رواية لإجلها الفصل الاربعون 40بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية لإجلها الفصل الاربعون 40بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الأربعون
هناك عِقوبات سماويّة كما هناك مكافآت، كلٌّ منها يُنزَّل بقدرٍ موزون لا يخطئه ميزان الله. قد يطول زمن الصبر حتى تظنّ أن الليل لن ينقشع، ويثقل التحمل حتى يوشك القلب أن ينطفئ. لكنّ الانتظار نفسه يصبح نعمةً، يخلّصك من شوائب الجزع ويصقل روحك لتتهيأ للعطاء. وحين يأتي التغيير، تتبدّل الموازين في لحظة، فينقلب الضيقُ اتساعًا، والعُسرُ يُسرًا، والعطشُ ماءً فراتًا. عندها فقط تدرك أنّ كل لحظة ظمأ لم تكن إلا تمهيدًا لغيثٍ يُحيي الأرض والقلب معًا.
المراجعة والخاطرة الروعة من المبدعة القمر/ سنا الفردوس
الفصل الأربعون
انتهت الجلسة وغادر الخصمان الخسيسان، لكن النقاش الحامي في تلك المعضلة لم ينتهِ بعد، إذ جاء إعلانه المفاجئ عن شيء لم يتم من الأساس. خداعٌ وكذبٌ لا يمكن أن تتقبّله مطلقًا، لكنها أُجبرت على كتم اعتراضها حتى غادروا جميعًا بصحبة إحدى المعلّمات إلى منزل الأستاذ منصور، حيث أطلقت العنان لرفضها بكل قوة أمامهم:
ـ غلط! غلط! أنا لا يمكن أقبل بشيء زي ده! دا اسمه غش، وأنا عمري ما كنت غشّاشة ولا مخادعة.
ـ ومين بس اللي قال إنك غشّاشة؟ الرد دا كان مطلوب عشان نخرس الكلبين دول يا اعتماد.
هتف بها حمزة متكلفًا الرد نيابة عن شقيقه الذي التزم الصمت أمام ثورتها وتشنّجها. لتضيف منى أيضًا وهي تقرّب إليها كوب المشروب البارد:
ـ صح يا اعتماد، ملهاش لزوم العصبية الزيادة دي. اشربي اللمون وهدي أعصابك، عالأقل توزني الكلام بعقل وإحنا قاعدين معاكي اها، بنتحدّت ونتشاور.
تناولت منها الكوب بيدٍ مرتجفة حتى قرّبته من فمها لترتشف قليلًا، علّه يساعدها في أن تهدأ، فسقط بعضه على حجابها. فسارعت مزيونة تلتقط مناديل ورقية لتعطيها إيّاها، فمسحت أسفل فمها وبعض النقط على حجابها، وهي تربّت على ظهرها دعمًا ومؤازرة.
لتلتقي عيناها بذلك المتابع بصمت، فأصابها حرجٌ جعلها تشيح ببصرها عنه سريعًا، لتعود إلى النقاش وقد كان يتحدث حينها أستاذها وقدوتها منصور:
ـ وأنا شايف إن ملهاش لزوم العصبية ولا الانفعال أصلًا. الموضوع كله كلمتين، حل للموقف وإزاحة للشكوك اللي اتكلم عنها جوز أختك المتغاظ أساسًا. أنا شايف إنك تكبّري دماغك وتعتبري إنهم راحوا لحال لسبيلهم يا سِتّي.
ـ لا، ما راحوش لسبيلهم يا منصور.
تفوه بها خليفة فجأة، مما أجفل الجميع، ثم أردف وعيناه منصبتان عليها:
ـ الواض جوز أختك طلع من المدرسة وراح بلغ الجماعة من عيلته كبارات الهم، على أساس إنه ما دخلش في مخه الكلام، وعايز يتأكد إنه كدب ويعملها ليلة عشان ميدفعش الفلوس اللي عليه. ويلبسنا إحنا الغلط. أنا دلوك جاني اتصال من حد غالي وبلغني اللي حُصل.
ـ يا مرك يا اعتماد! يعني كمان الخبر اتشاع في البلد؟
دفعت الكوب البارد عنها بهلع، ثم وضعته على الصينية أمامها بعنف، وقالت موزّعة أبصارها نحو الجميع باستجداء:
ـ أهو دا اللي أنا كنت خايفة منه! هعمل إيه دلوك في النصيبة دي؟ دبّرني يا أستاذ منصور، الحقيني يا مزيونة، قول رأيك يا أستاذ حمزة، إنتِ كمان يا منى.
استنجدت بهم جميعًا إلا هو، ورغم حنقه الشديد من فعلتها المقصودة، إلا أن الرد قد جاء منه أيضًا، ليضاعف سخطها:
ـ وليه الندب والولولة أصلًا؟ ما إحنا حلّيناها من بداياتها، فاضل بس نثبت على موقفنا عشان محدش يبقى له حجة علينا.
تجمّدت لحظات، ناظرة إليه بفمٍ مفتوح، لا تستوعب البساطة التي يتحدث بها. ألا يشعر بحجم الكارثة التي ورّط نفسه وورّطها بها؟ ألا يعي خطورة الإعلان الذي تفوّه به وما سيترتّب عليه من نتائج كارثية إن استمرت تلك الكذبة؟
خرج صوتها أخيرًا، بمواجهة مباشرة معه:
ـ حضرتك بتتكلم بتساهل كده إزاي؟ مش داري بحجم المصيبة اللي أنا فيها؟ سيبك مني أنا خالص، خلينا فيك إنت! الخبر لو وصل لعيلتك ولا لمرتك... يا نهار أسود! دي هتبقى وجعة سودة!
قالت الأخيرة بيأس وقد زاغت عيناها، شاردة في رد فعل هالة إن علمت... سوف تنفّذ تهديدها لا محالة.
ـ مرتي ولا عيلتي أنا كفيل بيهم، ما تشغليش نفسك إنتِ.
للمرة الثانية يتحدث بتلك البساطة، بالإضافة إلى ثباته المحيّر، وعيناه... تلك الأخيرة التي تحمل من الحديث أعمق مما ينطق به لسانه.
ـ إنت بتتكلم كده إزاي؟ بقولك مرتك وولادك! عيلتك! حد فيكم يردّ عليه يا جماعة؟ إنتو ساكتين ليه؟ حرام عليكم! عقلي هيشت مني!
كانت في حالة أقرب للانهيار، فسارع الجميع إلى تهدئتها. لا ينكر أنه أشفق عليها رغم استنكاره لتشدّدها ورغبتها الشديدة في درء صفة ارتباطها به وكأنها سبّة، بينما هو يودّ بشدة أن يؤكّد تلك الصفة رسميًا وعلى الحقيقة. لكنه يعلم جيدًا الرد المتوقع منها، لمعرفته الوطيدة بشخصيتها الأبية الشامخة رغم كل الضغوط.
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
داخل المنزل الكبير
وصل الخبر إلى معاذ فاتصل ليتأكد من شقيقه، ثم نقله بدوره إلى زوجته التي عبّرت عن دهشتها بعدة أسئلة طرأت فجأة برأسها:
ـ بتتكلم جد يا معاذ؟ طب إزاي؟ وكيف؟ وإمتى؟
ردّ وهو يتكئ جوارها على الفراش:
ـ والله إزاي وإمتى أنا ما أعرفش. كل اللي أعرفه اتصال جالي من واحد قريبنا بيستهزأ ويتمسخر إننا مخبّين والخبر معبي الدنيا. أنا كلمته واتصلت بخليفة اللي أكد لي إنه حصل فعلًا، وإنه بعدين هيفهّمني كل حاجة. حتى لما كلمت حمزة قال نفس الشيء، وإنه هيفهّمني كل حاجة بعدين. وأديني مستني رجعتهم لما أشوف بجي.
أبعدت ليلى الكتاب الذي كانت تذاكر فيه عن حجرها، فلم تعد بحاجة إليه الآن، حتى تنتهي من الحديث الشيق مع زوجها:
ـ يعني إيه؟ هنجعد على نارنا كده لحد ما يرجعوا؟ إزاي يعني؟ الغريب يعرف وإحنا لاه؟ طب افرض اتأخروا عن كده، وإحنا أصلًا قريب العصر! هصبر كيف؟ ولا هيجيني دماغ أذاكر!
اعتدل معاذ، متكئًا بمرفقه على الوسادة، متجاهلًا اعتراضها، ليسألها بفضول:
ـ طب افرضي طلع الخبر صح... إنتِ بقي هتفرحي ولا تزعلي؟
أربكها سؤاله المباغت، فهذا الأمر لم يطرأ ببالها أصلًا. فجاء ردها بعد فترة من التفكير:
ـ بصراحة ومن غير لف ودوران... أنا أتمنى فعلًا واحدة زي أبلة اعتماد لعمي خليفة. رايق، هادي، وأخلاقه حلوة. وهي تبان قدام الناس ما تنطاقش، لكن لما تقرّب منها زين، تعرف وشّها الحقيقي... أطيب منها مفيش. لكن...
ـ أيوه، أنا عايز اللي ورا "لكن" دي.
عقّب معاذ محمّسًا لها لتكمل، فقالت بتثاقل:
ـ أكيد كمان ما تمناش الخراب لهالة، رغم كل عيوبها وأذيتها للبشر... يا وعدي!
تمتمت بالأخير مستدركة خطورة ما يتحدثان به، لتتوجه إلى زوجها مستفسرة:
ـ يا وعدي يا معاذ! لو عرفت... دي هتطربق الدنيا!
ـ وتفتكري الخبر اللي وصلني مش هيلف لف ويوصلها؟
برقت عيناها التي تشبه عيون القطط، تتخيّل ما لو حدث فعلًا، لتنتفض فجأة، ومعها هو، على صرخة مدوّية أتت من الأسفل، تلتها بعض العبارات... ليستنتج الاثنان وقوع الكارثة.
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
ركض معاذ متتابعًا لصوت صراخها في الأسفل، ترافقه والدته التي أنكرت لعدم معرفتها بشيء:
ـ يا بتي، مين قالك الكلام دا بس؟ ولا إنتِ بتألفي من مخك يا هالة؟
ـ لا يا مرت عمي، أنا مبألفش، الخبر واصلني حالًا دلوك من أختي، بيقولك المدرسة كلها كانت مقلوبة النهاردة على عركة الباشا مع طليقها. ولدِك كسر سِنّان الراجل، وبعدها أعلنها قدام الكل، قال قدام المدير والأساتذة إنها خطيبته. اتصلي بمنى تبلغك بنفسها، ولا حمزة ولدك التاني ولا مرته... بقولك حكاية مغفّلقة، وإنتِ قاعدة هنا بتقولي "معرفش"!
تدخّل معاذ ليفصل بينها وبين والدته، يخلق مساحة بينهما هاتِفًا بها:
ـ قالتلك إنها متعرفش يا هالة، يبقى تلمي نفسك وتستني جوزك علي ما يرجع وتتصافي معاه.
صاحت به هو الأخر كالمجنونة:
ـ يعني إنت كمان واضح إنك عارف يا معاذ؟ يبقى أشمعنى أمك اللي متعرفش؟! ولا فاكريني دق عصافير وعايزين تضحكوا عليا؟ والنعمة ما هسكت، ولو وصلت إني أجيب أبويا وأعملكم فضيحة مش هستنى!
ـ اعمليها لو كنتي تقدري يا هالة.
جاء صوت مفاجئ لها من مدخل المنزل، لتلتفت إليه فتقابله بسخريتها:
ـ أهلا بعريس الهنا، طب مش كنت تبلغني يا راجل عشان أجي أزغرتلك ولا أرجصلك أحسن قدام اللجنة الغريبة؟!
توقفت لتتابع، وقد انتبهت لقدوم حمزة وزوجته:
ـ ولا صح! كان فيه اللي يسد عني وعن أمك المسكينة. يا رب تكون مبسوط يا حمزة! وانتِ يا بوز الأخص... بقدومك الفقر، حليتي على البيت كله بالخراب!
أشارت مزيونة نحو نفسها بصدمة من اتهام تلك المجنونة أمام زوجها الغاضب، فجاء الرد الحازم من خليفة:
ـ هــالة! كلمة تاني زيادة وهتكون ورقتك سبقاكي على بيت أبوكِ، ولا يهمني إنك بت عمي ولا دياوله.
ـ يعني إيه؟
ـ أنا قولتها كلمة ومش هزود عليها. لما يبقى عندك عقل وتهدي من جنانك، ساعتها تيجي عندي ونتكلم بالهدوء. إنما غلط فيا أو في عيلتي بكلمة زيادة، يبقى إنتِ اللي كتبتي كلمة النهاية.
ختم جملته الأخيرة وتحرك صاعدًا إلى الطابق الثاني غير آبه بأي شيء، فتمتمت هي بصوت بالكاد سيطرت عليه نحو حسنية:
ـ يعني إيه؟! أموت بقهرتي على ما الباشا يحن ويتكلم معايا؟! طب وديني ما أنا جعداله فيها. أنا رايحة بيت أبويا، وخليه يجيب السنيورة مكاني، خليه يشبع بيها!
أنهت كلماتها وتحركت لمغادرة المنزل بعباءتها السوداء، فحاولت حسنية منعها:
ـ يا بتي استني شوية طيب! يا مري، الحقها يا حمزة... ولا إنت يا معاذ!
توجهت بآخر جملة نحو معاذ بعدما رأت الرفض على وجه حمزة، فاضطر الآخر أن يستجيب لوالدته ويتبعها على مضض.
حتى إذا خلت الأجواء على الثلاثة، توجّهت المرأة نحو ابنها الأكبر:
ـ يبقى كده جه دورك يا كبير. أنا عايزة أفهم منك كل حاجة دلوك.
أومأ حمزة واقترب منها، واضعًا قبلة على رأسها موافقًا:
ـ عنيا يا ست الكل، بس ممكن يبقى الحديت في أوضتك عشان ناخد راحتنا.
أخرجت المرأة تنهيدة من عمق صدرها، قائلة:
ـ ماشي يا حمزة. أنا رايحة أصلي العصر دلوك. خمس دقايق وألاقيك جيت ورايا... على ما ييجي دور التاني وحسابه الكبير معايا.
قالت الأخيرة بمقصد واضح عن خليفة، ثم سحبت نفسها لتذهب وتسبقه إلى غرفتها. تنفّس حمزة الصعداء قليلًا ليهدأ من وتيرة الانفعال داخله، قبل أن يتبعها ليوصل الصورة الصحيحة عمّا حدث. فتحدثت زوجته معبّرة عن خوفها:
ـ حمزة، أنا مرعوبة على اعتماد. أكيد هالة هتفضحها هي وأخواتها وتعملها نصيبة كبيرة.
ردد خلفها باستهجان وعدم تقبل:
ـ تأذيها هي وأخواتها مرة واحدة وتعملهم فضيحة؟! مش لدرجادي يعني يا مزيونة.
ـ لا، للدرجادي. والمصحف أنا متأكدة من اللي بقوله.
قالتها بصدق جعل الشك يتسرب إليه، فأمرها أن تتحدث بحزم:
ـ جيبي من الآخر يا مزيونة، إنتِ مخبية عني حاجة؟
ابتلعت ريقها، تتضرع إلى خالقها بالاستغفار، وقد حسمت أن تصارحه وتنفض عقدها مع صديقتها، خشيةً عليها من أذية هالة:
ـ هقولك على كل حاجة... بس اسمعني من غير عصبية.
تفوهت بها، وكانت تلك البداية لسرد ما حدث، ليربط هو الخيوط ببعضها فيصل إلى استنتاجه الأخير.
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
عادت بجسدٍ منهك، تجرّ أقدامها جرًّا حتى دلفت إلى داخل المنزل، بعد أن استقلت السيارة مع مزيونة بقيادة حمزة. لتجد شقيقتيها في صحن المنزل جالستين في وضع المناقشة، وكأنهما في انتظارها أيضًا، وهذا ما أظهرته روضة في طريقة استقبالها لها:
ـ حمد الله على سلامتك يا اعتماد. كل دا تأخير بعد انتهاء اليوم الدراسي؟ وإحنا مستنينك على نار يا شيخة.
رمقتها الأخيرة بدهشة قبل أن تجلس على الكرسي المقابل لهما، ترد وهي تخلع حجابها:
ـ ليه يعني تستنّوني على نار؟ خير... حصل حاجة؟
ردّت رغد بلهفة وارتباك، تنقل ببصرها نحو شقيقتها الأخرى بنظرات تحذيرية:
ـ خير يا خيتي، هي بس كانت عايزة تطمن عليكي. خشي روحي نامي وريحي جسمك.
قالت الأخيرة تشير نحو غرفة نومها، ولكن قاطعتها روضة مردّدة بانفعال:
ـ مش قبل ما تفهمينا الأول... اللي سمعناه دا صح ولا غلط؟
سألتها اعتماد بريبة وهي تخلع الحذاء عن قدميها:
ـ هو إيه اللي سمعتوه بالظبط؟
جاء الرد سريعًا مندفعًا من شقيقتها الوسطى:
ـ إنك اتخطبتِ لواد البهوات، خليفة القناوي اللي داير رايح جاي حواليكي. دلوك بس الراجل ندّيله عذره، مدام أعلنها وقالها قدام الكل عاد. بس مش كان الواجب برضو يا غالية تبلغي أخواتك المساكين؟ ولا إحنا ملناش قيمة ولا في دماغك أصلًا؟!
زجرتها اعتماد بحزم حتى تكفّ عن سمّ الكلام الذي تتلفظ به، رغم ارتباك أمعائها من الداخل نتيجة الدائرة التي تتوسع حولها بتلك الخدعة.
كادت أن تتحدث وتروي الحقيقة، لكنها استدركت فجأة لتسألها:
ـ وانتِ عرفتي منين بالكلام دِه إن شاء الله؟ الباشا هو اللي بلغك صُح؟
صاحت روضة بتجه تؤكد لها:
ـ أيوة هو اللي بلغني! واشتغل ساعة يتمسخر عليّا عشان عرف قبلي. أنا اللي عايزة أعرف بالظبط: هو خطبك إمتى؟ ولا هي علاقة اللي ما بينكم والباشا حبّ يغطي عليها لما اتزنق وسط الرجالة؟
وضعت رغد كفها على فمها بحركة لا إرادية بعد صدمتها من فجاجة ما تلفظت به روضة أمام شقيقتها الكبرى. والتي اجفلت وتلجمعت لحظات حتى استوعبت، لتردّ بلوم وغضب:
ـ انتِ بتقوليلي أنا الكلام دا يا روضة؟ واخدة بالك أصلًا من الكلام اللي بتخربطي بيه؟ ولا المحروس اللي مسلماه ودنك، قلبك على أختك، خلاكي تنسي مين هي اعتماد؟
نهضت روضة بكل ما تحمله من غلّ، رافضة محاولات شقيقتها الصغرى في منعها، لتقترب من المقعد الذي تجلس عليه اعتماد. ناظرة لها من علوّ تردّد:
ـ فهميني... انتِ مين هي اعتماد؟ الشديدة اللي بتوجف حي بحاله لو حد بس قرب من خواتها؟ ولا التانية الحبيبة اللي مالت وحنت لصنف الرجالة؟ لما ظهر في حياتها ولد القناوي؟ بس بصراحة أنا مدياكي عذرك... راجل طول بعرض وحلي وجمال. حقك يا بت أبوي تضعفي... والأنثى اللي دفناها جواكي تطلع.
توقفت برهة ثم صرخت بها:
ـ بس المهم بقى تبقي عادلة! والشيء اللي استحليتيه لنفسك من قبل حتى ما يبقى حلال، متحرّيمهوش على غيييرك. انتي عيشي حياتك... وإحنا كمان نعيش حياتنا.
صدمة البداية في تلك اللحظة التي اختلطت فيها الحسرة والألم، والندم على عمرٍ قضته تحارب كقطة شرسة عنهما، تحفر في الصخر من أجل أن تمنع عنهما العوز. وبعد مرور عدد من السنوات، وهي العمر ذاته، يأتي عليها الوقت الآن وتُتّهم بأبشع تهمة قد توجه لامرأة حرة... ومن مَن؟! من شقيقتها التي لا تصغر عنها سوى سنوات قليلة، وما زالت لا تقدر ولا تفهم. والأصعب... الطعنات التي توجهها لها دون شفقة أو رحمة.
كانت ما زالت متجمدة محلها، حتى أتت رغد الصغيرة تحاول الاطمئنان عليها، وقد التصقت بالمقعد كأنها تمثال. أهدابها فقط ما تتحرك لتدل أنها على قيد الحياة. حتى تمالكت بأسها بصعوبة لتنهض وتواجهها بصوتٍ بحّ من فرط ما شُحن داخلها من مشاعر قاسية، أقوى من أن تحتملها:
ـ يعني انتِ يا روضة، بتتهمي أختك في أخلاقها؟ وإنها مش عادلة معاكي؟ عشان بس عايزة أعملك كرامة من واحد شرع أن يقتلني لولا ستر ربنا؟
حاولت رغد تهدئتها حتى لا تواصل وتزيد على تعبها الذي بدأ ظاهرًا عليها بقوة، ولكن اعتماد أبت إلا أن تواصل الرد على هذه الجاحدة:
ـ بتغلي وشايلة مني عشان بس قبلت بحكم الرجال إن لا يتم صلح ولا تنازل لحد ما يدفع الغرامة كتعويض هو وناسه؟ على أساس إنه هحط في حسابي المبلغ يا روضة وأتمتع؟ مش عشان أربيه ما يكررهاش! ولا إنه يستغلك ويمضّيكي على قرض ولا ورقة تورطك في مصيبة! وانتِ متخلفة كدة وكلمة منه تودّيكي وكلمة منه تجيبيك!
ـ أنا متخلفة يا اعتماد؟
صاحت بها روضة مرددة بلوم، وقد تجاوزت كل ما سبقها. لترد اعتماد وقد فقدت الذرة الباقية من الاحتمال منها:
ـ أيوة متخلفة! وأنا حمارة إني مقضية عمري أحوش عنك وأمنع الأذى! واكنك ما بتشوفيش... ولا طفلة مش عارفة الصح من الغلط! اسمعي يا بت... عايزة ترجعي للزفت الحيوان دا؟ المركب اللي تودي... يبيع ولا يشتري فيكي ولا يلبسك مصيبة حتى! إيّاكِ تجري علينا ولا تقولي "الحقوني" ولا "انجدوني"! مش انتِ قابلة تروحي له بالرخيص رغم كل اللي عمله فيكي؟ يبقى ياللا في داهية!
سمعت بالأخيرة لتصيح بمظلومية:
ـ بتطرديني من بيت أبوي يا اعتماد؟ بجي دا اللي ربنا قدرك عليه؟ عشان بواجهك باللي سمعته؟
أومأت تؤكد لها برأس يكتنفها الدوار، مع تسارع دقات قلبها، جعلها تتحدث بأنفاس متقطعة:
ـ وياللا... روحي لمي شنطتك... وامشي دلوك! متستنيش! لا... إحنا أساسًا معدناش طايقينك ولا طايقين سيرتك... بسرعة!
أنهت اعتماد وسقطت تجلس على المقعد، بقدمين لا تستطيعان حملها. تنتظر الرد من واحدة هي الأعلم بشخصيتها، حين تُحشر في منطقة اتخاذ القرار. وهي بطبيعتها المتكلة دائمًا على غيرها، تريد تنفيذ رغبتها لكن دون تحمّل المسؤولية. إذن لو وافقت من دونها ستكون الخاسرة لا محالة.
وكما توقعت، لاح التردد على ملامحها المكشوفة، قبل أن تلجأ في الأخير إلى الرفض والصياح والشكوى بمظلومية. فتذهب من أمامها نحو غرفتها وهي ما زالت تندب حظها البائس الذي لم يترك لها سوى شقيقة ظالمة تتحكم في أمرها.
حتى إذا انتهت ثورتها بإغلاق الباب، كانت اعتماد قد وصل بها الإجهاد والتعب درجة اللا رجعة، حتى فقدت القدرة على التعبير بفمها. تلوّح فقط بيدها إلى شقيقتها الصغرى لإنقاذها...
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
بالقرب من النيل وأسفل إحدى الشجيرات العتيقة، جلس على حجر كبير، يقشّر في عود القصب ويمتص منه، ثم يلقي الذي انتهى من عصارته أسفله. غير عابئ بنظافة ولا أي شيء مدام ليس بمنزله. شارد فيمن رآها منذ قليل داخل السيارة التي مرّت أمامه... لم تنتبه إليه كعادتها، فهي أبدًا لا تراه ولن تراه. ورغم أنه يعرف ذلك جيدًا، لكنه لا يتوقف عن التفكير بها. منذ أن كانت طفلة... ثم تزوجت عرفان... ثم انفصلت... ثم تزوجت بهذا البغيض الأخير.
يعلم أن العيب به، ولكن هذه شخصيته، وهذا ما نشأ عليه. حتى صحبته دائمًا ما كانت فاسدة، وذلك ما جعله يصرف عقله عن فكرة الزواج والارتباط. ربما لو أسعده الحظ وكانت من نصيبه، لغيّر من نفسه وأصبح رجلًا صالحًا...
استفاق من شروده، ليرفع أبصاره نحو صاحب الظل الذي حجب ضوء الشمس عنه أثناء مطالعته النيل.
ليتفاجأ بتلك الفتاة... أو المرأة... لا يعرف. سوى أنها طويلة اللسان وقليلة الحياء، حتى في نظرتها إليه الآن. جميلة وجريئة تجذب الرجال حولها كالذباب من أجل نيل رضاها... لكنه لم ولن يكون مثلهم أبدًا.
ـ نعم... عايزة حاجة يا مدام أو يا آنسة؟
قال الأخيرة بنوع من التهكّم قابلته بسخرية، تتخصر أمامه بميوعة يعلمها جيدًا:
ـ وانت بقى محترم جوي وبتنادي بالألقاب؟ ولا غرضك الأصلي تعرف إن كنت متجوزة قبل كدة ولا لأ؟
سمع منها وانتفض، ينهرها بازدراء:
ـ اسم الله يا ختي على حسنك ودلالك! دا على أساس إني ميت في دباديبك مثلًا؟ ولا فاكراني أهطل وبريل زي الهبل اللي حواليكي؟ لا... اصحي وفوقي يا بت! واعرفي إنتِ بتكلمي مين؟ وانتِ مين؟
غضبت نورة شاعرة بالإهانة التي تتحسس منها دائمًا، وهو المساس بأصلها. لتهدر ردًّا عليه:
ـ اسم الله يا حبيبي... بتتني وتتفرد علينا بإمارة إيه؟ اشحال إن ما كنت خريج سجون وحرامي وهجام سابقًا؟ ما تفوق انت لنفسك يا بابا... وأعرف إنك مزدتش علينا بشيء...
تمتم فمه بسبّة وقحة نحو ما أتى سريعًا بذهنه، ليواجهها بنخمينه:
ـ عرفان هو اللي جالك الكلام دا يا بت؟
ـ بت لما تبتك!
تفوهت بها ردًّا له، قبل أن تمسك بعدد من خصلات شعرها قائلة بنوع من نعومة، بقصد أن تكيده:
ـ أيوة عرفان... راجل متواضع. عشان كدة ربنا مبارك له في رزقه، وعنده فلوس بالهبل! مش زيك عواطلي... آخرك تمص جصب جنب النيل!
ـ آاااه...
أومأ يحرك رأسه بتفهّم، قبل أن يعود لجلسته مستطردًا:
ـ واضح إن الدغف فتح معاكم وخدتوا عليه جوي... لدرجة إنه يحكيلكم كمان عن أسرار صحابه! المعفن اللي بيعمل حساب للمليم اللي طالع من جيبه! بيكبّ عليكم يومياتي بأقفاص الفاكهة والطلبات اللي بتطلبوها منه! ياللا يا ستي... تصطفلوا بيه ويصطفل بيكم! هو أساسًا يستاهل ناس زيكم!
عادت لغضبها مرة أخرى خلف كلماته، هاتفة به:
ـ تاني هتغلط يا أخ إنت؟! ما تمسك لسانك دا شوية! كلنا ولاد تسعة يا حبيبي، ومفيش حد أعلى من حد... عشان تتآمر وتشوف نفسك!
زفر وهو يلقي عود القصب أسفله، يغمغم بملل منها:
ـ اللهم طولك يا روح... قال يا جاعدين يكفيكم شر الجايين. ممكن يا ست تجيبي من الآخر... وتجولي عايزة إيه بالظبط؟ عشان أنا روحي في مناخيري.
كظمت داخلها غيظها الشديد منه، لترد في الأخير بنبرة يغمرها التفاخر:
ـ صاحبك يا غالي... الغني... صاحب جنانين الفاكهة والبيوت والأطيان... طلب يدي من أهلي امبارح. طلب يد نورة بت الغجر أول ما سمع إننا هنلم عزالنا ونمشي! اتعلّق ومش قادر على البعد...
وختمت بابتسامة ثقة لفتت نظره، ليصب تركيزه بها لحظات، يدير كلماتها برأسه، حتى إذا استوعب أخيرًا، انطلق يجلجل ضاحكًا بلا توقف.
استفزها لتعنّفه وتوبّخه حتى يكفّ ويتوقف:
ـ سمعتك نكتة يا ظريف؟ يا أبو فشّة عايمة إنت؟ عشان تضحك كده؟! ما تتلم يا زفت... واجفل خشمك دا اللي مش راضي يوقف! إنت يا زفت... قبر يلم العفش!
بصقت الأخيرة والتفتت مغادرة بغضبها، حين فقدت الأمل من توقفه. ليظل هو على وضعه حتى بعد مغادرتها لفترة ليست هينة من الضحك، ليغمغم محدّثًا نفسه قبل أن يعود للضحك مرة أخرى:
ـ جاك الطين يا عرفان... دا ذنب مين دا اللي هيعقب بيك يا حزين؟
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
مساءا
تعدو بخطواتها السريعة في الطريق نفسه الذي مرّت به من قبل، حين هددت وتوعّدت لشقيقتها الصغيرة المدللة بالفضيحة. وها هي، بكل غباء، تتحدّاها وتقبل الارتباط بزوجها! إذن فلتتحمّل ما قد تُصبه عليها اليوم من سمِّ الكلمات والسباب، حتى وإن وصل الأمر إلى الضرب والفضيحة لها ولشقيقتها.
من سيلومها وهي امرأة تدافع عن زواجها من تلك الأفعى التي إلتفت عليه لخطفه من زوجته وأولاده؟ تشحن طاقتها بكل ما أوتيت من جهد، ولن تقبل اليوم إلا أن تجعلها فضيحة تدوي في البلدة بأكملها والبلاد المجاورة؛ أن تصبح تلك الملعونة وشقيقاتها حديث المدينة لأيامٍ وليالٍ قادمة.
كان ذلك ما يدور ويشتعل في خُلدها، حتى غفلت، في غمرة شرودها، عن سيارة متوقفة بجانب الطريق القديم في الظلام. كان صاحبها قد توقّف منذ ما يقارب الساعة خصيصًا من أجلها، وقد خمّن وتوقّع منها ما ستفعله في تلك اللحظات الفارقة بحكم معرفته الجيدة جدًا بتفكيرها. فهي ابنة عمه التي يحفظها أكثر من خطوط يده.
ـ رايحة فين يا هالة؟
هتف يجفلها بندائه ليجبرها على التوقف والالتفات إليه، فإذا به يخرج من السيارة التي حجبت سوادها الرؤية عنها، حتى لم تنتبه إليها في الظلام الحالك.
صفق الباب بقوة، ثم تقدّم بخطواته حتى وقف أمامها بطوله الفارع، ليرى وجهها بوضوح. عيناها كالجحيم المشتعل، ملامحها تحوّلت وكأنها ساحرة الشر في قلب الغابة المهجورة. لم يعلم كيف خطرت له تلك الصورة وهو يعيد على مسامعها السؤال مرة أخرى:
ـ سألتك: رايحة فين يا هالة؟ ما جاوبتيش يعني؟
ـ وإنت مالك؟
صدر الرد سريعًا منها، لتذهله بفظاظتها، وكأنها تراه المسؤول عن كل ما يحدث لها. فقابل تبجحها بتماسك شديد وردّ:
ـ رد ناشف وقلة أدب ما تصدرش غير من واحدة فاقدة الأدب. إن ما كانش فيه اعتبار إني واض عمّك، يبقى افتكري إني أكبر منك، وواجب عليكي احترامي.
ردّت بأنفاس مهتاجة، غير آبهة بما قال:
ـ من الآخر، عايز إيه يا حمزة؟ موقف عربيتك في الضلمة وطالع تنده عليا؟ هو الطريق دا كان طريقك عشان تتزنق فيه بعربيتك أساسًا؟ ولا يكونش مستني شحنة ممنوعة؟
قابل تهكمها بسخريته:
ـ لا وانتِ الصادقة، مستني اللي أبشع من الشحنة الممنوعة. مستنيكي إنتِ يا هالة، عشان أوقفك قبل ما تخربي الدنيا، كيف ما أنا متوقع وعارف بتفكيرك الإجرامي.
وكأنه ضغط على الجرح، فردّت بحرقة ومظلومية:
ـ أنا اللي تفكيري إجرامي؟ ولا إنت اللي طول عمرك شايفني عفشة عشان أنت عايز كده، كارهني من غير سبب؟ ترفضني وتهين كرامتي بحريم أقل مني وأنا بت عمك! وآخرة المتمة تعين أخوك يتجوز واحدة غيري، واحدة ما تسوى نِكلة في سوق الحريم، وتبقى ضرتي أنا؟ دا أنا أمسح اسمها من الوجود، وأخليها عبرة لكل أهل البلد باللي هعمله فيها. مش كل طير يتاكل لحمه، وأنا لحمي مر وعنقل!
أنهت جملتها وكادت تتحرك، لكنه كان الأسبق في أن يوقفها بحزم:
ـ مش هتقدري يا هالة، ولا هتقدري حتى تجربي منها.
تخصّرت بابتسامة مستخفة لتضاعف استفزازه:
ـ ومين بقى اللي هيمنعني؟ إنت يا واض عمي؟ هتمسكني من دراعي ترجعني؟ ولا تشيلني على كتفك في الدنيا الضلمة عشان الفضيحة تبقى من نصيبك؟ والله لأخلي صرختي توصل لآخر البلد، وأطلع فيها غِل القديم والجديد منك يا حمزة.
بهدوء يُحسد عليه، رغم الغضب المتفاقم بداخله من تربصها المتعمّد لأذيته، رد متحديًا ليفرض سيطرته ويكبح جماحها:
ـ بس أنا لا هشيلك على كتفي ولا هلمسك. إنتِ اللي هترجعي بنفسك زي الشاطرة.
ضحكت ساخرة، تعقّب بمزيد من الاستهزاء:
ـ يعجبني فيك ثقتك الزايدة في نفسك يا حمزة. أصلها بتجيب فايدة مع اللي يسمعلك. إنما أنا... هسمعلك ليه؟
كان رده في البداية صمتًا، يطالعها بثبات وسكون الواثق، قبل أن يقول:
ـ عشان ما تأذيش نفسك وتجيبي الناهية بينك وبين خليفة اللي طول عمرك بتستهوني بيه يا هالة. ودلوك بس افتكرتي تحادي عليه بعدما نفسه جفلت منك بالفعل.
توقف يلتقط أنفاسه قليلًا، يراقب ابتسامتها المستخفة باستهزاء، قبل أن يتابع ويُخرسها:
ـ روحتك المرة اللي فاتت عند اعتماد وتهديدك بسمعة أختها كوم، وروحتك النهارده كوم تاني. المرة اللي فاتت كان ليها حساب، أما المرة دي فلها ألف حساب.
خبّأت ابتسامتها في البداية، لكنها سرعان ما استعادت السيطرة على صدمتها، لتسخر مخمّنة:
ـ وهو أي اللي هيخليها تفرق عن المرة اللي فاتت؟ أكيد اللي حكتلك مرتك أم لسان فالت بعد ما عرفت اللي عرفته من متعوسة الرجا دوكها. لكن تمام، خليها تقعد جنب خيبتها التانية وتهون عليها. عشان أنا ولا هيفرق معايا أصلًا. في الأول والآخر أنا واحدة بتدافع عن بيتها، ومن حقها تهدد وتعمل أي حاجة توقف بيها المسخرة دي...
ردد خلفها، يصعقها بالقاضية:
ـ أي حاجة؟ أي حاجة يا هالة؟ طب شرف الولايا ما فرّقش معاكي، إنما شرفك إنتِ هتقولي فيه إيه؟ لما جوزك يعرف إنك طلّعتي من البلد وروحتي عند بيت راجل غريب في بلد غريبة؟ أظن دي بقي قصة تستاهل الناس تزود عليها وتألّف براحتها مقارنة بقصة العيلة الصغيرة أخت اعتماد.
برقت عيناها بشرّ مطلق، تهدر به بعنف:
ـ إنت اتجننت ولا خيبت يا حمزة؟ هتألف على بت عمك كلام محصلش؟
ردّ يؤكد لها بالبراهين:
ـ لا، حصل يا هالة. ولا هتنكري إنك طلّعتي السبوع اللي فات في عربية مخصوص خرجت بيكي برا البلد، عشان توصلك عند بيت راجل غريب. الرجل ده يبقى الأستاذ عليوة، اللي جوزك ضربه الصبح!
ارتجف داخلها بذعر حقيقي، لتسارع بالتوضيح، لاطمة على خدها:
ـ يا مري! عايز تجيبهالي يا حمزة بالبهتان؟ أنا دخلت فعلًا بيت عليوة، لكن زيارة لأخته مش ليه. أنا بنت القناوية وتوبي نضيف!
قابل انفعالها الأخير بهدوء شديد يواجهها:
ـ شوفتي الظلم وسيرة العرض عفشة كيف؟ على العموم، في كل الأحوال الغلط راكبك من ساسك لراسك. سواء شفتي عليوة بذاته ولا زرتي أخته، دا يأكد للأعمى إنك السبب في جيّة الراجل على البلد، عشان يرمي بلاه على اعتماد لأجل ما تغور من وشّك زي ما إنتِ عايزة. لكن سبحان الله، الموضوع قلب العكس.
علم بصدق ظنه حين رأى بأم عينيه تأثير حديثه عليها: أنفاسها المضطربة، عيناها التي كادت أن تدمع وهي تناظره بغل شديد لعدة لحظات. بعد أن كشف خطتها بكل سهولة، فأضاف على حريق صدرها:
ـ أنا ماليش دخل في اللي بينك وبين جوزك. إنتِ حرة، تكملي معاه ولا تنهي. ما يهمنيش، لأن في كل الأحوال البنات عمرهم ما هيسيبوا أبوهم. اللي يعنيني بس الولايا يا هالة. إياك أسمع إنك جرّبتي من اعتماد ولا جبتِ سيرتها ولا سيرة واحدة من أخواتها بالباطل. ساعتها لا هقول بت عمي ولا زفت. هبلّغ جوزك وأعمل قعدة عرفي لكل أفراد العيلة وأشهدهم بالدليل اللي شافك وبلغني. عشان ساعتها هتبقي خسرتي من كله.
... ودلوك ارجعي يلا، ارجعي على بيتك. يا إما ما هستناش لبكرة حتى، وهتصل على جوزك وأبلغه بكل حاجة.
ـــــــــــــــــــــــ بنت الجنوب ـــــــــــــــــــــــ
تنوية بسيط
انا عارفة أننا قصرنا شوية في قصة حمزة ومزيونة
معلش هي سخونة الأحداث في حكاية خليفة اللي جبرتني على كدة
لكن بإذن الله لسة الأحداث جاية كتير حب ولوعة وطراوة😍
تابعو معايا وقولوا رأيكم
ومتنسوش التفاعل الله يرضى عنكم، دي الحاجة الوحيدة اللي بتجبرتي على المواصلة رغم اي شيء.
#لأجلها
#بنت_الجنوب
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا

تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا