سكريبت كامل حصري لمدونة قصر الروايات
سكريبت كامل حصري لمدونة قصر الروايات
كان يوسف جالساً في شرفة منزله، ضوء القمر الفضيّ يُزيّن أوراق الأشجار كالفضة السائلة. في يده هاتفٌ أسود، إشعارٌ ظهر فجأةً: "علي المغربي يريد صداقتك" . لم يعرف يوسف شيئاً عن المغرب سوى أنها أرض السحر والقصص الغريبة، لكن فضوله قاده إلى قبول الطلب.
المحادثة الأولى :
علي: "أرى في عينيك حزناً يختبئ خلف الابتسامة".
يوسف: "وكيف ترى هذا عبر الشاشة؟".
علي: "لديّ عينان تُبصران ما وراء الأبعاد...".
أصبح اللقاء الافتراضي طقساً ليلياً. كلمات علي كانت كالضباب الذهبيّ – تلمع ثم تختفي تاركةً أسئلةً بلا أجوبة. ذات ليلة .... وصلت رسالةٌ هزّت كيان يوسف:
"أرسلت لك هديّةً مع صديقي انه سيأتي إلى بلدك زيارة... حلوى المغرب الحمراء. وصفةٌ خاصّةٌ من جدي. ستشعر بأنّك وُلدت من جديد".
في صباح اليوم التالي، و بعد ان قام باستلامها ، وجدها علبةً خشبيةً منقوشةً برموزٍ غريبةٍ. داخلها قطع حلوى قرمزية تشبه دماء متجمدة. أكل قطعةً وهو يضحك من خرافات علي... لكن في منتصف الليل، استيقظ على صوت هسهسةٍ تحت سريره. شعر بيدٍ خفيةٍ تضغط على صدره كأنها تريد انتزاع روحه. لم يستطع الصراخ. فقط رأى عينين صفراوين في الظلام.
بعد أسبوع، استيقظ يوسف فجراً لا يتذكّر اسمه. مشى في الشارع بملابس النوم، والدماء تجري من أنفه. جمّدته الشرطة عند إشارة المرور:
الشرطي: "ما اسمك؟".
يوسف: "لا أعرف... لكن هناك عيون صفراء تلاحقني".
_______________________
في البيت، حدّق في صورة والديه على الحائط كأنهما غريبان. صرخت أمه: "يوسف! ابني الحبيب!"... لكنه رفع يده ليحمي وجهه من "هذين المجهولين".
صداقات تحت الرماد
بدأ يوسف يتشاجر مع اصدقائه لاتفه الأسباب و قد ادى هذا لخسارته بعض اصدقائه
بعدها بثلاثة أيام، وجد مازن صديق يوسف سكّيناً مطبوعاً عليها رمزٌ غريبٌ تحت باب منزله. قطع علاقته بيوسف. تبعه باقي الأصدقاء واحداً واحداً. أصبح يوسف جزيرةً من الشكّ والرعب.
بدأت السقوطات المفاجئة. مرةً في السوق، سقط في محل لبيع البطيخ. مرةً في المصعد، انهار وهو يهمس: "إنه يخنقني". أسوأها كانت في صلاة الجمعة:
بينما كان الإمام يقرأ: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾، صرخ يوسف: "هو هنا! في المحراب!" ثم سقط مغشياً عليه.
الأطباء شخصوا الحالة: "صراع نفسي مجهول السبب" . لكن الوالدة رأت الحقّّ: في إحدى الغيبوبات، كان يتكلم بلهجةٍ مغربيةٍ غليظةٍ:
"أنا علي... وهذا الجسد ملكي الآن".
_____________________
في ليلةٍ ممطرةٍ، وقف يوسف أمام مرآة الحمام. رأى انعكاساً مشوهاً لوجهه – شفتاه أزرقتان، وعينان مثل قطتيْن في الظلام. فجأةً، ضرب المرآة بقبضته حتى تحطّمت! صرخ بصوتٍ ليس صوته:
"أنا علي! وهذا الجسد سجني! حرروني!"
ثم انهار يبكي. عندما عاد إلى وعيه، وجد يديه تنزفان، ووالدته تبكي في الزاوية: والدته :"من كنت تخاطب؟".
___________________
أصبح يوسف وحشاً في البيت. رفض طعام أمه:
"هل تريدين تسميمي؟ أنتِ وعلي متحالفان!".
في يومٍ آخر، ألقى بطبخة الأرز في وجه أبيه:
"الطعام مليء بالدّيدان! ألا تراها؟".
كانت نوبات غضبه كالعواصف: تبدأ بصمتٍ مخيفٍ، ثم انفجارٌ من الصراخ والتحطيم، وتنتهي بانهياره على الأرض كالميت. استسلم الوالدان للبكاء و الدعاء كل ليلة.
في ليلةٍ خاصةٍ بالظلام، كانت العاصفة تعوي خارج المنزل. استلقى يوسف في غرفته، يسمع همساتٍ باللغة الأمازيغية. فجأة، جلس في السرير وأصدر صوتاً كالجريح:
"آآآه! إنه يحرقني من الداخل!"
في تلك اللحظة، دقّ جرس الباب. وقف على العتبة شيخٌ، ثوبه الأبيض يلمع في الظلام، وعيناه تفيضان حكمةً قديمةً . بعد ان استضافه الوالد ، قال لأب يوسف:
"ابنه مسحور. سحر أكلَه مع طعامٍ من يد عدوٍّ".
دخل الشيخ الغرفة. رائحة المسك تفوح من ملابسه. اخرج قارورة ماء زمزم من حقيبته و بدأ الرقية:
قراءة آية الكرسي بصوتٍ يملأ الغرفة رعدةً.
سورة البقرة كاملة، واليد ترسم دائرةً حول رأس يوسف.
الأذكار المتتالية كالسهام.
يوسف يصرخ: "احترقت! اتركوني!".
الشيخ: "اخرج أيها الشيطان! هذا الجسد ليس لك!".
بعد ثلاث ساعات،تقيّأ يوسف مادة سوداء كثيفة، تدفقت كأنها نهر جحيم. اختفت في الأرض كأنها لم تكن.
فتح يوسف عينيه. نظرة صافية لأول مرة منذ عام. نظر إلى أمه:
"أمي... كم اشتقتُ لوجهك
كانت عيناه تدمعان ثم قال
" امي ... أنا جائع ، لماذا اشعر و كأنني لم آكل منذ شهور ؟ "
ثم التفت إلى الشيخ: "من أنت؟".
أجاب الشيخ: "رجلٌ اخبره والدك أن هناك روحاً تُختطف".
أعطاه الشيخ ورقةً صغيرةً مكتوباً عليها:
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾
وفي الخلف: "السحر حق، لكن نور الإيمان أصدق" .
بحث يوسف عن حساب "علي المغربي". اختفى كأنه دخان. و لكن في البريد القديم، وجد رسالةً منه بتاريخ ليلة السحر:
"عندما تأكل الحلوى، ستكون لي. لي. روحك ستعبر المحيط إلى مدينتي فاس... إلى الأبد" .
ذات ليلة،كان يجلس خارجاً في الحديقة فسمع همساً :
"يوسف... الحلوى كانت لذيذة، أليس كذلك؟".
التفت فلم يرَ سوى قطٍ أسود بعينين صفراوين يهرب من بين الأشجار.
يجلس يوسف الآن مع أبيه. يشربان الشاي بالنعناع. الأب يسأل:
"هل ما زلت تخاف؟".
يوسف: "لا... لكني أتعلم شيئاً جديداً كل يوم".
الأب: "ما هو؟".
يوسف: "أن العينين الصفراوين... لا تقوى على محبّة أمٍّ تصلّي كل ليلةٍ لإنقاذ ابنها".
يمسك الأب يد ابنه. ورقة الشيخ لا تزال في جيب يوسف. هو يعرف أن الحرب لم تنتهِ... لكن النصر أصبح طعماً يومياً يتذوقه مع كل شروق للشمس
"السحر يُهزم باليقين، والظلام يفرّ من مصباح الدعاء" .
#النهاية
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا