رواية نسمه متمردة الفصل الرابع والخامس والسادس بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية نسمه متمردة الفصل الرابع والخامس والسادس بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
#نسمه -متمردة
#بقلمي- أمل- مصطفي
#البارت- الرابع
********
خرج أحمد، فوجد نادر في انتظاره.
تحدث نادر بلهفة:
– خير يا برنس؟
ابتسم أحمد قائلاً:
– خير إن شاء الله... قالوا هيتصلوا بيا.
خرجت من نادر تنهيدة كأنها أمنية طال انتظارها، وقال:
– نفسي نتقبل أنا وأنت ونكون أصحاب.
رد أحمد بلُطف:
– حتى لو ما تقابلناش، نكون أصحاب إن شاء الله...
وقبل أن يكمل حديثه، قطعه نداء فتاة من بين الموجودين.
غمز أحمد :
– البنت دي عينها عليك من وقت ما جيت.
نظر نادر نحوها، ثم قال:
– كانت زميلتي في الكلية.
غمز أحمد مجددًا، وهذه المرة بشقاوة زادت من وسامته:
– شكلها بتحبك.
رد نادر بجدية:
– حب إيه؟ أنا مش فاضي للكلام ده. أبويا صرف عليا دم قلبه، وكان بيعدّ الأيام والليالي عشان أتخرج وأشيل عنه الحمل.
هقوله: معلش يا حج، هشتغل وأكون نفسي... وأنت خلي بالك من البنات، لأن أخوهم الكبير دوَّر على نفسه ونساهم!
سأله أحمد :
– عندك أخوات بنات؟
أجاب نادر بحنان:
– بنتين... واحدة في إعدادي، والتانية في أولى ثانوي.
قال أحمد بتشجيع:
– لسه قدامك المشوار طويل.
ابتسم ثم تابع:
– شوفت بقى؟ حب إيه؟ إحنا ناس على قدّنا... وأنا مش حمل مسؤولية تانية.
********
طرق الباب، ولم يرفع مروان وجهه. أومأ بيده وطلب من الطارق الدخول، ليعلو صوت ابن عمه.
– فريد بمرح:
– الباشا الكبير... واحشني!
رفع مروان عينيه بملل، ثم تحدث بحدّة:
– عايز إيه يا زفت؟
اقترب فريد منه وهو يتظاهر بالزعل:
– دي مقابلة تقابلني بيها؟ يخصّ عليك... مخصماك!
رمقه مروان بضيق. فريد من ذلك النوع من الشباب المستهتر، الذي لا يبحث سوى عن المتعة والنساء، تاركًا كل الأعباء فوق أكتاف والده... وهذا ما كان يُغضب مروان بشدة منه.
قال له بحدّة:
– إنت الوحيد اللي كان لازم يتربى في الصعيد... عشان تسترجل!
ردّ فريد بلا اهتمام:
– أنا شوفت حتّة مُزّة وأنا جايلك... نار نار!
رجع مروان إلى ما بيده، وهو يهتف بسخرية:
– تلاقيها زبالة... زي كل اللي تعرفهم!
لكن فريد بدا وكأن حالة هيام قد تلبسته، وبدأ يصفها بحماس:
– دي ملاك... بحجابها، ووشها الوردي من غير نقطة مكياج... حاجة كده تهبّل! مش بنشوف زيها في كوكبنا.
ولا شفايفها! كان نفسي آخده...
نظرة مروان جعلته يبتلع باقي جملته
بينما مروان لا يعلم لماذا خطرت في باله صورة "نَسمة" تحديدًا من هذا الوصف... ليغضب فجأة، وينهره:
– اتلم يا بني! مسيرك تتقفش وتاخد علقة موت... ومش هسأل عنك!
سارع فريد قائلاً:
– لا! في عرضك، قلبك طيب... ما عنّتش هعمل كده تاني، بس جوزني المُزّة اللي شوفتها!
لكن لا هو ولا مروان كان يعلمان... أن تلك "الفتاة " ليست إلا نصيب مروان، وقدره الذي ينكره و يقاومه... ولن تكون لغيره.
*********
نزل أحمد بصحبة نادر، فتبادلا الحديث.
قال نادر متسائلًا:
– إنت هتروح فين؟
أجابه أحمد:
– هفسّح أختي شوية، ونتغدى في الحسين، وبعدين نروّح.
رفع نادر حاجبيه بدهشة:
– هو إنت معاك أختك؟
ابتسم أحمد وأجاب:
– آه، جبتها تشوف الأهرامات، لأننا مش بنيجي القاهرة كتير. سايبها بقالي كام ساعة تحت.
قال نادر وهو يهمّ بالرحيل:
– ماشي... على تليفونات بقى.
تدخل أحمد بسرعة:
– استنى لما أوصلك.
هزّ نادر رأسه رافضًا بلطف:
– لا يا سيدي، إنت معاك أختك... بلاش إحراج.
ابتسم أحمد وأصرّ:
– مافيش إحراج... يلا.
ثم نادى بصوت مرتفع:
– نَسمة!
التفتت نَسمة فور سماع صوت شقيقها، وقالت بعَتَب:
– كده يا أحمد؟ تسيبني كل ده؟
اقترب منها أحمد وقبّل جبينها بحنان:
– معلش يا قلبي... غصب عني.
شعرت بعض الفتيات بالغيرة من نَسمة بسبب اقتراب هذا الشاب الوسيم منها، بينما كان فريد يراقب المشهد من بعيد، وشعر بالغضب... لكنه تذكّر أنها برفقة أخيها، فحاول أن يهدأ.
قال أحمد مُعرّفًا:
– نَسمة، ده نادر... اتعرفت عليه.
ردّت نَسمة بخجل:
– أهلًا، باشمهندس نادر.
أجابها نادر بابتسامة مهذبة:
– أهلًا بحضرتك.
قال أحمد وهو ينظر إلى أخته:
– يلا يا نَسمة، نلحق.
ركب الثلاثة السيارة، وقبل أن يتحركوا، التفت أحمد إلى نادر وسأله:
– هتروح فين؟
ردّ نادر وهو يهم بالخروج:
– أنا على طريقك، لما نوصل هعرفك.
نزل نادر على وعد بلقاء قريب، بينما أخذ أحمد شقيقته نَسمة في نُزهة جميلة وسريعة. تجوّلا، والتقطا الصور، وتناولا البيتزا، وكان يومًا جميلًا جدًا بالنسبة لنسمة.
**********
في مكانٍ آخر...
قال هاني وهو ينظر إلى ساعته بتوتر:
– وبعدين يا نادين؟ شهد لسه موصلتش... لتكون غيّرت رأيها؟
ردّت نادين بضيق:
– وبعدين معاك يا هاني؟ قلتلك كلمتها وأكدت عليها، وهي قالت هتلبس وتيجي. لو كلمتها دلوقتي هتشُك.
هي آه طيبة وساذجة، بس مش عبيطة!
تدخل خالد وهو يضحك بخفة:
– ما أنا بقول كده! وبعدين بقالك قد إيه بتجري وراها؟ اصبر الساعة دي!
قالت نادين بتوتر واضح:
– لو حصل حاجة... أنا ماليش دعوة. أنا مش قد علتها، وأنا حذّرتك يا هاني.
ضحك هاني بثقة وقال:
– يا بنتي، متخليش قلبك ضعيف! ده ساعتها هما اللي هيجروا ورايا عشان أستر عليها، وساعتها أتحكم زي ما أنا عايز... وهلعب بالفلوس لعب!
نظرت نادين إلى خالد بنظرة طويلة، ثم عادا كلاهما بنظرهما إلى هاني... في صمتٍ ثقيل.
********
قال أحمد وهو ينظر إلى شقيقته بحنان:
– اتبسطتي النهارده يا حبيبتي؟
أجابته نَسمة بفرحة:
– جدًا يا حبيبي... متحرمنيش منك يا رب، ويرزقك ببنت الحلال اللي تخطف قلبك في لحظة!
ثم تذكرت شيئًا، فضحكت فجأة.
نظر لها أحمد باستغراب:
– بتضحكي على إيه؟
ردّت وهي تكتم ضحكتها:
– افتكرت نغم... لما عرضت عليها تيجي معانا، اتفزعت وقالت: "لأ، أنا بخاف من جون سينا!"
عملتلها رعب!
ضحك أحمد بقوة، وقال بنبرة مرحة:
– دي بنت مجنونة! كل ما تشوف وشي ألاقيها ازرقت وبتصوّت، وتقول إنها شافت عفريت!
طب أنا حتى...
وفجأة، تغيّرت ملامحه، وتوقف بعنف... بعدما رأى شيئًا قطع عليه مزاحه وأفكاره.
************
يتبع
#نسمه -متمردة
#بقلمي- أمل -مصطفي
#البارت- الخامس
*********
سألها أحمد بحنان، وهو يسرق نظرة إلى جانبها:
– انبسطتي النهارده يا حبيبتي؟
التفتت نَسمة نحوه بكل جسدها، وابتسامة تملأ وجهها:
– جدًا يا حبيبي، متحرمنيش منك يا رب... ويرزقك ببنت الحلال اللي تخطف قلبك في لحظة.
ثم تذكرت شيئًا، فضحكت.
نظر إليها أحمد من طرف عينه، وعيناه ما تزالان على الطريق، وسألها بفضول:
– إيه اللي بيضحك أميرتي؟
قالت من بين ضحكاتها:
– افتكرت نغم، لما قلتلها تعالي معانا، رفضت وقالت: "لأ، أنا بخاف من جون سينا!"
عملت للبنت رعب!
ضحك أحمد بلهجة رجولية:
– دي هي المجنونة... كل ما تشوف وشي ألاقيها ازرقت وبتصوّت، وتقول شافت عفريت!
طب أنا حتى...
قطع استرسال كلماته فجأة، حين وقعت عيناه على مشهد جعله يتوقف بعنف.
أمر نَسمة بسرعة:
– اقفلي العربية!
ونزل كالسهم، يركض باتجاه مجموعة شباب كانوا يسحبون فتاة ويحاولون إدخالها السيارة بالقوة، وهي تصرخ وتحاول تخليص نفسها.
رأى أحد الشباب ملقى على الأرض فاقد الوعي، فانقض على الآخر، وبدأ ينهال عليه باللكمات في وجهه وبطنه، حتى سقط هو الآخر مغشيًّا عليه.
ثم التفت للفتاة وسألها وهو يلهث:
– إنتي كويسة؟
وقفت ترتعش، تنظر إليه بعينين مذعورتين، وردّت بخوف شديد:
– آه...
رمقها بغضب وهو يمرر عينيه على ما ترتديه، ثم صرخ:
– إيه القرف اللي إنتِ لابساه ده؟! ومش عايزاهم يتحرشوا بيكي؟ ده قميص نوم... تقعدي بيه في بيتكم!
نظرت له شهد بذهول، فهي للمرة الأولى في حياتها تسمع أحدًا يتحدث إليها بهذه الطريقة. هي شهد الفيومي، لا أحد يجرؤ حتى على النظر إليها بطريقة لا تعجبها، فكيف تجرأ هذا الشاب وصرخ في وجهها بهذه الطريقة المشمئزة؟
قال بنفاذ صبر، وهو يرفع صوته بنفَس عال:
– هتفضلي واقفة كده؟!
تسرّب الخوف داخلها من نبرته، وتلعثمت وهي ترد بحيرة:
– أعمل إيه؟
سألها بحدّة، محاولًا ألا ينظر إلى ملابسها المكشوفة:
– العربية مالها؟
أجابت بخوف:
– الكوتش انفجر...
– معاكي استبن؟
هزّت رأسها نفيًا:
– لأ...
نظر لها مذهولًا، ثم صاح:
– عربية بالسعر ده، ومافيهاش استبن؟!
هاتي شنطتك، وقفّلي العربية... وتعالي أوصلك.
فتحت نَسمة باب السيارة، بعدما رأت نرفزة أخيها، واقتربت من شهد بخجل، وقالت تعتذر:
– معلش يا حبيبتي، أحمد عصبي شوية، بس والله قلبه أبيض.
عاد أحمد في تلك اللحظة، وهو يحمل جاكيت بدلته، ومدّه نحو شهد قائلاً:
– خُدي... استري نفسك.
أخذت شهد الجاكيت وارتدته خوفًا من أحمد.
كان أطول من فستانها، وأكمامه طويلة وواسعة، فتحوّلت فيه إلى "فطوطة" صغيرة، كما لو كانت تسبح داخله.
ورغم ذلك، شعرت بالأمان.
لأول مرة، تجد من يعترض على لبسها، أو يحاول أن يُخفي ما يظهر من جسدها.
شعرت بفرحة داخلية، وكأن هذا الجاكيت يحتضنها بين ضلوعه... وكأنه هو.
سحبتها نَسمة برفق نحو السيارة، وركبوا جميعًا في الخلف.
ركب أحمد في الأمام، وانطلقت السيارة.
بعد لحظات، نظر في المرآة نحو شهد، وسأل بلهجة مباشرة:
– هتروحي فين؟
أجابته شهد بهدوء:
– هروح عيد ميلاد...
قاطعها أحمد بحدّة:
– إنتي مجنونة؟! هتروحي بمنظرك ده؟
قوليلي عنوان بيتك.
نظرت له بصَدَمة، لكن نبرته الصارمة لم تترك لها مجالًا للرفض، فسمعته وأملَت عليه العنوان.
بعد نحو نصف ساعة، كان قد أوصلها إلى حي راقٍ.
تحدثت شهد بصوت خافت ومتوتر:
– ڤيلا ٩...
توقف أحمد أمام الباب دون أن يهتم بالحراسة الموضوعة على الفيلا.
مدّت يدها تحاول خلع الجاكيت لإرجاعه له، لكنه تابعها بعينين حادتين، ثم هتف بحدّة:
– إياكي تفكّري تقلعيه!
نزلت شهد من السيارة، وانحنت قليلًا لتسأله كيف تُرجع الجاكيت لاحقًا... لكنه لم يُعطها الفرصة.
انطلق بسرعة، دون أن يوجه لها أي كلمة، حتى نَسمة لم يسمح لها بوداعها.
وقفت شهد مذهولة من عصبيته، لا تفهم ما الذي فعلته ليستحق كل هذا الانفعال.
*********
دلفت شهد إلى داخل الفيلا، وهي لا تدري ما الذي تشعر به بالضبط.
هل هي فرحة لأنها تشعر بالاهتمام لأول مرة؟
أم ضيق من طريقته الحادة معها؟
أم حزن من نظرة الاحتقار التي قرأتها في عينيه؟
رن هاتفها، فأجابت بصوت خافت:
– ألو... يا نادين، أنا آسفة جدًا، مش هعرف أحضر.
جاءها صوت نادين معاتبًا:
– كده؟ هزعل منك!
ردّت شهد وهي تصعد درجات السلم الداخلي للفيلا، ولا تزال في حيرتها، تسترجع ملامح أحمد وطريقته الصارمة معها:
– معلش والله، حصلت ظروف... وأنا في الطريق، رجعت الفيلا تاني.
بُكرة أحكيلِك اللي حصل... سلام.
********
في سيارة أحمد...
نظرت إليه نَسمة بتعجب، لا تزال ملامح الغضب مرسومة على وجهه الوسيم، وسألته:
– ممكن أعرف إنت كنت عصبي ليه كده مع البنت؟
ردّ بضيق لم يحاول إخفاءه:
– إنتي مش شايفة الزفت اللي هي لابساه؟
قالت له بدهشة، وهي تحاول فهم ردة فعله:
– أولًا، دي مش أول مرة تشوف واحدة لابسة كده، وكنت دايمًا بتغضّ بصرك من غير ما تعلّق...
ثانيًا، إنت شايف مستوى المنطقة اللي عايشة فيها، كلها كده، يعني عندهم ده عادي.
فلما تيجي تنصح، تكون بطريقتك، عشان تتقبل كلامك وتكسب فيها ثواب.
سكتت لحظة، ثم أكملت:
– وبعدين البنت شكلها طيبة، لأن لو واحدة غيرها، كانت قالتلك: "وأنت مالك؟"
ردّ أحمد بضيق، ورغم ثقته في صحة كلام أخته، قال:
– مش عارف ليه... أول ما شوفت قميص النوم ده، اتعصبت... وكان نفسي أديها قلم على وشها!
شهقت نَسمة بصدمة:
– من إمتى أحمد يمدّ إيده على بنت؟! ولا بيحترم اللي يضرب واحدة؟
لم تجد منه ردًا، فاكتفت بقولها برقة:
– خلاص يا حبيبي، حصل خير... بس النصيحة تكون بطريقة أحسن من كده، ولا إيه يا ابن خالد الحسيني؟
*******
بعد أسبوع...
أتت سهير وحنين لزيارة نَسمة، وكانتا تحملان الهدايا للجميع.
استقبلهما نَسمة بسعادة كبيرة، وهي تهتف:
– حمد لله على السلامة يا سوسو!
ضمتها سهير بمحبة، وقالت:
– الله يسلمك يا حبيبتي، وحشتيني جدًا يا نَسمة.
ابتسمت نَسمة بحرارة:
– وحضرتك أكتر والله...
ثم التفتت إلى حنين، وهتفت:
– حَنون، حبيبة قلبي! وحشتيني.
قالت حنين ببراءة:
– وإنتي كمان وحشتيني أوي... وكنت بعيّط عشان تيته تجيبني.
حملتها نَسمة وقبّلتها قبلات كثيرة، وهي تقول بشوق:
– كنت هتجنن وأشوف حبيبتي!
قالت حنين بسعادة طفولية:
– بابا مروان قالي...
انتفض قلب نَسمة عند سماع اسم "مروان"، كأنه أمامها الآن.
لقد أحبّته من أول مرة، رغم قسوته... لم تقدر على نسيانه، فالقلب ليس له كبير.
أخرجها من شرودها سؤال سهير:
– روحتي فين يا ناني؟
طردت نَسمة مشاعرها سريعًا، وردّت بابتسامة باهتة:
– أنا أهو يا حبي...
ثم أردفت سهير بابتسامة غامضة:
– أنا جاية النهارده أطلب إيدك لمروان.
تورّد وجه نَسمة من الخجل، وهمست دون وعي:
– مروان... عايز يخطبني أنا؟
ضحكت سهير برقة:
– لا... عايز يتجوز. أنا هكلم بابا، إيه رأيك؟
لم تستطع نَسمة الرد، فبادرتها سهير ضاحكة:
– خلاص... أكلم بابا.
على الغداء...
سألت سهير باستغراب:
– فين أحمد؟ مش موجود من ساعة ما جيت.
ردّت نَسمة بابتسامة فخورة:
– اتصلوا بيه في الشركة، يظهر إنه اتقبل في الشغل النهارده.
أنا فرحانة جدًا عشانه... دي شركة كبيرة ومستقبلها حلو.
ابتسمت سهير وقالت:
– ربنا يوفقه... هم الكسبانين طبعًا.
ثم وجّهت حديثها إلى يوسف:
– يوسف، أنا جبتلك هدية من فرنسا... أتمنى تعجبك.
ردّ يوسف بأدب ولباقة:
– لازم تعجبني... لأنها من ذوق حضرتك.
ابتسمت سهير بحنان:
– حبيبي... ربنا يخليك.
في المساء...
قالت نَسمة برجاء:
– أرجوكي باتي هنا... إحنا عندنا شقة للضيوف.
هتفت سهير باعتذار:
– معلش يا حبيبتي، مروان أكد عليّا نرجع في نفس اليوم... بس ردي عليا ضروري.
– إن شاء الله.
**********
قال أحمد:
– أنا عايزك تشوف لي شقة أوضتين قريبة منك عشان نروح الشغل مع بعض.
هتف نادر من عينيه:
– تصدق أنا فرحان إنك معايا أكتر من الشغل نفسه.
ابتسم أحمد لذلك الشاب الطيب الذي شعر بالقرب الشديد منه في تلك الفترة القصيرة، وقال:
– ربنا يخليك، ده العشم برضه.
سأله نادر بفضول:
– هتعمل إيه؟ إحنا هنستلم الشغل بكره.
أجاب أحمد:
– هيكون صعب أسافر النهارده وأرجع بكره.
هبات في شقة واحد صاحب والدي لحد ما أشوف الشقة.
قال نادر:
– خلاص، تعال معايا البيت، ناكل لقمة ونتعرف على الحج والحجة.
رفض أحمد:
– ماينفعش ندخل على الناس كده.
رد نادر مطمئنًا:
– والله ما يحصل، أنا هتصل بيها تحضر الغدا، وأنا وأنت نلف شوية لما تخلص.
**********
خبط خالد على غرفة نَسمة، ثم دخل.
هتف بحنان:
– حبيبتي، لسه صاحيه؟
اعتدلت نَسمة في جلستها وردّت:
– أتفضل يا بابا.
جلس خالد على الكرسي بجوار سريرها، وسألها:
– إيه رأيك في طلب مدام سهير؟
خجلت من سؤاله، فهربت من الرد بطريقة غير مباشرة:
– لما أحمد يرجع بالسلامة ناخد رأيه.
أوضح خالد:
– أحمد استلم الشغل ومش هيعرف يرجع اليومين دول، ومدام سهير عايزة الرد بسرعة.
نكست نَسمة رأسها وقالت:
– اللي حضرتك تشوفه، أنا معاك.
ابتسم خالد وقال:
– خلاص، هعرف أحمد وأتصل بيها وأقولها موافقتنا.
لم ترد نَسمة، فضحك خالد وقال:
– السكوت علامة رضا... ربنا يتمملك على خير.
ثم أكمل:
– أنا مش هسأل عليه، كفاية حب مدام سهير ليكي ولحفيدتها، وهي هتكون حماية ليكي بعد ربنا.
– نامي أنتي، وأنا هكلم أحمد.
أصرت نَسمة:
– لا يا بابا، أنا عايزة أكلمه أنا.
فابتسم خالد وقال:
– خلاص يا حبيبتي، أنا مش هتدخل بينكم.
********
سأل نادر أحمد بتعجب:
– أنت رايح فين كده؟
أجاب أحمد بمرح:
– هجيب حلويات.
قال نادر مازحًا:
– يا عم أنت مش غريب!
ابتسم أحمد وقال:
– أنت مالكش دعوة.
أخذ أحمد الحلويات والفاكهة معه.
نظر نادر بعدم رضا:
– أنت بتدفع ثمن الغداء كده؟ عيب والله!
رد أحمد بنبرة هادئة:
– أنا كده هزعل منك، أنا متعود على كده، مبروحش عند أي حد مهما كان قريب بأيدي فاضية.
ابتسم نادر وقال:
– خلاص يا عم، ما تزوقش، أبقى تعال كل يوم.
وصلوا أمام منزل أحمد، في إحدى الأحياء الشعبية التي تُسمى بالدفيء والطيبة. نزلوا من السيارة.
أخذ أحمد ساتر عن الباب، وعندما فتحه نادر نادى:
– ماما، يا أهل الدار، إحنا وصلنا.
قابلهم والد أحمد، رجل كبير في السن ذو وجه بشوش، وقال:
– أهلاً يا بني، نورت بيتنا البسيط، عارف إنه مش قد المقام.
مد أحمد يده وقال باحترام:
– ده نورك يا حج.
رد الرجل مبتسمًا:
– ما تقولش كده، المكان بسكانه وكفاية أخلاق. ابنك دليل على عنوان البيت.
سأل والد نادر:
– ربنا يكرم أصلك يا ابني، يا أم نادر فين الأكل؟
جاءت سيدة في الخمسين من عمرها، والد نادر. سلمت على زميل ابنها وقالت:
– أزيك يا حبيبي، نورتنا.
رد أحمد مودعًا:
– أزيك يا أمي، أخبارك؟
على باب غرفة البنات، هتفت سالي بلهفة:
– تعالي يا هناء، شوفي صاحب أخوك.
قالت هناء بإعجاب ودهشة:
– غريبة، أول مرة أخوك يدخل حد من أصحابه البيت.
هتفت أختها بإعجاب:
– ده شكله مز من الآخر.
قالت هناء بضيق:
– اتلمي يا سالي، أحسن أقول لنادر.
ردت سالي:
– والله، ساعة ما تشوفيه هتحبيه، عيونه خضرا وشعره بني فاتح.
********
عاد أحمد في المساء إلى غرفة صديق والده، فبدّل ملابسه، ثم دخل ليتوضأ.
وبعد أن فرغ، جلس ليصلي العشاء، ثم تناول مُصحفه الذي لا يفارقه أينما ذهب، ليقرأ ورده اليومي.
وقبل أن ينتهي، رن هاتفه...
نظر إلى الشاشة، فظهر اسم "نسمة".
تناول الهاتف بابتسامة وردّ وهو يقول:
– حبيبة أخوها... أخبارك يا قلبي؟
– الحمد لله يا حبيبي، عامل إيه؟
– هستلم الشغل بكرة.
هتفت بتشجيع صادق:
– حبيبي... مستقبلك باهر من الوقت!
– يا رب يا حبيبتي. نجاحي في شركة من أكبر شركات البلد هيساعدني كتير في بناء اسمي، وهيوفّر عليّ سنين من التعب والشقى.
هتفت فجأة بفرحة:
– أحمد! مروان طلب إيدي!
اعتدل في جلسته وهو يهتف بدهشة:
– بجد؟!
فهو يعلم جيدًا مشاعر أخته تجاه مروان منذ أول مرة رأته فيها. لقد عاهد نفسه أن يكون لها صديقًا وسندًا قبل أن يكون أخًا.
تابعت نسمة بحماس:
– طنط سهير جت النهاردة، وعرضت الموضوع على بابا.
هو كان هيكلمك، بس أنا حبيت أبلغك بنفسي.
شعر بفرحتها في صوتها وطريقة حديثها، فقال بفرح:
– ألف مبروك يا حبيبتي! بس إحنا منعرفش اسمه بالكامل عشان نسأل عليه.
ردّت نسمة مطمئنة:
– بابا قال مش هنسأل، كفاية حب طنط سهير وحنين ليا.
هو ما يعرفش إني كمان بحبه، بس ماكنتش أتخيل إنه يفكر فيا.
رد أحمد بعدم رضا، مستغربًا من قلة ثقتها بنفسها، خاصةً أمام مروان:
– ليه يا حبيبتي؟ أنتي ألف مين يتمناكي!
وكتير بيجروا وراكي ومستنيين إشارة منك.
تنهدت بحالمية وهمس صوتها:
– بس... محدش منهم خطف قلبي من أول نظرة... غيره.
********
مرّت الأيام سريعًا، وجاء يوم الخطوبة المنتظر.
وصلت سهير وزوجها، برفقتهم مروان، أخوه، وابن عمه. وكان في استقبالهم خالد، وأحمد، وأعمام نَسمة، وخالها.
جلس الجميع، وبعد تبادل التحيات والمجاملات، تحدث وجدي والد مروان بهدوء واحترام:
– إحنا جايين النهاردة، ويشرفنا نطلب إيد بنتك نَسمة لابني مروان.
رد خالد بابتسامة دافئة:
– الشرف لينا إحنا يا حج وجدي.
تابع وجدي:
– بص يا خالد، إحنا مش طالبين حاجة، جناح مروان كامل ومجهز من كل شيء، أما بالنسبة للشبكة والمهر والمؤخر، إحنا تحت أمركم في أي حاجة تطلبوها.
ابتسم خالد بتأنٍ، وقال بنبرة حازمة:
– دي بنتي الوحيدة ودلوعة العيلة، وماينفعش تخرج من بيت أبوها أقل من أي حد.
أنا جايب لها أحسن وأغلى حاجة، وكل شوارها من بره.
أما الشبكة... فهي هدية العريس لعروسته، مالناش دعوة بيها.
وبالنسبة للمهر والمؤخر، دول مش يهموني.
أنا بعطيك حتة من قلبي... عندي أغلى من كنوز الدنيا.
كل اللي بطلبه: تعتبرها زي بنتك، وتحافظ عليها.
ضحك والد مروان وقال ممازحًا:
– ومين يقدر يبصلها؟ دي في حماية مدام سهير بحالها!
يعني لو حد بصلها غلط، هنطرد من الفيلا... ومن الشركة كمان!
ضحك الجميع، إلا مروان، الذي كان يشعر بضيق خفي، ويتمنى أن تنتهي تلك الجلسة سريعًا.
هتف وجدي مبتسمًا:
– فين العروسة؟ عايز أشوفها.
طلب والدها من والدتها أن تنادي نَسمة.
جاءت نَسمة على استحياء، وهمست بصوت خافت:
– السلام عليكم.
التفت الجميع نحو الباب، وفي لحظة واحدة...
خيم الصمت.
كانت الصدمة من نصيب فريد، والذهول الممتزج بالإعجاب من نصيب وجدي ، شقيق.
والده الذي ابتسم وقال بانبهار:
– بسم الله ما شاء الله... عرفت تختار يا حبيبي. ربنا يباركلك.
في حين هتف فريد فجأة، بعصبية ظاهرة...
**********
يتبع
#نسمه- متمردة
#بقلمي -أمل- مصطفي
#البارت- السادس
*********
هتف فريد بعصبية، وهو يطالع ملامح نَسمة الجميلة:
– مش ممكن!
ثم وجّه نظره إلى مروان، الذي تعجب من نبرته، وسأله بحدة:
– إيه ده بقى إن شاء الله؟
رمقه مروان بنظرة حادة، وردّ بسخرية:
– خير؟ العروسة مش عاجباك ولا إيه؟
ابتلع فريد ريقه بصعوبة، محاولًا السيطرة على الحالة التي تلبسته عند رؤيته لنَسمة...
ماذا يقول؟ هل يعترف أمام الجميع أنها نفس الفتاة التي قابلها في شركة مروان؟
تلك التي سحبت أنفاسه، وأشعلت بداخله رغبة في قربها؟
هل يعترف بأنه صعد يتغزّل بها أمام مروان نفسه، دون أن يعلم أنها خطيبته؟
أم يصمت، حتى لا يحدث شقاق بين الأخوين... أو الأسوأ، يُحرّك غيرة مروان، فيثور عليه ويفتك به أمام الجميع؟
رأى الجميع ينهض لتحية نَسمه والترحيب بها، فآثر الصمت.
ابتلع لسانه، وأخذ يُحرّك عينيه بعيدًا عن مرمى رؤيتها، لتمر المقابلة على خير.
********
بعد مرور الأيام
كانت تتحرك في غرفتها، تحمل هاتفها بين يديها، تنتظر مكالمة أو رسالة من مروان... ولكن لم يحدث شيء.
منذ قراءة الفاتحة، لم يُحدثها.
كم رسمت لنفسها أحلامًا وردية طوال فترة الخطوبة؛ من لهفة، وأشواق، وأحاديث طويلة، يتخللها الحب والرومانسية.
حاولت أن تبرر صمته بضيق الوقت، وبأن الجميع منشغل في التجهيزات لحفل الزفاف،
ورغم محاولاتها المستمرة لطمأنة نفسها، إلا أن قلبها كان يتألم من إهماله لمشاعرها.
حاولت مرارًا أن تبادر، أن تهاتفه على الرقم الذي أرسلته لها والدته...
لكن في اللحظة الأخيرة، كان كبرياؤها يمنعها.
تم كل شيء على قدم وساق، وجاءت الليلة الموعودة.
شعرت نَسمة أنها أسعد شخص في العالم، لأنها ارتبطت بمن تمنى قلبها.
لكنها لم تكن تعلم ما يُخبئه لها القدر من حزن وألم جديد لم تعرفه من قبل.
أما سهير، فكانت أسعد من نَسمة نفسها، و أعطت اهتمامًا بالغًا بأدق التفاصيل؛
فستان زفاف جاء خصيصًا من باريس، وأشهر خبيرة تجميل أشرفت على إطلالة العروس...
لم تُهمل شيئًا.
وكلما رجعت لمروان في أمرٍ ما، وجدت بروده المعتاد، يجيبها بجمل مقتضبة ثم يترك لها المكان.
ورغم كل شيء، صبرت، ووثقت أن أخلاق نَسمة وجمالها سيؤثران فيه بعد الزواج.
في المساء، كانت القاعة في أبهي صورة.
والدة نَسمة ارتدت عباءة سوداء أنيقة، وحجابًا فضيًّا.
أما والدها، فكان في بدلة كحلي أنيقة، وأحمد في بدلة سوداء زادته وسامة وهيبة.
كانت القاعة من أكبر وأفخم القاعات، وتعالت فيها الموسيقى لتعلن بدء مراسم الزفاف.
وقف العروسان لتبديل الدبل، ثم بدأت الحفلة برقصة "سلو" هادئة.
لم يستطع مروان إخفاء إعجابه الشديد بها، وعندما اقترب منها، همس قائلاً:
– إنتي جميلة جدًا...
أجابت نَسمة بخجل:
– شكرًا...
تحركت معه بسلاسة وخفة على نغمات الموسيقى، تتمايل بخجل، وتتناغم خطواتها مع خطواته في رقصة السلو الهادئة.
سألها مروان بهدوء:
– ماكنتش متخيل إنك تعرفي ترقصي سلو.
لم ترفع عينيها إليه، رغم اقترابه الشديد الذي زاد من توترها، وأجابت بخجل:
– أحم... أنا وأحمد علمنا بعض.
نظر إليها باستفهام، وسأل:
– إزاي؟
ردّت بتوضيح بسيط:
– كل حد فينا يسمع أغنية تعجبه، يطلب من التاني يشاركه فيها... تقريبًا كده بنعرف نرقص جميع الرقصات.
غامت عيناه فجأة بالحزن، عندما زاره طيف أخته، وتنهد بشرود وهو يقول:
– أنتي وأحمد شكلكم متفاهمين.
أكّدت كلامه وهي تبتسم بحب:
– جدًا... علاقتنا قوية، وأسرارنا مع بعض...
عمرنا ما كنا مجرد إخوات، إحنا أصدقاء أكتر.
في مكان آخر من القاعة، نادى خالد على ابنه:
– أحمد، روح قابل عمك صالح عند باب القاعة.
ترك أحمد ما بيده، وردّ باحترام:
– حاضر.
وأثناء سيره، سمع صوتًا مألوفًا يقول:
– أه... أنا آسفة.
رفع أحمد عينيه، ليتسع نظره بدهشة:
– إيه ده... إنتِ؟!
لم تصدق عينيها أنه أمامها الآن، بكل تلك الوسامة التي طالما تمنت رؤيتها مرة أخرى،
رغم الخوف الذي شعرت به في لقائهما الأول... غلبتها سعادتها، وهتفت بفرحة صادقة:
– إزيك!
قال أحمد بتعجب:
– آخر مكان كنت أتوقع أشوفك فيه... أكيد إنتِ تبع العريس؟ لأن أنا عارف كل أصحاب نَسمة.
هزت رأسها بتأكيد، وردّت:
– آه، ابن عمي. وأنت؟
قال وهو يبتسم:
– أنا أخو العروسة... نَسمة، اللي كانت معايا في العربية يومها.
هتفت بدهشة وسعادة:
– بجد؟ ده خبر جميل جدًا! أنا كنت مسافرة عند خالتي، وده سبب عدم حضوري الخطوبة... بس كده بقينا قرايب، يعني هنشوف بعض دايمًا.
رمقها أحمد بعدم رضا:
– برضه... مفيش فايدة في لبسك ده.
تلعثمت وهي ترد بخجل:
– ليه؟ ما أنا غيرت لبسي من يومها... ولبسة طويل وواسع أهو.
ضحك بسخرية، وهو يشير إلى الجزء العلوي من فستانها:
– طيب... وبالنسبة للجزء اللي فوق ده؟ أدعيله أنا بالستر ولا إيه؟
أعادت النظر إلى ما ترتديه، فستان أحمر كب، طويل وواسع، لا تعرف سبب اعتراضه الدائم على ملابسها.
لقد منعت نفسها بالفعل من ارتداء الفساتين القصيرة منذ لقائهما... لكنها الآن تشعر أن الأمر لا يرضيه أيضًا.
فاقت على صوته وهو يقول بنبرة آمرة:
– تعالي ورايا.
تحركت خلفه كالمغيبة، كأنها طفلة تخاف عقاب والدها.
وصل إلى إحدى الطاولات خارج القاعة، وأشار لها بالجلوس، ثم نادى على الويتر وطلب لها عصيرًا على ذوقه، دون أن يسألها إن كانت تحبه أم لا.
نظر إليها بتحذير واضح:
– ممنوع تتحركي من هنا لحد ما أرجع.
لم تعترض، لم تغضب، فقط نطقت بكلمة واحدة:
– حاضر.
نسي أحمد سبب خروجه، وركب سيارته. غاب ما يقرب من ربع ساعة، ثم عاد، ومدّ لها يده بحقيبة ورقية.
تناولتها بلهفة، فتحتها دون أن تنتبه لماهيتها، ثم سألته باستغراب:
– إيه ده؟
أجابها بنبرة هادئة لكن حاسمة:
– حاجة تغطي بيها إيدِك... آه، مش ماركة زي لبسك، بس هو الموجود. وياريت تحافظي على نفسك.
ثم أضاف بجديّة وهو يخفض عينه:
– جسمِك ده حاجة غالية، ياريت تداريه للي يستاهله... مش عرض لكل واحد.
ثم تركها واختفى.
عاد ليجد والده في انتظاره، سأله بتعجب:
– كنت فين يا أحمد؟ أنا مش طلبت منك تخرج لعمك صالح!
ضرب أحمد جبهته بيده بأسف:
– آسف يا بابا، نسيت والله.
ابتسم والده بحنان، وسأله ممازحًا:
– اللي واخد عقلك؟
وعلى طاولة أخرى، هتف فريد بتهكم وهو يراقب نَسمة:
– مروان ابن عمي... ده حظه من السما! البنت نار، لوزة مقشرة، عايزة تتاكل!
اعترض سيف بغضب:
– ماتتلم يا فريد! هو أنت ما عندكش حدود؟ دي بقت مرات ابن عمك، يعني شرفك!
رمقه فريد بغيظ:
– طبعًا يا أخويا، مين هيدافع عنه غيرك؟ طول عمركم مش طايقني، و أسراركم كلها مع بعض!
وقف سيف بملل:
– لا دانتَ اتجننت... أنا سايبك وماشي.
أسند فريد ظهره إلى الكرسي، ووضع قدمًا فوق الأخرى، وهتف بغيظ:
– امشي... ينعل أبو فقرك! عكّرت مزاجي!
في تلك اللحظة، رأى سيف أحمد، فناداه.
التفت أحمد بابتسامة:
– باشمهندس سيف، منوّرنا والله!
أصاب سيف الذهول؛ فهو يعلم أن أحمد توظف في شركتهم، لكنه لم يكن يعلم أن العروس أخت الموظف الجديد.
لم يرَ مروان الموظفين الجدد ليعلم أن أخو خطيبته موظف عنده.
– مش ممكن... هي العروسة أختك؟!
ضحك سيف:
– يعني طلعنا نسايب!
ردّ أحمد وهو يضحك:
– والله أنا ما عرفت الاسم كامل غير من كام يوم.
قال سيف بهدوء:
– خلاص، أسيبك لضيوفك.
لكن صوت أحمد أوقفه:
– معلش، ممكن كلمة؟... ماكنتش عايز حد من زمايلي يعرف صلة القرابة... حضرتك عارف طبعًا اللي بيحصل، وأنا عايز أعمل اسم لنفسي، وأنجح بمجهودي.
ابتسم سيف بإعجاب، وأجابه بتقدير:
– تمام قوي... وده بيدل على أخلاقك الجميلة.
شكره أحمد، ثم تركه ليتفرغ لاستقبال المعازيم.
أما سيف، فتمتم لنفسه بضيق:
– شكلكم ناس كويسين... بس حظ بنتكم... تكون لعبة!
دخلت شهد القاعة وهي تشعر بمشاعر جديدة لم تعهدها من قبل. نعم، هي ابنة الطبقة المخملية، ونعم، ترتدي أغلى الماركات، وكل متاع الحياة بين يديها... ولكنها، ولأول مرة، شعرت باهتمام حقيقي وحنان صادق، فقط خلال دقائق معدودة جمعتها بذلك الشخص.
ضمت ما ترتديه إلى صدرها بحب. كان عبارة عن بوليرو سهرة أسود، يتوسطه بروش فراشة كريستالي، صغير في حجمه، عظيم في قيمته بالنسبة لها. لم يكن مجرد قطعة قماش... كان ذكرى، وشعورًا، ورسالة اهتمام لم تعهدها من أحد من قبل.
لم تكد تلتقط أنفاسها حتى وقعت عليها نظرة والدتها، نظرة ممتلئة بعدم الرضا، لتسألها بحدة مكتومة:
– إيه اللي إنتي لابساه ده؟
ردت شهد بتأفف، وهي تحاول أن تخفي ارتباكها:
– حسيت ببرد... رحت اشتريته.
هتفت حياة، والدتها، بنفور واضح:
– يعني ماكنش فيه حاجة أشيك من كده؟!
تنهدت شهد، وفي قلبها رغبة عارمة أن تقول لها:
"ده أغلى من أغلى فساتين باريس... ده هدية من حد ما شفتش زيه قبل كده..."
لكنها لم تملك الشجاعة لتكشف سرّها، فاكتفت بأن تململت قليلًا، وردّت بصوت خافت:
– فيه... بس ده عجبني.
********
– ممكن كلمة على جنب يا أحمد؟
تحرك أحمد جوار نادر، الذي أردف بهدوء:
– إحنا هنروح بعد الفرح... كفاية كده، بقالنا عندك أربع أيام.
أجابه أحمد بنبرة لا تقبل النقاش:
– مالكش دعوة، ومافيش مروّاح... السفر هيكون الصبح، نسافر كلنا مع بعض هناك.
انتهى من كلمته، ثم جذبه شيء ما ليبتعد بنظره عن نادر، الذي سأله باستغراب:
– بتبص على إيه كده؟
تحرك أحمد مبتعدًا وهو يردد:
– ثواني... وجاي لك.
في تلك الأثناء، خرجت شهد من القاعة وهي تتحدث في هاتفها، دون أن تنتبه إلى شابين يتتبعانها بخطى بطيئة.
– الجميل مالُه؟ لو عايزة حاجة... إحنا في الخدمة.
التفتت شهد إليهما بخوف، لكن فجأة انبعث صوت قوي من الخلف:
– خير يا شباب؟
كان أحمد. وقف كظلٍّ شامخ، وقد تجمد الشابان في أماكنهم، خاصة عندما أدركا من هو.
أحدهما تمسّك بذراع صديقه في الخفاء، وقد ارتعدت أوصالهما. هما يعرفانه جيدًا... أحمد، الشاب المحترم، المتدين، الذي لا يقبل الخطأ.
أكثر ما يغضبه، ويوقظ الوحش المدفون بداخله، هو التعدي أو التطاول على فتاة.
خرجت الكلمات من فم أحدهما بتوتر، متقطعة:
– ب... بشمهندس أحمد، هي تبعك؟
أجاب أحمد ببرود قاتل، وهو يضع يديه في جيب بنطاله:
– ده فرح أختي... يعني كل بنت فيه تبعي.
أخفض الشابان رأسيهما بخجل، ورددا في صوت متقطع:
– إحنا آسفين...
قال أحمد بحدة:
– يا تقعدوا باحترامكم... يا توروني عرض أكتافكم.
أنتم عارفين كويس اللي يتطاول على بنت... عقابه بيكون إيه.
ابتعد الشابان بسرعة، يكررون اعتذارهم،
وعندما ابتعدا بما فيه الكفاية، همس أحدهما
للآخر وهو ينطق الشهادة:
– مش قولتلك بلاش هنا؟ لمصيرنا يبقى زي رامي، اللي قعد في المستشفى شهر لما ضايق صاحبه وأخته.
بينما كان أحمد يوجه كلامه لـشهد، كانت هي تتابع ما يحدث بعينين متسعتين من الانبهار؛ كيف تحوّلت ملامح الشبان إلى الرعب فقط لمجرد وجوده!
– وبعدين معاكي؟ كل شوية رايحة جاية!
إحنا في فرح... كله رجالة وشباب!
أخرجها صوته الحازم من حالتها، لترد بتوتر:
– جالي تليفون، ومش سامعة حاجة جوه... خرجت أتكلم بره.
هزّ رأسه رافضًا:
– لا، معلش... اقضي تليفوناتك طول الفرح واتس، ولما تروحي اتكلمي براحتك.
أنا مش هسيب الفرح وأمشي ورا حضرتك علشان محدش يضايقك.
ابتسمت شهد ابتسامة ناعمة، وقد لمعت عيناها:
– محدش يقدر يضايقني طول ما ملاكي الحارس موجود.
ثم تركته ومضت، وهي تشعر بأنها أسعد إنسانة في الوجود.
أول مرة تجد من يهتم بها ويحميها بهذه الطريقة...
فـوالدها اهتمامه الأساسي الصفقات، ووالدتها لا ترى في الدنيا إلا الموضة، أما أخوها، فلا تراه إلا بالصدفة!
ابتسم أحمد وهو ينظر لطيفها يبتعد...
قاطعه صوت مألوف خلفه:
– معقول تكون طيبت؟ يا أبو حميد...
التفت أحمد ليجد نادر يبتسم له بخبث.
*******
انتهى الفرح، وأخذ مروان يد نَسمة متجهًا نحو السيارة.
كانت تسلّم على الجميع والدموع تنهمر من عينيها... فهي تفارقهم لأول مرة.
اقتربت منها سهير وربتت على كتفها بحنان:
– حبيبتي، كفاية عياط... أنتي مش مهاجرة.
هتيجي تشوفيهم، وهما كمان هيجولك.
أدخلها مروان السيارة وجلس إلى جوارها، لكنها لَمَحت حنين تبكي بين ذراعي جدتها.
التفتت إليه برجاء:
– ممكن... معلش، تجيب حنين معانا؟
نزل مروان دون أن يرد، وتوجّه لجدته، أخذ حنين من بين ذراعيها، وعاد بها إلى نَسمة.
بمجرد أن احتضنتها، توقفت الصغيرة عن البكاء، وارتسمت ابتسامة دافئة على وجهها.
في تلك اللحظة، أدرك مروان أن راحة ابنته الحقيقية بين ذراعي هذه الفتاة...
وتذكر كم كانت حنين ترتعب من رؤية شاهي.
وبعد نحو ساعة في الطريق، غفت حنين في حضن نَسمة، بينما فتح مروان عبوة عصير وأعطاها إياها قائلاً:
– اشربي ده.
ردّت بهدوء:
– ماينفعش... عشان حنين.
نظر لها باستغراب:
– مالها حنين؟
ابتسمت وهي تهمس:
– إيدي تحت خدها، علشان شغل الفستان ما يجرحش بشرتها.
رمقها مروان بنظرة طويلة، وفي رأسه ألف سؤال.
لكنه نطق بعكس ما كان يدور في عقله:
– طيب... ممكن أنا أشربك؟
هتفت بخجل:
– لا، مش مشكلة... لما نوصل إن شاء الله.
*******
عاد أحمد ونادر مع أهاليهم، وكان الجميع سعيدًا، أما هناء فكانت تغرق في تأمل رجولة أحمد الطاغية ووسامته.
فردّت أختها بسخرية:
– ما كنتِ بتقولي عيب؟
تأفّفت هناء ثم قالت:
– بعدين معاكِ يا سالي.
في تلك الأثناء، مدح والد نادر أحمد قائلاً:
– صاحبك وأهله ناس تتحط على الجرح يطيب.
وأضاف مستفسرًا:
– إحنا مش هنسافر النهارده؟
ردّ نادر بتأكيد :
– فعلاً يا أمي، أحمد جدع وبيحب يساعد الناس،
لكنّه رفض قال هنروح كلنا بكرة بدل بهدلة المواصلات.
ظلّت شهد شاردة طوال الطريق، مستغرقة في تأمل رجولة أحمد، خوفه عليها، وتوجيهه لها أحيانًا بعنف، لكنها كانت تشعر معه بالأمان.
كان أول من يعاملها بدون تكلف أو اعتبار لعليتها أو مكانتها، إذ كان الجميع يتعامل معها لمصلحته الخاصة، بسبب مالها أو مركز وقوة عائلتها.
*********
دخلت نسمه إلى الفيلا، وكان مروان يحمل حنين بين ذراعيه. صعدوا إلى غرفة حنين، وضعها على السرير بحنان.
انحنت نسمه، خلعت عنها حذاءها، ودثرتها، ثم قبلت جبينها. التفتت إلى مروان، الذي أخذها ودخل بها إلى جناحهم.
كان الجناح مزينًا ببالونات حمراء وبيضاء، وفوق السرير كان هناك قلب كبير بنفس الألوان. شعرت نسمه بسعادة كبيرة.
لاحظ مروان فرحتها بأشياء بسيطة، لكنه لم يرحم قلبها المتيم بحبه، وقضى على فرحتها بكلماته.
جلست نسمه على طرف السرير بخجل، بينما جذب مروان كرسيًا وجلس أمامها، وقال:
– أنا عايز أتكلم معاكي في شوية حاجات عشان ما نتعبش بعض.
لم ترد، بل انتظرت ما سيقوله، وهو اعتبر صمتها موافقة.
تابع:
– أنا اتجوزتك لأن ماما وحنين بيحبوك، وحنين متعلقة بيكي جدًا،
لكن أنا... بحب واحدة تانية، وهي دي اللي هتكون مراتي بجد.
شعرت نسمه بوخز حاد في قلبها، كأن خنجرًا مسمومًا غرز فيه بلا رحمة.
الإنسان الوحيد الذي دق له قلبها لا يشعر بها ولا يراها.
أجمل ليلة في عمرها أصبحت الأسوأ على الإطلاق.
تمنت وجود أحمد لترتمي في أحضانه، يحميها من هذا الإحساس القاتل لكل مشاعر الإنسانية.
مع من تتكلم ليخفف عنها الألم، شعرت بالاختناق، عاجزة عن الحركة أو الكلام.
*********
في غرفة سهير، تنفست الصعداء
حدثها زوجها :
— الوقت أرتاحت يا سهير.
ردت عليه وهي تملؤها الفرحة:
جدا جدا
تحدث برضي
— عندك حق، البنت وأهلها ناس في قمة الأخلاق والبساطة والطيبة، شكلهم محبوب من الكل. حتى صاحب الفندق كان شايلهم كتير.
نظرت إليه سهير وهي تهتف:
— أنت عارف؟ كريم، صاحب الفندق، كان عايزها وكلمها قدامي. رغم أنها رفضته، لكنه كان واقف مع أهلها كأنهم عيلة.
قالت وهي تشير إلى والدها:
— باين على باباها إنه له معارف كتير.
شردت سهير محاوِلةً إقناع نفسها بأنها وصلت لما تريد، أهم شيء ربنا يسعدهم ويهدي ابنك وينسي شاهي.
لكن وجدي أسقطها من غيمتها الوردية بكلماته الحادة:
— يبقى ما تعرفيش، ابنك
مروان عمره ما هيرضي بحاجه اتفرضت عليه. بيسايرك، أه، لكن البنت هي اللي هتدفع الثمن، وأنتي السبب.
********
لم تجد نسمه ردًا على كلامه، ولم ترفع رأسها ليرى تأثير تلك الكلمات عليها. هتف بتردد:
— نسمه، أنتي سامعاني؟
لم تستطع رفع وجهها، حتى لا يرى دموعها وحزنها، فهزت رأسها خفية.
وقف وابتعد عدة خطوات، ثم عاد مرة أخرى ومد لها يده بظرف.
سألته وهي تحاول كتم ضعفها و تحارب دموعها كي لا تنكسر أمامه:
— إيه ده؟
أجابها ببرود:
— فيزا، حطيت وديعة في البنك باسمك مقابل الوضع ده، لأن ظلمتك معايا.
رفعت نسمه عينها بحدة وكبرياء، وقالت:
— فلوس؟ إيه اللي بتتكلم عنها؟ أنت جايب واحدة من الشارع!
أنا نسمه الحسيني، والفلوس دي ما تداويش خداعك و غشك. كان ممكن تكون صريح معايا من الأول وأنا صاحبة القرار.
أضافت بصوت متصلب:
— لكن للأسف، حضرتك رسمت و خططت حياتي تبع هواك، و حاليًا أنا مش هقدر أخد أي قرار، خوفًا على سمعة أهلي، وبرده قلب ماما سهير ممكن ما يتحملش.
لم يتوقع حدتها في الكلام و كبريائها الذي استشعره من نطق اسمها واسم عائلتها، لكنه تغاضى عن ذلك.
هتف ببرود:
— قدام أهلي وأهلك، إحنا أسعد زوجين، لكن في جناحنا كل واحد حر في تصرفاته.
لم تكن نسمه، ابنة خالد، لتظهر له ضعفها أو انكسارها، فتحدثت بكبرياء:
— أنا كمان وافقت على الجواز عشان حنين وماما سهير.
وتابعت:
— والفلوس دي أنا مش محتاجاها، خليهالك أو شوف حد محتاج لها، وكل حاجة هتمشي زي ما أنت عايز.
و أضافت:
— و متقلقش، ماما سهير صحتها أهم عندي من نفسي.
وقفت بكبرياء لا يليق بغيرها ممكن أروح أغير لأني تعبانة وعايزة أنام.
ابتعد من أمامها بحيرة وهو يهتف:
— أه، اتفضلي.
دخلت نسمه غرفة الملابس في الجزء الخاص بها، تناولت ملابسها ببرود، و أسدلها
ثم توجهت لدخول الحمام.
عندما أغلقت الباب، تبخرت قوتها وجلست على حافة البانيو تبكي بحرقة، فهي لأول مرة تشعر بالضعف والعجز والإهانة. لقد طعنها في أنوثتها برفضه لها و تفضيله أخرى عليها في تلك الليلة.
حدثت نفسها بحيرة :
— لو رجعت تاني يوم فرحي،
أهلي هيتفضحوا، و معدّوش هيقدروا يرفعوا رأسهم بين الناس، رغم أن متأكدة أنهم مش يهمهم غير راحتي.
وتابعت:
— وماما سهير لو عرفت اللي حصل، ممكن قلبها يتعب وتروح فيها. أعمل إيه يا رب؟ حلها من عندك.
ظلت تبكي من الضياع والألم
كل أحلامها مع حبيبها انهارت في لحظة، وقلبه ملك امرأة أخرى.
— مش عارفة أعمل إيه، حبه في قلبي أكبر من أني أسيطر عليه. أنا عايشة معاه وكفاية عليا أشوفه و أسمع صوته.
ملست على قلبها:
— ده ذنبك يا قلبي، دقيت لواحد مش ملكك.
توضأت وخرجت، وجدته في انتظارها.
سألها بفضول :
— أنتي أتأخرتي ليه كده؟
لم ترفع عينها وردت:
— مفيش، تعبت عشان أفك الفستان.
سألها:
— ليه ما قولتيش؟ كنت ساعدتك.
خرج صوتها بقوة وثقه :
— شكرًا متعودتش اعتمد علي حد في أي حاجه تخصني ، أنا هصلي وأنام فين؟
أشار لها إلى السرير، لكنها رفضت:
— لا، معلش، ممكن أنام على الكنبة دي؟
أخذ ملابسه وتوجه إلى الحمام، مرددًا بلا مبالاة:
— براحتك.
ثم سألها بفضول:
— أنتي هتصلي ايه ؟ الفجر لسه ما اذنش
— أنا بصلي قيام الليل، بس النهارده هصلي كام ركعة وأنام لأني تعبانة.
دخل مروان غير ملابسه وخرج، وكانت نسمه قد صلت، وتوجهت إلى الكنبة لتنام.
أوقفها صوته:
— السرير كبير، ممكن تنامي جنبي.
قالت له:
— لا، خليك براحتك، والكنبة كبيرة وواسعة. ولو تعبت، هنام على السرير. تصبح على خير.
رد عليها:
— وأنت من أهل الخير.
---
في الصباح، رن هاتف مروان، فتح الخط ليأتيه صوت شاهي الحانق:
— صباحية مباركة يا عريس.
قام مروان وأعتدل، وألقى نظرة على نسمه التي ما زالت نائمة، :
— صباح الخير يا حبيبتي.
هتفت بحزن:
— كده يا مروان تدخل حياتك واحدة غيري؟
هتف بحب:
— والله يا حبيبتي، ما حصلش حاجة بينا. أنا قولت الجواز "سوري"، ولازم تصدقيني.
هتفت بغضب ::
و هي وافقت طبعا، هي كانت تصدق، أنها تكون زوجة مروان الفيومي أو تعيش في بيته .
تململ من طريقتها ليهتف:
— معلش يا حبيبتي، هقفل دلوقتي و أشوفك لما أخرج.
قام مروان ودخل الحمام.
فتحت نسمه عينيها الدامعتين، استمعت لكلماته التي أكملت على الباقي من روحها لتتألم في صمت.
همست:
— يا رب، أكيد ليك حكمة في كده. وأنا راضية بحكمك، بس ألم قلبي صعب، ساعدني على تحمله يا رحيم، يا عليم.
********"*
يتبع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا