القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام الفصل الرابع والخمسون 54بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات

 

رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الرابع والخمسون 54بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات





رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الرابع والخمسون 54بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات


#حكايات_mevo 

#عودة_الذئاب.... دخلت مهره المكان الذي استدعاها إليه أسمر.. لتتفاجأ أمامها بحوامل مغطاة بالشيفون، تتطاير أطرافه كأنها أنفاس الريح، ويظهر من داخلها شموع تنير الطريق إليها. وعلى جانبي الممر شموع وورود تصطف كأنها تزفها إلى قدرها.


رجف قلبها، وزادت خفقاته، واقتربت من تلك الستائر الحريرية، لتفتحها بيدين مرتعشتين. وما إن فتحتها حتى خفق قلبها بشدة، فقد كان أمامها مشهد خطف روحها قبل عينيها؛ في منتصف المكان يقف مانيكان تحيط به الشموع والزهور، وعلى المانيكان الفستان الذي حلمت به طوال عمرها..


فستان من الشيفون الناعم، عاري الصدر، مطرز بالورود، واسع ينسدل من بعد الخصر، تتهادى عليه طبقات من الشيفون المطرز كأمواج نورانية. وبجواره تاج من الألماس، محفور عليه: "الأميرة مهره".


ارتجفت، ودمعة حارة انزلقت من عينيها. اقتربت برهبة، مدت يدها تتحسس الفستان، فوجدت ورقة معلقة عليه.. كان يطلب منها أن ترتديه. فارتدته على الفور، وأسدلت شعرها، فبدت كالأميرة التي طالما حلمت بها. وقفت تنظر إلى نفسها، فإذا بها تشبه السندريلا، نورها يسبق خطواتها.


خرجت من وراء الستائر، وقلبها يكاد ينفجر من أفعاله. المكان محاط بالشموع والورود، والجو يفيض دفئا وسحرا. انهمرت دموعها، وهمست بصوت مخنوق:


أميري...


ظلت تسير بخطوات مترددة حتى وجدت أمامها دائرة من الشموع، مكتوب في وسطها: "بحبك يا أميرتي". وقفت في منتصفها، قلبها يطرق صدرها كطبول العشق. فجأة أحاطتها يدان من الخلف، وصوت دافئ يهمس في أذنها:


ماكنتش أعرف إن السندريلا بتاعتي جمر اكده...


 استدارت مهره، وتعلّقت برقبته، والدموع تتسابق على وجنتيها. رفعها بين ذراعيه، وأدار بها في دوامة عشق، وهي تصرخ من أعماقها ليقول بصوت جلي :


بحبك.. بحبك.. بحبااااك!


أنزلها برفق، وعيونهما متعلقة ببعض كأنها وعد لا ينكسر. ابتعد عنها خطوة وهمس، وصوته ممزوج بدهشة:


إيه الجمر ده؟


أدارها لتلف حول نفسها، فابتسمت وهي تنظر كطفلة عاشقة:همس 


حبيبي جمر.. وعيونه جمر.. وشَعره جمرين...


وضعت يدها على فستانها بفرحة مباغتة، وقالت باندهاش:


حلو قوي يا أسمر.. جبته منين ده؟


نظر إليها بعينين يغمرهما الحب، وهمس:


عملته لحبيبي مخصوص.. جولتلهم عايز فستان أميرة الحكايات.. وها هو.. اللي جدامي دلوك مش فستان بس.. دي حكايه وخيال!


اقترب أكثر، ثم همس بنبرة غامضة:


بس لسه لمسة ما اتحطتش...


استدار، وأحضر علبة صغيرة. اقترب منها بخطوات واثقة، وأخذ يدها بلطف، ثم أجلسها. فتح العلبة أمام عينيها، لتشهق مدهوشة: كان بداخلها حذاء زجاجي، يلمع تحت ضوء الشموع كأنه قطعة من السماء، نسخة مطابقة لحذاء السندريلا.


انحنى على ركبته، وأمسك قدمها برهبة عاشق، وألبسها الحذاء برفق شديد. ثم رفع رأسه نحوها وهمس، صوته يرتجف بالحب:


أميرتي.. أخيراً لطيت جدري المكتوب.. لجيت أميرة أحلامي.

سالت دموعها وهي تنهمر على وجنتيها، همست بصوت مرتجف:


أسمر.. انت.. انت...


شدّها إليه يحاوطها بذراعيه، وصوته يفيض لهفة:


أنا إيه؟ ما تجولي.. سمعيني يا مهره، هتجولي لأسمر إيه بتمني منك كلمه؟


نظرت إليه بعشقٍ لم تعد تستطيع كتمانه، وارتعشت شفتاها:


مهره هتقول لأسمر... أنا بحبك.. بحبك.. بحبك...


ظلّ ينظر إليها بعشقٍ عميق، فهذه أول مرة تُصرح بها. شدها إلى صدره، واحتضنها بعنف، وقلبه يفيض بالمشاعر:


ده يوم سعدي.. يوم ما حبيبي فرح جلبي.. اليوم ده ما هنساهوش أبداً. حبيبي اللي راج وحب وفرح.. حبيبي اللي عايزني مش اكده؟ جولي.. ريحي جلبي.


حاوطته بحنان، ووجهها يغرق في كتفه:


مهره عايزه أسمر.. راجلها وحبيبها يعشش ويضلل... مهره. عايزه كتف الأسمر تسند عليه، وصدره تنام عليه.. عايزه ضهر أقف وراه، أتخبي من الدنيا.. عايزاه كله على بعضه.. حبيبي اللي خد عقلي.


شدها أكثر، وصوته يغرق في الشغف:


طب أعمل إيه دلوك بالنار اللي جاية؟ آخدك.. أفطسك حب.


تنهدت وهي تهمس بين شهقاتها:


آه يا أسمر.. عايزه حب.. عايزه عشق.. عايزه مشاعر.. عايزه أحس إني بنت ست وحبيبها عايزها. عايزه أحس إني ضعيفة وأترمي في حضنك، وأقولك اتصرف.. أنا ماعتش عايزه حاجه غير إني أكون في حضنك.


شدّ عليها بذراعيه، وحنانه يفيض:


عهد عليّا.. يعدي الزمن.. وأسمر لحبيبه محاوطه حب وحنان وبس.


نظرت إليه بحبٍ يقطر من عينيها، وهمست:


اسمري...


هتف بعشقٍ طفولي:


يا بت بطلي.. إيه اسمري دي يا جلبي؟


همست له بابتسامة خجولة:


إيه.. مش اسمري وبس؟


تنهد وهو يغوص في عينيها:


آه يا جلبي.. اسمرك وانتِ مهرتي.. مهره الأسمر...


أمسك يدها، واقترب أكثر، وهمس بصوت مخنوق:


بصّيلي.. وحسّي بيا...


بدأ يدور بها في المكان، والموسيقى تصدح حولهما، والشموع ترقص على أطرافها النيران. كانت كلّ عيونهما متعلقة بالآخر، لا يحيد نظر أحدهما عن الآخر، يدور بها ويدور، حتى شعرت كأنها حلّقت في عنان السماء. كان يتلمّسها بحنان عاشقٍ انتظر طويلاً، وهي تغدقه بنظراتٍ عاشقة كتمتها سنين... فهمست وهي ترتجف بين يديه...


يَا أَسْمَر يَا اللَّيّ فبالي وَالْغَرَام غَرَامِك . كَان فاضِي الْقَلْب وَخَالِي  بس حبيبي جالي  ف عيونو بدب . مترد يَا قَلْبِي .  الليلادي . عِيد عشان عَيْنَيْك لعيوني غرام 

لَيْلَة بِأَلْف لَيْلَة .  ليله ماحبيبي ناداني ليله ماحبيبي خلاني غرامه وانا الغرام اسرني انا الغرام توهني تايهه في بحور الاسمر الفتان في بحور حبيبي  بحور الغرام.. 


ظلّ ينظر إليها وهي تصف حبها، عيناه تتسعان بدهشة عاشق:


مهرتي... مش لاقي كلام.. مش مصدج أصلاً إني بحب اكده...


اقتربت منه ببطء، ثم طبعت قبلة على خدّه وهمست:


أنا حبي ليك.. عشق! عشق اللي اتمنيته.. وعشت أحلم بيك يا أميري...


هتف وقلبه يخبط بجنون:


مهره... أنا رايدِك وبالجوي... وماعت جادر أكتم أكتر من كده...


شدها إليه بقوة، فتاه معها في حضنها، وهي تحاوطه بذراعيها، تمنحه من حبها ما فاض سنين. كان غير مصدّق أن مهرته تخبّئ داخَلها كل هذه المشاعر.. أنثى متفجّرة بالوله، أرضت عنفوانه الرجولي، فلم يعد يرى نفسه يستحق سوى هي.


مهره كانت جامحة كالحلم، وهو أسمر.. جواد فارد، لا يرضى بغير مهره بديل.


 ظلّت مهره بين ذراعيه، والعالم من حولهما يتوارى، وكأن الشموع والزهور والموسيقى ما خُلقت إلا لأجلهما. هو أسمر، الجواد الفارد، وهي مهرته الجامحة، الأميرة التي لم يرضَ لها بديلاً.


في تلك اللحظة لم يعودا مجرد عاشقين، بل أسطورة تُكتب على جدار الزمن؛ حكاية حب نادرة، يُروى عنها أنها تخطّت الحلم، وصارت قدراً.


همس في أذنها، وصوته يختلط بأنفاسه:


من النهارده.. الدنيا كلها هتعرف إن مهره بتاعة أسمر.. وإن أسمر عمره ما كان ولا هيكون لغير مهره.


ابتسمت وهي تغمض عينيها، همست كأنها تختم العهد:


وأنا.. مهره.. من النهارده سندريلا أسمر، وعمري كله ليك...


وبين دوران الموسيقى وارتعاش الشموع، التصق القلبان حتى بدا كأنهما قلب واحد.. يُضيء، ويشتعل، ويكتب حكاية لا تنطفئ.


كانت وجد جالسة مع شجن، تحضران مراسم العرس، والفرح يلوح في الأفق كقوس قزح بعد مطر طويل. اقتربت شجن منها، وفي صوتها بريق شقاوة وبهجة:

– كده كل حاجه جهزت يااه.. هيبقى فرح عسل! مستنيه أمسك في إيد نديم بقه حبيبي ويسلمني لبراء ويكشمله كده ويقوله: خلي بالك دي نن عيني وكده.. آه لازم ياخدني من إيد نديم ماهو أبويا.


سهمت وجد، وأطرقت برأسها، وتنهدت بوجعٍ دفين، ثم همست:

– آه ماجدو.. هو كمان أكيد هيعمل كده؟


نظرت إليها شجن، وفهمت حزنها. فوالد وجد ليس مقدّراً أن يضع يده في يد نديم، رغم أن نديم سامح جابر من أجلها، لكنه لم يصرح أبداً أنه سيقبل يده.


تنهدت وجد، فأقتربت شجن منها واحتضنتها، وهمست بصوت حنون:

– ماتزعليش.. إحنا كنا فين وبقينا فين؟ هتبقى طماعة متضغطش عالواد.


همست وجد، والدمعة على حافة عينيها:

– كان نفسي أبقى زي بقية البنات وأدخل مع أبويا.. يلا نصيبي.


سمعت نديم يدخل، صوته عريض كأنه يملأ المكان دفئاً:

– ماله نصيبك بقه؟ أحلى نصيب.. راجل طول بعرض قد ضلفة الباب! هتتغيري علينا؟


اقترب منها، واحتضنها، ثم نظر لشجن مبتسماً:

– سكة بقه يا شوشو.. إما أقعد أحب في قلبي شوية.


ضحكت شجن، وخرجت، فشدها نديم إليه هامساً:

– ها.. ماله نصيبك بقه يا قلب نديم؟


تنهدت وهمست، وصوتها يرتجف دفئاً:

– أحلى نصيب والله.


رفع وجهها بيديه وهمس:

– حبيبي عيونه تفضل فرحانة.. وأنا أعمله الحلو كله والله.


نظرت إليه بعشق يضيء عينيها:

– أنا بحبك قوي يا نديم.. ومستنية يتقفل علينا باب واحد.. أفرحك زي ما بتفرحني.


احتضنها وهمس بعهدٍ صادق:

– وعهد عليّا.. أعيش عمري كله أدور على اللي يسعدك.


تنهدت وهمست بارتباك:

– هو الفندق جاهز صح؟


هز رأسه مبتسماً، فقالت:

– وحددت مع جدو وكده.. أنزل معاه يعني.. ماهو هنزل مع مين؟


نظر إليها مليّاً وابتسم:

– آه.. حددت كل حاجه.. اطمني.. حبيبي هينور إيدي بكره وقلبي ودنيتي.


تنهدت بارتياح، وهمست:

– ربنا يخليك ليا ويخلي جدو. ربنا يعدي اليوم يعني.. إنت عارف السلالم وكده تقيلة على جدو.. لو هيتعب ممكن أنزل مع أسمر عادي.


تأملها جيداً، واقترب منها وقبل خدها، وهمس:

– ماتفكريش في حاجه.. فكري فيا وبس.. واعرفي إني هسعدك وبس.


تنهدت، واحتضنته بقلبها، تحمل بين أضلاعها أمنية تمنتها طويلاً.. لا تعلم كيف ستتحقق، لكنّها الآن بين ذراعيه، أقرب إلى الحلم من أي وقت مضى.


دخل أسمر على نديم، وكان الجد جالساً شارداً في صمته. ضربه أسمر بخفة على كتفه وقال:

– مالك جاعد اكده؟ خلّصت لبسك يلا عشان نروح الفندق...


تنهد نديم، وسهم بنظره إلى الأرض:

– لأ... مافيش...


قطّب أسمر حاجبيه، وقال متوجساً:

– مالك يا واد؟


هتف نديم، وصوته يرتعش بالشوق:

– عايز أفرح وجد يا أسمر...


قهقه أسمر وضحك عالياً:

– أكتر من كده؟ بت عمي هتنهبل!


قام نديم فجأة وقال:

– طب جوم معايا...


قطّب أسمر باستغراب:

– لوين نروح؟


هتف نديم بإصرار:

– جوم بس يلا...


قام معه واتجها نحو حجرة جابر. نظر أسمر إلى نديم، فشرح نديم بعينين يلمع فيهما الإصرار:

– لازم آخد وجد من أبوها يا أسمر... دي فرحتها الكبيرة.


نظر إليه أسمر بفخر، وربت على كتفه، ثم فتح الباب ودخل على عمه.


كان جابر جالساً وحيداً، غارقاً في صمته، ليدخل عليه نديم ومعه أسمر. هتف أسمر بصوته العريض:

– جوم يا عمي.. يلا، هتفضل جاعد اكده؟ الفرح وجب!


رفع جابر رأسه ونظر إليهما ببلاهة، وصوته متهدّج:

– أني هحضر الفرح يا أسمر؟ والنبي؟


اقترب نديم منه، وجلس أمامه بعينين تلمعان بالصدق:

– أمال أني هاخد وجد من مين يا عمي؟


ارتبك جابر، وفتح فمه دون أن ينطق:

– تاخدها؟ تاخدها إزاي؟ أني هتاخد وجد مني؟ أني من جابر يا نديم...


ابتسم نديم، ويده فوق قلبه:

– أيوه يا عمي.. هاخد وجد جابر من أبوها جابر. مراتي ما تتاخدش من غير أبوها.


وقف جابر واقترب بخطوات مترددة، وصوته يتقطع:

– يعني... يعني أني هحضر؟ والنبي؟ ولا بتضحكوا عليّا عشان تجهروني؟


ضحك نديم بخفة وهو يهز رأسه:

– لاه يا عمي! واهو اللبس كمان.. البس ويلا، عشان ما نعرفش نفرح من غيرك.


تساقطت دموع جابر بغزارة، وصوته يتهدج:

– تفرحوا يعني.. أني هحضر فرحكوا؟ وأحضر فرح بتي؟ وأشوفها وهي عروسة لابسة فستان.. وكمان هتمسك في يدي؟


مد يده المرتجفة ليمسك يد نديم، وهمس بضعف:

– والنبي صوح.. ما تخلع جلبي.. هتاخدوني معاكوا؟


ابتسم نديم وربت على يده بحنان:

– أيوه يا عمي.. عيلة أبو الدهب كلها حاضرة. وانت من قلب العيلة. انت أخو سلطان وعامر.. انت كبير الأعمام.. عمي الكبير.. وأبو وجد حبيبتي.


لم يعرف جابر ماذا يفعل، فانحنى يقبل كتف نديم. ابتعد نديم بسرعة وهو يقول:

– بتعمل إيه؟ استغفر الله! انت عمي وأبو مراتي. ليك تقول وتعمل وتقف راسك مرفوعة. اللي فات فات يا عمي...


وقف جابر متردداً، فناولَه أسمر ملابسه. نظر جابر إلى الملابس، وعيناه تدمعان في صمت، ثم أخذها بيدين مرتجفتين.


أكملا اللبس، وخرجا معاً ليصحبا العرائس من الفندق... والليلة، أخيراً، ستُكتب الحكاية على نور الفرح.


مرَّ اليوم، وجاءت ساعة الزفاف، ذاك الزفاف الذي صار حديث الأقصر بأكملها. زفاف أولاد آل أبو الدهب، العائلة العريقة التي ضجَّت شهرتها في كل مكان. الفندق، واحد من أكبر وأفخم فنادق المدينة، تلألأ بأنواره وزينته، وصور العرسان تتلألأ في كل ركن، كأنها نجوم معلَّقة في السماء.


عند مدخل القاعة، كان يقف الجد شامخًا، وإلى جواره جابر وقد خضع أخيرًا لنداء الفطرة، بعدما أزاح الله عن قلبه الغشاوة، ليعود أبًا رقيقًا، باكيًا على ما اقترفه، يطلب الصفح، ويتمنى أن يغسل ذنوبه بحضور هذه الليلة المباركة.


في الأسفل، وقف أسمر وبراء في كامل أناقتهما، والهيبة تُكلّل طلّتهما، خاصّة أسمر الذي بدا كأنه مرآة لسطوة العائلة وهيبتها. الأنظار كلها تتعلّق بهما في انتظار اللحظة المنتظرة.


فجأة، خفتت الأضواء… لتسلَّط من جديد على أعلى السلم الكبير. الباب ينفتح ببطء، فتعلو شهقات الإعجاب في القاعة. هناك، عند العتبة، وقف نديم، متألقًا في رجولته الطاغية، وإلى جانبيه فتاتان من عالم الخيال: مُهرة وشجن، بجمال يخطف الأبصار، كأنهما ملائكة هبطن للتو من سماء مُضيئة.


وقف الثلاثة في قمة السلم، الضوء يحتضنهم ويصوغهم لوحة من الفخر والعظمة:

نديم عامر أبو الدهب، مُهرة عامر أبو الدهب، شجن عامر أبو الدهب.

أولاد عامر يقفون في أبهى حلة، والقاعة كلّها تذوب إعجابًا، بينما الحب يلمع واضحًا في عيونهم جميعًا.

يتوقف لحظة في منتصف السلم، يرفع راسه للقاعة كلها، والأنوار تزيد عليهم كأنها بتعلن قدوم "ورثة عامر أبو الدهب". الناس كلها تصفق، بعض النساء تدمع من المشهد، والرجال يهتفون بالزغاريد.

شجن تمسك بخجل فستانها وتضحك والدموع في عيونها، ومهره ترفع راسها بفخر وكأنها "الأميرة الجامحة" اللي أخيراً بتتسلم لمصيرها.

بدأ نديم يخطو بخطوات ثابتة، فيما تتهادى شجن ومُهرة بجواره، نزولًا درجة درجة، كأن القلوب كلها تعدّ أنفاسهم. وفي الأسفل، كانت عينا براء لا تفارق جمال شجن ونعومة ملامحها الحالمة، بينما قلب أسمر يصرخ من شدّة ولعه بمُهرة، تلك التي عانى طويلاً حتى وصل إليها.

بداخل كل منهم الف حكايه ومشاعر لا توصف..... 

✨ شجن

قلبها بيرتعش وهي نازلة خطوة بخطوة، بتحس كأنها عايشة في حلم مرسوم ليها من زمان. عيونها تلاقت مع براء، وفي اللحظة دي نسيت القاعة كلها. داخلياً كانت بتقول: "هو ده، هو اللي وجعني وبكاني، وهو اللي دلوقتي ماسك قلبي وبيضحكني. ده حبيبي اللي استنيته."


✨ براء

وقف ثابت لكن قلبه مولع، وكل خطوة شجن بتقرب بيحس إنها بتسكن جواه أكتر. ، داخله كان بيصرخ: "دي أميرة قلبي، دي الجوهرة اللي عمري كله هيبقى ليها. من النهارده مش هسيبها لحظة."


✨ مهره

رأسها مرفوع وفستانها بيطير حوالين رجليها، بس جواها زلزلة. عينها مش سايبة الأسمر لحظة. بتقول لنفسها: "يا رب يكون ده آخر الطريق، ما أتعذبتش عالفاضي.. يا رب أعيش باقي عمري في حضنه."


✨ أسمر

رجولته كلها متجمعة في وقفته، لكن وراه قلب بينهار من العشق. كل ما قربت مهره حس إن الدنيا كلها بتسجد تحت رجليها. ، كان جواه صوت واحد: "انتهى العذاب.. مهرتي بين إيديا.. الليالي العشق جايه؟ 


وحين بلغوا القاعة، تقدّم براء أولًا، يمسك يد شجن برفق ويطبع قبلة على أناملها بخفة عاشق مخلص. أما أسمر، فانحنى في وقار، وقبّل يد مهرته، ثم أدارها لتشبك ذراعها بذراعه، وكأنه يعلن أمام الجميع: "هذه مهرتي، وهذه فرحتي، وهذه قصتي التي لن تنتهي."


وقف نديم في منتصف القاعة، عيونه تلمع من الفرح، وهتف بصوت مزلزل:

– ولاد عمي… عطيتكوا أغلى ما عندي. ولاد عامر، شيلوهم في نن عيونكم… وأنا متأكد إنكو قد الشيلة.


تقدم نحوه أسمر أولًا، فاحتضنه بشدة، ثم لحقه براء، وضمهما نديم وكأنهم قلب واحد.


هتف أسمر بصوت متهدج بالعاطفة:

– واحنا يا واد عمي… فخر لينا إننا نسبنا نديم عامر أبو الدهب… نديم نسل الخير اللي دخل علينا بالخير.


ثم التفت أسمر نحو مُهرة، اقترب منها ببطء وانحنى أمامها، وصوته يرتجف لكنه يعلو بصدق العاشق:

– هو جال عطيتكوا أغلى ما عندي، حطوه في نن عنيكوا… بس أنا عندي اللي أغلى من النني. عندي قلبي وروحي… ومش عارف أحطّهم فين، لأني أصلًا متملك فيهم ومعشّش فيهم حبك يا مُهرة. جالو الأسمر مالوش في الحب؟ أهه قدّام الكل… الأسمر بيعشق المُهرة. جالو الأسمر فارد وطايح وعايز ست تنام تحت طوعه؟ أهه الأسمر واقف يخدم مُهرته… يتهزّلها جبال من جُوّه. جالو الأسمر قلبه حجر؟ أهه الحجر اتفتّت، واترمي تحت رجلين المُهرة.


ارتجّت القاعة بالتصفيق والزغاريد، فيما اقترب أسمر وقبّل رأس مُهرته، دموعها سالت على وجنتيها، لتهمس بخجل وحنان:

– حبيبي يا أسمر…


حينها، رفع نديم يده وهتف، صوته يختلط بالدموع:

– تستاهلي يا أختي… تستاهلي حب الدنيا كلها. إنتي بالذات، يا مُهرة، كنتي بالنسبة لي حب الدنيا اللي ماعرفتش غيره… ربنا يسعدك يا جلب أخوكي ويفرحك.


ثم استدار نديم ببطء، وعيونه تبحث بين الحاضرين، ليتجه نحو السلم. وهنا انفتح الباب من جديد… لتطل وجد كالقمر، تتأبط ذراع أبيها جابر.


القاعة كلها شهقت من هول المشهد، لم يصدقوا أن جابر عاد لابنته بتلك الصورة، ودموعه تنهمر بغزارة. لم يكن يتخيل يومًا أنهم سيعيدونه كبيرًا مرة أخرى، بعد أن أسقط نفسه بخطاياه. تذكر لحظة قديمة، يوم أن دخل على ابنته بقسوة وحرمان… ليجد نفسه الآن يُسلّمها بيديه، رافع الرأس، في ليلة عتقٍ ورحمة.

يتذكر وقت أن دخل عليها...


كانت وجد جالسة بانتظار جدها، لتجد أباها يدخل عليها، يلبس جلبابه وعمامته في أبهى حلة.

اقترب ينظر إليها ودموعه تسأل، يتأملها بفرح .

قامت مسرعة واحتضنته، لم تكن تعلم ما فعله نديم. أمسكت يده وقالت بلهفة:


– انت جيت يا بابا؟ يعني كلهم عارفين إنك جيت؟


ابتسم وربت على يدها:


– إني جيت لأجل أُسلمك لعريسك يا بتي.


شهقت هي ونظرت إليه بسعادة:


– بجد يا بابا! طب قولت لنديم؟


ابتسم وقال:


– نديم هو إللي جابني يا بتي.


نظرت إليه بذهول:


– بجد والنبي! وافق يحط إيده بايدك؟


تساقطت دموعها من فرحتها، فقال:


– نديم ده سيد الناس، أخلاج ونُبل ما شفتش زيه. ربنا يسعده بيكي، حطيه جوا نن عينيكي.


كانت تبكي وسعادتها غامرة:


– أحطه في عينيا! دا أنا هشيله على راسي، ربنا يخليه ليا.


أخذها من يدها ونزل من الفندق متجهًا لمكان العرس، كان يشهق وهو ينزل، ووجد تملس على يديه، حتى وصل إلى نديم.

وقف أمامه ودموعه تنزل وهمس:


– حاسس إني بحلم.. كيف تسامحني أكده وتاخد بتي من يدي؟ إنت كيف أكده ؟


ابتسم نديم، مد يده ومسح دموعه قائلًا:


– ربنا بيسامح يا عمي. فاكر لما جالولك شمس تابت وربنا سامح؟ أهو أبويا قبل توبة شمس زي ما ربنا قبل، وأنا مش أطل من أبويا. أنا قبلت توبتك يا عمي، وهييجي اليوم اللي جوايا هيصفي، متأكد إنه جاي، طالما حبيبتي معايا راضية ومبسوطة.


هنا وقف جابر وعلّى صوته:


– *نديم أبو الدهب جوز بتي.. أديله بتي وأنا الفخر والشرف ليا. نديم عامر أبو الدهب هيبقى أبو عزوتي وعيال عيالي، نديم يستحج يتجال عليه إنه كد العزوة والنسب.. راجل يملي العين . واني أهه جابر أبو الدهب، عشت كد ما عشت بشري وجرفي طالب السماح منه، وبجولها بعلو حسي.. إني محجوج لأخوي، والخزي راكبني.


ممكن يتجال مش وجته، بس اني رايد نديم يمسك يد بتي، ويعرف إن أبوها باصص لنديم إنه نجمة نزلت في دارنا.. نجمة نزلت نورت دار أبو الدهب، شالت منها الغِل والشر، نجمة نزلت نورت العجول جبل الجلوب.


نديم راجل.. والراجل عضد وسند. ودلوك بقى ولاد العم واحد، لا حد نافر ولا حد شارد. حب ولاد عامر جاي من عامر.. عامر أبو الدهب اللي حافظ كتاب ربنا، يستحج يتجال فيه الحلو كله، وينذكر بالحلو كله. هجعد سنيني كلها أطلب سماح ولاد عامر، حتى لو سامحو.. هجعد أدعي لأخوي بالرحمة، ويلحجني بيه في الجنة.


ماهو عمل صالح، أتمنى أكون معاه وأجف جدامه يوم الحج، أستسمحه وأراضيه. عامر ده سبب الخير عمكو يا ولاد.. اللي جلبه بكتاب ربنا راضي، وخيره وصلنا في نديم.


خد بتي واتهنى.. خد بتي ولا يوم تزعلك.. خُد بتي وشرف ليا إن وجد جابر كانت من نصيب نديم عامر.


اقترب منه وربت على كتفه، ثم أردف بصوت متهدّج:


– بس رايد حاجة واحدة لو تجدر يا ولدي؟


هتف نديم بصدق :


– اللي تحبه يا عمي.


هنا فتح جابر ذراعيه، فبهت الكل.. وخافت وجد. ظل نديم واقفًا، ينظر إلى أحضان عمّه المفتوحة، وجابر دموعه تنهمر ويدعو من ربه أن يعفو عنه ابن أخيه:


– نفسي أحضنك يا ولدي.. نفسي ألمس  نسل أخوي وأحس بيه.. أخوي اللي ما خدته في حضني.. نفسي أحس بأخوي فيك. عارف إنها صعبة وواعرة، ولو رفضتها دلوك ما هزعل.. وهستنى اليوم اللي تدخل فيه في حضن عمك.


ظل نديم واقفًا لا يتحرك، فهوي قلب وجد، وعشّش الخوف بداخلها، لتُصدم عندنا...


... انتظرو الخاتمه عظمه... بحبكو قوي

تكملة الرواية بعد قليل 

 لمتابعة باقى الروايه  زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع