رواية نسمه متمردة الفصل الثاني وعشرون والثالث وعشرون بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية نسمه متمردة الفصل الثاني وعشرون والثالث وعشرون بقلم أمل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
نسمه متمردة
بقلمي أمل مصطفي
البارت ٢٢
*********
هتفت نسمه بإصرار، وكلمات تفيض بالشوق:
"يا بنتي، إنتِ وحشتيني أوي! فيها إيه لما تيجي تقعدي معايا يومين؟"
نغمة الحزن كانت واضحة في صوت نغم وهي ترد بتردد:
"والله يا بنتي، مش هيوافق."
قطبت نسمه حاجبيها بعدم رضا، واقتربت منها قائلة بثقة:
"سيبك إنتِ... بس وافقي، وأنا هأقنعه. هو عمره ما رفض لي طلب قبل كده."
جاء صوتها خافت :
"سِيبها لظروفها يا نِسمه، وهتلاقيني فوق راسك."
ابتسمت نسمه باستسلام، ثم قالت لنغم:
"خلاص، براحتك يا نغم... سلميلي على هادي و بوّسيه."
سمعت خلفها زمجرة حادة، فالتفتت فورًا إلى مصدر الصوت. كان مروان يقف هناك، نظراته تشتعل بالغيرة.
قال بصوتٍ حاد:
"ممكن أعرف إزاي تقولي لواحدة تبوسلك واحد؟!"
نهضت نسمه سريعًا، تحاول إخفاء ضحكتها التي تسللت رغماً عنها من شدة غيرته، واقتربت منه بدلال:
"إنت بتغير، يا قلبي؟"
لكن مروان لم يبتسم، بل ردّ بعنف:
"نسمه! الحاجات دي ما فيهاش هزار."
نظرت إليه بصدمة، عاجزة عن فهم رد فعله، ثم تمتمت :
"ده هادي... ابن أختها، عنده سنة ونص!"
لكن مروان لم يهدأ، واستمرت غيرته تسيطر عليه كليًا.
قال وهو يقترب منها بحدة:
"حتى لو عنده شهر! أنا مش بحبك تبوسي حد غيري."
جذبها إلى صدره بقوة، يلف ذراعيه حول خصرها بامتلاك، وهمس بصوتٍ أجشّ:
"إنتي ملكي أنا... وبس."
ثم ق-بّ-لها بجنون، كأنما يريد أن يثبت ملكيته لها بكل الطرق.
"شفايفك، عيونك، ضحكتك... ملكي. مش بحب حد يشوفهم غيري، فاهمة؟"
وبعد لحظة، تركها وابتعد عنها غاضبًا.
ظلت نسمه واقفة في مكانها، وملامح الصدمة لا تزال تكسو وجهها.
تمتمت بصوت مرتجف:
"ماله ده؟ اتجنن؟ ولا إيه؟ الصبر من عندك يا رب..."
*******
"أنت فين يا أحمد؟! أنا بدوّر عليك من فترة!"
قالها نادر بصوت مليء بالقلق، وهو يقترب من صديقه.
رفع أحمد رأسه نحوه، وعيناه تلمعان بفرحٍ ظاهر:
"فيه حاجة حصلت!" قالها بلهفة،
وأضاف: "كنت عايز آخد رأيك في موضوع... تعال نروح الكافيتيريا."
ابتسم نادر، وقال وهو يربت على كتفه:
"يلا بينا... وأنا كمان عايزك في موضوع مهم."
جلسا معًا، وسرعان ما بادر نادر بالسؤال:
"خير يا أحمد؟ شايفك مبسوط!"
ضحك أحمد بسعادة غامرة، وقال بصوت يملؤه الفرح:
"أنا طلبت إيد شَهد... وباباها وافق، وحدد معايا ميعاد أروح فيه أنا وأهلي!"
قفز نادر من مكانه، واحتضنه بحرارة:
"ألف ألف مبروك يا صاحبي! والله تستاهل كل خير."
ضحك أحمد بحرارة، ورد قائلاً:
"ولا منك يا صاحبي... عقبال ما أفرح بيك إنت كمان!"
تنحنح نادر قليلاً، وقال بجدية:
"ما هو ده الموضوع اللي كنت عايزك فيه يا أحمد."
نظر إليه أحمد باهتمام:
"خير؟!"
تنفس نادر بعمق، ثم قال بتصميم:
"عايز أتجوز لمار."
أحمد، وقد انفجر ضاحكًا:
"إنت أهبل؟! ما هي مراتك يا نادر!"
قال نادر بإحراج واضح:
"ماشي يعني... أتجوزها رسمي، جواز بجد بقى! أفهم يا أخي."
قطّب أحمد جبينه، وقال متسائلًا:
"قصدك يعني فرح ودخله ؟"
هز نادر رأسه:
"أيوه."
أحمد، وقد بدأ يفكر:
"طيب، مافيش مشكلة. فاضل 3 أسابيع ونسلّم المشروع، ووقتها تعمل فرحك على طول."
لكن نادر هز رأسه بعناد:
"لا... ماعادش عندي صبر. أنا جبت آخري."
رفع أحمد حاجبيه بدهشة:
"يعني إيه؟"
تنحنح نادر وقال بصوت منخفض كأنه يخطط لعملية سرّية:
"نجيب فستان... ونخرج أنا وهي وأهلي... وإنت. نتعشّى في مكان كويس، وناخد كام صورة، وأروح بيها!"
صرخ أحمد بدهشة:
"إيه ده؟! وليه كل ده؟!"
رد نادر بجديةٍ مضحكة:
"أولاً: لأن باباها لسه متوفي.
و ثانيًا: لو ما اتجوزتش اليومين دول... هانحرف! و هتلاقيني ملفوف في ملاية!"
اتسعت عينا أحمد، وقال بذهول:
"نهارك أسود! إنت اتجننت رسمي!"
ضحك نادر وقال بمزاحٍ خفيف:
"شوفت بقى؟! لكن لو جوزتني، هتشوف نادر تاني خالص... حاجة كده من الخيال!"
ضحك أحمد أخيرًا، وهو يربت على كتف صديقه:
"بس بس خلاص... هتدبّر! والعزومة عليّا!"
*********
جلست نَسمة جوار أخيها وهي سعيدة لسعادته، وكانت حنين تجلس بينهما.
هتف مروان برضى:
"مبروك يا بوص."
رد أحمد مبتسمًا:
"الله يبارك فيك يا مروان، الفضل بعد ربنا يرجع لتشجيعك."
ضحك أيهم وقال مازحًا:
"وادعيلي يا أبو حميد ألاقي البنت اللي تقدر تلمني. نفسي أتلَم بقى!"
ضحك أحمد على كلماته:
"مسيرك تلاقيها... بس صفّي النية."
أيهم في نفسه وهو يتابع حديث نَسمة:
"لقيتها... بس بعد فوات الأوان."
ثم وجه أحمد حديثه إلى مروان قائلًا:
"نادر هيتجوز بعد بكرة، فعايز نَسمة وشَهد ييجوا معايا."
سأله مروان بدهشة:
"مش ده المهندس اللي معاك في المشروع؟! وإزاي هيتجوز وأنا ما عنديش خبر بالإجازة؟"
رد أحمد ببساطة:
"آه، هو... بس مش هياخد إجازة ولا حاجة."
قال مروان باستفهام:
"مش بتقول فرحة؟!"
رد أحمد موضحًا:
"نادر ظروفه صعبة... هي هتلبس فستان فرح، وهيتعشوا برّه، ويروحوا على بيت باباه."
هتف أيهم بذهول:
"اللي هو إزاي يعني؟!"
شرح أحمد بهدوء:
"البنت يتيمة، ملهاش أهل، وهو كاتب كتابه وعايش معاهم في نفس البيت. بس لأن البيت صغير، هو بينام معايا في الشقة، وهي مع أهله. عشان كده عايز نَسمة تكون معايا، عشان تحس بالعزوة والفرحة."
زاد فضول أيهم فقال:
"أنا كنت عايز أعرف... بس هيتجوزها إزاي وهي عند أهله وهو عندك؟"
أحمد، برجاء واضح:
"أنا قلت هستأذن مروان أسيب له الشاليه أسبوع، و أقعد في أي فندق وأتابع الشغل مكانه، وعلى ما يرجع أكون و ضّبت الشقة،
اللي انا قاعد فيها أنا دافع سنتين مقدم وهو بعد كده يدفع إيجارها لحد ما يعرف يوقف على رجليه.
حقيقي صعبان عليّ جدًا... نادر جدع و إنسان خلوق، بس الدنيا جاية عليه."
هتف أيهم بما لم يتوقعه أحد منه، أو أن يفكر بتلك الطريقة:
"خلاص، أنا هشارك معاك... العفش بتاع الشقة كله عليّ."
نظر إليه أحمد بفرحة:
"دي لفتة جميلة منك يا أيهم، بجد مش متوقعة منك."
ثم أكمل معتذرًا:
"آسف، مش قصدي إنك بخيل، لا... أنا بتكلم على إنك شخص بتاع ضحك وهزار، وتفكيرك مش بيوصل للنقطة دي. حقيقي... فخور بيك."
أضاف مروان مؤيدًا:
"وأنا كمان... ونعمل له حفلة عائلية نحضرها معاه، ده كان رأيي."
نَسمة، بسعادة وهي تتعلق بذراع مروان، قالت بحماس:
"الله يا حبيبي... ده هيفرح قوي."
شعر أحمد بفرحة عارمة من أجل صديقه، وتمتم :
"قولي يا رب... يتحمل المفاجأة ومايموتش فيها قبل ما يفرح بالعروسة."
ضحك الجميع، وتمنّوا له السعادة.
********
جلس نادر جوار لَمار في الصالة، لقد أحبّها بشدة، وتمنّى أن يُلبي لها كل شيء من أجل سعادتها... لكن ما باليد حيلة.
تحدث إليها بحنان:
"حبيبتي، أنا كان نفسي أعملك أجمل فرح، و أدخلك على شقة جديدة زي كل العرايس... بس إنتِ عارفة الظروف."
هتفت بخجل، وعيناها تلمعان بامتنان:
لقد أهداها والدها الراحل أعظم هدية عندما وضعها بين يدي هذا الرجل الحنون، الذي أغدق عليها الحب والاهتمام، وأهداها بيتًا وعائلة هادئة محبة.
رغم فقرهم، وجدت بينهم كل ما تمنّت...
قالت بصوتٍ دافئ:
"السعادة مش في الحاجات دي... أهم حاجة إني أكون معاك."
قام نادر باحتضانها:
"بجد يا لَمار؟ يعني مش هتندمي على ارتباطك بيا؟"
هزّت رأسها نفيًا بابتسامة مطمئنة.
اقترب منها، وقبّل جبينها، قبل أن يقطعهما صوت والده من خلفهما:
"ما تنساش إن معاك بنات في البيت... بكره تقفل عليك بابك."
تحمحم نادر بإحراج:
"آسف يا بابا."
ابتسم له والده و احتضنه:
"مبروك يا حبيبي. كان نفسي أعملك أحسن حاجة... بس إنت شايف الظروف."
انحنى نادر يقبّل يد والده:
"أنا كلي من خيرك يا ولدي... ربنا ما يحرمنّاش منك."
ثم التفت الأب إلى لَمار، وربت على كتفها:
"ألف مبروك يا بنتي."
ارتمت في حضنه، وبكت وهي تقول:
"الله يبارك فيك يا بابا."
مسح دموعها بيده وقال بلطف:
"ده مش يوم عياط يا لَمار... إحنا عايزين نفرح يا بنتي، كفاية حزن لحد كده."
ثم وجّه كلامه إلى ابنه:
"إنت متأكد إن أحمد هيسيبلك الشقة الأسبوع ده؟ ولا هنعمل إيه؟"
أجاب نادر بثقة:
"أحمد راجل... وما يرجعش في كلمة يقولها."
********
ثاني يوم في الشركة
دخل عليه أحمد إلى الشركة وهو يهتف بمرح:
"أخبار عريس الغفلة إيه؟"
ابتسم نادر قائلاً:
"بخير... الحمد لله."
جلس أحمد أمامه، واضعًا قدمًا فوق الأخرى، وقد بدا عليه أنه ينوي التلاعب بمشاعره:
"متأكد؟"
وقف نادر يدور حول نفسه بخيلاء:
"ما أنا قدامك أهو... زي الفل."
نظر له أحمد بامتعاض:
"والله أنا حاسس إنك هتفضحنا... وهتبرّا منك."
قال نادر وهو يُعدل ياقة قميصه بثقة:
"لا... أنا راجل، و عجبك قوي."
وقف أحمد وهو يهتف بسخرية:
"كله بكرة هيبان، وربنا يستر... و العروسة ما تغنيش 'أنت ما بتعرفش'!"
وضع نادر يده على فم أحمد بسرعة:
"الله يخرب بيتك... هتفضحني في الشركة!"
ضحك أحمد بقوة:
"يعني إنت عارف نفسك! خلاص... إن الله حليم ستّار."
ثم تحدث بجديّة:
"باباك وأخواتك هيجوا إزاي؟"
رد نادر مطمئنًا:
"كلمت واحد صاحبي... هايمشي ورايا."
هتف أحمد وهو يربت على كتفه:
"وأنا هزوّق العربية يا برنس... ولا تزعل."
قال نادر بمحبة:
"ربنا يخليك ليا يا صاحبي... لو كان ليا أخ، ما كنتش هحبه زي ما بحبك."
أجاب أحمد بغرور مصطنع:
"طبعًا يا بني! أنا أتحب على طول... شاب، طول بعرض، وعيون خضرا! دانتَ لو ما حبتنيش تبقى أعمى القلب والنظر!"
قال نادر بتهكم:
"أنت عارف أكتر حاجة بحبها فيك إيه؟"
لم يرتَح أحمد لكلمته، لكنه سأل بفضول:
"إيه؟"
رد نادر، وقد عوَج فمه مازحًا:
"تواضعك يا أخويا!"
وضحك الاثنان بحب.
**********
نادى أحمد باستعجال:
"يلا يا نَسمة خلّصي... فين شَهد؟"
جاءه صوتها من خلفه:
"أنا جاهزة."
التفت لها بنظرات مليئة بالحب، وقال مبتسمًا:
"عُقبالك يا قلبي."
تورّد وجهها من الخجل، وقبل أن ترد، قاطعهم صوت ساخر:
"أحم أحم... نحن هنا يا بشر! راعوا السنجل المَعاكم!"
هتفت نَسمة وهي تنزل درجات السلم مازحة:
"استغفر ربنا واهدى... وأنت هتلاقي بنت الحلال على طول."
ردّ مازحًا بمرح:
"تُبتُ إلى الله و ندمتُ على ما فعلت!"
وجّه مروان سؤاله إلى أحمد بجدّية:
"كل حاجة جاهزة؟"
أجابه أحمد بثقة:
"كله تمام يا باشا، كفاية إن معاليك هتشرّفنا والله!"
ضحك مروان وقال:
"أنا حاسس إنك العريس... مهتم بكل حاجة!"
رد أحمد مبتسمًا:
"طبعًا... فرح صاحبي هو فرحي."
***********
في المساء
وقف نادر مذهولًا وهو ينظر إلى السيارة أمامه، ثم تساءل بدهشة:
"عربية مين دي يا أحمد؟!"
غمز أحمد بشقاوة، وقال:
"عربية مروان."
بدأ نادر يرقص بسعادة مرددًا:
"الله! الله! والله و باضتلك في القفص يا واد يا نادر... و هتتزف في عربية ملوكي!"
ضربه أحمد على كتفه بمرح وقال:
"عدّ الجَمايل يا عم!"
ركب أحمد السيارة، وجلس نادر إلى جواره. توقّفا أمام الكوافير في انتظار لمار.
نزلت لمار، وخلفها أخواته، وشهد، و نَسمة.
فرح نادر كثيرًا بتواجدهم، وهتف بسعادة:
"إزيك يا مدام نَسمة؟ إزيك يا آنسة شهد؟ عقبالك!"
ردّت كل من نَسمة وشهد في وقت واحد:
"ألف مبروك!"
وفجأة، سمع خلفه صوت كلاكسات سيارات قوية، فالتفت ليرى أيهم وسيف يخرجان من السيارة، و يطلقان الأعيرة النارية في الهواء، وهما يهتفان بصوت مرتفع:
"ألف مبروك يا عريس! عايزينك تشرفنا!"
نزل مروان وفريد بدورهما، وقالا بصوت واحد:
"ألف مبروك يا نادر."
وقف نادر وهو لا يصدق ما يحدث. لقد حضر صفوة المجتمع يشاركوه فرحته المتواضعة، بتواضع كبير.
تقدّم مروان نحوه، و مدّ له يده، وقد لاحظ صدمته، فابتسم وهو يكرر:
"ألف مبروك يا نادر."
ظل نادر ينظر إليه، لكنه كان في حالة صدمة منعته من الرد أو السلام، مما جعل أحمد يزغده في كتفه وهو يقول:
"نادر، مدّ إيدك!"
********
فاق نادر من صدمته وهو يهتف بتلعثم:
"الله يبارك فيك يا مروان باشا... ده شرف ليا إن حضرتك موجود معايا. ما تتصورش أنا فرحان قد إيه."
ابتسم مروان بابتسامة جذابة، وقال ببساطة:
"أنا دلوقتي صديق."
نظر نادر إلى أحمد بحب وامتنان، شكره بعينيه دون أن ينطق.
"يلا يا جماعة!" قالها أحمد.
ركب الجميع السيارات، وظلوا يحتفلون بالكلاكسات والمناورات المرِحة فيما بينهم.
تحرّك خلفهم صديق نادر بسيارته، بينما كانت والدة نادر تراقب المشهد بدهشة، و تهتف:
"إيه ده يا أبو نادر! هم دول أصحاب ابنك؟! شكلهم ولاد ناس أوي!"
رد جارهم بتعجّب:
"فعلاً... ده ثمن العربيات اللي راكبينها يشتري الحي بتاعنا!"
********
عند نادر، قال مستنكرًا:
"أنت رايح فين يا أحمد؟ ده مش طريق الكافيه!"
رد أحمد بابتسامة خفيفة:
"خليك في عروستك يا نادر... و سيب نفسك ليا النهارده."
وصلوا أمام مطعم فخم، ونزل الجميع.
كانت لمار ونادر ينظران إلى المكان بانبهار.
نظرت لمار إلى نادر بعينين مبهورتين من روعة ورُقي المكان، وسألته بدهشة:
"إيه ده؟ هو ده حقيقي ولا أنا بحلم؟"
خرجت كلمات نادر بصعوبة، تُعبّر عن حالته التي لم تكن تقلّ عنها اندهاشًا:
"شكل أحمد عامل فيّا مقلب... وبدل ما أتجوز، هغسل مواعين هنا سنة عشان أسدّد ثمن العشاء!"
وصله صوت أحمد الساخر من خلفه:
"لأ، أكتر من خمس سنين يا خفيف!"
فاق نادر من ذهوله وهتف بضيق:
"أنت رامي ودانك معانا ليه؟ واحد ومراته مع بعض، بتتحشر ليه؟ خليك في شهدك... وسيبني في المصيبة بتاعتي."
وصلوا إلى قاعة مفتوحة، مُزينة بالورود والبالونات.
وفجأة، بدأ تشغيل أغنية "طلّي بالأبيض طلّي"، وظهر شابان من طاقم العمل يحملان المشاعل لتغيير الدبل، وسط تصفيق وسعادة من الجميع. ثم جلسوا مرة أخرى.
أخرج مروان شنطة صغيرة من جواره،
وأعطاها لنادر قائلاً:
"ألف مبروك... دي هدية جوازك."
أخذها نادر وهو يشكره، ثم فتحها وجد علبة قطيفة بها طقم من الذهب.
قال بدهشة:
"نادر بس ده كتير يا فندم..."
قاطعه مروان بابتسامة هادئة:
"دي حاجه بسيطه."
تحدثت والدة نادر بتلقائية:
"فرّجني كده يا نادر."
ناولها العلبة، فقالت وهي تتأملها بإعجاب:
"بسم الله ما شاء الله... تسلم يا بني، و تتردّلك في الفرح!"
ثم التفتت إلى ابنها وقالت:
"مش قولتلك سيبها على الله؟ إنت كنت زعلان علشان ما جبتش شبكة، ربنا بعتلك الأحسن منها!"
نادر، وقد شعر بالحرج:
"خلاص يا أمي..."
هتفت نَسمة، تخرجه من إحراجه:
"يلا، لبّسها الشبكة."
قام نادر بتلبيس لمار القطع، ما عدا الحلق، وتركه في العلبة لأنها محجبة.
كانت والدته تزغرد، وأحمد يصوّر فيديو للمناسبة.
جلس الجميع على طاولة مستديرة، وقاموا بتشغيل أغنية رومانسية.
طلب أحمد من نادر أن يرقص مع لمار على أنغامها، حتى يصوّرهم في فيديو خاص بهم.
طلب مروان من نَسمة أن تُشاركه الرقصة، كما أخذ فريد يد شَهد لتُشاركه الرقصة أيضًا، تحت عيون أحمد الغيورة.
همس أيهم في أذن أحمد مازحًا:
"الواد فريد ده برنس... أخد منك المِزّة وسابك!"
رد أحمد بنبرة هادئة لكنها حاسمة:
"مسيرها تكون ليا... ومش هخليه حتى يشوفها!"
نزل العشاء وسط جو من السعادة، وبارك لهم الجميع.
أخذ نادر يد لمار و توجها إلى السيارة، ليجدا السائق الخاص بمروان بانتظارهما.
مال نادر على أحمد وهمس:
"أنت هتروحني في تاكسي ولا إيه؟"
أجابه أحمد وهو يغمز له بشقاوة:
"لأ، متورجل يا خفيف!"
ثم قام بفتح باب السيارة قائلًا:
"اتفضل يا باشا... الليلة ليلتك، و رّينا همتك!"
تورّد وجه لمار من الخجل، بينما قام نادر بمساعدتها على إدخال فستانها في السيارة، ثم جلس إلى جوارها.
صفّر الشباب لهما بحب، و تحركت السيارة بقيادة السائق، بينما توجه باقي الأصدقاء إلى سياراتهم.
بعد قليل، لاحظ نادر أن السيارة تسلك طريقًا خارج البلدة، فعلم أنه طريق شرم الشيخ.
سارع بالاتصال على أحمد ليتأكد، لكنه لم يتلقَ ردًا.
حاول مرة أخرى، لكن أحمد أغلق الهاتف حتى لا يُفسد المفاجأة.
في سيارة مروان
قالت نَسمة بإعجاب:
"العروسة جميلة وهادئة... ربنا يسعدهم."
هتفت شهد برومانسية:
"باين عليه بيحبها."
ثم أضافت:
"مين كان يصدق الصدفة الغريبة دي؟"
وقصّت عليهم ما حدث سابقًا.
قال مروان مستغربًا:
"فعلاً، صدفة غريبة... والأغرب إن باباها يعرض بنته على واحد ما يعرفوش!"
ردّت نَسمة بثقة:
"هو فعلاً ما يعرفوش، بس شاف فيه الشهامة والرجولة... ودي بقت حاجة نادرة اليومين دول."
فجأة، صرخت نَسمة بصوت مرتفع:
"حاسب يا مروان!!"
***********
يتبع
نسمه متمردة
بقلمي أمل مصطفي
البارت - ٢٣
**********
صرخت نَسمة برعب:
– حاسب يا مروان!
توقف مروان فجأة عندما وجد سيارة كبيرة تقف أمامه، وينزل منها أربعة رجال ملثمين.
تحدث بلهفة:
– متخافيش يا حبيبتي.
نظر أحمد خلفه، فوجد سيارة فريد تقف، وخلفها سيارة أخرى.
قال مروان وأحمد في نفس الوقت:
– ممنوع واحدة منكم تنزل من العربية، مهما حصل، حتى لو مُتنا قدامكم!
نزل مروان وأحمد بدون ذرة خوف، وكذلك سيف وأيهم، وفريد الذي سحب سلاحه مثل أيهم، وأعطوا ظهورهم لبعض.
تحدث مروان بقوة:
– أنتم مين؟ وعايزين إيه؟
رد أحدهم:
– إحنا جايين ناخد البنت دي، وهو يشاور على نَسمة، وماشيين من غير مشاكل.
اشتعل الغضب بقلب الجميع، بينما صرخ مروان بصوت بثّ بهم الرعب:
– بنت مين اللي تاخدها؟! أنا هاخد روحك إنت ورجالتك!
الوقت لم يعطه فرصة للتحدث، فسحب سلاحه وضربه بالنار، فكانت نقطة الانطلاق، واشتبك الجميع.
********
جذب أحمد أقربهم إليه وضربه بقوة وعنف، وهجم الآخر على مروان الذي صد هجومه بكل الغضب والغيرة داخله.
وأيهم ضرب أقربهم له بقوة، فوقع سلاحه، فألتقطه إيهم وضرب به النار، واستمرت المعركة.
التفت أحمد، فوجد أحدهم يوجه سلاحه لفريد، فأبعده أحمد، ولكن الرصاصة انطلقت واستقرت في ذراع أحمد، فتحول قميصه من الأبيض إلى اللون الأحمر من الدماء.
فتحت نسمه الباب وركضت في اتجاه أخيها، وفجأة توقف كل شيء من صرختها المتألّمة.
نظر لها الجميع برعب، ووجدوا نسمه أمام آحد الملثمين الذي هجم عليها لتتفادي هجومه و تلكمه وقبل أن تتحرك جذبها من حجابها و صفعها .
ما عدا أيهم، كان الأقرب لها و الأسرع، عندما اقترب من ذلك المجرم الذي تجرأ و صفعها، قام أيهم بكسر عنقه بسرعة دون أن يرمش له جفن.
ركضت نسمه على أخيها برعب ولهفة، وقالت: "أنت كويس؟ الرصاصة فين؟"
********
تحدث مروان بغضب وهو يصرخ في وجهها:
«مش قولت لو موتنا ما تفتحيش الباب؟»
أحمد، وهو يضم أخته:
«أنا كويس يا حبيبتي، متخافيش.»
نظر لمروان وقال:
«حصل خير يا مروان.»
اتجه فريد إلى أخته المرعوبة داخل السيارة، ودموعها تسيل بقوة:
«متخافيش يا شهد، تعالي.»
ردت بجزع وامتقع وجهها من الرعب:
«لم تستطع الحركة... أحمد مات، مش كده؟»
عرف فريد مدى عشقها له، وقال لها:
«لا يا قلبي، هو بخير. فداني، والرصاصة جات في كتفه.»
نظرت له بتیه، وكأنها تسأل:
«يعني أحمد مات ولا كويس؟ رد عليا.»
أحمد، وهو يجلس أمامها على إحدى ركبتيه:
«أنا بخير يا حبيبتي، بصي ليا.»
شهد، وهي تتأمل جسده بعينيها لترى مدى إصابته،
ابتسم أحمد بألم:
«أنا كويس قدامك أهو، متخافيش.»
******
عند نادر
توقفت السيارة أمام باب الشاليه، ونزل السائق.
قام بإخراج حقيبة كبيرة من السيارة وتوجه بها إلى باب الشاليه.
قال نادر:
«شكرًا، تعبناك معنا.»
رد السائق باحترام:
«العفو.»
كان نادر يفتح الباب وهو يحدث مار قائلاً:
«أنتِ كنتِ عارفة؟»
ردت لمار بعدم فهم:
«عارفة إيه؟»
استفسر نادر:
«مش أنتِ اللي مجهزة الشنطة دي؟»
قالت مار:
«لا، مش عارفة مين جابها. أنا وماما جايبين حاجات بسيطة.»
كان الباب مزينًا بالورود، وفي الوسط لوحة كتب عليها: "زواج سعيد".
ابتسم نادر، وعلم أن هذا من تخطيط صديقه وأخيه، الذي أنعم الله عليه به على كبر.
فتح الباب، وجد بالونات على شكل طريق، بينها سهم يتجه إلى غرفتهم.
احتضن يدها بيده، وهي مصدومة من نظافة وجمال المكان.
فتح باب الغرفة، وكانت...
**********
وقف أحمد وابتسم لشهد، فقامَت وارتمت في حضنه.
كان أحمد مصدومًا، وأبعد يده عنها قائلاً:
«شهد، ما ينفعش كده، أنا ما حلّلكش يا مجنونة.»
رجع أحمد خطوةً إلى الخلف.
شعرت شهد بالخجل من فعلتها، وقالت:
«أنا آسفة، ما كنتش أقصد.»
نظر له فريد باحترام، لأنه يعلم مدى حبه لأخته، ورغم ذلك لم يستغل اقترابها منه.
قال أحمد بألم:
«حصل خير.»
قال مروان:
«يلا يا جماعة، نروح المستشفى.»
ركب الجميع السيارة، وفي المستشفى قال الطبيب:
«الحمد لله يا جماعة، الرصاصة خرجت، ونظّفنا الجرح وما فيش حاجة تخوف.
ده مسكن شديد، لأن الجرح هيألمك كام يوم، واحتمال تسخن.»
تحدثت نسمه بإصرار:
«أنت هترجع معانا عشان أخد بالي منك.»
ضمها أحمد وهو يرى الخوف في عينيها وقال:
«الموضوع مش يستاهل خوفك ده.»
هتفت بترجِّي:
«عشان خاطري، أنا مش هكون مرتاحة وأنت بعيد.»
قالت مروان :
«خلاص يا أحمد، أنا كده مش هعرف أنام من قلق أختك، أرحمني يا أخي.»
أحمد مستسلم :
«خلاص يا نسمه، هاجي معاكم.»
*********
دخل نادر الغرفة، وجد طاولة عليها شموع وعشاء رومانسي.
قالت لمار بانبهار:
«المكان تحفة يا نادر، أنا ما كنتش أتخيل أشوف مكان زي ده في الواقع. دايمًا بشوفه في التلفزيون وما كنتش بصدق إنه حقيقة.»
شعر نادر بالسعادة لسعادتها، وقال:
«وأنا ما كنتش أتخيل ليلة فرحنا تكون بالجمال والرومانسية دي. ربنا يسعدك يا صاحبي.»
اقترب منها واحتضنها:
«ربنا يقدرني وأسعدك يا عمري، وأعيشك كل اللي كنتي بتحلمي بيه.»
ثم قام بتقبيلها برقة ونعومة أذابتها، وبعد فترة تركها، فلم تستطع رفع عينيها من الخجل.
قال نادر بمرح:
«تعالي نغير ونصلي، عشان عايز أقولك كلام كتير في بقك.»
رفعت عينيها بدهشة، فقال لها مازحًا:
«بتبصي كده ليه؟ قصدي ودانك أنتي سمعك تقيل ولا إيه؟ يلا يلا قدامي.»
ضحكت لمار، وتوجها لفتح الشنطة، وجدوا بداخلها ورقة كبيرة عليها وجه يغمز ومكتوب:
"الليلة ليلتك يا معلم، يارب تشرفنا."
وبها الكثير من الملابس لهم، وجدت لمار إسدالًا، ووجد نادر ملابس بيتية والكثير من قمصان النوم.
سألها نادر:
«مش أنتِ الجايبة الهدوم دي؟»
تمتمت لمار بدهشة:
«لا، أول مرة أشوفها.»
شعر نادر بغيرة شديدة وغيظ، وقال في نفسه:
«ليلِتك سوداء يا أحمد.» ثم قام بالاتصال عليه.
كان أحمد يستعد للنوم بعد أخذ العلاج، عندما ارتفع رنين هاتفه، فابتسم وهو يتحدث:
«عريس الغفلة بيكلمني.»
«الوقت بدل ما يشوف شغله، إيه محتاج حباية زرقاء!»
تخطى نادر المرح، وهتف بغيظ:
«أنت اللي جايب الهدوم دي؟»
رد أحمد ببراءة:
«أه.»
هتف نادر بغضب:
«وأنت إزاي يا بشهندس يا محترم تشتري لمراتي قمصان نوم؟»
رد أحمد ببرود:
«هو فيه واحد يتجوز من غير الحاجات دي؟»
قال نادر:
«أحمـاااد!
أحمد بجدية ::
في إيه يا بني؟ والله أنا ما شوفت أي حاجة من اللي في الشنطة دي.»
أضاف أحمد:
«نسمه وشهد هن نزلوا اشتروا، وأنا جبت هدومك والورقة، وهم حطوها مع حاجتها، بس ده اللي حصل.»
قال نادر بحرج من طريقته:
«آسف يا صاحبي، أنا اتضايقت لما حسيت إنك شوفت الحاجات دي.»
*********
دخلت نسمه غرفة أخيها في الصباح، ووجدت حرارته مرتفعة.
جلست بجواره تعمل له كمادات وحقنة خافضة للحرارة.
دخل مروان، فوجدها جالسة، وقال:
«إيه يا نسمه؟»
ردت:
«كانت حرارته عالية، بس الحمد لله أعطيته علاجه والحرارة نزلت الصبح.»
مروان، وهو يقبلها:
«طيب، أنا رايح الشركة وهكلمك أطمن عليه.»
قالت له نسمه:
«ماشي يا حبيبي، تروح وترجع بالسلامة.»
*********
تحدث مروان بغضب وصوت مرتفع:
« لأزم أعرف من بعتهم.»
رد إبراهيم باحترام:
تمام يا باشا.»
قال مروان:
«تمام دقائق وأكون .»
دخل سيف وسأل مروان:
«ما لك يا مروان؟ رايح فين ؟»
جمع مروان أشيائه وقال:
«لازم أعرف مين دول ، ومين تجرأ وبص لمرأتي وعايز يخطفها .»
رد سيف:
«أنا جاي معاك.»
قال مروان:
«لا، خليك ،أنا مش هتأخر.»
وصل مروان وقابل رجال إبراهيم، فقالوا:
«عملنا معاهم كل حاجه وبرده مش عارفين مين بعتهم .»
شعر مروان بالغضب، وجذب اقربهم انهال عليه بالكمات يخرج فيه غضبه وغيرته التي تشتعل عندما يتخيل ماذا يحدث لها لو تمكنوا من خطفها .
قال مروان:
«لو متكلمتش عقابك عندي هيكون اصعب من الموت .»
رد الرجل بخوف:
والله يا باشا احنا بنتواصل مع العميل عن طريق النت بناخد الصور ونحدد مكان يتحط فيه الفلوس
ونحدد ميعاد نكلمهم فيه لو العمليه تمت ولو متصلناش يبقي فشلت والعميل بيتلف كل طرق التواصل علشان ميتمش كشفه
وقف مروان في حالة هياج لعدم وصوله للمجرم الحقيقي ومعني ذلك أن حياتها مازلت في خطر
-********
في اليوم التالي، قالت نسمه بقلق:
«أنا همشي، إزاي يا مروان؟»
رد مروان بحنان:
«معلش يا حبيبتي، أنا مش هكون مطمئن غير كده. فلو سمحتي، ريحيني.»
قالت نسمه:
«يا حبيبي، كله نصيب. لو ربنا أراد خطفي، دول مش هيمنعوا.»
ضمها بقوة وقال:
«أنا مش ممكن أسمح لحد يآذيكي. ممكن أسيب شغلي وأوصلك كل مكان أنتي عايزاه.»
رفعت نسمه يدها لتلمس وجهه، وهي ترى قلقه وخوفه عليها، وقالت:
«خلاص، عشان خاطرك أنا موافقة، رغم إنها حاجة تخنق.»
قبل يدها التي تحركت على وجهه بنعومة، مما أثاره.
قال مروان:
«لو ماكنش ورايا اجتماع مهم، كنت قطعتك دلوقتي يا سوسو، بس بقيلك عمر.»
ضحكت نسمه وقد فهمت قصده، واقتربت منه أكثر.
قبلته بجانب شفتيه وغمزت بطريقة مثيرة، وقبل أن تتحرك وتبتعد، جذبها إلى صدره بقوة.
قال لها:
«أنتي اللي بدأتي.»
قام بإلتهامها بلهفة وسعادة.
حاولت نسمه إبعاده وقالت:
«مروان، أنت عندك ميتنج مهم، خليك لما ترجع.»
تمادى مروان في تقبيلها ويده تتحرك على جسدها بإغراء ومتعة، وقال:
«كنتي لازم تقولي لنفسك كده قبل ما تثيريني.»
هتفت نسمه من بين ضحكها:
«والله ما قصدت، أنا كنت بدلع عليك بس.»
رفعها مروان بين يديه وقال:
« دلعك ، ده اللي بيجنني يا قلبي.»
*********
مرت الأيام، وتحسن أحمد، ونادر غارق في العسل، وأيهم يتخبط في مشاعره، وشهد تنتظر يوم ارتباطها بفارغ الصبر.
كانت نسمه تتحدث عبر الهاتف:
«لا يا بابا، حضرتك هتركب الفجر، توصل على الظهر، ترتاح ساعة وبعد كده نتغدى ونروح من عندي، وإلا مروان هيزعل. خلاص يا حبيبي، هستناكم، سلام.»
تابعت مكالمتها بابتسامة، وبعد الانتهاء هتف مروان :
«حبيبي، أنت يا مسيطر.»
وقفت تمثل الغرور، وقالت:
«طبعا أنت بتشك في إمكانياتي.»
رد مروان:
«لا طبعا يا قلبي، أنا أكتر واحد واثق في إمكانياتك. أنتِ سر باتع و تأثيرك باين على الكل.»
رفعت إحدى حاجبيها، وردت بسخرية:
«حاسس بسخرية في كلامك.»
قال مروان:
«لا، وحياة الغاليين، وأنا أكبر مثال، أنتِ أسرتيني.»
سألت نسمه:
«ليه دايمًا تقول كده؟»
اقترب منها و أحتضنها قائلاً:
«لأنها الحقيقة. أنتِ ملكتيني، جسدًا وروحًا وعقلًا، بكون مسلوب الإرادة قدامك. مروان رجل الأعمال االقوية اللي الكل بيخاف منه و بيعمله حساب، معاكِ بيكون واحد تاني، أنا معرفوش. غريب عليا بس بحب ضعفه معاك.»
*********
استعد الجميع للذهاب إلى فيلا حمزة، عم مروان.
كان أحمد يشعر و كأن قلبه يخرج من شدة سعادته. ارتدى بدلة رمادية أظهرت وسامته بشدة، وحمل بين يديه بوكيه ورد وعلبة شيكولاتة فاخرة.
رافقه والده ووالدته، ومروان، و نسمه، وسهير، ووجدي.
كان في استقبالهم حمزة، وفريد، ووالدة شهد، حياة.
رغم رفض حياة لهذا الارتباط غير المتكافئ من وجه نظرها، إلا أنها أعجبت بوسامته الشديدة وطريقة لبسه التي تدل على ذوق رفيع.
جلس الجميع في الصالون، وأتت شهد مع إحدى الخادمات لتقديم واجب الضيافة، وهي لا ترفع عينيها من الخجل.
كانت هيام أول من تحدثت، وقامت باحتضان شهد:
«ما شاء الله يا حبيبي، ذوقك حلو أوي.»
جلست شهد بجوار نسمه، و مسكت يدها تخفف من توترها.
قال خالد مخاطبًا حمزة:
«إحنا جايين النهارده ويشرفنا نطلب إيدي كريمتكم شهد لإبني أحمد.»
رد حمزة:
«الشرف لينا، ابنك ما شاء الله راجل يشرف أي بيت، وأنا أعطيه بنتي وأنا مغمض.»
وقال فريد:
«ويشرفنا أنه يكون واحد من علينا.»
قال أحمد:
«الشرف لي أنا، وشهد هتكون جوا قلبي وعيوني.»
نظرت حياة إلى حمزة بضيق، فهي قد بدأت لعبتها.
تحدث أحمد بأدب:
«كل طلباتكم أوامر، شهد عندي جوهرة غالية، ومافيش حاجة تغلي عليها.»
قالت حياة:
«مبدئيًا كده، أنا عايزة خاتم سوليتير زي بنت خالتها، وطقم ألماس.»
شعرت والدة أحمد ووالده بالضيق من طريقة حياة، لكنه ترك الرد لإبنه.
قال أحمد:
«بصي حضرتك، أنا لو بإيدي هجبلها كل حاجة نفسها فيها، بس أنا ماليش دعوة ببنت خالتها ولا بنت عمها. هي هتعيش على قد ظروفي. مش معناه إني مش هجيب شبكة، لأ، هجيب و هجيب حاجة كويسة كمان، بس برضه على قد إمكانياتي.»
ردت حياة:
«طيب، و القاعه أنا هعملها في ***، وعشان ما تقولش إمكانياتي إحنا هنشاركك فيها.»
رد أحمد بغضب:
«لا حضرتك، أنا راجل و ماسمحش لأهل مراتي يصرفوا عليا جنيه. أنا مش معدم، الحمدلله ظروفي كويسة ومش محتاج مساعدة من حد.»
كان هذا الكلام أمام ضيق الجميع.
حياة، محاوِلة استفزازه لتنهي هذا الارتباط، لكنه فهم ذلك ولم يعطها تلك الفرصة.
طيب والفيلا عايزها قريبه من هنا
قال أحمد بهدوء وزفر:
«أولًا، أنا مش هجيب فيلا. ثانيًا، أنا عندي شقتي في بيت والدي. أنا كبير العيلة، ومش هتجوز بعيد عن أهلي، و وجودي هنا مؤقت.»
نظر الجميع إليه بفخر، و خصوصًا حمزة، فقد لمس فيه قوة الشخصية والرجولة، وأنه لم يرضخ لزوجته المتعصبة.
قالت حياة:
«يعني إيه؟»
رد أحمد:
«أنا موجود هنا لحد ما أعمل اسمي، وبعد كده هرجع أعيش في بلدي و أفتح مكتبي الخاص.»
********
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا