القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

 رواية ليتني لم أحبك الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات






رواية ليتني لم أحبك الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

#الخامس_عشر

#رواية_ليتني_لم_أحبك

#الكاتبة_شهد_الشورى

صلوا على الحبيب المصطفى 🩷 ✨

.........

في صباح يوم جديد......

جلست رونزي أمامه بهدوء، وقد طلب منها اللقاء في أحد المقاهي ليتحدثا، لم تمانع، بل كانت تنوي الأمر نفسه، بدا كأنهما، دون اتفاق، قررا أن ينهيا ما بدأ بينهما !!!!


بعد لحظة صمت طويلة، قال أخيرًا بصوت خافت :

رونزي....أنا.....


لكنها قاطعته بابتسامة خفيفة وهمسة ساخرة :

عارف قعدتك دي قعدة مين؟


نظر لها فريد باستغراب، فأكملت رونزي بنفس الابتسامة :

قعدة واحد عايز يقول لخطيبته إنهم مش هينفعوا يكملوا مع بعض


صُدم من كلامها، هم أن يتحدث، لكنها استبقت كلماته بابتسامة أهدأ :

مش محتاجة كل ده على فكرة....أنا كمان كنت ناوية أكلمك واطلب كده، إحنا اتسرعنا في الارتباط يا فريد، أنا محبتكش، ولا انت كمان حبتني.


أومأ برأسه موافقًا، وقال بنبرة جادة :

عندك حق، اتسرعنا


ساد الصمت بينهما، فقطعته هي فجأة دون مقدمات :

بتحبها أوي كده؟


سألها بتوتر :

هي مين؟


أجابته ببساطة، وهي تنظر إليه بمغزى د :

اللي كنت بتتخانق مع باباك ومامتك عشانها....واللي كانوا السبب في بعدك عنها، اللي عينك بتدور عليها أول ما تدخل أي مكان، الأول مكنتش مصدقة، بس يوم الحفلة ابتديت أشك، خصوصًا بعد ما سمعتك بتتكلم مع والدك وولدتك


ثم تابعت بابتسامة هادئة :

نظرتك ليها لما عرفت إنها وافقت ع العريس، حتى اني شوفتك من الشباك واقف تحت البيت وهي نزلتلك، جيانا كانت نفسها تتعرف ع اللي هتجوزه، بس من يوم ما شافتك وهي بتهرب من أي مكان إنت فيه


تنهدت، ثم نظرت إليه نظرة ناعمة مشوبة بالفهم والصدق :

أنا مش غبية يا فريد، أنا بحس وبشوف، جيانا لسه بتحبك... وإنت كمان وأنا كنت في النص بينكم، بس لازم أبعد عشان تكونوا لبعض


انكسرت نظراته، وتلاشت نبرة المزاح من صوته وهو يقول بسخرية حزينة وهو يشيح بوجهه بعيدًا عنها :

انتي عمرك ما كنتي في النص بينا، اللي كان واقف بينا افعالي معاها، أنا السبب في اللي إحنا فيه....محدش غيري يا رونزي


نظرت له باستغراب، فهي لا تعرف الكثير عما حدث، فقط استنتجت من حديثه مع والديه، فقالت ببساطة :

أنا مش فاهمة حاجة، بس طالما لو بتحبوا بعض من الأول، ليه سيبتوا بعض


أجابها بابتسامة باهتة لم تصل إلى عينيه :

سيبك من ده كله.....مش مهم


ثم نظر لها وقال بنبرة أكثر ودًا :

أنا زي أخوكي، إحنا آه منفعناش لبعض، بس ده ما يمنعش نكون أصحاب وأخوات وأتمنى ما أكونش زعلتك في حاجة


حركت رأسها موافقة وقالت بابتسامة دافئة :

أكيد يا فريد، أخوات وأصحاب ومستقبلاً هتكون جوز أختي ان شاء الله 


كم تمنى سماع هذه الجملة، بل كم تمنى أن يحدث ذلك في أقرب وقت، بل والآن.....تنهد ثم قال بجدية :

ممكن أطلب منك طلب؟ وماتسأليش عن السبب


– اتفضل !!


رد عليها بجدية :

بلاش جيانا ولا أي حد يعرف إنك عرفتي اللي بينا أو إن أنا لسه بحبها، خلي موضوع انفصالنا كأنه عشان إحنا ما اتفقناش 


حركت رأسها بتفهم وقالت :

حاضر


بعد دقائق قليلة، استأذنت وغادرت أما هو، فأخرج هاتفه، واتصل بابن عمه، وأخبره بما ينوي فعله، طلب منه ألا يُخبر أحدًا، ثم أنهى المكالمة


تحرك بسيارته، لا يعرف ما ينتظره، لكن قلبه كان يعرف أنه لن يبدأ بداية جديدة إلا بعد أن يُصلح القديم.....عليه أن يواجه الحقيقة ويُصلح كل ما أفسده قبل كل شيء

...........

بعد وقت ليس بطويل، توقفت سيارة فريد أمام بناية قديمة الطراز، بدت وكأنها قاومت الزمن بشق الأنفس....


ترجل منها ونظر إلى الدرجات التي تفصله عن باب ذلك المنزل، تنفس بعمق قبل أن يصعد، كأنما يُعد نفسه لمواجهةٍ طال تأجيلها، وحين وقف أمام الباب، رفع يده ببطء ودقه دقات مترددة، وما إن مرت ثوانٍ حتى فُتح الباب، لتظهر من خلفه سيدة في أواخر الأربعينات، ترتسم على وجهها ابتسامة صغيرة وهي تسأله بخفوت :

أيوه مين حضرتك


أجابها بثبات وصوت هادئ :

أنا فريد.....فريد محمد الزيني !!!!


اختفت ابتسامتها فجأة، كأنما ضُربت بقوة داخلية، فتراجع كل شيء إلى الخلف، كل السنوات، كل الوجع، كل ما ظنته انتهى


سألها فريد بعد لحظة من الصمت، بصوت متوتر :

ديما موجودة ؟


لم تكن بحاجة لأن تُجيب، فقد جاء صوت ديما من خلفها مستفسرًا :

مين يا ماما ؟


ما إن رأت ديما القادم حتى توقف الزمن في عينيها، وقالت بذهول :

انت !!!!!


ابتسم لها فريد، ابتسامة خفيفة تكاد تُخفي ارتباكه، وقال :

ممكن أدخل ولا أمشي لو وجودي مش مرحب بيه


ردت عليه ديما بسخرية تحمل وجعًا قديمًا :

ليه، هو إحنا زيكم بنمشي الضيوف من قدام بيتنا ونطردهم


رد عليها فريد بصوت منكسر، ونظرة متألمة :

انتي مش زيي يا ديما.....انتي أحسن مني مليون مرة


وقفت زينب جانبًا، ونطقت بجمودٍ يخفي عاصفةً في داخلها :

اتفضل


شكرها بابتسامة باهتة، ثم دخل إلى المنزل، أغلقت زينب الباب خلفه وسألته وهي تتجه نحو غرفتها :

تشرب إيه....؟!


أجابها فريد بهدوء :

شكرًا، مش عاوز حاجة.....عاوز أتكلم معاكي يا ديما، ينفع


قبل أن ترد، التفتت زينب وقالت بثباتٍ يكذبه ارتعاش خفيف في صوتها :

أنا داخلة أوضتي


لكن ديما أوقفتها قائلة :

استني يا ماما


توقفت زينب، وارتفعت عيناها بصعوبة نحو ابنتها، لم تكن لحظة عادية، فكل ما مر من عمر بدا وكأنه يعود دفعة واحدة، يُطرق على باب قلبها دون رحمة، رؤية ابن طليقها، أعادت كل شيء......كل الندوب القديمة، وكل الذكريات التي لم تُمحى


قالت بصوت متماسك رغم الحزن :

أنا ماليش لازمة في القعدة دي، انتي أخته، وهو أخوكي دي حاجة متخصنيش 


لكن ديما أصرت عليها قائلة :

بس إنتي أمي، واللي يخصني يخصك


ربتت زينب على يد ابنتها، ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة مرهقة وقالت :

معلش، خليني أدخل أوضتي، وأهو أرتاح شوية بالمرة


أومأت ديما لها، ثم جلست بجوار فريد على الأريكة القريبة من الباب الداخلي، بدا عليه التردد، ثم قال بصوت خفيض :

أولًا، أنا آسف... على كل كلمة قولتها يوم ما جيتي القصر، وآسف إني اتكلمت عن والدتك بطريقة مش كويسة وآسف على كل السنين اللي ما سألتش عنك فيها، آسف إني زمان خيرت أبونا بيني.......


قاطعتها قائلة بحدة وصرامة لا تليق بعمرها :

ابوك انت مش ابويا انا !!!!!


تنهد فريد وقال بحزن :

انا آسف يا ديما


نظرت إليه بسخرية ممتزجة بحزن وقالت:

وإشمعنا دلوقتي جيت تعتذر


صمت لحظة، عقله ارتد إلى الأيام الماضية، إلى لقائهما في مكتب الأمن، إلى كل ما سمعه منها، كل كلمة كانت مرآةً تعكس أخطاءه، رفع عينيه إليها قائلاً بقهر :

تقدري تقولي إن الواحد لما بيخسر حاجة غالية عليه، بيبدأ يعيد حساباته، ويشوف هو غلط في ايه


صمت ثم تابع بصدق :

أنا كنت بغير منك يا ديما...من قبل ما تتولدي حتى، لما عرفت بوجودك، حسيت إني ضايع أكتر، كنت مهمش في حياة محمد باشا ودولت هانم ولما والدتك حملت فيكي...هو لأول مرة اتمسك بحاجة.....اتسمك بيكي انتي، وأنا بقيت ولا حاجة


ردت عليه بسخرية مريرة :

وفي النهاية اختارك انت !!


تنهد الاثنان بحزن فتابعت ديما ببرود :

وثانيًا....؟؟


رد عليها فريد بابتسامة راجية :

ثانيًا.....أنا عندي طلب، عايزك إنتي ومامتك تسامحوني، وتيجوا تقعدوا معايا في شقتي في المعادي، أنا سيبت قصر الزيني، وقررت أبدأ من جديد.....وعايز أختي تبقى معايا وجنبي


نظرت إليه بصمت طويل، ثم قالت أخيرًا :

أولًا، أنا مش هلومك على غيرتك....لأني كمان كنت بغير منك، كنت حاسة بنفس اللي بتحسه ومش هقدر ألومك إنك خيرته بيني وبينك، لأن محمد باشا هو السبب، بأنانيته وضعفه حطنا في الموقف ده والاختبار ده


تنهدت وأكملت بجدية :

ثانيًا، أنا مقدرش أقرر لوحدي، ماما لازم توافق


أجابها فريد بتفهم :

أكيد لازم ناخد رأيها 


ثم مد يده ليمسك يدها برفق، قائلاً :

أنا عارف إنك مش هتسامحيني بسهولة، بس حاولي، بجد أنا آسف واللي تطلبيه أنا هعمله، بس سامحيني يا ديما


ابتسمت له ابتسامة صغيرة، وقالت بنقاء قلب :

مسمحاك


ضمّها إلى حضنه بحنان، ترددت للحظة قبل أن تبادله العناق بخجل، لم تعتد بعد على هذا القرب، لكنه بدا صادقًا، ما إن ابتعد عنها، حتى قال :

على فكرة.....فيه ثالثًا !!!


ضحكت وسألته بمرح :

إيه اللي في ثالثًا....؟!


أخرج من جيب سترته علبة قطيفة سوداء، ومدها إليها وهو يبتسم بحنان :

دي هدية صغيرة، ممكن تقبليها


أخذتها منه بتردد، وسألته بسعادة :

هدية ليا أنا !!!


— أه.....افتحيها، يارب تعجبك


فتحت العلبة ببطء، لتجد سلسلة ذهبية رفيعة تتوسطها فراشة صغيرة، كانت رقيقة وجميلة، تشبهها في بساطتها ابتسمت ديما بانبهار وقالت :

الله دي حلوة أوي.....بس غالية، أنا مقدرش أقبلها


رد عليها فريد بحنان :

متغلاش عليكي وبعدين....مفيش الكلام ده بين الأخوات


شكرته بخجل، فباغتها بسؤال :

صحيح، هو إنتوا ليه سيبتوا شقة إسكندرية؟ بعتوها ليه؟


أجابته بضيق وحزن :

إحنا ما بعناش حاجة، الشقة كانت باسم محمد باشا، وفجأة من كام سنة اتفاجأنا بصاحب جديد بيقولنا نلم حاجتنا، عشان الشقة اتباعت باللي فيها وماما لما راحت القصر تتكلم، محدش رضي يدخلها.....بالعكس، طلبوا من الحراس يطردوها بعدها ملقيناش مكان نروحه، فجينا نقعد في شقة تيته الله يرحمها


سألها فريد بزهول :

انتي متأكدة....؟!


- أيوه، متأكدة


صمت فريد بغموض، وبعد وقت، خرجت زينب من الغرفة، فطلب منها فريد أن تأتي وابنتها للعيش معه، لكنها رفضت بشدة وبعد إلحاح كبير منه ومن ديما.....وافقت، على مضض !!

............

كانت تجلس بهدوء على أحد المطاعم المطلة على البحر، تتأمل الأفق الهادئ بينما تمسك بكوب قهوتها كأنها تتمسك بهدوء لحظي تشتد الحاجة إليه، عيناها تائهتان في لون البحر، وعقلها يعبث بصورة ذلك الغريب الأطوار الذي بات يلاحقها منذ فترة، يحاول التقرب منها، يُصر على أن يقتحم عزلتها.... وللصدق أحبت ذلك !!!


كانت تعلم أن نواياه ليست خبيثة... بل كانت تشعر بشيء من صدقه، لكنها لطالما آمنت بأنها لا تصلح لأحد، روحها لم تكن صالحة للمشاركة، فقررت أن تكرس ذاتها لما تراه يستحق. تسلمت مؤخرًا إدارة دار الأيتام التابع لعائلتها، وما إن أخبرت جدها حتى وافق دون تردد.


أخيرًا... وجدت ما يمنحها سلامًا، لاسيما بعد انتظامها في صلاتها والتزامها بروحٍ جديدة، كأن شيئًا في روحها كان يُغسل مع كل سجدة.


قطع شرودها ذلك الصوت... الذي بات يطاردها أكثر مما تتوقع :

صباح الخير يا قمر


ردت عليه هايدي بضيق وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه :

إنت بردو؟


جلس بثقة على الكرسي المقابل، يبتسم ابتسامة عاشقة لا تخلو من العناد :

آه أنا، واتعودي كمان على وجودي، عشان هيبقى أمر واقع


استفزها كثيرًا، فزمت شفتيها وقالت بغيظ :

إنت إنسان بارد وقليل الذوق


ضحك سمير، وقال بنبرة مستفزة :

شكرًا... ربنا يخليكي


تابعت بحدة :

ومستفز !!!


أخذت نفسًا عميقًا، ثم سألته بحدة تخفي خلفها ارتباكًا داخليًا :

إنت جاي ليه؟ وعرفت منين إني هنا؟ كنت بتراقبني يعني؟


ابتسم سمير، وقال ببساطة :

آه


كادت ان تنهض من مكانها، وقد اشتد غضبها، لكنه أمسك بيدها بلطف، يمنعها من الرحيل قائلاً :

رايحة فين؟


ردت عليه هايدي بغضب ونفاذ صبر :

– سيب إيدي....أنا ماشية


نظر إليها بعينين لا تخفيان حنينًا غريبًا، وقال بصوت هادئ :

أنا آسف... ماقصدتش أضايقك بوجودي، بس والله أنا نفسي أتعرف عليكي، وكل مرة بحاول، يا بتصديني، يا بنتخانق على حاجات تافهة


نظرت إليه للحظة ثم سألته بهدوء متشكك :

وعاوز تتعرف عليا ليه؟


تعلق بعينيها، وصوته خرج دافئًا خافتًا :

تفتكري إنتي ليه؟


أشاحت بعينيها عنه، وكأنها تخشى الإجابة أكثر مما تتوق لسماعها :

أنا ماشية


لكنه تمسك بها أكثر، قبض على يدها برجاء، وهمس :

أرجوكي ممكن نفطر سوا ونتكلم شوية، مش هضايقك، وعد


أبعدت يده في هدوء، لكنها جلست من جديد، شيء داخلي جعلها تمنحه فرصة لم تكن تنويها


جلسا معًا وتشاركا الفطور، وقد بدأ يحدثها عن نفسه، عن تفاصيله، عن أشياء لم تكن تظن أنها قد تهمها، لكنها أصغت


في البداية، لم تكن مندمجة، تحفظت في الرد والحديث، ولكن شيئًا فشيئًا، بدأت تتجاوب.....

ابتسامته كانت صادقة، وحديثه بسيط، وطريقته المرحة أخرجت ضحكة من القلب لم تزُر وجهها منذ زمن


ضحكت، فشعر سمير بسعادة لم يعرفها من قبل !!كأن تلك الضحكة وحدها كانت كافية لتمنحه حياة جديدة

..........

في قسم الحسابات بشركة الزيني،

كانت رغدة تتأمل الأرقام التي أمامها بتركيز، تتبادل أطراف الحديث مع تيا حول الملف الذي بين يديهما، بينما مي تجلس برفقتهما، جسدها حاضر، لكن عقلها كان في مكان آخر…

عيناها لا تغادران الممر، تنتظر، كعادتها، أن يخرج أيهم، لعلها تجد ذريعة جديدة تقربها منه، ولو بكلمة عابرة، أو استفسار مصطنع !!!


لكن فجأة، انقطع صمت الغرفة بذلك الصوت المألوف، الصارم، الحازم.....

انه شهاب، رئيس القسم، يقف خلفهم، نظراته غاضبة، تفضح الغيرة التي يعجز عن كتمانها، تحدق مباشرة في "مي"، تلك التي لم تترك يومًا فرصة إلا ووقفت فيها تتودد لأيهم، وكأنها لا ترى غيره


فقال بصوتٍ عالٍ نسبيًا، كمن يتعمد أن يصل صداه إلى أذنيها :

أيهم باشا محتاج يراجع شوية حسابات، وأنا مضطر أمشي ضروري، والدي تعبان، والأستاذ أحمد مش موجود


ثم التفت نحو تيا، ونبرة صوته ازدادت جدية وثباتًا :

آنسة تيا، أنتي أكتر واحدة فاهمة الملف دا، هتروحي تساعدي الأستاذ أيهم في أي حاجة محتاجها، أنا بلغتُه إنك هتكوني مكاني، وهو وافق ومستنيكي في مكتبه


لكن مي، كعادتها، لم تفوت الفرصة، وقالت متلهفة :

طب ممكن أروح أنا بدل تيا، أنا كمان عارفة اللي في الملف، أصل بصراحة تيا تعبانة شوية.....


التفت إليها شهاب بحدة، قائلاً بغيرة خفية :

أنا قولت تيا يا آنسة مي، كلامي واضح، شوفي شغلك يلا


همت تيا بالاعتراض، ولكن مي قالت بضيق :

بس....


لكن شهاب لم يُمهلهن، تركهن ومضى، كأنما أراح قلبه حين قطع الطريق على تلك التي ترهقه بغيرتها كل يوم، تلك التي لم ترى فيه إلا وسيلة للوصول لأيهم، بينما الأخرى…. رغد التي تجرّعت مرارة التجاهل بصمت، خرجت من المكتب مسرعة، هرولت إلى دورة المياه، تخفي وجهها عن أعين الجميع، تحبس دموعها بداخلها، لا لشيء، إلا لأنها ترفض أن تكون ضعيفة......

تذكرت حديثه معها منذ أيام، حين طلب مساعدتها للتقرب من مي !!!!

يا لسخرية القدر، هو يراها جسرًا، وسيلة، وهي التي سقطت في هاويته دون أن يشعر !!!!!!

..........

بينما تيا وقفت أمام باب مكتبه، تتنفس بثقل، تحاول أن تُقنع قلبها أن الأمر مجرد مهمة عمل، لا أكثر، طرقت الباب، وسمعت صوته الجاد يقول دون أن يرفع عينيه :

اتفضلي يا آنسة تيا


دخلت، ولم تعبأ بنظرات سالي الساخرة خلفها، التي لم تكن تفوت مناسبة إلا ونثرت سمها !!!!


جلست على استحياء وقالت باقتضاب :

شكرًا


رفع أيهم نظره أخيرًا، وقال بجدية :

فين الملف؟


ناولته إياه دون كلمة، لكنها وقفت سريعًا بعدها وقالت:

طب أنا هرجع مكتبه ولو حضرتك محتاج حاجة ممكن تبعتلي


لكن ايهم أوقفها بصوته الحازم :

استني....أنا قلتلك تروحي؟


توترت تيا، ثم ردت بضيق :

لا بس.....


قاطعها أيهم قائلاً بجدية :

مفيش بس، يلا اقعدي ورانا شغل


ثم أردف بضحكة خفيفة كسرت شيئًا من التوتر :

متخافيش، أنا مش باكل الناس


كادت أن تبتسم، لكنها أخفتها سريعًا، كانت تحاول أن تتماسك، أن تذكر نفسها دومًا ان لا تقع بنفس الخطأ مثل شقيقتها "جيانا"


مرت الساعة ببطء، وكلما حاولت أن تنهي ما بيدها، كان يجد مبررًا جديدًا لإبقائها، لا يدري لماذا، لكن وجودها يشعره بالسكينة، وكأن ضجيجه الداخلي يخفت حين تكون !!


فجأة، قال وهو يفرك عنقه المتعب :

الاستراحة جت.....تحبي تتغدي إيه ؟


رفعت رأسها بدهشة وسألته :

نعم؟


كرر سؤاله بساطة كأن الأمر مفروغ منه :

هنتغدى هنا لسه ورانا شغل، بعد ما نخلص ابقي ارجعي مكتبك


حركت رأسها رافضة بلطف :

مش لازم…..أنا مش جعانة أصلاً 


لكنه كأنما لم يسمعها، وتابع ببرود مريب :

هتطلبي؟ ولا أطلبلك أنا على ذوقي...؟؟


قالت تيا بإصرار هذه المرة :

قولت مش عاوزة.....شكرًا


ابتسم بخفة وهو يرد ببساطة :

تمام، يبقى على ذوقي


بعد دقائق، ما إن أنهى مكالمته، قالت وهي تستعد للمغادرة :

هروح أخلص اللي ورايا وارجع بعدين


لكن صوته أوقفها فجأة، هذه المرة خافتًا.....صادقًا :

انتي بتهربي مني ليه، أنا ضايقتك في حاجة ؟؟


تجمدت الكلمات على شفتيها، لكنها نطقت بها أخيرًا، حادة كنصل السكين :

أهرب منك ليه؟ انت ما ضايقتنيش، بس اللي حصل مع بسببك انت وابن عمك، كفيل يخليني اقرف منكم انتوا الاتنين !!!!


أراد أن يشرح، أن يدافع، لكنه لم يُمنح الفرصة، فقد قاطعته قائلة بحسم :

أنا في مكتبي، لو حضرتك احتجت حاجة، ابعتلي أو ابعت لحد غيري ياريت 


ثم غادرت، تاركة خلفها صمتًا ثقيلًا، ونارًا اشتعلت بداخله

جلس أيهم مكانه، يتأمل الورق أمامه، لا يرى شيئًا، يتمتم لنفسه بضيق :

ما تزعل، وانا مالي، يخصني في إيه، دي مجرد موظفة عندي مش اكتر.......


لم يكمل، فقط شعر أنه لا يرتاح، وأن هذه الفتاة التي غادرت لتوها، قد أخذت شيئًا من روحه معها، وهو لا يعرف كيف يعيده !!!!!

.........

كان الوقت يقترب من منتصف الليل

جلست تيا في غرفتها بهدوء، تغوص في كتبها، تحاول أن تشتت ذهنها بصفحات الدراسة عن كل ما يثقل قلبها، كان السكون يملأ المكان حتى قطعه رنين هاتفها فجأة !!


نظرت إليه باستغراب، فالرقم غير مسجل، وغريب أن يتصل أحد بهذا الوقت.....ترددت، ثم أجابت بصوت هاديء :

– السلام عليكم


جاءها الصوت على الطرف الآخر، متعجلًا، متوترًا :

– انا ايهم.....متقفليش !!!!!


وقبل أن تنطق، استمر صوته بنفس السرعة :

– أقسم لك، أنا كنت ضد الرهان من الأول...وكنت رافض اللي حصل في أختك، لأنها كانت محترمة مش زي البنات اللي بنعرفهم، وحتى دلوقتي، أنا بلوم فريد على اللي عمله في جيانا، رغم إنه بيحبها بجد، بس مش دي النقطة دلوقتي.....


توقف لحظة، ثم تنفس بعمق وتابع :

– ماكانش ينفع أنام قبل ما أقولك الكلام ده، مش عايز تفتكريني وحش، ما تسأليش ليه، لأني والله أنا نفسي مش عارف ومش فاهم أنا ليه بعمل كده دلوقتي وببرر ليكي


كان ردها الوحيد... الصمت !!


انتظر ايهم، ثم سألها بقلق :

– مش هتقولي حاجة ؟


ردت عليه بجفاء، بصوت خالٍ من أي مشاعر :

– الوقت متأخر.....مع السلامة


ثم أغلقت المكالمة، ظل ايهم يحدق في شاشة الهاتف، ثم تمتم بذهول :

– بس كده...؟!

..........

مرت الأيام، ثلاثة أشهر مرت، لم تعلم عنه شيئًا، وكأن الأرض ابتلعته، رغم خطبتها لجواد، ورغم كل محاولات والدها لانتشالها من شرودها، بقيت على حالها، حزينة، صامتة، شاردة، كأن قلبها سُجن في مكانٍ ما لا أحد يعرفه.


في يومٍ هادئ، اجتمع الجميع على مائدة الطعام في منزل أكمل النويري، شقيقة حنان الصغرى هناء، وزوجها مدحت، وابنهما طارق، وحتى سمير....وجواد !!


جلست جيانا في الشرفة بصحبته، وهو يحدثها بحماس، بينما عقلها كان في مكانٍ آخر، لم تكن تسمع، لم تكن تشعر....فقط تفكر في من غاب عنها كل هذا الوقت.


فقد فسخ خطبته من رونزي بعد المكالمة الأخيرة، وكلماته ما زالت ترن في ذهنها لكنها، رغم كل ذلك، كانت مصممة على ألا تسامحه


أفاقت من شرودها على صوت جواد، يبتسم ابتسامته الدافئة قائلًا :

– إيه رأيك؟


نظرت إليه بتشتت وقالت :

– ها؟


ضحك بلطف وأعاد سؤاله :

– بقولك....إيه رأيك في اللي بقوله؟


توترت، وأبعدت خصلات شعرها خلف أذنها بارتباك قائلة:

– آسفة... مسمعتش


ابتسم وهو ينظر لعينيها قائلاً :

– أكيد ما سمعتيش، دماغك في حتة تانية خالص، كنتي سرحانة في إيه....؟!


أجابته جيانا، بصوت منخفض، متوتر :

– مشاكل في الشغل كش اكتر 


سألها بهدوء :

– طب قوليلي، يمكن أقدر أساعد


شكرت اهتمامه، ثم أضافت بابتسامة باهتة لم تصل إلى عينيها :

– متشغلش بالك يا جواد 


حرك رأسه بإصرار وقال :

– لأ، لازم أشغل بالي، إحنا هنبقى زوج وزوجة، والمفروض نشارك بعض في كل حاجة، الفرح، الحزن، حتى القلق


أومأت له بإحراج وقالت :

– مفيش، بس محتاجة أنزل القاهرة ضروري....فيه شغل مهم ورايا، ومينفعش يتأجل


رد عليها بتشجيع :

– انتي قدها، متقلقيش، ولو محتاجة أي حاجة، قوليلي من غير تردد يا جيانا 


– شكرًا يا جواد


سألها بابتسامة خفيفة :

– هتقعدي في القاهرة قد إيه؟ ولا هترجعي في نفس اليوم؟


ردت عليه بذهن شارد :

– هرجع في نفس اليوم، السواق هيكون معايا، عشان بابا مش هيسيبني أروح لوحدي


ابتسم، ثم فجأة قال :

– كنت عايز أقولك حاجة، إيه رأيك لو نعمل كتب الكتاب والفرح كمان شهر من دلوقتي؟


نظرت إليه بدهشة واضحة وسألته بصدمة :

– إيه؟!


تعجب من رد فعلها فقال :

– مالك؟ اتصدمتي ليه؟


تلعثمت قليلًا قبل أن ترد :

– مفيش... بس اتفاجئت، ليه الاستعجال؟


– استعجال؟!


– آه.....إحنا لسه ما نعرفش بعض كفاية، ولسه في حاجات كتير، وأنا مش مستعدة دلوقتي


صمت لثوانٍ، ينظر إليها، ثم قال بابتسامة هادئة :

– زي ما تحبي اللي يريحك هو اللي هيحصل أنا مقدرش أجبرك على حاجة، وقت ما تكوني جاهزة....نعمل الفرح فورًا


ابتسمت له بخجل، شاكرة تفهمه، وبعد دقائق، استأذن وغادر، لتظل جالسة بمفردها، تنظر للفراغ بعينين شاردتين، مستندة برأسها على سور الشرفة


سمعت صوت والدها خلفها، يقول بنبرة هادئة:

– سرحانة في إيه؟


اعتدلت في جلستها، ردت بصوت منخفض:

– مفيش


سألها أكمل مباشرة :

– يعني مش بتفكري فيه؟


نظرت إليه جيانا، ولم تُجب !!!


تنهد أكمل، وقال بحزن:

– جيانا....أنا عارف إن النسيان مش سهل، وعارف إنك لسه بتحبيه، وعارف كمان إنك وافقتي على جواد مش حبًا فيه لأ عملتي كده عشان بس موجوعة من فريد، لكن باللي بتعمليه ده إنتي بتظلمي جواد، الشاب جه، ودخل البيت من بابه، وطلب إيدك، وإنتي وافقتي ده مش لعب......ده جواز، والجواز يعني مسئولية، وحرام تربطي اسمك بحد.....وإنتي قلبك مع غيره


صمت لحظة، ثم تابع بجدية :

– إحنا لسه على البر، ولو مش عاوزة جواد، سيبيه، يا إما... تدي لنفسك فرصة حقيقية، تحاولي بجد، وما تفضليش قافلة على قلبك مستنية الحب يجي لوحده لحد عندك


أخذ نفسًا عميقًا وقال بحزم :

– أنا أبوكي، وعمري ما هرضى غير بمصلحتك، وفريد؟ لو جه يتقدملك تاني، هرفضه، مش لأنك ما تستاهليش واحد زيه، لأ، هرفض عشان هو مش مؤتمن أسلمه بنتي، الأفضل بالنسبة ىيا أشوفك عايشة من غير جواز، على إني أعيش طول عمري قلقان عليكي وانتي في بيته


نظر إليها نظرة طويلة ثم قال :

– فكري... وقرري، بس رجوعك لفريد ده... مش هيحصل أبدًا

وحطي تحت كلمة أبدًا مية خط


غادر، وتركها وحدها... تنظر إلى الفراغ من جديد، لكن هذه المرة، كانت كل كلمة قالها والدها تدوي في رأسها 


حان وقت القرار......

قرار بلا رجعة......

فهل تختار المستقبل.....أم تظل سجينة الماضي ؟

...........

بالخارج، كانت رونزي جالسة على الأريكة تعبث بهاتفها بمللٍ واضح، الأيام تمر متشابهة....لا جديد، ولا مفاجآت، حتى الضحك صار عملة نادرة، تشعر بوحدة ثقيلة، خاصة بعد أن أصبحت جيانا صامتة أغلب الوقت، شاردة كأنها في عالم آخر، وهي تعرف تمامًا السبب، أما تيا، فكالعادة، غارقة في عملها، بالكاد تراها


ما كان أمامها إلا أن تقرر العودة إلى ألمانيا، على الأقل هناك حياتها التي اعتادتها، وعملها الذي يشعرها بشيء من القيمة


قطع تفكيرها صوت مألوف، لكن غاب عنها لفترة، آسر، جلس بجوارها فجأة، وقال بابتسامة خفيفة:

– أخبارك إيه؟


رفعت نظرها إليه، وردت بهدوء خالٍ من الحماس:

– كويسة


صمت قليلًا، وكأنه يفكر إن كان يجب أن يسأل، ثم نطق مترددًا :

– إنتي وخطيبك، سيبتوا بعض ليه، مش كنتي بتحبيه ؟


حركت رأسها نافية وقالت بابتسامة ساخرة :

– لأ،،، ولا هو كان بيحبني، الموضوع خلص بينا بهدوء


أومأ بتفهم، ثم سأل محاولًا فتح حوار جديد :

– إنتي خريجة إيه؟ كنتي بتدرسي إيه؟


– طب بيطري


رفع حاجبه باستغراب لكنه تمالك تعليقه، فسأل بفضول:

– وبتحبي الحيوانات؟


ردت بابتسامة حقيقية هذه المرة قائلة :

– جدًا، وخصوصًا الكلاب والقطط، بس مامي كانت بتخاف منهم، وكان ممنوع يدخلوا الفيلا، فمقدرتش أربي ولا كلب ولا قطة حتى


صمت لوهلة ثم سألها بجدية :

– ناوية ترجعي ألمانيا ولا هتستقري هنا؟


قالت بصوت فيه نبرة حزن خفيفة :

– راجعة كمان كام يوم


جاء رده فوريًا، كأن الكلمة خرجت منه بدون وعي:

– متسافريش


نظرت له بدهشة وسألته :

– ليه؟


توتر قليلًا، وأجاب بجدية مصطنعة :

– اتعودنا عليكي.....وحبيناكي


ابتسمت بتفهم، وقالت:

– ده الطبيعي، كل واحد بيرجع بيته وبيت اهله في الآخر 


رد سريعًا، وعيناه تلمعان بنظرة مختلفة :

– ما ده بيتك... وإحنا أهلك


تبادل النظرات طال بينهما، كان يحدق في عينيها بشغف لم يُخفِه، وهي رغم حيرتها، لم تبعد نظراتها عنه، لكنها قطعت ذلك فجأة، وقفت سريعًا قائلة :

– هنزل أتمشى شوية.د


سألها بقلق وضيق :

– الوقت اتأخر.....هتنزلي لوحدك دلوقتي ؟


ردت عليه بلا مبالاه :

– الساعة لسه عشرة


نظر إليها بضيق وقال بهدوء مصطنع :

– احنا في مصر مش في ألمانيا والوقت كده يعتبر متأخر يا هانم......يلا قومي


نظرت له باستغراب وسألته :

– على فين؟


– هنزل أتمشى معاكي وارجعك البيت


زفرت رونزي بضيق قائلة :

– مش عايزة


ابتسم آسر وقال بنبرة مرحة :

– بلاش عناد.....متخافيش، مش هعضك


نظرت له بشراسة وقالت :

– أنا ما بخافش من حد.....ولا من اي حاجة


رفع حاجبه متحديًا وسألها :

– متأكدة.....؟؟


ردت عليه بتحدي :

– طبعًا !!!!!

..........

في الداخل، كان طارق يهمس لسمير بتعجب :

– مال الواد آسر من ساعة ما دخل قاعد مع البت بيرغي، بعدين فجأة تنحوا في بعض كأنهم في مسلسل تركي


رد عليه سمير بضيق، وهو ينهض دون أن يشرح :

– آسر اتجنن رسمي......وانتقامه عاميه


سأله طارق بعدم فهم :

– انتقام إيه؟ إنت بتقول إيه يا سمير؟


رد عليه سمير وهو يخرج هاتفه متجهًا نحو الشرفة :

– مفيش


وما إن أصبح وحده، أخرج هاتفه ليحادث تلك التي أصبحت جزءًا من يومه.....لا يستطيع أن يمر عليه يوم دون أن يحدثها !!!!

..........

بعد قليل، في المصعد، كانت رونزي تتشبث بذراع آسر بقوة، تنظر حولها بخوف قائلة :

– الأسانسير اتعطل... ليه؟!


رد عليها بمكر، وكأنه لم يكن يعلم أنها تعاني من فوبيا الأماكن المغلقة، وهي معلومة سبق أن جمعها عنها :

– إيه مالك؟ خايفة؟


– هخاف من إيه يعني؟!

قالتها رونزي محاولة إخفاء توترها


مرت الدقائق ثقيلة، والهواء أصبح خانقًا....بدأت أنفاسها تتسارع، تترنح، وتهوي برأسها عليه، وصوتها يتقطع :

– م...ش... قادرة... أخد... نفس


احتضنها بذراعه فورًا، قلبه يدق بسرعة غير معهودة، هاتفه بيده يرسل رسالة بسرعة، ثم قال لها وهو يحاوطها :

– معلش، استحملي.....الأسانسير هيشتغل دلوقتي


مرت دقائق وكأنها ساعات، وأخيرًا تحرك المصعد، خرج وهو يسندها، قائلاً بلطف :

– تعالي نتمشى شوية في الهوا.....خدي نفس


جلست على السلالم خارج البناية تلتقط أنفاسها، وهو يقول :

– ثانية واحدة.....هجيب ماية


عاد سريعًا ومعه زجاجة، تناولتها منه، شربت ببطء، ثم ابتسمت له وقالت :

– شكرًا


سألها بقلق :

– أحسن دلوقتي؟


– الحمد لله


سألها مرة أخرى برفق :

– نتمشى شوية ولا تطلعي ترتاحي؟


ردت عليه بهدوء :

– نتمشى


مشى الاثنان سويًا، يتحدثان في أمور كثيرة، ووجدا نفسيهما يضحكان، يعرفان عن بعضهما أكثر مما توقعا، وفجأة رن هاتفها، نظرت إليه بضيق وقالت :

– ده بابا !!


ضغطت زر الرد، فاجأها صوت والدها الغاضب :

– صحيح اللي سمعته؟! فسختي خطوبتك من فريد الزيني؟!


ردت عليه ببرود :

– أيوه


صرخ عليها والدها مجدي بغضب :

– إنتي اتجننتي؟! وبعدين إزاي أنا آخر واحد يعرف؟!


صرخت عليه هي الأخرى بحزن وغضب :

– لا، أنا طول عمري عاقلة....ولو كنت كملت في الخطوبة دي، كان هيبقى ده هو الجنون بعينه، وبعدين حضرتك زعلان إنك آخر واحد عرفت؟ ما حضرتك وشيرين هانم طول عمركم آخر من يعرف عني حاجة، وده لأنكم ببساطة مش مهتمين غير بنفسكم بس لدرجة اني نسيت ان ليا أهل !!!


صرخ عليها مجدي بغضب :

– إنتي هتردي عليا؟! من غير نقاش، تاخدي بكره أول طيارة وتكوني قدامي في أثينا حالاً !!!


ردت عليه رونزي ببرود :

– لأ... أنا هرجع ألمانيا، وجودي معاكم ملوش لازمة


صرخ عليها مجدي مرة آخرى بغل :

– قولتلك تيجي، يعني تيجي


تمسكت رونزي برأيها وقالت :

– لأ مش هاجي اثينا، مش عاوزة اعطلك أنت وشيري هانم عن شغلكم اللي واخد وقتكم كله بقاله عشرين سنة


صرخ في الهاتف وأغلق الخط في وجهها :

– غوري في داهية !!!


أدخلت الهاتف ببطء في جيبها، عيناها تلمع بالدموع، لكنها تماسكت، فسألها آسر بصوت هادئ غامض :

– في حاجة؟


حركت رأسها بنفي وقالت بصوت مختنق :

– مفيش....خلينا نروح


أومأ بهدوء، وحين وصلا إلى باب البناية، استوقفها، قائلاً بابتسامة حقيقية هذه المرة :

– اتبسطت بوقتنا سوا.....ياريت يتكرر


ابتسمت بخجل وقالت رغم حزنها :

– إن شاء الله.....تصبح على خير


– وانتي من أهل الخير


صعدت إلى شقتها، بينما دخل هو شقته يبدل تلك الابتسامة التي كان يرتديها منذ دقائق، ليظهر وجهه الحقيقي....نظرات ساخرة، وابتسامة لا تخلو من خبث وكأن كل ما فعله لم يكن عفويًا كما بدا !!!!!!

_____________


البارت خلص 🩷✨ 

مستنية رأيكم يا حلووووين يا أحلى متابعين 😚

وحشتوووني اووووي 🩷🩷🩷

توقعاتكم ايه للبارت القادم......؟؟

دمتم سالمين يا حبيباتي 😚😚😚😚

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع