القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام الفصل الثاني والخمسون 52بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات



رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثاني والخمسون 52بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات




رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثاني والخمسون 52بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات



#حكايات_mevo

#عودة_الذئاب.... ...كان المدراء يجلسون، وبقيّة أفراد العائلة يلتفّون حول منضدة الاجتماعات؛ وأسمر يجلس في المنتصف، ومهرة إلى جانبه، ونديم على الجانب الآخر، وبجواره وجد...

عندها تكلّم كبير المهندسين قائلاً:

ـ كده تمام يا أسمر بيه، فاضل بس توقيعك كرئيس مجلس إدارة شركة أبو الدهب، وبكده نكون حطينا كل النقط ع الحروف ونبتدي الشغل... ونعوض اللي فات.


هنا نهض أسمر فجأة، عيونه تقدح بوميض الصلابة، وصوته يهدر بثبات:

ـ واني موافج... نبتدي من أول وجديد! نبتدي بجوه، وعشان نبتدي بجوه لازم الأول نحط كل واحد في مكانه الصح... انتو عايزين رئيس مجلس الإدارة يوافج؟ تمام أكده.

ساد الصمت القاعة بعد كلمات أسمر، وكأنّ الجدران نفسها حبست أنفاسها تنتظر ردّ الفعل...

المهندسين تبادلوا نظرات متوترة، وأفراد العيلة ما بين تخبط واستغراب، كل واحد فيهم يحاول يفسر قصده.


مهرة، وهي قاعدة جمبه، عينها راحت تترقب ملامحه ، تحس بنبرة غريبه في كل كلمة بيقولها... بينما نديم شدّ ضهره للورا، ونظرة غامضة سكنت عيونه، كأنه بيدوّر بين السطور على نواياه.

وجد، على الجهة التانية، قلّبت في أصابعها وهي بتسرق نظرات سريعة على أسمر، قلبها يدقّ أسرع من المعتاد، تحس إن اللي جاي مش سهل، وإن فيه حاجة أكبر من مجرد توقيع ورقة. وخوف أن يعكر صفوهم اي شيء. 


اتجه أسمر نحو مهرة، شدّها من يدها فجأة... التفتت له بنظرة استغراب، قلبها يضطرب، قبل أن يأخذها ويُجلسها على كرسيه في منتصف الطاولة. لحظة ارتباك عمّت القاعة، والأنظار كلها اتجهت إليهما.

وضع أمامها ملفاً، بينما هي تفتح فمها لا تفهم شيئاً... أشار أسمر إلى الملف، وعيناه تشعّان بسعادة صادقة وفرحة كبيرة تكاد تُلهب الأجواء.


مدّت مهرة يدها برهبة، أصابعها ترتعش وهي تفتح الملف... وفجأة صدرت منها شهقة عالية، ارتجّ لها قلب الجميع. نظرت إليه ثم إلى الأوراق أمامها، وظلّت لبرهة متجمّدة، وكأنها أمام شيء يفوق التصديق.


قطع صوت أسمر صمت اللحظة بابتسامة واسعة وهتاف جليل:

ـ أنا بتنازل عن رئاسة مجلس الإدارة... لمهرة عامر، بنت عمي ومراتي. وهي اللي ليها الحق تقول وتقرر... واحنا كلنا ننفّذ.


ثم انحنى، وقبّل يدها أمام أعين الجميع، وتركها مذهولة في مكانه، قبل أن يتراجع ويجلس في مقعدها القديم.


مهرة بقيت في حالة صدمة، لا تنطق... عيونها معلّقة بالورق، والدهشة تكاد تعصف بعقلها.

فأكمل أسمر بصوت واثق، فيه دفء وحزم في آن:

ـ يا دوب يا مهرة هانم... الورق جاهز على إمضتك. ومن اللحظة دي... تبقي انتي ريسة المكان ده كله، والكل تحت طوعك... وماحدش ليه ينطق. وأنا أولهم، طبعاً.

ابتلعت ريقها ببطء، وعيناها معلّقتان على الورق أمامها... كان تنازلاً صريحاً منه عن حقّه في الإدارة لها. خفق قلبها بعنف، فذلك لم يكن مجرد توقيع؛ بل كان تنازلاً عن عنفوانه أمامها هي، وربط اسمه باسمها، لتصبح هي رئيسة مجلس الإدارة، وهو ــ زوجها ــ تحت رئاستها.


شعرت أنّ قلبها يكاد يقفز من مكانه... لم تصدّق أنّ هذا هو أسمر الذي تعرفه. كانت ساهمة، نظراتها تتنقل بين الأوراق وبين توقيعه واسمه مكتوب بخط واضح:

"أسمر أبو الدهب ـ رئيس مجلس إدارة سابق"

"مهرة أبو الدهب ـ رئيسة مجلس إدارة أبو الدهب"


لحظتها، أحست بقيود ثقيلة تطبق على صدرها... ضاق نفسها، وقطّبت جبينها بحدة، تهزّ رأسها لا إرادياً، وعيناها لا تفارق تلك الورقة. اسمها بالأعلى، واسمه أسفلها... مشهد يهزّها من الداخل.


لكنها مهرة... ليست كأي امرأة. امرأة قوية، عنيدة، لا تريد فارسها أن ينحني لها أو يخفض هامته أمامها، ولا أن يُنتقص قيراط من سلطته. هذا ليس مكانه، ولن ترضى أبداً أن تراه في موضع تُحكِم هي السيطرة فيه عليه. كل ما أرادته يوماً هو أن تكون أنثاه، لا أن تُفرض عليه سيطرتها.


كانت فقط تتوق إلى شعورٍ بالأمان... وهو ـ أخيراً ـ بدا وكأنه فهم.


ظلت صامتة، عاجزة عن النطق، حتى رفعت عينيها الدامعتين. لتكتشف فجأة أنها أصبحت وحدها معه في تلك القاعة الكبيرة؛ الجميع كان قد انصرف بهدوء عندما تاهت هي في صمتها، بناءً على إشارة من أسمر أن يتركوهما وحدهما.


اقترب منها، وانحنى بجوارها على قدميه. مسك يدها وقبلها بحنان.


"لو فاكره إنّي هفرط فيكي بسهوله، تبقي غلطانه. لو فاكره إنّ أسمر هيختار الرياسه والسلطه ويبقي كبير من غيرك، تبقي غلطانه. أنا كبير بيكي، ويمين اتحاسب عليه عن طيب خاطر. لو مضيتي، هجعد اهنه مكانك فرحان بيكي، ورايد تبقي اعلي من الناس كلها. بس يهمني جلبك يبقي معايا وبس ليا وبس مهره لاسمر وبس."


"أسمر، عرفتيه صعب ومغروره وطايح، بس لحد ما جه لعندك انجلب عاشج، والعاشج يلين لعشيجه. لو علي رجبته، لو حاطط سيف علي رجبته، روحه تروح فيها، ولا أنه يفرط في جلبه."


مسك يدها وقبلها: "وانت جلبي يا مهره، مهرتي اللي نفسي ترضي اني اكون ليها حبيب افتخر انها ام عيالي ومرتي مهره عامر بنت شمس. اتمني انها بس تبصلي، ولو بصيتلي يبقي يوم سعدي."


"عيونك دي لمعتهم عندي بميت شركه وميت سلطه. اني وعيت انت عايزه ايه، واني مش جليل عارفه ليه، لأنك عاليه ولا من ابقي عالي عشان استحجك. اني وعيت أن الأمان أن الاسمر ينزل من الهيلمان اللي حاطط نفسه فيه. سيد الناس الطاووس اللي ماحدش يهمه."


"لا اني لو هكون سيد هتكوني انتي ستي وتاج راسي. لو هكون طاووس هكون بس عشان افرحك بحالي وبس. انما لا يوم اتجبر ولا اتعالي."


شدها لتقف: "مهره، إنت حالي ومالي وعزرتي وسندي. إنت دنيا، ومن غيرها ابقي ميت."


بتبصيلي؟ "اكده ليه مامصدجاش."


ابتعد، وجلس مكانها... مالِه ده كرسي ستّ؟الناس اتبارك بيه. وانتِ تجعدي اكده هانم؟ واسمر جوز الهانم—والله جوزها—بس سيبيني أكون جوزها، والله نفسي.


نظرت إليه بعشقٍ غمرها، لم تعد قادرةً أن تتحكّم في نفسها؛ تنهار وتبكي بشدّة. قام، شدّها إلى أحضانه، فتمسّكت به وهي تبكي. كانت تبكي سنين تعبها؛ أحسّت أنها وصلت برّ الأمان، وأنّ أنوثتها ستظهر أخيراً. هو يمدّ يده معها ويهمس كلمات عشقِه:

— ارتاحي يا جلبي... خلاص. أني أهه، من يدك دي ليدك دي، جولي، وأنّي أنفّذ أيّ شيء يسعدك.


همست وهي تبكي: «اسكت من فضلك...»


تنهد، واحتضنها حتى اندسّت أكثر في حضنه. شعر بتخبّطها؛ مسكها وذهب بها إلى الأريكة، جلس، فاندفعت لتجلس بجواره. شدّها إلى حضنه وهتف:

— ماعاد خروج من حضني تاني. كفايا علينا كده...


تنهدت ونامت في حضنه، تحاول استعادة روحها الضائعة. هو يمدّ يدَه عليها، كانت تريد أن تسكُت إلى الأبد، تخلع عباءة القوّة، وتصبح أنثىً فقط؛ لا تريد شيئاً غير ذلك. همس بقرب أذنها:

— انتِ بتاعتي. حجّي فيكي من ساعة ما شفتك. حجّي أحبّك وأعشجك، حجّي أدلعك وأهنّنِك، حجّي أخليك ستّ الناس وستّ جلبي. حجّي تسندي عليّ وتغمضي وتطلعي أميرتي اللي ألف بيها بلاد وبلاد ست الحسن والجمال. عشجتك، وأنا صعيدي ما بعرف العشج بس العشج واعر على جلب الجدع. خلاني أبرك وأجي لحدّك؛ وجعتك صوّح وتوجعت، بس اتعلّمت إنّ المهرة مهرَة الأسمر وروحه. سكنه وضلعه؛ اللي من غيره الدنيا تميل وتنحني. أنا الأسمر اللي جوته تعلّم على بلد. باجي لحدّك وما رايدش أكون جوي لا هاه، رايد أنساب معاك ألف مرّة، مهرَة... الأسمر بيحب وبيحس. الأسمر بيحب المهرة.


رفعت وجهها؛ والله بيحب ويعشّج.


 سالت دموعها، فوضعَت يدها على شفتيه فقبلها، وهمست: «بطل، كفاية، قلبي بيوجعني».


همس بحب: «ليه يا جلبي، ما عاش اللي يوجع جلبك؟ رايده ايه؟ اريح جلبك، ماعت محتمل تنوجعي. عايزه تجعديني في البيت؟ طيب، اكنس وامسح.» ابتسمت، واندست أكثر في أحضانه وهمست: «بطل كده.»


تنهد، وهتف: «طب ايه؟ هنفضل ساكتين اكده؟ فرحي جلبي المخلوع ده طيب.»


همست بحب: «ما تسكت شوية، عايزه ارتاح في حضنك.»


احس براحه كبيرة إنها لانت له وتريد حضنه؛ فشدد عليها واحتضنها أكثر، وقال: «بس اكده؟ ده حضني، ده بيتمني حبيبه من ساعة ماشافك يا جلب حبيبه.» ظلّا هكذا فترة، فهمست: «اسمر...»


هتف بحب: «عيون الاسمر وجلبه...»

قالت: «انت بجد اتنازلت عن كل ده بجد؟»


تنهد: «طب أعمل ايه طيب؟ البس مجطع وانزل اكنس الشركة؟ والله أعملها، بس هيجولو جوز الريسه أهبل. هبلتيني يمين الله. شوفي، إني هعمل دعاية جديدة واعلانات بالتلفزيون وانت ونديم تديرو—شوفو، تديرو، مالنا ازاي.»


نظرت إليه بعشق، هزت رأسها، فهمس: «ايه طيب أعمل ايه؟»

تنهدت وهمست وعيونها تشع عشقا: «انا انا مش عايزه حاجه.»


ابتسم هو وتصنع الغباء: «حاجة ايه يا جلبي؟»

قامت ورفعت وجهها بالقرب منه وهمست بحنان: «مش عايزه ابقى ريسة الشركة دي.»


هتف مبتسما: «ليه؟ مش جولتيلي؟ هترضي ان مرتك تعلي عليك وتتمريس؟ اهوه، راضي. اشخط وامطر براحتك يا جلبي.»


قطبت جبينها: «بس انا مش عايزه كده ليك.»

هتف بحب: «مالكيش صالح. انت تجعدي مكاني وانا اترمي في اي حته، انما حبيبي يجعد في المكان اللي يحبه.»


تنهدت وهمست: «لا، مش حابه، ده مكانك.»

شدها اكثر: «مايهمني. المهم مكاني في جلبك. المهم مكاني جارك. تفسحيلي مكان جارك وبس. يا تري يستحج ابقي في جلبك؟ مش رايد غير اكده.»


تنهدت، وقامت تنظر إلى الافق الواسع، إلى السماء... قام يحاوطها وهمس: «بتفكري في ايه؟»


تنهدت بعمق، كأنها تأتي من بعيد، من زمن بعيد.

ابتسمت: "طول عمري قبل ما انام بقف جنب الشباك، وابص للنجوم وادعي ربنا ان يوم هيجي لمهره تحس زي الناس." كانت تقول بصوت خافت، "كنت ببص للنجوم واحسها بعيدة قوي، والحلم بعيد." ابتلعت ريقها وتنهدت تنهيدة كبيرة. "لما دخلت حياتي كنت شايفانا وسط النجوم دي... انا وانت..." توقفت، ثم صمتت. فشدد عليها، وأدارها ورفع وجهها. همست: "بس كان... كان حلم. حلم مهره اللي عاشت عليه نفسها في حضن دافي."


"عارف، ساعات اتمنيت اني اسيب كل ده، بس حبيبي يجيلي ويحاوطني اعيش معاه، لو في جحر احبه واجيب عيال وبس اديهم حنان ماشفتوش. كلهم بيقولو مهره جامده، بس دا صورة هشه ضعيفه. مالقيتش حد يرجعني عن اللي انا فيه لحد لحد..."


رفع وجهها ونظر اليها بعشق: "لحد ما جابلتيني صوح."

ابتسمت وهزت راسها بخجل: "اه... لما شفتك حسيت نفسي عايزه ابقى ست واتعامل زي الستات. ابقى اتركن على كتف حد. حسيت إن انت حلمي اللي نفسي اعيشه."


ثم قالت بصدق متلعثم: "لما قربت منك عرفت انك نصي التاني، بس كنت خايفة منك لأني قوية، وانت فرعون؛ استحاله نكون لبعض. انا بكره قوتي يا اسمر. قوي، تصدق اتمنيت كتير اتجوز واحد يقعدني في البيت ويقلي هتبطلي شغل وتقعدي وماحدش هيشوفك غيري. اتمنيت ان حد يسيطر عليا، يفرض عليا هيلمانه. وكنت عارفة انك بس خايف تتحب... عايزاك تفرض عليا، اسمر، بعنفه وسلطته، بس بحب ودفا. ماعتش عايزه اسيطر. تعبت اني اسيطر على روحي."


رفع وجهها بحنان: "بس اكده... يا لهوي! انت جيتي في ملعبی دا. حبيك له في حب السيطرة هيشبعك بيها. دانا هلبسك ملس، ويشمك، واعمل سي السيد."

ضحكت وخبطته: "بطل الله."


هتف: "لا بجد، انا فعلا حابب اشوف مهره عامر في حالة جديدة. عايزها مبسوطة، فرحانه، ونشوف حياتنا وكلنا نبتدي من جديد."


تنهدت، وهتفت بمرح: "عايز تشوفني في فستان السندريلا؟"

رفعها إليه، وشدَّ عليها كأنَّه يخشى أن تفلت منه:


ــ "لا... عايز أشوفِك في حاجات تانية حلمت بيها ليالي."


غمز لها بخبث، فشهقت بخجل:


ــ "أوعي! إنت قليل الأدب..."


دفعتُه مرتبكة، لكنه شدَّها بقوة لتصطدم في أحضانه، وهمس وهو يبتسم:


ــ "لا.. رايحة فين؟! ده فيه جُلة أدب أسمر سلطان هيوريهالك، بس اصبري... عموماً، نسخن شوية."


ركنها إلى الحائط، واقترب منها؛ وارتجفت للمرة الأولى، ليست رهبةً، بل استسلاماً عاشقاً. شعر بها، بلينها وباستجابتها الحالمة، فظلّا هكذا... حتى ابتلعها بين ذراعيه، واختفى صوتها في أنفاسه.


شدّها إليه أكثر؛ الكلمات تلاشت بين شفتيهما، ولم يبقَ سوى دفء العناق.

لم يمهلها؛ ابتلع حضورها كلّه في حضنٍ ضاع فيه الصمت والأنفاس.


ابتعد بعد فترة، وهمس بلهفةٍ تُشعل روحه:

ــ "بحبك... جلبي بيصرخ، يمين الله."


ارتجفت همساتها وهي تتوسله:

ــ "بَطَّل بقه... إنت... إنت كده..."


اقترب أكثر، وصوته يخترق أعماقها:

ــ "إني أكده بعشجِك... وأكده بحبِك. ونفسي أسمعها... بحبك يا أسمر."


نظرت إليه برهبةٍ مترددة، إلا أنّه لم يُمهلها؛ شدّها أكثر حتى كادت تختفي في صدره، وهمس وهو يتنفّسها عشقاً:

ــ "عمري ما هجبرك تجوليها... إني كفاية عليا إني حاسس بيها، وحاسس إنها جوّاك. هستنى عمري كله، لو استنيت كلمة واحدة منك."


ابتسمت بدمعةٍ حيية، وهمست بصوتٍ مرتجف:

ــ "إنت اتغيّرت خالص... بقيت قمر."قوي تعالي نروح لجدو نفرحو


فأطبق عليها ذراعيه من جديد، كأنّه يخشى أن تغيب لحظة:

ــ "وإنتي قمري... قمري اللي بيضيّني وسط العتمة، يا مهره."

شدها وقال.. لا إستني طيب الجمر عجله خف اكده حبيبي يجولي جمر واسيبه.

تنهدت بخجل.. اسمر.

إقترب والتصق بها.. مجنون بيكي ور ايدك .نظرت إليه بعشق ظلت هائمه نظراتها فيه اقترب وقبل شفتيها باين وهمس عايز اجول للعالم كله ان حبيبي راضي عني. ابتعدت وهمست.. طب طب جدو طيب.

ضحك.. .. حبيبي يأمر..


دخل أسمر على الجد، وما إن راهم حتى انسعد؛ كانت مهرة تشع نورًا. كانت وجد تجلس في أحضان نديم، وما إن رأى نديم مهرة حتى ابتسم على سعادتها. فارتفع صوت أسمر، يهتف بحزمٍ واعتزاز:

— «كده عايز يا نديم؟ اطلب يد خيتك، وعايز اتبارك بموافجتكِ. اني مابخدش حد لا غصب ولا رخص. مهره تتاخد قدام الكل، تشرف بنسبها ونسب أهلها. اجبلها الحلو كله مهره عنيا، والله من عنيا تطلبه هدهولك؟ ولو ادتهاني، هشيلها بعيوني؛ ولا يوم اني ازعلها. مهره عاليه، وعاليه عليا جوي. مهره عليا على أي حد. احبلني أكون منك أخوك، وأجلها وسندها وسندك.»


تنهد نديم، قام، وشدّ أسمر واحتضنه، ثم ابتعد قائلاً بوقار: «انت تطلبها من جدها يا أسمر؟ دي الأصول والواجب.»


هنا نهض الجد واقترب من نديم، وصوته يملؤه الاعتداد والتقدير، هتف:

— «انت يا ولدي، العيلة دي مديونة ليك طول عمرها. إن الشمل اتلم على يدك، والغل راح. نديم عامر هو جلب البيت ده—جلب أبيض. اتنازل وصفّح وعفى. انت جلب أبوك يا نديم وطيّب قلب أمك، الله يرحمها.»


استدار الجد إلى أسمر، مخاطبًا إياه بحنان السلطة والوصية:

— «وانت يا ولدي، كبير العيلة من بعدي؛ عِشّش على ولاد عمّك، وخد مهره كبيرة جنبك. مهره مش زي أي حد—عمود العيلة. ولاد عامر هما اللي ردوا الروح لينا... وإلا ايه يا جابر؟»


تنهد جابر، الذي صار لا حول له ولا قوة، وفي صوته ارتجاف ضعف:

— «صوح جولك يا بوي، الله يغفر ليا شيني وعاري...»


اقترب نديم، بوجهٍ جادٍّ وحازم، وقال ليختم الموقف بعزمٍ وطمأنينة:

— «خلاص يا عمي، ماعادش إلا كل الخير.»


قامت وجَد، واحتضنَتْه وهمست: «بحبك يا دودي.»

تنهد وقال مازحًا: «بِقُولك إيه؟ مش قدّام الخَلَج هشدّك وههْريكي بوس يمين الله!» فتخبطته: «بِطّل قِلّة أدب! إيه ده؟» همس لها بحنية: «بتخبطيني؟ أكده أهون عليّك. وأنّي ما جد شِ إلا غِرجك عشج.»


همست وهي تلاطفه: «إنت قمري... أعمل فيك ما بداخلي يا ديمو عشان... عشان...» وهمس شغوفًا: «جولي جولي هفطس.»


هتف براء مشاكسا: «ما تتلمّو! إحنا واجفين.» نظر إليه نديم بغضب، لكنها ضحكت.


صاحت شجن بفضول: «مالك بينهم يا غيّار إنت؟»

اقترب براء من شجن، مُتودّدًا: «مزتي لسه زعلانة مني يا جلبي؟»

نظرت إليه غاضبة: «أه، زعلانة! ومش هحبك تاني. إنت عايز تضحك عليّا؟»


تنهد بغلب: «يا جلبي، إنتِ مرتي...»

فردّت شجن مستاءة: «ما عملتش عروسة! أنا الله مش هعمل عروسة الأول إنت عايز تزعلني وتقل أدبك وماتعملش عروسة.»


تنهد هو بدوره: «طب مانا عايز اتهبّب وأعمل عريس معاكي...»

نظرت إليه ساخطَة: «طب روح اتهبّب مع حد تاني!» وتركته ومَضت.


تنهد بغلب متأثرًا: «هتجوزك إمتى يا غلبي؟» ثم نهضتِ مهرة، جالبةً الفرح: احتضنت أختها وقالت مبروك: «يا مهرَتي، فرحانة قوي.»


تنهد نديم عميقاً، كأنّه يجمع الكلام من صدره قبل أن يطلقه، ثم التفت إلى أخته وقال بحبٍ :

يا قلب... أخوك بيتمنى تنسعدي.


وقف أمام الكل، وأعلن بصوتٍ يختلط فيه الفخر بالاعتراف:

قدام الكل بقول: من غير مهره ماكنش هيبقى فيه نديم. من غير مهره، نديم كان ضاع... وضهره كان ح ينحني.


وضعت الكلمات وقعها على قلبها، فابتسمت مهره بمرارة، فهتف لها نديم وهو يشدّ يدها:

إيدك دي... كت دايماً في ضهري، بتشدّه وتطبطب. فاكره لما كتي تلاجيني مخنوج؟ تعملي إيه؟


مسك وجهها برفق، قبل رأسها وقال بجدية تملأها العاطفة:

انتِ مهره عامر... انتِ عمود البيت ده.


سالَت دموعها وهي تردّ عليه، والكلمات تقطع الحنجرة قبل أن تُرسلها إلى قلبه:

ما كنتش أعرف إنّي ضعيف إلا لما غِبتي عن الدنيا.


همس نديم بصوتٍ متهدج:

نديم ومهره مش أخوات... لا دول روحين. روح اتعلّم علي وشها... وروح اتحرقت في إيديها. بس الاتنين، وجعهم كان آخره بيصبّ في حد واحد... وهو إنتِ. إنتِ كنتِ بتشربي وجعي عشان تداويني، وأنا عمري ما بطلت أوجعك. كنت بخاف تضعفي، أخاف ضهرك ينحني، لأني عارف لو حصل ضهري هيتكشف حقك عليا. أنا تعبتك ووجعتك.


فاحتضنته؛ فرفع رأسه نحو أخته شجن. تنهد، ثم فتح ذراعيه فاندفعت نحوَه، فقبّل راسها بكلّ حنان. قال لها بندم وحبٍ مختلط:

حجك عليا... كان غصب عني معاملتي. إنتِ يا جلبي ماخدتش مني أي حنية. سامحيني... أنا عشت أوجع أخواتي الاتنين عشان سراب عشته وعيشتكو فيه.


ضمّ إخوته بقوة، ثم التفت إلى أسمر بعينين تفيضان ثقةً واعتماداً:

إني بديك أختي يا أسمر. بديك حتّة مني، جلبي وسندي وضهري. عارف إنك راجل أسد، عين الشمس. وعارف إن أختي بموافجتها عليك، عرفت إنك راجل صُوح.


اقترب أسمر، أمسك يد نديم، وقال بحزمٍ ورِجولةٍ تُمزجها العاطفة:

بديك أختي. متأكد إنك هتصنها، وهتبقى راجل وسند، مش بس ليها، ليا وعيلتي وولادنا. أسمر سلطان... خد مهره عامر، وعِشّ عليها. واللي ياخد مهره يبقى استحج يكون جدع عن حج.


شدّهما، واحتضنهم، والدموع تغمر أعين الفتيات؛ دموع فرحٍ وطمأنينةٍ وانكسارٍ في آن.

هتف أسمر، وهو يمسك يد مهرة ويُقبِّلها بحرارة:

«أمانتك في نن عيوني، بروحي... حد يوجعها؟»

فلم تجد مهرة إلا أن تنظر إليه بعشقٍ يذيب الصخر.


تأثر الجد، وهتف والدمع يلمع في عينيه:

«يا فرحة جلبي... الله يرحمك يا عامر.»


ابتعدت مهرة قليلًا، ثم التفتت نحو جدها بخطوات مثقلة وقالت بصوتٍ مرتجف:

«فيه حاجة عايزة أقولها لك يا جدي... وما حدش يعرفها.»


نظر إليها الجد مذهولًا، فاقتربت، وقبّلت يده، وهمست:

«أبويا قال لي أقولك... إنه عايز يبقى له قبر هنا، يتعمله يوم تاخد عزاه، وبكده يكون مسامحك يا جدي... عن حق.»


شهق الجد متأثرًا، لكنها أكملت بعزمٍ والدمع يلمع في عينيها:

«أيوه... قبل ما يموت، قالي: ارجعي لجدك، ما تمشيش ورا نديم. جدك طيب، وكان غصب عنه. قالي أقولك إنه بيتمنى تترحم عليه، وتدعي له.

أبويا قال: جدك لو رجع بيه الزمن، ما يعملش كده. قالي أقولك إنه ولا يوم دعا عليك، ولا يوم إلا ما كتب كبيرة، ولا يوم إلا ما تمنى حضنك.

بابا ختم كتاب ربنا مخصوص عشان يلبسك تاج النور في الجنة يا جدي.»


مدّت يدها إلى حقيبتها، وأخرجت ورقة، وقدّمتها له. أخذها الجد بيد مرتعشة... كانت «ورقة الإجازة» باسم عامر عمران أبو الدهب، ومكتوب أسفلها بخطٍ مضاف: «دعوة ختم القرآن باسم عمران أبو الدهب».


هنا انفجرت الدموع من عيني الجد، جلس وهو يردد بحرقة:

«آااه يا ولدي... آاه يا حبيبي... حَجّك عليا يا غالي... يا ابن الغالية. حجّك عليا يا حِتّة من جَلب أبوك...

كِت جَلبي اللي انخلع! لو ينعاد الزمن... لأخدك في حضني يا غالي.

عامر أبو الدهب... أبو جَلب دهب. عامر اللي جَلبه عمران... بكلام ربنا.

شُفتوه أبوكوا يا ولاد؟ شُفتوا عمكوا يا أسمر؟ فخر وحاجة ترفع الراس...

يا رب سامحني، يا رب... أنا عمران أبو الدهب... بشهدك إني راضي عن عامر، راضي وداعي لولدي... يا رب أسكنه جنّة عرضها السماوات والأرض. عامر... وهو عامر للبيت. راضي يا رب... راضي والله.»


اقترب الأحفاد جميعًا، وقبّلوا رأس الجد والدموع تنساب على وجوههم. رفع الجد عينيه إليهم بفرحة غامرة وقال بصوتٍ متهدّج:

«عايز أفرح يا ولادي... عايز أفرح! خَلّوا الدنيا كلها تعرف إن ولاد العم... إخوات وحبايب، عزوة ونسب.

ادعوا البلد كلها... أهل الأهل وعيلة العيلة.

اعرفوهم إن نسل أبو الدهب كله غالي... نسل أبو الدهب هيجيب عمار. ولاد العم بقوا لحم واحد وجَلب واحد. الكتف في الكتف... والصدر بيدج خير وسعادة.


افرح يا بلد... ما عادش نسل رخيص! كله غالي... غالي.

عايز بيت عمران... عمران!

عمران، ولادك نسلهم بَقَى كلو عالي وغالي.


عايز فرح يتحاكى عنه الناحية... فرح ولاد أبو الدهب. فرح ولاد العم.

أسمر على مهرة... نديم على وجد... براء على شجن.

عهد أبو الدهب: سبع ليالي فرح... ذبايح وخير. سبع ليالي يغسلوا حزن السنين.

سبع ليالي نرحّب بولاد عامر... ولاد عامر اللي الفرح كله أصلًا ليهم وبينهم.


قيموا الأفراح يا بلد... قيموا الأفراح!»


وقف الجميع في حالة من البهجة والانبهار، ينتظرون «سبع ليالي ولا ألف ليلة» تشهد رجوع القلوب، وعودة الحب الشارد لأرضه... أرض أبو الدهب. 

خرج الخبر للبلد كالصاعقة المفرحة، والطبول تدق من قلب الدوار. الزغاريد ارتفعت من بيوت العيلة، ومن كل بيت له ودّ ومحبة. الأطفال يجرون في الأزقة، يلوّحون بفوانيس صغيرة، والرجال ينصبون السرادقات، يفرشونها بالسجاد الملون، والنساء يتزين بالذهب والحرير استعدادًا لليالي الفرح.


المشاعل تُضاء على طول الطريق، والأنغام تعلو، صارت القرية كلها كأنها عروس تتهيأ لليلة عرسها.


وقف الجد عمران في صدر الدار، على كرسيه الكبير، يوزع الدعوات بصوت متهدج لكن مليء بالعزة:

«سبع ليالي يا بلد... سبع ليالي أبو الدهب! تعالوا كلكم، مافيش بيت مايدخلش الفرح. فرح ولاد عامر، فرح ولاد العم، فرح العيلة كلها

تكملة الرواية من هناااااا

 لمتابعة باقى الروايه  زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع