القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية لإجلها الفصل التاسع والثلاثون 39بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات


رواية لإجلها الفصل التاسع  والثلاثون 39بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات




رواية لإجلها الفصل التاسع  والثلاثون 39بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات


الفصل التاسع والثلاثون 


"ليس كل جمالٍ نعمة، فبعضه قد يكون لعنة تُثقل صاحبها وتُضلل من حوله. الجمال الحق ليس في ملامحٍ تُبهر العين، بل في عفويةٍ تجذبك دون قصد، في خفة روح تسرقك من همومك، في كلمة رقيقة تداويك، وفي اهتمام صادق يمنحك الأمان. فاحذر أن تنخدع بجمال المظهر، فكم من وجهٍ بديع أخفى قلبًا قاسٍ، وكم من ملامحٍ بسيطة أبهرت بحسن جوهرها."

المراجعة والخاطرة الروعة من المبدعة القمر/ سنا الفردوس (بطوط)


---


الفصل التاسع والثلاثون


ـ وهمس لي وقال لي الحق عليه.

نسيت ساعتها بعدنا ليه؟

فين دموعي اللي ما نامت ليالي؟ بابتسامة من عيونه نِسْهالي.

أمر عذاب وأحلى عذاب.

عذاب الحب، عذاب الحب للأحباب.

مقدرتش أصبر يوم على بُعده، مقدرتش أصبر يوم على بُعده.

دا الصبر عايز صبر لوحده...


كانت هذه كلمات الأغنية التي إلتصقت بذهنها حتى أصبحت تدندن بها دون أن تدري، رغم أنها لم تسمعها في المذياع أو أثناء جلستها في تلك المغامرة التي مرت بها منذ لحظات، حين أجبرها ذلك الظرف الغريب على مجالسته في المكان المحبب إليه والذي يتخذه عزلة كما نوه أمامها.


كيف ساقتها الريح إلى تلك البقعة المنزوية قرب النيل لا تعلم؟ المهم هو الوقت الجميل الذي قضته معه أمام النيل، حين ارتشفت منه أجمل كوب شاي، كما تناولت عودين كاملين من الذرة المشوية من صنع يده.


هل كانت جائعة لتلك الدرجة حتى تتقبل منه وتأكل في حضرته؟ بالطبع لا... من المؤكد أنها كانت جائعة لأشياء أخرى؛ أن تجد من يهتم بها ولو في لحظات قليلة، أن تغسل همومها أمام النيل الساحر ورجل كانت قد قطعت عهداً على نفسها ألّا تتحدث معه مرة أخرى، بعد أن قضت أياماً في البكاء والندم على تقبلها مساعدته، متأثرة بالكلمات الجارحة التي تلقتها من زوجته.


ولكن ها هو القدر يجمعها معه دون تخطيط أو تدبير، ليحفر في ذاكرتها ليلة لن تنساها، وأجواء استدعت في رأسها كلمات الأغنية العبقرية لكوكب الشرق. جلست تتأمل وجهها أمام المرآة بعد أن عادت وخلعت ملابسها، لتبدلها بملابس النوم.


منذ متى لم ترَ نفسها جميلة مثل اليوم؟ وكأنها أصبحت رقيقة وأنثى حقيقية، ليست تلك المسترجلة الغشيمة صاحبة "الكلام الدبش" كما قال لها أثناء حديث بدا كعتاب واستفسار عن سبب تعمدها الابتعاد والتغير منه. ربما لهذه الأسباب أطلت تلك الأغنية في رأسها.


تحركت خطوتين تاركة المرآة، ثم توجهت إلى سريرها، تناولت هاتفها تبحث عن الأغنية وتشعلها قبل أن تتمدد على الفراش وتندمج معها، علّها تنعم ولو لليلة واحدة بنوم هانئ سعيد دون هموم أو مسؤوليات تعكر صفو مزاجها.


أغمضت عينيها تردد مع السيدة أم كلثوم حتى أتى ذلك المقطع:

ـ أهرب من قلبي أروح على فين؟

ليالينا الحلوة في كل مكان،

مليناها حب إحنا الاتنين، وملينا الدنيا أمل.


عند الأخيرة، طرأ برأسها ذلك السؤال الملح:

ـ يا ترى مكتوب لك ليالي جميلة تاني تحلفي بيها يا اعتماد؟ ولا هي الليلة دي وخلاص، تعيشي على ذكراها؟


ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ


أما عنه، وقد عاد إلى منزله ولم يُكمل الليلة في بقعته المفضلة بعد مغادرتها، لم يشعر بنفسه إلا وهو يسير خلفها ويتبعها بحرص حتى اطمأن إلى دخولها منزلها، فعاد هو أيضاً إلى منزله.


وجد الجميع نياماً، صغيرتاه اللتان نامتا مبكراً على غير العادة، فلم يملك أمامهما سوى أن يقبلهما بخفة ويضع الذرة المشوية على الكمود المجاور لهما، حتى إذا استيقظتا تفاجأتا بهما، فيفرحان بالشيء المحبب الذي فعله لهما والدهما.


زوجته العزيزة التي أغلقت الباب عليها وكأنها ترد كرامتها بالغلق في وجهه، ظناً منها أنه سوف يتراجع ويطرقه، ليحق لها بعد ذلك أن تُذله. شفاها الله وعفاها من أوهام رأسها.


دلف إلى غرفته يخلع الجلباب وما يرتديه أسفله، فلم يبقَ سوى البنطال والقميص القطني، ثم ارتمى على الفراش ينظر إلى السقف بشرود جميل. فرق شاسع بين حالته حين خرج من المنزل، وما يكتنفه من مشاعر رائعة الآن لا يعرف لها وصفاً.


ما أجملها حين تتصرف بعفويتها، بذلك الخجل الفطري الذي تغطيه بخشونة تدّعيها كي تحمي نفسها وشقيقاتها من غدر البشر وأطماعهم في ثلاث نساء لا يوجد لهن سند ولا حماية في هذا العالم الموحش. ورغم الخوف الذي رآه في عينيها وأثار داخله التساؤلات، إلا أنه لا ينكر أن داخله تَسَلّى برؤية ذلك الجزء الخفي منها. ليسائل نفسه:

ـ يا ترى هشوف وأعرف عنك إيه تاني يا اعتماد؟

ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ


صباحاً، وبعد ليلة هانئة رأت فيها أحلاماً سعيدة، استيقظت مبكراً وقامت بالأعمال الروتينية التي تفعلها كل صباح، ثم تجهزت بمزاج رائق قبل أن تخرج من غرفتها. وجدت شقيقاتها على الطاولة المستديرة ينتظرنها لتشاركهن مأدبة الطعام.


رغد كانت تضع الطبق الأخير قبل أن تجلس متربعة، وروضة تهدهد ابنتها التي لا تكف عن الثرثرة بكلمات غير مفهومة. انصبت أبصارهما عليها بما يشبه الازبهلال حتى ألقت تحية الصباح عليهما، متسائلة بدهشة هي الأخرى من تحديقهن بها:


ـ صباح الخير، مالكم يا بنات؟ مبحلقين كده ليه؟ شوفتوا حاجة غريبة؟


اقتربت في الأخيرة، تتناول شطيرة خبز وتضع عليها بعض الجبن لتأكلها سريعاً وهي واقفة، فأجابتها رغد بلهفة وانبهار:

ـ ححاجة غريبة دا إيه؟! قققولي شفنا البدر اللي طلع بنوره على وش الصبح. إنتِ النهاردة حلوة جوي يا اعتماد.


خجلت من وصف شقيقتها حتى صارت تلوك قطعة الخبز بصعوبة داخل فمها، قائلة:

ـ دا إنتِ اللي كلامك حلو يا ست رغد، قال بدر طلع على أول الصبح قال! أما عليكي مبالغة بشكل.


تدخلت روضة في هذه اللحظة تتفحصها بتمعن، وبحدة أخرجت كلماتها:

ـ بس هي ما بالغتش ولا حاجة، إنتِ فعلاً النهاردة باينة بشكل مختلف. وشك منور، والطرحة بترميها على رأسك بعدم اهتمام لافّاها لفة زينة. دا حتى الدريس اللي لابساه، اهتميتي تربطي الحزام وتظبطيه على جسمك، رغم إن دي كنتِ دايماً تهمليها. دا غير ال...


ـ بس كفاية...

قاطعتها لتوقفها عن الاسترسال في تفحصها، وألقت باقي الشطيرة على الطاولة أمامها، ثم نفضت يديها شاكرة الله على نعمته كعادتها، لتردف باستئذان قاصدة الذهاب سريعاً بعد أن تلبكت معدتها واضطربت فجأة من نظرة شقيقتها الحادة وهي تصفها:

ـ يدوب ألحق شغلي، عن إذنكم.


راقبتها روضة حتى خرجت من باب المنزل، ثم عادت إلى شقيقتها الصغرى معقبة:

ـ أختك وشها نور وبقت تهتم بنفسها. شكل الموضوع فيه إن...


فردت رغد موبخة:

ـ وولا إن ولا أخواتها ولا عمّاتها حتى! ما تشوف نفسها وتتتهتم وتبقى حلوة. ولا هي مش ست زي بقييية الستات عشان تحس بجمالها وتشوف مستقبلها؟


مصمصت روضة بفمها رافضة التقريع من شقيقتها الصغرى التي كالعادة تغلبها بمنطقها، فلا تجد سوى التقليل منها ومعايرتها، بغمغمة وصلت جيداً إلى رغد:

ـ موشح كامل عشان كلمتين على بعض قلتهم! أمال لو بتجمعي الكلام زين كنتِ عملتِ إيه؟


صوبت إليها رغد نظرة تُغني عن ألف كلمة. فما فائدة الجدال مع واحدة أسهل شيء عندها أن تُعاير شقيقتها بشيء ليس لها فيه ذنب؟ وإن كانت لا تتورع عن جرحها، فماذا تركت للغرباء؟


ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ


كانت الساعة تقارب العاشرة صباحاً حين أتت مزيونة من منزلها إلى المنزل الكبير، وقد تأخرت عدة ساعات عن موعدها اليومي.


كان في استقبالها منى التي هللت بمزاح لفت انتباه الجميع:

ـ يا أهلا يا أهلا بالعروسة اللي جايلنا قريب الظهر، شكل السهرة امبارح كانت صباحي.


شهقت مزيونة التي باغتتها بالتلميح، لتقف عندها وتضع كفها على فمها:

ـ يا لهوي عليكي وعلى جنانك! البيت فيه بنته صغيرين من عيال خواتك، اعقلي يا مرت الأستاذ.


نزعت يدها عن فمها قائلة:

ـ وحد قالك إن مرت الأستاذ ما هتفهمش يا مرة ياللي جايلانا على احداشر!


أردفت تواصل متخصرة:

ـ كنتوا بتعملوا إيه الوقت دا كله يا بِت؟ بتلعبوا كورة؟


ـ يا مري هتفضحينا يا ولية!

تمتمت بها مزيونة، لتعود وتكتم فمها مرة أخرى، قبل أن تميل على أذنها وتهمس ببعض الكلمات. فصارت الأخرى تنصت لها لتبادلها الردود والضحكات بأصوات خفيضة أثارت اهتمام تلك التي كانت تنزل الدرج، تطالعهما بريبة قبل أن تتجه إلى مزيونة مخاطبة:


ـ اتأخرتي النهاردة يا مزيونة، مع إنك عارفة إن في غسيل الغلة قبل ما ننشفها ونوديها المطحنة.


وقبل أن تجيبها سبقتها منى:

ـ معلش يا حبيبتي اعذريها، أصلها ماكانتش فاضية، حمزة مشندلها في المراجعة.


ـ مراجعة إيه؟

تساءلت هالة بعدم فهم، قبل أن تجفلها ضحكة صاخبة جعلت مزيونة تهجم عليها تريد أن تخنقها، فتزداد ضحكاتها مرحاً. حتى فهمت هالة المقصود، فثارت بها نيران الغيرة، وجفلتهم بصرختها:


ـ وافرَض زي ما بتقولي، برضك كان لازم تقدر. ولا إحنا يعني مش متجوزين وما بنباتش مع أجوازنا؟ البيت هنا محتاج خدمة كبيرة وحرام أشيل أنا لوحدي.


توقفت ضحكاتهما يطالعنها لحظات بصمت، حتى ردت منى بعد أن استردت أنفاسها من الضحك:

ـ وافرَضي ما قدرتش ولا مجاتش أصلاً! افتكري يا حبيبتي إن مزيونة بتيجي تخدم في البيت الكبير هنا تطوع منها، زيي أنا وزي إخواتي البنات وبناتهم. يعني مش ملزمة ولا خالطة. وعلى العموم يا ستي، كفاية إنك تقومي بشقتك فوق وتراعي عيالك وجوزك. وهي برضك مزيونة تقعد في بيتها عادي. والبيت هنا زي ما إنتِ شايفة ما بيخلاش، وإحنا كفاءة وما نخليش أمي تحتاج لحد، ولله الحمد لسانا بصحتنا.


تدخلت مزيونة معبرة عن رأيها:

ـ ما تقوليش كده يا منى. أنا طول ما فيا نفس عمري ما هوجف أجي هنا ولا أبطل أخدم خالتي حسنية. دا كفاية جميلها مع بِتّي، اللي معززها وشايلاها على كفوف الراحة.


ـ طبعاً شيلاها على كفوف الراحة، إنتِ هتجوليلي؟ المحظوظة بت المحظوظة.

غمغمت هالة بهذه الكلمات داخلها، قبل أن تتوجه بالرد نحو منى، توضح بالكذب:

ـ ما تقولينيش كلام ما قلتوش يا منى. أنا عمري ما طلبت أعزل من مرت عمي حسنية. دا بيتي وبيت عيالي، كيف يعني أسيبه وأتحبس في شقة فوق؟ عن إذنكم بقى، المطبخ محتاج ليا النهاردة.


ختمت حديثها وتحركت ذاهبة من أمامهن يتابعنها بأعينهن. حتى إذا اختفت، علقت منى:

ـ وتسيبي دور الكبيرة لمين؟ دا إنتِ تموتي لو ده حصل!


ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ


يسحبه من ذراعه، يجبره جبرًا على السير نحو الجهة التي يريدها، والآخر يجاريه على مضض، لا يكف عن التذمر:


ـ يا بوي عليك يا عرفان، لما تطلع في دماغك حاجة! يا أخي ساحبني زي البهيمة، ومش مديني حتى فرصة أرفض. مش فاهم ليه مُصرّ على جيتي معاك؟


زمجر عرفان مشددًا على مسك يده التي يحتجزها داخل الكف الغليظة:

ـ يا بوي على رطك إنت! كذا مرة أقولك إنك لازم تاجي معاي، مينفعش أدخل عليهم وحدي وأنا مش ضامن رد فعلهم. أهي لو فتحت سيرة الحجر والليلة اللي فاتت نعتذر، وإن محصلش أنا برضك داخل عليهم بمصلحة.


ـ مصلحة إيه بقى يا ناصح؟

تساءل بها عطوة بهمهة، ليجيبه الآخر بغموض:

ـ هتعرف دلوك، متستعجلش.


ردد عطوة بعدم رضا:

ـ أعرف بمصلحة ومع ناس زي دول؟ كل سنة ياجوا بموال ينصبوا بيه على الناس. يا ترى جايين بإيه السنادي؟


ضحك عرفان بحشرجة وكأنه لا يبالي:

ـ بياخدوا المواعين الألومنيوم البايظة من الأهالي ويرجعوها حاجات تانية سليمة. شوفت النصاحة؟


ـ اممم…

زمّ عطوة فمه المغلق بغيظ متفاقم، وهو يراه بذلك الحماس يتابع السير بخطوات ثابتة نحو نصب الخيام التي ارتصّت أعلى المصرف. يحدق به بشك يتمنى ألّا يصدق.


حين وصلا الاثنان إلى الخيمة المقصودة، وجدا رجلًا وامرأة متربعَين بجلستهما على مدخلها. ارتفعت أبصارهما نحوهما بتساؤل، أجاب عنه عرفان بتحية ألقاها عليهما:

ـ السلام عليكم يا أهل الخير، أنا التاجر عرفان ودا صاحبي عطوة، كنت بعت لكم ولدي ناصر في طلب من ساعتين.


خيم الصمت على المرأة والرجل بتفكير متعمق، حتى تذكر الأخير ليجيبه:

ـ أيوه، افتكرت. قصدك على براد الشاي والكام صحن القدام اللي جابهم بغرض نسيحهم ونعملهم حلتين كبار.


ـ أيوه، عليك نور يا حج. حاجتي بقى خلصت؟


بدا السؤال شديد الغباء من رد فعل الرجل الذي اعتلت ملامحه الدهشة والضيق، حتى تبادل نظرة ذات مغزى مع زوجته التي عقّبت محرجة الاثنين بقولها:


ـ ليه يا سيد عرفان؟ على أساس إنهم بلاستيك هيسيحوا ويتصنعوا في دقايق؟ دا حتى الألومنيوم بياخد وقت.


مسح عطوة بكف يده على وجهه بحرج شديد من أفعال هذا الأحمق المكشوفة، فتدخل يحاول لملمة الموضوع بصورة تحمل درجة من الإقناع:

ـ مقصدوش كده طبعًا، هو بس كان عايز يعرف التفاصيل وحسبتكم تكلف كام.


ـ ما احنا قولنا لولده على حسبتهم، هي شغلانة؟

دوّى الصوت الناعم من داخل الخيمة، لينتبه الاثنان على تلك الجميلة التي كانت واقفة بميل، تحتضن إحدى الأواني القديمة. ثم تقدمت خطوتين حتى اقتربت منهما، وعيناها منصبة على عطوة الذي علّق بضجر:


ـ والولد مقالش عشان نسي يا سِت. ع العموم لو مضايقين ناخدهم ونمشي…


قاطعه عرفان بلهفة:

ـ لا استنى، إنت كمان! ناخدهم كيف؟ إحنا لسة متفقناش ومتعرفناش.


تبسمت تلك الجميلة، ثم طلبت من والديها الانصراف لأمر ما. حتى إذا خلت الأجواء عليهما، واجهته بسخريتها:


ـ يعني إنتوا عايزين تفهموني إن جوز رجالة طول وعرض جايين عشان كام حلة وكام براد شاي؟ دا كويس إن أبويا وأمي كانوا ماسكين نفسهم معاكم.


احتقن عطوة من أسلوبها في الاستخفاف بهما، ليوضح لها بحدة:

ـ لا اسمعي أما أقولك، متعيشيش في الدور! أنا جاي غصب عني أصلًا، هو اللي كان رايد يشوفك. اتفاهمي معاه… عن إذنكم.


وتحرك مغادرًا، تتبعه بعينيها حتى ودّت أن توقفه، لكن شغلها عرفان الذي استغل الموقف ليزداد تعارفًا بها:

ـ أيوة، صح… أنا اللي كنت رايد أشوفك وأطمن عليكي. حاكم بعد اللي حصل مجانيش نوم واصل، وأنا خايف ليكون الحجر أذاكي. ما تطمنينا يا ست عليكي وقوليلنا اسمك إيه على الأقل.


حملقت به بغيظ شديد، وعيناها تذهب كل لحظة نحو الطريق الذي ذهب منه عطوة، بتفكير… حتى حسمت في الأخير تخبره:

ـ اسمي نورة، نورة يا سي عرفان.


سمع منها ليهلل:

ـ الله أكبر! دا إنتِ مش نورة بس، دا نورة ومعاها بوسي كمان!

ــــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ــــــــــــــــــ


مرَّ أكثر من أسبوع لم يرها فيه. حاول أن يتجاهل الأمر أكثر من مرة، ولكن يومًا بعد يوم كان ذلك الشعور المؤلم بالرغبة في رؤيتها يتضاعف كوحشٍ ينهش قلبه، حتى فاض به، ليجد قدميه تتحركان وحدهما إلى داخل المدرسة التي تعمل بها، بحجّة زيارة زوج شقيقته الذي يعمل وكيلًا للمدرسة. ورغم أنها فترة امتحانات، إلا أنه في تلك اللحظة قرر أن يتبع إحساسه فقط.


دلف من الباب الرئيسي، وخطا إلى الداخل يبحث عنها بعينيه في كل اتجاه، يبطئ من خطواته وعيناه تدوران بلا هوادة، حتى وقعت أبصاره عليها بالفعل داخل محيط المدرسة، أسفل مجموعة من الأشجار حيث تستظل الفتيات، وكانت هي تراقبهن عن قرب وهي تتشاجر مع أحد الرجال... اللعنة!


قبل قليل

كان موعد انتهاء الجولة الأولى من الاختبارات قد انتهى، لتمارس عادتها مع الطالبات التي سحبنها من غرفتها لتراجع معهن الإجابات المدونة في ورقة الامتحان، ومدى الصواب والخطأ فيها. ورغم أنها تحلّ ضيفة في مدرسة أخرى داخل المحافظة، إلا أن هذا لم يمنعها من الحضور اليوم لتطمئن على مدى تقدم صديقتها المقرّبة وتدعمها في خوض التجربة للمرة الأولى بعد انقطاع دام ما يقارب عقدًا من السنوات.


لم تكن تعلم أن من بين اللجنة الغريبة شخصًا تعرفه جيدًا؛ فقد رآها منذ أن دخلت من باب المدرسة، وفوجئ بهيئتها الجديدة بعدما أصبحت تعطي لنفسها مساحة صغيرة من الاهتمام، لتصبح امرأة بحق.


كان الحماس على أشدّه في ثرثرة الفتيات حولها بعد أن ابتعدت مزيونة لإجراء مكالمة هامة مع زوجها المتابع لحظة بلحظة هو الآخر:


ـ يعني إجابتي كانت صح يا أبلة اعتماد؟

ـ لا، هتتحسب نصها تقريبًا، لأنها مش صحيحة بالكامل.

ـ طب وأنا يا أبلة اعتماد؟

ـ وأنا كمان يا أبلة اعتماد، ما شفتيش إجاباتي؟

ـ حاضر حاضر... خلّوني أخلص واحدة واحدة عشان أركز معاكم.


ـ ممكن دقيقة يا أبلة اعتماد؟


دوّى الصوت الرجولي بنبرة لم تكن غريبة عن مسامعها، ليقطع وصلة الثرثرة النسائية بمختلف طبقاتها. ارتفعت أبصار الفتيات تسبقها نحو أحد الأشخاص من طاقم المدرسين الغرباء الذين التحقوا بالمدرسة في أيام الاختبارات.


تحدث مرة أخرى حين لم يجد منها ردًا ولم ترفع حتى عينيها إليه:

ـ أبلة اعتماد، أنا بستأذنك بس في دقيقة.


زفرت زفرة خافتة سبقت التفاتة بطرف عينيها لتتأكد من هويته، ثم أمرت الفتيات بالانصراف. وظلت على وضعها حتى التف هو وجلس على الأريكة المقابلة لها، لتلتقي عيناها بعينيه: عينان خضراوان ضيقتان، وأنف مفرطح ذو فتحات واسعة، وشفاه غليظة قاربت السواد بفعل التدخين الكثير، على بشرة من المفترض أن تكون فاتحة بيضاء، لكنها امتلأت بالبثور والحفر وربما تجاعيد مبكرة.


كيف كانت تراه وسيمًا ولم يمر على انفصالها به سوى سنوات قليلة، لتبصر الآن التغيّرات التي طرأت عليه بوضوح؟


كان ينظر إليها مباشرة دون مراعاة للأصول، وقد أصبح طليقها، ومن المحرم عليه النظر إليها وفقًا للدين وللأعراف والتقاليد. بادرها بحديثه:

ـ عاملة إيه يا اعتماد؟ أول مرة أشوفك من سنين.


تغاضت عن غضبها لترد بجفاء وتُنهي تلك المقابلة الثقيلة:

ـ زي ما انت شايف حضرتك. نحمد ربنا ونشكر فضله على نعمه.


رد عليوة، طليقها السابق:

ـ زي ما أنا شايف... يبقى ما شاء الله، تشكري ربنا صُح. اتغيرتي واتبدلتي ولا كأنك بجيتِي واحدة تانية.


سألته بسجية، ولم تفهم قصده بالبداية:

ـ بجيت واحدة تانية كيف يعني؟


جاءها الجواب من نظراته الكاشفة قبل أن ينطقها فجّة:

ـ احلويتي يا اعتماد وبقيتي مره صح...


ـ احترم نفسك لو سمحت وما تلبخش بالكلام.


قاطعته بانتفاضتها عن المقعد واقفة، لتجبره على الوقوف هو الآخر، فقال مفصحًا عما يريده:

ـ أنا مش قصدي أعاكسك ولا أقل أدبي، بس أنا كنت في يوم جوزك، وعرفت النهاردة إنك لساكي على حالك ما اتجوزتيش، يبقى حقي أتكلم مدام غرضي شريف. أنا بجيت خالي دلوك بعد ما طلقت مرتي التانية... مرتين اتجوزتهم بعدك، ولا واحدة فيهم ملَت عيني زيك. إنتِ تباني من برّا ناشفة وكلك شوك، لكن في الأصل ناعمة زي حتة المارشميلو. اعتماد... أنا عايز أردك تاني لعصمتي.


ازدادت شراسة نحوه، تمنع نفسها بصعوبة من الهجوم عليه:

ـ عصمة مين يا أبو عصمة؟ ومين قالك إني هوافق؟ ولا إنت كيف أصلاً جتك الجرأة والبجاحة تكلمني أو تفتح معايا موضوع زي دا؟ فضّها وروّح لحال سبيلك.


ثار عليوة يقابل رفضها بعنجهية:

ـ وإيه اللي يمنعني يا ست البرنسيسة؟ على راسي بطحة؟ ولا كنتِ ظبطيني متلبس ساعة الليلة إياها؟ وهي من الأساس شكوك في راسك بس، مع إن كان قصدي...


ـ بسسّ!


صاحت توقفه بقلبٍ ارتجف بداخلها خشية أن يتمادى ويفصح عن تفاصيل أو يذكر اسم شقيقتها ولو بالخطأ. وقد كانت الطالبات يراقبن المشهد باهتمام شديد.


ـ في إيه؟ ومين ده؟


جاءها فجأة ذلك الصوت الدافئ من العدم، وكأن يداً امتدت لتنجدها في لحظة بائسة كادت أن تضيع بها. التفتت إليه بصمت وعجزت عن النطق، لكنها رمقته بنظرة استجداء لم يفهمها.


ليأتي رد عليوة بتبجح:

ـ أنا طليقها يا سيدي، وبتفاهم معاها عشان أردها. وإنت مين بجي؟


ـ طليقها!


تفجرت من خليفة، وهو ينظر إليها بتساؤل. فاكتفت بإيماءة بسيطة، فردّ بشراسة على الآخر:

ـ ولما انت طليقها، بتتعارك معاها ليه؟ هو الرجوع بالعافية؟


سمع منه عليوة ليزداد غضبًا:

ـ انت خليتها عركة بالعافية. بقولك بتفاهم معاها! إنت إيه دخلك وسطينا من الأساس يا جدع إنت؟


كادت اعتماد أن تفحم هذا الوقح بما يستحقه، لكن سبقتها إحدى الطالبات المتابعة للمشاجرة، تتدخل دون إذن قائلة:

ـ لأ، كان بيتعارك معاها يا عم خليفة، حتى بالأمارة عاكسها وقال لها: "احلويتي وبقيتي مره صح!"


سمع منها فاتسعت عينا خليفة بشكل مرعب، ينقل نظراته نحو تلك التي وجدها جميلة اليوم بالفعل وبين هذا الأحمق، فتخلى عن هدوئه واتزانه المعروف. لينقضّ عليه فجأة، قابضًا بكفيه على ياقتي قميصه وزجره بعنف:

ـ إنت البعيد، أمك داعية عليك ولا شيطانك هو اللي وزّك عشان تروح روحك هدر! من برّا بلدنا وجاي تعاكس في حريمنا وتفرض نفسك عليهم كمان؟

دا أنت ليلتك مطينة بطين


صاح عليوة يثير انتباه الجميع من المارة والأساتذة والطلبة لينضموا لجمع المتفرجين، وهو يحاول نزع قبضتيه عنه:

ـ بقولك كانت مرتي! يا حشري يا قليل الذوق! جاي تدخل بينا على أي أساس؟ بتتهمني إني غريب وأنا ليا عيلة كانت ساكنة هنا!


رد خليفة بحدة:

ـ ليك ولا ملكش، المهم إنك اتجرأت عليها والبنات الصغيرة شاهدة! بتوصف في جمالها وهي محرّمة عليك بحكم الشرع إنك طلقتها. طب اختشي حتي يا بارد ياعديم الإحساس والدم!


تسمّرت اعتماد مكانها كتمثال من آثر الصدمة، تكتم بكفيها على فمها، تراقب الوضع يخرج عن السيطرة، حتى أفاقت تحاول التفريق بينهما:

ـ خلاص يا خليفة، سيبه يغور في داهية! مش ناقصين فضايح، الله يرضى عنك!


لكن عليوة إزداد حنقاً، ليصرخ بها مزمجرًا:

ـ انا اللي أغور يا اعتماد؟! هو صفته إيه عندك عشان تترجّيه وتعامليه بمفاضّله عليّا؟ أنا اللي أعرفه إنك مقطوعة ما لكِيش ناس! يبقى مين ده؟


تجمّدت كالتمثال أمام نعته الأخير ومعايرته، حتي لم تجد القدرة علي النطق بحرف واحد، والأنظار كلها مصوَّبة نحوها من الطلبة والمدرسين في إنتظار ردها علي ذلك الوقح، حتي أجفلت بما أذهلها، حين وقع عليوة على الأرض بعنف إثر لكمة حديدية تلقاها من خليفة الذي آبي أن يتركه دون أن يترك عليه علامة تجعله يندم علي جرحه لها أمام الملأ، فكانت العلامة سنتين ونصف ضرس.

تلقفهم عليوة في كف يده،

ليصرخ برعب والدماء تسيل من فمه:

ـ سناني! الحقوني يا ناس! طيّرلي سنتين التركيب، وكسرلي الضرس اللي جارهم نصين! أنا عايز حقي!


هرعت مزيونة من الركن الذي كانت تتحدث فيه على الهاتف بسبب الصراخ، متفاجئة بالمشهد، لتتوجه إلي اعتماد بتساؤل. لكنها لم تجد جوابًا سوى نظرة مذهولة نحو خليفة، الذي كان ينفض يده من أثر الضربة بإشمئزاز، وكأنه شخص آخر، لا يبدو عليه أي ندم أو أسف...

ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ


دلف إلى داخل المدرسة بعد الاتصال الذي ورد إليه من زوجته، وكذلك من بعض الأشخاص الذين علموا بالمشاجرة، بخطوات سريعة محدِّدًا هدفه حتى وصل إلى الغرفة الكبيرة لمدير المدرسة. وقد كانت شبه مكتظة بعدد من المدرسين، ومعهم منصور وكيل المدرسة وزوج شقيقته، الذي تكفّل بسحبه إلى الداخل بصمت أثناء سماع شكوى ذلك الرجل المضروب على فمه. وأمامه على الكرسي المقابل له جلس شقيقه، البحر الهادئ الساكن في معظم الأوقات، ولكن حين يفيض به الغضب لا أحد يجاري قوته وعنفه، هذا هو خليفة الذي يعرفه جيدًا.


ـ مساء الخير، أنا حمزة القناوي يا حضرة المدير.

قالها وهو يضغط بكفّه على كتف شقيقه الثابت دون ذرة اهتزاز واحدة، بلفتة تُظهر دعمه له، ليومئ له بعينيه، والمدير يتلقّفه بالترحيب والشكوى:


ـ يا أهلا بحمزة باشا، نورت الدنيا. تعالى شوف بعينك الله يخليك، عايزين نلمّ الموضوع. الأستاذ عليوة عايز يكبر القصة ويوصلها للبوليس...


قاطعه عليوة:

ـ أيوه، وأخلّيها جناية كمان؟ دا تعدي على موظف أثناء تأدية عمله، دا غير العاهة المستديمة، ولا فاكريني هفرّط في حقي؟


نظر حمزة إلى كفّ الرجل المفتوحة وبها عدد من الأسنان المكسورة، ثلاثة أو أقل، ليعلم مقصده بالعاهة المستديمة، فعلق ساخرًا:

ـ يا سيدي، إن كان على دول نركّب طقم غيرهم، المهم تكون على حق. إنما لو على باطل...


ـ خليه يعمل ما بدا له، إن شاء الله حتى يوصلها للمحكمة الدولية. اللي يغلط دا جزاته عندينا.


أضافها خليفة على قول شقيقه، ليصيح عليوة بمظلومية:

ـ شايف يا سيادة المدير؟ شايف يا أستاذ منصور؟ بقى دا يرضيكم يا ناس؟ انضربت وكمان اتهنت!


سارع المدير بمهادنته، كما حاول منصور أيضًا أن يلطف الجو قليلًا، حتى يُحجِم من اندفاع الرجل الذي افتعل مشكلة بين العائلات.

أما حمزة، والذي تركه قليلًا يهذي، اقترب من شقيقه يسأله:

ـ أمال فين مزيونة واعتماد؟ مش شايفهم يعني؟


أجابه خليفة بارتباك تجلّى في نبرته:

ـ معرفش اختفوا فين فجأة؟ بس أنا مكسوف أسأل… اتصل بمرتك وشوفها.


لم يغفل حمزة عن قلق شقيقه ولهفته للاطمئنان على اعتماد، لكنه كان يدرك أن الظرف يمنعه من التصريح بذلك أمام أحد، فاكتفى بأن يستجديه بعينيه ليطمئن عليها.


أخرج حمزة الهاتف من سترته، وما إن همّ بالاتصال بزوجته، حتى تفاجأ بها تدلف بصحبة اعتماد، التي تجلّى عليها أثر ما حدث، حتى ضاعف من ثقل ما يشعر به خليفة حين رأى الانتفاخات المتفرقة بوجهها وعينيها الذابلتين من البكاء. زفر في داخله بضيق متعاظم يتابعها وهي تدلف حتى استقرت على الأريكة الجانبية في ركن الغرفة، ومعها مزيونة التي توقفت لتبادل زوجها الحديث السريع بالهمس عن حالتها، حتى اقترب منها يشجعها ويحفّزها:


ـ اعتماد، متخافيش من عليوة ولا غيره، إحنا مش هينين لحد.


وكأنها فقدت القدرة على الكلام، فسلّمت أمرها إلى الخالق، ليسير مركبها كيف يشاء. أومأت له برأسها شاكرة باستسلام، فاستقام حمزة ينوي التوجّه إلى شقيقه ليطمئنه حتى تنتهي تلك المشكلة، لكن قطع عليه دخول آخر شخص يتوقعه، يعرّف بنفسه للمدير:


ـ أنا محمود… جوز أخت المدام، والأستاذ عليوة كان عديلي أيام ما كان متجوزها.


انتبه عليوة إلى قدومه الآخر، يتلقى حضوره بلهفة:

ـ تعالى يا محمود، شوف اللي حصلي، أنا اتصلت بيك مخصوص عشان انت أكتر واحد أعرفه في البلد دي، ابن أصول وتفهم في العِيبة.


في تلك اللحظة انتفضت اعتماد، تنزع عنها ثوب الضعف متوجّهة إليهم برفض قاطع:

ـ يعني إنت سايب معارفك كلها في البلد ورايح تتصل بمحمود؟! هو دا اللي يفهم في الأصول والعيبة؟ ولا صحيح… الطيور على أشكالها تقع.


صاح عليوة في مواجهتها، ناهضًا عن كرسيه:

ـ وماله محمود؟! ولا هو عشان فيه مشاكل ما بينكم خلاص الراجل كَفَر؟


حدّقت به بعدم تصديق، بعد أن أثبت لها معرفته بقضيتها مع هذا الفاشل الذي أفسد صفو علاقتها مع شقيقتها، ويأتي الآن ليزيد من اشتعال الموقف؟


فقال محمود ردًا عليها:

ـ معلش يا أبلة اعتماد، لو هزعجك بقعدتي، بس الراجل ده أصيل، وأنا لما يطلبني لازم أقف جنبه… خصوصًا لما يكون الغريم واحد. مش الباشا برضه اللي عمل قعدة مع كبارات البلد، وشهد عليّا أمة لا إله إلا الله عشان أدفعلك تعويض على اللي حصلك، إيه حكايته بقى؟ يكونش واخد حراستك شغلانته، مدام وصلت كمان يتعارك عشانك؟


ـ آه يا ندل ياقليل الأصل، الدناءة بتجري في دمك!

صرخت بها اعتماد في وجهه، لتسارع مزيونة بتهدئتها من استفزازه. فهم حمزة أن يكرر فعل شقيقه ويلكمه بجوار عليوة، والذي استغل الموقف ليضيف من عنده:


ـ قول كده بقى يا محمود خليني أفهم! عشان الباشا لما سألته عن صفته، ملقاش رد غير إنه يضربني. يا ما شاء الله على الناس اللي بتفهم في الأصول!


هذه المرة حسمها حمزة داخله بأن يُسقط باقي أسنانه، لكن قبل أن يشرع برفع يده، جاء الرد الحازم من ذلك الساكن الثابت:


ـ ومفهمش ليه في الأصول؟ لما أشوفها بتتعاكس من واحدة ندل وعايز يفرض نفسه عليها، تفتكر رد فعلي هيبقى إيه… وأنا خطيبها؟!


أجفل جميع من في الغرفة بصدمة من وقع المفاجأة، حتى استوعبت هي سريعًا، وهمّت بالتوضيح، رافضة الخداع والكذب:


ـ لأ طبعًا يا أستاذ خليفة، أنا…


ـ إنتِ مكسوفة ما تقولي عشان لسه الأمر في بدايته.

قاطعها حمزة بحسم وصرامة حتى يغلق كل الطرق، ليردف منهيًا آمال الخصمين الفاسدين:


ـ أهو قالها لك صريحة يا أستاذ عليوة. تقدر تقدم شكوى في البوليس براحتك، بس ساعتها اللي هتتضرّ سمعتك وهتبقى في التراب… بعد ما يتعرف إنك اتضربت من خطيب طليقتك لما لقاك بتعاكسها. تحب نذيعها يا أستاذ عليوة؟ ولا تلمّ الموضوع وتتلم أحسن؟


... يتبع

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع