القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والاربعون 42 الأخير بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات    

 

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والاربعون 42الاخير بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات     





رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والاربعون 42الاخير بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات     


 


 



 


🔷الفصل الأخير🔷



بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله

لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين


🔹الفصل الأخير🔹

«أذنابُ الماضي»

#_أنا لها شمس الجزء الثاني،بقلمي روز آمين

__________________________


مر اليوم كالنسيم على الجميع،فقد كانت ليلة هانئة مليئة بالرومانسية والحالمية لبعض الازواج، من بينهما ذاك الحنون وخليلة الروح والفؤاد،فتح عينيه فوجدها تغطُ في سباتٍ عميق، تأمل ملامحها الهادئة وابتسم تلقائيًا لتفهمهُ لحالتها، فقد استكانت روحها وهدأت بعد أن اطمئنت على شريك رحلة كفاحها،سحب جسده للأعلى بهدوءٍ كي لا يُزعج تلك الحبيبة ثم استند على ذراعه وبات يتأملها بعشقٍ وهيام،مال على أنفها بخاصتهِ وبات يداعبها بملاطفة،فتحت أهدابها لتطالعهُ باسترخاءٍ ظهر عليها،تبسمت لينطق هو بصوتٍ حنون:

-صباح الخير على حبيبة حبيبها اللي منورة دنيته


-صباح الفل يا حبيبي...قالتها بابتسامة ساحرة لتتابع متسائلة:

-إنتَ قاعد كده من امتى؟


مال برأسهِ بموائمة فسألته من جديد بدلالٍ طمعًا في استماع المزيد من كلمات الغرام التي يغمرها بها ذاك خليل الروح:

-طب وقاعد كده ليه؟

أجابها بابتسامة عذبة:

-بتأمل في جمال حبيبي

ملس على شعرها ونطق بمداعبة:

-الجميل منشكح وقايم رايق قوي من النوم، لو أعرف إن جواز يوسف هيخلي وشك ينور كده كنت جوزتهُ لك من زمان

إلتمعت عينيها وهي تقول بصوتٍ يغمرهُ السعادة:

-ياه يا فؤاد، إنتَ مش متخيل أنا ارتحت قد إيه لما اطمنت على يوسف، اللحظة اللي اتقفل فيها الباب عليه هو وبوسي حسيت براحة عمري ما حسيتها


نطق بصوتٍ مستكين هاديء:

-ربنا يسعدهم يا حبيبي،أنا فرحان جدًا علشانهم هما الاتنين، جواز الحب غير يا إيثار... قالها بصدقٍ شديد وتابع وهو يُملس على شعرها بحنانٍ:

-إحساس غير في كل حاجه، من أول نظرات العيون لحد الحضن والوصول للعلاقة الخاصة

بنبرة أظهرت غيرتها المُرة التي خبأتها بداخلها لسنواتٍ طوال سألته:

-عاوز تفهمني إن اللي حسيته وعيشته معايا معشتوش معاها؟!


-هي مين دي؟! سؤالاً خرج منه بمنتهى الصدق وهو مضيقًا عيناه، لتنطق والدموع ترقرقت بعينيها:

-اللي اتجوزتها قبلي




أجابها بصدقٍ أقرب للحقيقة:

-بس أنا متجوزتش قبلك يا إيثار، ولا دخل في حياتي ولا مر عليا ستات قبل منك

ظهر الألم بعينيها واحتضنت وجنتهُ وبحنوٍ بالغ سألته بأعين مترجية:

-بجد يا فؤاد، يعني عمرك ما افتكرتها ولا جت في بالك وإنتَ معايا،ولا في يوم عقلك وزك و عملت مقارنة بيني وبينها؟




اتسعت عينيه ذهولاً من تفكيرها ونطق سريعًا ينفي هواجسها ليريح العزيزُ قلبها:

-إنتِ بتتكلمي بجد؟! إنتِ متخيلة أصلاً إني ممكن أعمل مقارنة بينك وبين أي مخلوق على وجه الارض؟!

مالت برأسها وعيناها تترجاهُ وكأنها تريد المزيد من شعورها بأهميتها داخل قلب خليل الروح والفؤاد، تابع يمدها بمدحٍ يليقُ بقدر حبيبة حبيبها التي امتلكت فؤادهُ منذ الوهلة الأولى لدخولها عالمهُ:

-طب ازاي وقلب حبيبك معرفش طريق للراحة غير في حُضنك وعلى اديكي يا كل عمري؟!

إرتمت بين أحضانه تسألهُ بقلبٍ يشتعلُ نارًا بالغيرةِ على من ملك القلب واستكان بفضلهِ الفؤاد:

-طب ريح قلبي وقول لي إنها مبقتش تخطر لك ولا بيمر طيفها على بالك


-ويمر طيفها على بالي ازاي وهي اتمسحت بكل ماضيها من عقلي؟... كلماتٍ تقطرُ صدقًا نطق بها بنبرة يغمرها الهيام بعشق الحبيبة التي وأخيرًا استكانت وهدأت غيرتها لذا تحدثت بنبرة صوت تفيضُ غرامًا:

-بعشقك يا نصيبي الحلو من الدنيا، ربنا يبارك لي فيك يا فؤاد وتفضل نبض قلبي وتاج على راسي العمر كله

-يارب يا بابا، وتفضلي ملكة متوجة على عرش قلبي... نطق بها وهو يشدد من احتضانها ويغمرها بقبلاتهِ الحنون التي أشعرتها بالقيمة وبكم أهميتها لدى فارسها الحنون

تبسمت ونطقت كي تسعد قلبهُ بأكثر شيء ينعش روحهُ:

-علشان حنية قلبك وكلامك الحلو ده، هحضر لك سهرة محصلتش في الچاكوزي وبنفسي




بانتعاشة روحية ظهرت عليه أجابها:

-يا مفاجأتك يا إيثو، شكلها هتبقى ليلة فُل النهارده

ونطق بمشاكسة:

-شوفتي المجرم إبنك، البيه عاملي أوضة چاكوزي في قلب الجنينة، الواد بيقلدني ، فاكر نفسه متجوز إيثار الجوهري

أطلقت ضحكاتها التي تنم عن وصولها للمنتهى من السعادة وهي تقول بفخرٍ:

-تربيتك يا باشا وكان لازم يطلع لك

تنهد وتحدث بارتياحٍ ظهر فوق ملامحهُ المستكينة:

-مش مصدق إن يوسف الولد اللي أخدته في حُضني من وهو عنده ست سنين، كبر وبقى راجل وفتح بيت وبقى مسؤول عن زوجة

طالعتهُ بحنين هائم واقتربت تطبع قُبلة حنون في حين أكمل هو بصدقٍ يقطرُ من بين حروفهِ:

-أنا بحب الواد ده قوي، بيخطف قلبي ابن اللزينة بمجرد ما يبص لي، لسة نفس النظرة وتأثيرها على قلبي من لما كان عيل صغير ما تغيرتش


تطلع عليها وتابع مسترسلاً بتأكيدٍ صارم تحت انتفاضة قلبها وحالميتها وهي تتطلعُ عليه:

-يوسف إبني أنا، واخد خصالي ونفس طباعي يا إيثار


-أكيد يا حبيبي... قالتها للتأكيد فابتسم براحة وقبل شفتيها بنعومة ليبتعد حين استمع إلى طرقات سريعة فوق الباب، تحدث بسخرية حين تيقن شخصية الطارق:

-هادم اللذات ومفرق الجماعات وصل

ضحكت عندما استمعت لصوت صغيرها المشاغب وهو يقول من الخارج:

-يا بابي ممكن أدخل

نطق مداعبًا زوجته:

-ده إيه الأدب والتربية العالية اللي نزلت على ابنك دي!


أجابتهُ بفخرٍ بحالها:

-عقابي ليه جاب نتيجة، خبيت مشموشة عند فريال يومين وقولت له لو فتحت باب في القصر تاني من غير ما تسمع صوت اللي جوه بيأذن لك بالدخول مش هتشوف قطتك تاني

تابعت ضاحكة:

-ومن يومها وهو ماشي زي الألف، وبيخبط حتى على باب المطبخ




-يا مامي بقى، إفتحي لي...قالها الصغير متبرمًا ليرد فؤاد بصوتٍ حازم وهو يناول زوجتهُ مئزرها لتستر بهِ جسدها:

-إصبر يا مالك

وبعدها أذن له فدخل المشاغب مهرولاً وكعادتهُ قفز إلى التخت ليتوسط غوالي عينيه فتلك هي اللحظة المحببة لديه والشعور بالدفيء والحنان، لف ذراعه حول عنق فؤاد وأيضًا ساقهُ لفها على خصرهِ وهو يقول بحبورٍ شديد:

-وحشتني يا بابي




-ليه هو أنا كُنت مسافر يَلاَ؟!... قالها فؤاد مع رفع حاجبهُ الأيسر متعجبًا ليطلق الصغير ضحكة بريئة شرحت قلبي والديه، بينما نطق فؤاد وهو يشدد من حضن صغيرهُ الذي يشعر بالاحتياج إليه دومًا:

-إنتَ عارف يا مالك

طالعهُ مستفهمًا ليتابع بحنوٍ لو توزع على العالم لفاض:

-أنا بستنى حُضنك ده كل يوم بلهفة، واليوم اللي بكون مسافر فيه وملوك ما يحضنيش، مبحسش إني عايش


-بابي... قالها الصغير بأعين مستفسرة ليجيبهُ فؤاد بنبرة تفيضُ من حنان الأبوة ما يكفي العالم بأسرهِ:

-يا عيون أبوك


-هو حُضني ألذ ولا حُضن مامي؟!... نطق بها الصغير والحيرة تجوبُ عينيه لتشهق إيثار بذهولٍ مصطنع وهي تقول:

-يا مجرم، إيه اللي بتقوله ده يا ولد!

بينما قطب فؤاد جبينه لينطق وهو يشيحُ بكفهِ:

-ألذ؟! ليه شايفني حاضن ورك فرخة؟! إتفضلي يا هانم شوفي البلطجي اللي إنتِ مخلفاه، ألذ قال!

نطقت من بين ضحكاتها:

-هو أنا يعني كنت خلفته لوحدي، مهو إنتاجك النادر يا باشا

صاح الصغير عندما شعر أنهُ نسى الأمر الذي صعد من أجلهِ:

-يا مامي نستيني، زوزة بتقول لك تعالي علشان تشوفي فطار العرايس ناقص حاجة ولا إيه

وقفز من حضن أبيه ليهب واقفًا وهو يتعجلها:

-يلي بقى قومي غيري الهدوم بتاعت النوم دي، والبسي فستان حلو علشان نروح لچو وبوسي

مال ليجذب ذراعها يحسها على التحرُك تحت زفرات فؤاد الذي استفز من حركات ذاك البهلوان وحديثه ولكن لا سبيل لديه سوى الصمت وهو يرى سيدة قلبهِ تستجيب لذاك الجميل بل وتجذبهُ ليسكن أحضانها وتبدأ بنثر قبلاتها الشغوفة على وجنتيه وجبهتهِ وكفيه الصغيران وهي تدللهُ.


༺༻༺༻٭༺༻༺༻

بمكانٍ آخر من العاصمة، وبالتحديد داخل الفندق الفخم الذي حُظي بمراسم الزواج الاسطوري، بالمطعم الملحق بالفندق يلتف حول طاولة مستديرة كلٍ من ياسين وزوجته وابنتهِ وزوجها،يتناولون طعام الإفطار بعد أن حزموا حقائبهم استعدادًا للرحيل إلى مدينتهم الساحرة "الأسكندرية"، تحدثت" مليكة" وهي تتطلعُ من حولها بإعجابٍ ملحوظ بالمكان:

-المكان هنا حلو قوي يا ياسين، ياريت لو نقدر نيجي إحنا والأولاد ونقضي لنا كام يوم فيه، وبالمرة يروحوا الأهرامات، عزو هيتجنن ويشوفها


طالعها يجيبها بابتسامة جذابة:

-نفس اللي فكرت فيه يا حبيبي،أنا اكتشفت إننا مزرناش القاهرة غير مرات تتعد على صوابع الإيد الواحدة،كل أجازاتنا بنقضيها يا إما خارج مصر، أو في شرم والغردقة والساحل




نطقت أيسل بعدما ابتلعت ما في فمها من طعام:

-لما تحددوا يا بابي إبقى بلغني قبلها بفترة علشان اعمل حساب شغلي ونيجي معاكم أنا وكارم

وتابعت وهي تحتوي كفهِ كي تنال رضاه بعد ما حدث بينهما بالأمس:

-إيه رأيك يا حبيبي؟

حرك رأسهُ بهدوءٍ دون أن ينطق بحرفٍ واحد، فأي حديثٍ سيقال مع تلك المرأة شديدة الانانية التي لا ترى من العالم سوى عملها وطموحها الجامح، شعر ياسين بما يدور داخل عقل زوج ابنته من احتراق لروحه وشعورهُ بالغيظ من تلك المتجبرة، لذا تحدث كي يصلح ما افسدته تلك المدللة:

-كارم هو اللي هيحدد ميعاد الزيارة على حسب مواعيد شغلنا، لما يلاقي الوقت المناسب هيبلغنا ويبلغك علشان تعملي حسابك، تمام يا كارم




نطق كارم وقد اجتاح روحهُ شعورًا ببعض الرضى، حتى وإن يكن قليلاً لكنهُ كافيًا لرد الاعتبار:

-أوامر معاليك يا سيادة الفريق

ابتسمت مليكة فخرًا بتصرف زوجها الرزين بينما ازدردت أيسل ريقها حين اخترقتها نظرات والدها الحادة والتي تبشر بإقدامها على محاضرة منه، أردفت وهي تحتضن كف حبيبها بعدما أدركت فجاجة ما اقترفت:

-أكيد حبيبي هيختار الميعاد المناسب لينا كلنا، ولا إيه يا كارم؟



تبسم متغصبًا كي لا يُظهر غضبه أمام الثنائي،بعد قليل انصرفت مليكة لدخول الحمام وابتعد كارم ليتحدث مع والدته عبر الهاتف ليقترب ياسين من ابنته وتحدث بلهجة حادة ينهرها على اسلوبها غير اللائق كونها فردًا من عائلة المغربي وتربية ياسين بذاته:

-هو أنتِ مش هتبطلي أنانيتك واسلوبك المستفز ده مع جوزك ؟

ابتلعت ريقها واجابته باعتذارٍ من عينيها:

-مكنش قصدي يا بابي

نطق بنُصحٍ أبوي:

-هو إيه اللي مكنش قصدك يا سيلا، يا بنتي جوزك منصبه كبير وليه وضعه في جهاز المخابرات الحربية والكل بيعمل له ألف حساب، مينفعش تتجاهلي رأيه في قرارات تخصكم انتوا الاتنين بالطريقة المستفزة دي

تابع بهدوءٍ وتفهم:

-شغلك مهم مقلناش حاجة، لكن لازم تقدري جوزك وشغله وتحطيه في المقام الأول كمان، ده لو عاوزة تحافظي عليه وعلى حياتك معاه، لكن بإسلوبك ده إنتِ بتخسريه.


تنهدت بأسى، تعلم أن والدها محق بكل كلماته لكنها تراهن على عشق زوجها الهائل لها وعلى أن هذا الوضع مؤقت ولن يستمر طويلاً، هي ترتب أولوياتها وتسابق الزمن للوصول لمكانة رفيعة في مجال الطب وبعدها ستستقر حياتها وتحقق حلم زوجها في الاستقرار، هي تعشقهُ بشكلٍ لا يوصف وتريد اسعادهُ لكنها لا تسعى الأن سوى للوصول لقمة نجاحها بالحياة العملية، فهل ستستطيع توازن الأمور وتحقق كل ما تريد، أم أن للقدر والظروف رأيًا آخر.



༺༻༺༻٭༺༻༺༻

داخل جناح العروسان، شعر بثقلٍ فوق صدرهِ ، فتح عينيه ليبتسم تلقائيًا حين وجد تلك العاشقة تتوسطُ برأسها صدرهُ العاري وتلف ذراعها حولهُ كمن تخشى غلى فقدان أغلى جواهرها، أما ساقها فتكبل بها خاصته، تبسم ومال يداعبُ أنفها وهو يهمس بصوتٍ متحشرج متأثرًا بالنُعاس:

-حبيبي

وكأن صوتهُ نبهها لتوعى على حالها، بسرعة البرق رفعت أهدابها لتصتدم عينيها بسوداويتاه الساحرة وهو يطالعها بحالمية أسرت قلبها وجعلتها تشعر به مرفرفًا كالفراشة التي تتراقصُ بين الغصون، إبتسامة واسعة احتلت ثغرها وهي تقول بعدم استيعاب:

-يوسف، هو أنا نايمة في حضنك وإحنا اتجوزنا فعلاً، ولا ده حلم لذيذ من أحلامي؟


سألها والشوق يتغلبُ على نظراتهِ ونبرات صوتهِ المتلهفة للمعرفة:

-إنتِ كنتي بتحلمي بحضن يوسف يا قلب يوسف؟


حركت رأسها عدة مرات بموائمة مع ابتسامة رائعة احتلت ثغرها وأظهرت جمال شفتيها المنتفخة،تسطح على ظهره ثم رفع جسدها لتعتليه مما جعل سعادتها تتخطى عنان السماء:

-طب كنتي بتحلمي بإيه؟

تبسمت وابتعدت بعينيها عن خاصتاه ليكتسي وجهها بحُمرة الخجل مما زاد وجنتيها جمالاً فوق جمالها، رفع ذقنها بأناملهِ وكرر سؤالهُ مُصرًا على الإجابة:

-مش أنا حبيبك يا قلبي

هزت رأسها بموافقة وقد اعتلى الخجل الممتزجُ بالسعادة وجهها، فتابع هو بهمسٍ أذاب القلب وداعب الروح:

-طب هو فيه حد ينكسف من حبيبه؟!، يلا قولي بقى

وتابع بغمزة وقحة أثارت جنونها:

-ما أنا لازم أعرف نُصي الحلو كانت بتحلم بيا ازاي، وياترى الحقيقة أحلى ولا الأحلام؟



بأعين تقطرُ صدقًا وعشقًا نطقت:

-القُرب منك جنة يا يوسف،وأنا مهما تخيلت وسرحت بأحلامي عمري ما كنت هوصل لاحساس المشاعر اللي حسيتها وأنا جوه حُضنك.


تنهيدة حارة خرجت من صدره الممتلئ بعشقها المجنون، تلمس وجنتها بنعومة فاحتضنت هي كفهِ بخاصتها وقربتها من فمها وباتت تُقبلهُ بنعومة أذابت قلبهِ وجعلت مشاعرهُ تتوهج، ضمها إليه وقبل شفتيها بنعومة ثم نطق بصوتٍ متحشرج متأثرًا بحالة الهيام التي اجتاحت داخل كلاهما:

-وعد عليا لاعوضك عن كل مُر وألم عِشتيه بسببي، كل دمعة نزلت من عيونك هزرع مكانها فرحة تنسيكي أي شعور عشناه زمان


وتابع مسترسلاً بنبرة رجل غارقًا ببحور الغرام:

-عاوزك تعرفي إنك دايمًا كنتي جوة قلبي ومن أولوياتي برغم كل اللي حصل


-بجد يا يوسف؟... نطقت بها متلهفة لمعرفة مدى قدرها لدى الحبيب، أجابها بهيامٍ سيطر على مشاعرهُ وظهر بعيناه:

-إنتِ عندك شك في كلامي؟!

نطقت بصدق:

-أكيد لا، بس بحب أسمع منك إني مهمة عندك وإنك بتحبني

بلحظة انقلبت الاوضاع ليعتليها هو ونطق بغمزة من عينيه:

-طب إيه رأيك أثبت لك عملي بدل الكلام

ضحكت بسعادة ليزيدها من قبلاته الحارة والشغوفة وسرعان ما اندمجا معًا في ثاني جولاتهما العشقية حاول كلاهما بث مشاعرهُ ومدى عشقه الجارف للأخر.


༺༻༺༻٭༺༻༺༻

داخل منزل دكتور ماجد، كانت فريال ونوال تقفان بالمطبخ تشرف كلاً منهما على الفطار الخاص بالعروسان، نطقت نوال وهي تتطلع على أصناف الطعام المتعددة المرصوصة:

-حلو كده، يلا شهلوا علشان نودي الصباحية للعرسان، زمانهم صحيوا وعاوزين يفطروا


بعد قليل ولچت فريال ونوال تلتهم بعض العاملات يحملن الكثير والكثير من الأطعمة اللذيذة، فتحت لهم تاج وتفاجأت نوال بوجود إيثار وعزة داخل المطبخ وحولهما الكثير من الأطعمة المتنوعة أيضًا التي باشرت على تحضيرها عزة، نطقت نوال وهي تتطلع على إيثار باستياءٍ ظهر عليها:

-انتوا عملتوا أكل ليه يا حبيبتي،أكل الصباحية معروف إنه على أم العروسة


-الكلام ده مش عندنا يا طنط، أنا وفريال واحد وأكيد مش هندقق في تفاصيل بسيطة زي دي

وتابعت تسأل فريال:

-ولا إيه يا فيري؟

اجابتها بثقة وصرامة:

-ده كلام مش محتاج تأكيدي يا إيثار، أهم حاجه عندنا إن الأولاد يكونوا مرتاحين ومبسوطين

لوت فاهها وسألتها وهي تتلفت حولها:

-أمال فين عروستنا؟


اجابتها إيثار بهدوء:

-العرسان لسه فوق في أوضتهم

هتف الصغير بنبرة حماسية وهو يقفز لأعلى:

-أطلع أصحيهم يا مامي


-سيبهم براحتهم يا مالك، أنا كلمت أخوك في التليفون وهو صحي خلاص وشوية وهينزلوا


ضيقت بين حاجبيها تسألها بنبرة حادة:

-امال إنتوا دخلتوا الڤيلا ازاي لما أبنك لسه نايم هو وعروسته؟!

مصمصت عزة شفتيها لتنطق بضجرٍ وهي تضرب كفها بالأخر بعدما أصابها الغضب من تلك المرأة الغريبة :

-دخلنا بالمفتاح يا حبيبتي

وتابعت ساخرة وهي ترمقها بازدراءٍ:

-ولا كنا هنزحف من تحت عقب الباب؟!

رمقتها الأخرى باشمئزازٍ لتعود بنظرها إلى إيثار وتقول بلهجة حادة:

-ومفتاح بيت بنتنا عندك بيعمل إيه يا إيثار؟!


هنا قررت فريال التدخل للحد من تدخل تلك المرأة فيما لا يعنيها:

-هو حضرتك ناسية إنه بيت إبنها ولا إيه يا طنط؟! يعني لو المفتاح مكنش معاها هيكون مع مين؟!

لوت فاهها متبرمة وتحدثت بتراجع من بين أسنانها:

-وأنا قولت حاجه

زفرت إيثار بحدة أرادت من خلالها الإعلان الصريح عن رفض ممارسة تلك المرأة وفرض سيطرتها على منزل وحياة ابنها وعروسه،وأرادت أن تضع لها حدًا من البداية،نطقت كي تلقنها درسًا:

-متقلقيش حضرتك، أنا مش من الحموات اللي بتحب تسيطر على حياة ابنها أو تحتفظ بنسخة مفتاح بيته وتدخله من غير إذن، يوسف هو اللي اداني المفتاح علشان مقلقهمش لما عزة تدخل له الفطار

وتابعت بحزمٍ:

-واطمني، دي هتكون آخر مرة أستخدمه فيها، لان لا ده طبعي ولا أنا فاضية أصلاً.



في تلك اللحظة استمع جميعهُن لصياح مالك للإعلان عن نزول العروسان:

-حضرة الظابط والعروسة نزلوا


خرجت جميعهُن من غرفة تحضير الطعام لاستقبال الحبيبان، كان يوسف يحتضن كتف حبيبته باحتواءٍ شديد والسعادة تكادُ أن تقفزُ من عينيه،أما تلك العاشقة فحدث ولا حرج،كانت أشبهُ بفراشةً في موسم الربيع تتطايرُ بأجنحتها ذات الألوان الزاهية بين الزهور،فقد اكتمل وجودها بدخولها لعالم الحبيب، اطلقت عزة الزغاريد فور رؤيتها لمن تعتبرهُ ابنها، فقد كانت فرحتها لا تقل عن فرحة إيثار بفلذة كبدها

قفز مالك بأحضان شقيقه حيث أرغم على ترك حبيبتهُ كي يحتضن ذاك المشاكس الذي سألهُ باستفسار مضيقًا عينيه:

-هو أنتوا اتأخرتوا فوق كده ليه، إحنا هنا من بدري


وتابع أسألتهُ التي جعلت من وجنتي بيسان ملتهبة:

-هو ازاي أنكل ماجد وافق إن بيسان تنام مع چو هنا في البيت ولوحدهم من غير صاحباتها؟!

وتابع مبررًا:

-ده بابي لما تاج قالت له إنها عاوزة تنام عند چاكي صاحبتها علشان عيد ميلادها وكل صحباتها هيناموا هناك،قال لها ليه هو أنا خرونج

ضيق عينيه وسأل شقيقهُ وهو يفكر بتمعنٍ وتركيز:

-چو،هو يعني إيه خرونج؟!

-ينيلك عيل بتلات ألسنة...قالتها عزة مستنكرة وتابعت وهي تجذب الصغير لتنزلهُ من بين أحضان يوسف:

- إنزل متتعبش ظهر أخوك يا لمض




بينما تحدثت فريال بقلبٍ يكادُ يطيرُ فرحًا وهي تطالع العروسان:

-ماشاء الله عليكم يا حبايبي

هرولت بيسان ترتمي في أحضان تلك الحبيبة والخجلُ لون وجنتيها بلون ثمرة التفاح الطازچة، بينما نطقت فريال وهي تحتضنها بسعادةٍ بالغة:

-مبروك يا نور عيني، زي القمر يا قلب مامي

وحشتيني يا مامي... قالتها بخجل ردت عليها فريال بمشاكسة:

-كذابة، ولا تلاقيكي إفتكرتيني أصلاً

ابتسمت بخجل، احتضن أيضًا يوسف والدتهُ التي احتوته وباتت تربتُ على ظهرهِ بحنان وهي تقول بحبورٍ تجلى بنبراتها:

-ألف مبروك يا حبيبي

-الله يبارك فيكِ يا ماما...قالها بصوتٍ تقفزُ من بين نبراته شدة السعادة

احتضنته عزة وتحدثت بأعين شبه دامعة من شدة التأثر:

-ألف مبروك يا حبيبي ، عقبال ما أفرح بعوضك وأشيل عيالك بين إيديا يا نور عيني

تبسم بحنوٍ وهو يربتُ على وجنتها ببالغًا من الحنان:

-في حياتك يا زوزة، وإنتِ بنفسك تربيهم زي ما ربتيني يا حبيبتي

احتضنت إيثار بيسان ونطقت بسعادة:

-ألف مبروك يا بوسي


-الله يبارك فيكِ يا إيثو

احتضنت أيضاً جدتها نوال التي نطقت برسمية و وجهٍ لا يضحكُ للخبز الطازچ:

-مبروك يا بيسان

أجابتها الفتاة بابتسامة جذابة:

-ميرسي يا تيتا

انسحبت نوال إلى حجرة تحضير الطعام لمباشرة الوضع بينما اقتربت عزة من بيسان ونطقت وهي ترمقها برفعة حاجب:

-مبروك يا اختي،أخيرًا شوفنا وشك بيضحك ورحمتينا من أم تكشيرتك

وتابعت متوعدة وهي تشير سبابتها في وجهها:

- عارفة لو نكدتي على الواد اللي حيلتنا، محدش هيقف لك غيري يا بيسان.



طالعت حبيبها وتحدثت وهي تميل عليه وتلقي برأسها على كتفهِ مستندة:

-إطمني يا زوزة، أنا عمري ما هزعل حبيبي مني

وتابعت بعدما جنبت الخجل:

-أنا هغرقه في حبي وهخليه يعيش النعيم جوه حُضني


طالعتهما إيثار وفريال بقلوبٍ تتراقصُ فرحًا، بينما مال هو وهمس بجانب أذن أميرتهُ الحسناء:

-إهدي علشان كده ممكن أتهور واتخلى عن الهيبة،وهتلاقيني شايلك وجايب السلم في خطوتين،وإبقى اتحملي جنون عشقي بعدها

تبسمت بدلالٍ وهي تتمسحُ بوجهها بذراعهِ مما أثار حنق عزة التي نطقت وهي تمصمصُ شفتيه باستنكار:

-يختي على محن البنات يختي



-متسيبي البنت تتمحن على عريسها براحتها يا ست عزة...جملة نطقت بها فريال وتابعت مستنكرة أفعال المرأة بممازحة:

- إنتِ واقفة لها على الواحدة زي ما تكون ضرتك كده ليه يا حبيبتي؟

شوحت بكفها وهي تقول:

-طول عمري مبحبش المحن ولا الممحونين، ربنا خلقني كده يا ست فريال


نطقت بيسان بمشاكسة:

-طب بالعند فيكِ هدلع وأدلل أكتر وأكتر يا عزة

تابعت وهي تتأبطُ ذراعهِ بتملُكِ ممتزج بالحبور:

-إن مكنتش أتدلع على جوزي حبيبي هتدلع على مين أنا


-يا باشا كل الدلال والدلع ليكِ...قالها يوسف بملاطفة وهو يحتوي خصر حبيبته، وتابع وهو يغمز بعينيه إلى جميلة القلب والروح عزة:

- زوزة بس بتحب تنكشك أصلها بتغير عليا

ضحكت إيثار وتحدثت إلى عزة:

-خفي شوية على الأولاد يا عزة

بينما نطقت بيسان بتملك وعشق وهي تشدد من احتضانها للحبيب:

-مش مسموح لحد يغير على حبيبي غير بوسي وبس




-شوفتي المحن...قالتها عزة وهي تشير بغيظٍ على تلك التي أخرجت لها لسانها كي تشاكسها، في حين اطلقت السيدتان ضحكاتهما المرتفعة، هرول الصغير الذي كان داخل حجرة الطعام يتلصص على تلك الشمطاء وتحدث إلى والدته:

- مامي، تيتا اللي جوة قربت تخلص الفطير والحمام بتوع چو وبوسي، عمالة تاكل فيهم ولما لقتني واقف ببص عليها

وتابع يقص عليها بشغفٍ:

- قالت لي أنا بشوفه معمول بالسمنة البلدي ولا بالصناعي

كممت فاههُ بكفها وهي تهمس:

-إسكت يا مصيبة، عيب كده

وتابعت وهي تشير إلى الباب الخارجي:

-يلا روح عند جدو وبابي وأنا شوية وهحصلك

نطق وهو يتخصر بكفيه معترضًا:

-مش همشي غير لما أشوف أنا كمان، الفطير والحمام بالسمنة البلدي ولا الاصطناعي

كظمت ضحكاتها من مشهد صغيرها المشاغب وتحدثت في محاولة منها بالإقناع:

-عزة عاملة لكم في البيت إنتوا كمان، روح اقعد مع بابي وأنا بمجرد ما هاجي هعمل لك سيرفس كبير مليان فطير وعسل وحمام محشي بالفريك

-وعد يا مامي... قالها وهو يشير إليها فنطقت باتفاق:

-وعد يا ملوك.

ليلاً بعدما ذهب العروسان إلى جديهما وماجد وهنأهما الجميع، وقف فؤاد يتحدث مع نجلهِ الروحي وهو يستند بكفه على كتف الشاب:

-أنا حجزت لك إسبوعين في المالديف علشان تقضي شهر عسل رايق

وتابع بغمزة من عينيه:

-إخترت لك أحلا شالية هناك، على الله ترفع راسي وتشرفني

اتسعت أعين يوسف ليسألهُ مستنكرًا:

-أنا أعترض وبطالب بسحب كلامك فورًا يا باشا، لأني بالفعل شرفتك ورفعت راسك ليلة امبارح



-أنا مليش في الكلام ده يا حبيبي، أنا بحب الإثبات العملي

ضيق الشاب بين عينيه وسأله مستنكرًا:

-ده اللي هو ازاي إن شاء الله؟!

تابع فؤاد مسترسلاً بوضوح:

-حفيد يا حضرة الظابط، أنا رجعت من المالديف بعد شهر العسل وإيثار حامل في توينز

وتابع وهو يهز كتف الشاب :

-زي ما خليت أبويا يفتخر بانتاجه أنا كمان من حقي أفتخر بانتاجي، ولا إيه؟

قهقه الشاب وتحدث مفتخرًا بأبيه:

-يا باشا مفيش غير فؤاد علام واحد

أقبلت إيثار عليهما وسألتهما بفضولٍ:

-بتتكلموا في إيه؟



احتوى خصرها وقربها منه وهو يقول بغمزة من إحدى عينيه:

-تعالي يا جنابو احضرينا

اشتدت سعادتها من دلال رجلها العظيم وسألتهُ بابتسامة رضا:

-خير يا باشا؟

ابتسم وتابع بافتخارٍ:

-كنت بحكي لحضرة الظابط عن إنجازات أبوه مع امه في رحلة المالديف بتاعة شهر العسل...وتابع وهو يلصق جسدها بخاصته تحت خجل الأخرى:

-كنت بقول له إننا رجعنا من رحلة شهر العسل وإنتِ حامل في التوينز "تاج" و"زين"

-فؤاد... قالتها بحزمٍ ممتزج بخجلٍ هائل وقد سحبت نظرها عن ابنها ولم تعد باستطاعتها النظر بعينيه بفضل كلمات زوجها التي ادخلتها بحالة هائلة من الإحراج،قهقه بشدة على مظهرها فقد كان يدعو إلى السخرية،أقبلت عليهم تلك العاشقة فقد باتت لا تقوى على الابتعاد عن مالك القلب ولو لبضع ثواني، احتضن كتفها وحدثها بحنانٍ بالغ بعدما شعر بحاجته الملحة بالانفراد بها كي يغرقا في بحر عشقهما العميق:

-يلا بينا يا حبيبي

حركت رأسها بموائمة عدة مرات وهي تتمسحُ بذراعه مما جعلهُ يبتسم لها بزهوٍ بينما تحدث فؤاد مناغشًا إبنة شقيقته:

-ليكِ حق تترمي في حضنه قدامي من غير ما تعملي حساب لزعلي



ضحكت وتحدثت إيثار:

-ما خلاص يا باشا، بقى جوزها رسمي وبعلم الجميع

رفع فؤاد ذراعهِ من حول خصر زوجته وأشار إلى ابنة شقيقتهُ في إشارة منه للدخول لأحضانه لتبتعد هي عن قيود زوجها الحريرية وتقترب من الآخر ترتمي بأحضانه،شعر فؤاد بعمق السعادة لأجل تلك العاشقة وما تشعر بهِ من سعادة عارمة بعد الحصول على غايتها،ربت على ظهرها بحنان ومال يقبل حجابها وهو يقول:

-مبروك يا بوسي،ألف مبروك يا حبيبتي

الله يبارك فيك يا خالو،عقبال تاج وزين ومالك

شدد من ضمتها وتحدث بملاطفة أراد من خلالها خلق حالة من المرح:

-الواد ده لو زعلك إوعي تروحي لماجد

وأشار إليه:

-مش إبني وأغلى من عيني،بس لحد عندك واستوب،هيشوف وش تاني لأول مرة يتعرف عليه

ضحكت بسعادة وتحدثت لمشاكسة حبيب الروح:

-أيوا كده يا خالو، خليه يعرف إن ليا ضهر

-هي بقت كده...نطق بها يوسف ملاطفًا جميلته بينما هتفت إيثار بشراسة كالنمرة وهي تدافع عن صغيرها:

-ما بلاش السكة دي يا بوسي،هتخسري صدقيني

وتابعت متوعدة:

- إنتِ وخالك مش قد وقفتي في وش اللي بييجي على ولادي


رفع حاجبهُ مدعيًا استنكار حديثها ونطق متوعدًا:

- قد الكلام اللي بتقوليه ده؟!


-لا طبعاً...قالتها باستسلامٍ لمعشوق روحها فتبسم وأشار إلى يوسف وهو يُبعد الفتاة عنه:

-خد مراتك واتكل على الله يا حبيبي،إنتوا جايين توقعوا بيني وبين مراتي

وتابع مشيرًا لخليلة القلب بأن تأتي وتسكن مكانها:

-تعالى لحضن بابا يا حبيبي.

سكنت أحضانهُ تحت ابتسامة بيسان وسخرية يوسف حين قال بتهكم مفتعل:

-أحبك وإنتَ ثابت على مواقفك ومبادئك يا باشا


-الانسحاب قدام الحكومة منتهى القوة والشجاعة يا ابني...ثم تابع وهو يضع كفهِ على رأس زوجته برقة وحنو:

-قدامك كتير لسه على ما توصل للسلام النفسي مع الحبيب، وده بيتطلب كثير من التنازل مع بعض الاستسلام للأوامر و الرجوع للخلف

ضحكات متتالية تشارك بها الجميع لتسأل إيثار نجلها بجدية:

-بابا قال لك على موضوع رحلة الهاني مون؟

أجابها بهدوء وهو يقرب زوجتهُ منه:

-آه يا حبيبتي

تابعت بعملية إلى الثنائي:

-طب كويس، جهزوا نفسكم بقى علشان هتسافروا بعد بكرة،ولو احتاجتوا مساعدة في تجهيز الشُنط عزة موجودة

وتابعت بأعين تشعُ حنانًا:

-ربنا يسعدكم يا حبايبي،المكان هناك يجنن، حاولوا تنبسطوا وتعملوا ذكريات حلوة تبتسموا لما تفتكروها بعد كده


همس فؤاد بأذن حبيبتهُ وسألها والحنينُ يكادُ يقفزُ من بين مقلتاه:

-فاكرة الهاني مون بتاعنا يا إيثار


تبسمت وطالعتهُ بنظراتٍ خجولة ممتزجة برجاءٍ بأن يرحم خجلها، بينما تطلع كلاً من العروسان وغاص كلاهما بعين الأخر بعشقٍ جارف، سحب يوسف عينيه سريعًا وتحدث إلى والدته كي ينأى بحالهِ من حالة الوله الشديد الذي تعرض لها من شعاع عيناي زوجته:

-إن شاء الله يا حبيبتي،مش عاوزة أي حاجة؟


-سلامتك يا عيوني،يلا يا حبيبي خد مراتك وروحوا على بيتكم إرتاحوا...قالتها وهي تتحسسُ وجنتهُ بحنوٍ جارف، بينما نطق هو موجهًا سؤالهُ إلى فؤاد:

-عاوز حاجه يا باشا...قالها وهو يستعد للرحيل ليجيبهُ الأخر بنبرة خشنة:

-سلامتك يا حبيبي

شيعت بنظراتها نجلها وزوجته ثم عادت بنظرها تُطالع حبيبها وهي تقول بصوتٍ يملؤهُ العشق والحنين:

-كنت بتسألني إذا كنت لسه فاكرة الهاني مون بتاعنا ولا لاء

ابتسم يهز رأسهُ فأجابتهُ بأعين يفيضُ من نظراتها الحنان:

-كل لحظة قضيتها معاك محفورة جوة قلبي مش بس في ذاكرتي يا فؤاد، إنتِ أعظم وأحن راجل في الكون

اعتدلت لتقف بقبالته ثم حاوطت عنقه بذراعيها وتابعت بدلالٍ ممتزج بكثيرًا من الامتنان:

- وهدية ربنا اللي هفضل أشكره عليها العمر كله

تنفس بعمقٍ ولف ذراعيه حول خصرها وجذبها ليقترب جسديهما ثم نطق والشوق يغمرُ عينيه:

-محدش عارف مين فينا اللي كان هدية ربنا للتاني يا إيثار، بس اللي بتمناه ودايمًا مصاحب دعائي هو إن ربنا يديم وجودك نعمة في حياتي وحياة عيلتي،لأن حرفيًا أنا من غيرك مليش حياة

مالت لتستند على كتفه وتنهدت براحة وهي تقول:

-أنا اللي من غيرك ولا حاجه يا حبيبي، ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك أبدًا


༺༻༺༻٭༺༻༺༻

داخل المنزل المملوك سابقًا للراحل "عمرو البنهاوي" والتي تقطن به حاليًا ابنتهِ "زينة" وزوجها "رامي كمال" حيث يقيمان به منذ زواجهما، تجلس حول طاولة الطعام هي وزوجها بصحبتهما السيدة نائلة والصغيران يتناولون طعام الغداء، تحدث رامي بنبرة ودودة إلى السيدة نائلة:

-ياريت حضرتك تحاولي تمدي الأجازة ولو حتى كام يوم علشان نخرج الأولاد وينبسطوا شوية

نطقت بابتسامة هادئة تداري خلفها حزنها العميق الذي سكن وأصبح مستوطنًا داخلها ولم يفارقها ليومٍ منذ ما حدث لزوجها وابنتها التي دمرت مستقبلها بيدها:

-ما بيصير رامي، اللزغار عندهن نظام ما بدي خربطلون إياه،إن شالله بينتهوا من الدراسة بچيبهُن وبچي عمَصِر وبنقضي شي اسبوعين هون


نطقت زينة بصدقٍ وطيبة:

-تنوروا يا طنط، والبيت مفتوح لكم في أي وقت تقرروا تنزلوا فيه،البيت ده بيت نور وسليم وزي ما ليا فيه هما كمان ليهم زيي وأكتر كمان


-تسلمي حياتي، بعرف هايدا الكلام منيح، وبعرف إنو إنتِ ويوسف بتحبوا اخواتكُن كتير...أخذت نفسًا عميقًا وتابعت بأسى وصدقٍ نابعًا من أعماق القلب:

-الله رزق هادول المساكين بيكُن لحتى يعوضهن غياب أبوهن وأمهن

تبسمت زينة بأسى ظهر بعينيها،أرادت أن تخرج السيدة من تلك الحالة التي تملكت منها فتحدثت بمرحٍ إلى الأطفال:

-هتوحشوني يا ولاد

نطقت الفتاة بابتسامة عريضة:

-وأنا كتير رح اشتاق لئلك إنتِ وچو

أشار رامي على نفسهِ وتحدث متصنعًا بالأسى:

-وأنا مش هوحشك يا نور؟!

-كتير رح اشتاق لك يا رامي، إنت حدا كتير منيح وانا بحبك... قالتها ببراءة لينطق الصغير وهو يتطلع على رامي حيث يداعبهُ كثيرًا ويهتم به وبشقيقتهُ:

-وأنا رح اشتاق لك رامي

وتابع وهو يتطلعُ إلى تلك الحنون "زينة":

-ولئلك كمان يا زينو

هبت من مقعدها وتحركت إليه لتلتقطهُ من فوق مقعدهِ وتسكنهُ بأحضانها، شددت من ضمتها له وهي تقول بنبرة يقفزُ الحنان من بين حروفها:

-يا قلبي يا سليم، وإنتَ كمان هتوحشني قوي يا حبيبي،وإن شاءالله في أقرب فرصة هاجي لك لبنان أنا ورامي وهنقعد معاكم اسبوع بحاله


-بتنورونا يا قلبي... قالتها نائلة بارتياحٍ وهي ترى زينة تغمر الصغيران بمحبة صادقة، وهي تكسر قاعدة" فاقد الشيء لا يُعطيه"، فقد فعلت العكس وقدمت لجميع أشقائها جُل ما حُرمت منه، المحبة والعطف والاهتمام التي افتقدتهم من والديها،لتثبت أن فاقد الشيء يمكن أن يعطيه ببزخٍ وكثرة كونهُ أكثر الأشخاص يعلم معنى الحرمان من الشيء ومدى تأثيرهُ على النفس.


༺༻༺༻٭༺༻༺༻

بعد مرور يومان

داخل إحدى جزر المالديف،مع غروب الشمس وانعكاس صورتها الساطعة على سطح مياة الجزيرة حيث أعطت مظهرًا خلابًا خطف بصر كل من ينظر إليها، يستلقى يوسف على الشازلونج باسترخاءٍ شديد محتضنًا ساكنة الروح التي تتنعمُ بوضع رأسها على صدر الحبيب،قلبها يرفرف مثل فراشةٍ راقصة في فصل الربيع وهي تتنقلُ بزهوٍ وسط الورود، تحدث وهو يطالع سحر المكان وجمالهُ الرائع من خلف نظارتهُ الشمسية:

-المكان رهيب يا بوسي، مريح بشكل غير عادي


تنهدت براحة ونطقت بنبرة أظهرت كم استرخائها:

-ده حقيقي يا چو، المكان فعلاً رائع،تحسه قطعة من الجنة

اعتدلت واستندت بذراعيها على صدرهِ لتتابع وهي تتعمقُ بالساحرة عيناه:

-مبهر لدرجة إني نفسي نكمل حياتنا كلها هنا.


تلمس بأناملهِ وجنتها وبات يمرر بنعومة عليها ثم تحدث بنبرة يملؤها الغرام:

- أي مكان هنكون فيه مع بعض هيبقى جنة يا روح حبيبك

تراقص قلبها فرحًا وتحدثت مؤكدة على حديثهُ بنعومة:

-أكيد يا قلبي

نطقتها ثم رفعت حالها حتى اقتربت من وجههِ وقامت بوضع قُبلة ناعمة بجانب شفته السُفلى أثارت جنونهُ وما شعر بحالهِ سوى وهو يهب واقفًا ثم حملها بين يديه وقفز بها داخل الماء، بات يسبح بها ويحركها معهُ مع تقبيلها بشغفٍ وبلحظة حملها من جديد وتوجه إلى غرفة نومهما داخل الوحدة المخصصة لقضاء عطلة زفافهما السعيد.


بعد مرور حوالي ساعتان،خرج من الحمام مرتديًا سروالاً قصير ونصفهِ العلوي عاري، شعرهُ مبتلاً تتساقط منه حبات المياة، أقبل على تلك الجميلة التي تقف أمام مرآة الزينة تتطلعُ على انعكاس صورته بولهٍ،مرتدية مئزر الاستحمام بلونه الأبيض،تجفف شعرها وتضع بعض الكريمات المرطبة لجسدها لتزيد من نعومته،وقف خلفها وأحاط خصرها بذراعيه مكبلاً جسدها ليشعر بالارتياح،دفن وجههُ داخل تجويف عنقها وهمس بهيامٍ أظهر كم العشق الذي يكنهُ لها بقلبه:

-عاوز أقول لك على حاجة


-قول يا عمري... قالتها بدلالٍ مثير فتابع بصوتٍ متحشرج تأثرًا بحالة الغرام المسيطرة على كلاهما:

-أنا ياما اتخيلت زمان شكل حياتنا مع بعض بعد الجواز، وياما اتخيلتك وإنتِ في حُضني،وكنت ببقى مبسوط قوي، بس المشاعر اللي حسيتها معاكِ وأنا جوه حضنك بجد، تخطت كل حدود الخيال


أغمض عينيه وبات يستنشق رحيقها:

-إنتِ طلعتي حلوة قوي يا بوسي،حلوة قوي لدرجة عمري ما كنت اتخيلها


انهارت حصونها والتفت لترتمي بأحضانه تستمع بقلبها دقات خاصته التي تصرخ بغرامها، مال يقبل شفتيها وذابا من جديد ليدخلا جولة عشقية جديدة يرتوي كلاً منهما، وكلما تجرعا من العشق شعرا بالاشتياق والأحتياج والعطش أكثر، وهل يشعر الحبيب بالاكتفاء من الغوص في بحر الهوى.


༺༻༺༻٭༺༻༺༻


بعد مرور عامًا على تلك الأحداث، داخل حديقة علام زين الدين، اجتمعت العائلة بالكامل في أول أيام شهر رمضان المبارك، الساعة السادسة والنصف مساءًا،حيث صدحت أصوات مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد المجاورة بصوت الشيخ "محمد رفعت" وهو يقرأ آياتٍ من القرآن الكريم، الجميع يتسابق بتجهيز تلك الطاولة الكبيرة والتي ستضم عائلة علام بالكامل، سيادة المستشار علام زين الدين الذي استلم منصب النائب العام تحت سعادة الجميع، دكتورة عصمت الدويري التي تشعر بكامل الرضى بالتفاف جميع عائلتها وأحفادها من حولها، المستشار فؤاد علام وسعادته التي تغمر كامل كيانهُ وهو يتطلع على والديه ويتمنى لهما دوام الصحة والبركة في العمر، ويرى أولادهُ بصحة جيدة وسعادة هائلة لتواجدهم وسط عائلة متماسكة يخاف جميع أفرادها على بعضهم،إيثار واهتمامها الهائل بعائلتها، فريال وزوجها وفؤاد الإبن، يوسف وبيسان التي صارت مدللة العائلة بأكملها لما تحمل داخل أحشائها من حفيدًا يتوق الجميع لقدومهُ السعيد، كانت إيثار تتحركُ بسرعة وهي تسكب مشروب "القمر الدين "المشهور بشهر رمضان الكريم والذي لم تخلو طاولة إفطار بالبيت المصري منه طيلة الشهر،نطقت وهي تسكب كأس ذاك الحكيم الذي يترأس الطاولة:

-كل سنة وحضرتك طيب يا بابا

غمرها بابتسامة حنون وهو يقول:

-وإنتِ طيبة وبخير يا بنتي


نطقت عصمت وهي تحتوي كف زوجها برعاية وحنانٍ مفرط:

-عقبال كل سنة وإنتَ منور السفرة بوجودك يا سيادة النائب


-وإنتِ جنبي ومنورة حياتي يا عشرة العمر الحلو... جملة اختزلت كثيرًا من المشاعر الصادقة التي يكنها ذاك الحنون داخل قلبهُ الكبير، نالت استحسان تلك الجميلة بل والجميع حيث نطق فؤاد بابتسامة جذابة وهو يطالع ابويه بكثيرًا من اللُطف والحنان:

-رمضان كريم يا باشا، ياريت تراعوا مشاعرنا وتأجلوا الكلام الحلو ده لبعد الفطار

رمق نجله ونطق بمشاكسة:

-أنا أقول اللي يعجبني في الوقت اللي أشوفه مناسب من وجهة نظري، ولو سيادتك غيران تقدر بكل بساطة تقلدنا

نطق يجيب والدهُ وهو يتطلعُ على زوجته التي مازالت تسكب المشروب لأفراد العائلة:

-مليش في الزحمة يا باشا، أنا بعشق الخصوصية في الغزل والسرية التامة للتعبير عنه

مال علام حتى ألصق شفتيه من اذن نجله ثم قال بملاطفة:

-بمناسبة الخصوصية بتاعت الباشا، ياريت متهوبش ناحية اوضة الچاكوزي النهارده



قطب فؤاد جبينهُ وابتعد يطالع أبيه بعدم استيعاب ليتابع الاخر مفسرًا:

-المكان إتحجز خلاص يا حبيبي

-يا روقانك يا باشا... قالها بنبرة هادئة وهو يحك ذقنه ثم تابع بغمزة من عينيه مداعبًا أبيه:

-بس إحنا مش كبرنا شوية على الشقاوة دي ولا إيه؟



نطق علام متحديًا:

-إوعى يغرك الشعر الأبيض وتفتكر إن ابوك عجز وراحت عليه خلاص، ده أنا أصبى منك ومن جيلك كله


-عاش يا سيادة النائب... وتابع بمداعبة:

-طالع شقي لإبنك

اطلق كلاهما ضحكاتهِ وتحدث علام باستغفار:

-اللهم إني أستغفرك واتوب إليك،يعني إحنا من الفجر مقضيين اليوم صلاة وتعبُد وقراءة قرأن، وسيادتك جاي تضيع علينا اليوم في آخر خمس دقايق.

أشار على فمه قاصدًا الصمت فابتسم الأخر وصمت يستمع لقرأن ما قبل الآذان بإنصاتٍ لصوت "قيثارة السماء" الشيخ "محمد رفعت"كما لقبوه محبوه.


تحدث علام إلى يوسف:

-إبقى أكد على زينة وجوزها ييجوا يفطروا معانا النهارده يا يوسف


-حاضر يا باشا،هي النهارده بتفطر عند أهل رامي، وان شاء الله بعد صلاة التراويح هكلمها وأكد عليها

تحدثت عصمت:

-جدك كان حابب يجمع الكل النهارده، البشمهندس احمد الزين وعيلته، وعمك حسين وعيلته وزينة ورامي

نطق فؤاد:

-كل واحد بقى له حياته الخاصة يا ماما، عمي أحمد بقى عنده عيلته وأحفاده كبروا خلاص، وسميحة وعيلتها راجعين من دبي علشان يقضوا شهر رمضان معاه

وتابع مفسرًا تحت انتباه الجميع:

-والأستاذ حسين عازم بنته وجوزها وأهله هيفطروا معاه النهارده، وزينة راحت مع جوزها عند أهله.


سحبت إيثار مقعدها وجاورت زوجها بالجلوس، كان يتابع حالتها وقد شعر بضعفها الظاهر فسألها بتوجسٍ:

-مالك يا حبيبي، إنتِ تعبانة؟!


-مهبطة شوية يا فؤاد... قالتها وقد ظهر الوهن على وجهها فوضع كفه يجس حرارتها وتحدث كي يطمأنها:

-جسمك بارد شوية، إن شاء الله لما تاكلي مستوى السكر هيتظبط وتبقي كويسة

حركت رأسها بموائمة



هرولت عزة وقامت بوضع صحنًا من الخضروات المطهوة على بخار الماء أمام بيسان وتحدثت على عجالة:

-عملت لك الخضار السوتيه أهو علشان الوحم

تجعدت ملامحها من شدة الشعور بالغثيان وتحدثت بوهن ظهر عليها وهي تتطلعُ على الطعام:

-حتى الخضار مش هقدر أكله يا عزة،ريحة الأكل قلبت معدتي

أمسك كفها وتحدث بمؤازرة وقلبٍ يتألمُ لأجل ساكنة الروح:

-معلش يا قلبي اتحملي،الدكتورة قالت لما تخلصي الشهر التالت القَرفة اللي عندك دي هتروح لوحدها

أسندت رأسها على كتفهِ وكأنها تُلقي بألامها عليه ليتشاركاها سويًا، ثم تحدثت بوهن:

-مش قادرة يا يوسف، الموضوع مؤلم فوق ما تتخيل، وبعدين طول قوي

احتوت والدتها كفها الموضوع فوق الطاولة وتحدثت:

-هانت يا بوسي، فاضل اسبوع وتدخلي في الشهر الرابع وان شاء الله الترجيع هينتهي خالص

-يا رب يا مامي، أنا تعبت بجد.

واساها الجميع وابيها الذي نطق بقلبٍ يتمزق لاجل ابنته:

-سلامتك يا حبيبتي، لما الاذان يأذن إفطري على تمر وكباية قمر الدين، ولو معدتك مقبلتش الاكل متاكليش، إبقي كلي بعد صلاة التراويح هتكون معدتك هديت شوية


-أوكِ يا بابي، هعمل كده.


اقبلت عليها عزة وهتفت بهدوء:

-إفطري باللي تقبله نفسك وانا بعد الفطار هعمل لك كباية جنزبيل هتعدلك نفسك وتمنع الترجيع ده خالص

نطق يوسف يسألها متأملاً:

-الجنزبيل هيفيدها بجد يا زوزة؟!


-أمال...نطقتها بفخرٍ لتتابع حديثها وهي تُشير إلى فؤاد:

- حتى أسأل سيادة المستشار

اتسعت عيني فؤاد وسألها مستهجنًا:

-نعم يا ماما؟! إيه اسألي سيادة المستشار دي كمان؟!


ازدردت لعابها ونطقت سريعًا كي تقي نفسها شر غضب ذاك الثائر:

-يو، مش كنت بعمله على طول لـ إيثار وهي حامل في إسم النبي حارسهم وصاينهم "زين" و"تاج"، ألا تكون نسيت؟!

تنفس يهدئ من حدة غضبهِ ونطق بصوتٍ جاد:

-إبقي وضحي كلامك والقصد منه في جمل مفيدة بعد كده، مش ترمي كلمة ليها كذا معنى وتسيبي الناس تتوه في كلامك الملغبط



نطقت وهي تراقب انفعالات وجههِ الحادة:

-انا بقول نقاطع بعض ومنتكلمش لحد ما شهر رمضان يخلص يا باشا، أنا ست كبيرة وأعصابي مبقتش تتحمل قلبتك عليا في الأيام العادية، فمابالك بقى بجنان الرجالة اللي بيصيبهم في الصيام



دخل الجميع بنوبة ضحك عالية حتى فؤاد نفسه بينما قالت إيثار كنوعٍ من تطييب الخاطر:

-وتفتكري سيادة المستشار هيقدر يستغنى عن مناغشاتك معاه يا زوزة؟

وتابعت وهي تتطلعُ إلى زوجها:

-مش كده يا فؤاد؟

-أمال...قالها مستهجنًا لتلوي عزة فاهها باستهجانٍ موازي، انطلق مدفع الإفطار عقبهُ ارتفاع صوت الأذان ليدخل السرور داخل قلوب الجميع، ابتسم الصغار وتحدث مالك وهو يرفع كأس مشروب "القمر الدين"ويسأل جدهُ:

-كده أشرب العصير يا جدو ولا لما يخلص الأذان خالص؟

-إشرب يا حبيبي، بس قبل ما تشرب لازم تقول دعاء الإفطار

وتابع كي يردد خلفهُ الصغير:

-اللهم لكَ صُمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله.


ردد الصغار خلفهُ ثم تناول الجميع المشروب مع تناولهم لحبات التمر حسب سنة رسول الله صلِّ الله عليه وسلم، بدأ الجميع بتناول الطعام بهدوءٍ


تحدث فؤاد ماجد إلى شقيقتهُ:

-كلي تمر يا حبيبتي زي ما بابا قال لك

-حاضر يا فؤاد...قالتها بضعف تحت حزن قلب يوسف لأجلها

نطق مالك يسأل بيسان:

-بوسي، هو انتوا هتجيبوا النونو إمتى؟

نطقت وهي تتناول المشروب بعدم راحة:

-بعد ست شهور يا حبيبي


تطلع أمامهُ ثم نطق بيأسٍ تجلى بنبراته:

-لسه هستنى ست شهور

ضيق زين بين عينيه وسأل شقيقهُ:

-إنتَ مشتاق للبيبي قوي كده يا" مالك"؟!


-بيبي إيه اللي هشتاق له يا" زين"...وتابع رافعًا كتفيه بلامبالاة:

- هو أنا أعرفه أصلاً

سألته تاج من باب الفضول:

-ولما انتَ مش مهتم بالبيبي، زعلان من طول المدة وبتسأل ليه؟!

نطق ببرائة ويا ليتهُ لم ينطق:

-لأني مش هشوف نور كل الوقت ده

وتابع مفسرًا حزنه بزفرة قوية:

-هي قالت لي في الواتس لما كلمتها امبارح، إنها هتيجي مصر لما البيبي بتاع چو يتولد



-نعم يا حبيبي؟!... قالها ذاك المذهول من حديث صغيرهُ وتابع مذبهلاً:

-سمعني تاني كده قولت إيه؟!

انتفض جسد ايثار التي هتفت وهي تشير للصغير بالتزام الصمت التام وتحدثت:

-مقالش حاجه يا فؤاد، ده بيخرف من تأثير الصيام عليه


هتف معترضًا بصياح غاضب:

-مش بخرف يا مامي، نور فعلاً قالت لي كده


-"نور" مين يَلا؟! نور بنت عمرو البنهاوي؟!

قطب الصغير جبينهُ وتابع مضغ طعامه ببلاهة لا يدرى أن بكلماته البسيطة تلك قد أيقظ الوحش الكامن بداخل والده الذي تابع يسألهُ مشيرًا على يوسف:

-أخت يوسف أخوك ده؟

اومأ برأسه ونطق بسعادة:

-برافوا عليك يا بابي، جاوبت صح

وضع يوسف كفه على رأسه وهمس بتوجس:

-الله يخربيتك يا مالك، باظت الليلة وهتتقلب لنكد بسببك يا ابو لسان ونص



-عــــزة....صرخ بها فؤاد لتاتي تلك العزة مهرولة وهي تقول:

-خير يا باشا، إيه اللي حصل؟!


نطق كاظمًا غيظهُ بصعوبة تحت ضحكات الجميع المكظومة حتى "علام زين الدين":

-تطلعي تجيبي لي حالاً الفون والتابلت بتوع الواد ده من أوضته وتحطيهم لي في المكتب


أشارت بريبة تسألهُ:

-عملت إيه تاني يا منيل،هو أنتَ مينفعش تقعد يوم واحد من غير ما تعمل مصيبة

قالتها وانصرفت مهرولة عندما رمقها فؤاد بحدة،ليسأله الصغير ببرائة:

- حضرتك عاوز الفون والتاب ليه يا بابي؟!

أجاب ذاك الغاضب بضحكة مستفزة:

-علشان هبلك لك رقم برنسيس نور وكل حساباتها من عندك يا حبيبي

اتسعت أعين الصغير وقبل أن يهتف معترضًا ارتفع صوت أبيه وهددهُ بتوعدٍ:

-ولو سمعت اي اعتراض منك همنع عنك الفون والتاب ومش هتلمسهم تاني


نطقت عصمت باستهجان لحديث نجلها:

-إهدى يا فؤاد وبلاش تدي للموضوع أكبر من حجمه، دول ولاد صغيرين يا حبيبي


نطق بجدية لا تقبل الجدال:

-ماما من فضلك، الموضوع ده غير قابل للنقاش.


زفرت فتحدث علام مؤيدًا قرار نجله:

-كده أفضل يا عصمت، فؤاد عنده حق وتصرفه صح، الموضوع ده لازم ينتهي وحالاً

ربع الصغير ساعديه وزفر بتمردٍ ونطق بحدة:

-طب مش هاكل يا بابي

-متاكلش يا حبيبي



وقف لينسحب للداخل فأوقفه صوت علام الذي نطق بحزم:

-مالك، مينفعش تسيب السفرة والناس لسه مخلصتش الأكل، أقعد علشان نصلي مع بعض بعد الفطار إن شاءالله


عاد لمقعده ومازالت شفتيه ممطوطة للأمام تعبيرًا منه عن اعتراضه لما بدر من والده، بينما نطق يوسف ليهدأ ولدهُ:

-ممكن تهدى يا بابا وانا هتصرف، واعتبر الموضوع منتهي

-تمام يا يوسف... قالها بهدوء وتابع تناول الطعام مع ابتلاع إيثار لريقها، هدأت الاجواء قليلاً عندما سأل زين شقيقهُ في حركة ذكية منه لتغيير الاجواء وتهدأتها :

-يا ترى البيبي ولد ولا بنت يا چو


-لسه مظهرش نوعه يا حبيبي

سألته تاج بشغفٍ للمعرفة:

-طب انتَ وبوسي عاوزين ولد ولا بنت؟!

اجابتها بوسي بسعادة:

-ايًا كان نوع البيبي فهو هيبقى حتة من كل واحد فينا، واكيد هنحبه وهيكون أغلى حد في حياتنا

مال يوسف يسألها بعتابٍ مفتعل:

-أفهم من كده إن المفعوص ولا المفعوصة اللي الهانم هتجيبه هيبقى أغلى مني عندها؟


تعمقت بعينيه ونطقت بنبرة يقطرُ منها الوله:

-طب ازاي وانتَ روحي يا چو، وإنتَ عارف، مفيش أغلى من الروح يا قلبي

تبسم بسعادة وتحدث هامسًا:

-خلصي أكلك وبلغي ميليسا تجهز لنا الچاكوزي

وغمز بوقاحة تعشقها هي:

-عندي سهرة صباحي مع حبيب الروح

برغم تعبها من الحمل إلا أن قلبها طار فرحًا ورفرف من شدة سعادته



هدأت الأجواء ودارت احاديث هادئة استمتع بها الجميع حتى الصغير الذي نسى أمر تلك الصغيرة بمجرد اندماجهُ مع جديه وأشقائه والعائلة، انتهى وقت الفطار واتجه الجميع إلى صلاة المغرب وبعدها تناولوا قهوتهم وبعض الحلوى الشرقية الخاصة بشهر رمضان المبارك، انطلق أذان العشاء وتوضأ الرجال وخرجوا لصلاة العشاء والتراويح داخل مسجد الزين المجاور للمنزل وقاموا بالصلاة بخشوعٍ بينما اجتمعت النساء وقمن بتأدية الصلاة جماعة داخل المنزل في أجواء هائلة يسودها الحب والدفيء وتطغى عليها الروحانيات الجميلة لذاك الشهر العظيم.


"تمت بحمد الله "



༺༻༺༻٭༺༻༺༻


وبعد انتهاء أحداث رواية لم تكن مجرد رواية، بل كانت حياة كاملة عشنا بداخلها وتأثرت مشاعرنا مع جميع الأبطال، سعدنا لفرحهم وتأثرنا وبكينا لحزنهم، تعمقنا بمشاعرنا حتى ظننا أننا جزءًا منهم وهم جزءًا منا، نتأثر نبكي نثور أحيانًا وننفعلُ من أجلهم، وبالنهاية أتمنى أن أكون قد قدمت عملاً نال إعجابكم حرصت من خلال أحداثه قدر المستطاع أن أحترم ذاتي وأقدم عملاً يليقُ بفكركم الراقي وعقولكم المستنيرة، جزيل الشكر لكم على كل ما فعلتموه لأجلي، فقد لامست منكم الاخلاق والأحترام والرُقي مما جعلني أفخر بحالي كوني أحظى بكوكبة رائعة من القراء المميزين، شكرًا لأنكم جعلتموني أفخر بحالي وبما وصلت إليه من خلالكم، شكرًا وإلى لقاء قريب إن شاء الله في عمل جديد يجمعنا.



إنتهت الرواية

إلى اللقاء وعلى الوعد بمزيد من حلقاتٍ خاصة من تلك الملحمة التي يصعب علينا نسيانها،مع كامل إحترامي وعظيم تقديري "روز أمين"



«أذنابُ الماضي»

بقلمي« روز أمين»

لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع