب بضيق :
اتجوزتها بس عشان أثبت ليهم إني ناوي أجمع فلوس بأي طريقة، واني نسيت الفقر ومش ناوي أرجعله، جوازنا كان صفقة شغل وتمت، طلبت مني الطلاق من اسبوع......وطلقتها خلاص
لم تجب، بل اكتفت بالبكاء، ودموعها تسقط بصمتٍ على وجنتيها، رفع يده برفقٍ يحيط وجهها، مسح دموعها بحنانٍ، عيناه لا تفارقان شفتيها.....كاد ان يهم بتقبيلها، لكنها دفعته بعيدًا بحِدة، وقالت بتوبيخ :
إنت بتعمل إيه....أنا مش مراتك
ابتسم وقال بحماس، وجنون :
بسيطة......أتجوزك تاني، ودلوقتي حالًا
رفعت حاجبها بدهشة وقالت :
والله !!
رد عليها بثقةٍ وصدق :
آه والله......ادخلي البسي بسرعة يلا مفيش وقت
أمعن النظر في هيئتها، ثم ابتسم قائلاً بحب وهيام:
ولا أقولك، مالوش لازمة، خليكي كده، زي القمر بردو
أمسك بيدها، يحاول إخراجها من البيت بسرعة، لكنها أوقفته قائلة :
يا مجنون رايح فين؟ الناس نايمة دلوقتي.....؟!
رد عليها بلهفة عاشق وجد ضالته بعد طول غياب :
هجيب مأذون من تحت تقاطيق الأرض، أنا هبقى مجنون بجد لو ضيعت لحظة واحدة بعيد عنك بعد كده، أنا وإنتي تعبنا كتير في حياتنا يا نعمة، خلينا نعيش بقى، وننسى اللي فات
نظرت إليه مطولًا، وقلبها ينبض بنداءٍ صامت، ثم أومأت برأسها بخجل، هامسة :
بحبك
غادر بها، يسابق الوقت، يبحث عن مأذونٍ يوقع على خلاص روحه، وجده أخيرًا بأحد المساجد وقت صلاة الفجر، واستعان باثنين من المصلين ليشهدوا على عقد قرانهما بعدها، أمسك يدها برفق، وأخذها إلى منزلهما القديم.....
ذاك الذي شهد أجمل ذكرياتهما، وكأن الزمن عاد ببطءٍ إلى الوراء
لم يطلب منها أكثر من أن تنام في احضانه، لم يرغب في شيء سوى أن يغمض عينيه وهي بين ذراعيه
فناما معًا، بصمتٍ وهدوءٍ افتقداه لسنواتٍ طوال
.........
في الصباح، انتشر الخبر كالنار في الهشيم، ما حدث لمجدي ودولت كان صدمة للجميع، وخاصة لقصر الزيني.....
حين انكشفت خيانة دولت، انهار جمال من هول ما أصاب حبيبته، وزوجته، كيف قتلتها دولت بكل برود !!!
تمنى الجميع موت دولت، لم يشفث احد على ما اصابها
أما فريد، فاختفى منذ الليلة الماضية، دون أن يترك خلفه أي أثر، كأن الأرض ابتلعته !!!!!!!
.........
في منزل أكمل النويري، استيقظ الجميع مبكرًا، وكانت جيانا أول من نهضت، إذ لم يغمض لها جفن طوال الليل، منشغلة بحال فريد الذي انقطع عن التواصل معها، وهاتفه ما يزال مغلقًا
ارتدت ملابسها على عجل، واستعدت للخروج، لكن والدها أوقفها عند الباب قائلاً بحدة :
رايحة فين يا جيانا ع الصبح كده ؟؟
ردت عليه بتوتر :
مفيش، كنت هروح بس.......
قاطعها قائلاً بنبرة جادة :
كنتي رايحة لفريد مش كده
أطرقت برأسها في خجل وحزن، ثم همست :
اللي حصل مش سهل، كنت عايزة أطمن عليه، هو دلوقتي محتاجني جنبه
تأمل ملامحها للحظة، ثم قال بضيق يخفي به قلقه عليه هو الآخر :
خدي معاكي سليمان......ومتتأخريش
ثم تابع بنبرة أكثر جدية رغم القلق الظاهر فيها :
وابقي طمنيني عليه
أومأت سريعًا، وغادرت وهي لا تدري إلى أين تتجه، فهاتف فريد لا يزال مغلقًا
لم تجد أمامها سوى الاتصال بأيهم، الذي رد عليها بقلق واضح :
مش في الشركة، ومرجعش الأوتيل، تليفونه لسه مقفول، دورت عليه في كل حتة ومش لاقيه، انا قلقان، انا بدور لو وصلتي لحاجة عرفيني !!
أغلقت المكالمة وهي تفكر أين يمكن أن يكون....؟!!!
ثم لمعت في ذهنها فكرة، مكان واحد فقط قد يلجأ إليه الآن فانطلقت إليه بسرعة، تدعو الله في سرها أن تجده هناك
........
بعد وقت، كانت تدخل وحدها من تلك البوابة الإلكترونية، بينما ظل سليمان ينتظرها بالخارج
أخذت تتلفت بعينيها في كل اتجاه، تبحث عنه، زفرت براحة حين رأته جالسًا على الرمال، بإهمال، عاري الصدر، قميصه ملقى بجانبه على الأرض
اقتربت منه في صمت، وجلست بجانبه دون أن تنطق بكلمة
التفت إليها للحظة، وجهه حزين، مشبعٌ بالخذلان، ثم أعاد نظره إلى الشاطئ الممتد أمامه
ظلا على حالهما، صمت يلفهما كستار ثقيل، حتى قطعت جيانا الصمت، ومدت يدها تمسك بكفه، قائلة بصوتٍ خافت حزين :
أنا مش عارفة في المواقف اللي زي دي بيتقال إيه، ولا المفروض أواسيك إزاي.....بس أنا جنبك، ومعاك
أغمض عينيه، وكأنه يحادث نفسه قائلاً بألم :
ليه يحصل كل ده، مكنتش أتمنى إن أمي تكون كده، ولا تكون باىشر ده كله، أذت كل اللي حواليا، هعيش ازاي بعد كده وسط الكل اذتك، واذت ابوكي، وايهم، واختك، الكل طاله ازاها، اللي عملته كسرني
تنهد بألمٍ دفين، ثم تابع بصوتٍ متعب :
كنت عارف إنها ممكن تأذي، آه، بس مش للدرجة دي، أذيتها طالت الكل.....وأنا أولهم، كفاية السنين اللي عشتها معاها، عمرها ما كانت معايا إلا وهي بتملى قلبي كره وحقد على اختى ديما، وأمها، وعلى أبويا، حتى إنتي، كانت ممكن تأذيكي، كانت هتضيعك مني
انهمرت دموعه فجأة، ونبرة صوته ازدادت انكسارًا :
رغم كل اللي عملته، لسه بحبها، وزعلان ع اللي حصل لها في الأول والآخر، هي أمي
ارتعشت أناملها وهي تمسح دموعها بصمت، فيما تابع هو بصوتٍ خفيض متهدج :
أنا مش وحش، وما استاهلش يكون ليا أب وأم بالشكل ده، ساعات بقعد أسأل نفسي ليه.....ليه أعيش من غير حُب، من غير حنية؟ هو أنا وحش؟ لما كنت صغير، كنت بفرح لما كانوا يقعدوا معايا، بس كانوا بيكسروا فرحتي بالخناقات
كنت بغير من أيهم لما أشوف الحب اللي بين عمي ومراته كنت بشوف قد إيه بيكون مبسوط معاهم وكنت بتمنى أكون مكانه، أنا مش وحش......والله مش وحش
قاطعته، ودموعها تغرق وجهها، وضعت يدها على شفتيه تمنعه من المواصلة، وهمست بعينين دامعتين :
انت مش وحش.....انت أحسن واحد في الدنيا
أزاح يدها عن فمه برفق، لكنه ظل ممسكًا بها، كأنها طوق نجاته الأخير، وقال بنبرة شقت قلبها نصفين :
انا تعبان اوي يا جيانا.
لم تجد جوابًا، لم تجد كلمات، فضمته كطفلٍ صغيرٍ إلى صدرها، احتضنته بحنان، فيما هو شد من عناقها باكيًا كمن وجد أخيرًا صدرًا يبكي عليه
راحت تربت على شعره برقة، ودموعها تنساب بلا توقف
مضى وقت لا يُقاس، ظلا فيه على حالهما، عناقًا وصمتًا وبكاءً
ابتعد هو قليلًا، وجهه يقابل وجهها، وهمس بصوتٍ مرتجف :
انتي مش هتسيبيني، صح، مش هتبطلي تحبيني، مش هتبعدي عني، مش هتعملي زيهم.....مش كده يا جيانا
أومأت له برأسها، وأجابته بصدق ودموع :
انا معاك.....مش هسيبك، عمري ما هسيبك يا فريد
رفعت يديها، تحاوط وجنتيه، تمسح دموعه بحنان، وقالت :
انت لسه بهدوم امبارح، تعالى، نروح عشان تغير هدومك وترتاح شوية
أومأ لها بتعب، فالتقطت قميصه عن الأرض، نفضت عنه الرمال، وساعدته على ارتدائه، نهضا معًا، وهما بمغادرة المكان، لكن قبل أن تصعد جيانا إلى السيارة، أوقفهما صوت سليمان بنبرة رسمية :
آنسة جيانا، أكمل باشا بلغني إنكم تيجوا أنتو الاتنين ع البيت عنده
قطبت جبينها، بينما زفر فريد بضيق، وقد ظن أن أكمل يريد رؤيته ليعاتبه على وجوده مع جيانا
لكنه كان منهكًا، بلا طاقة لأي جدال أو اعتراض، فركب السيارة إلى جوارها، متوجهين إلى منزلها كما أمر والدها !!!
..........
بعد وقت، كان فريد يقف أمام باب المنزل، بجانب جيانا، حين فتحت لهما والدتها الباب، تستقبله بابتسامة حنونة دافئة، قائلة برقة :
اتفضل يا ابني.....ادخل
أومأ لها بابتسامة صغيرة، ما إن دخل حتى وجد أكمل يخرج من مكتبه، وقف أمامه، يتأمله في صمتٍ لثوانٍ، قبل أن يقول بنبرة هادئة، خالفت كل توقعات فريد :
تعالى معايا ع المكتب.....لحد ما يجهزوا الغدا
تملكته الدهشة من طلبه، لكنه لم يُبدي اعتراضًا، ودخل المكتب بصحبته، في تلك الأثناء، صعدت هايدي مع سمير، بناءً على طلب من حنان، لتناول الغداء سويًا، حتى آسر صعد بعد إلحاح كبير منها
.........
داخل المكتب، جلس أكمل على المقعد أمام مكتبه، بينما اتخذ فريد المقعد المقابل، ردد أكمل بهدوء :
طبعًا إنت فاكر إني جايبك عشان أديك أسطوانة محاضرات واهزق فيك.....مش كده ؟؟
ابتسم فريد بسخرية مريرة، وقال :
ده المتوقع دايمًا، ما أفتكرش إن فيه موقف عابر بينا اتكلمنا فيه من غير تهزيق.....عشان أفكر في عكس كده
ابتسم أكمل، وقال بنبرة هادئة :
بُكره لما تبقى أب، هتقدر موقفي، ساعتها ممكن تعمل زيي، ويمكن أكتر كمان، لكن أنا قاعد قدامك دلوقتي بصفتي خالك.....مش بأي صفة تانية
نظر له فريد مطولًا، وقد راوده الشك أن أكمل يتعامل معه بدافع الشفقة لا أكثر، لكن أكمل قرأ نظراته، فتنهد بعمق وقال:
أنا مش بقول كده شفقة، ولا عشان صعبان عليا، أنا بقول كده لأن دي الحقيقة.....الحقيقة اللي لا إنت ولا والدتك تقدروا تنكروها، وهي اني خالك.
أشاح فريد وجهه بعيدًا، هو لم ينكر يومًا تلك الصلة، بل كان فخورًا بها، وسعيدًا بها في داخله، لكنه كان يحزن على توتر العلاقة التي تجمعهما
ردد أكمل بجدية وهو يشير له بيده :
بُصلي هنا
نظر فريد إليه، ليواصل أكمل كلماته بنبرةٍ صارمة :
اللي حصل مش نهاية الدنيا، خليك قوي....وما تسمحش لأي حاجة تكسرك، الدنيا دي عمرها ما كانت بتدي الحلو بس
تنهد فريد بصدقٍ، وقال بنبرة عاشقة :
الحاجة الوحيدة اللي مصبراني على حياتي، وع الدنيا دي، وعلى كل اللي بيحصل....هي بنتك، بنتك الحاجة الوحيدة الحلوة اللي حصلتلي في حياتي
أخفض وجهه، وأطلق تنهيدة عميقة، ثم رفع رأسه ينظر في عيني خاله برجاء :
بلاش تحرمني منها، خليها جنبي على طول، أنا والله بحبها... ومش ناوي أوجعها، اللي حصل زمان أنا دفعت تمنه، سنين بُعد عنها واتعلمت من اللي حصل
حدق فيه أكمل، شعور بالغضب بداخله يحاول أن يضبطه، لكنه رد بنبرة هادئة حادة :
لما أشوف إنك تستاهلها.....ساعتها، هسلمها ليك بإيدي
زفر فريد بضيق، لم يُجادل، في تلك اللحظة، دخل رامي ليخبرهم أن الغداء قد جُهز، وقد انضم إليهم أيهم، بعد أن هاتف جيانا ليطمئن إن كانت قد عثرت على فريد، وما إن أخبرته أنها معه، حتى حضر على الفور
1
جلس الجميع على المائدة، يتناولون الطعام بصمتٍ ثقيل، لا يُقطعه إلا بضع كلمات متفرقة
كلٌّ منهم كان مشغولًا في داخله، يبحث عن إجابةٍ لسؤال ما
بينما جيانا لم تُبعد عينيها عن فريد لحظة، تراقبه بصمت، وهو يبدو مرهقًا، غارقًا في الحزن
........
في مكانٍ آخر، استيقظت رونزي على وقع الخبر الذي اجتاح الصحف والمواقع القبض على والدها، وإصابته أثناء محاولة الهر، وهو الآن في المستشفى، تحت حراسةٍ مشددة من الشرطة
سريعًا، جمعت أغراضها، وتوجهت إلى المطار
ركبت أول طائرة متجهة إلى مصر.....
لكن هذه المرة، لم تكن عودتها للسلام أو الندم.....
بل عادت بوجهٍ آخر.....لا ينوي خيرًا أبدًا !!!!!!!!!!
_______
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا