القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن عشر 18بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

 


 رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن عشر 18بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


 


رواية ليتني لم أحبك الفصل الثامن عشر 18بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


 


 


الفصل الثامن عشر




كان يجلس على المقعد في بهو القصر، يهز قدمه بانفعال، يتقلب في صمته بين صدمةٍ وغضب

هل يعقل أن تكون والدته قاتلة؟!

هل ما قاله والد جيانا حقيقي.....أو ليقول الآن خاله

يا لسخرية القدر، تلك التي أحبها يومًا بجنون، واتخذها ملاذًا لقلبه المتعب، صارت فجأة......ابنة خاله !!!


أي عبث هذا؟ وأي حياة كاذبة كان يعيشها؟


أما والدته، فقد أغلقت على نفسها باب الغرفة، تهرب من المواجهة، من الأسئلة، من كل شيء، وكل من في القصر، انسحب إلى غرفته، غارقًا في صدمته، عدا فريد وأيهم، الذي جلس إلى جواره يحدق في الفراغ، ملامحه مشوشة، كأنه فقد القدرة على التفكير، وفجأة، نهض فريد من مكانه، فسأله أيهم :

رايح فين ؟


أجابه فريد بحدة، وعيناه تلمعان بالعزم :

– رايح أعرف الحقيقة


أسرع أيهم خلفه قائلاً بقلق :

طب قولي رايح فين؟


أجاب فريد بحدة وهو يفتح باب سيارته :

رايح لأكمل النويري


انطلق مسرعًا، تاركًا خلفه أيهم الذي صاح مستنكرًا بصوت عالي :

رايح فين يا ابن المجنونة، ده الفجر هخلاص هيأذن !!!


زفر أيهم بغيظ، ثم تبعه بسيارته، وقد علت وجهه علامات القلق والضيق فيبدو أن هذه الليلة لم تنتهي بعد


لم تمضي دقائق حتى كان الاثنان أمام منزل أكمل، يضغط فريد على جرس الباب بلا هوادة، بينما أنفاسه تلهث من التوتر والغضب


نزل رامي من الطابق العلوي مذعورًا، يتبعه باقي أفراد الأسرة، فقد كانوا جميعًا مستيقظين، حائرين، وقلقين، وما إن رأى رامي فريد حتى تفاجأ، لكن فريد دفعه دون تردد، ودخل يتبعه أيهم، بينما عيناه تتجولان في المكان بقلق وتوجس.


ظهر أكمل أعلى الدرج، يهبط ببطء، وعيناه مركزتان على فريد الذي لم ينتظر، بل سأله مباشرة، بنبرة مشتعلة :

أمي عملتلك إيه؟ وبتقول عليها قاتلة ليه؟ أنا عايز أعرف الحقيقة......عايز أعرف كل حاجة


ابتسم أكمل بسخرية مريرة، وقال:

ما سألتش دولت هانم ليه؟ مش يمكن أنا بكدب عليك؟


تحول بصر فريد فجأة ناحية الدرج، لتقع عيناه عليها.....على جيانا، كانت واقفة هناك، برفقة أختها التي ترتدي الإسدال، عيناهما متسعتان من الصدمة، ووجههما مشدوه من وجودهما المفاجئ في هذا التوقيت


شعر فريد وكأن الزمن توقف، وكل الأصوات اختفت، إلا نبض قلبه.....كان يتأملها بحنين غريب، وألم صامت

أجاب أخيرًا، وعيناه لا تفارقان جيانا :

قافلة على نفسها الأوضة ومش بترد على حد.


ثم قال بصوت خافت، متهدج، وقد غلبت العاطفة على نبرته :

انت مش ممكن تكدب، بنتك كانت دايمًا بتتكلم عنك، عن واخلاقك، وبعدين اللي يربي بنت زي جيانا بالأخلاق دي، يبقى شخص عنده مبادئ، ومستحيل يعمل حاجة تخالف اللي علمه لبنته......ولا إيه؟



تهربت جيانا من نظرته، لا تود أن تواجهه، لكن قبل أن تدير وجهها، رمقته بنظرة واحدة، كانت محملة بخيبة أمل جارحة

نظرة هزت كيانه.....وألمت قلبه


أشار له أكمل بالجلوس، فجلس هو وأيهم، ليبدأ أكمل في سرد ما حدث، وكان كل حرف يقوله، كصفعة تهوي على وجه فريد تلو الأخرى


كان يعلم أن والدته ليست ملاكًا، كان يرى فيها الاندفاع والأنانية، لكنه لم يتخيل أن تكون بهذا القدر من الشر والحقد


حين انتهى أكمل، وقف فريد في صمت، لم يجد ما يقوله، فقط تمتم بصوت مكسور :

آسف ع الإزعاج في الوقت ده


استدار للمغادرة، يتبعه أيهم، لكن قبل أن يخرجا، كان الأخير يتبادل النظرات مع تيا......

نظرات طويلة، مشحونة، مكشوفة، لم تغب عن أعين الحاضرين، وقبل أن يخطوا خارجًا، دوى صوت أكمل في المكان، حادًّا صارمًا :

آخر مرة أشوفك، خليك بعيد عني وعن بنتي يا ابن دولت... الكلام ده ليك......ولغيرك !!!

قال الأخيرة وهو ينظر إلى أيهم نظرة تحذير واضحة، لا تحتمل التأويل


التقط أيهم الرسالة، ورد عليه بنظرة متحدية، تحمل الكثير كأنما يقول له "سأبتعد ولكن في أحلامك"


غادر الاثنان، لكن كلٌ منهما كان يجر خلفه قلبًا مثقلاً بالحزن

كل منهما ألقى نظرة على من أحب، وكأنها الأخيرة.

وعاد كلٌ منهما إلى غرفته، تتبعه مرارة، وصراع لا يهدأ

...........

في صباح اليوم التالي، اختفى سمير تمامًا، لم يعد إلى منزله، ولم يعثر عليه آسر في أي مكان قد يتوقع وجوده فيه.


أما دولت، فما إن خرجت من غرفتها، حتى وجدت محمد واقفًا ينتظرها، يسألها عمّا جرى، لكنها كالعادة قابلت سؤاله بصمتٍ ثقيل، ثم باغتته بالسؤال الذي أرهق تفكيرها منذ الأمس :

فريد إيه علاقته ببنت أكمل؟


أخبرها محمد بكل شيء......فلم تجد وقتًا للغضب، فقط استدارت فورًا، وتوجهت نحو غرفة ابنها بخطواتٍ متسارعة، يتبعها محمد بصمت


فتحت الباب لتجده جالسًا على فراشه، بثيابه نفسها التي ارتداها بالأمس، وعيناه شاردتان


صرخت فيه بغضب :

انت تقطع علاقتك ببنت أكمل......انت سامع؟!


نظر لها فريد بسخرية باهتة، وقال بصوتٍ تغلففه المرارة:

متخافيش... ط..هي اللي قطعت علاقتها بيا، ومن زمان كمان

وحتى لو كنا لسه مع بعض، اتأكدي مليون في المية، إني عمري ما كنت هعمل اللي بتقولي عليه ده


صرخت عليه بغضب مرة أخرى :

يبقى أحسن، لو بنت أكمل اخر واحدة على وش الأرض مستحيل تكون ليها، ده انت مليون بنت تتمناك، وبيتمنوا نظرة منه، وانا من بكرة هخطبلك أحسن وأشيك عروسة، بنت ناس ومن مستوانا


صرخ فريد فجأة بصوتٍ عالي هز ارجاء الغرفة :

أنا مش عاوز ولا واحدة من المليون دول، أنا عاوزها هي وبس،أنا ماحبتش غيرها، ولا هحب غيرها في حياتي

ولو هي مش في حياتي، يبقى مفيش واحدة تانية هتكون فيها




صمت لحظة، ثم تابع بحرقة :

أنا حبيتها من قلبي، عشان عندي قلب، مش زيك يا دولت هانم


شهقت دولت، وصرخت عليه بغضب ناري :

احترم نفسك يا ولد، ده اللي ناقص، بتقل ادبك عليا بسبب اكمل وبنت


لم يرد، فقط نظر إليها بهدوء مصطنع، بينما عاصفة حارقة تمزق صدره من الداخل، تنهد ثم قال :

عمري ما اتخيلت إنك بالشر والحقد والسواد اللي جواكي ده

كان لازم أعرف من زمان، ان الست اللي تهمل ابنها من يوم ما اتولد، مستحيل يبقى جواها قلب او اي ذرة انسانية


نظرت له بصدمة وذعر......هل علم ماضيها ؟!

فرد عليها فريد ، بعد ان قرأ ما يدور في عقلها :

بتبصيلي كده ليه؟ آه.....عرفت كل حاجة، عرفت أمي عملت إيه، وعرفت أذت مين وأذت إزاي، عرفت إنها أذت أقرب الناس ليها، اخواتها اللي من دمها، عرفت إن أمي قاتلة، جواها غل وحقد وسواد يكفي البشر كلها


صُعق محمد من كلماته، وقال بذهول :

فريد، انت بتقول إيه.....؟؟


لكن فريد تراجع عن الخوض بالماضي، وقال بضيق :

مفيش


ثم التفت إليه، ونظر إليه بثبات قائلاً :

أحب أقولك يا محمد باشا، إنك خسران، ومن زمان أوي

فريد اللي انت عرفته، مات من زمان، اللي واقف قدامك ده، اتغير، وبقى أحسن، والفضل؟ للناس اللي انت اتخليت عنهم زمان، زينب وديما،أنا عشت معاهم شهور، وحبيت نفسي معاهم، وحسيت إني وسط عيلة حقيقية


اقترب بخطوات بطيئة وقال بمرارة :

اخترت غلط يا محمد باشا، وضيعت من إيدك واحدة مايتعوضش حنانها، حسستني إنها أمي بجد، مش مجرد مراة اب، علمتني حاجات انتوا الاتنين نسيتوا تعلّدموهالي


ما إن أنهى جملته، حتى دوى صوت دولت بصراخ هستيري :

انت كنت عايش عند زينب، عيشت مع بنت الخدامة؟!

هي وامها ملوا دماغك بكلامهم السم عني، طول عمرها بتكرهني، وحاولت تاخد مني جوزي زمان، ودلوقتي عايزة تاخدك مني كمان، ده بعدها الخدامة هي وبنتها !!!


واجهها فريد بوجهٍ لا يحمل سوى الحقيقة، وقال بثبات :

الخدامة قدرت تعمل اللي دولت هانم معرفتش تعمله،

قدرت تكون أم لابنك، نصحتني، ووجهتني، وعلمتني، وربتني ع الصح، وأنا.....أنا كنت محتاج أم بجدؤ مش واحدة زيك كل اللي يهمها الفلوس وفستان شيك وسهرات وحفلات تافهة


تنهد بحزن، ثم قال كلمته الأخيرة وهو يلتفت للباب :

القصر ده، مبقاش فيه حاجة تهمني، انا هقعد في الأوتيل كام يوم، لحد ما ألاقي شقة أو هبقى أرجع القاهرة


ما إن غادر، حتى تبعه محمد، لكن قبل أن يخرج، نظر إلى دولت بسخرية صامتة، ثم أدار ظهره وغادر


أما هي، فبقيت وحدها.....

تكسر ما حولها، تحاول أن تطفيء تلك النيران التي تشتعل بداخلها......لكن دون فائدة !!!

...............

بشركة الزيني.......

كان أيهم يذرع غرفته ذهابًا وإيابًا، كأن الأرض لا تكفي قلقه، يريد التحدث معها بأي وسيلة، لكن في كل مرة كانت تتركه وتختفي، دون أن تتيح له فرصة لإنهاء الحديث.

يعرف جيدًا أنها لو طلب منها الحضور، سترفض

فبعد تفكير قصير، غادر مكتبه متوجهًا إلى مكتب المدير المالي شهاب، ثم قال له بحدة دون مقدمات :

الآنسة تيا مبقتش تيجي التدريب ليه؟




رفع شهاب حاجبيه باستغراب، ثم أجابه :

– معرفش والله يا حضرتك.


ردد أيهم بحدة، وهو يُخرج انفعاله على شكل تعليمات :

تتصل بيها حالًا، وتقولها تيجي تقدم استقالتها وتمشي،

لو مش ناوية تكمل، ده شغل مش لعب عيال


أومأ له شهاب موافقًا، فأكمل أيهم بصوت فيه توتر وصرامة دفينة :

خليها تجيب الاستقالة وتيجي على مكتبي، أنا اللي همضيها

بس قولها إن ده النظام اللي ماشي هنا، متقولش إن أنا اللي طلبت كده


ثم استدار مغادرًا قبل أن يسأله شهاب أي شيء، ليتمتم الأخير بدهشة :

ماله ده؟!


بعد وقت قصير، كان شهاب قد اتصل بـ تيا، وطلب منها الحضور، فحضرت مرغمة، مترددة، وقفت أمامه، فقال لها بجدية :

مكانش ينفع تسيبي التدريب كده يا آنسة، من غير ما تبلغي


ردت عليه بأسف :

أنا آسفة، بس حصلت ظروف عندي ومش هقدر أكمل التدريب


أومأ برأسه، ثم قال بهدوء :

يبقى حضرتك تكتبي استقالتك


أخرجت ورقة من حقيبتها وقدمتها له قائلة :

انا فعلًا كتبتها، وجبتها معايا.....اتفضل


حرك رأسه نافيًا، ثم أعاد الورقة لها قائلاً :

مش أنا اللي هوقعها.....هتروحي تمضيها من الأستاذ أيهم


توترت ملامحها عند سماع اسمه، وسألت بتوتر ظاهر :

– مينفعش حضرتك اللي تمضيها....؟!


نظر لها بشك، ولاحظ ارتباكها، فسألها :

ليه؟


ازدادت توترًا، وقالت بسرعة وهي تستأذن :

مفيش.....خلاص همضيها منه


بعد وقت، كانت تيا تدخل إلى مكتب السكرتيرة، تتلفت حولها بتوتر شديد، لكن المكتب كان فارغًا، فهمست لنفسها بدهشة :

هي فين السكرتيرة دي، شكل مفيش حد، ده حتى باب مكتبه مفتوح !!!!!


سارت بخطوات مترددة، دفعت الباب بهدوء وحذر وما إن دخلت حتى اتسعت عيناها بصدمة وذهول، لا تصدق ما تراه أمامها.......


قبل قليل......

كان أيهم يجلس خلف مكتبه، منهمكًا في توقيع بعض الأوراق التي تقدمها له سالي بصمتٍ مصطنع، تحمل نظراتها شيئًا خفيًا وما إن أنهى التوقيع، وطلب منها الانصراف، حتى وقف متوجهًا نحو الشرفة، ليتفاجأ بها تقترب منه بخفة، ثم تُحيط عنقه بذراعيها، وهمست بدلالٍ مريب :

ايه يا باشا.....سالي موحشتكش، ده أنت وحشتني موت،

إيه رأيك تيجي النهارده عندي، وبشرفي، هتقضي ليلة تحلف بيها طول عمرك، ده أنا سالي برده


استدار إليها بحدة، ودفع يدها عنه بعنف، ثم قال بسخرية :

شرفك، طب احلفي بحاجة اشرف من كده، ما علينا، أنا مش ناقص دلع ولا قرف، هتشتغلي هنا باحترام ومن غير سفالة اهلاً بيكي، هتعملي عكس كده تغوري في داهية بره الشركة مشوفش وشك فيها تاني......مفهوم كلامي



لكنها تجاهلت كلماته، واقتربت أكثر، ومدت يدها لتلمس عضلات صدره الظاهرة من فتحة قميصه الأبيض قائلة بدلال زائد :

ليه بس كده يا باشا، أنا غلطت في إيه، ده أنا كل منايا بس اني ابسطك


ابعد يدها عنه بعنف، وقال بنفاد صبر :

يوووووه


فجأة، قبل أن ينطق بكلمة أخرى، وقعت عينا سالي على تيا من الباب المفتوح قليلاً، فاستغلت اللحظة، وانقضت عليه تقبله عنوة، بعد ان همست بدلال :

وحشتني.....


لم تُمهله ثانية واحدة، فدفعها بعنف، لكنه لم يكن أسرع من ذلك الصوت، شهقة عالية، مخنوقة، مؤلمة، التفت على اثرها، ليجد آخر شخص يتمنى رؤيته في هذا الوضع الآن !!!


ردد اسمها بصدمة " تيا "

قالها بصدمة، وركض نحو الباب، بينما كانت تيا قد استدارت وغادرت بسرعة، دموعها تكاد تخنقها


1


ركض خلفها، يناديها بخوف :

تيا استني والله ما حصل حاجة.....اسمعيني بس


أمسك معصمها ليوقفها، لكنها دفعته بعنف قائلة بحدة :

ابعد عني، إياك تلمسني.....انت سامع !!


ردد بتوسل وهو يحاول ان يجعلها تقف ولا تغادر :

والله ما عملت حاجة، اسمعيني بس، هي اللي......


صرخت عليه تيا بغضب :

مش عايزة أسمع حاجة، مين انت عشان يفرقلي اللي بتعمله تخصني في ايه


كادت ان تغادر، لكنه تمسك بيدها قائلاً برجاء عاشق :

يمكن مايخصكيش زي ما بتقولي، بس يخصني انا، انا مش عايز أكون في نظرك وحش


صرخت عليه بألم، تحاول أن تمنع دموعها من الانسياب :

بس انت فعلاً وحش، وحش في نظري، ومهما عملت، مش هتتغير نظرتي ليك، زيك زي ابن عمك


حاولت ان تفلت يدها، لكنه تمسك بها بشدة، وقال بتصميم :

مش هتمشي قبل ما تشوفي الحقيقة بعينك


– مش عاوزة أشوف.....سيبني اغور من هنا


سحبها خلفه نحو مكتبه، والدم يغلي في عروقه، وقبل أن يدخل، صرخ في وجه سالي بنبرة كأنها خرجت من نار :

قدامك ثانية واحدة ولو لقيتك واقفة هنا، مش هيحصلك خير أبدًا......غورررري


صرخته جعلت سالي ترتعد، فأخذت حقيبتها وخرجت مسرعة من المكتب، أما هو، فدخل ساحبًا تيا، التي كانت تصرخ وهي تحاول التملص منه :

سيب إيدي


سحبها حتى وقف بها أمام شاشة الكمبيوتر قائلاً بحدة :

تعالي


سألته بحدة مماثلة وغضب وهي تحاول ان تفلت يدها منه :

انت بتعمل إيه؟!


رد عليها بضيق وغضب :

هوريكي اللي حصل قبل ما تدخلي بدقيقة في الكاميرات، عشان تصدقي، وعشان تفهمي مين اللي قرب من التاني الأول ومين اللي رفض


صرخت عليه بنفاذ صبر وغضب :

مش عاوزة أشوف حاجة، ولا أعرف حاجة، أنا عرفت الحقيقة واللي يهمني، والحقيقة إنك مالكش أمان وإن اللي فيه داء، عمره ما يبطله وإنك مش ليا وانا عمري ما هبقى ليك، أنا هكون مع اللي يستاهلني واللي اكيد مش انت



كلماتها كانت طعنات......

لكن تلك الطعنة الأخيرة، كانت الأشد......


جز على اسنانه قائلاً بغيرة عمياء :

الزفت اللي كان عايز يتقدملك امبارح، هو اللي يستاهلك


ردت عليه بتحدي :

وماله، يعيبه إيه؟ محترم، عمره ما بص لبنت نظرة مش تمام، الكل بيحلف بأخلاقه.....أرفضه ليه؟!


تلبدت ملامح أيهم بغضبٍ غير مسيطر عليه، صوته خرج مشوشًا بالغيرة :

يعني، موافقة عليه؟!


أجابته بتحدي لا يخلو من التحدي الصارخ :

آه موا......


خرجت من بين شفتيها آهة خافتة، لم تكتمل....كانت الكلمة لا تزال على طرف لسانها حين دنا منها بعنفٍ لم تتوقعه، يدفعها في لحظة خاطفة إلى الجدار خلفها


لم تفهم ما يحدث، كان كل شيء سريعًا....نظراته مشتعلة، أنفاسه لاهثة، كأن شيئًا داخله انكسر وانفجر في لحظةٍ واحدة


اقترب منها، تقارب محموم لا يُفسر، لحظة تجمد فيها الزمن، واختفى فيها الوعي


مدت يديها فورًا لتدفعه عنها، تقاومه، تحاول بكل قوتها أن تبعده.......ما يحدث أكبر خطأ !!!!!


لكنه، في غمرة غيرته، لم ير شيئًا، لم يسمع توسلات الصمت في عينيها، ولا اهتزاز جسدها المرتجف


اقترب أكثر، يثبت يديها بجانبها كي لا تبتعد، لحظة غياب، لحظة ضعف.....لحظة تملك أعمى لم تكن له


لكنها لم تكن شريكته في تلك اللحظة، كانت ضحيتها

كل حركة منها كانت مقاومة، كل نفسٍ كان رفضًا، كل دمعة على خديها كانت تقول "توقف"


فجأة، اتسعت عيناه، وتنبه لما اقترفه، وتجمدت ملامحه، وامتلأت نظراته ذهولٍ وندم


كانت تنظر إليه، وعيناها مبللتان، قلبها مذبوح، لم تنتظر منه كلمة، فقط رفعت يدها وصفعته بقوة، ثم ركضت.....

ركضت هاربة منه، ومن اللحظة، ومن الجرح الذي سببه لها الآن ولم يكن في الحسبان


أما هو.....

فقد بقي في مكانه، يتنفس باضطراب، يضرب الجدار بقبضته، يلعن لحظة الضعف، يكره نفسه، ويتمنى لو يستطيع إعادة الزمن للخلف


في الخارج......

كانت "مي" تراقب كل شيء من بعيد، وعينيها ممتلئتان بالحقد والغل الشديد تجاه تيا !!!!!!

.........

بعد دقائق ثقيلة، كان أيهم لا يزال واقفًا في مكانه، أنفاسه لاهثة، قبضته تنزف من فرط ضربه للجدار


كل شيء في داخله ينهار، ما فعله منذ لحظات لا يغتفر، لم يكن هذا هو.....لم يكن ما حدث تعبيرًا عن حب، بل لحظة تملك مشوهة، كسرت كل شيء بينه وبينها من قبل ان يبدأ


كاد يجمع أغراضه مغادرًا مكتبه حين فُتح الباب فجأة، ودخلت "مي"، بنظرة لا تخلو من دهاء وادعاء القلق قائلة :

عاوزة اتكلم معاك.....ضروري




نظر إليها بسرعة، ظن للحظة أنها جاءت لتتحدث معه عن تيا وعن سبب بكاءها منذ قليل، لكنه تفاجأ بها تخرج هاتفها، تفتحه أمامه، وتضعه أمام عينيه بثقة مريبة


صورة......لا بل عدة صور التُقطت من زاوية خبيثة، تظهره وهو يقترب من تيا، بينما ملامحها لا تظهر سوى لحظة مشوشة، لكنها توهم من يراها أن هناك قبلة متبادلة، لا يوجد فيها إجبار


حدق في الشاشة بصدمة، ثم رفع نظره إليها بحدة وسألها :

ايه ده ؟


أجابته مي ببرود قاتل :

دي زي ما حضرتك شايف، صور ليك وللهانم اللي طول الوقت عاملة فيها خضرة الشريفة


في لحظة، اشتعل غضبه، اقترب منها، قبض على ذراعها بقوة وقال بصوت مبحوح من الغضب :

اخرسي، متتكلميش عنها كده، انتي فاهمة


ضحكت بخفة، تنزع يدها منه، وقالت بنبرة تهديد واضحة :

قدامك حلين يا باشا، يا إما الصورة دي توصل لكل طالب في الجامعة، وكل موظف في الشركة، يا إما.....تتجوزني ونقفل ع الموضوع من غير فضايح


نظر لها وكأنها مخلوق غريب لا يعرفه، وقال باحتقار :

هتفضحي صاحبتك؟!


أجابت دون أن يرف لها جفن :

مصلحتي أهم....وبعدين، هي اللي بصت لحاجة مش بتاعتها


– مشوفتش أوس... منك

قالها بجمود، لكن عينيه تناظرها بكل قرف، أما هي، فصرخت عليه بحقد :

عجبك فيها ايه، الظاهر ان ذوقك وحش اوي في الستات

لكنه لم يعطها الفرصة لتكمل، تقدم منها بخطوة حادة وقال :

عندك حق انا يمكن قبل كده كان ذوقي وحش فيهم، بس ذوقي اتحسن من وقت ما حبيتها اصل اللي زي تيا تستاهل الحب والاحترام من الواحد، مش اللي زيك حقودة وانانية ورخيصة بتعرض نفسها على واحد و تجبره يتجوزها


ردت عليه مي بغضب أعمى :

اخرس


فردّ عليها، بصوت منخفض لكنه مشبع بالغضب:

اخرسي انتي واسمعيني كويس، وغلاوتها اللي اول مرة احلف بيها لو شيطانك وزك وأذتيها هقلب حياتك لجحيم وهتشوفي سواد، ومش انتي لوحدك طبعاً لا ده انتي واللي خلفوكي كمان واي حد يخصك، اتقي شري يا حلوة عشان هتندمي بجد لو جربتي تلعبي معايا


نظرت له بدهشة ممزوجة بالخوف، لكنها أخفتها بابتسامة متصنعة وقالت بتحدي :

هتشوف انا هعمل ايه ايهم، وخليك عارف ان محدش يقدر ياخذ من مي حاجة هي عوزاها


صرخ عليها بقرف وغضب :

غوري بره


خرجت من مكتبه وصفعة الباب لا تقل عن صفعة يد تيا له منذ دقائق


أما هو، فجلس على مقعده، دفن وجهه بين يديه، لا يعلم إن كان سينجح في إصلاح ما كُسر......

لكنه أقسم، في داخله، أنه سيحميها من كل شيء

حتى من نفسه

........

خرجت جيانا من عملها تمشي بخطى متثاقلة على الشاطئ، تتابع الأمواج بنظرات شاردة لا ترى شيئًا مما حولها

الهواء كان عليلًا، والبحر يثور على مهل كأنه يواسيها بصمته، لكنها كانت في عالم آخر.....عالمٍ لا يسكنه سوى الألم


بينما تسير بمحاذاة الطريق، وقع بصرها على أحد المقاعد الخشبية القديمة، وهناك.....رأته !!!


كان يجلس وحده، منكمشًا بعض الشيء، ملامحه مرهقة ونظراته غارقة في المدى

ترددت للحظة، هل تتابع طريقها وتتفاداه......؟؟

لكن قلبها سبقها، وكأن شيئًا ما دفعها نحوه، لتجلس بصمتٍ إلى جواره


لم ينظر إليها في البداية، لكنه شعر بها، وترك لها مكانًا من السكون، كلاهما كان ينظر أمامه.....حيث البحر


مرت لحظة، ثم همس هو بسخرية خافتة :

طلعنا قرايب.......يا بنت خالي


نظرت إليه، بعتابٍ يسكنه وجع وخيبة، ثم قالت بنبرة مخنوقة :

ازاي كنت بتقدر تبص في عيني وتقول بحبك؟ وإنت قبلها كنت في حضن واحدة تانية؟ إزاي قدرت تعملها؟


أطرق رأسه بحزن، ثم رد بصوتٍ مكسور :

كنت سكران وده مش مبرر، ده عذر أقبح من ذنب، أنا عارف إني غلطت، ومش بندم على حاجة قد ما بندم على وجعك مني يا جيانا، أنا فعلاً.....استاهل اللي أنا فيه دلوقتي


ضحكت بسخرية باهتة وقالت مغيرة مجرى الحديث :

على أساس إني مش هشوفك تاني؟


ابتسم فريد ابتسامة حزينة وقال :

وأنا محاولتش أقابلك، دي كلها صدف..... أو يمكن إشارة


نظرت إليه متأملة، ليكمل هو بصوتٍ خافتٍ وحنينٍ يملأه :

يمكن دي كلها علامات، إن مهما حد فينا بعِد، مكانه لسه جوه التاني وان احنا الاتنين نصيب بعض يا جيانا


ظلا ينظران لبعضهما، للحظةٍ نُسي فيها كل شيء...

حتى قطعها هو بسؤاله، دون مقدمات :

مفيش أمل؟ نرجع تاني يا جيانا؟


صمتت للحظات، ثم نفت برأسها ببطء، وقالت بنبرة حزن :

مفيش حاجة بترجع زي الأول يا فريد، حتى لو سامحتك وبدأنا من جديد، هيعيش جوايا الخوف....الخوف من إنك تغدر تاني، الخوف من الوجع، وأنا تعبت من الوجع، الوقت بيخلينا نتعايش مع وجعنا بس عمره ما بينسي


صمتت لوقت غير معلوم ثم قالت بحيرة :

مين عارف يمكن بكرة يبقى فيه بداية، بس مش النهاردة


أومأ برأسه، وقال بصوتٍ خافتٍ صادق:

سواء كان فيه أمل أو لأ، أنا عمري ما هبطل أحبك، ولا هبطل أستناكي، هفضل عمري كله مستني نظرة، إشارة، أي حاجة منك وصدقيني، عمري ما همل، ولا هزهق


ثم، وبكل حنان العالم، أمسك يدها وقبلها برفق. لم يكن يبحث عن رد، ولا رجاء.....فقط وداع صغير من قلبٍ مجروح


لكنّ تلك اللحظة لم تكتمل......

إذ اخترق السكون صوتٌ غاضب، قادم من خلفهما :

جيانا؟!!!


التفتت بخوف، لتتسع عيناها بصدمة.......


________



تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع