القائمة الرئيسية

الصفحات

 سكريبت ماما الباص مشي كامل وحصري 




سكريبت ماما الباص مشي كامل وحصري 


ماما الباص مشي


لفيت ليونس ابني بعد ما سمعت جملته ، حسيت بغضب كبير خصوصاً وإن بقالي مدة بصحيه وهو مش راضي يقوم ، وأخرتها ملحقش الباص وهضطر أوديه بنفسي :

= طيب وهو ينفع كدا يا يونس ؟!


قولتها وأنا بضغط على ايدي في محاولة إني مغضبش ، وأنا بفكر نفسي أنه مجرد طفل واللي حصل وارد جداً ، بصلي بأسف وقرب حضن رجلي :

— آسف يا ماما ..


بصيت عليه لثواني ، ثواني عدى فيهم عليا مواقف مشابهة ، كنت بين نارين إني أخلي البيئة اللي عشت فيها تتحكم فيا ، أو إني أتعامل صح ، بس حنيت من حركته وعيوني دمعت وأنا بنزل قدامه وباخده في حضني ، فلف ايديه حوالين رقبتي وهو بيبوس خدي بلطف :

— ماما أنت زعلتي علشان اتأخرت ، مش هصحى متأخر تاني ...وعد .


مسحت على شعره بحنية ، وأنا بطبع بوسة خفيفة عليه :

= لأ يا عيون ماما مزعلتش ، أنا أصلا مش بزعل من يونس علشان هو حبيب ماما .


شددت من حضني ليه ، وعيوني غامت وأنا بعوض إحساس كان نفسي أحس بيه قبل كدا ، ليه محدش كان حنين عليا كدا ؟ ليه من موقف ميستاهلش كنت بنضرب واتشتم ويتدعي عليا ؟ كنت طفلة .. مجرد طفلة!!


مسحت دموعي وخرجته بالراحة من حضني ، مسكت ايده وأنا بقول بهزار وصوت حاولت أطلعه طبيعي :

= بص أنت هتقعد تستناني هنا على الكنبة ، وتاكل حتتين تفاح على ما ألبس وأجي علشان أوديك ، ياكش نلحق قبل الطابور ..


قولت أخر جملة وأنا بلعب في خدوده ، فضحك وهو بيهز رأسه بموافقة وبيقعد على الكنبة ، مشيت ناحية الأوضة ولسه عيوني عليه وهو بياكل بالراحة وملامحه مرتاحة .


دخلت الأوضة ألبس بسرعة ، ولسه بفكر نفسي أن كدا كدا هوصله ، فليه اأذيه بدنياً ونفسياً ، هو طفل مش فاهم والموقف ميستاهلش ، دا غير أني ممكن استغل الموقف في إني أقرب منه أكتر ..


كل الأفكار دي كانت بتدور في رأسي ، لفيت الخمار بسرعة ، و وقفت ثواني أذكر ربنا وأستعيذ من الشيطان الرجيم..


طلعتله برا ورسمت على وشي ابتسامة لطيفة ، وقفت قدامه وشيلت الشنطة :

= يلا يا حبيبي علشان نمشي ..


مسك الشنطة من ايدي وهو بيقوم :

— لأ يا ماما هاتيها ، أنا هشيلها علشان أنا الراجل دلوقتي..


= ما أنت بتشيلها كل يوم ، محصلش حاجة هشيلها النهاردة..


حرك رأسه بنفي وهو لسه ماسكها :

— لأ بابا لما بيكون معاكي بيشيل هو الشنط وأنا راجل زيه وهشيلها ..


ابتسمت بفخر ، ومسحت على شعره بحب :

= يا خلاثي على الراجل بتاعي يا ولاد ..


سيبتله الشنطة يشيلها ، فابتسم برضا وهو بيلبسها ، مسك ايدي ومشينا بسرعة يمكن نلحقهم قبل الفسحة..


فضلنا ماشيين حوالي عشر دقايق ، وفجأة وقف مكانه فبصيتله باستغراب ، رفع ايديه وهو بيبتسم :

— ماما...تعبت شيليني .


رفعته لحضني ، وبوست خده :

= يعني هشيل الشنطة يا ماما وبعدين شيليني يا ماما .


هز رأسه بضحكة :

— اه علشان تعبت .


ضحكت معاه ، وهو لف ايديه حوالين رقبتي وسند رأسه على كتفي :

— ماما ...هو إحنا النهاردة هنروح عند جدو عبدالرحمن ؟!


= اممم ... ممكن منروحش النهاردة علشان بابا عنده شغل كتير ، بس وعد لما يخلص نروح علطول .


باس خدي كموافقة على الكلام ، وكمل نوم على كتفي وفضلنا ماشيين لحد الحضانة ، نحكي في أي حاجة .


وصلنا و وقفت أودعه ، ظبطتله هدومه وشعره ، وحضنته جامد وأنا بوصيه يكون هادي وميشاغبش ، جات الدادة وأخدته مني ، فضلت واقفة مكاني أشاورله لحد ما دخل .


حسيت بنغزة في قلبي وغشاوة من الدموع على عيوني ، واتبدلت صورة يونس بصورة بنوتة صغيرة بنضارة ، بتبكي بوجع وهي بتترجى مامتها ترحمها:

= ايدي يا ماما ...ايدي بتوجعني يا ماما ..سيبيني .


مسكت ايدي فجأة وأنا حاسة أن الوجع لسه فيهم ، مسحت دموعي بسرعة ومشيت من مكاني قبل ما حد يلاحظ .


خطوات تايهة وايدين بترتجف ،

 وعيوني بتدور في كل حتة في محاولة إني أحجز دموعي ومتنزلش .


ليه ؟! 

ليه يوجعوني كدا ؟ أنا كنت مجرد طفلة والله ، معرفش ايه الصح والغلط ...مكنتش وحشة والله ، أنا... أنا كنت بسمع الكلام وبعمل اللي بيقولوا عليه .. أنا مش وحشة .


وصلت للبيت مش عارفة إزاي ، دخلت وغيرت هدومي لعباية بيتي مريحة ، وبدأت أعمل الأكل وغصب عني دموعي كل شوية تنزل ، وقفت أسند على الرخامة وأنا بضغط على جفوني ، وبتنفس بالراحة ... معلش..معلش .


— مراتي يا حبيبتي ...مراتي يا عيوني...


سمعت صوت مالك من برا ، فمسحت دموعي بسرعة ، واديت ضهري لباب المطبخ وعملت نفسي مشغولة بالأكل ، رديت بصوت حاولت أطلعه طبيعي :

= نعم يا مالك ...


حسيت بيه واقف ورايا :

— بتعملي ايه ؟! ومدياني ضهرك ليه ؟!


اتحركت من مكاني وأنا برد بلجلجة :

= هكون بعمل ايه يا مالك يعني ، بعمل الأكل...بس أنت جيت بدري ليه ؟!


— اديني وشك بس يا عسل خلينا نتكلم عدل .


قال جملته ولفني ليه ، فغمضت عيوني علشان ميشوفش حمارهم ، مسح على شعري بلطف :

— فيه ايه يا زينب ؟ أنت كويسة يا حبيبي ؟!


ضغطت على عيوني أكتر ، وأنا بهز رأسي بنفي ، شدني لحضنه بالراحة :

— حد عملك حاجة ؟ طب حد قالك حاجة زعلتك ؟


هزيت رأسي بلأ وأنا لسه في حضنه :

= لأ محدش عملي حاجة .


— أومال زعلانة ليه ؟! 

ومتقوليش مش زعلانة أنت مش راضية تفتحي عينك حتى ، ايه اللي حصل ؟


طلعني من حضنه لما سكوتي طال ، ورفع وشي ليه ، فقولت بتعب :

= أنا تعبت يا مالك ...تعبت أوي ، مش عارفة أتخطى غصب عني بفتكر كل حاجة حصلت ، كل حاجة حواليا بتفكرني باللي حصل .


مسح على خدي بحنية :

— إحنا مش روبوت يا زينب ندوس على الزرار فننسى ، الماضي عمره ما هيفارقنا وفي كل موقف هيظهر ، بس أنت أقوى من كدا يا زينب ، الماضي خلص وانتهى ودلوقتي الحاضر في ايدك والمستقبل قدامك ، اعملي فيهم كل اللي نفسك فيه طالما حلال واتأكدي إني دايما في ضهرك .


دموعي نزلت وأنا عيوني متعلقة بعيونه ، وهو بيكمل :

— يمكن مكنتش معاكي قبل كدا ، بس دلوقتي إحنا سوا ، ومش هسمح لحد يزعلك أو يوجعك .


صوت بكايا علي ، وثباتي انهار ، المفروض كانوا هما يكونوا سندي الأول ، ليه كسروني ؟ ليه ؟!


مسكت ايده وأنا بسمح لنفسي لأول مرة إني أخرج كل اللي جوايا بصراحة ، بعد سنين كتماه خجل من موقفي الضعيف قدامه :

= كانت بتضربني على أي حاجة يا مالك ، والله مكنتش فاهمة ...كنت بسمع الكلام والله ، عارف كنت بسمع كلام وحش أوي يا مالك ...كنت بنام كل يوم معيطة ومش عارفة حضن مين يأويني ، كانوا بيشتموني كل شوية وقدام الناس ... أنا اتكسرت يا مالك .


شدني بسرعة لحضنه وهو بيحاول يهديني :

— اهدي يا حبيبي... بالراحة يا زينب ..


هزيت رأسي بعنف وصوتي انبح وأنا بقول بوجع :

= كانت بتقولي يا رب عربية تدوسك تفرتكك حتت منعرفش نلم منك حاجة سليمة ...ليه يا مالك تدعي عليا كدا ؟ هو أنا مش بنتها طيب ؟! ايه الغلط اللي عملته استاهل عليه إني اتقطع يا مالك ؟!


اتخضيت من قسوة الكلام ، وقلبي وجعني عليها ، شددت من ضمي ليها ، وأنا بقول بصوت عالي :

— بعيد الشر عنك يا حبيبي...بعيد الشر عنك ، الله يحفظك دايما ، أنت متستاهليش غير كل جميل والله يا عيوني ..كل حاجة حلوة هي لزينب ...حقك على قلبي يا نور عيني...حقك على قلبي .


فضلت تبكي بصوت عالي ، وأنا مش عارف أعمل حاجة غير أني أزيد من ضمي ليها ، عيوني دمعت وأنا سامع نبرة القهر في صوتها :

= ليه بيأذونا يا مالك ؟! هو مش المفروض يعاملونا إحنا أحسن معاملة ...مش المفروض يكونوا أحن ناس علينا ؟ ليه بيأذونا ومحدش بيحاسبهم ...عارف كانوا بيقولولنا ايه ؟ 


بصيت لعيونها الموجوعة بضعف وهي بتكمل :

= كانوا بيقولولنا إحنا نعمل اللي إحنا عايزينه وأنتم تستحملوا ، هو مش دا ظلم يا مالك ؟ هو علشان هما الأهل يكسرونا زي ما هما عايزين ... أنا تعبت يا مالك ...والله تعبت .


مسحت دموعها بحنية ، وعيوني متعلقة بعيونها :

— هيتحاسبوا على كل دا يا زينب ...والله ليتحاسبوا ، على كل لحظة وجع وقهر عيشتيها ..والله ليتحاسبوا ، حاشا ربنا أنه يظلمنا يا عيوني ومش معنى إني أب مش هتحاسب لو أذيت عيالي ، مفيش أي مبرر للأذية يا زينب ..والتربية الصح مش بالضرب والشتيمة وكل اللي بيعمل كدا هيتحاسب .


دموعها زادت من تاني ، ونزلت رأسها بضعف ، لفيت ايدي حواليها وأخدتها وطلعنا برا ، قعدنا على الكنبة هي مغمضة عيونها وبتبكي وأنا حاضنها بس ، مستني أنها تطلع كل اللي جواها ، ودماغي بتحلل تصرفاتها اللي كنت بشوفها غريبة ، لما كانت كل مرة يونس يغلط فتحبس نفسها في الأوضة وايديها اللي علطول متجرحة من ضغطها عليها ، كانت بتحارب طباع وسموها بيها من معاملتهم ليها ...بتحارب لوحدها من غيره .


فضلنا لفترة قاعدين ، حسيت بأنفاسها انتظمت فعرفت أنها نامت ، رفعت وشها ليا وأنا ببص على أثار الدموع وعيونها المنفوخة ، وقومت بالراحة علشان متنزعجش وشيلتها دخلتها الأوضة ، ساندة رأسها على كتفي باستسلام وبين اللحظة والتانية شهقات صغيرة بتطلع منها ، وأنا على عيني وجعها والله .


نيمتها كويس وغطيتها ، طلعت برا في الصالة وأنا بتنفس بهدوء ، وعقلي لسه مش مستوعب بشاعة اللي مرت بيه ، مسحت على وشي بتعب قبل ما أسمع صوت الباص ، فعرفت أن يونس جه .


شديت الجاكيت بسرعة ونزلت أجيبه ، بمجرد خروجي من البيت شوفته جاي ناحيتي وابتسامته وسعت لما شافني ، فتحت حضني وشلته وأنا بطبع بوسة صغيرة على خده :

— عامل ايه يا بطل ؟ 


باس خدي زي ما عملتله :

ـ الحمد لله يا بابا .. أنت جيت بدري قبلي ليه ؟!


مشيت بيه لجوا :

— جيت علشان أعملهالك مفاجأة ..


ـ هي ماما قالتلك إني عايز أروح عند جدو عبدالرحمن ، فأنت جيت بدري ؟!


قالها وهو بيبصلي بعيونه الحلوة (اللي واخدها من زينب طبعاً) ، فرديت عليه وأنا بستغل الفرصة :

— إحنا فعلاً بقالنا كتير مرحناش ، بس أنا وماما ورانا مشوار مهم بالليل ، فهوديك عند جدو تقعد معاهم شوية وهاجي أنا وماما نكمل السهرة معاكم ...متفقين ؟


ـ متفقين .


دخلنا البيت فسيبت يونس في الصالة ، ودخلت أدور على حاجة خفيفة أعملها للغدا ، بس طبعاً مكنتش فاهم حاجة .

فتحت التلاجة فلقيت بانيه مقلي ولقيت العيش على الرخامة ، عملتلنا سندوتشات وطلعت برا .


ملقتش يونس في الصالة ، خبطت على أوضته بس مردش عليا ففتحت الباب ، ولما ملقتهوش جوا خمنت أنه دخل عند زينب ..


فتحت الباب وأنا بنادي عليه بالراحة :

— يونس ..يونس .


وزي ما توقعت كان جوا فعلاً ، نايم في حضنها وهي محاوطها ، قربت شيلت الكوتش من جنب السرير حطيته مكانه ، وحطيت الأكل على الطرابيزة ، وفردت جسمي جنب يونس من الناحية التانية وحضنتهم هما الاتنين ونمت .


معرفش نمنا قد ايه ، بس فوقت على خبط زينب لكتفي ، فتحت عيني نص فاتحة وهي بصالي بزهق ، لفيت عيوني ناحية ايدها اللي بتهزني جامد ، ورجعت غمضت تاني عادي ولا كأن في حاجة .


— اه !!


فتحت عيني بسرعة وأنا بتوجع ، مسكت دراعي اللي قرصته وأنا ببصلها بغضب وهي بتبادلني بشماتة :

= العصر أذن يا مالك ، قوم علشان تلحق تروح قبل الإقامة.


قالتها بصوت أقرب للهمس علشان يونس ميصحاش ، ضغطت على شفايفي بغيظ :

— لولا أني متأخر لكنت كسرت الفازة اللي جنبك دي على دماغك ..حسبي الله.


= في الظلمة يا غالي .


بصيت لها بقرف ، وقومت دخلت اتوضيت بسرعة ، وقفت ألبس الكوتش وهي واقفة جنبي بالجاكيت بعد ما قامت ، أخدته منها باستعجال وأنا بشاور بعيوني ناحية يونس :

— صحي يونس بقى على ما أجي وجهزيه علشان نوديه عند بابا .


= ليه ؟!!!


مشيت ناحية الباب بسرعة :

— اعملي بس يا حبيبي اللي بقولك عليه ولما أجي هنتكلم .


هزت رأسها بالموافقة ، فابتسمتلها بحب وأنا بشاورلها .


وبعدين نزلت جري ألحق الصلاة وأنا سامع صوت الإمام بيقيم ، والحمد لله المسجد كان قريب فلحقته .


وحقيقي كنت محتاج في الوقت دا أصلي ، محتاج أفتكر أن الدنيا دي مش سايبة وأن مفيش ظالم هيعدي من غير حساب ، وأن كل مظلوم هيرجعله حقه في يوم وقلبه يرتاح .


خلصنا صلاة وقولت الأذكار ، وبعدها طلعت بسرعة ناحية البيت ، دخلت وأنا برمي السلام قبل ما أقف مكاني بصدمة ، كان يونس وزينب قاعدين بياكلوا السندوتشات اللي عملتها و كمان صابين لنفسهم عصير .


— وايه كمان ؟!

بجد والله يعني عامل السندوتشات وكمان مش مستنيني .


قولتها باستنكار وحاجب مرفوع ، فردت زينب بابتسامة هبلة :

= إحنا كنا بناكل تصبيرة على ما تيجي ...صح يا يونس ؟


حركت عيوني ناحية يونس اللي رد بسرعة :

ـ صح يا ماما .


بصتلهم بغلب ، وروحت حشرت نفسي جنبهم على الكنبة وأنا بزق زينب :

— فسحي شوية خليني أقعد ، وناولني يا يونس سندوتش من عندك .


مد ايده بالسندوتش فأخدته وعيوني بتدور على الكاتشب ، عقدت حواجبي باستغراب وأنا بسأل :

— هو الكاتشب فين ؟ أنا فاكر إني كنت مطلعه .


بصيت ناحيتهم فزينب بصت بعيد ، ويونس بقى يبص ليا شوية ولزينب شوية بحيرة ، وجهت كلامي لزينب اللي عاملة فيها من بنها :

— زينب حبيبي..


= نعم ..


— أنعم الله عليكي يا غالي ، الكاتشب فين يا باشا ؟!


قطمت من السندوتش اللي معاها وهي بتقول بلا مبالاة مصطنعة :

= وأنا هعرف منين ؟!


ابتسمت بسخرية :

— يعني مش أنت اللي مخلصاه مثلاً ، أنت أكتر واحدة بتحب الكاتشب في البيت وبيخلص في أقل من أسبوع بسببك ، ها يا حب خلصتي كام كيس على السندوتش ؟!


ضيقت عيونها وهي بتشاور بايديها :

= حبة صغيرين ..


— كام ؟!


= ستة ..


بصيت لها بطرف عيني ، وطبطبت على كتفها بالراحة :

— بالهنا يا حبيبي ، بس متكتريش علشان متتعبيش ..


هزت رأسها بابتسامة ، وكملنا أكل وأنا بقولهم الخطة .


— كدا يا يونس هنعمل ايه ؟!


رد عليا وهو بيرفع ايده بحماس :

ـ هتودوني عند جده ألعب معاه على ما تيجوا من المشوار ، وهتجيبوا معاكم كفتة للعشا وهنام النهاردة عند جدو .


— شطور ...قوموا يلا علشان منتأخرش .


قومنا بسرعة ، زينب أخدت يونس تجهزه وأنا دخلت غيرت هدومي ، خلصت وقعدت ألبس يونس الكوتش والجاكيت وزينب دخلت تلبس ، وبعد نص ساعة كنا جاهزين ، شيلت يونس ومسكت ايد زينب وطلعنا ناحية العربية .


وصلت يونس لبيت بابا ، وسلمنا عليهم بسرعة وبعدين طلعنا بالعربية ، سألتني زينب وإحنا في الطريق :

= إحنا رايحين فين يا مالك ؟!


— هنخرج شوية يا حبيبي ، بقالنا كتير مطلعناش ..


عقدت حواجبها باستغراب :

= بس إحنا خرجنا من حوالي شهر .


حركت رأسي بتأكيد :

— ايوا بس كان معانا يونس ، أنا قصدي إحنا لوحدنا ..بقالنا كتير مطلعناش من غير يونس .


قولت أخر جملة بلوم ، فبررت بسرعة :

= يعني نسيبه لوحده ؟!


— طب ما نسيبه عند بابا ولا هو العشق الممنوع مبيظهرش غير لما أكون عايز نخرج سوا .


= على فكرة يا مالك دا ابنك .


— ايوا بس مزهقني ، وبيقعد يحضنك ويلعب معاكي قصدا علشان يغيظني ..


عيونها وسعت بصدمة :

= مالك دا لسه طفل ميعرفش اللي بتقوله ..


شوحت بايدي وأنا ببص على الطريق :

— اركني أنت على جنب أنا عارف التصرفات دي كويس ..


= وأنت بقى عارفها منين ؟!


ابتسمت بفخر وأنا بشاور على نفسي :

— ما هو أنا كنت بعمل كدا مع بابا ، الرخامة دي موروثة مش اجتهاد شخصي منه .


بصيتلي لثواني بصدمة قبل ما تضحك بصوت عالي وهي مش مصدقة ، ابتسمت وأنا شايفة بتضحك ...بالله ميليقش عليها غير الفرحة .


ركزت في الطريق وبعد حوالي عشر دقايق كنا واصلين ، نزلت من العربية وهي بتبص حواليها باستغراب :

= أنت جايبنا هنا ليه يا مالك ؟!


مديت ايدي ناحيتها فمسكتها بتوتر ، كنا في الجبل والمدينة كلها مكشوفة قدامنا ، قعدنا على الأرض وسندت رأسها على كتفي ، وحضنت ايديها بين كفوفي :

— خرجي كل اللي جواكي يا زينب ..ابكي واصرخي زي ما أنت عايزة ..لحد ما ترتاحي يا حبيبي..لحد ما ترتاحي .


مسمعتش رد منها ، بس حسيت برعشة جسمها وشهقاتها اللي بدأت تطلع ، كل مدى بتزيد وأنا النغزة في قلبي تزيد معاها ، لفيت ايديا حواليها وضميتها وبدأت أرقيها بصوت هادي ، فضلنا على وضعنا لحد ما حسيت بيها بتحاول تطلع من حضني فطلعتها بالراحة ، فقابلني عيونها المنفوخة وأنفها اللي أحمر وطبعاً الدموع مبوظة وشها ، 

ابتسمتلها بحب وطلعت المنديل وبدأت أمسح وشها :


— خلصتي ولا لسه ؟! أنا ممكن أخلي يونس عند جده يومين تلاتة على ما تروقي ...اتصل أسيبه عندهم ونطلع أنا وأنت على اسكندرية ؟!


قولت أخر كلامي ببرائة فبصتلي بتشنج ...اللي هو لا والله ! .


— ايه بتبصيلي كدا ليه ؟!

أنا عايزك تفرفشي يعني ..


رفعت حاجبها وهي بتبصلي بنفس النظرة :

= دا بجد !!

يعني دا علشاني مش علشانك..


طبطبت على خدها بلطف وأنا بضحك :

— وهو أنا وأنت ايه مش واحد ..


ضحكت بخفة ومسحت وشها بالراحة ، سندت رأسها على كتفي تاني وقعدنا نتفرج على المنظر قدامنا ، وسكوت لطيف حوالينا وعيونا بتستمتع بمنظر الغروب .


قطعت الصمت دا وطلعت تليفوني ، هزيتها بحماس :

— بقولك ايه تعالي نتصور ..


عادة غريبة عندي إني بحب أصور أي حاجة ، الأكل اللي زينب بتعمله ، أنا ويونس وإحنا بنلعب ، زينب وهي بتطبخ ... حرفياً ماشي أصور أي حاجة.


شاورت على نفسها باستغراب :

= هنتصور بمنظري ده ؟! مش لاقي منظر أسوء من كدا تصورني بيه ..


فتحت الكاميرا وحطيتها قدامنا ، وأنا بضحك على كلامها :

— ماله منظرك ما هو حلو اهو ، وبعدين ايه يعني أما نتصور وإحنا منهارين ..اضحكي بس ..اضحكي .


ابتسمت بخفة فبادلتها الابتسامة وبدأت أصورنا كذا صورة ، وبوضعيات مختلفة ، لحد ما زهقت مني ... ففتحت فيديو .


= مالك متهزرش فتحت فيديو ليه ؟!


— هي مش واضحة ولا ايه ؟! 

أكيد علشان أصورك وبعدين أساومك عليه وإلا هنشره في كل جروبات العيلة وأقول شاهد مراتي وهي تبكي ، وأخد لقطات منه واعمل عليها ميمز واستيكر ..


بصتلي بعدم فهم ، فقلبت عيني بملل :

— زينب حبيبي هكون فاتح فيديو ليه ، علشان نتصور سوا ونوثق اللحظة ، أنت ليه محسساني إني بعمل حاجة غريبة ، دا أنا وصحابي كنا عايشين في الفيديوهات دي طول ثانوي ..دا احنا عاملين فيديو كيف تُطرد من درس الكيميا في خمس خطوات بدلا من سبعة .


كانت لسه بصالي بنفس النظرة ، فتجاهلتها وأنا ببص ناحية الكاميرا مرة تانية وبقولها بحماس :

— أغنيلك ؟!


زقت ايدي اللي محاوطاها بفزع :

= بالله عليك ما تعملها يا مالك ..


بصيت لها بصدمة وأنا حاسس بالخذلان لما ييجي من أقرب الناس :

— قصدك ايه زينب ؟ قصدك أن صوتي وحش ؟!!


= مالك أنت لما بتبقى عايز تعاقبنا أنا ويونس بتغني ، بالله عليك كفاية كدا ، يونس بقى يعمل زيك ويغني وبضطر أجاريه ودماغي بتصدع ..


بصتلها بطرف عيني بقرف :

— على العموم أنت الخسرانة ، بكرا تترجيني علشان أغنيلك ومش هعبرك ..


قولت كلامي وبصيت بعيد بقمص ، فمسكت دراعي بهزار وأنا بزقها ، شدت التليفون ناحيتها :

= ما خلاص يا مالك بقى .. وبعدين مش هتعمل فيديو تعترف فيه بحبك ليا وأن بعد سنين من الجواز لسه بتحبني ؟!


ابتسامتي وسعت ورجعتلها بنظري بحماس وبدأت أصورنا :

— لأ هعمل ..بصي هنا بقى .


بصت معايا فقولت :

— بسم الله الرحمن الرحيم .. أنا مالك عبدالرحمن وبكامل قوايا العقلية والنفسية والاجتماعية والثقافية...


سمعت ضحكتها فكملت بضحكة مشابهة :

— اعترف بحبي الشديد لزوجتي الكتكوتة زينب عمار ، وأم ابني يونس حبيب أبوه ، حب لم يتغير بمرور السنين وبعد كتير من الزعيق والخناق ومش طايقاك يا مالك ولا أنا طايقك يا عيون مالك ...


حسيت بيها بتميل عليا وبتزيد في الضحك ، وأنا على وضعي مكمل :

— وبعد كتير من المناقشات الهادئة اللي كانت بتنتهي بنومتها في المطبخ ونومي ورا باب الشقة ، أقر بزيادة هذا الحب لأم العيال ..


لفيت ليها وعيوني بتحضن ملامحها :

— بحبك يا زينب..


تمت .


تعليقات

التنقل السريع