القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية السند الفصل الثالث3 الأخير بقلم امل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات

 رواية السند الفصل الثالث3 الأخير بقلم امل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات 





رواية السند الفصل الثالث3 الأخير بقلم امل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات 



#_ ٣

*********


حملها أمير بين ذراعيه بقلبٍ يعصفه القلق، وتوجه مسرعًا إلى سيارته. وقبل أن يفتح الباب، التفت إلى رامز، يتحدث بعنف واضح:


— "خليك هنا، كلّم الرجالة، ومتخليش حد يتحرك من المكان قبل ما تعرف كل حاجة عن الفيديو."


أومأ رامز برأسه دون نقاش، وبدأ يتحرك فورًا. أما فوزي، فكان يتبعه بخطوات مرتعشة، يلقي نظرات خاطفة على الجسد المسجّى بين ذراعي أمير، وكأن روحه خرجت معه.


وصلوا إلى المشفى، وهناك، أمسك أمير هاتفه وتحدث مع قسم الاستقبال بحدة وتركيز، يشرح لهم وضع الحالة، ويطلب منهم تجهيز غرفة العمليات فورًا.


أخذها الطاقم الطبي على الفور، بينما بقي أمير وفوزي في الخارج ينتظران. جلسا بصمت قاتل، قبل أن يوجه أمير نظراته الحادة إلى فوزي:


— "اقعد… وحكيلي كل حاجة عن هيثم… وعن شهد."


---


في نفس الوقت، كان رامز قد استدعى رجاله الذين وصلوا في لحظات. قبضوا على هيثم، وبدأوا معه جلسة من العنف لم يعرف مثلها من قبل. لم يصمد طويلًا، فانهار، وقصّ كل شيء.

طلب منه رامز أن يتصل بـ "عبقرينو"، ذلك الوغد الذي كان شريكًا في الجريمة، وجاء الأخير مسرعًا ظنًا أنه سيحصل على "نصيبه" من المال.


لكن عبقرينو لم يكن يعلم أن نصيبه الحقيقي…

هو انتقام عادل، من العزيز الجبار، الذي أرسل إليهم من يقتص لكل من تم استغلاله أو إيذاؤه على أيديهم.


---


اعتدل فوزي في جلسته، ثم بدأ يقصّ كل ما يعرفه بصوتٍ متهدج:


— "بص يا باشا…

هيثم ده، زي ما بيقولوا، زرع شيطاني. طالع لأمه، مش لأبوه.

أبوه الله يرحمه كان طيب، راجل محترم، لكن أمه… كانت شيطان.

كل يوم مشاكل مع الجيران، وبتجيب في أعراض الناس من غير وجه حق.

الراجل تعب منها، وكان ناوي يطلقها، لحد ما اكتشف إنها حامل. سكت، خاف على ابنه، ماحبش يطلع زيها.


لكن بعد عشر سنين… توفت .

جارتنا عرضت عليه واحدة، بنت يتيمة الأم والأب، كانت جارة لأختها.

عندها ٢٦ سنة، وفي المناطق دي يعني فاتها قطر الجواز.

المهم، اتجوزها… وكانت أخلاقها عالية.

عاملت هيثم كأنها أمه مش مرات أبوه، بس هو طالع غلاوي، شبه أمه في كل حاجة.


الجيران كانوا بيحبوها…

لسانها حلو، ضحكتها دايمًا مرسومة على وشها للصغير والكبير.

خلفت شهد، والحق يُقال…

مافرقتش بينهم، بس يعمل إيه الأصل لما يتربى مع قليل الأصل؟

عاشوا سنين في سعادة، لكن ده كان بيزود كره هيثم لشهد وأمها.


لحد ما في يوم…

الحارة كلها سمعت صريخ وتكسير.

الناس لمّت على باب الشقة، ولما دخلوا… كانت ماتت."


نظر أمير بذهول، وهو يتمتم:

— "قتل مرات أبوه؟!"


هز فوزي رأسه نافيًا:

— "لا، أبوه هو اللي قتل مراته…

هيثم الشيطان وسوس لأبوه  دخل الشك في قلبه إنها خانته.

ولأن ماكنش فيه حالة تلبس للخيانه  اتحكم عليه بـ 10 سنين سجن.


كان بيحبها جدًا، وماشفش منها حاجة وحشة طول عمره.


ولما فاق من لحظة الشيطان… ندم.


بعت لواحد كان بيثق فيه من الحارة، وحكاله كل اللي حصل، ووصاه على شهد، لأنه حاسس إنه هيموت،


مش قادر يستحمل فراق مراته… وفعلاً، جت له ذبحة، ومات."


تنهد فوزي بوجع، ثم تابع:


— "من وقتها، هيثم اتحكم في كل حاجة.

رفض أي حد يقرب منها، وكان بيستغل سلطته كأخ كبير.


بس أنا…

أنا عارف أخلاقها، وكنت متأكد إن اللي حصل غصب عنها.


الحارة كلها بتحلف بأدبها، وأخلاقها، وعفّتها.

اللي حصل، ماكانش منها…


كان من الشيطان اللي بيربيها."


بعد مرور يومين...


جلس رامز إلى جوار أمير، الذي بدا على وجهه التعب والإرهاق من قلة النوم، بينما تتأرجح في عينيه تلك النظرة التي تروي فصول السهر والقلق.


قال رامز، بنبرة خفيفة تحمل القلق:

— "وبعدين يا أمير؟ مش ترجع بقى؟ خلاص، انت عملت كل اللي عليك. محيت الفيديو، وكل حاجة تخصها. أخوها والجدع اللي معاه مبقوش نافعين. حتى فيديو الفرح، مسحته. الدكتور طمّنك إنها يومين وتفوق... نرجع بقى لحياتنا."


رد أمير، وصوته يفيض حزنًا:

— "مش سايب المستشفى... لحد ما تفوق. وأطلب إيدها للجواز."


توسعت عينا رامز بدهشة:

— "إنت بتقول إيه؟ ما ياما طنط حاولت معاك، وعرضت عليك بنات عائلات، وكنت دايمًا بترفض."


أراح أمير رأسه على الكرسي خلفه، وتنهد بعمق وهو يقول براحة نادرة:

— "دي اللي حسيت معاها بالراحة... ومتأكد إنها اللي هتبعدني عن طريق الحرام اللي عايشينه.


مش قادر أوصف قد إيه حسيت إني صغير قوي قدامها لما رفضت الحرام خوفًا من ربنا... و طعنت نفسها من غير لحظة تردد علشان تحافظ على شرفها.


وأنا؟ أنا راجل ماشي في طريق الغلط بكل إرادتي، ومش خايف من يوم الحساب.

أنا محتاجها في حياتي."


*******


فتحت عينيها بتعب، قابلتها نظراته المتوترة، شعرت بتيه شديد وهي تنظر للسقف، تشعر بجفاف شديد في حلقها.


حركت رأسها ناحية الصوت، وضحت الرؤية أمامها، وتذكرت كل ما حدث... في لحظة واحدة.


انتفضت بعنف من مكانها، لتطلق صرخة ألم بسبب جرحها.


اقترب منها أمير، يحاول تهدئتها:

— "اهدي، الجرح لسه جديد... ماينفعش تتحركي بعنف كده."


نظرت له برعب وهي تردد بخوف:

— "ابعد! ما تقربش مني! إنت مين؟! أنا... أنا مش مت!"


ثم أضافت، وهي ترتجف:

— "أوعي تفتكر إني ممكن أسمح لحد يلمسني!"


تراجع خطوة للوراء ليُزيل عنها خوفها، ثم أردف بهدوء:

— "أنا أمير... اللي أنقذك يوم الحادثة."


بكت بقهر:

— "ليه أنقذتني؟! كنت سيبتني أموت... و أخلص من العيشة دي."


ازداد حيرته، لا يعلم أتبكي من ألم الجرح أم من ألم القلب...

ضغط على زر بجوار السرير، لتدخل الطبيبة وتطلب منه الخروج.


بعد الكشف، خرجت الطبيبة بابتسامة:

— "الحمد لله، كله تمام. الأمعاء بس اللي اتضرر منها جزء، و قدرنا نعالجه."


دخل أمير مجددًا، وعلى وجهه ابتسامة مطمئنة. جلس بعيدًا بعض الشيء حتى لا يفزعها، بينما كانت تتابع اقترابه بخوف... لكن شيئًا في نظرته طمأنها.


تنحنح وقال:

— "إحم... أنا عايز أتجوزك."


نظرت له بحذر:

— "بس لا إنت تعرفني... ولا أنا أعرفك."


زفر ببطء:

— "أنا عارف عنك اللي يكفيني. وكل حاجة تحبي تعرفيها عني... أنا قدامك، اسألي.


بس بوعدك، سواء وافقت أو لا، أنا هكون سند وأمان ليكي، ومش ممكن أسمح لحد يضرك."


ثم أضاف:

— "بس محتاج منك طلب."


رفعت عينيها بصمت تنتظر كلماته.


— "عايزك تساعديني... أقرب من ربنا.


أنا شخص مليان ذنوب، عمري ما كان عندي حد يدّلني على الصح.


خوفك من الذنب خوفني... من ذنوبي الكتير."


أخفضت عينيها، و همست:

— "أنا... موافقة."


رفع حاجبه بدهشة:

— "موافقة على إيه؟ نتجوز؟ ولا تاخدي بإيدي للطريق الصح؟"


أجابته، بصوت مرتجف:

— "الاتنين..."


لكن ترددها دفعه لسؤالها:

— "مالك؟"


فركت يديها بخوف:

— "هيثم مصور لي فيديو... و بيهددني بيه.

مش عارفة هيوافق على الجواز... ولا لأ."


ابتسم بحنان:

— "انسي الفيديو وهيثم... وكل حاجة.

كل ده خلاص... أنا مسحته من حياتك."


نظرت له بعدم فهم:

— "قصدك إيه؟"


— "يعني الفيديو خلاص، مبقاش له وجود.

وهيثم؟ أنا ربيته...  ميقدرش يقرب من مراتي."


ابتسم وجهها ابتسامة لم يرَ مثلها من قبل، خطفته بابتسامتها:

— "بجد؟ يعني مافيش فيديو؟ خالص خالص؟"


ضحك بقوة:

— "خالص خالص!


هااا... أجيب المأذون؟"


ابتسمت بخجل، وخفضت عينيها:

— "إنت السند الحقيقي اللي كنت بتمناه بعد ربنا...

وأتمنى أكون سبب هدايتك وقربك منه."


---


ومرت الأيام... وجاء يوم الزفاف.


دخلت إلى جانبه، تحمل طرف فستانها بين أناملها، لا تكاد تصدق عوض الله العظيم.


فستان محجبات... و نقاب!

لم تكن تتوقع منه هذه اللفتة. لقد امتلك قلبها.


كم تمنت ارتداءه...


كم سجدت وبكت، تتمنى أن يهدي الله أخاها، الذي كان يرفضه دومًا.


لكن كل شيء بأوانه... حين يريد الله.


فاقت على يده التي ضمّت يدها بحنان، فرفعت عينها بخجل، لتقابلها نظرته العاشقة.


قاطع لحظتهم صوت عمته المتكبر:

— "ممكن أفهم إيه اللي هي لابساه ده؟! إنت عايز تفضحنا؟!"


هتف أمير بصوت لا يقبل النقاش:

— "ده لبس مراتي!

ودي حياتنا!

وإحنا أحرار!


ومفيش مخلوق من حقه يسألها بتعمل إيه... وإلا هيبقى في مواجهتي أنا!


وأكيد أنتي عارفة... أنا كلمتي واحدة ومش برجع فيها!"


أخفضت عمته وجهها، وابتعدت بصمت، خوفًا من غضبه.


ضغطت شهد على يده، وهمست:

— "بحبك يا أمير... ربنا يخليك ليا."


ابتسم أمير براحة لم يشعر بها من قبل:

— "ويخليكي ليا... هداية في الدنيا، وجنة في الآخرة."


*************

تمّت، بحمد الله.


تعليقات

التنقل السريع