القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


رواية ليتني لم أحبك الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات




رواية ليتني لم أحبك الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات




#الفصل_السادس_عشر

#رواية_ليتني_لم_أحبك

#الكاتبة_شهد_الشورى

صلوا على الحبيب المصطفى 🩷 ✨ 

.............

في صباح رمادي ثقيل بمنزل آسر....

كان الصمت يسبق العاصفة، يتسلل بين جدران المنزل كأنه يترقّب لحظة الانفجار !!!


داخل غرفة مكتبه، كان النقاش مشتعلًا بين آسر وسمير لكن هذه المرة، لم يكن نقاشًا عاديًا…..بل مواجهة بين عقلين، أحدهما يُحاول أن يبصر، والآخر أعمته نار الانتقام


صرخ سمير، بعينين مشتعلتين بالغضب :

انت ناوي توصل لإيه؟ البنت ملهاش ذنب، تارك مع أبوها، يبقى هي ذنبها إيه؟ ليه عاوز تدخلها فـ اللي بينك وبين الراجل ده، واجهة راجل لراجل مش تدخل بنت بينكم


رد عليه آسر ببرود، وجمود قاتل كأن قلبه تحجر :

بتشتغل مع أبوها


نظر إليه سمير بصدمة، وسأله بذهول :

انت جبت الكلام ده منين؟ إزاي عرفت؟


أجابه آسر بنبرة خالية من الانفعال، كأنه يلقي بحجر في ماء راكد :

سمعتها يوم حفلة مي صاحبة تيا، كانت بتكلم أبوها في التليفون، بتقوله إنها زهقت ومش راجعة الشغل ده تاني !!!


حرك سمير رأسه نافيًا، وقال بصدمة وعدم تصديق لما يقول آسر :

رونزي؟ البت دي؟ دي هادية وبسكوتة،، مستحيل تشتغل في القرف ده، وبعدين يمكن بيكلمها عن شغل تاني


لكن آسر قطع عليه الأمل، نبرة صوته اشتدت وهو يقول :

متخرجة من طب بيطري، هتشتغل ايه مع أبوها غير في نفس القرف اللي بيبيعه وبيتاجر فيه


زمجر سمير، وكأن قلبه يدافع عن شيء بداخله لا يقبل هذا الظلم :

اسألها يا آسر، بدل ما تظلمها، البنت دي كويسة، سألنا عنها، سمعتها نضيفة، وأخلاقها عالية، وبعدين، دي صاحبة جيانا، لو فيها حاجة، جيانا ما كانتش دخلتها بيتها من الأساس


لم يبالي آسر د، وقال بغضب :

ما يمكن كل ده تخطيط، هي وأبوها عرفوا إن إحنا مسكنا القضية، فزقوها في طريق جيانا، علشان نكون تحت عينيهم احنا الاتنين وتنقل ليهم اخبارنا !!!!


رمقه سمير بنظرة طويلة، ثم قال بصرامة :

بلاش سوء الظن يا آسر، يا تسألها وتعرف الحقيقه، يا تبطل تفكر فيها وتسيبها في حالها


ثم اقترب منه خطوة كمن يكشف سرًا كان مدفونًا، وصوته صار أكثر ليونة، أكثر إنسانية :

إنت من جواك مصدق إنها بريئة، بس كرهك لأبوها، خلاك تحاول تكرهها بالعافية، عارف ليه، عشان بدأت تحس ناحيتها بحاجة وانت مش عاوز تعترف !!!


توقف لحظة، ثم ابتسم بسخرية ممزوجة بالأسى وقال :

طول المهمة اللي فاتت، كان عقلك مشغول بيها، مش بتفكر غير فيها، صورتها اللي على موبايلك شاهدة عليك، عاوز تنتقم؟ من مين؟ منها؟


صمت سمير للحظات ثم قال بسخرية :

البنت دي دخلة في حياتك بدون قصد، وبدون سلاح بس شكلها وقعت في معركتك، وانت بتحاربها بمشاعرك !!!


ثم تابع بجدية :

بلاش تدخلها في الحرب دي يا آسر، إحنا نعرف نجيب الراجل ده، نعرف نهاجمه من ألف جهة، بس بلاش الحريم وسط انتقام الرجالة، دي معركة قذرة، ما ينفعش حد نضيف يتلوث بيها، ورونزي بريئة وانا متأكد 


اقترب أكثر، وعيونه تشع صدقًا، وهو يقول :

وأنا عارف إنك ناوي تدخلها اللعبة، مش بس تجمع معلومات، إنت ناوي تأذيها، ناوي تخليها تدفع تمن مالهاش ذنب فيه، دي مش أصول ولا مرجلة يا صاحبي، طول عمرك راجل وعمرك ما كنت كده.....بلاش كرهك وغلك لأبوها يعميك !!


ثم ختم كلماته، بصوتٍ خافت لكنه حاسم :

متنساش، انت عندك ناس تخاف عليهم ومظنش إنك تحب حد يعمل فيهم كده، فكر كويس، وللمرة المليون هقولك بلاش انتقامك يعميك !!!


غادر سمير المكان، تاركًا خلفه آسر واقفًا، يتقلب داخله ما بين وجع الحقيقة، وشرارة الشك، وقف وحده، يتأمل المكان الفارغ، وكأن كلمات سمير تركت صدى لا يُكتم…...


يشعر بأن رجولته تُسائل قلبه هل كان يُخطط للانتقام أم للهرب من إحساسه بها.....؟!


تاهت المعركة، لم يَعُد يعرف من يُحارب بالضبط !!

كل ما يعرفه الآن.....انه غارق !!!!!

...........

بخطواتٍ وئيدة، ثقيلة كأنها تحمل أوزار عمرٍ من الحنين، دخل أيهم المدافن الخاصة بعائلته، يمشي كمن فقد الطريق رغم معرفته بها، لم يكن وجهته اليوم سوى مدفنٍ واحد... ذلك الذي يحتضن جسد والدته، حبيبته الأولى، وملاذه الأبدي.


كان اليوم ذكرى وفاتها، وما كانت الذاكرة يوماً لتخذله في هذا التاريخ.....ولا القلب لينهض من وجعه

تعمد أن يأتي وحده، قبل والده، كما يفعل كل عام، كأن الوجع في حضرة الأم يُؤنسه أكثر حين يكون وحيداً


ركع على ركبتيه أمام قبرها، مد يده المرتجفة ليضع زهور التوليب فوق ترابها الهادئ، كانت تحبها دومًا، تبتسم حين تلمحها، كأنها تلامس بها الحياة


رفع يده للسماء يقرأ الفاتحة، يدعو لها بصوتٍ خفيض، صادق، ثم مسح وجهه بكفيه وهو يُؤمن على دعائه بقلبٍ مكسور


خلع سترته، جلس على القبر، كأنما يجلس في حضرة روحها، يحدثها بنبرة منكسرة، مليئة بالشوق والحنين :

وحشتيني يا نوري، أيوه، بقولك نوري، ما أنا دايمًا بناديلك كده، بابا كان بيغير عليكي أوي، كان بيتضايق من الكلمة دي،

نفسه يجيلك النهاردة قبل بكره، عايز يجيلك ويسيبني لوحدي زي ما انتي سبتيني، مشيتي من غير وداع، من غير حضن أخير


صمت للحظات ثم قال بحزن وخزى شديد من نفسه :

أنا وحش، واللي بعمله أوحش....عارف إنك زعلانة مني، وعارف إنك كنتي بتتمني أكون حد تاني، وأفضل من كده،

بس لو كنتي موجودة في حياتي، كنت هبقى أحسن بكتير،

وحشتيني يا أمي، دعواتك الصبح، خوفك عليا، حنانك كل حاجة عيشتها معاكي وحشتني، أيهم، مفيش حاجة كسرته غير موتك، ولا حاجة وجعته زي غيابك، وحشتيني أوي، هتفضلي دايمًا أغلى حد في حياتي


تنهد بعمقٍ يشبه شهقة مكبوتة، ثم ابتسم والدموع تفر من عينيه رغمًا عنه، وقال بصوتٍ يحمل دفء الحنين :

عارفة، أنا نفسي أجيب بنوتة شبهك وأسميها نور، عشان كل ما أشوفها، أحس إنك حواليا وأناديها زي ما كنت بناديلك


أرجع خصلات شعره التي تمردت على جبهته، وراح ينظر للبعيد بشرود :

أنا عمري ما عرفت أخبي عليكي حاجة


صمتت للحظات ثم ابتسم وقال :

عارفة، هي مختلفة عن أي حد...

جميلة أوي، رقيقة بطريقة مش طبيعية،

عيونها.....عيونها تخطف القلب، محترمة وعفيفة.....

حاسس إني وقعت نفس وقعة فريد، حبيتها، ومش عارف إمتى، ولا ازاي، ماشوفتهاش كتير، ولا اتكلمنا كتير، بس بحس ناحيتها بحاجة عمري ما حسيتها قبل كده، بحس إنها مسؤولة مني، وإن لازم أحميها....انا تايه فيها، ومحتار مرة تعاملني يوم بلُطف، ومرة بعصبية


أخذ نفسًا عميقًا، وابتسم برقة قائلاً :

أنا أقدر أكون معاها وقح وسافل زي عادتي مع الكل، بس هي....هي بتجبرني أحترمها، مجرد ما عيني تيجي في عينها، بتوه، كأن فيهم سحر بيجذبني ليها......


ضحك بخفوت وهو يحك عنقه بخجلٍ لا يشبه شخصيته :

من كام شهر كنت بسأل نفسي، يا ترى، هتيجي اللي تخليني أحبها زي ما بابا بيحبك، ودلوقتي انا لقيتها ومش بس لقيتها لأ.....أنا غرقان في حبها، ومن غير ما أحس......بس مش عارف يا ترى هي كمان بتحبني؟ ولا لأ؟ بس هي ببراءتها وعفتها وجمالها تستاهل حد أحسن مني بكتير


ساد صمتٌ عميق، ثم رفع رأسه بابتسامةٍ فيها عزمٌ لا يشوبه شك :

بس وعد مني ليكي...

هفضل أحارب، أغير من نفسي، أجاهد عشان أبقى الأحسن...

عشان أستحقها، عشان أكون جدير بيها، مش هسيبها لغيري، دي فرصة زي اللي جت لفريد زمان، بس هو ضيعها، وأنا...أنا مش ناوي أضيعها أبدًا


نهض من مكانه، ينفض التراب عن ثيابه، حمل سترته بيديه، نظر إلى القبر بابتسامة حزينة، وقال بصوتٍ متهدج:

كل حاجة ممكن تهون مع الوقت.....إلا غيابك يا أمي...

لو كنت أعرف إنها آخر مرة هشوفك فيها، كنت حضنتك لآخر نفس وقولتك قد إيه إنتي غالية، وقد إيه أنا بحبك، وإن مفيش حد يقدر يعوض مكانك في حياتي...أنا هتغير... عشانها، وعشان لما أجيلك بعد عمر، نقف سوا في الجنة، وتكوني فخورة بيا، إنتي أعظم، وأحن أم في الدنيا وفخور إنك أمي، ومتخافيش عهدي اللي عاهدته دلوقتي،

هكون قده.....إن شاء الله


دعا لها بخشوع، ثم غادر المقابر بقلبٍ يُطبق عليه الحزن، كأنه فقدها للتو، لكن بداخله كان هناك نور صغير يُولد، عزيمة تتنفس من رماد الخسارة، وإصرار على أن يظفر بقلبها، كما ظفرت هي بروحه......دون أن تدري !!!!!

.........

داخل أروقة شركة الزيني، وتحديدًا في المكتب الذي يجمع بين تيا ورغدة ومي، كانت الأجواء مشحونة بالصمت المسموم، حتى انكسر صوت الصمت بنبرة رغدة الحادة وهي تعنف مي دون رحمة :

عمالة تجري وراه وهو مش معبرك، عارفة عاملة زي إيه بحركاتك دي؟... عاملة زي اللي بتعرض نفسها على واحد و بترخص نفسها، ايهم لو كان عاوزك، كان جيه لحد عندك وقالك، بلاش دلقتك عليه و بطلي ترخصي في نفسك بحركاتك الزفت دي كل يوم


رددت مي بنفاء ددش صبر وتملك :

و حياة أبوكي يا رغد فكك مني، أنا اللي في دماغي هعمله، أيهم الزيني هيكون ليا يعني هيكون، و هعمل أي حاجة عشان يكون ليا ومفيش حد هيمنعني عن اللي في دماغي، ايهم هيحبني وهيكون ليا


ردت عليها رغد بحدة، وقد فقدت الأمل في إيقاظ عقل صديقتها، فليست تلك المرة الأولى التي تحذرها فيها مما تفعل :

وهو هيبصلك على أساس إيه؟ ده معروف عنه إنه مع واحدة كل يوم، يعني كبيرك هتكوني في حضنه ليلة وخلاص، وهيشوف غيرك، انتي اللي بتوهمي نفسك بحاجات مش موجودة من الأساس، هو مش عاوزك، و لو انتي عاوزاه، اعرفي إنك هتكوني ليلة مش أكتر ولا أقل في حياته يا غبية 


ضاقت مي ذرعًا بكلماتها، وزفرت بقوة وكأنها تطرد من صدرها كل الغضب، ثم غادرت المكتب وهي تعتمل بداخلها نار التحدي، أرادت شيئًا، وقررت أنها ستحصل عليه، بأي طريقة كانت !!!!!


أما تيا، فكانت تجلس على مقعدها بصمت ثقيل، تستمع لكل كلمة، وكل جملة من رغد مزقت الصورة الوردية التي حاولت أن تتمسك بها، كأن الكلام لم يكن موجهًا لمي وحدها، بل طعن قلبها هي أيضًا، شعرت بأن قلبها انكمش بين ضلوعها، فخرجت مسرعة نحو المرحاض، تبحث في برودة الماء عن دفء يهدئ ارتجاف روحها


لكنها، وبمجرد أن استدارت نحو الممر، تفاجأت به.....انه أيهم، يقف هناك، ملامحه هادئة كعادته، لكنه بدا وكأنه ينتظرها


أشاحت بوجهها عنه محاولة تجاهل وجوده، لكنه اعترض طريقها، قائلاً بصوت منخفض:

أنا ضايقتك بمكالمتي امبارح....؟؟


لم تجب.....لم ترد حتى النظر إليه، استدارت لتسلك طريقًا آخر، لكنه عاود اعتراضها بصوت بدا فيه القلق :

تيا......مالك ؟؟


رمقته بنظرة غاضبة، وقالت بحدة واضحة:

اللي بيحصل ده ميصحش، وياريت زي ما أنا مش بشيل الألقاب بينا، تلتزم انت كمان بكده....حضرتك هنا مدير، وأنا هنا متدربة، مش أكتر، ولا حتى كان بينا سابق معرفة تخليك تتخطى حدودك معايا بالشكل ده، آخر مرة تتصل برقمي وتعترض طريقي كده، مفهوم


كأن كلماتها كانت سياطًا تنهال عليه، أرادت أن تنهي الحوار لكنها لم تستطع، إذ أوقفها مجددًا، قائلاً بهدوء :

ميصحش برضو تمشي وتسيبيني بعد ما قولتي اللي قولتيه من غير ما تديني فرصة أتكلم، أنا آسف لو كنت اتجاوزت حدودي معاكي من غير قصد


لكنها قاطعته، وكأنها تحتمي بكلمات رغدة التي سكنت داخلها وقالت بحدة :

قصر الكلام، ياريت لا تكلمني ولا ليك دعوة بيا، إلا بخصوص الشغل......وبس


نظر إليها للحظة، ثم وضع يديه في جيب بنطاله، وقال بسخرية مريرة :

مش معنى إني بتكلم معاكي باحترام و بذوق، إن حضرتك تتكلمي بقلة ذوق كده


صُدمت من كلماته، وردت بعينين تشتعلان غضبًا:

أنا قليلة الذوق...!!!


أومأ رأسه قائلاً دون تردد:

أيوه، قليلة الذوق، عشان أنا بتعامل معاكي بلطف واحترام، وانتي دايمًا بتدي أوامر و تزعقي، أنا أقدر أوقف عند حدك، بس أنا ساكت عشان......


كان على وشك أن يبوح بما يخفيه في قلبه، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، كانت الكلمات على طرف لسانه، لكن خشي أن تكشف ما لا يجوز له قوله الآن، فصمت


لكنها لم تصمت، ردت عليه بغضب لم تستطع كبته أكثر : ساكت عشان معندكش اللي تقوله بعد اللي عملته انت وابن عمك في أختي، ومراهنتكم الرخيصة عليها، أنا أصلًا غلطانة إني فضلت في الشركة دي بعد ما عرفت كل حاجة، آخر دقيقة ليا فيها هي دلوقتي.......عن إذنك يا محترم !!!


وبينما همّت بالرحيل، جذبها من يدها بقوة، ليأخذها نحو المصعد... ثم إلى مكتبه، رغم محاولاتها المستميتة للتخلص من قبضته على مرفقها


دفع باب المكتب بيده، لم يغلقه بإحكام، فسكرتيرته لم تكن بمكتبها، ثم ترك يدها، لتصرخ عليه وهي تكاد تنفجر من شدة الغضب :

انت ازاي تتجرأ وتمسكني كده يا بني آدم انت؟!


زفر بضيق وهو يتمالك أعصابه قائلاً :

أولًا، أنا آسف على إني مسكتك كده، بس لو كنت طلبت منك، مكنتيش هترضى نتكلم سوا بهدوء


ثم أكمل بصوت غاضب :

ثانيًا، أنا امبارح كلمتك وقولتلك إني مكنتش ليا دعوة بالرهان ده، وكنت رافضه، وبعدين أختك وابن عمي يتصرفوا مع بعض براحتهم......ده ماله ومال معاملتك معايا !!


اقترب منها بخطوة، فتراجعت هي بخوف لا إرادي حتى التصق ظهرها بالحائط، ووقف هو أمامها، بعينين تتأملان ملامحها المربكة


قال بنبرة محملة بما لم يقال:

يا إما كل اللي بتعمليه ده......بتهربي بيه من حاجة تانية


سألته بتوترٍ ظاهر :

حاجة إيه.....؟!


اقترب منها ايهم أكثر، وقال بمغزى :

اللي أنا وانتي عارفينه كويس يا تيا....اللي ابتدى يتحرك جواكي وانتي رافضاه، ونفس الكلام معايا، بس أنا مش رافضه.....عارفة ليه؟ عشان ده أحسن حاجة حصلتلي !!!!!


كان يقف أمامها، عيناها تهربان من نظراته لكنها تعود إليه من تلقاء نفسها....نظرة تحمل ألف سؤال وارتجافة، شفتيها تحاولان نطق اعتراض ما، لكنها عالقة في قيد الصدمة


نظر لشفتيها، ثم لملامحها المرتبكة، وبدا للحظة أنه على وشك تقبيلها.....شوقه كان كالحريق، لكنه تراجع، كمن يدرك أن زهرة نقية كهذه لا يجب أن تُمَس برغبة، بل تُمسك بتقدير 


رفعت عيناها إليه، تنظر إلى بريق عيناه اللتان تأسرانها، تنهد، وقال بنبرة صادقة حنونة :

تيا....خوفك اللي جواكي ده شيليه، أنا مش فريد عشان تخافي على نفسك مني، أنا ممكن أكون وحش مع الكل، ومع أي حد، بس معاكي انتي....لأ. لأنك غالية، وهتفضلي غالية دايمًا، ولا في يوم هقدر آذيكي


ثم أكمل بعشق وهو يشدد على كلماته، يزرعها داخل أعماقها :

أنا بحبك يا تيا !!!!


اتسعت عيناها بصدمة، وارتجف قلبها بين ضلوعها، لكن صوته عاد يكرر بإصرار صادق :

بـحـبـك


لم تستطع الرد، لم تنطق، فقط حدقت فيه، وصدرها يعلو ويهبط بسرعة، أما هو فظل يراقب تفاصيلها بعينين لا تعرف سوى الحُب !!!


ثم فجأة، تحركت، سارت نحو الباب وفتحته وغادرت بسرعة، تركته واقفًا خلفها يحمل حبًا كبيرًا


غادرت الشركة كمن يهرب من شيء لا تجرؤ على تصديقه... ثم إلى منزلها، حيث احتجزت نفسها داخل غرفتها، تغلق الباب على دهشة لم تهدأ حتى الليل


ما لم تعلمه.....أن هناك عينًا كانت تراقب كل شيء، عينًا امتلأت بالحقد، والغِل، وقررت في تلك اللحظة، أنها لن تترك تيا تنعم بالهدوء والحب معه


أما أيهم، فجلس على مقعد مكتبه، قلبه يلومه على تسرعه، وعلى أنه بَاح بما كان يجب أن يصمت عليه....يدرك أن الطريق أمامه ليس سهلًا، وأن والدها لن يقبل به، خاصة بعد ما حدث مع فريد وأختها.....لكنه قرر أن يفعل المستحيل

لقد سقط في حبها.......ولن ينجو !!!!!!

.........

وقف يطوي المصلاة بعناية، وكأن بين طياتها طمأنينة جديدة لم يذقها من قبل، ثم وضعها فوق الأريكة الصغيرة في ركن الغرفة، ارتدى ملابسه بهدوء، يستعد لمغادرة المنزل إلى عمله في فرع شركة الزيني بالقاهرة


اقترب من المرآة، يضبط تفاصيل مظهره، يصفف شعره بيده، ثم توقف فجأة، نظر إلى وجهه بتأمل......

لأول مرة، يرى نفسه بعين الرضا.


نعم، لقد سلك الطريق الذي كان يجب عليه سلوكه منذ زمن، وكم يتمنى لو عاد به الزمن ليبدأ من هناك.


شعر براحة غريبة، راحة حقيقية، عميقة... لا تشبه أي سكينة جربها من قبل، والفضل يعود لتلك السيدة التي لم تكن والدته، لكنها كانت أكثر من أم !!!!


زوجة والده، تلك التي دخلت حياته بهدوء، وأحدثت فيه ضجة نور، ضحك بخفوت وهو يتذكر كيف تعاملت معه ذات مرة، عندما جمعت بينه وبين ديما وقالت :

هتحفظوا قرآن سوا، واللي هيسمع حلو وأحسن من التاني، هعمله كيك بالشكولاتة.د


تعامله كطفل.....نعم، وكم كان يحتاج إلى هذا التبسيط

ساعدته كثيرًا، واحتضنته بنصائحها، ولن ينسى أبدًا يوم رأته جالسًا في الشرفة، ممسكًا بهاتفه، يحدق في صورة قديمة تجمعه بجيانا، حينها، اقتربت منه، ولم تسأله أو تلومه، بل شجعته أن يتحدث، أن يفتح قلبه، وبالفعل فعل ولما أنهى حديثه، قالت له شيئًا لم ينسه حتى اليوم :

بص يا بني، ربنا لما بيلاقي عبده بعد عنه وبيعصيه، بيديه فرصة واتنين وتلاتة وأربعة.....عشان يتصلح حاله، ولما يلاقيه مستمر في معصيته، بيديه ضربة تفوقه من اللي هو فيه، وإنت فوقت، وناويت التوبة، وربنا غفور رحيم...

بيغفر للي تاب توبة نصوحه، إنت بدأت صح، بس ناقصك حاجة، الصلاة يا بني، أول حاجة بيتحاسب عليها العبد يوم القيامة، الصلاة لو صلُحت، صلح سائر العمل، ولو فسدت، فسد سائر العمل، الصلاة تريحك من هموم الدنيا، تنورلك طريقك، تمحي ذنوبك، اعبد ربنا وقرب منه، هتلاقي حالك اتصلح......القرب من ربنا حلو


ثم ابتسمت برقة، وقالت :

وبخصوص البنت اللي بتحبها، لو لقيت سعادتها مع غيرك، سيبها تعيش، أما لو حاسس إنها لسه بتحبك، وميالة ليك...

حارب عشانها، وعشان ترجع ثقتها فيك، بس المرة دي بالأفعال يا بن محمد، متعملش زي أبوك ما عمل زمان، اللي قال إن الحب بيجي من أول نظرة غلطان، اللي بيحب بجد، لازم يحب من أول موقف، المواقف هي الدليل، مش الكلام...

أبوك وعد كتير، بس عمره ما نفذ، حارب عشان حبك لو هيكون فيه سعادتك، وادعي ربنا في كل صلاة إنها تكون من نصيبك واشكره إنه رجعك وفوقك قبل فوات الأوان


أخذ نفسًا عميقًا، وردد في قلبه الدعاء الذي أصبح رفيقه في كل سجدة وكل لحظة ضعف :

يارب اجعلها من نصيبي


خرج من المنزل بعد أن ودعهم، واستقل سيارته، متوجهًا إلى عمله.....لكنه توقف فجأة.....


عيناه التقطت طيفها.....انها هي

من اشتاقها، وذاق ألم فراقها كأن قلبه مزق على أطراف غيابها، وقفت هناك، كأن الزمن أراد له أن يراها فقط، أن يشبع عينيه منها، دون أن يقترب


صراع بداخله......هل ينزل؟ يتحدث؟ يعتذر؟....أم يرحل؟


قرر أن يرحل.....لكن بعد أن يملأ روحه بنظرة منها

نظر طويلًا، كأن عينيه لا تشبعان، وكأن قلبه يخبئ كل تنهيدة باسمها فقط، وكعادته.....وكأنه لم يكبر بعد، عاد لطريقته القديمة، كما كان يفعل حين كان في ألمانيا، يتصل بها من رقم مجهول، فقط ليسمع صوتها.....

إلى أن جاء يوم، وغيرت رقمها، فبات يشتاق حتى لاسمها في ذاكرته 


ضغط على دواسة البنزين، وانطلق بسيارته، كأن قلبه يهرب قبل أن يتمرد عليه، قبل أن يتراجع ويترجل ليذهب إليها.....


لكنه ابتسم بأمل، ومضى وهو يدرك الآن أن الفُرقة بينهما لم تكن يومًا نهاية، فالقدر كلما باعد بينهما....أعاد جمعهما من جديد !!!!!

..........

مر يومان لم يتغير فيهما الكثير، سوى علاقة سمير وهايدي التي تتقدم بخطوات هادئة لكن واثقة، بينما آسر بات يتحاشى لقاء رونزي قدر المستطاع، وكأن عينيها تحملان ما لا يطيق مواجهته.


في منزل أكمل النويري، كان الليل هادئًا، إلا من الصمت الذي يلف قلب ابنته الصغيرة.


تيا، التي قضت اليومين الماضيين حبيسة غرفتها... لا تغادرها إلا للضرورة، لا كلمات، لا أحاديث، فقط صمت يخنق أنفاسها، وسرحان لا يعلم أحد وجهته.


وفي اليوم الثالث، صعد والدها نحو غرفتها، طرق الباب مرتين، وحين لم يجد ردًا، دخل بهدوء.


كانت تفرغ من صلاتها، تجلس في سكينة على السجادة، تهم بالدعاء، ترفع يديها إلى السماء بهم لا يُروى.


اقترب منها، جلس إلى جوارها على الأرض، ثم همس بابتسامة دافئة :

حرمًا


رفعت رأسها، وابتسمت برقة، وقالت :

جمعًا إن شاء الله


نظرت إليه....فابتسم أكثر، ومسح على شعرها بحنو الأب الذي يرى ألمًا لا يُقال، وقال بصوته المليء بالحب :

بنوتي القمر مالها، أنا عارف إني انشغلت مع جيانا اليومين اللي فاتوا، واهملتك.....حقك علي


حركت رأسها نافية، وقالت :

متقولش كده يا بابا، أنا عارفة انشغالك كان ليه، وبعدين أنا كويسة اهو.....مالي يعني ؟


لكنّه لم يصدقها، رأى عينيها، وشحوب ملامحها، والانطفاء الذي يسكن صوتها، ربت على كفها برفق، ثم قال :

لأ انتي مش كويسة خالص يا تيا، حابسة نفسك في أوضتك ليه؟ ليه مش بتروحي الجامعة، ولا التدريب؟ ليه مش بتتكلمي مع حد، وسرحانة على طول؟ مالك يا حبيبة بابا؟

حد زعلك؟ قوليلي، والله لاخليه يشوف النجوم في عز الضهر


ضحكت بخفوت، لكنها لم تستطع النظر في عينيه، خفضت رأسها، ثم قالت بحزن صادق :

أنا مش عاوزة أَكدب عليك، وفي نفس الوقت، مش قادرة أقولك السبب، ينفع نأجلها لحد ما أكون جاهزة احكيلك !!


أومأ برأسه مبتسمًا، لكن قلبه لم يطمئن، بل زاد قلقه

رأى ما خلف كلماتها، وقرأ الحزن في عينيها كما يقرأ السطور، فاقترب منها أكثر، وقال بصوت دافئ يحتضنها :

أنا قولت الكلام ده لاختك قبل كده، وهقوله ليكي دلوقتي

محدش هيخاف عليكي أكتر من أبوكي، أوعي تحسي إنك لوحدك، لو في أي حاجة، مهما كانت، تعاليلي، واحكيلي، وهنحلها سوا وسرك هيكون في بير زي ما انتي عايزة، انا عمري ما هضرك، يا تيا.....ماشي يا حبيبتي


أومأت له، وابتسمت، لكن لم تخفي دمعة الضعف في عينيها، تلك التي رآها رغم صمتها


غادر الغرفة بهدوء، وتركها تغرق أكثر في صراعها، وفي قلبها، كانت قد قررت انها ستذهب غدًا إلى شهاب، المدير المالي بالشركة، وتبلغه برغبتها في إنهاء التدريب

لقد اتخذت قرارها.....ستبتعد، لا تريد هكذا حب !!!!!!

........

صباحًا في قصر الزيني......

في بهو القصر الواسع، حيث يسكن الكبرياء بين الجدران، كان صلاح الزيني يجلس بهدوء، يراقب الشاب الجالس أمامه، يتفحص ملامحه، ينتظر أن يسمع منه شيئًا واضحًا

وفعل.....


فاجأه بصوته الجاد، وكلماته القوية الواثقة :

حضرتك....أنا بطلب إيد الآنسة هايدي للجواز !!!!!!!!

___________


البارت خلص يا حلووووين يا أحلى متابعين 🩷✨ 

مستنية رأيكم 🔥 

البارت الجاي دمااااااار حرفيًا 💥

توقعاتكم ايه للبارت القادم...........؟؟؟

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع