رواية ليتني لم أحبك الفصل السادس وعشرون 26بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية ليتني لم أحبك الفصل السادس وعشرون 26بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل السادس والعشرون
.........
في ذلك المكان الذي لا يعرفه سواهما.....
كانت تجلس على الأريكة، تحتسي كأسًا من النبيذ، وعيناها تحدقان في الفراغ بشرود، تدور في رأسها خطط عديدة كيف تتخلص من جواد، وكيف تنتقم من محمد على إهانته، ثم بعدها يأتي دور مجدي.....ذاك الذي يفكر بنفس الشيء الذي تفكر به، لكنه لا يدري أن نهايته باتت قريبة جدًا وعلى يدها
قطعت صمتها قائلة بجدية :
اللي اتفقنا عليه يتنفذ قبل ما نخرج من هنا، عايزاهم يكونوا موجودين يا مجدي
سألها مجدي بمكر، وهو يحدق فيها بنظرات لا تخلو من المكر :
ناوية على إيه....؟!
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خبيثة، وأجابت بشر :
على كل شر طبعًا، ناوية أقلبها جحيم على أكمل من كل ناحية، بكرة الرجالة هيخلصوا على جواد، وأكمل هيلبسها وفي نفس اليوم بناته هيرجعوا ليه، بس ساعتها هخليه يتحسر عليهم، عينه مكسورة، مش قادر يرفعها في وش حد وهو يا عيني مش هيعرف يعملهم حاجة، أصله هيكون مشغول في سجنه اللي هخليه عليه جحيم !!!!!
ضحك مجدي ضحكة ساخرة وقال :
دماغك سم
ابتسمت بغرور، فأردف مجدي بجدية :
هتحضري ساعة التسليم معايا النهاردة؟
سألته وهي ترفع حاجبها باستغراب:
ليه، ايه اللي جد، مش دايمًا انت بتحضر بدالي
رد عليها بسخرية :
زمان كنتِ دايمًا تتحججي بمحمد، انه ممكن يشك فيكي، اهو دلوقتي محمد طلقك، فين حجتك دلوقتي ؟؟
1
أخذ رشفة من كأسه، ثم تابع بنبرة جادة :
تعالي، بالمرة تتابعي شغلك، وتاخدي نصيبك من الفلوس
بعد إصراره الواضح، وافقت على مضض، اتفق الاثنان على كل شيء....لكن لا أحد يعلم ما الذي سيحمله المساء !!!!
........
في المساء، صعدت هايدي إلى منزل أكمل النويري، كما طلب منها سمير، لتبقى هناك حتى يعود
أما أكمل، فبعد ضغط وإلحاح شديد من عز وحنان، وافق أخيرًا وان كان على مضض التنازل عن المحضر المقدم ضد فريد وايهم، لكن...
الليلة لم تنتهي بعد، وما خفي كان أعظم !!!!!!!
.........
في منزل أكمل النويري......
كانت الفتيات يجلسن سويًا، هايدي، تيا، وجيانا، بدأت العلاقة بين جيانا وهايدي تتحسن ولو قليلًا، إذ خف التوتر الذي كان يعكر صفو الجلسات السابقة
قالت هايدي بمكر وهي تنظر إليهما :
كان شكل فريد وأيهم يضحك أوي، وأونكل أكمل بيكب عليهم الماية ولا لما جابلهم البوليس لحد البيت
انفجرت تيا وجيانا في الضحك بمجرد تذكرهما للمشهد، بينما تابعت هايدي الحديث بغمزة ماكرة :
امم بس الحركة كانت so romantic من فريد وأيهم
احمر وجه تيا خجلًا، بينما جيانا اكتفت بابتسامة دافئة تملؤها الذكريات، اشتاقت لتلك الأيام التي جمعتها به....
ليتها لم تنتهي، وليت ما حدث.....لم يحدث !!
قاطعتها هايدي قائلة بمكر :
هما لسه في الحبس.....؟!
ردت عليها تيا بخجل :
لأ، بابا راح القسم يخرجهم، بعد ما جدو فضل يتحايل عليه كتير، كان ناوي يسيبهم أسبوع كده ولا حاجة
أومأت لها هايدي وهي تضحك قائلة بإعجاب :
أونكل أكمل ده عسل خالص، يا بخت مامتك بيه، أنا لو مش مرتبطة وبحب سمير، كنت اتجوزته وخطفته منها
قهقهت جيانا وهي ترد مازحة :
وطي صوتك بس ماما لو سمعتك مش والله ما تدخلك البيت تاني
انفجرن بالضحك معًا، لكن لم يدم المرح طويلًا.....
رن جرس الباب فجأة، فقفزت تيا من مكانها بحماسة وهي تلتقط إسدالها بسرعة :
هروح أشوف مين.....زمان بابا رجع من القسم
لكن ما إن فتحت باب المنزل، حتى فوجئت برجال ضخام الجسد يقفون أمامها، لم يُمهلوها لتسأل أو تتكلم، إذ رفع أحدهم بخاخًا في وجهها ورش عليه المخدر، فسقطت فاقدة للوعي على الفور، ليحملها أحدهم وينزل بها الدرج في صمت
تأخرت تيا......
شعرت جيانا بالقلق، فنهضت لترى ما يحدث، لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة، اقتحم الرجال المنزل بسرعة، وقبل أن تصرخ أي منهن، كُمِّمت أفواههن، وسقطت كل من جيانا وهايدي مغشيًا عليهما تحت تأثير المخدر
حمل الرجال جيانا معهم، بينما تُركت هايدي ملقاة على الأرض بلا حراك !!!!!!
........
في نفس التوقيت
كان أكمل يغادر قسم الشرطة، يسير وخلفه فريد وأيهم، والغيظ يكاد يأكل ملامحهما
كان أيهم يضغط على أسنانه، أما فريد فيحدق في الأرض بغضب مكبوت
ردد أكمل بغضب دون أن يلتفت إليهما :
اللي حصل مش هيخلص لحد هنا
رد عليه أيهم بنفاد صبر :
طب ما توافق على الجوازة بقى ونخلص، بدل دور القط والفار اللي احنا عايشين فيه ده
توقف أكمل عن السير، واستدار ناحيته بحدة قائلاً :
لو كان فيه أمل واحد في المية اني أوافق ع الجوازة دي... فبعد اللي عملتوه امبارح، انسوا تمامًا الموضوع ده
حاول فريد التبرير، قائلاً بصوت متردد :
احنا غلطانين، واسفين جدًا ع اللي حصل بس....
قاطعه أكمل قائلاً بغضب :
مفيش بس أنتوا الاتنين متربتوش، وأنا هعيد تربيتكم من أول وجديد، مش عارفين يعني إيه شرف بنت، بتعملوا اللي يعجبكم، من غير ما تفكروا في اللي حواليكم، وعواقب التصرف ده ايه على غيركم
زفر بضيق وهو يضيف بنبرة أكثر قسوة :
لو حد من الجيران شافكم.....كان هيقول إيه عن بناتي ؟؟
قبل أن يكمل، رن هاتفه، نظر للشاشة......انها حنان
رد عليها، فجاءه صوتها المرتجف بالبكاء :
الحقني يا أكمل، تيا وجيانا اتخطفوا !!!!!!!
...........
ركض أكمل كالمجنون، يلهث من شدة القلق، وخلفه أيهم وفريد، كانت القلوب تتسابق قبل الأقدام، والخوف ينهش صدورهم وهم يقتربون من البناية
لكن ما إن اقتربوا، حتى تفاجأوا برجال الشرطة يطوقون المكان، والمشهد أمامهم كان كفيلًا بأن يُسقط الجبال من هول ما فيهؤ حارس البناية مُلقى على الأرض، رأسه ينزف بغزارة إثر ضربة عنيفة، بينما رجال الحراسة الآخرين سقطوا صرعى، رصاصات صامتة أنهت حياتهم دون أن يسمع أحد شيئًا !!!!
تبادلوا النظرات بذهول وركضوا سريعًا نحو الشقة، صعد أكمل بخطوات مرعوبة، يكاد الهواء يختنق في صدره، وفريد وأيهم خلفه يلهثان، وما إن فتحوا باب المنزل، حتى وجدوا هايدي تجلس على الأريكة، وجهها شاحب وعيناها نصف مغلقتين، يبدو عليها الإرهاق الشديد
أسرع أكمل نحوها وسألها بفزع :
ايه اللي حصل فين تيا وجيانا !!!
تنهدت هايدي بتعب، تحاول أن تلتقط أنفاسها، ثم بدأت تحكي بصوت واهن :
الجرس رن، وتيا راحت تفتح، افتكرنا إن حضرتك اللي جيت
بس لما اتأخرت، كنا لسه هنقوم نشوف فيه إيه، لقينا تلات رجالة مغطين وشهم دخلوا علينا فجأة، وقبل ما ننطق، كانوا خدرونا وبعدها معرفش حصل إيه
سأل فريد بقلق وقد بدأ الشك يتسلل لقلبه :
مين ممكن يكون عمل كده.....حامد مثلاً ؟؟
حرك أكمل رأسه سريعًا، ينفي بكل يقين وقلق :
مستحيل....مستحيل يكون حامد
في هذه اللحظة، دخلت حنان مسرعة، وانهارت في أحضان والدها عز تبكي بشدة كأن قلبها يُنتزع منها بقوة :
أنا عايزة بناتي يا أكمل، رجعلي بناتي، عاوزة بناتي يا بابا
حاول عز تهدئتها، ثم التفت بقلق لأكمل قائلاً :
آسر وسمير، تليفوناتهم مقفولة، نعمل إيه دلوقتي ؟؟
رد عليه أكمل بعزم، وهو يلتقط مفاتيحه :
هروح لهم، عمي، خليك هنا معاهم، يمكن يحصل أي حاجة
أومأ عز بصمت، بينما غادر أكمل مسرعًا، خلفه فريد وأيهم متجهين إلى القسم حيث يفترض أن يكون آسر وسمير وفي قلبه دعاء واحد، ان يلحق بناته قبل فوات الأوان !!!!
.......
في مكانٍ آخر، داخل القصر، كانت دولت تقف تنظر بشر إلى جيانا وتيا، الملقاتين أرضًا، فاقدتين للوعي
قالت ببرود وقسوة، تخاطب مجدي الذي لم يُبعد عينيه عن جسدي الفتاتين :
نفسي أشوف شكل أكمل لما يعرف إن بناته اتخطفوا، ونفسي أشوف وشه أكتر لما يرجعوله بعد اللي هعمله فيهم
ابتسم مجدي بسخرية، وعيناه مليئتان بالاحتقار، لكنه لم ينبس ببنت شفة، دولت تثبت له يومًا بعد يوم مدى خبثها وشرها، ورغم أنه لا يقل عنها مكرًا، إلا أن دهاءها يخيفه.... يعرف أنها ستطعنه يومًا ما إن لم يسبقها، لذا وجب عليه التخلص منها.....لكن الصبر !!!
1
مرت دقائق، وكان الجميع يستعد لمغادرة القصر، متوجهين إلى مكان التسليم !!!!!!
........
داخل قسم الشرطة.....
كان الجميع في حالة استعداد قصوى
الوجوه متوترة، والأنفاس محتبسة، لكن....رغم أن الخوف كان حاضرًا فيهم جميعًا، إلا أن خوف آسر كان مختلفًا
بل كان يخشى أن يسبقه الموت قبل أن يقتص لوالديه، قبل أن يوفي بوعده الذي قطعه أمام قبريهما، بأن يأخذ بثأرهما ممن قتلهما بدمٍ بارد، ومضى وكأن شيئًا لم يكن
لم يكن السبب الثأر فقط لوالديه......
بل أيضًا لأجل تلك التي عشقته بصدق، ثم كسر قلبها دون رحمة، لا يريد أن يموت قبل أن يطلب الصفح منها، قبل أن ينظر في عينيها مرةً أخيرة، ويخبرها أن ما بينهما لم يكن كذبًا.....لكنه كان محطمًا أكثر مما ظنت
قطع أفكاره صوت سمير، وهو يربت على كتفه مطمئنًا : هتنجح إن شاء الله، وهتاخد حقهم، ربنا معانا، يا صاحبي
رد آسر، وصوته مشحون بالغضب والعزم :
لو قبضنا على مجدي لوحده، ايه الفايدة، لو ما كانتش دولت معاه، يبقى ما عملناش حاجة !!!!!!
تنهد سمير، يحاول تهدئة صديقه وتحليل الأمور بعقلانية : نحسبها بالعقل، مجدي مش غبي، مستحيل يشيل الليلة لوحده ويسيب دولت برا الساحة، أكيد مأمن نفسه، وعنده ورق ضغط يضمن له إنها متهربش وتسيبه لو اتمسك، أو حتى ما تنقلبش عليه
أومأ آسر بحدة، وقلبه يغلي :
الاتنين دول وراهم بلاوي، مش بس سلاح ومخدرات...
وراءهم تجارة أعضاء، ملفات سودة من زمان، حاجات محدش يعرف عنها أي حاجة، لا دلوقتي، ولا قبل كده
حرك سمير رأسه مؤكدًا :
لولا حامد، ما كناش عرفنا إن الشريك التاني في البلاوي دي هي دولت !!!
أومأ له آسر بامتنان، ثم عاد الصمت يخيم على الأجواء....
الجميع يترقب، ينتظر الإشارة الأخيرة، وفجأة رنة الهاتف تقطع الصمت
رسالة من حامد، وفي نفس اللحظة، بدأت إشارة التتبع تتحرك، النقطة الصغيرة الحمراء التي كانت ثابتة على الشاشة بدأت تتحرك أخيرًا.....
ساعة اليد التي يرتديها حامد بدأت تنقل الإحداثيات
حانت اللحظة الحاسمة، العد التنازلي بدأ، النار ستشتعل !!!!
...........
في ذلك المكان النائي.....
وقفت سيارات مجدي الخاصة في صمتٍ قاتم، تنتظر وصول الطرف الآخر، وفي المقعد الأمامي، جلست دولت إلى جوار مجدي، تغطي وجهها بوشاح أسود بإحكام، لا تسمح حتى لذرة ضوء بأن تكشف هويتها
خارج السيارة، كان حامد يقف إلى جانب بعض الرجال، يراقب الطريق......
في الجهة المقابلة، كانت عناصر الشرطة تنتشر بهدوء كالأشباح، تحيط بالمكان بحذر بالغ، دون أن يصدر أي صوت
كل خطوة محسوبة، كل نفس محسوب، فالمطلوب اليوم ألا يهرب أحد !!!
بعد دقائق.....
وصل الطرف الآخر، سيارة سوداء توقفت، ونزل منها رجل في منتصف الثلاثينات، ذو نظرات حادة، يدعى ياسر
اقترب ياسر من مجدي، ثم نظر بفضول إلى السيدة التي تقف بجانبه، تغطي وجهها بإحكام
ابتسم بسخرية وقال :
لا بقى، ما تقولش إن الشريك الخفي قرر يحضر بنفسه انهارده
ضحك مجدي دون اهتمام، وقال '
خلينا في الشغل، مفيش وقت للكلام الفاضي
لم يكترث ياسر، بل تقدم بخفة ومكر، ومد يده فجأة، يجذب الوشاح عن وجه دولت قائلاً :
مش قبل ما أتعرف على شريكي يا مج........
لكن الكلمات اختنقت في حلقه عندما رأى وجهها !!!!
حدق بدهشة، قبل أن ينطق بسخرية مذهولة :
اوووه...... حرم محمد الزيني بنفسها، طول السنين دي وإحنا بنتقابل، وعمري ما عرفت إن الشريك الخفي هو دولت هانم،
اممم، مفاجأة غير متوقعة الصراحة
انتزعت دولت الوشاح من يده بعصبية، وقالت بحدة :
ايه اللي عملته ده يا بني آدم....؟!
ضحك ياسر بسخرية، ولم يرد، أما حامد، فلم تكن صدمته كبيرة، كان شبه متيقن أنها هي، خاصة بعدما أكدت الأدلة الأخيرة شكوكه
أما مجدي، فلم يعر كل ذلك أي اهتمام، قال ببرود نافد الصبر :
مش وقت الحوارات دي، قولتلك ننجز ونمشي
أومأ له ياسر، وإن كانت عيناه ما زالتا مثبتتين على دولت بنظرة لا تخلو من الاستفزاز
بدأ رجال ياسر بنقل البضائع من سيارات مجدي، وعند تسليم الأموال، تعالى صوت قوي من مكبر الصوت :
محدش يتحرك من مكانه، المكان كله محاصر
كان صوت سمير، حازمًا، قاطعًا، لا يقبل التفاوض
تجمد الجميع، وكل يد ارتجفت وهي تخرج سلاحها بتوتر
لكن قبل أن يُطلق أحد رصاصة، كانت الفوضى قد بدأت !!!!
رأى آسر كل شيء، وبمجرد أن لمح مجدي ودولت يركضان نحو السيارة، صوب سلاحه بدقة شديدة، وأطلق النار على إطار السيارة
انفجر الإطار، مخرجًا صوتً حاد، قوي !!!!!
قال سمير مرة أخرى عبر الميكروفون بصوت حازم :
مفيش داعي للمقاومة، المكان كله محاصر، الكل يسلم نفسه
نظرت دولت إلى مجدي برعب وسألته :
هنعمل ايه....؟!
في تلك اللحظة، بدأ رجال ياسر بإطلاق الرصاص على رجال الشرطة، لتشتعل ساحة المواجهة بتبادل ناري عنيف، أما مجدي ودولت، فانحنيا بأجسادهما وبدآ يزحفان نحو السيارة الأخرى محاولين الإفلات من قبضة الشرطة
لكن آسر لمح حركتهما، وكذلك حامد الذي كان منشغلاً بالتبادل الناري، لم تمضي لحظات حتى انطلقت سيارة مجدي مسرعة، وخلفها سيارات الشرطة، أما ياسر، فقد تم القبض عليه أثناء محاولته الهرب
كان مجدي يقود بجنون، والسيارة تهتز خلفه بقيادة آسر، بجانبه سمير الذي أمسك بسلاحه محاولاً إصابة الإطار، ضغط على الزناد، لكن الرصاصة أخطأت الهدف حين انعطف مجدي فجأة !!!
صرخت دولت، وقد تملكها الذعر :
خلي بالك، زود السرعة يا مجدي
لكن مجدي، صرخ عليها بغضب :
اخرسي سيبيني أركز !!!
اندفع في أحد الشوارع الجانبية داخل منطقة شعبية ضيقة، حيث تتشابه الممرات وتتداخل الأزقة، وفي لحظة ذكاء، اصطدم عمدًا بعربة لبائع ذرة، لينشغل بها آسر، ثم أطفأ مصابيح السيارة ونزل منها مسرعًا، ساحبًا دولت خلفه، متجهًا نحو بناية قديمة متهالكة
في الخلف، ضرب آسر المقود بعنف، وجهه يغلي غضبًا، وهو يتلفت باحثًا عنهم وسط الأزقة، لكن لا أثر !!!
فجأة، أشار سمير بلهفة نحو مكان ما :
عربيتهم....هناك اهي
هبط آسر من السيارة بحذر، وبجواره سمير، كلاهما يشهر سلاحه، اقتربا من السيارة بخطى متوترة، لكن الأمل تبخر عندما وجداها فارغة
نظر سمير إلى البناية المقابلة قائلاً :
خلينا ندخل ندور هنا
أومأ له آسر، وشرعا في صعود الطوابق واحدًا تلو الآخر، أخطروا باقي العناصر لتطويق المنطقة والبحث في الأماكن المحيطة وبعد بحث دقيق داخل البناية، لم يجدوا لهم أثرًا
عاد آسر وسمير إلى سيارتهما، يطاردان بصيص الأمل في الشوارع المجاورة، لكن بلا جدوى
راح آسر يسب ويلعن حظه، غاضبًا من فشلهم في الإمساك بهم، وفجأة، رن هاتفه، فتح الرسالة، فتجمد في مكانه
لاحظ سمير تغير ملامحه، اقترب منه، وقرأ الرسالة.....وذُهل
لم تكن سوى كلمات قليلة، لكنها زلزلت كيانهما ابنتا عمه تم اختطافهما !!!!!!!
..........
لكن ما لم يعرفه آسر وسمير
أن دولت ومجدي لم يصعدا أصلاً لأي طابق
بل ما إن وصلا إلى البناية، اندفع مجدي نحو تلك الغرفة الصغيرة أسفل السلم، والمغطاة بستارة قماش باهت، بالكاد تُرى، كانت رائحة العطن تعبق فيها، وضيقها لا يسمح إلا بالجلوس بصعوبة، لكنهم احتموا بها صامتين، أنفاسهم متقطعة
مرت دقائق ثقيلة، وصوت أقدام الشرطة يتردد على السلم الخشبي فوق رؤوسهم، كتمت دولت شهقتها، بينما تمسك بذراع مجدي المرتجف من شدة التوتر
صعد آسر وسمير الطوابق يبحثان عنهم، وكلما ارتفعا أكثر، تنفّس الهاربَان قليلًا
وما إن خيم الصمت على المكان، وتأكد مجدي أن الجميع قد غادر، حتى دفع باب الغرفة بهدوء، وأطل برأسه يمينًا ويسارًا قائلاً لدولت بتعجل :
يلا بسرعة
ركضا نحو السيارة بخفة، ركب مجدي خلف المقود، واندفعت السيارة كالرصاصة، تغادر المكان قبل أن يكتشف أحد خدعتهم !!!!!
............
وصل مجدي ودولت إلى القصر بعد معاناة شاقة
طوال الطريق، كان مجدي يقود وهو يلتفت خلفه كل لحظة، يتأكد أن لا أحد يتعقبهم، ملامحه مشدودة، ويده على المقود متوترة، ما إن دخلا القصر، حتى أغلقت دولت الباب بقوة، ثم اندفعت إلى الأريكة في بهو القصر، وجلست بأنفاس لاهثة، الغضب يتطاير من عينيها
قالت بحدة وغل، بينما تنظر للفراغ وكأنها تحادث شبحًا :
كان لازم يموت مع أبوه وأمه زمان، بسببه كل حاجة اتدمرت انهارده !!!
جلس مجدي بدوره، يلتقط أنفاسه بصعوبة، وجهه شارد،
لم يكن يسمع كلماتها تمامًا، بل كان عقله قد سافر، إلى لحظة رأى فيها سمير وسط الاشتباك
كيف لم يخطئه....؟!
لقد رأى فيه صورة نادر والده الراحل، الشبه بينهما كان صادمًا
تمتم بصوت منخفض، كمن يكلم نفسه :
ابن نادر، حتى هو كان لازم يموت، اللي نادر ما قدرش يعمله زمان، ابنه كان هيعمله انهارده، حتى آسر !!!!
قاطعته دولت بصوت متوعد، وعينان لا تحملان سوى الغل :
ورحمة أبويا.....ما هرحمهم
نهض مجدي بغضب، وانفجر صوته في أرجاء القصر :
في خاين بينا، هو اللي بلغ عن ميعاد التسليم، وأنا لازم أعرفه، هخليه يشوف العذاب الوان !!!
ابتسمت دولت بسخرية، وقالت :
ولسه اللي هيشوفه على ايدي
مرت لحظات ثقيلة، استعاد فيها الاثنان هدوءًا هشًا، قبل أن تنهض دولت فجأة، والغضب لا يزال يغلي في عروقها
سارت بخطى سريعة نحو الغرفة السفلية بالقصر، تلك التي خلف الأبواب الحديدية حيث تحتجز فيها تيا وجيانا
أما مجدي، فقد بقي في البهو، يمسك بكأس النبيذ، يحتسيه في صمت، عيناه شاردتان في السقف، وعقله يطارد سؤالًا واحدًا من الخائن.....؟!
........
بذلك المكان الذي لا يعرفه سوا هذان الخبيثان كانت تيا فاقدة للوعي بجانب جيانا التي بدأت تستعيد وعيها كانت يداهم مقيدة من الخلف المكان مظلم الا من نور خفيف يأتي من ذلك المصباح الموجود أمام باب الغرفة انتفضت جيانا خائفة توكز تيا في كتفها برفق لتفيق لتبدأ تيا باستعادة وعيها لتنفض بهلع و فزع ما ان تذكرت ما حدث لهم قبل أن تفقد وعيها
كادت ان تصرخ لتمنعها جيانا قائلة بتحذير :
هش...وطي صوتك مش عايزين حد يعرف ان احنا فوقنا خلينا ندور على حاجة نفك بيها الحبال دي
بالفعل بدأ الاثنان بالبحث عن قطعة ذجاج او اي شيء حاد لكنهم لم يجدوا سوا قطعة زجاج صغيرة جدًا يمكن أن لا تفي بالغرض
مسكتها جيانا بيدها تحاول قطع الحبال و لحسن حظهم ان الذي قيدهم لم يقيد قدمهم تيا بخوف و بصوت منخفض هامس :
خلي بالك يا جيانا
اومأت لها جيانا و سريعًا كانت تحرك الزجاجة على الحبال بسرعة غير عابئة بجرح يدها و قد انجرحت بالفعل و بدأت تنزف الدماء منها لكنها لم تهتم و تحملت حتى يخرجوا من ذلك المكان
كانت قد شارفت اخيرًا على قطعة ليجد الاثنان الباب يُفتح بقوة و بعدها دخل مجدي برفقة دولت التي كانت عيناها مليئة بالحقد و الغل و هي تناظر تيا و جيانا التي زحفت حتى تجلس بجانب شقيقتها
خائفة عليها
دولت بسخرية و حقد :
اهلا.....با بنات اخويا
جيانا بحدة :
عايزة ايه مننا
دولت ببرود و سخرية :
حاجة بسيطة خالص روحكم اقتلكم و اقهر قلب أكمل عليكم مش طالبة كتير يعني
جيانا بقرف :
انتي طلعتي زبالة اوي
غضبت دولت و رفعت يدها لتصفعها لكن قبل أن تمس وجنتها صاحت عليها جيانا بغضب و قوة :
قسمًا بالله لو ايدك اتمدت لقطعهالك
توقفت يد دولت و بقت تحدق بعيون جيانا
قائلة بحقد و غل :
طالعة لابوكي نفس عيونه عيونه اللي عمري ما شوفت
فيها خوف
جيانا بسخرية و غضب :
حد قالك اني يوم ما هخاف ممكن اخاف منك انتي ده يبقى عبيط اوي اللي ضحك عليكي و فهمك كده
اشتعلت غاضبة منها و من عجرفتها و غرورها
لتقول بخبث و شر :
اما كسرة غرورك اللي طالعة بيه لفوق ده انتي و ابوكي ما ابقاش دولت
جيانا بسخرية و تحدي :
أعلى ما في خيلك اركبيه انا و اختي هنخرج من هنا سُلام
ابتسمت دولت بسخرية لتنتبه جيانا ان ذلك الحقير يقف خلفها و يناظر اختها بنظرات شهوانية قذرة زحفت و جعلت اختها تختبأ خلفها قائلة بحدة :
عينك يا حيوان لا اخزقهالك
التمعت تلك الفكرة بعقل دولت الخبيث
قائلة بمكر لمجدي :
عجباك اوي
رد عليها و هو يلعق شفتيه بطريقة قذرة و برغبة :
اوي جامدة بنت الايه
ارتعش جسد تيا بخوف و نزلت دموعها بخوف و كذلك جيانا التي شعرت بخوف لم تشأ ان تظهرهه لهم و خاصة عندما قالت دولت بمكر و هي تنظر بداخل أعين جيانا :
بقت ليك عايزاك تقضي معاها ليلة تحلف بيها العمر
كله و متنسهاش
جيانا بغضب و حدة :
اقسم بالله اللي هيقرب من اختي هقتله
ابتسمت دولت بمكر و قد عرفت انها فعلت الصواب لتكسر اعينها أشارت لمجدي قائلة بمكر :
انا رايحة استريح شوية خد راحتك ع الاخر بس عايزة الصوت يوصلي و ياريت لو يحصل قدام عين القمورة
قالتها و هي تربت على وجنت جيانا ببعض الحدة لتشيح الآخرى وجهها بعد أن بثقت بوجه دوبت باشمئزاز قائلة :
مشوفتش اوطى منك انتي واحدة مريضة
كان رد دولت على فعلته صفعة قوية على وجنتها لشتعل أعين الأخرى قائلة قبل أن تغادر الغرفة :
خد راحتك يا مجدي !!!!!!!!!
ابتسم مجدي بمكر وشهوة، وعيناه تلتهمان جسد تيا كما لو كان يجردها من ثيابها بنظراته الوقحة، ارتجفت تيا من الخوف، وانهمرت دموعها، تنظر لأختها، وكأنها تستنجد بها بعينيها، بينما جيانا تبادلت معها نظرة طمأنة، تحاول بث السكينة فيها رغم الهلع الذي يعصف بها ايضًا
رفع مجدي الكأس من يده، وارتشف الكحول دفعة واحدة، ثم ألقى به أرضًا، واقترب من تيا بخطوات متلهفة، أخرج مادية من جيب سترته، ولم يكترث لفك الحبل السميك الذي قيدها بل تعجل في تحريرها بتلك الأداة، وقد امتزجت في عينيه الرغبة المريضة مع التملك
غمز لها بعينيه وقال بصوت خفيض مليء بالابتذال :
بشرفي لاعيشك ليلة تحلفي بيها طول عمرك
صرخت جيانا بغضب واحتقار، ولم تخلُ نظراتها من القرف :
شرفك، طب احلف بحاجة اشرف من كده عشان نصدق، ده العيل الصغير عنده رجولة عنك، يا زبالة
قهقه مجدي ساخرًا، رغم أن كلمتها أغضبته، وقال بوقاحة :
اشوف أختك القمر دي بس وهي تقولك راجل ولا لأ، ويمكن كمان أجرب معاكي عملي، ماتخافيش هعجبك، ده أنا جامد اوي
1
أحاط الاشمئزاز وجه جيانا، وهي تحاول عبثًا تحرير نفسها من الحبل، لكن قوته وسماكته جعلتا الأمر شبه مستحيل وفي الوقت ذاته، كان صراخ تيا يزداد وهي تتشبث بأختها خوفًا، لكن مجدي لم يتوانَ، وسحبها بعنف ليبعدها عن جيانا
راقت له شراستها وهي تدفع يده عنها، وتحولت المقاومة بالنسبة له إلى تحدي يرغب في كسرهؤ أمسكها من يدها بقسوة، وألقاها على الفراش المهترئ في الغرفة، ثم جثا فوقها محاولًا السيطرة عليها، مقيدًا يديها، محاولًا انتزاع قبلة منها رغمًا عنها
لكن تيا لم تستسلم، دافعت عن جسدها بقوة رغم ضعفها، في هذه اللحظة، كانت جيانا تبذل ما بقي لديها من طاقة في محاولة فك الحبل، نزف الدم من يديها إثر الجروح التي سببتها الأداة الحادة، لكنها لم تتوقف، وأخيرًا، بعدما تحررت أمسكت المادية التي سقطت على الأرض بجانب السرير ثم غرستها في ظهر مجدي بكل ما أوتيت من قوة
صرخ مجدي بصوتٍ مخنوق، وملامحه تجمدت من الألم، ثم سقط على ركبتيه وهو يئن، وبعدها سقط أرضًا بلا حراك
لا يُعلم أهو فاقد للوعي، أم أن الموت قد اخذه !!!!
ارتجفت تيا من الرعب، ووقفت خلف شقيقتها تمسك بيدها، بينما جيانا كانت واقفة بثبات، تطل عليه بنظرة احتقار، ثم بصقت عليه وقالت بقرف :
في داهية تاخده، يا رب يكون راح للي خلقه، ويريح الدنيا من وسا......القذر
سألتها تيا بخوف وارتعاش :
هنعمل إيه يا جيانا، أنا خايفة أوي....؟!
أجابت جيانا بنبرة ثابتة رغم الرعب الذي كانت تخفيه داخلها، عازمة على حماية أختها والخروج بها من هذا الجحيم :
اكيد الزبالة ده معاه تليفون....خلينا نتصل على بابا
قضوا دقيقتين يفتشون في جيوبه دون جدوى، لا هاتف، ولا أي وسيلة اتصال، انهارت تيا بالبكاء من الخوف، أما جيانا فلم تُظهر ضعفًا، أمسكت بيد أختها واتجهت نحو الباب بحذر، نظرت من الشق الصغير فيه، فوجدت الممر خاليًا تمامًا
فتحت الباب بهدوء، وسارت بخطوات خفيفة في ذلك الممر الطويل، تيا خلفها تمسك بيدها المرتجفة، أما جيانا، فكانت تقبض على المادية في يدها الأخرى، مستعدة للدفاع عنها وعن شقيقتها حتى النفس الأخير
سمعتا خطوات تقترب، ففتحت جيانا باب غرفة جانبية بسرعة، ودخلتا إلى الداخل، وأغلقت تيا الباب خلفهما بهلع لكن ما إن التفتتا لما في الغرفة، حتى وضعت كل منهما يدها على فمها من شدة الذهول والرعب !!!!!
كانت هناك واجهات زجاجية تحتوي على أعضاء بشرية محفوظة في سوائل كيميائية، الغرفة بأكملها مملوءة بتلك المشاهد المفزعة
انفجرت تيا بالبكاء من هول ما رأت، بينما تجمدت الدموع في عيني جيانا، لم تكن تتخيل أن دولت بهذا القدر من الحقارة، وشعرت بالشفقة على رونزي، تلك الفتاة المسكينة التي كُتب عليها أن تُبتلى بأبٍ كهذا، بل وحتى فريد، رأت أنه بات يستحق الشفقة أكثر من الكراهية
رددت جيانا بصوت خافت :
خلينا نطلع من غير صوت
أومأت تيا برأسها، وخرجتا من الغرفة في صمت تام، عيونهن تراقب كل زاوية، حتى وصلن إلى ممر يوصل لسلم جانبي تطلعت جيانا للأسفل، فوجدت رجلين يقفان عند المدخل
سألتها تيا، بخوف :
هنعمل إيه....؟!
قبل أن تتمكن جيانا من الرد، دوى صوت أحد الرجال وهو يصرخ مستنجدًا بعد أن وجد مجدي مطعونًا، بسرعة خاطفة، جذبت جيانا أختها إلى خزانة خشبية قديمة في أحد الأركان، بالكاد تسع جسديهما، وأغلقوا الباب خلفهما، كلاهما وضعت يدها على فمها، تخفي أنفاسها المرتجفة
الرجال الموجودون في الطابق السفلي هرعوا إلى الأعلى، كذلك دولت، التي صعدت راكضة، وما إن هدأ صوت الأقدام، سحبت جيانا تيا للخارج......
لكن فور خروجهن، شهقت تيا بقوة وذعر !!!!!!
............
البارت خلص 🔥
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا