القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام الفصل الثالث والخمسون 53بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات


رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثالث والخمسون 53بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات







رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثالث والخمسون 53بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات




رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثالث والخمسون 53بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات


#حكايات_mevo

#عودة_الذئاب

بدأ الكل للاستعداد لفرح عائلة ابو الدهب. كان الناس يعملون على قدم وساق، وأقيمت الأنوار في البلد وزينت الطرقات استعدادا لليلة تزف فيها عرائس عائلة ابو الدهب.


كانت مهره جالسة في حجرتها حين سمعت دقات على الباب. نهضت وفتحته، لتجد الخدم يدخلون ومعهم حقائب كثيرة. اندهشت وسألتهم:

ـ ايه الشنط دي؟


اقتربت سيدة منهم وقالت:

ـ دي شنط يا ست مهره.. شوارك. اسمر بيه جال يطلعو فوج وتاخديهم وتفتحيهم. اللي يعجبك خديه، والله ما يعجبك طلعيه لله. لو مش حابه منه حاجه بيجولك، لو زوجه ماعجبوش يعني.


نظرت اليها مذهولة:

ـ اسمر جابلي كل ده؟


ضحكت السيدة وقالت:

ـ ايوه يا ست مهره، دا طلع بيحبك جوي. ومسكنا احنا النسوان وهاتك بقه: ست البيت الست مهره.. اللي يزعلها كنه زعلني. ولبن العصفور يتجاب. ماكناش نعرف عنه كده، كنا خايفين على مرته. جولنا هيصبحها بعلجه ويمسيها ببونبه.. اصله كان صعب جوي.


ابتسمت مهره لها، فأكملت السيدة:

ـ ربنا يسعدك.. انت غيرتيه خالص، بقى حاجه تشرح الجلب اكده.ربنا يسعدكو يلا فوتك بعافيه.


ثم تركتها وخرجت. وقفت مهره، وضعت يدها على قلبها بسعادة من تغير الاسمر لرجل آخر يعرف قدرها ويعشقها. اتجهت نحو الحقائب وفتحتها واحدة تلو الاخرى. كانت تشهق من جمال ما بداخلها، وخفقات قلبها تزيد، وسعادتها تعلو. كانت تحلم بتلك الاشياء.. تحلم بالعرس، وبثياب العرس.


كان في الحقيبة الاولى فساتين من حرير ناعم يلمع تحت الضوء، وكأنها خيوط فجرٍ محبوكة بخفة. وفي الثانية اقمشة مرصعة بخيوط ذهبية، تهتف بجلال يشبه هيبة العروس في ليلة زفافها. وفي الثالثة وجدت حليا من فضة وذهب، عقود تتلألأ كأنها قطرات ندى سقطت من سماء صافية، واساور تزغرد حول المعصم كما لو انها تحتفل معها. وفي الحقيبة الرابعة حذاء ابيض مرصع باللآلئ، يليق بخطوات عروس تمشي كأميرة.


شهقت مهره مع كل قطعة تخرجها، واحست بخفقات قلبها تتسارع. سعادتها كانت تعلو كأمواج بحر هائج، تطغى عليها وتغمرها. كانت تحلم بمثل هذه الاشياء، حلم الطفولة والانوثة والعرس الكبير. والان صار الحلم واقعا يلمس يديها، يغازل قلبها، ويعدها بليلة لا تنسى.


لتشهق عندما فتحت احد الشنط .. ايه قله أدبه دي وقفلت احد

 الشنط كانت مليئه بثياب النوم


ضحكت.. مجنون والله!


اقتربت تتلمس الثياب لتلاحظ فستانا خطف أنفاسها. تلمسته بسعادة، مدت يدها وأخذته، وعلى الفور لبسته. كانت تقف تشع نورا، فستان عاري الصدر والظهر، قصير.. أبيض مزين بورود حمراء على الصدر والذيل. وقفت تنظر لنفسها غير مصدقة هذا الجمال، فردت شعرها ووقفت تتأمل نفسها.


ابتسمت بسعادة وقالت:


بقيتي ست يا مهره.. أخيرا بتحبي، بتحسي، بقيتي ست وليكي حبيب ومش أي حبيب.


شعرت بسعادة وظلت تدور وتدور، ابتسامتها تزيد، ولم تلاحظ ذلك الذي يقف يركن بجوار الباب يتأملها في صمت. توقفت فجأة وهمست:


بتحبني قوي كده يا اسمري؟ مش مصدقة..


ودارت سعيدة ليقترب فتقع في أحضانه، لتشهق مرة واحدة. ليهمس بصوت يملؤه العشق:


اني مش بحبك.. اني بعشجك يا ست الناس وست جلبي ودنيتي.


همست بلين:


اسمر..


اقترب وحاوطها أكثر، وصوته يتهدج بالعاطفة:


حبيب الأسمر والله.


همست ورفعت يدها تداعب صدره:


كل ده ليا.. كتير والله.


رفع وجهها بعينين تتقدان عشقاً وقال:


اسمر كله ملكك.. حاله وماله. إن ماكتش افرح جلبي.. مين يفرحه؟


ابتسمت وهي تغرق في فرح طفولي:


انا فرحانة قوي.. بجد.. الحاجات حلوة قوي.


ابتسم هو، شعر بنشوة غامرة:


ليا سبوع مبنامش.. بختار لحبيبي الحلو كلو. عجبوكي؟


تنهدت بعذوبة:


قوي.. قوي.. يخليك ليا.


نظر إلى الشنطة السودة، ثم إليها برغبة:


كلهم يعني.. ختيهم؟


ابتعدت بخجل، فشدها ضاحكاً، فهمست وهي تحاول التملص:


اتلم.. عيب كده.


ضحك:


عيب ليه؟! داني كنت هنهبل واني بنقي.. واتخيل الجمر فيهم. يا رب.. جرب البعيد.


همست بخجل:


طب يلا بقه من هنا.. عشان إحنا قلنا ماحدش يشوفنا، والحنة جاية.. يلا.


ابتسم وهو يقترب أكثر:


ماجدرتش والله.. اتوحشتك جوي.


شدها ورَكَنها عالحائط، عينه على الباب:


مستني يتجفل علينا.. رايد حبيبي. ماعتش جادر دجيجه والله.


اشتعلت حمرة وجهها، وهمست برجاء:


بطل بقه.. ويلا. البنات لو عرفوا هيزعقوا لي.. عشان قولتلهم ماحدش يشوفهم.


ضحك هو بحرارة:


والله عندك حج.. عشان النار تجيد أكتر. واللي جبته.. يهبلني أكتر لما أشوفه عليكي.


قالت بخجل وهي تطرق رأسها:


عيب الله.. بطل بقه.


ضحك من أعماقه:


عيب؟! لاه يا جلبي.. داني بحلم بالعيب ده ليا. ياما هجلب أهبل والله.. اسمر أبو الدهب غرجان لشوشته.


همست بخجل:


صح يا اسمري.. بتحبني؟


اقترب أكثر، مسك وجهها وهمس بعاطفة جارفة:


بحبك بس..


ثم قبل عيونها المرتعشة:


اللي جوايا مالوش وصف.. ولا هجدر أجول وأعبر. جوايا غليان.. عايز أغرجك مشاعر.


اقترب حتى ذابت المسافات، فابتلعها بين ذراعيه، وتلاشت الكلمات بين شفتيهما، ولم يبق سوى دفء العناق. لم يمهلها.. ابتلع حضورها كله في حضن ضاع فيه الصمت والأنفاس.


تاهت معه.. نسيت الدنيا. ليبتعد أخيراً، ويضع جبهته على جبهتها، يتنفس بصعوبة، ثم يهمس:


الأسمر دوختيه يا بنت أبو الدهب..


ابتعدت بخجل وهمست:


امشي بقه يلا..


مد يده وقبل يدها برقة، ثم همس:


عيوني اللي تأمري بيه.


استدار، وقبل أن يرحل التفت مبتسماً:


آه.. على فكرة.. هنحطب النهارده. عايزك تشوفي راجلك وتفتخري بيه.. ماحد يجدر عليه.

ابتسمت بسعادة، وقالت في سرّها:


من غير أي حاجة.. يا قلب مهره بفتخر بيك.


ابتسم هو، واتجه للباب وأغلقه. وقفت هي، غارقة في سعادة جارفة، مدهوشة من كمّ المشاعر الهائلة التي أصبحت تعيشها فجأة.


في الخارج، بدأت الفتيات يستعدن لما يُسمى بالحنّة الصعيدي. اجتمع الكثير من النساء، وارتدت الفتيات جلابيب العرس الصعيدي، وأدّين الطقوس بحذافيرها؛ زغاريد، بخور، وأغنيات قديمة تتوارثها الألسن جيلاً بعد جيل. أما الرجال والشباب فكانوا في مجالس خاصة بهم، يتسامرون ويستعدون لمراسم الليلة، بينما الجد يجلس سعيداً، فخوراً بنسبه وعزوته التي ازدادت قوة بهذا الزواج.


بدأ العرس بالذبائح، وإطعام على روح عامر أبو الدهب طلباً للخير والبركة. ثم انطلقت حفلة سمر كبيرة، تضم مواويل وغناء على التراث الصعيدي، ارتجّت بها الديار واهتزّت لها القلوب.


وحين اجتمع الجمع للتحطيب، 


وقف أسمر كعادته ليفتتح المراسم. حمل عصاه، ووقف في منتصف الساحة بهيبته التي تخطف الأنفاس، نظراته الصارمة كأنها أوامر، وصوته يعلو بين الهتاف الزغاريد. وقف أسمر في قلب الساحة، كالجبل الراسخ لا تهزه ريح. قامته منتصبة، وكتفاه كأنهما يحملان تاريخ العائلة كله، عيناه تقدحان عزه، ونظراته تأمر ولا تستأذن. في يده العصا، تتمايل بخفة لكنها تنذر بالقوة، كأنها امتداد لذراعه وسلطته. حين خطا أولى خطواته، خيم الصمت، والجموع شهقت من هيبته، وكأنهم أمام فارس أسطوري خرج من كتب التراث. كل حركة من جسده كانت تقول: "أنا الكبير.. وأنا سيد عائله أبو الدهب ".


لكن المفاجأة كانت حين تقدّم ، بثبات وخطوات واثقة. وقف في مواجهة الأسمر، يرتدي جلباباً صعيدياً، وعلى رأسه العِمّة الصعيدي، وقد زادته هيبةً عباءة العائلة التي أهداها له الجد، في لحظة فارقة بدّلت كفّة الميزان.

دخل بخطوات ثابتة، لا عجلة ولا خوف، وكأن الأرض نفسها تفسح له الطريق. جلبابه الأبيض يلمع تحت الأضواء، والعمة الصعيدي على رأسه تزيده وقاراً، أما عباءة الجد فكانت كالتاج على كتفيه، تحمل معه ثقل التاريخ وشرعية الاسم. وقف في مواجهة الأسمر، فلم ينكسر نظره ولم ينخفض رأسه، بل حمل جسده شموخاً جديداً، يعلن أمام الجميع أن عاىله ابو الدهب تمتلىء بالرجال. وأن لآل أبو الدهب وريثاً آخر لا يقل عظمة عن أسمر.


التقت العيون في صراع صامت، صراع أكبر من مجرد تحطيب.. كان لقاء جيلين، وهيبة أمام هيبة. الساحة كلها انقسمت بين أنفاس متحجرة وقلوب تدق بجنون، والفتيات في الشرفات تتشبثن بالستائر كأنهن يخفين قلقهن.

.

تقدّم أسمر، وتقدّم نديم. وبدأ الاثنان في التحطيب.حين دوّت أول ضربة عصا، بدا المشهد كزلزال..أسمر العاصفة، ونديم المفاجأة

أسمر ماهر بالفطرة، فالتحطيب عادة بلده ودمه. لكن المفاجأة كانت في نديم، فقد نافسه بندّية مدهشة، إذ كان يتدرّب سرّاً منذ زمن بعيد، عشقاً للتراث، وولعاً بالنسب الصعيدي الذي لطالما تمنّاه.


بدأت العصي تتراقص بين أياديهما، كأنها صواعق من نار، وكل ضربة تحمل في داخلها رجفة من الكبرياء. احتدمت المنافسة، وتعالت الهتافات والصيحات، بين مشجّع هنا وزغرودة هناك.


في الشرفات، وقفت الفتيات يرقبن المشهد، والعيون تتعلق بالعصي المتطايرة. مهره كانت أكثرهن قلقاً، قلبها يدق بعنف، تخشى أن ينفلت الموقف أو يتحول لصدام. فأسمر ذو عنفوان لا يلين، ونديم ماضٍ بعزيمة لا تهتز.


وفي عزّ اندماجهما، ومع اشتعال الحماسة، بدا وكأن الساحة كلها ارتجّت بهما، فاشتعلت المنافسة أكثر، وكل واحد منهما يصرّ أن يثبت أنه الأجدر، بينما الأصوات تتعالى:


الله يا ولاد أبو الدهب!


يلا يا نديم.. ورّيه!


عليه يا أسمر!


مشهد يختزل العزوة والقوة والرجولة.. تحطيب لم يكن مجرد لعب، بل كان رسالة غير منطوقة، بين نديم الذي يسعى لانتزاع مكانه، وأَسمر الذي لن يتخلى عن عرشه بسهولة. هكذا كان المشهد يفسر. 


ولكننا نتحدث عن النديم.. ويا له من نديم. فنديم رغم حماسه وعنفوانه كان يعرف جيدا قدر الاسمر. كان يعرف ان هذا الرجل ليس مجرد شاب يقف بعصاه في الساحة، بل هو كبير عائلة ابوالدهب من بعد جده، وهو السند الذي تبنى عليه العزوة وتقوم به الظهور.


في داخله اعترف بنديته ومهارته، بل ربما كان في وسعه ان يفوق الاسمر، لكن شيئا بداخله تراجع، احتراما للدم وخوفا على الهيبة التي لو انكسرت لانكسر معها اسم العائلة.


توقف نديم فجأة والجميع في دهشة، كان كالصقر الذي يوقف انقضاضه في اخر لحظة. ابتسم ابتسامة واسعة ثم رمى عصاه تحت قدمي الاسمر، في انحناءة لم تخل من العظمة، كأنها طاعة عن رضا لا عن ضعف.


تقدم نحوه وصوته الجهوري دوى في الاركان يهز الساحة والقلوب:


اسمر.. كبير عائلة ابو الدهب! ماحد يجدر يحطب جدامه!


دوّت الهتافات، وزغردت النساء، وتعالت صيحات الرجال.


ثم في لحظة تختلط فيها العزة بالدموع خلع نديم عباءته، تلك التي ألبسه إياها الجد، واقترب بخطوات واثقة وألبسها للاسمر بيديه، كأنه يعيد الحق لصاحبه.


كانت العباءة ثقيلة، لكنها بدت خفيفة على كتفي الاسمر، فهو صاحبها من الاساس.

اما نديم فقد اختار ابن عمه على نفسه، وتنازل عن جزء من هيبته ليقر امام الجميع بسواد الاسمر وعلو مكانته وسط العائلة.


الساحة التي اشتعلت بالصراع صارت شاهدة على بيعة جديدة، بيعة اسطورية لعائلة ابو الدهب.من فارس نبيل لفارس آخر شهد له بالعزه. 


هنا نزلت دموع الجد، ووقف أسمر ينظر لا يصدق كيف يكون بهذا النبل. نظر لنديم بحب، فتح ذراعه إليه واحتضنه بشدة؛ علم أن نديم تنازل عن عنفوانه من أجل أن يعلو الأسمر، من أجل أن تظل الهيبة والسند لولاد العم ولعيلة أبو الدهب. الجد كان فخور بحفيده الذي يتسم بكل صفات الأخلاق الحميدة.


مر الوقت، كانوا يجلسون سعداء، حتى جاء شخص يستدعي نديم ليذهب. فوجدها، فابتسمت:


حبيبي عايزه حاجه؟


همست:


تعالي.


شدته بعيدا إلى أحد الأماكن الخالية، اندفعت واحتضنته؛ فبهت من تصرفها. حاوطها:


جلبي يا ناس...


ظلت تحتضنه بقوة، فهي رأت ما فعل؛ تنهدت وابتعدت، ثم هتفت:


انزل وطيّ!


قطب جبينه لينزل، فهي قصيرة، فقبلته على خده ليرفع حاجبيه وينظر إليه. همست:


بحبك موت يا بطتي.


استدارت لتتركه، فوقف يبتسم ابتسامة بلهاء، ثم اندفع ومسكها وركنها على الحائط:


راحة فين انت؟


همست بخجل:


ايه سيبني امشي دي حنتي.. ماينفعش تشوفني.


نظر إليها بعشق:


يعني تجيلي وتحضنيني وتبوسيني وفاكراني هسيبك كده؟


همست:


اه.. عشان انت قمر وتصرفاتك كلها قمرين.


ضحك هو:


ليه يعني؟ عملت ايه؟


نظرت إليه بفخر:


انت يا نديم بتعمل كل حاجة حلوة اتمنتها في راجلي. انت عارف يعني ايه تتنازل في الحطابة لحد غيرك؟ انت كده بتعترف بعلو الأسمر، ده في حد ذاته كبيرة قوي... نديم انت اتغيرت قوي.

تنهد هو وقال بصوت ثابت:

بحب صادق..... اسمر يستحق اني اعمل عشانه كده. اسمر كمان له طبيعه خاصه. انا بدوب اي حاجه في قلوب ولاد عمي عشان ما يجيش يوم ونرجع نقف لبعض. انا كل اللي يهمني انت وبعديها العيله يا قلب نديم.


هنا نظرت اليه بحب:


دومي.


همس بحب ودعابة:


يا بت هشيلك واطلع بيكي القوضه، افطسك ايه دومي دي؟


شدها من وسطها ورفعها قليلا، فحاوطته بيديها:


ايه، مش دومي، انا بتاعي، انا اسطورتي انا وبس.


تنهد بحب:


بتاعك يا قلب نديم وهيموت ويبقي بتاعك. حبيبي راضي ورايق يا ولاد، دانا عيشت ايام سوده.


خبطته بغضب مداعب:


انت اللي وحش وعذبتني كتير يا ساتر! ايه ده؟ كت بموت عليك وانت وحش.


اقترب من وجهها، قال متوددا:


والنبي صحيح كتي بتموتي عليا؟ طب تعالي فوق وريني كده ازاي.


بدأ يداعب جسدها فشهقت:


ايه ايه! اوعي! ايه قلة ادبك دي! بطل هنتفضح.


تنهد ثم قبل شفتيها:


والله احنا مفضوحين من غير حاجه. الحقيقي كلنا انا والعيلين التانين. لا واسمر عامل جامد عالاخر غضنفر بس. اختي تبسبسله يقلب قطه رجاله هم.


نظرت اليه وقطبت جبينها:


يا سلام.. وهو اسمر بس اللي لو بسبستله مهره هيقلب قطه؟ امال انا لو بسبستلك هتقلب ايه؟


نظر اليه بعشق:


هقلب وحش اه، وربنا، واشيلك فوق واشبع من حبيبي. انت بس بسبسلي يا قمر وهتشوف اللي ما عمرك شفتيه. ربنا معاكي دانا فيا كبت السنين.


خبطته مجددا:


بطل تقل ادبك!


ضحك هو:


يا بت انا مترهبن من سنين، انت هبله. مابصيتش لواحده ست ولا فكرت ابص. تقريبا كنت هقلب لو كملت كده.


فضحكت وهمست:


صحيح يا دومي، مابصيتش خالص، احلف.


نظر اليها بهيام:


يمين الله مابصيت الا للي خلع قلبي. قمر وجعلي قلبي ووجعته غصب عني. انا مادقتش طعم الحنيه الا معاكي يا وجد. عشان كده حابب اعيش معاكي مشاعر ماعرفتهاش.


لتداعب وجهه  بحنان، قالت وهي تقرّب وجهها:


وانا هعيشك مشاعر انا اتمنتها برضه، نديم.. انا بحبك قوي قوي قوي.


اندفعت  تحتضنه؛ احتضنها ورفعها يضمها بقوة، وقلوبهم تصرخ من مشاعرها. ثم انزلها بهدوء، نظر اليها وهمس بصوت مملوء شوق:


حاسس بنار بتطحن جوايا.. عايز اتجوز.


همست بخجل:


بكره يا دومي.


همس هو بهيام:


طب ماينفعش تبقي في حضني النهارده طيب؟


هزت راسها مترددة:


تؤتؤ تؤ..


بدأ يداعب رقبتها فاغمضت عيونها. همس بالقرب منها:


طب عشان خاطر حبيبك والله هنام مؤدب.


ظلت ساهمة تشعر بمداعبته، وهمس:


قلبي هيفطس.. حبيبي ناعم وسايح.. هبقي مؤدب ازاي؟


لكنه شدها وانهال عليها ، وظل معها لا يتركها. فجأة سمعا صوت شجن تنادي على وجد؛ انتفضت وجد خجولة وابتعدت. تنهد نديم، وعدل ملابس وجد، واستدارت فمسكها نديم وقبل يدها، مستني بكره على نار، فدفعت يده ووقف هو سعيداً وقلبه يرجف متمنياً قربها.


أسرعت وجد لتقابل شجن، وكانت وجهها محمره، فنظرت اليها شجن:


ايه يا بت؟ انت عاملة كده ليه؟ وشك احمر كتي! فين؟


هتفت وجد بارتباك:


هاه؟ كت فين؟ لا ماكتش.


رفعت وجد حاجبيها وقالت بصيحة مزحة:


بت انت.. انت كتي بتقلي ادبك مع اخويا صح؟


هتفت وجد بخجل:


ايه ايه.. بطلي عيب كده.


خبطتها شجن:


اختي اللي فوق لو عرفت هتزعقلك! قالتلنا الحنة ماينفعش يشوفك عشان يبقى متشوقين. انت بت واقعة؟


خبطتها وجد مجدداً:


بطلي.. الله وحشني.. نزلت اشوفه وعادي يعني.. هو جوزي اصلا.


تنهدت شجن وقالت:


طب ما براء جوزي وبقاله اسبوع مابكلموش انا.


تنهدت وجد وردت بنصيحة عملية:


انت واحدة هبله، خليه بقه عشان يطفش ويروح لوحده تاني. الرجالة الصعايدة بيتجوزوا اكتر من واحدة. خليكي هبله الواد حليوه واحن واد في العيلة دي، وبنات العيلة هتموت عليه.. باين شفتهم بيلفو عليه براحتك بقه، اتمنعي لما تطفشيه.


استدارت وجد وتركتها،


وقفت شجن، قلبها يرجف. كانت شجن طيبة زيادة عن اللازم، ن القفلة عليها، . بقيت واقفة تأكل روحها وتفكر: ايه ده؟ عشان اسبوع واحد بعذب فيه، يسيبني ويتجوز؟ دانا! اموته.


استدارت وذهبت تبحث عنه، فوجدته واقف مع فتاة تتدلل عليه. اندفعت لها وذهبت اليه وهتفت بصوت مكسور:


عايزاك.


نظر اليها باستغراب:


فيه ايه؟


نظرت اليه غاضبة، صوتها يرتعش:


عايزاااك!


ابتسم للبنت القريبة وراح لها، فهتفت له بصوت مرتفع متداخلا بالغضب:


ايه! حد يهجم على حد كده؟ ما يصحش!


اشتعلت هي:


لا والله! اكن دلوقتي بهجم يا سي براء!


نظر اليها بدهشة: فيه ايه؟ فصرخت فيه كأنها تطعن الهواء:


بوسني دلوقتي!


بُهِت وتراجع، نظر حوله مرتبكاً:


انت مجنونه! ابوس ايه؟ لا، ماهيحصلش.


اقتربت منه فجأة فتراجع بخوف، ظاناً أن لها نية غريبة. قالت بحدة:


يعني مش عايز تبوس؟ تمام، انا قلت كده برضه. عموما انا مش عايزاك تبوس لا دلوقتي ولا بعدين ولا طول حياتي اصلا!


دفعته برفق، فوقف مذهولاً. ثم عادت إليه مرة واحدة، هتفت بغضب نحو البنت الواقفة قربهم:


البت اللي واقفة دي اسمها ايه؟


نظر اليها صامتاً، لم يرد. فازداد غضبها، واشتعلت، فخبطته بيدها. 

  

فخاف وهتف:


فيه ايه؟


فصرخت بحدة:


اسمها ايه بقلك؟


قال بصوت خفيض:


نواره...


ضربته على كتفه:


ماشي ماشي، يلا روح، مش عايزاك يا بتاع نواره.


ورحلت وتركته يقف مذهولاً. ظل يقول في نفسه: هو فيه ايه؟! هي انهبلت؟


ذهبت إلى نديم وقالت:


عايزاك يا نديم.


ابتسم لها، وقال:


مالك يا حبيبتي؟ فيه ايه؟


قالت:


نادي لجدو، عشان عايزاك.


ذهب إلى جده وقال:


تعال يا جدي، شجن عايزاني.


دخلوا إلى الداخل، ووقفت شجن تواجه الجد، بعينين لا تخفيان القرار:


بقلك ايه يا جدو؟ انا مش عايزه اتجوز اللي اسمه براء ده، ماشي وخلاص. انا هسافر اكمل دراستي واقعد في شقتنا، خلاص.


كان براء قد دخل، فبهت ثم صرخ:


هيا! مين اللي هتجعد في شجتها؟ انت انخبلتي؟


نظرت اليه بغضب:


انا اللي هقعد! وبعدين ماعادش ليك دعوة بيه. هاه؟ خليني ساكتة.


هتف براء مهدداً:


لاه ماتسكتيش! اتكلمي!


صرخت في وجهه:


انا مش هتجوزك!


انقلب الجد وقاطع كلامه بصرامة، ثم اقترب براء ومسك يدها قائلاً بنبرة متعالية:


انت تحترمي نفسك، انا مرتي، متكلمنيش كده.


صرخت شجن في وجهه:


مرتك! انا مرتك؟ لا والله يا بتاع نواره يا قليل الادب! اوعي ايدك! نديم قطع ورقته خلاص، مش عايزاه.


هتف نديم بحزم:


ربنا يشفيك، فيه ايه؟ الدخلة بكره؟


هتفت شجن بغضب وعناد:


مش داخلة مع ده في حتة! خلاص، يروح يدخل في حتة تانية. انا مش عايزاه، بقلكوا اهوه كلكوا!

هتف الجد متعجباً:


ليه يا بتي؟ ايه حصل؟ اتحسدنا ولا ايه؟


استدار لبراء وقال له بنبرة تقهقه:


عملت ايه يا طين؟


رد براء بغلب واحتجاج:


والله ماعملت ليا اسبوع بحايل فيها وتجولي! عايزه اعملها عروسة، هنتهبب نعمل بكره تيجي تهجم عليا، صرعتني!


اقتربت منه شجن ودفعته:


بقى انا صرعتك يا نحنوح! هاه؟ انا هجمت عليك ليه؟ ان شاء الله برئ! انت مابتعملش حاجة بقله أدبك! هاه؟ انا مش هتكلم وافضحك، انا عايزه ورقتي دلوقتي!


شدها براء من يدها بحدة:


انكتمي بقه! بلا ورجه بلا طين! اني ماعرفش انت زعلانة ليه من الاساس!


خبطته شجن بغلظة:


عشان وحش وقليل الادب! وانا مش هتجوز قلاله الادب! يلا جدو قطع الورقة هاه! يلا! والا اقلك جوزو السحلية بتاعته يبقى يروح بقه يتنحنح! انا فوق! ابقو هاتولي ورقتي!


دفعت وجد براء فوقف مذهولاً، وصعدت غاضبة. الكل وقف مذهولاً، وتنهد الجد قائلا بهدوء متأثر:


عملت ايه يا واد؟


هتف براء بغلب:


يمين الله ماهببت! لقيتها داخلة، هجم عليا وزعلانه، وكت اجف مع نواره! بتعمي ماعملتش حاجة.


سمعوا ضحكة وجد التي نزلت فسمعوها،  وقالت:


اختك مجنونة يا نديم! بتقلي بقالي اسبوع ملوعاه. قلت اخليها تلين، فقلت لها هيلوف علي واحدة تانيه، الصعايدة بيحبو يتجوزوا كتير.


نظر اليها براء غاضباً:


يا شيخة! منك لله! انت ايه حريجه اهي؟ ولعت فيا! اعمل ايه دلوقتي يرضيك كده يا نديم؟


تنهد نديم، واقترب من وجد وقرص خدها بحنية مربكة:


ينفع كده اختي هبله؟ اصلا مش محتاجة هبل بزيادة.


هتف براء متضايق:


وبعدين هنعمل ايه؟ البت بتغلي فوج.


رد نديم هازئاً:


روح بقه، الله يعينك! اعمل ايه انا يعني؟


تنهد براء بغلب، فصعد اليها. دخل وجدها جالسة دامعة تمسك القلب والنجوم بيدها، 


دا ايه الغلب ده؟ اني ماعملتش حاجة منك لله يا وجد.


استدارت شجن فهبت والصوت فيها حدة استنكار:


جاي ليه هاه؟ خلاصنا خلاص! انا هلم هدومي ومش عايزاك خلاص!


اندفع براء واحتضنها، صارخاً بلهفة مختلطة:


كن حبيبي! مش عايزني؟ طب زعلانة ليه؟ اني ماعملتش حاجة منك لله يا وجد!


دفعته شجن وصرخت بعصبية :


لا والله! اقلك بوسني ماتبوسش! واقف مع البت الزرقة دي! هاه هي دي اللي عليها العين وماشي ورايا تكدب وتقلي عايزك عشان أسبوع بعاد تلعب بديلك!

هتف صارخاً:


يا شيخه، يمين الله ما فيه حاجة، انتِ اللي هبله!


فصرخت:


ما بوسِتنيش ليه؟


اقترب:


أبوسك في وسط الخلج؟ انتِ انخبلتي يا جلبي، والله ما فيه حاجة.


احتضنها وقال:


ان كان على البوس، اني رايد أبوسك لما اهريكي بوس بس ترضي.


نظرت إليه ساخطه:


ما عادش هبوسك خلاص، روح بوس عروستك بتاعتك.


اقترب يحاوطها:


انا ليا الا اللي مسود عيشتي وواكل جلبي يا جلبي.


ردت بحدة:


لا، انت وحش وما بوسِتنيش، وانا خلاص مش عايزاك.


تنهد واحس بلينها، همس:


بس اني عايز ورايد، والله رايد وهنهبل ومستني بكره بفارغ الصبر ليك. اسبوع مسودة عيشتي، ماتقربش وماتهببش، وعايزه اعمل عروسة واخرتها اكده.


هزت راسها وهمست:


اه، عشان ما بوسِتنيش، انت عايز البت الزرقه دي.


تنهد واقترب من وجهها:


أبوسك جدام الناس وافطسك، ساعتها هنتفضح. اني ما عندي مشكلة لو رايدِه، اهوه تعالي أبوسك تحت.


شدها.

وقفت ، ثم هتفت بحزم:


اوعي لا! خلاص هو كان وقتها، مش عايز دلوقتي بوس، خلاص.


قال وهو يحاول يقنعها:


يعني، حبيبي مش هيتجوزك بكره، اهوون عليه.


تنهدت، وهي تحسّ بحبه، فحاوطها ورفع وجهها وقبل خدها:


حبيبي هيسيبهم يتجوزوا واني اتحسر.


تنهدت و همست بلين:


خلاص هتجوزك عشان جدو.


ابتسم وهو يهمس بعشق:


جدو بس.


هتفت بحنان:


اه، امال ايه؟ جدو بس؟ انت وحش.


همس هو بحنان:


بس اني بعشج حبيبي ورايد ابوسه لما اهريه.


تنهدت وقالت بحدّة مرحة:


لا خلاص، سنة يا براء، هاه سنة، مش هتبوسني.


ضحك وهو يهتف مازحاً:


سنة يا جلبي؟ هتمنعي نفسك عني؟


هتفت وهي مصممة:


اه، همنع. هنتجوز ومش هتبوسني خلاص، والبت دي ماتكلمهاش خالص.


اقترب من وجهها وهمس بحزم:


ما هكلمهاش، ولا هي ولا غيرها.


همست وهي تنظر لعيونه:


يعني مش زعلان انك مش هتكلمها؟


لمس خدها بشفتيه همسة خفيفة:


ولا تهمني، المهم حبيبي يروج ويعاود لجلبي.


لانت اليه وهتفت :


لا، مش هعاود. وقلنا سنة، مش هبوسك خلاص.


رفع وجهها ونظر إليها بعشق، أصابعه تداعب ملامحها، ولمساته تسلبها المقاومة حتى ذابت تمامًا بين يديه.

انحنى وهمس، وأنفاسه تلفح وجهها:


– … سنة كتير، ما أتحمّلش، هموت أكده…


كانت بين لمسته تائهة، لا تدري أهي في عالمٍ من الحلم أم في يقظةٍ مسلوبة الإرادة. اقترب أكثر، :


– جلبي… أعمل إيه؟! هموت وأفطسك دلوقتي… وانتِ جمر قايد.


لم تستطع إلا أن تكون طائعة، جميلة، مسلوبة، ينهال عليها بشوقٍ عاصف. مر وقت، ثم أبعدها قليلًا ليضمها إلى صدره باحتضانٍ يغمرها بالأمان.


– أني ما بحبش إلا جلبي… ولا رايد غيره. دانت النجمة اللي نفسي أطولها.


تنهدت بهيام وهمست بصوتٍ مرتعش:


– براء… أنا بحبك.


ابتسم وهمس:


– وأنا يا جلبي.


اقتربت منها أكثر، وقالت بصوتٍ خفيض:


– وعايزه أتجوزك بكرة كمان.


ضحك بعفوية:


– ماهو هنتجوز، انتِ فاكره إيه؟


هتفت بحنان:


– وهبوسك خلاص… بكرة مش بعد سنة.


ضحك وهتف:


– ليه؟ انت فاكراني يا جلبي أهبل؟ دا حبيبي بيدوب في ثانية.


اقترب أكثر، وظل يداعبها ويشاكسها، وهي تضحك، ثم أخذها وخرج مسرعًا حتى لا يتهور أكثر. خرجا إلى جده، وجلسوا جميعًا سعداء.


وفي زاوية أخرى…

كانت مهره جالسةً سعيدة، حين اقتربت منها الخادمة وقالت:


– ست مهره… أسمر بيه عايزك، وبعتلك حد تحت.


نزلت مهره وهي تبتسم، لكن حين وجدت رجلاً بانتظارها، عقدت حاجبيها باستغراب:


– فين هو؟


ابتسم الرجل ابتسامةً باهتة وقال:


– في جنينة الموالح.


تنهدت وذهبت معه. وعندما وصلوا، أشار إليها وهو يقول:


– ادخلي من هنا… واجفلي الباب وراك.


دخلت مهره بخطواتٍ حذرة، وما إن أغلقت الباب خلفها… حتى تجمدت مكانها!

انصدم قلبها مما رأت، 


ارتعشت مهره، وازدادت دهشتها، فقد كان المشهد أكبر مما تحتمل…عندما رأت....

...... ؟؟

تفاعل يا سكاكر بقه نجاتي بيبرطع اهوه ولسه بارتين فرح ورقص وزغرطه افرحو يا عيال


تكملة الرواية من هناااااااا 

 لمتابعة باقى الروايه  زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع