رواية ليتني لم أحبك الفصل الثالث 3 بقلم الكاتبة شهد الشورى
رواية ليتني لم أحبك الفصل الثالث 3 بقلم الكاتبة شهد الشورى
#الفصل_الثالث
#رواية_ليتني_لم_أحبك
#الكاتبة_شهد_الشورى
داخل الملهى الليلي...
تراقصت الأضواء الخافتة فوق رؤوس الساهرين، امتزجت الموسيقى الصاخبة مع الضحكات والهمسات العابرة، بينما جلس أيهم عند البار، يدور بكأسه بين أصابعه، عينيه تمسحان المكان بحثًا عن صيدٍ جديد لليلته، كما اعتاد أن يفعل.
لم تمضِ سوى لحظات حتى شعر بحركة بجواره، فالتفت ليجد شخصًا يسحب مقعدًا ويجلس بقربه... أركان. الصديق المشترك بينه وبين فريد، ذلك الرجل الذي يشاطره الماضي والحاضر، وربما المصير ذاته !!!
أيهم بتساؤل:
"اتأخرت ليه؟"
أركان ببرود، وهو يرتشف من كأسه:
"مكنتش ناوي أجي أصلاً"
أيهم بدهشة:
"ليه؟!"
أركان بلا مبالاة:
"مليش مزاج."
ثم ألقى نظرة خاطفة حوله قبل أن يسأل:
"فريد فين؟ ما جاش ليه؟"
أيهم بلامبالاة وهو يرفع كأسه إلى شفتيه:
"معرفش.. يمكن مع زوجته المستقبلية."
ضحك أركان بسخرية، هز رأسه وهو يتمتم:
"مش قادر أتخيل فريد وهو متجوز! الكلمتين دول مش راكبين في جملة واحدة."
أيهم بسخرية مماثلة:
"عندك حق... صحيح، جهزت لسهرة بكرة؟"
أركان بحماس، وهو يغمز بعينه:
"طبعًا، دي هتكون ليلة فل الفل."
أيهم ببرود:
"أما نشوف..."
ارتشف أركان من كأسه قبل أن يميل قليلاً نحو أيهم، يقول بنبرة يكسوها شيء غريب:
"النهارده قابلت بت.. حاسس إني شوفتها قبل كده... فضلت أفكر لحد ما افتكرتها"
أيهم بفضول وهو يرفع حاجبه:
"مين؟"
طلب أركان كأسًا آخر، ارتشف منه بهدوء قبل أن يقول ببرود:
"البنت اللي فريد كان ماشي معاها زمان... نسيتها ولا إيه؟!"
اتسعت عينا أيهم بصدمة، شحب وجهه للحظات قبل أن تطغى عليه موجة من الذكريات... ليلة من الماضي، لحظة غيرت كل شيء، سر لم يعلم به سوى هو وفريد وتلك الفتاة....!!!!!!
أفاق من شروده على صوت أركان وهو يسأله، متفحصًا ملامحه المرتبكة:
"مالك؟ سرحت في إيه؟"
أيهم متصنعًا اللامبالاة وهو يشيح بوجهه:
"مفيش... هتروح ولا هتقعد؟ هتعمل إيه؟"
رد عليه أركان بعبث:
"أروح وإيدي فاضية؟ مستحيل، تعالى ناخد اتنين ونروح البيت عندي."
ضحك أيهم بخفوت، وكأنهما اتفقا ضمنيًا على دفن الحديث السابق، وما هي إلا دقائق حتى كان الاثنان يغادران الملهى، وبيد كل منهما فتاة، متوجهين إلى منزل أركان، حيث سيتورطان فيما تهتز له السماء، وترتعد له الأرض !!!
........
مع شروق الشمس
انبثقت أشعة الصباح من خلف المباني الشاهقة، معلنة عن يومٍ جديد، يومٍ لن يخلو من المفاجآت.....
في مكتبها، جلست جيانا أمام الأوراق، تحاول التركيز، لكن الإرهاق كان واضحًا على وجهها.
لم يمر وقت طويل حتى فُتح الباب، ودخلت نادين، رفيقتها في العمل، وهي تضحك قائلة:
"البت هند هتولع من ساعة ما الأستاذ مدحت قال إنك إنتي اللي هتشرفي علينا في الحفلة، وهتولع أكتر لما ننفذ اللي هتقولي عليه!"
ابتسمت جيانا بسخرية، لم تكن هند شخصًا غامضًا بالنسبة لها، تعرفها جيدًا منذ أيام الجامعة، تعرف غيرتها العمياء منها، وحقدها الدفين الذي لم يتغير بمرور السنوات.
لاحظت نادين شحوب صديقتها، فاقتربت تسألها بقلق:
"مالك يا جيانا؟ شكلك تعبانة!"
ردت عليها جيانا بابتسامة متعبة :
"أنا كويسة."
نادين بإصرار:
"كويسة إيه باين عليكي التعب جدًا، روحي استريحي، وأنا وهند هنتصرف النهاردة، أو حتى ممكن عزت ينزل مكانك."
جيانا بجدية وحزم، وهي تنظر مباشرة في عينيها:
"نادين، أنا مش تعبانة... روحي شوفي شغلك، لازم نتحرك بدري النهاردة ونكون في المكان قبل الكل ما يحضروا."
تنهدت نادين، فهي تعرف جيانا جيدًا، وتدرك أنها عنيدة، لن تتراجع عن قرارها مهما كان.
أومأت برأسها، عادت إلى مكتبها، لكن بين الحين والآخر، كانت تنظر نحو جيانا، يملؤها القلق....!!!!
........
في منزل أكمل النويري...
جلست رونزي على سريرها، تمسح طلاء الأظافر فوق أصابعها بدقة، بينما تنساب الموسيقى في الأرجاء، تبعث في الأجواء هدوءًا مزيفًا. لكن سرعان ما كُسر هذا الهدوء برنين هاتفها، التقطته بسرعة، لتتفاجأ باسم المتصل... فريد.
أجابت بصوت ثابت، فجاءها صوته الحازم مباشرة:
"رونزي، جهزي نفسك الليلة... هنروح حفلة سوا."
قطبت جبينها، متسائلة:
"حفلة إيه؟"
أخبرها فريد بكل التفاصيل، استمعت إليه بصمت، ثم سألته بهدوء:
"تمام... هتعدي عليا ولا هتبعتلي السواق؟"
جاء رده قاطعًا، لا مجال للنقاش:
"لا، هعدي عليكي مع أيهم، هو كمان جاي معانا."
أنهى المكالمة دون إطالة، لتنزل رونزي الهاتف ببطء، شاردة الذهن.
شعور غريب يتسلل إلى أعماقها... تشعر أن فريد يتعامل معها بجفاء وجدية دائمًا، وكأنها مجرد التزام فرض عليه، لا أكثر !!
في البداية، اعتقدت أنه يملك ولو ذرة إعجاب نحوها، لكن الآن لم تعد متأكدة من أي شيء... لا تفهمه، ولا تعرف عنه الكثير.
تشعر بأنها ربما قد تسرعت حين وافقت على الخطبة، وربما على فكرة الزواج بأكملها !!!!!
حتى جيانا مشغولة دائمًا، بالكاد تجد فرصة للحديث معها. في النهاية، لم تجد حلًّا سوى أن تواجه فريد بنفسها....عليها أن تفهمه، ولو لمرة واحدة !!!
.........
في الحفلة الخيرية...
الإنهاك ينهش جسدها، لكنها تحاملت على نفسها وصعدت إلى منزلها، استبدلت ملابسها بسرعة، ثم التقطت حقيبتها ونزلت متجهة إلى الحفلة الخيرية حيث ستُجري المقابلات الصحفية والتصوير، كعادتها، اختارت ملابس كاجوال عملية، تناسب أسلوبها البسيط.
بمجرد دخولها إلى القاعة، لمحت نادين وهند بانتظارها، ألقت عليهما نظرة جادة قبل أن تقول بتركيز:
"هند هتكون مسؤولة عن التصوير، ونادين هتعمل الحوارات الصحفية معايا."
أومأت نادين سريعًا، بينما اكتفت هند بالنظر إليها بحقد دفين، لطالما كرهتها... ولطالما حسدتها!
تركتهم جيانا واتجهت إلى أيمن الغانم، مؤسس المستشفى الخيرية، بدأت معه مقابلة قصيرة، تسأله عن تفاصيل المشروع.
لكن ما إن انتهت، وابتعدت قليلًا، حتى سمعت صوتًا مألوفًا خلفها:
"جيجي، بتعملي إيه هنا؟"
التفتت لتجد طارق، ابن خالتها، يقف أمامها بابتسامة ساخرة. رسمت على شفتيها ابتسامة مماثلة وهي ترد بسخرية:
"والله كلك نظر،حفلة فيها صحفيين كتير، أكيد هكون من ضمنهم... سؤال غبي أوي يعني"
نظر إليها بغيظ، وقال مقلدًا أسلوبها:
"إنتي يا بت، لسانك ده مسحوب منه؟ كان هيحصل إيه لو رديتي بأدب؟"
رفعت حاجبها ببرود:
"والبيه بيعمل إيه هنا بقى؟"
لم يتردد في الرد بنفس سخريتها:
"والله كلك نظر، حفلة افتتاح مستشفى خيري، وفيها دكاترة، وأنا أكيد منهم....سؤال غبي أوي يعني"
نظرت له بغيظ، فقهقه بخفوت قبل أن يقول:
"الواد آسر وسمير لسه مرجعوش من المهمة اللي كانوا طالعينها"
ردت عليه بتنهيدة خفيفة:
"لأ، لسه."
قال بنبرة متمنية:
"ربنا يكون معاهم، وحشوني أوي."
أومأت موافقة، لكن التعب كان يسيطر على ملامحها، مما دفعه ليسأل بقلق:
"جيانا، إنتي كويسة؟"
ابتسمت بإرهاق وردت عليه:
"مفيش، شوية إرهاق بس....كلها شوية وتخلص الحفلة وهروح أرتاح."
أمسك بذراعها بلطف، قائلًا بإصرار:
"تعالي أوصلك دلوقتي، شكلك تعبانة أوي."
لكنه يعرف جيانا، ويعرف أنها عنيدة بشكل لا يُطاق.
بدلًا من الجدال، غيرت الموضوع بمرح متعمد:
"يا بني، أنا كويسة، متخافش... قولي، هنعمل إيه لما العيال دول يرجعوا؟"
لم يتردد في مجاراتها، ضاحكًا:
"لازم نسهر كلنا مع بعض، ونحتفل برجوعهم سالمين بإذن الله."
جيانا بحماس:
"ياريت والله، عايزين حاجة مجنونة بقى"
أضاءت عيناه بمكر:
"عندي فكرة حلوة"
جيانا بفضول:
"إيه هي؟"
انحنى نحوها قليلًا، هامسًا بمكر:
"نسرق اليخت بتاع جوز خالتك ونطلع بيه رحلة يوم كامل... من غير ما يحس"
انفجرت ضاحكة:
"إنت اتجننت؟ ده هيعلقنا! إنت عارف أبوك بيحب اليخت ده قد إيه؟ ده حتى أمك لو عملت أي حاجة مش بيخليها تطلع عليه"
ألح عليها بإصرار:
"يا ستي مش هيعرف... هيبقى يوم جامد أوي"
واصلت الضحك، ثم قالت:
"أما يرجعوا بالسلامة ناخد رأيهم ونشوف."
أومأ لها موافقًا، استمر الحديث بينهما دقائق قليلة، ثم استأذن منها ليتحدث مع أحد الأطباء، تاركًا جيانا مع أفكارها المتشابكة، ودوامة الإرهاق التي كانت تزداد قوة بداخلها...!!!
تراجعت قليلًا، وقفت في زاوية بعيدة، تلتقط بعض الصور للحاضرين بكاميرتها الخاصة.
لكن فجأة، شعرت بدوار مفاجئ، توقفت عن التصوير، استدارت مستندة بيدها على الطاولة، تحني رأسها قليلًا، تمسك جبهتها بيدها الأخرى، تحاول أن تستعيد توازنها.
في الجهة الأخرى...
وصل فريد وأيهم ورونزي إلى الحفل. كان فريد يقف بجوار أيمن الغانم يهنئه على افتتاح المستشفى، قبل أن يرن هاتفه، فابتعد قليلًا ليجيب.
أنهى المكالمة بعد دقائق، وكان على وشك المغادرة، لكن شيئًا ما لفت انتباهه...
فتاة تقف بمفردها، تعطيه ظهرها، تمسك رأسها وكأنها على وشك السقوط...
شعر بدافع غريب للاقتراب منها، لا يدري لماذا، فقط تحرك دون تفكير، وقبل أن يصل إليها، اهتزت خطواتها فجأة وكادت تسقط.
تحرك بسرعة ممسكًا بذراعها، صوته خرج منه لا إراديًا، مليئًا بالقلق:
"إنتي كويسة؟!"
ذلك الصوت...!!!
جمدت في مكانها، تجمد معها الزمن، تجمدت أنفاسها... كأن الهواء اختفى فجأة من حولها.
كيف لا تعرفه؟!
كيف لا تحفظ تلك النبرة عن ظهر قلب؟!
نبرة كانت وطنها، كانت عشقها الأول... كانت أمانها ذات يوم.
لكن الأوطان أحيانًا تخون، والعشق قد يتحول إلى رماد، والأمان قد يصبح أكبر مخاوفنا.
قبضت على المقعد بقوة، كأنها تتشبث بشيء يمنعها من الانهيار، بداخلها رجاءٌ أخير، أملٌ كاذب أن تكون مخطئة، أن يكون مجرد وهم خلقه إرهاقها.
لكنها لم تكن...
كان هو... بكل ثقله في قلبها، بكل أوجاعه العالقة في روحها.
وما إن التقت عيناهما، حتى غاصت في بحر من الذكريات التي حاولت إغراقها لسنوات، لكنها الآن عادت، بلا رحمة، بلا شفقة.
صدمة... كانت نصيبها ونصيبه.
هو ينظر إليها كمن وجد ضالته بعد ضياع، كمن أدرك للتو حجم الفقد، كمن لم يكن يعلم أن الاشتياق يمكن أن يكون قاتلًا بهذا الشكل.
أما هي؟ فقد وقفت أمامه بملامح جامدة، ميتة، تخفي خلفها قلبًا ينزف خيبة، روحًا ما زالت تحمل الندوب التي تركها ورحل.
لكن رغم كل شيء... الشعور الطاغي بينهما كان واحدًا... الصدمة!
تحرك نحوه دون وعي، كما لو أن شيئًا أكبر منه يقوده إليها، امتدت يده، يريد فقط أن يلمسها، أن يتأكد أنها ليست وهمًا خلقه شوقه.
لكنها كانت أسرع... أمسكت بيده قبل أن تصل إليها، قبضت عليها بقوة، كأنها تسجنه في تلك اللحظة، تفرض عليه حقيقة قاسية لم يواجهها من قبل.
ثم رفعت عينيها إليه...
نظرة واحدة فقط... كانت كافية لتحرقه بالكامل.
كانت كافية لتخبره بكل ما لم تقله يومًا، بكل ما حاولت دفنه، بكل ما أراد أن ينساه.
"ألم أخبرك من قبل؟ من يتركني، لن يصل إلي حتى في أحلامه، وليس فقط في واقعه."
نفضت يده عنها بقوة، وكأنه مجرد ذكرى يجب أن تُنتزع من حياتها، وكأن لمسته قد تصيبها بلعنة تريد الهروب منها.
هو لم يكن مجرد شخص في حياتها، كان جرحًا لم يندمل، كان خذلانًا لم تنسه، كان الدليل الحي على أن الحب قد يكون أقسى من الكراهية.
نظر إليها بحزن، بحسرة، بندم تأخر كثيرًا، لكن قبل أن يتمكن من قول أي شيء...
جاء صوت آخر، صوت يعرفانه جيدًا... لكن هذه المرة، كان صوتًا قادرًا على نسف كل شيء:
"جيجي! بتعملي إيه هنا؟!"
- رونزي!!!!!!
نظرت إلى جيانا، ثم إلى فريد، قبل أن تسأل باستغراب:
"فريد! إنتوا تعرفوا بعض!!!
ابتسمت رونزي وهي تعرفهما ببعضهما ببراءة، غير مدركة للعاصفة التي انفجرت بينهما منذ لحظات:
"جيجي، ده فريد.....خطيبي!!!!!!!"
ثم التفتت إلى فريد وهي تقول بحماس:
"ودي بقى، صحبتي الوحيدة جيانا، اللي حاليًا أنا مقيمة في بيتها....!!!!!!"
وكأن الزمن توقف للحظة...
جيانا صديقة رونزي الوحيدة؟!
ورونزي... "زوجته المستقبلية"؟!
لم يكن لديه وقت لاستيعاب الصدمة، لأن جيانا شعرت بالدوار مجددًا، فتشبثت بالمقعد، استندت إليه بقوة حتى لا تسقط، فاقتربت رونزي منها بقلق شديد:
"جيانا! مالك؟ إنتي كويسة؟!"
لم تجب، فقط أخرجت هاتفها، بعثت برسالة قصيرة، وبعد أقل من دقيقة، وقف أمامها ذلك الشخص الذي دائمًا ما يكون حاضرًا حين تحتاجه :
"جيانا، إنتي كويسة، إيه اللي واجعك؟!"
لم تقل سوى ثلاث كلمات بصوت ضعيف، لكنها كانت كافية ليُدرك أنها تريد مغادرة هذا المكان فورًا:
"روحني البيت، يا طارق!"
لم يسأل، لم يجادل، فقط أومأ برأسه، ثم أحاطها بذراعه وسار بها خارج القاعة، بينما ظلت رونزي تراقبهما بقلق، ثم لحقت بهما بعد أن أخبرت فريد الذي لم يكن يسمع أي شيء على الإطلاق.
كان فريد واقفًا في مكانه، متجمدًا تمامًا، وكأن الزمن عاد به إلى نقطة اللاعودة.
جاء صوت ابن عمه أيهم، يسأله باستغراب:
"واقف عندك بتعمل إيه يا فريد؟!"
نظر له، عيناه غارقتان في صدمة لم يكن يتوقعها يومًا، قبل أن ينطق باسمها بصوت مختنق:
"جيانا...!"
عبس أيهم، وسأله بحيرة:
"مالها؟ وإيه اللي فكرك بيها دلوقتي؟!"
وكأنه يسأله كيف يمكنه أن ينساها !!
لكنه لم ينساها... لم ينساها أبدًا !!
كيف ينسى من استوطنت روحه؟ كيف ينسى من ضاعت منه بسبب أشياء كثيرة....."الخوف... الخيانة... الكذب"
رفع عينيه إلى أيهم، وصوته خرج بالكاد:
"جيانا... تبقى صاحبة رونزي، اللي عايشة عندها!"
الصدمة لم تكن له وحده هذه المرة، اتسعت عينا أيهم، وهو يردد بعدم تصديق:
"إنت بتهزر؟!"
نظر إليه فريد بشرود، بالكاد يسمعه، قبل أن يدير ظهره ويرحل بسرعة، يقود سيارته بجنون، دون أن يعرف إلى أين يذهب أو ماذا يفعل.
فقط شيء واحد كان يملأ تفكيره بالكامل...."جيانا" !!!!
لكن السؤال الأهم الذي ربما يدور في أذهانكم الآن...
إذا كان يحبها بهذا الشكل، لماذا ابتعد؟! لماذا سيتزوج غيرها؟!.......ولماذا افترقا من الأساس؟!!!!!!!!
...........
بمنزل أكمل النويري...
ما إن دخل طارق إلى المنزل وهو يسند جيانا برفقة رونزي، حتى شهقت حنان بفزع:
"بنتي! إيه اللي حصل يا طارق؟!"
أجاب طارق وهو يجعلها تجلس برفق:
"مفيش يا خالتو، هي بس داخت شوية... جبت الشنطة معايا، هكشف عليها وأطمنك."
أومأت حنان بقلق، وفي نفس اللحظة دخل أكمل ورامي وتيا، والقلق مرسوم على ملامحهم تمامًا مثلها.
اقترب أكمل من ابنته، جلس بجانبها وسألها بقلقٍ واضح:
"حصل إيه يا بنتي؟"
لم تجب، فقط ظلت تنظر إلى الفراغ، وكأن عقلها لم يكن حاضرًا.
تابع طارق فحصها، وهو يقيس ضغطها ويهز رأسه بأسف:
"بنتك كالعادة، بتهلك نفسها في الشغل ومش بتاكل كويس... ضغطها واطي كمان"
نظر أكمل إليها بعتاب، لكن نظراته لم تصل إليها، فقد كانت غارقة في مكانٍ آخر، عالقة بين الماضي والحاضر...
ثم، فجأة... قامت، وتحركت بخطواتٍ سريعة باتجاه غرفتها، أغلقت الباب خلفها، ورمت نفسها على الفراش.
ضغطت رأسها بين يديها، كأنها تحاول إيقاف الضوضاء في عقلها، لكن الأصوات كانت أعلى من قدرتها على الاحتمال...
صرخات... ضحكاتٌ رخيصة... أصواتٌ بعيدة لكنها قريبة، تقتحم ذاكرتها بعنف، تعيد مشاهد من الماضي كأنها تعيشها من جديد.
لم تكن مجرد ذكريات، بل كابوسٌ يلاحقها حتى في يقظتها.
أغمضت عينيها بقوة، محاولةً الهروب من الواقع، متمنيةً أن تستيقظ في الصباح لتجد كل هذا مجرد حلم سيئ... لكن قلبها كان يعلم أن لا شيء من هذا سيحدث !!!!!
.........
في فيلا فادي عبد الرحمن...
كان صلاح يجلس بثبات، عيناه تلمعان بغضبٍ، بينما تقف ابنته "عليا" بجانبه، تحكي له كل ما فعله فادي وهايدي.
لم يكن يحتاج إلى أكثر من ذلك.
الغضب اجتاح صدره مثل إعصار، وفور انتهائها من حديثها، أمرها بجملةٍ واحدة:
"خليهم يجولي دلوقتي."
أومأت عليا، وبعد دقائق كان الاثنان يقفان أمامه، ينظران إليه بترقبٍ وقلق.
لحظات من الصمت المشحون، قبل أن يخترقه صوت صفعتهما.
صفعة قوية على صدغ فادي، وأخرى أشد على وجه هايدي!!!
تراجع الاثنان في صدمة، بينما تردد صوت صلاح في الأرجاء، قاطعًا كل مجالٍ للنقاش:
"غوروا من وشي دلوقتي....جهزوا حاجتكم، هتيجوا تعيشوا في قصر الزيني، وأنا هعرف أربيكم التربية اللي أبوكم وأمكم معرفوش يربوها....!!!!"
نارٌ من الحقد اشتعلت في قلبيهما، لكنهما لم يجرؤا على الاعتراض.
صرخ صلاح بغضب أشد، وهو يشير نحو الباب:
"قلت غورواااااااااا"
تحركا دون نقاش، مجبرين لا مخيرين، بينما نظرت عليا إلى والدها بقلق:
"بابا... انت ناوي على إيه؟"
أجابها بصوتٍ منخفض، لكن غموضه كان كفيلًا بأن يرسل الرعب في أوصالها:
"ناوي أربيهم... وهايدي بالذات، أنا عارف أنا هعمل معاها إيه.....وبكرة تعرفي."
فتحت فمها لتعترض، لكنه قاطعها بإشارة من يده أن الحديث انتهى !!!!
قطبت جبينها بضيق، فوالدها لا يتغير أبدًا... لا يخبر أحدًا سوى بما يريدهم أن يعرفوه، مهما حاولوا.
رحلت، تحمل معها الكثير من الأسئلة التي لن تجد لها إجابة الآن......أما هو، فقد كان قد اتخذ قراره بالفعل وسينفذه قريبًا جدًا !!!!!
...........
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا