القائمة الرئيسية

الصفحات

سكريبت أيُهدىٰ لكِ الوردْ أم تُهدين إليهِ ؟" كامل وحصري لمدونة قصر الروايات

 

سكريبت أيُهدىٰ لكِ الوردْ أم تُهدين إليهِ ؟" كامل وحصري لمدونة قصر الروايات 



سكريبت أيُهدىٰ لكِ الوردْ أم تُهدين إليهِ ؟" كامل وحصري لمدونة قصر الروايات 



."أيُهدىٰ لكِ الوردْ أم تُهدين إليهِ ؟"


_أمم أنت شايف إيه؟


رِجع خطوة لورا وهو بيتابعني بصمت قبل ما يجاوبني بهدوء مصحوب بإبتسامته:

_أنا شايف إن الورد يُهدى ليكي طبعًا.


ضيقت عيني بإستغراب وسألته:

_اشمعنا بقى؟ ليه أنا اللي مأُهديش ليه؟


إبتسامته وسعت بمشاكسة ورد بحب وقال:

_السبب بسيط خالص حضرتك، وده لأن احنا بنجيب الحلو عشان نُهديه للأحلى منه. 


نهى كلامه بغمزة عابثة خليتني أبص في كل حتى إلا هو وأنا بجاوبه بهدوء أُحسد عليه وسط خجلي:

_كلامك حلو ومُقنع على فكرة.


هز رأسه بثقة كبيرة وإتكلم بنفس الطريقة الثابتة:

_هو كلامي لو مكنش حلو ومُقنع كانت الآنسة نور قِبلت بيا !


إبتسمت بسخرية على ثقته الزايدة قبل ما أرد ببرود:

_مش عشان كده على فكرة ، ده مش سبب أساسي.


رفع حاجبه بإستنكار وسأل:

_على كده إيه السبب الأساسي؟


_هكتفي إني أحتفظ بيه لنفسي .


جاوبته ببساطة مصحوبة بإبتسامتي ، قبل ما أبعد وأقدم عنه خطوة ، وهو لحقني ورِجع يسألني بس المرة دي بضحك:

_بس أنا حابب أعرف أي نوع من أنواع الشفقة اللي حسيتي بيها لما جيت أتقدملك ، وعشان كده صعبت عليكي وقررتي تقبلي بيا.


ضحكت ، بس رغم كل ده رديت بإستعطاف معاه وكأني فعلًا مشفقة عليه:

_متثتقِلش بنفسك يا ابني أنتَ حاجة كبيرة أوي. 


_وأنتِ حاجة عسل أوي .


قال كلامه فجأة وبعدها ضحك وكأنه بيستمتع بخجلي وإحراجي ، فغمضت عيوني بإحراج وحطيتها في الأرض وأنا بتمتم وبقول:

_حرام والله الإحراج يبقى بالشكل ده!


سمعت ضحكته وده يُدل أنه سمعني للأسف ، بس مش مهم أهم حاجة أبين إني مش فاهمة .


يوسف وقف فجأة واتكلم بجدية:

_المهم ، كنت حابب أتكلم معاكِ في موضوع مهم أوي.


بصيت للساعة ورجعت بصيتله وأنا بتكلم بسخرية:

_موضوع إيه دلوقتي حضرتك ، إحنا المفروض هنخرج ، فاهم يعني إيه هنخرج ، وكمان بابا محدد ساعتين بس !


إبتسم إبتسامة خفيفة وقال:

_هو ده بقى الموضوع المهم اللي حابب أتناقش معاكي فيه. 


حطيت الورد في العربية ، وبعدين إلتفتله بعدما ربعت أيدي وقُلت:

_لا مش فاهمة. 


أتكلم وقال بنفس الأسلوب:

_إيه رأيك لو نقنع عمي إنه يمدلنا التايمر شوية وبدل ما المدة المتاحة تبقى ساعتين يخليها ساعتين ونص. 


كنت واثقة إن الموضوع تافه بصراحة ، وأنه بيحاول يأخرنا وخلاص وكملت على أساس اني مش فاهمة وبتاع.


_أنتَ بجد والله؟؟


شاور على نفسه بإستنكار:

_ده شكل واحد بيهزر؟؟.


هزيت رأسي وأكدتله:

_ده مش شكل واحد غير أنه بيهزر على فكرة. 


اتحرك للعربية وهو بيكلم نفسه بحسرة ودراما وبيقول:

_ضاعت الكاريزما، ضاعت الهيبة. 


فضلت على نفس وقفتي وأنا بسأله بتوعد:

_أنتَ هتفضل تتكلم كده كتير ، وفي الأخر ضاعت الخروجة واللي عاوزه هيحصل مش كده يا أستاذ؟


بصلي ونفخ بضيق وقال:

_ما أنتِ اللي طالبة تخرجي في مكان مريب بصراحة !


فتحت عيني على آخرها بصدمة ، وكأنه وجه إهانته ليا أنا مش للمكان ورديت:

_والله ؟؟، الملاهي بقت مكان مُريب دلوقتي. !


دخل العربية وقال:

_أوفكورس مكان مريب طبعًا. 


فتحت باب العربية وأنا بضحك على كلامه بتريقة وقلت:

_طب يلا عشان منتأخرش على المكان المريب.


شغل العربية وهو بيتمتم مع نفسه:

_كإني بتكلم مع نفسي ، أنا كان إيه بس جابرني على كده!


بصيتله بصة شك وسألته بشر:

_بتقول حاجة يا يوسف.


_بقول يدوب نلحق فقرة بوجي وطمطم يا روحي.


*******

في اليوم التاني 

صحيت بمزاج رايق جدًا بعدما عكننت على يوسف إمبارح وخليته يجرب كل الألعاب معايا وده طبعًا بعد ما عيطت في نص المكان ، كان المنظر يصدم إنه دكتور له مركزه وقيمته ويشارك في كل الهبل إللي حصل ده.


بعتله لكن مردش ، فعرفت أنه لسة متغاظ مني ، خرجت من أوضتي للصالة ولقيت ماما واختي لسة بيفطروا فقعدت بسرعة وأنا باين عليا الروقان وحيّتهم:

_صباح الخير.


ماما ضحكت وهي شايفاني باكل أي حاجة تقابلني رغم أنه ده مش من طبعي وسألتني:

_صباح النور يا حبيبتي، انبسطي إمبارح مع يوسف؟


إبتسمت بسعادة وأنا بشرحلها بحماس ولهفة وبجاوبها:

_دي كانت خروجة تُحفة يا ماما ، الملاهي دي طلعت أحلى بكتير وأنا كبيرة  .


ماما هزت رأسها بيأس مني ومن تصرفاتي وقالت:

_ربنا يهديكي يا بنتي ، أنا مش فاهمة يوسف جايب العقل ده كله منين اللي مخليه مستحمل أفعالك الغريبة. 


ابتسمت بثقة وأنا برد بفرحة:

_عشان بيحبني ومبيحبش يزعلني.


وفجأة إتخضينا أنا وماما ، لما فجأة كنزي اختي خبطت بإيدها على السفرة وقامت بغضب واضح وهي بتقول:

_أنا شِبعت.


ورغم تصرفها الغريب اللي إني حاولت أتكلم معاها رغم إستغرابنا أنا وماما :

_مالِك يا كنوزة ، ما تيجي تقعدي معانا ، بقالنا كتير مقعدناش سوا.


بصيتلي بكره أول مرة اشوفه في عيونها لكني حاولت أنكر إني شوفته أصلًا وردت:

_مليش مزاج.


وطبعًا بسبب إني طول المدة اللي فاتت بحاول أنكر كل تصرفاتها معايا وأعمل نفسي مش شيفاها ، مكنش غريب إني آخد نفس الموقف المرة دي كمان واتجاهل طريقتها:

_طب تعالي ساعديني نختار صورة حلوة من اللي اتصورناها إمبارح واحكيلك يومنا مشي إزاي، يوسف مبطلش صريخ فضحنا الله يسامحه .


وهنا قابلتني نسخة من اختي أنا معرفش عنها حاجة!!.


_مش لازم خطيبك يبقى محور حياتنا ونقضيها كلام عليه وبصراحة أنا عندي حاجات اهم بكتير من حياتكم الوردي واني أقعد أناقش معاكي  تصرفات الدكتور ، ومدى حبه وهيامه الكبير بيكي ، دي إسمها تفاهة .


خلصت كلامها وقفلت على نفسها باب أوضتها ، وأنا وقفت مكاني بصدمة بحاول استوعب هي قالت ايه لكني مش قادرة أصدق ، هل دي كنزي أقرب حد ليّا في الدنيا وأكتر حد بيشاركني في كل حاجة، هل دي اختي الأقرب ليا من نفسي. 


ماما كانت في حالة صدمة هي كمان فبصيتلها بصدمة وسألتها:

_هي بتكلمني إزاي كده!


****

وعلى عكس حالتي إمبارح والنهاردة بعد كلام كنزي ليا كنت مخنوقة ، كلامها ونظرتها كانوا بمثابة صفعة ليا ، صفعة مش فاهمة سببها ولا قادرة أشيلها من بالي ، فلجأت ليوسف وحكيتله كل اللي حصل ، وهو حاول يهديني وقال بهدوء:

_ممكن تهدي ، وهو زي ما قولتلك حاولي تقربي منها وتتكلمي معاها بهدوء، جايز حد موصلها حاجة غلط عنك .


ضحكت بسخرية قبل ما أرد عليه بهجوم:

_أنا اختها يا يوسف ! ، يعني مش منطقي إن اي حد يوصلها حاجة مش حقيقية عن اختها تصدقها!


طريقته الهادية متغيرتش بالعكس برر تاني وقال:

_وهي لسة صغيرة ومش فاهمة ، وبعدين ما أكيد اللي هيتكلم معاها بخصوصك مش هييجي خبط لزق يقولها أصل أختك كذا وكذا ، لا يا حبيبي بتيجي بطرق تانية كتير أوي. 


_يعني أنتَ شايف أنا المفروض أعمل إيه دلوقتي؟


سألته بتعب بعد ما زهقت من التفكير طول الفترة اللي فاتت في سر نفورها مني ، فإتنهد يوسف ورد:

_المفروض تخرجي وتبدأي تقربي منها تاني زي الأول وأحسن كمان ، وأنا أروح أكمل شغل ، بس هستنى أسمع منك كلام حلو عن حل سوء التفاهم اللي بينكم إن شاء الله. 


قفلت مع يوسف وأنا بحاول أرتب أفكاري عشان مقومش أواجهها بتغيرها ده ، المرة دي فكرت في نصيحته وإتأكدت أنها صح ، ولما استعديت أخرج ليها إتفاجئت بيها بتدخل أوضتي وهي بتستأذني بصوت مخنوق:

_ممكن أدخل.


هزيت رأسي بصعوبة ورغم إني محتاجة أتكلم معاها الا اني لقيت صعوبة في إني أبصلها :

_أكيد ، أنا كنت جاية أساسًا أتكلم معاكي دلوقتي ، وتقريبًا كده حسيتي إني محتاجاكِ.


خلصت كلامي وأنا بشاورلها تقعد جنبي ، فقعدت وقالت بلهفة:

_بصراحة مش أنتِ اللي محتاجاني ، أنا اللي محتاجاكي.


لاحظت الإنكسار اللي في صوتها فإتعدلت وبدون تفكير في أي حاجة سألتها:

_مالِك يا كنزي ، أنتِ كويسة؟؟


هنا هي هزت رأسها بنفي وبصيتلي بحزن واتكلمت بصعوبة:

_لا أنا مش كويسة خالص ، مش كويسة خالص يا نور، أنا تعبانة وموجوعة أوي. 


منظرها خضني فضمتها ليا وأنا بتكلم بلهفة وبقول بقلق:

_طيب ممكن تهدي وتتكلمي براحة شوية عشان أفهم ، فيه إيه بس يا حبيبتي إيه اللي حصلك!؟


فضلت تعيط فترة ولما هديت شوية ، بعدت عني وهي بتمسك إيدي بترجي وإتكلمت:

_أنا محتاجة أطلب منك طلب والطلب ده صعب أوي.


ورغم قلقي الا اني بلعت ريقي بخوف عليها وفي ماهية طلبها بس رديت بدون تفكير:

_أكيد مش هتأخر لو هقدر أعمل ده.


إتفاجئت بيها بتبتسم من وسط دموعها اللي بدأت تمسحها وردت بسرعة:

_هتقدري أنا واثقة من ده ، بس الأول لازم توعديني .


ضيقت عيني بشك وفجأة حسيت إن حاجة خنقتني بس اتجاهلت كل ده وأنا بسألها بإستغراب:

_أوعدك بإيه مش أفهم الأول. 


رجعت تعيط تاني وبترجي طلبت:

_عشان خاطري ، دي أول مرة أطلب منك حاجة بلاش تكسفيني. 


كأن عندها حالة عصبية ، كل حاجة بتصدر منها بتقول أنها على مشارف نوبة صر.ع ومكنش غريب إني أفهم كل ده عشان في الأساس أنا طالبة طب .


_خلاص إهدي ، أوعدك هعمل اللي تقولي عليه.


رديت قطعًا بدون ثانية تفكير عشان أنصدم بأغرب طلب ممكن أسمعه من أختي!:

_لو بتحبيني سيبي يوسف ، أنا بحبه ومش هستحمل يكون لحد غيري.


_أنتِ بتقولي إيــــه!!! 


#يُتبع.


_لو بتحبيني سيبي يوسف ، أنا بحبه ومش هستحمل يكون لحد غيري.


_أنتِ بتقولي إيــــه!!! 


إنتفضت من مكاني ووقفت أبصلها بذهول بحاول أستوعب الكلام اللي خارج منها !، كان ممكن الصدمة تبقى أخف شوية لو كانت من حد غير أختي!


مهتمتش بردة فعلي قد ما كان عندها اصرار فظيع تكمل أنها تكمل في اللي بتعمله :

_أنا إترددت كتير أقولك ، أنا طول الفترة اللي فاتت كنت بحاول اتأقلم بس الموضوع طلع أصعب، طلع أصعب بكتير مما كنت أتصور.


ومن الصدمة بصيتلها وضحكت كنت واثقة إن اكيد في حاجة غلط أصل مستحيل اللي هي بتقوله ده مستحيل أختي تبقى بالشر ده!:

_أنتِ بتهزري صح؟؟ ، أنتِ أكيد بتهزري ، ما هو اللي بتقوليه ده لا يمكن يبقى حقيقة .


سكت لثواني وبعدت عنها وأنا بهز راسي بهيسترية وبتكلم بهمس:

_لا يمكن أختي تبقى بتحب خطيبي !


وبكل أنانية وقفت بكل وقاحة في وشي وإتكلمت بلامبالاة:

_نُور...، أنا عارفة أنه صعب ، بس صدقيني أنتِ مع الوقت هتتجاوزي وهتبقي كويسة كمان.


رفعت راسي ليها وأنا ببكي بصدمة وذهول، اما هي فتابعت كلامها بكل ببرود:

_اللي بينك أنتِ ويُوسف لا يمكن يبقى حُب ، أنا واثقة من ده ؛ عشان كده الموضوع مش هيسببلك أي مشاكل.


وكانت ردة فعلي إني صرخت فب وشها :

_لا أنتِ أكيد مجنونة ومش طبيعية ، أنتِ الظاهر حُبي ليكي جننك وخلاكي تتخيلي حاجات مستحيل انها تحصل.


ابتسمت إبتسامة غريبة أول مرة أشوفها وكأنها واحدة مريضة نفسية ومضطربة!:

_مش مهم المهم بالنسبالي دلوقتي إن يوسف يبقى بتاعي أنا لوحدي. 


سكتت للحظة وهي بتراقب سكوتي بلهفة وكملت وعيونها بتترجاني:

_أنا عارفة إنك بتحبيني وكمان بتحبيه ، بس واثقة إن حُبك ليا أقوى من حُبك ليه ، وأنهم لو خيروكي بنا أكيد هتختاريني  .


هزيت راسي بآسى وقلت:

_مش بقولك حبي ليكي جننك! ، طول عمرك أنانية في حُب نفسك يا كِنزي ، خاصًة لو كانت الحاجة تخصني، بتبقي عايزة توصليلها بأي طريقة حتى لو كانت على حساب تضحية مني ، أهم حاجة انتصارك وبس، مش كده؟؟


سكت لدقيقه وأنا بتابع ردود أفعالها الجامدة بصدمة وكأنها فقدت قدرتها على الإحساس فكملت بعصبية وإصرار:

_بس المرة دي جنانك وأنانيتك تخطوا الحدود ، المرة دي عقلك فكر في حاجات وبنى سيناريوهات مستحيل تبقى حقيقة ، وده أنتِ لوحدك اللي مسئولة عنه.


بكت وبدأ جسمها يتشنج وهي بتقرب مني وبتمسك إيدي وبتتكلم بتردد:

_أنتِ بتقولي اي كلام وخلاص ، أنا عارفة اني مش ههون عليكي ، ده غير إن يوسف أكيد بيحبني أنا مش أنتِ ، أنتِ ولا حاجة بالنسبة له .


ولأول مرة متحكمش في أعصابي وأرفع إيدي عليها وأنا بصرخ فيها:

_أنتِ وقَحة .


عيونها وسعت بصدمة  ودموعها بدأت تنزل بصمت وأنا مهتمتش وأنا بكمل بغضب أعمى:

_قسمًا بالله إن ما رجعتي لعقلك وخرجتي كل الأوهام دي من دماغك، هقول لبابا على التخاريف دي كلها ، وإياكِ أسمع منك كلام من ده تاني .


عينيها بدأت تزوغ وأنا متابعاها خاصًة مع زيادة التشنجات وهي بتتكلم بصعوبة:

_أنا الأحق بيه منك ، أنتِ اللي دخلتي بنا مش العكس ...


سكتت شوية وحالتها بتسوء أكتر لدرجة أنها وقعت على الأرض قدامي ورغم كل ده كلامها متوقفش:

_أنا مش هسامحك ، أنتِ كنتِ عارفة إني بحبه..كُنتِ..عارفة..ووافقتي..


ومع نهاية كلامها بدأ جسمها يتشنج بشكل أقوى لدرجة أنه فجأة اتخشب!


_كِـــنـزي!!!!


******

_خير يا دكتور ؟، طمني بنتي مالها ؟


ده كان صوت بابا اللي خرج بلهفة بمجرد ما الدكتور أنهى فحصه على كنزي ، الدكتور اتنهد بعمق قبل ما يرد بعملية:

_أعصابها مش في أحسن حالتها ، بالعكس واضح أنها كل مدى بتسوء ، ده غير إن جسمها بدأ يضعف بشكل ملحوظ وده اكيد مش سبب عضوي.


بابا سألت:

_أومال إيه السبب يا دكتور؟


فضلت على نفس وضعي الصامت لحد ما وصلني سؤال بابا فبصيتله بهدوء وقلت:

_سبب نفسي، كِنزي محتاجة تتعرض على ثيرابيست يا بابا.


الدكتور أكد:

_بالظبط ويُستحسن لو الموضوع تم بأسرع وقت ، وقبل كل ده كمان نصيحة مني حاولوا متضغطوش عليها في اي حاجة واسمعوها. 


بابا وماما كانوا في حالة صدمة شديدة لدرجة ان بابا سند على الحيطة وراه بإستسلام أما ماما فهزت رأسها بنفي تام وردت بإستنكار:

_يعني إيه تتعرض على دكتور نفسي ، أنا بنتي كويسة ، هو بس أكيد ده ضغط امتحانات بس هي هتبقى كويسة، كِنزي محدش بيضايقها أبدًا كلنا بنحبها، مفيش سبب يتعب نفسيتها عشان تروح لدكتور!


إزاي أفهم أمي إني نفسيتها مش تعبانة بسبب أي حد ، وإن السبب الوحيد في تعب أختي هو أنا!


_لازم يكون فيه سبب ، عمومًا أنا أعرف دكتور نفسي شاطر جدًا لو حابين تتعاملوا مع الموضوع بجدية ، من غير أي قيود تخص المجتمع، أنا ممكن أفيدكم.


الدكتور مشي بعد ما كتب لها على شوية مهدئات ووصاني أهتم بحالتها والأدوية بعد ما قابله الردود دي ، وأنا سيبت بابا وماما بيتكلموا وانسحبت لأوضتي بعد ما حكيتلهم اللي حصل وطبعًا من غير ما أتكلم عن اللي قالته .


وبمجرد ما دخلت إتفاجأت بمسدج من يوسف كان فات 3 ساعات من آخر مرة اتكلمنا فيها ..


_ده واضح إن الأمور رجعت لمجاريها وبقيت أنا الوحش دلوقتي، بعد ما علاقتك بأختك بقت تمام.


ابتسمت بسخرية قبل ما اكتبله بإختصار:

_بالعكس ، كنزي تعبت وطلبنا الدكتور. 


بعت بسرعة:

_خير مالها؟


وبرغم إني كنت محتاجة إني أتكلم الا ان يوسف في الوقت ده أبعد حد ممكن اشاركه في كلامي ، فكتبتله:

_شوية تعب بسيط وهتبقى كويسة ان شاءالله. 


آمن على كلامي ، وأنا في اللحظة دي اتوترت بعد ما رجع سيناريو اللي حصل يتعرض قدامي فسألته:

_يُوسف ، هو أنا ممكن أسألك سؤال، فاضي؟


كان لسة موجود في الشات ورده جه اسرع:

_ده سؤال يا نور ، ولو مش فاضي أفضيلك نفسي .


وقبل ما أكتبله اي حاجة إتفاجأت بيه بيرن ، فإتنهدت بحزن ورديت بسؤالي:

_لو قدامك خيارين أصعب من بعض تختار إيه فيهم؟


سكت لثواني قبل ما يجاوبني بهدوء:

_أكيد واحد فيهم أقرب لقلبي بس رغم صعوبته لازم هختاره.


قلبي اتهز فسألته:

_وليه تختاره وأنتِ عارف إن عواطفك مش دايمًا الخيار الصح.


وجوابه كان أسرع لما رد بنفس الثبات والحكمة وقالي:

_عشان أنا شايف أنها أبعد عن جلد الذات ، وده المهم إني اختار الحاجة إللي مندمش في يوم إني عملتها وإني ألجأ لقلبي ده مش ضعف ، بس القلب أرحم من تحكمات العقل .


كنت ببكي بصمت وأنا بتمسك بأخر امل ليا:

_ولو كانوا الخيارين قريبين لقلبك ، الأتنين محتاجين عواطفك تعمل إيه؟


وللأسف رد يوسف مكنش حل!!.

_أكيد فيه حل ، لازم يكون فيه حل منطقي.


******

بعد كام يوم ...

حالة كنزي محصلش فيها أي جديد ، بالعكس انزوت في اوضتها ورفضت أنها تتكلم مع أي حد فينا وخاصًة أنا وكأنها بتمارس الصمت العقابي عليا ، متعرفش إني سبق وقررت قرار واثقة إني هندم عليه!.


ورغم طلب يوسف أنه ييجي يطمن عليها من باب الواجب والذوق ولأنه بيعتبرها زي سجى أخته الصغيرة الا أنني رفضت بدون اي سبب واضح ، بس النهاردة طلبت منه إننا نتقابل في أي كافيه وده لأني كنت محتاجة أتكلم معاه.


_إتأخرت عليكي ؟؟


انتفضت بخضة على صوت يوسف اللي قطع شرودي لما قعد فجأة قدامي ، وبصعوبة هزيت رأسي قبل ما أرد:

_لا أبدًا.


بصلي بشك وسألني:

_غريبة يعني أنتِ في الحالات اللي زي دي ، بتفرجي عليا الدنيا ، حتى لو كانت عملية مهمة.


وعلى عكس المتوقع رديت بنفس الهدوء والثبات:

_الموضوع مش مستاهل يا يوسف ، وبعدين أنا واثقة إن لو عليك أكيد هتحب تيجي قبلي .


ضحك بفرحة وإتنهد وقال:

_ده يا صباح الرضا. 


ابتسمت وأنا براقبه بحب وهو سحب المنيو وسألني بإهتمام:

_أكيد نزلتي من غير أكل ، تحبي نفطر إيه بقى؟


أفعاله كانت زي الحلم الجميل اللي حابة أعيش جواه ومش عاوزاه ينتهي أبدًا بس رغم ده قاطعته خوفًا من التراجع بعد ما سبق واخدت القرار:

_ولا أي حاجة ، ممكن تسمعني الأول ؟، عندي موضوع مهم محتاجة أتكلم معاك فيه. 


ساب المنيو بإستغراب وبصلي وسألني:

_قبل  أي حاجة أنا بقالي كام يوم بحاول أوصلك بس الظاهر إن تعب كِنزي أثر عليكي خالص ، بس أنا ملاحظ أنها بقت كويسة الحمد لله .


هزيت راسي بشرود بعد ما قولتله بالكذب ان كنزي بقت كويسة:

_أنتِ هتفضلي ساكتة كده كتير! ، مالِك يا حبيبتي؟


فقت على سؤاله فأخدت نفس عميق وأنا بحاول أرتب كلامي اللي طار بمجرد ما شوفته:

_أنا...


كان بيراقب ترددي بلهفة خلته يسألني بخوف:

_أنتِ تعبانة؟؟ ، تحبي أقيسلك الضغط؟، سبق وحذرتك من قلة الأكل يا نور أكيد ده سبب أساسي لحالتك ، اومال لو مكنتيش دكتورة يا بنتي!.


_إحنا لازم نسيب بعض .


#يُتبع.


_إحنا لازم نسيب بعض .


_مقولتيش برضه حابّة تفطري إيه ؟


رجع يبص في المنيو بلامبالاة وهو بيسألني بهدوء مريب، فبصيتله بضيق وقُلت:

_يوسف..، أنا مبهزرش على فكرة، ممكن تركز معايا!


وللمرة التانية يتجاهلني ورجع يسألني:

_أنا بقول نطلب ساندويتشات، أنتِ إيه رأيك؟؟


هنا أنا كنت وصلت لأخر نقطة تحمل وصبر عندي فجاوبته بعصبية:

_أنا شايفة إنك بتهزر وده مش وقته.


خلصت كلامي وأنا براقب ملامحه الجامدة بذهول ؛ وعشان كده وقفت وأنا بسحب شنطتي وبتكلم بغضب:

_لو تحب إحنا ممكن نتكلم وقت تاني ، تكون بقيت أهدى وتعرف تسمعني.


إبتسم إبتسامة واسعة وهو بيشاورلي بنفس البرود:

_اقعدي يا نور واتهدي يا ماما .


قعدت وسط ذهولي من ردات فعله الغريبة واللي معاكسة لكل السيناريوهات اللي ألفتها في دماغي ، وهو كمل كلامه وقال:

_هديتي يا حبيبتي ؟؟، قوليلي بقى مين اللي لاعب في إعداداتك.


_محدش أنا أصلًا...


_نُور...


غضمت عيني بحزن وأنا عارفة إن الإجابة مينفعش يسمعها بأي طريقة ، فإتهربت:

_ما هو مينفعش أقولك ، يوسف بجد الموضوع المرة دي مختلف وأنا مش بقول اي كلام وخلاص ، إحنا فعلا مش هينفع نكمل سوا.


هز رأسه بهدوء يشبه هدوء ما قبل العاصفة ، وبإصرار سأل:

_أيوة بقى ده ليه؟؟؟


نظراته إتحولت للأسوء ونبرة صوته اتغيرت في آخر كلامه ، وبسبب الضغط اللي كنت فيه رديت بإنفعال وجاوبته:

_عشان مَينفعش أتجوزك وأنا عارفة إن أختي الوحيدة بتحبك.


للحظات فضل ثابت وكأن الكلام لسة عقله مترجمهوش، لحد ما نطق فجأة:

_نعم!


إبتسمت بسخرية وأنا براقب ملامحه اللي كانت بتشبه ملامحي جدا وقتها :

_انصدمت مش كده ! 


هز رأسه بنفي وقال بعصبية أول مرة أشوفها فيه:

_اللي بتقوليه ده أكيد تخاريف ، أنتِ أكتر واحدة عارفة أنا كنت بتعامل مع كِنزي إزاي، فمستحيل تِكن تجاهي مشاعر حرفيًا!


غمضت عيوني بتعب وإتنهدت قبل ما أرد بشرود:

_الموضوع مش زي ما أنت متخيل ، الموضوع أبعد من كده بكتير يا يوسف!


ضحك بسخرية واضحة ورِجع بصلي بإستغراب وقال:

_موضوع إيه! ، قعدتنا نتكلم في الموضوع ده اصلا اسمه عبث ! ، موضوع تافه ولا يستحق إننا نتكلم فيه أصلا!


فتحت عيني بصدمة وذهول بسبب استهانته بالموضوع للدرجة دي ، في اللحظة دي عيني دمعت بتأثر وأنا قدام عيني مش موجود غير صورة كِنزي وبس !:

_اختي تعبانة يا يوسف !، كِنزي يوم ما تعبت اتعرضت لحالة صر.ع ، وطبعًا أنتَ دكتور وعارف ده معناه إيه كويس؟!


خلصت كلامي وأنا بصعوبة بتنفس وسط بكائي قبل ما أكمل بنفس الطريقة:

_أنا جيت إنهاردة اكلمك عشان نوصل لحل ، مش عشان تيجي تقولي الموضوع تافه في وسط ما أنا في دوامة وأنا شايفة اختي بتضيع ، وأهلي ميعرفوش مالها!


مدلي إيده بمنديل ومعلقش وأنا تجاهلته وكملت بإصرار:

_أنا عارفة إن اللي هي بتفكر فيه مستحيل يبقى حُب ، بس من هنا لحد ما اعرف المسمى بتاعه الحقيقي،مش هسيبها تموت بالبطيء قدام عيني ، حتى لو كان على حساب علاقتنا.


مسح دموعي بلامبالاة لإعتراضي ورجع بضهره لورا ورد بحكمة:

_بس كونك إنك تديها أمل في حاجة عارفة أنها هتحصل ده مش حل أبدًا يا نور ، أنتِ كده بتطمعيها أكتر، وبالعكس بدل ما تعالجي المشكلة أنتِ بتعقديها أكتر، اللي كِنزي بتمر بيه محتاج إدراك .


مسكت دماغي بتعب وقلت:

_أنا تعبت من التفكير ، أنا بقالي أسبوع هتجنن وأعرف المشاعر دي إمتى حصلت!، أنا عارفة إن معرفتك بكِنزي حصلت قبل ما تعرفني أنا ، بس هي عمرها ما شافتك تقريبًا غير كام مرة تتعد على الصوابع!


إبتسم بثقة وهز رأسه بتأكيد:

_بالظبط وده اللي أنا تحديدًا أقصده، كِنزي لا يمكن تبقى بتحبني إن مكنش مستحيل أصلًا، عارفة يا نُور ، وقت ما كِنزي كانت بتيجي تزور أختي بحكم أنهم صحاب وكده ، كِنزي حرفيًا كانت بتتصرف معايا زي أي أخت بتتصرف مع أخوها عمر ما صدر منها أي تصرف غريب ودي حاجة بتتفهم أكيد.


سكت للحظة قبل ما يرجع يكمل:

_ولما شوفتك معاها وكلمتها كانت فرحانة أكتر مني !!.، هل بقى لو دي واحدة في قلبها حاجة ناحيتي هتبقى دي تصرفاتها!


_معرفش حقيقي معرفش، أنا تبعت.


كنت بهز راسي بتوهان وهيسترية ، ويوسف تجاهل صدمتي في اللي بسمعه لإني تخيلت ألف حاجة تخليها توصل للمرحلة دي في تعلقها بيه ! 


_أحنا مخطوبين بقالنا تقريبًا 9 شهور ، عارفة خلال الفترة دي حصل إيه وكِنزي طلبت مني إيه؟


هزيت رأسي بنفي ولهفة ، ويوسف كمل بنفس الإبتسامة الهادية اللي متغيرتش وقال:

_كِنزي خدت رأيي في واحد زميلها في الكلية بتحبه وبيحبها ، وطلبت مني كمان أقابله وقابلته .


_أنا أول مرة أسمع الكلام ده!


_ده اللي بحاول أفهمهولك، كنزي اتعاملت معايا كأخ كبير وبس ، مع إن فيه أنتِ وفيه صُهيب اخوكم ، بس هي إختارت تشارك الموضوع ده معايا أنا. 


كنت في حالة صدمة من اللي بسمعه عن أختي لأول مرة ، ومستغربة ازاي انا وهي كنا قريبين وأنا بعيدة للدرجة دي عنها!:

_كل اللي بتقوله ده يدل أنها فعلًا شايفاك زي صٌهيب ، طب الكلام اللي خرج منها ده معناه إيه؟


مط شفايفه بعدم فهم لحد ما علق:

_مش عارف جايز حصل بينهم مشاكل ، وده خلى عقلها يخلق حاجات مش موجودة عشان يهرب من حاجة معينة ، خاصًة إن كِنزي كانت بتحب الشاب ده جدًا.


_أنا حاسة إني بتعرف منك على أختي لأول مرة يا يوسف ! ، أنا حقيقي مش فاهمة أي حاجة.


يوسف بصلي بشفقة واقترح بهدوء:

_أحنا ممكن نكلم دكتورة نفسية وناخد رأيها في موضوع كِنزي؟ ، بس فيه حاجة لازم نفهمها!


_حاجة ايه؟


سألته بلهفة فحمحم بحرج قبل ما يقول بحساسية وكأنه محمل نفسه ذنب اللي حصل :

_أنا معايا تليفون زميلها في الجامعة ، كنت اخدته على أساس اني أقرب منه وافهم دماغه لاني كنت عارف إن عمي لو وصله حاجة زي دي مستحيل يسكت عنها ، بس أنا قررت أساعدها رغم اني خايف عليها بس حبيت اطمنها عشان متعملش حاجة غلط ، والولد كان محترم والمفروض أنه هيتقدملها الايام دي بعد الامتحانات!


هنا أنا ابتسمت بسخرية وقلتله:

_ده معناه أنها لجأتلك بسبب خوفها من بابا!


هز رأسه بحرج وبتهرب قال:

_أكيد ، احنا نكلم دلوقتي محمود ونفهم منه. 


راقبته بحزن وهو بيفتح موبايله ، هي حاجة متضايقنيش إن خطيبي يبقى بالنسبة لاختي أخ حتى ولو كان هيخبي ده عني ، بس يوسف صدمني أنه شجعها على حاجة غلط من البداية، علاقة غلط ومش صح حتى ولو حاول يبررلها حتى ولو آخد ألف عهد على الشاب ، هو عارف ان كل ده غلط وملوش تبرير أو لازمة لما يقفوا قدام ربنا..


فقت من شرودي على صوت الشاب ده بعدما فتح الاسبيكر فسمعته بيقول وصوته واضح عليه الإرهاق:

_أنا من بدري كنت بحاول أتكلم معاك ، بس كِنزي رفضت حتى تديني فرصة.


بصيت ليوسف بلوم وهو قطب جبينه بتعجب ورد:

_أنا مش فاهم حاجة، لو فاضي أنا هبعتلك لوكيشن ممكن تيجي ونتكلم. 


وفعلًا في خلال ربع ساعة بس كان الشاب وصل واللي بمجرد ما شافني بصلي في الأرض ومنطقش كأنه عارفني، ورغم إني كنت على أخري منه إلا إن نظرات يوسف حذرتني وبدأ يحكيله بهدوء اللي وصلتله حالة يوسف ، عشان نتفاجئ بالشاب بينتفض من مكانه وهو بيتكلم بحزن وبصعوبة كاتم دموعه:

_كِنزي! ، طيب أنا ممكن أشوفها ، لو سمحت خليني أطمن عليها بس ، كل اللي حصل ده بسببي أنا!


يوسف اتكلم بإستنكار:

_بسببك إزاي مش فاهم!


_أنتَ عملت أيه في أختي؟؟


انفعلت ، فيوسف بصلي بتحذير وإتكلم:

_نُور..، ممكن تهدي!؟


بصيتله بصدمة وغصب عني صوتي ارتفع وأنا بشاورله عليه بحزن:

_أهدى إزاي بيقولك بسببي! ، يعني هو الوحيد اللي وصلها للمرحلة دي ،يا ترى عمل فيها إيه!!


_والعصبية هتفيدك بإيه دلوقتي، مش نفهم الأول؟


سكتت، وهو اتنهد بعمق ومسح على وشه بقلة حيلة قبل ما يرجع يكمل كلامه مع محمود:

_حصل إيه يا محمود؟


محمود بصلي بحرج لدرجة أنه كان بيعاني وهو بيخرج الكلام :

_ليّا بنت قريبتي معانا في الكلية ، البنت دي بصفة ما قدرت تعرف اني وكنزي على علاقة ببعض ، وبالصدفة إتفاجئت إن البنت دي بتحبني، أول حاجة راحت عملت تصرفات غريبة يعني قربت من ماما واتصورت في اوضتي وحاجات من النوع ده ومش بس كده دي وصلت لماما كلام مش كويس أبدًا على كنزي ، وخلت والدتي تتصل على كنزي وطبعًا أنتَ عارف الباقي..!


ضحكت بقهرة وأنا بسمع كل كلامه ، وبتريقة سألته:

_ولما أنتَ بتحبها على كلامك ليه متصرفتش ؟!


هز رأسه بنفي وبلهفة رد:

_معرفتش غير من أمي ، كِنزي وقتها اختفت تمامًا من حياتي ، كلام امي كان صعب أوي ده غير الصور اللي البنت بعتتها لها، بعدها لجأت لبنت من أصحابها ونزلتها الكلية بس هناك الموضوع خرج عن السيطرة ولما اعتذرتلها والموضوع كان شبه خلص...


_إيه اللي حصل؟؟


يوسف سأله ، وهو سكت للحظات قبل ما يرد ببطء:

_إتفاجئنا إحنا الأتنين بالبنت وهي بتقولها أنها خطيبتي وبتعزمها على الخطوبة. 


بصينا لبعض بصدمة ، وفي صوت واحد سألناه:

_ومكدبتهاش ليه بما انك عارف ان ده مش حقيقي؟


_وهكذبها ليه وهي فعلًا خطيبتي!


#يُتبع.

#


_يعني أنت كل ده خاطب وبتتسلى بأختي !


_الموضوع مش زي ما أنتِ فاهمة ٠


وفي اللحظة دي صوتي ارتفع وأنا بصرخ فيه بعلو صوتي بإنفعال غريب على شخصيتي :

_أومال إيه !، يعني أنت كل ده كنت بتضحك عليا وبتغفلني!!، كنت واخذني كبري عشان تتسلى بأُختي.


ولأول مرة يوسف ميعلقش بالعكس بصلي واتنهد بحنق خاصًة لما محمود حاول يبرر ويقول:

_أقسم بالله الموضوع ما كدة خالص ، من فضلك إسمعني.


يوسف ضحك بإستخفاف وسخرية واضحة وبعدين شاور على نفسه وهو بيتكلم بضيق :

_أسمع إيه أنت عارف أنا كنت حاسس بإيه وأنا بخون ثقة الراجل اللي أمني ودخلني بيته ؟؟، وده كله عشان سعادتها ، سعادتها اللي أنتَ محتها.


نكس رأسه في الأرض بعد ما سمعني وأنا بتمتم بقهر:

_حسبنا الله ونعم الوكيل فيك .


_أنتوا بتظلموني، أنا بحبها واللي حصل ده كان غصب عني.


_يلا يا نور ، ملهاش لازمة قعدتنا دي.


قُمت وأنا بحاول أتماسك ومخلصش على البني آدم ده ، وهو رفض لما اعترض طريقنا وبإصرار ورجاء طلب مننا:

_اديني فرصة أفهمكم وأسمعوني ليكوا حق التصرف واللي تشوفه صح يا دكتور إعمله.


_ادينا قعدنا ، اتفضل اتكلم.


اتكلم يوسف بعد ما بصلي برجاء إني أقعد فقعدنا فعلًا وهو ما صدق وبدأ يتكلم وقال:

_أنا اتفاجأت وقتها بنفس الكلام زيي زي كنزي بالظبط ، وطبعًا لما جيت أكذبها مدتنيش فرصة وخرجت تليفونها وكلمت ماما اللي جرحت كنزي بكلامها وقالتلها إنها سبق وحذرتها تقربلي ، واني المفروض دلوقتي شاب خاطب و كده هي بنت مش كويسة ٠


بلع ريقه بحرج قبل ما يرجع ويكمل:

_كنزي طبعًا مستحملتش ومشيت ولما واجهت ماما قالت إنها وبابا اتقدموا للبنت دي وبس من ساعتها معرفش اي حاجة عن كِنزي. 


عيوني اتملت كره تجاه الإنسان ده بعد ما سمعت منه كل حاجة وبمجرد ما نهى كلامه بصيتله بإستحقار وقلت:

_أنتَ بني آدم ضعيف وجبان.


هنا يوسف حذرني بغضب:

_نُــــور ..!


بصيتله بعتاب ودورت وشي الناحية التانية وأنا بحاول أكتم دموعي بعد كل اللي سمعته عن أختي وعن المعاناة اللي عاشتها لوحدها والله وأعلم فيه ايه تاني لسة معرفهوش ، معرفش بس أنا برضه لسة حاسة إن مش دي الحقيقة كاملة!!!


يوسف مسح على وشه بنفاذ صبر وشاورله بجمود وقال:

_اتفضل يا محمود أنت. 


_أنا ممكن اكلم كِنزي؟


سألنا برجاء أكتر من كونه طلب ، وجت الإجابة من يوسف اللي بصله بجدية وملامح جامدة متتفسرش ورد:

_مش وقته ، مش وقته خالص وحقيقي أنا نفسي رافض أديك الفرصة دي ، سيبلها هي حرية الإختيار. 


كان باين عليه خيبة الأمل والحزن الشديد لما هز رأسه بيأس وضعف وانسحب ، ورغم أن فيه جوايا اشفق عليه إلا إن ضعفه وجُبنه خلى نوع من الكراهية تنشأ في قلبي تجاهه رغم حبه الكبير لأختي .

_أنتِ إيه رأيك في الموضوع ده؟!


فُقت على صوت يوسف ، فبصيتله ومطيت شفايفي بتفكير قبل ما أرد بعد رضا :

_بصراحة معجبنيش تحكم والدته المبالغ فيه ، يعني هي السبب في كل أذى اختي فيه حاليًا والله وأعلم إيه حصل تاني، كمان هو سبب كبير في اللي حصل بسبب ضعفه وسكوته قصاد مامته.

****

روحنا من الكافيه وإحنا بنحاول نوصل لحل بعد ما اتواصلنا مع ثيرابيست زميلة ليوسف واخدنا رأيها ونصحتنا نسمع كِنزي ونقربلها أكتر ما نحاول نعرف مالها ! أو نلومها. 


خبطت على أوضتها ولما موصلنيش اي رد كالعادة فتحت الباب وأنا عارفة أنها صاحية وفعلًا لقيتها على نفس وضعها فإبتسمت لها وقلت ببشاشة:

_صباح الخير..


مرفعتش نظرها ليا حتى!؟ ، وكأنها في عالم غير العالم فقربتلها وحزن حاولت اتغلب عليه قلت:

_يوسف هنا وطالب أنه يشوفك ، تحبي أدخله؟


وبرضه نفس ردة الفعل ، مش عارفة ليه حسيت إنها وحشتني أوي كان نفسي احضنها واطمنها اني معاها وعارفة كل اللي حاسة بيه بس تراجعت لما افتكرت كلام الدكتورة ، وبصعوبة كملت كلامي بنفس البشاشة والمرح:

_مش معقول نضيع عليه ثواب زيارة المريض ، خاصًة لو كان المريض هو الكتكوتة الصغيرة بتاعتنا اللي بيحبها أكتر مني.


خلصت كلامي وأنا براقب ملامحها الساكنة بقلق ، بس رغم كل ده حطيت حجابها على شعرها وخرجت ناديت ليوسف اللي بمجرد ما دخل اتكلم بمرحه المعتاد معاها:

_إزيك يا صاحبتي ؟؟ ، كده تخضينا عليكي.


ونفس الوضع قابله منها زيي ، فبصلها بغيظ وقال:

_طيب عبريني اعملي أي حركة تدل إني موجود ، ده ايه الإحراج ده!


ضحكت ورديت أنا:

_زيارتك غير مرغوب فيها ، ارجع شغلك يا ابني .


بصلي بإمتعاض وطلب :

_ممكن تجبيلي ماية يا نُور؟


عرفت انه بيحاول يمشيني عشان يكلمها فهزيت راسي وخرجت فعلًا. 


بمجرد ما نور خرجت اتكلم يوسف وسألها بحزن:

_مالِك؟


مكنش مستني منها رد أكتر ما كان مصر انه يتابع كلامه معاها وده لأنه واثق من اللي هيقوله لها على كلام الدكتورة وفعلًا قال:

_أنا كلمت محمود عبد المجيد وعرفت منه حاجات كتير اوي .


وكأنها فجأة رجعت للعالم فلقاها بتبصله بحسرة بانت في عينيها وسألته:

_ليه عملت كده!؟


اتنهد بعمق قبل ما يبرر تصرفه ويصارحها:

_كنت هتجنن لما سمعت من نُور عن حالتك، وشكيت أنه له يد في الموضوع فكلمته وفعلًا شكوكي طلعت في محلها. 


هنا عيونها بدأت تدمع بقوة وقالتله بخذلان:

_بس أنا بكرهه يا يُوسف ، بكرههم كلهم. 


كأن نبرة صوتها شالت كل الخذلان اللي في العالم وده خلاه ينفعل ويقول:

_وإحنا معندناش حد ضعيف ، ليه سيبتي نفسك لما وصلتي للحالة دي ، ليه مدفعتيش عن نفسك ووقفتي في وش أمه وقريبته وعلمتيهم الأدب زي ما متعودين منك على انك شخصية قوية.


هزت رأسها بضعف شديد واتكلمت بهمس وتعب:

_هو استغل حبي ليه وبطل يدافع عني، هو خذلني وجرحني ، أنا حقيقي بكرهه أوي، مامته قالتلي كلام صعب وهو كان واقف يسمع وبس حتى لما البنت رفعت صوتها عليا في الكلية بكلام كله باطل إني بجري ورا خاطبها كان واقف زي أي واحد من المتفرجين. 


خلصت كلامها ورجعت بصيتله وهي بتصارحه بحزن:

_أنا بسببهم بقيت اكره نفسي وحياتي وبقيت انطوائية، أنا عمري ما كنت كده!


ورغم إن من جواه كان حاسس بالظلم تجاهها بس وعد نفسه أنه هيتصرف مع أهل محمود بس حاول يضحكها فقال:

_وده يخليكي تبكتي في اختك الوحيدة يا ظالمة!


هنا هي حطت رأسها في الأرض بحرج وقالت:

_أنا مقصدتش أي حاجة من اللي قولتها ويعلم ربنا أنت عندي إيه ؟، بس مش عارفة إيه اللي كنت بفكر فيه حقيقي ، أنا زي ما أكون كنت مغيبة ، أنا عمري ما كنت شخص مؤذي للدرجة دي!


إبتسم إبتسامته الهادية ورد بحنان:

_مش مهم أي حاجة دلوقتي ، وإحنا جايين في السكة أنا سألت ثيرابيست زميلة ليا وقالت إن اللي حصل ده نتج عن خذلان اتعرضتيله من حد غالبا كان كل حاجة في حياتك ، واللي قولتيه لنور كان رد فعل ناتج عن العقل غرضه الإنتقام لنفسك.


_يعني أنا مريضة نفسية.


قالت كلامها وهي بتبصله وبتبتسم إبتسامة باهتة أول مرة يشوفها على وش أتعود يشوف عليه البهجة وبس ، وبسبب أنها زي سجى بالنسباله ده وجعه لما حس انه اكبر قدر من اللوم عليه هو أنه وثق في إنسان سببلها كل الألم ده.!


حاول يبتسم وهو بينفي كلامها، ورد:

_أنتِ أكتر حد عاقل في الدنيا ، وصدقيني الثيرابيست مش حد سيء مينفعش نتعامل معاه بالعكس المرض النفسي زيه زي العضوي، بس أنا شايف لو هتاخدي برأيي إنك مش محتاجة لده ، كل اللي محتاجة له حاليًا إنك تخرجي من حبستك دي وتجربي تحبي نفسك والحياة. 


ولأول مرة تبادله كِنزي الإبتسامة :

_شكرا يا يوسف ، بالرغم كل اللي عملته أنتَ متغيرتش معايا.


_متقوليش كده يا عبيطة ، أنتِ عندي زيك زي سجى بالظبط.


وبمجرد ما أنهى كلامه دخلت نور اللي اتكلمت بمرح بعدما خدت مكانها جنب اختها:

_واتنسيت كإني ما جيت. 


بصلي وقال بسخرية:

_كل ده بتجيبي الماية.


هزيت كتفي ببساطة ورديت بخفة:

_عملت نفسي مصدقاك، امشي ورا الأهبل ولا تخلي الأهبل يماشيك. 


بصلي بتوعد وقال:

_لولا اني قاعد في بيتكم ، كنت عرفتك مين فينا الأهبل. 


وفجأة قابلني حضن دافي من كِنزي اللي ضمتني تحت صدمتي وتفاجئي وأنا ببص ليوسف بفرحة ، شددت وأنا بحضنها أكتر وبتكلم بتأثر:

_وحشتيني يا كوكو ، كده تقلقيني وتوجعي قلبي عليكِ .


سمعت همستها وهي بتقول:

_أنا آسفة .


بعدتها عني وأنا بهز راسي وبقول:

_المفروض أنا اللي اعتذر مش عارفة ازاي قلبي طاوعني ومديت إيدي عليكي.


رجعت تحضني تاني تحت تريقة يوسف اللي إتكلم فجأة وقال:

_خلاص يا ماما أنتِ وهي ، سيبكوا من الدراما دي وانسوا اللي حصل ، وقوموا معايا عزمكم على الغدا بدل الفطار اللي مأكلنهوش ده.


هزيت رأسي بسرعة بنفي وجاوبته:

_لا مَينفعش ماما بتجهز الغدا وقالتلي اقولك تعمل حسابك تتغدا معانا وكده كده بابا وصُهيب على وصول.


بص هو وكنزي لبعض بتذمر ومفاتش ثواني وكان صُهيب فعلا بقى معانا واللي بمجرد ما دخل اتكلم بضيق:

_كده من غيري ! ، لا وبسم الله ما شاء الله ضحكة القمر رِجعت تنور بيتنا من تاني ، خدت مكاني في حياة اخواتي يا عم يوسف الله يسهلك.


خلص كلامه وهو بيقرب من كِنزي وبيضمها بحنان ويوسف رد عليه بمراوغة وقال:

_طب ما أنت بتخطط تاخد أختي الوحيدة مني يا عم صُهيب وساكتلك !


بصله بصدمة مصتنعة بالرغم من أن دب الحقيقة وصُهيب فعلًا طلب إيد سجى منه!:

_ده أنتَ قلبك أسود بشكل.


هنا جه دوري أدافع عن خطيبي فبصيت لأخويا بحماقية وقلتله:

_هو فيه أطيب من قلب يوسف يا منافق.


ابتسملي بحب ورد:

_يا جماعة بقى أنا مش حمل فراشات. 


اخواتي كانوا بيبصلنا بقرف وصهيب علق وقال:

_أنتوا الاتنين عبارة عن شوية بيئة.


كان يوسف لسة هيرد وهيدخلوا في مجادلة سوا بس ماما قاطعتهم لما دخلت وقالت بإستغراب:

_صُهيب ..، فيه واحد بيسأل عليك برا؟؟


صُهيب قطب جبينه بتعجب وسألها:

_واحد مين؟!


_بيقول إن اسمه محمود عبد المجيد!


#يُتبع.


_أنتَ إزاي تتجرأ وتيجي برجلك لهنا؟


_أنا مقدرتش مجيش ، كان لازم اطمن عليها.


ده كان رده على يوسف االي سبق صُهيب ودخله عشان يحاول يمشيه قبل ما صُهيب يعرف أي حاجة، ومن جواه كان عارف هيتصرف إزاي سواء مع محمود أو عيلته .


ولسوء الحظ صُهيب سمع جملته فسأله:

_تتطمن على مين ؟؟؟، وأنتَ تبقى مين أصلًا؟؟!


خلص تساؤله وبص ليوسف اللي كان في موقف لا يُحسد عليه لكنه سأله:

_مين ده يا يوسف ؟؟، أنتوا تعرفوا بعض!


_أنا محمود عبد المجيد أبقى زميل كِنزي في الكلية .


رد محمود بثقة وكل اللي في باله إن واضح على شكل صُهيب إنه حد كويس وسلمي ده غير إن فيه جواه احساس بيقول أنه هيحبه وهيديله فرصة، لكن طبعًا كل ده كان عكس اللي بيفكر فيه يوسف.


ابتسمله بطريقة غريبة ، ورجع يسأل يوسف للمرة التانية:

_أيوة مين ده بقى؟؟


إبتسم يوسف وهنا جه في باله ان الإنتقام من محمود ده هيكون أفضل لو خرج من شخص زي صُهيب...طيب وسلمي لأقصى حد.

_ما قالك زميلها في الكلية اتصرف أنت بقى.


خلص يوسف كلامه وهو بيرتاح في جلسته وبيراقبهم بملل وكأنه فتيل قنبلة بينهم ، وده زود من الغضب اللي جوا صُهيب اللي سحبه من لياقه قميصه بحدة وهو بيجز على أسنانه بغيظ وبيقول:

_بُص يا حبوب إنك تيجي برجلك هنا تحت بند الزمالة ، دي بصراحة جرأة أحييك عليها وأعذرك برضه أصلك متعرفنيش .


يوسف قاطعه وهو بيتكلم بهدوء مُستفز:

_احنا فيها عرفه بنفسك.


بصله بتوعد وحذره:

_خليك على جنب أنتَ يا أبو نسب دورك جاي.


ابتسمله بتوتر وارتبك فقام بتهرب وهو بيقول:

_حبيبي ، هروح أنا أشوف حماتي طبختلي إيه. 


ويدوب هيتحرك إتكلم محمود يلحق نفسه وهو بيشاور على يوسف :

_أنا ابن ناس ومتربي ، حضرتك ممكن تسأل دكتور يوسف عني ، هو يعرفني كويس وسبق وإتكلمنا.


يوسف غمض عينيه وهو بيتمتم بتوعد:

_ياللي منك لله أشوف فيك يوم.


إلتفت يوسف وهو بيحاول يبتسم في وش صُهيب اللي برقله قبل ما يسأله بشر:

_هتقول مين ده يا يوسف ولا احضرك فرحك ومفيش فيك حتة سليمة !


يوسف بصله برعب وسأله:

_أنت ياض أنت بقيت عنيف كده من امتى؟


خلص كلامه بس ملامح صهيب زادت قتامة أكتر وده زود خوف محمود اللي كان بيراقبه برعب ، بس يوسف أنقذه لما طلب من صهيب بمرح مش وقته:

_بص أنتَ تيجي أشرحلك في البلكونة أحسن، بحيث أو بحيث ليه إحنا نخليها أكيد، لو حبيت توجبني ممكن ترميني أسرع وأسهل بكتير من أي طرق تانية ممكن تستخدمها ، وأهو يبقى قضاء وقدر.


وفعلًا الاتنين سابوا محمود اللي بدأ يتنفس بأريحية وكأنه انكتبله عُمر جديد، أما هما فخرجوا ويوسف استسلم وحكاله كل حاجة زي ما سبق وحكى لنور ، يوسف فضل يتكلم واللي ساعده هدوء صُهيب وبمجرد ما أنهى كلامه ، غمض صُهيب عينيه قبل ما يفتحها ويقول بملامح اتبدلت تمامًا:

_بقى يا يوسف أنت يطلع منك كل ده !


حاول يبرر موقفه فقال:

_أنا عارف إني غلطت بس صدقني خوفي من أنها تلجأ لحاجة غلط خلاني أسمحلها وقلت كده هي تحت عيني ومش هيقدر يزعلها.


زقه بغضب وهو بيتكلم بعصبية مفرطة:

_أنت مصدق نفسك !! ، أنت شايف ال *** ده وصلها لإيه!!، هو ربنا حرم العلاقات دي في الفاضي ، وكله كوم وأمه اللي غلطت في حق أختي والسبب في اللي هي فيه ده كوم تاني خالص!


أنهى كلامه وبعد يتنفس بصوت مسموع ناتج عن غضبه ، وكمل بتوعد وعينيه مبتبشرش بأي خير:

_الواد ده لو اخر واحد في الدنيا، لو بتمو.ت فيه كده مش هجوزهولها. 


صُهيب لأول مرة يحس أنه ميعرفش حاجة عن أخته ، أول مرة يحس نفسه تايه بالشكل ده وكمان مش عارف يفكر أو بمعنى أصح مش عارف ياخد أي ردة فعل هل يواجه أخته اللي مشيت ورا حاجة غلط وضد مبادئهم اللي والدهم رباهم عليها ولا يستنى يسمعها زي ما قال يوسف جايز هما قصروا معاها ، ولا يروح يعرف والده كل ده!، بس رغم كل ده كان اللي مسيطر عليه هو شعور الغضب وبس .


_أنتَ لازم تسمع منها ، ده قرارها وعامًة هي مش قابلاه أصلًا سيبها تخلص هي معاه.


مردش عليه لكنه ضربه بوكس قوي كان هيتسبب ان التاني يُقع ، وقبل ما يتحرك لجوا ابتسمله وقال:

_دي حاجة خفيفة كده لزوم رد الواجب يا أبو نسب.


راقبه يوسف بتوعد واتحرك وراه ، أما صُهيب فدخل لمحمود اللي بمجرد ما شافه انتفض من مكانه بخوف خلى صُهيب يبتسم بسخرية قبل ما يسحبه تاني ويكلمه:

_اسمع يا خفيف ، يعلم ربنا إن اللي حايشك عني حاجة لو اتهزت بس قول على نفسك يا رحمن يا رحيم ، وعشان أرسيك على الفولة، أنت سبق وعكيت أنت وعيلتك مع اختي ونسيتوا ان ليها رجالة مستعدة تحر.ق اللي يقربلها أو حتى يفكر يأذيها. 


بص ليوسف بترجي لكن يوسف قابل نظراته بتشفي وكأنه مش ناسي أنه فتن عليه ، بس اللي رعبه أكتر لما صُهيب كمل كلامه وقال:

_عشان كده أنت تطلع من هنا وأنتَ ناسي حد بإسمها أصلًا والكلام ده ماشي عليك وعلى العيلة الكريمة ، ولو شفتها في الشارع اتصرف كأي واحد أعمى ، وده أحسنلك وحفاظًا على وشك الجميل ده.


_نُور.


جيت على صوت صُهيب اللي طلب مني بملامح جامدة:

_خرجي كِنزي. 


وفعلًا جبت كِنزي اللي كانت ضد المقابلة بس فهمتها أنها عشان ترجع قوية تاني لازم تواجه اكبر مخاوفها وفعلًا وافقت واتحركت معايا لصُهيب اللي أول ما شافها قرب منها واتكلم بحزن وحنان طغى على صوته:

_قربي يا حبيبتي وواجهي وخدي حقك.


بمجرد ما حركت نظرها المشمئر تجاهه ، قابلها هو بلهفة وكأنه مش شايف أي كره في عنيها وبكل شوق ناداها:

_كِنزي..


وقابله ردة فعل ومقابلة أبعد مما تخيله عقله وعقلنا كمان ، فإذا فجأة كف كِنزي ينزل على وشه بقوة لدرجة أنه عمل صوت وتابعت حركتها بصوتها المخنوق:

_ده عشان أنتَ أقذر وأحقر بني آدم أنا شوفته في حياتي ، أنتَ أكتر حاجة مؤذية حصلتلي ، انك تعلق بنت بيك وتستغل مشاعرها وتمحي ثقتها في نفسها أنت وأهلك دي مش رجولة أبدًا. 


سكتت شوية تراقب ردة فعله بتشفي وكأنها ردت اكبر خسائرها بالفعل ده والغريب إن محدش فينا علق ولا هو اكتفى بس يبصلها بصدمة وهي تابعت كلامها بإهانة اكبر منها:

_ده منتهى النقص يا مجرد ذكر.


من فرحتي بيها كنت هصقفلها اه والله، بس نظرات يوسف ليا ثبتتني مكاني ، فبصيتله بتذمر ورِجعت بصيت لمحمود اللي رد وهو بيحاول يتماسك أعصابه:

_أنا مقدر كل اللي أنتِ بتمري بيه أو شوفتيه بسببي ، بس أنتِ لازم تسمعيني يا كنزي.


رِجعت لورا وهي بتبصله بإستحقار وجاوبته:

_أنتَ بني آدم تو.كسيك يا محمود ، بني آدم ضعيف وجبان وأنا لا يمكن آمن على نفسي مع شخص زيك.


كلنا ابتسمنا ، كنا فخورين بيها لأقصى حد ، بس وكأن كلامها صدمه زي ما يكون أتعود على شخصية معينة ! ، هوسه بيها بان واضح عليه لدرجة أنه بصلها بحب واترجاها بقوة:

_كِنزي أنا هتغير، صدقيني هبقى حد تاني تمامًا بس اديني فرصة ، وبالنسبة لماما أنتِ ملكيش دعوة بيها وهي مش هتحاول تضايقك تاني.


ابتسمت كِنزي ليه بسخرية وردت بتجاهل تام بعد ما اتحركت بكبرياء وكأنها كده بتودع صفحة من حياتها استنزفت طاقتها:

_كلامنا انتهى وأنا مش عاوزة أشوف وشك تاني حتى ولو صدفة.


******

بعد سنتين بالظبط ، كانت كل حاجة فيهم اتغيرت ، أنا ويوسف خلاص اتجوزنا ومش بس كده ده ربنا أكرمنا ب "تيّا"واللي غيرت حياتنا جذريًا وبعد ما كنت طالبة مجتهدة في كلية الطب وبصحى من الفجر ، حاليًا بصحى أيوة بس على مزاجها هي ، أنا ويوسف بقينا نقسم شيفتات، بس رغم كل ده إلا إننا مننكرش  أنها أجمل حاجة حصلت في حياتنا.


بالنسبة لصُهيب وسجى بقى فأخيرًا عمو ويوسف وافقوا عليه والمفروض بعد أيام من دلوقتي يتجوزوا ، الأمور كلها كانت على ما يرام الحمد لله .


وبالنسبة بقى لكنزي هانم فهي الحمد لله تخطت محمود تمامًا وقدرت تتعافى وترجع كِنزي الشاطرة المبهجة اللي كلنا عارفينها ، دي كمان بقت ناجحة جدًا في مجال شغلها وأنا حقيقي فخورة بيها وبعزيمتها جدًا. 


وعلى سيرة كِنزي إتفاجئت في يوم بيها بتخبط ولما فتحتلها خطفت مني تيّا وهي بتسألني بلهفة:

_يوسف فين؟؟


شاورت على البلكونة بإستغراب وجاوبتها:

_في البلكونة ، مصيبة إيه اللي حصلت!.


وعشان عارفة أنهم يعتبروا صحاب مصايب فكان بديهي جدًا سؤالي الا انها مجاوبتنيش ولا ريحتني وجريت على البلكونة وهي بتقول ليوسف:

_ده حوار يطول شرحه ، يوسف أنت لازم تساعدني الشاب اللي كنت كلمتك عنه اللي هو زميلي في الشغل ده طالب إيدي وأنت لازم تقابله .


في الأول يوسف يا حبيبي اتخض من الدخلة بس تماسك وقال بصدمة:

_تاني يا كِنزي؟؟! تاني ! ، أنتِ مبتحرميش يا بنتي ، ده أنا كتفي لسة معلم من ايد الحيوان أخوكي .


حاولت تستعطفه بنظراتها وقالت:

_يا يوسف والله المرة دي مختلفة ، أنا مش عاوزاك تقابله عشان تديني إذن اكلمه أبدًا والله ، كل ما في الأمر يعني اني عاوزاك تقدمه أنت لبابا ، مش عارفة أجيبهاله إزاي أنا!


شاورلها بنفي وتصميم:

_لا لا عليكي وعلى صُهيب ، هو اه غير آدمي بس هيعرف يحور على عمي كويس أنا لا .


_أنتَ بتستهبل يا يوسف ده أنتَ أكتر حد بيحور على بابا وبيعديله. 


_بصي أنا عندي بنت ولسة عاوز اربيها مش حمل أنا خبطة من أبوكي يا ماما فإنسيني الله يصلحهالك. 


وبمجرد ما أنهى كلامه كان سحب منها تيا وبدأ يحضنها بلهفة وكأن كنزي عدوى هتتسبب أنه يتحرم منها ، وكأن ليه ؟؟، كنزي فعلا عدوى وكارثة حياتنا .


وقفت أتابع حوارهم الممل بإستنكار واضح وأنا بتابع ردود أفعال أُختي الزنانة بصدمة واللي المفروض كرهت الجواز  بس هي حطمت صدمتي لما كملت:

_يا يوسف عشان خاطري ، اخر طلب هطلبه.


_حبتيه يختي ، ده ايه الخيبة دي بس يا ربي.


_هاا قلت ايه؟؟


_قُلت يفتح الله ، لا يمكن. 


هنا قررت أخرج عن صمتي فسحبت بنتي اللي شبه نامت الحمد لله بعد تعب ساعات ونديتله:

_يوسف!!


بصلي بحب وللحظة نسي كِنزي ورد بتلقائية:

_عيون يُوسف.


كِنزي رميتله بصة حقد وشاورتلي وقالت بتعايره:

_بصي شوفي جوزك بيتعامل معايا إزاي؟! ، عشان تعرفي انه أناني نسي إزاي ساعدته عشان يخطبك .


فتح عينه بصدمة:

_بتعايريني أنتِ دلوقتي؟؟


ربعت إيديها الأتنين بغرور وردت:

_أنا مبعايرش حد بس بفكر كل واحد بأصله.


يوسف بصلها من فوق لتحت بغيظ واتريق وقالها:

_والله وبقى ليكي لسان كمان يا ست كِنزي، إحنا لسة يدوب على البر وسمعنا صوتك والبركة في المحروس اللي أنتِ جايبهولنا. 


هنا كنزي رفعت اصبعها السبابة وحذرته بجدية مضحكة:

_من فضلك يا جوز اختي لما تتكلم على جوزي المستقبلي أتكلم بإحترام.


ضحكت بتريّقة على اللي بيحصل خاصًة لما سيف علق بسخرية وقالها:

_احترام مين يا بت أنتِ ، ده عمي وحماتي كانوا ناسيينك اصلا.


ولما جت ترد عليه وقفت بينهم وأنا بتكلم بصوت عالي:

_بس بقى خلاص أنتوا الأتنين .


كان يوسف هيتكلم بس حذرته وقلت:

_من غير ولا حرف عشان أنا فيا اللي مكفيني ومبنامش ، روح قابل سي روميو بتاعها وقدمه لبابا ، وأنتِ...


بص الناحية التانية بضيق وهي إبتسمتلي بإنتصار وردت:

_نعم يا قلبي. 


إبتسمتلها بخبث ورديت نفس ردها وبنفس طريقتها:

_تحترمي نفسك وأنتِ بتكلمي قرة عيني .


_يا عيني على الجمال ، شايفة الجمال نور وهي نور فعلًا ، روحي يا حبيبتي ربنا ينصرك على مين يعاديكي. 


#تمت.

#إسكريب


تعليقات

التنقل السريع