سكريبت كامل وحصري لمدونة قصر الروايات بقلم آلاء محمد
سكريبت كامل وحصري لمدونة قصر الروايات بقلم آلاء محمد
أنا مش موافقة، هو الجواز بالعافية؟!
صوت وتين طالع ثابت، بس عينيها فيها وجع الدنيا كلها.
اتصدمت أمها وقالت بسرعة وهي مش مصدقة اللي بتسمعه:
_ أنتِ بتقولي إيه؟ ده شاب زي الورد، محترم، ومتعلم، وعنده شغل محترم، كل البنات تتمنى واحد زيه!
قربت منها الأم بخطوات متوترة وقالت وهي بتحاول تهديها:
_ يا بنتي، يونس ابن ناس محترمة، مؤدب، وأبوك موافق، وإحنا مش هنلاقي أحسن منه.
ردت وتين وهي رافعة راسها بثقة:
_ مؤدب إزاي يا ماما وهو ما بيصليش؟
_ يمكن ربنا يهديه بعد الجواز، يمكن لما يعيش معاكي يتغير.
ضحكت وتين بسخرية والدموع بتلمع في عينيها:
_ أنا مش داخلة الجواز علشان أعلّم ولا أغيّر حد،
_ الجواز مش مشروع إصلاح، يا ماما، ده حياة.
_ هو ممكن بدل ما أنا أغيّره، هو اللي يغيّرني،
_ ويخليني أتكسل، وأنشغل، وأنسى ربنا من كتر التعب.
_ أنا عايزة واحد يشدّ بإيدي على الجنة، مش واحد يسحبني بعيد عنها.
سكتت لحظة، وبعدين صوتها بقى أهدى، بس الوجع فيه كان باين:
_ يا ماما، أنا عايزة أب لأولادي يعرف ربنا، يصلي، يخاف عليهم.
_ مش واحد لما أقول له يلا نصلي يقولي مش فاضي.
_ عايزة لما ابني في يوم يسألني ليه بنصلي يا ماما؟
أبصله وأنا مطمّنة، وأقول له اسأل باباك يا حبيبي،
وأنا عارفة إن أبوه هيجاوبه من قلبه، بإيمان، مش باي حاجه وخلاص.
سكتت الأم لحظة وقالت بنبرة فيها تعب ووجع:
_ يا وتين، إحنا مش هنتحاسب معاه، كل واحد بيشيل ذنبه،
وكل واحد هيدخل قبره لوحده.
نزلت دمعة من عين وتين وهي تقول بهدوء:
_ عارفة يا ماما… بس أولادي هيشوفوه، وهيتعلموا منه،
وهيتحاسبوا هما كمان، وأنا كأم هتحاسب على تربيتهم.
_ أنا مش عايزة أعيش عمري بحاول أرجّع الإيمان لبيتي،
أنا عايزة بيتي من أوله يبقى مليان بيه.
سكتت الأم لحظة، وبعدها قالت بصوت مكسور:
_ بس يا بنتي الناس دي أصحابنا من زمان، وابن صاحب أبوكي مش غريب.
_ وأنا مش هضحي بديني علشان أراعي صداقة قديمة.
اتلخبطت الام وهي بتقول:
_ يعني خلاص؟ هتقفلي الباب كده؟
_ أهو أحسن ما أفتح باب وجع العمر كله.
سكت البيت، وبقي صوت أنفاسهم هو الوحيد اللي بيتسمع،
وفي النص… قلب وتين كان بيرتعش، مش من خوف،
لكن من يقين إنها المرة الأولى اللي اختارت نفسها… وربها.
كانت عارفة إن القرار ده ممكن يوجعها،
بس كانت مؤمنة إن الوجع اللي بيقرّبها من ربنا،
أهون ألف مرة من الراحة اللي تبعدها عنه.
سكتت وتين شوية بعد ما الباب اتقفل،
فضلت واقفة مكانها، بتسمع صوت نفسها وهي بتتنفس،
كأنها بتحاول تصدق إنها فعلاً قالت “لأ”.
كل حاجة جواها كانت بتتخبط في بعض،
قلبها بيوجعها، بس عقلها هادي لأول مرة من زمان.
مسحت دموعها بسرعة،
بس ملامحها كانت مليانة وجع،
وجع مش من الرفض… من الحب.
يونس.
الاسم لوحده كان كفيل يخلي قلبها يضرب بسرعة.
ده مش مجرد عريس اتقدملها،
ده الشخص اللي حسته دايمًا قريب منها حتى وهي بعيدة.
حبته من غير ما تقول، من غير ما تطلب،
كانت بتدعي له أكتر ما بتدعي لنفسها،
كانت بتفرح لما تشوفه بيضحك،
وبتزعل لما تحس إنه تعبان.
بس النهارده… كل ده كان واقف قدام اختبار كبير.
كانت بتحبه، أيوه، بس أكتر حاجة بتحبها في الدنيا هي ربنا.
ويونس ما كانش بيصلي.
كانت بتحاول تقنع نفسها سنين إن ممكن يتغير،
بس الحقيقة إنها كانت عارفة جواها إنه مش جاهز.
قعدت على طرف السرير،
وبصت في الفراغ كأنها بتكلم نفسها بصوت هادي:
_ أنا مش بزعل منه…
بس مش هقدر أكمل مع حد بعيد عن ربنا،
حتى لو هو أقرب حد لقلبي.
ابتسمت ابتسامة صغيرة باهتة، وقالت بخفوت:
_ يمكن يونس يكون حب عمري…
بس ربنا هو عمري كله.
رفعت عينيها للسقف، والدموع اتجمعت تاني:
_ أنا كنت دايمًا بدعي يا رب يكون من نصيبي،
بس دلوقتي الدعوة دي لازم تتبدل وتبقى يا رب اهديه حتى لو مش ليا.
سكتت شوية، وبعدين قالت لنفسها بحزم بسيط:
_ الحب مش كل حاجة،
لو الحب بيبعدني عن ربنا… يبقى خسارة مش مكسب.
_ أنا مش عايزة أعيش بحب يوجّع قلبي ويضيع ديني،
أنا عايزة أعيش بحب يطمني، يقربني، يخليني أصلي وأنا فرحانة.
اتنهدت تنهيدة طويلة،
وبصت ناحية الشباك اللي النور بيتسلل منه بهدوء:
_ يمكن النهارده وجع، بس يمكن بكرة يكون سلام.
_ يمكن ربنا كتبلي حب تاني… بس المرة دي، يكون في طاعته مش في اختباره.
وسكتت،
بس جوه قلبها كان في همس بسيط بيتردد كل شوية:
"اختيارك صح يا وتين… حتى لو وجعك."
بعد يومين…
كان الهدوء مالي البيت، بس جواه توتر خفيف مش مفهوم.
وتين قاعدة على الكنبة، بتحاول تلهي نفسها في كتاب،
بس عينها بتقرأ والسطر بيروح منها كل شوية.
من وقت ما حصلت المواجهة مع أمها وهي مش عارفة تهدى،
ولا حتى النوم كان بييجي بسهولة.
دخلت أمها الأوضة، و ملامحها فيها قلق ممزوج بحاجة زي التردد.
قعدت جنبها بهدوء وقالت بصوت ناعم:
_ وتين، ممكن أقولك حاجة بس تسمعيني للآخر؟
رفعت وتين عينيها وقالت بحذر:
_ خير يا ماما؟
تنهدت الأم وقالت:
_ يونس كلمني النهارده، وقال إنه عايز يقعد معاكي،
مش عشان يضغط ولا يجبرك، بس عايز يتكلم، يوضح نفسه.
اتسعت عيون وتين، قلبها دق بسرعة،
بس حاولت تمسك نفسها وقالت بسرعة:
_ مفيش داعي يا ماما، الكلام خلاص اتقال.
_ يا بنتي، هو مصمم، وبيقول عايزك تسمعيه بس،
مش طالب منك قرار دلوقتي.
خليه يقول اللي عنده، وبعد كده لو مش مقتنعة بيه،
ارفُضي براحتك، وأنا هكون في ضهرك.
سكتت وتين شوية،
كانت بتحاول تفهم هي زعلانة ليه ولا خايفة ليه.
كل حاجة فيها كانت متلخبطة…
قلبها بيخبط، بس عقلها بيحاول يهدّيه.
قالت بهدوء وهي تبص في الأرض:
_ طيب يا ماما…
بس أنا مش موافقة،أنا هسمع وبس.
_ ماشي يا بنتي، محدش قال غير كده،
بس خدي بالك، يمكن الكلام اللي تسمعيه يريحك…
أو يمكن يأكدلك إن قرارك كان صح.
ابتسمت الأم، وسابتها في صمت،
أما وتين ففضلت قاعدة مكانها،
حاسة كأن قلبها بيجهّز نفسه لمواجهة كانت عارفة إنها جاية…
بس مش عارفة هتطلع منها قوية زي المرة اللي فاتت،
ولا وجعها هيكبر أكتر
تاني يوم كانت القعدة ساكتة أكتر من اللازم.
كأن حتى النفس محسوب.
وتين قاعدة قدامه، وعيونها في الكوباية اللي بين إيديها،
مش قادرة تبصله، بس حاسة بكل حركة بيعملها.
كسر يونس الصمت بصوت هادي، فيه رنة وجع مكبوت:
_ عاملة إيه يا وتين؟
رفعت عينيها بسرعة وقالت بهدوء:
_ بخير، الحمد لله.
اتنهد وقال بعد تردد بسيط:
_ ممكن أعرف الأسباب اللي خلتك ترفضي؟
يعني… لو أنا مرفوض، على الأقل أعرف ليه.
سكتت ثواني، وبعدين ردت بصوت ثابت، بس فيه رعشة خفيفة:
_ وأنا ممكن أسألك سؤال قبل ما أجاوب؟
_ اتفضلي.
_ ممكن تقولّي سبب واحد يخليّني أوافق عليك؟
بصّ لها باستغراب، وابتسامة صغيرة طلعت غصب عنه:
_ وتين، أنا بشتغل، عندي دخل كويس، عندي شقة،
يعني جاهز، زي ما بيقولوا.
هزّت راسها ببطء وقالت بنبرة فيها وجع أكتر من سخرية:
_ لأ، ناقصك أهم حاجة… دينك.
قالها وهو بيحاول يخبي استغرابه:
_ ديني؟!
_ أيوه، دِينك يا يونس.
_ أنا مسلم يا وتين، إيه الكلام ده؟
_ مسلم، بس ما بتصليش.
_ ربنا قال في كتابه:
{فويلٌ للمصلّين، الذين هم عن صلاتهم ساهون}،
يعني حتى اللي بيصلوا بس بتكاسل، ربنا توعّدهم بالويل،
تخيل بقى اللي ما بيصليش خالص!
_ النبي ﷺ قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر."
وقال كمان: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة."
سكتت لحظة، بصت له، وعينيها فيها خوف عليه أكتر من عتاب:
_ يا يونس، الصلاة مش عادة، دي حياة.
_ اللي بيتركها بيبعد عن ربنا خطوة بخطوة وهو مش حاسس.
_ ربنا قال: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}،
يعني حتى لما تتعب، لما تضيق بيك الدنيا، المفروض تلجأ ليها مش تهرب منها.
_ النبي ﷺ لما كان مهموم كان يقول: "أرحنا بها يا بلال"،
مش "أرحنا منها"، زي ما بعض الناس بقت تقول.
تنهدت وهي تكمل، ونبرتها اتحولت من الحزن للصدق النقي:
_ اللي ما بيقدرش يقف بين إيدين ربنا خمس مرات في اليوم،
هيقدر يقف جنبي في وقت الشدة؟
_ اللي ما بيسمعش نداء الأذان،
هيسمع نداء قلبي لما أتعب؟
_ ربنا قال: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}،
وقال كمان: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}،
يعني حتى لما تتجوز وتخلف،
هتكون مسؤول إنك تعلم أولادك الصلاة،
طب إزاي هتعلمهم حاجة انت نفسك ما بتعملهاش؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مبحوح:
_ لما ابني يسألني “يا ماما، ليه بنصلي؟”
عايزة أشاور على أبوه وأقول له اسأل بابا،
مش أقول له “اسأل باباك” وأنا عارفة إنه مش هيعرف يجاوب.
سكتت، والدمعة اللي كانت بتحاول تمنعها نزلت على خدها.
هو كان قاعد يسمعها، ملامحه بتتغير،
بس مش عارف يرد.
كملت كلامها، بس المرة دي بنبرة فيها حنان أكتر من اللوم:
_ يونس، أنا مش بقولك الكلام ده عشان أهاجمك.
_ أنا بقولك لأن الصلاة هي الأمان الحقيقي،
اللي بيصلي عمره ما بيضيع، حتى لو الدنيا دوخته.
_ أنا عايزة راجل يشدّ بإيدي للجنة،
مش يخليني أضعف وأنسى ربي.
وقف فجأة، ملامحه جامدة،
كأنه بيهرب من وجعه أكتر من كلامها،
وبدون كلمة، مشي وخرج.
قعدت مكانها، عينيها على الباب اللي اتقفل،
وصوتها في سرّها كان أهدى من كل الكلام اللي قالته:
_ يا رب، اهديه،
يا رب، قرّب بينه وبينك قبل ما تقرّب بينا.
_ لو أنا مش من نصيبه،
خليه من نصيب الهداية،
وأنا هرضى،
لأن أهم من قلبي، قلبه معاك.
مسحت دموعها وقالت وهي تبص للكرسي الفاضي:
_ كنت نفسي أصلي وراه،
مش أسيبه عشان الصلاة.
عدّت سنة.
سنة كاملة كأنها عُمر.
من يوم آخر مرة شافت فيها يونس، وكل حاجة في وتين اتغيّرت.
الناس كانت شايفة إنها رجعت عادي،
بتضحك، وبتخرج، وبتساعد أمها،
بس محدّش كان عارف إن جواها في حتة مكسورة مش عايزة تتصلّح.
الحزن بان عليها من غير ما تتكلم،
عيونها بقت ساكتة، ضحكتها خفيفة،
حتى لما حد يجيب سيرة الجواز، كانت بتتهرب أو تغيّر الكلام بسرعة.
طول السنة دي، محدّش عرف حاجة عن يونس.
كأنه اختفى من الدنيا.
ولا حد شافه، ولا سمع عنه، ولا حتى صورته ظهرت في أي مناسبة.
وأهلها بقوا يتجنبوا يجيبوا سيرته،
كأنهم بيحمُوها من وجع اسمه.
كل عريس كان بييجي، كانت ترفضه من غير تردد.
مش علشان لسه مستنياه،
بس علشان قلبها خلاص ما بقاش يقدر يحب غيره،
رغم إنها عارفة إن الحب مش كل حاجة،
وإن اللي اختار ربنا، لازم يختار بعقله قبل قلبه.
كانت دايمًا بتقول لنفسها:
"يمكن ربنا شايف خير في البُعد، وأنا مش شايفاه."
بس مهما حاولت تقنع نفسها،
في حتة صغيرة جواها لسه بتتوجع باسمه.
وفي يوم هادي بعد العشاء،
دخل أبوها أوضتها وهو شايل في عينيه كلام كتير.
قعد على الكرسي اللي قصادها وقال بنبرة فيها حنية وشدة في نفس الوقت:
_ وتين، هو إنتِ ناوية تفضلي كده لحد إمتى؟
رفعت عينيها وقالت بهدوء:
_ كده يعني إزاي يا بابا؟
_ يعني مفيش عريس بيعجبك، ولا حد بترضَي حتى تشوفيه.
_ يا بنتي، العمر ما بيستناش حد،
وإحنا مش هنفضل عايشينلك طول العمر.
_ كل بنت ليها نصيبها، وده رزق لازم تسعي له.
سكت شوية، وبعدين قال بنبرة أهدى:
_ وبعدين اللي جاي النهارده مش أي كلام.
_ ده شاب محترم، من عيلة كويسة، والناس بتشهدله بالدين والأخلاق.
_ مش بس بيصلي زي ما انتي كنتِ عايزة،
ده إمام جامع، والناس بتسمعه كل جمعة.
وقفت وتين مكانها، وكأن الوقت وقف معاها.
كلمة "إمام" حرّكت حاجة كانت نايمة جواها.
افتكرت كلامها زمان، لما قالت:
"أنا عايزة راجل يشدّ بإيدي على الجنة."
أبوها كمل وهو بيحاول يخفي ابتسامة خفيفة:
_ هو جاي بكرة آخر النهار،
قعدي معاه وشوفي، ولو مش مرتاحة، محدش هيغصبك.
سابها وخرج،
وهي فضلت قاعدة مكانها، عينيها تايهة في الأرض.
كل اللي بيدور في دماغها سؤال واحد:
"يا رب، هو ده التعويض اللي كنت مستنياه؟
ولا اختبار تاني علشان تشوف صبري؟"
سكتت وتين شوية بعد ما الباب اتقفل،
فضلت واقفة مكانها، بتسمع صوت نفسها وهي بتتنفس،
كأنها بتحاول تصدق إنها فعلاً قالت “لأ”.
كل حاجة جواها كانت بتتخبط في بعض،
قلبها بيوجعها، بس عقلها هادي لأول مرة من زمان.
مسحت دموعها بسرعة،
بس ملامحها كانت مليانة وجع،
وجع مش من الرفض… من الحب.
يونس.
الاسم لوحده كان كفيل يخلي قلبها يضرب بسرعة.
ده مش مجرد عريس اتقدملها،
ده الشخص اللي حسته دايمًا قريب منها حتى وهي بعيدة.
حبته من غير ما تقول، من غير ما تطلب،
كانت بتدعي له أكتر ما بتدعي لنفسها،
كانت بتفرح لما تشوفه بيضحك،
وبتزعل لما تحس إنه تعبان.
بس النهارده… كل ده كان واقف قدام اختبار كبير.
كانت بتحبه، أيوه، بس أكتر حاجة بتحبها في الدنيا هي ربنا.
ويونس ما كانش بيصلي.
كانت بتحاول تقنع نفسها سنين إن ممكن يتغير،
بس الحقيقة إنها كانت عارفة جواها إنه مش جاهز.
قعدت على طرف السرير،
وبصت في الفراغ كأنها بتكلم نفسها بصوت هادي:
_ أنا مش بزعل منه…
بس مش هقدر أكمل مع حد بعيد عن ربنا،
حتى لو هو أقرب حد لقلبي.
ابتسمت ابتسامة صغيرة باهتة، وقالت بخفوت:
_ يمكن يونس يكون حب عمري…
بس ربنا هو عمري كله.
رفعت عينيها للسقف، والدموع اتجمعت تاني:
_ أنا كنت دايمًا بدعي يا رب يكون من نصيبي،
بس يمكن الدعوة تتبدل وتبقى "يا رب اهديه حتى لو مش ليا".
سكتت شوية، وبعدين قالت لنفسها بحزم بسيط:
_ الحب مش كل حاجة،
لو الحب بيبعدني عن ربنا… يبقى خسارة مش مكسب.
_ أنا مش عايزة أعيش بحب يوجّع قلبي ويضيع ديني،
أنا عايزة أعيش بحب يطمني، يقربني، يخليني أصلي وأنا فرحانة.
اتنهدت تنهيدة طويلة،
وبصت ناحية الشباك اللي النور بيتسلل منه بهدوء:
_ يمكن النهارده وجع، بس يمكن بكرة يكون سلام.
_ يمكن ربنا كتبلي حب تاني… بس المرة دي، يكون في طاعته مش في اختباره.
وسكتت،
بس جوه قلبها كان في همس بسيط بيتردد كل شوية:
"اختيارك صح يا وتين… حتى لو وجعك."
بعد يومين…
كان الهدوء مالي البيت، بس جواه توتر خفيف مش مفهوم.
وتين قاعدة على الكنبة، بتحاول تلهي نفسها في كتاب،
بس عينها بتقرأ والسطر بيروح منها كل شوية.
من وقت ما حصلت المواجهة مع أمها وهي مش عارفة تهدى،
ولا حتى النوم كان بييجي بسهولة.
دخلت أمها الأوضة، ملامحها فيها قلق ممزوج بحاجة زي التردد.
قعدت جنبها بهدوء وقالت بصوت ناعم:
_ وتين، ممكن أقولك حاجة بس تسمعيني للآخر؟
رفعت وتين عينيها وقالت بحذر:
_ خير يا ماما؟
تنهدت الأم وقالت:
_ يونس كلمني النهارده، وقال إنه عايز يقعد معاكي،
مش عشان يضغط ولا يجبرك، بس عايز يتكلم، يوضح نفسه.
اتسعت عيون وتين، قلبها دق بسرعة،
بس حاولت تمسك نفسها وقالت بسرعة:
_ مفيش داعي يا ماما، الكلام خلاص اتقال.
_ يا بنتي، هو مصمم، وبيقول عايزك تسمعيه بس،
مش طالب منك قرار دلوقتي.
خليه يقول اللي عنده، وبعد كده لو مش مقتنعة بيه،
ارفُضي براحتك، وأنا هكون في ضهرك.
سكتت وتين شوية،
كانت بتحاول تفهم هي زعلانة ليه ولا خايفة ليه.
كل حاجة فيها كانت متلخبطة…
قلبها بيخبط، بس عقلها بيحاول يهدّيه.
قالت بهدوء وهي تبص في الأرض:
_ طيب يا ماما…
بس أنا مش رايحة أقتنع بحاجة، أنا رايحة أسمع وبس.
_ ماشي يا بنتي، محدش قال غير كده،
بس خدي بالك، يمكن الكلام اللي تسمعيه يريحك…
أو يمكن يأكدلك إن قرارك كان صح.
ابتسمت الأم بخفة،
وسابتها في صمت،
أما وتين ففضلت قاعدة مكانها،
حاسة كأن قلبها بيجهّز نفسه لمواجهة كانت عارفة إنها جاية…
بس مش عارفة هتطلع منها قوية زي المرة اللي فاتت،
ولا وجعها هيكبر أكتر
كانت القعدة ساكتة أكتر من اللازم.
كأن حتى النفس محسوب.
وتين قاعدة قدامه، وعيونها في الكوباية اللي بين إيديها،
مش قادرة تبصله، بس حاسة بكل حركة بيعملها.
كسر يونس الصمت بصوت هادي، فيه رنة وجع مكبوت:
_ عاملة إيه يا وتين؟
رفعت عينيها بسرعة وقالت بهدوء:
_ بخير، الحمد لله.
اتنهد وقال بعد تردد بسيط:
_ ممكن أعرف الأسباب اللي خلتك ترفضي؟
يعني… لو أنا مرفوض، على الأقل أعرف ليه.
سكتت ثواني، وبعدين ردت بصوت ثابت، بس فيه رعشة خفيفة:
_ وأنا ممكن أسألك سؤال قبل ما أجاوب؟
_ اتفضلي.
_ ممكن تقولّي سبب واحد يخليّني أوافق عليك؟
بصّ لها باستغراب، وابتسامة صغيرة طلعت غصب عنه:
_ وتين، أنا بشتغل، عندي دخل كويس، عندي شقة،
يعني جاهز، زي ما بيقولوا.
هزّت راسها ببطء وقالت بنبرة فيها وجع أكتر من سخرية:
_ لأ، ناقصك أهم حاجة… دينك.
قالها باستغراب واضح:
_ ديني؟!
_ أيوه، دينك يا يونس.
_ أنا مسلم يا وتين.
ابتسمت ابتسامة صغيرة فيها وجع وقالت:
_ بس ناقصك أهم حاجة يا يونس…
دينك.
قالها وهو بيحاول يخبي استغرابه:
_ ديني؟!
_ أيوه، دِينك يا يونس.
_ أنا مسلم يا وتين، إيه الكلام ده؟
_ مسلم، بس ما بتصليش.
_ ربنا قال في كتابه:
{فويلٌ للمصلّين، الذين هم عن صلاتهم ساهون}،
يعني حتى اللي بيصلوا بس بتكاسل، ربنا توعّدهم بالويل،
تخيل بقى اللي ما بيصليش خالص!
_ النبي ﷺ قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر."
وقال كمان: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة."
سكتت لحظة، بصت له، وعينيها فيها خوف عليه أكتر من عتاب:
_ يا يونس، الصلاة مش عادة، دي حياة.
_ اللي بيتركها بيبعد عن ربنا خطوة بخطوة وهو مش حاسس.
_ ربنا قال: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}،
يعني حتى لما تتعب، لما تضيق بيك الدنيا، المفروض تلجأ ليها مش تهرب منها.
_ النبي ﷺ لما كان مهموم كان يقول: "أرحنا بها يا بلال"،
مش "أرحنا منها"، زي ما بعض الناس بقت تقول.
تنهدت وهي تكمل، ونبرتها اتحولت من الحزن للصدق النقي:
_ اللي ما بيقدرش يقف بين إيدين ربنا خمس مرات في اليوم،
هيقدر يقف جنبي في وقت الشدة؟
_ اللي ما بيسمعش نداء الأذان،
هيسمع نداء قلبي لما أتعب؟
_ ربنا قال: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}،
وقال كمان: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}،
يعني حتى لما تتجوز وتخلف،
هتكون مسؤول إنك تعلم أولادك الصلاة،
طب إزاي هتعلمهم حاجة انت نفسك ما بتعملهاش؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مبحوح:
_ لما ابني يسألني “يا ماما، ليه بنصلي؟”
عايزة أشاور على أبوه وأقول له شايف بابا اسألة.
مش أقول له “اسأل باباك” وأنا عارفة إنه مش هيعرف يجاوب.
سكتت، والدمعة اللي كانت بتحاول تمنعها نزلت على خدها.
هو كان قاعد يسمعها، ملامحه بتتغير،
بس مش عارف يرد.
كملت كلامها، بس المرة دي بنبرة فيها حنان أكتر من اللوم:
_ يونس، أنا مش بقولك الكلام ده عشان أهاجمك.
_ أنا بقولك لأن الصلاة هي الأمان الحقيقي،
اللي بيصلي عمره ما بيضيع، حتى لو الدنيا دوخته.
_ أنا عايزة راجل يشدّ بإيدي للجنة،
مش يخليني أضعف وأنسى ربي.
وقف فجأة، ملامحه جامدة،
كأنه بيهرب من وجعه أكتر من كلامها،
وبدون كلمة، مشي وخرج.
قعدت مكانها، عينيها على الباب اللي اتقفل،
وصوتها في سرّها كان أهدى من كل الكلام اللي قالته:
_ يا رب، اهديه،
يا رب، قرّب بينه وبينك قبل ما تقرّب بينا.
_ لو أنا مش من نصيبه،
خليه من نصيب الهداية،
وأنا هرضى،
لأن أهم من قلبي، قلبه معاك.
مسحت دموعها وقالت وهي تبص للكرسي الفاضي:
_ كنت نفسي أصلي وراه،
مش أسيبه عشان الصلاة.
عدّت سنة.
سنة كاملة كأنها عُمر.
من يوم آخر مرة شافت فيها يونس، وكل حاجة في وتين اتغيّرت.
الناس كانت شايفة إنها رجعت عادي،
بتضحك، وبتخرج، وبتساعد أمها،
بس محدّش كان عارف إن جواها في حتة مكسورة مش عايزة تتصلّح.
الحزن بان عليها من غير ما تتكلم،
عيونها بقت ساكتة، ضحكتها خفيفة،
حتى لما حد يجيب سيرة الجواز، كانت بتتهرب أو تغيّر الكلام بسرعة.
طول السنة دي، محدّش عرف حاجة عن يونس.
كأنه اختفى من الدنيا.
ولا حد شافه، ولا سمع عنه، ولا حتى صورته ظهرت في أي مناسبة.
وأهلها بقوا يتجنبوا يجيبوا سيرته،
كأنهم بيحمُوها من وجع اسمه.
كل عريس كان بييجي، كانت ترفضه من غير تردد.
مش علشان لسه مستنياه،
بس علشان قلبها خلاص ما بقاش يقدر يحب غيره،
رغم إنها عارفة إن الحب مش كل حاجة،
وإن اللي اختار ربنا، لازم يختار بعقله قبل قلبه.
كانت دايمًا بتقول لنفسها:
يمكن ربنا شايف خير في البُعد، وأنا مش شايفاه.
بس مهما حاولت تقنع نفسها،
في حتة صغيرة جواها لسه بتتوجع باسمه.
وفي يوم هادي بعد العشاء،
دخل أبوها أوضتها وهو شايل في عينيه كلام كتير.
قعد على الكرسي اللي قصادها وقال بنبرة فيها حنية وشدة في نفس الوقت:
_ وتين، هو إنتِ ناوية تفضلي كده لحد إمتى؟
رفعت عينيها وقالت بهدوء:
_ كده يعني إزاي يا بابا؟
_ يعني مفيش عريس بيعجبك، ولا حد بترضَي حتى تشوفيه.
_ يا بنتي، العمر ما بيستناش حد،
وإحنا مش هنفضل عايشينلك طول العمر.
_ كل بنت ليها نصيبها، وده رزق لازم تسعي له.
سكت شوية، وبعدين قال بنبرة أهدى:
_ وبعدين اللي جاي النهارده مش أي كلام.
_ ده شاب محترم، من عيلة كويسة، والناس بتشهدله بالدين والأخلاق.
_ مش بس بيصلي زي ما انتي كنتِ عايزة،
ده إمام جامع، والناس بتسمعه كل جمعة.
وقفت وتين مكانها، وكأن الوقت وقف معاها.
كلمة إمام حرّكت حاجة كانت نايمة جواها.
افتكرت كلامها زمان، لما قالت:
أنا عايزة راجل يشدّ بإيدي على الجنة.
أبوها كمل وهو بيحاول يخفي ابتسامة خفيفة:
_ هو جاي بكرة آخر النهار،
قعدي معاه وشوفي، ولو مش مرتاحة، محدش هيغصبك.
سابها وخرج،
وهي فضلت قاعدة مكانها، عينيها تايهة في الأرض.
كل اللي بيدور في دماغها سؤال واحد:
يا رب، هو ده التعويض اللي كنت مستنياه؟
ولا اختبار تاني علشان تشوف صبري؟
تاني يوم، دخلت الصالة، ولما رفعت راسها… اتجمّدت.
يونس.
واقف قدامها، لابس جلابية بيضا، دقنه بسيطة، ووشه فيه نور غريب.
قالت وهي مش مصدقة:
_ إنت؟!
_ أيوه… غريبة؟
_ غريبة جدًا… إنت بقيت إمام جامع؟
ضحك بخفة وقال:
_ اتضايقتي؟
_ لا بس… يعني… إمام جامع؟!
ردّ عليها بنبرة فيها وجع بسيط:
_ أنا قبل ما أتغير عشانك، اتغيرت عشان نفسي.
_ اكتشفت إنك كنتِ صح، كل كلمة قولتيها كانت بتوجعني عشان كنت حاسس إنك بتوصفي نقصي.
_ أول ما مشيتِ من قدامي، نقلت شغلي، وبدأت أصلّي، وأحفظ قرآن، ووعدت نفسي إن أول ما أختم المصحف كله…
_ هيبقى ده مهرك.
اتسعت عنيها والدموع غرقت خدودها.
قال بهدوء:
_ أنا خلّصت حفظي من شهرين… ومن ساعتها بدعي ربنا يقدرني أجي أطلبك.
حط يده على صدره وقال:
_ أنا جيت مش عشان أثبت لك إني اتغيرت،
_ أنا جيت عشان أكمّل الطريق اللي بدأناه… طريق ربنا.
وتين ما عرفتش تقول إيه… دموعها نزلت وهي بتهمس:
_ أنا… مش عارفة أقول إيه.
قرب منها خطوة وقال بابتسامة فيها كل الحب:
_ ما تقولييش حاجة… غير موافقة.
ضحكت ببكاء وقالت:
_ موافقة.
ضحك،وقال:
_ كتب الكتاب كمان أسبوعين… والمهـر زي ما وعدتِ ربنا.
يوم كتب الكتاب.
البيت كله ريحته مسك وورد أبيض.
صوت التلاوة طالع من السماعات بهدوء،
وأصوات خفيفة من الضحك والفرحة بتملأ المكان.
وتين قاعدة على الكرسي، لابسة فستان أبيض بسيط،
وشالها نازل على كتفها برقة،
بس في قلبها دوشة مش عادية…
مزيج بين خوف وفرحة، دموع وابتسامة.
دخلت أمها، وشافت ملامح بنتها اللي بقت أنضج،
قربت منها وهمست بحنية:
_ سبحان مَن جمع القلوب بعد سنة كاملة من الدعاء.
ضحكت وتين بخفة وقالت:
_ كنت فاكرة إن ربنا نسي دعوتي يا ماما…
_ بس اكتشفت إن التأخير أوقات بيكون إعداد مش حرمان.
دخل يونس في اللحظة دي.
كان لابس بدلة رمادية، بس عيونه كانت مطمئنة بشكل غريب،
فيها نور، نفس النور اللي شافته أول مرة بعد رجوعه.
الشيخ بدأ الإشهار، صوته هادي وواضح:
_ وكيل العروسة؟
_ أنا، قالها والد وتين بصوت ثابت.
_ تقبل تزويج ابنتك وتين من الأستاذ يونس على كتاب الله وسنة رسوله؟
_ قبلت.
_ والعريس؟
_ قبلت، على كتاب الله وسنة رسوله.
لحظة الصمت اللي بعدها كانت أجمل من أي موسيقى،
كانت فيها دعوة خفية طالعة من قلبين،
اتقابلوا بعد صبر، وتغير، وخطوة ناحية ربنا.
بعد ما الكل سلّم وبارك،
يونس بصّ لوتين من بعيد وهو مبتسم.
قرب منها شوية وقال بصوت واطي ما سمعوش غيرها:
_ فاكرة أول مرة قولتيلي “أنا مش موافقة، هو الجواز بالعافية؟”
ضحكت وقالت وهي بتحاول تمنع دمعتها:
_ أيوه فاكرة…
_ قالها: وأنا فاكر بعدها لما قولتيلي “أنا عايزة واحد يشدني للجنة”؟
_ يومها رديتِ عليا كأنك كنتي بتوصفيني وأنا اللي كنت تايه.
قرب منها أكتر وقال بصوت فيه حنية صادقة:
_ أنا وعدت نفسي إنك لو قبلتيني،
كل سجدة ليا هتبقى شكر لربنا عليك.
الدموع غرقت عينيها،
قالت وهي بتحاول تضحك:
_ يعني ناوي تصلي كتير؟
ضحك وقال:
_ طول ما إنتي في حياتي… مش هوقف صلاة.
ضحكت، وغمضت عينيها للحظة كأنها بتحفظ اللحظة في قلبها.
كانت دي مش مجرد كتب كتاب،
كانت بداية حياة أساسها الدعاء،
وحكاية حب بدأها رفض… وختمها رضا من ربنا.
بعد خمس سنين.
الدنيا كانت هادية آخر النهار،
وصوت الأذان طالع من الجامع اللي جنب بيتهم،
الهواء داخل من الشباك ومعاه ريحة المطر الخفيفة.
وتين كانت قاعدة في الصالة، لابسة إسدالها،
وبتحاول تهدي مؤنس ابنها اللي عنده أربع سنين،
كان ماسك السبحة الصغيرة وبيلعب فيها وهو يضحك بصوت بيرنّ في المكان.
دخل يونس من أوضة النوم، لابس جلابية بيضا،
وجهه عليه نفس النور اللي شافته يوم كتب الكتاب،
بس المرة دي… معاها ألف حكاية بينهم.
بصّ عليهم وابتسم:
_ لسه مش عايز ينام يا وتين؟
ضحكت وقالت:
_ كل مرة أقول له نام يا مؤنس، يضحك ويقولي استنى نصلي الأول يا ماما.
_ الولد واخد منك الإصرار كله.
قرب يونس وشال مؤنس بين إيديه،
وقال بصوت فيه حنية عميقة:
_ تعالى نصلي مع بابا، يا بطل.
حط مؤنس على الأرض، وقف يونس يصلي،
وتين وقفت وراه، قلبها بيترعش بنفس الطمأنينة اللي حستها أول مرة سجدت وراه.
كل سجدة بتفكرها بدعوتها القديمة،
وكل "الله أكبر" بتفكرها إن ربنا ما نسيهاش أبدًا.
خلصوا الصلاة، قعدت وتين جنبه على السجادة،
ومؤنس نايم بين إيديها وهي بتبص ليونس بابتسامة دافية:
_ كنت دايمًا بدعي ربنا يرزقني بحد ياخد بإيدي للجنة…
_ وما كنتش أعرف إن الدعوة دي هي نفسها اللي هتخليك تدخل حياتي.
قرب منها، بصّ في عينيها وقال بهدوء:
_ وأنا كنت بدعي ربنا يبدّل ضياعي هُدى…
_ فبعتلي وتين.
ضحكت بخجل وقالت:
_ بعد كل السنين دي، لسه بتقول الكلام الحلو ده؟
_ ابتسم وقال وهو يمسك إيديها:
_ طالما إنتي معايا، الكلام الحلو عمره ما هيخلص.
بصّ لمؤنس اللي نايم بينهم وقال بابتسامة صغيرة:
_ شايفة؟ ده دليل إن الطريق اللي بيبدأ بربنا…
_ بيكمل بنوره، حتى في الحب.
وسكتوا هما الاتنين،
بس السكون بينهم كان أحنّ من أي كلام،
سكون مليان رضا، وطمأنينة،
وحبّ اتبنى على سجدة… ولسه قائم على نفس الدعاء.
---------------------
احنا في زمن بيقيسوا فيه الحب بعدد الرسائل والصور،
كانت وتين و يونس بيقيسوه بعدد السجدات والدعوات.
مكنتش حكايتهم عن رفض أو قبول،
دي كانت عن طريق طويل، فيه حد اختار ربنا قبل أي حد،
فربنا اختار له اللي يستحقها.
الحب الحقيقي مش اللي يدوّرك على نفسك،
لكن اللي يوصّلك لربك.
ومش كل اللي بيمشي بعيد بيرجع،
لكن اللي بيرجع وهو شايل النور جواه… بيبدأ حياة جديدة.
يونس ما تغيّرش عشان حب بنت،
اتغيّر عشان حب رب.
و وتين ما استنّتش فارس على حصان أبيض،
هي كانت بتدور على راجل يركع جنبها على سجادتها.
وفي الآخر، ربنا جمع بين قلبين ما ربطهمش وعد،
ربطهم إيمان.
فافتكر دايمًا…
إن الحب الحقيقي مش صدفة،
ولا قدر أعمى،
الحب الحقيقي استجابة دعاء.
-----------------------
مساء الخير عزيزي القارئ العسول✨♥️
الحدوتة المرادي خفيفة ولذلذة وأتمنى تهون عليك تعب اليوم الصعب✨
محدش يعدي البوست من غير ما يشاركني رأيه لأنه بيفرق معايا أوي واعملوا شيرر كتيرر ♥️
لولو ممتنة لوجودكم وبتحبكم جدًا ♥️
بقلميّ /آُلاءَ محٍمدِ حٍجٍازْي
#حواديت_لُولُـــو. 💗🎀
#AlaaMohammedHijazi

تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا