رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل السادس والثلاثون 36بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل السادس والثلاثون 36بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
لا حول ولا قوة إلا بالله
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
🔹الفصل السادس والثلاثون 🔹
«أذنابُ الماضي»
#_أنا لها شمس الجزء الثاني،بقلمي روز آمين
«"الانتقام طبقٌ يُقدّم باردًا"لطالما استمعتُ كثيرًا إلى تلك العبارة ولم أُدرك مغزاها يومًا، ربما لعدم اقتناع والدي بها ولكوني فتاةٌ تعشق والدها وأؤمن بكل ما يؤمن به صدقت على قناعاته دون إعتراضًا، فما أسرع انتقامات سليمُ إلياس،ما كان يرف لهُ جفنًا قبل أن يجعل ضحيتهُ تصرخ من وهج الألم ليطلق هو ضحكاتهُ العالية وهو يقوم بسلخ جلده حيًا حتى تلفظُ الضحيةَ أنفاسها الأخيرة تحت شعورهُ بلذة الإنتصار وهو يتعمقُ بعين ضحيته مستلذًا بإيلامه،وبعدها يمارس حياتهُ بطبيعية وكأنهُ كان يحتسي قدحًا من قهوته المفضلة على صوت أنغام جارة القمر"فيروز"، هكذا كانت قناعاتي قبل أن أرى الوجه الحقيقي لذاك الرجل الذي سلمتهُ كامل كياني بكل الرضى،حينها فقط أدركتُ المعنى الحرفي لتلك العبارة وتيقنتُ من صحتها،فالإنتقام كي يكون رائعًا ويجعلك مستمتعًا بمذاقه لابد من اتباع ثلاث،ألا تتعجل وفكر جيدًا ثم أختر التوقيت المناسب للتنفيذ كي يكون الإنتقام أكثر إرضاءًا وإيلامًا لخصمك اللعين.»
«رولا سليم إلياس»
بقلمي «روز أمين»
___________________
بدأ يشعر بثقلٍ برأسه ودوارًا خفيف،قاوم فتح عينيه بقوة وصعوبة دون جدوى ليسألها بلسانٍ ثقيل وحروفًا خرجت بصعوبة وهو يرى صورتها تبتعد وكأنها أصبحت سرابًا يبتعد:
-إنتِ عملتي فيا إيه يا "رولا"؟
-ما تخاف، ما رح موتك بهيدي اللسهولة، رح چهز لك طقوس بتليق بقصة حُبنا اللكبيرة، رح يكون وداع بيليئ لخداعك اللكبير يلي عيشتني فيه سنين طوال، وانا ماشية وراك مِتل الهبلة
ارتمى برأسه للخلف مستسلمًا لتأثير الحبوب المنومة التي وضعتها له بكوب القهوة فهرولت سريعًا إليه لتقبض على خصلات شعره بقوة إقتلعت معها بعضًا من خصلاته،ثم ألقت برأسهِ بعنفٍ شديد للخلف لترتد رأسه وباتت تهتز دون استقرار،هرولت إلى أحد أدراج المطبخ لتخرج منها حبلاً جلبتهُ خصيصًا وبدأت بتقييده ولف الحبل حول المقعد وتقييد يديه من الخلف، ثم شددت على تقييد ساقيه بأرجل المقعد، وقفت منتصية الظهر تتخسر بيديها، لتبتسم وهي تقول بشرٍ ظهر على ملامحها التي تحولت وكأنها شيطان:
-وهلئ چهزنا كلِ شي للإحتفال، بس تفيق بيبلش العَرِض، بوعدك رح تنبسط كتير بس تشوف الفقرات يلي مچهزت لك إياها يا تؤبرني.
____________
عادت بذاكرتها إلى ذاك اليوم حيث ولچت مع إحدى صديقاتها داخل أحد الأماكن العامة لقضاء بعض الوقت للترويج عن النفس واحتساء مشروبًا باردًا ينعش كلاهما في ذاك الطقس الحار،كان هذا التوقيت بعد خروجها من القضية التي لفقها لها ذاك الداهي، تطلعت بعينيها تجوب المكان لتتفاجأ بوجود"فؤاد علام "كان جالسًا حول إحدى الطاولات بصحبة بعضًا من أصدقائه من رجال القانون، طالعتهُ بقوة حين رأت بعينيه شماتة وهو يطالعها كذئبٍ خبيث يطالع ضحيته، إختارت إحدى الطاولات المقابلة له كي تستطيع رؤيته بوضوحٍ في رسالة منها بأنها لا تخشى وجودهُ، باتت نظرات التحدي تخترق أعين كلاهما، فبرغم انشغاله بالحديث مع رفقائه إلا أنه كان يختطف بعض اللحظات ويخترق مجالها بنظراتٍ شاملة عبارة عن مزيجًا من التحدي والشماتة والتهديد المباشر، فهمت بفطانتها ما أخبرتها به نظراتهُ الثاقبة، فقد بعث لها إشاراتٍ تهديدية بألا تفكر في الإقتراب آخرى من أنثاه وإلا سيحدث ما لا يُحمد عقباه، استفزتها نظرات الوعيد واحترق داخلها حتى قررت المواجهة، انتظرت اللحظة المناسبة وحين رأته يتأهب للرحيل بعد أن ودع اصدقائه هرولت لتنادي عليه بصوتٍ به تحدي:
-إذا بتسمح لي يا سيادة المستشار،بدي أحكي معك
وتابعت وهي ترى استنكارهِ:
-ماتخاف مارح أخرك كتير،اعطيني من وئتك خمس دقايق مو أكتر
وقف يطالعها بأعين مفترسة كذئبٍ يُقيم فريسته قبل الإنقضاض عليها،بكل عنجهية وضع كفيه داخل جيبي بنطاله ثم أخذ نفسًا مطولاً قبل أن ينطق بطريقة استفزازية خالية من أداب التعامل مع النساء:
-عاوزة إيه؟!
أشارت نحو الطاولة وهي تدعوه للجلوس:
-إذا بتريد خلينا نقعد شوي
-أنا مش فاضي لك... قالها بحدة خالية من الاحترام تجاهلتها هي ونطقت بهدوء عكس طبيعتها الحادة والتي لا تقبل الإهانة مهما كانت الخسائر:
-قِلت لك مارح أخرك، بليز
قالت كلماتها الأخيرة برجاءٍ ليتحرك عائدًا إلى طاولته مرةً آخرى، قابلته الجلوس وتحدثت بجدية:
-رح فوت بالموضوع عطول لحتى نكسب وئت
وتابعت بجدية:
-أنا بدي ننهي هالعداوة يلي بيناتنا،اتنيناتنا رح نخسر كتير وخصوصًا إن كِل خِصم فينا أقوى من التاني
أرجع رأسهُ للخلف مقهقهًا بقوة ساخرة جعلت من عروقها تنفر وهي تسأله بحدة بالغة أظهرت كم حنقها من إسلوب عجرفته:
-فيك تئِلي شو يلي عم بيضحك بكلامي؟!
أشار بكفه ليُكَفي حديثه الساخر ولكن بتراجع طفيف عن عجرفته:
-آسف بجد، بس مقدرتش أمسك نفسي من الضحك وأنا بسمع جملة كل خصم فينا أقوى من التاني
تحولت ملامحهُ بلحظة وعاد إلى تلك الغطرسة وهو يخبرها بحدة مغلفة بالكبرياء والتعظيم:
-إنتِ أضعف بكتير من إنك تكوني خصم لـ"فؤاد علام"،أنا لو كنت عاوز أدمرك وأخليكِ تقضي باقية حياتك في السجن كنت عملتها وبمنتهى السهولة، بس اللي منعني أكتر من سبب
وتابع مسترسلاً بإبانة تحت ترقبها للحديث:
-أهمهم هو إني مبحبش الظلم وبتقي ربنا في كل أفعالي، ثاني سبب هما أولادك الصغيرين، وإنتِ نفسك برغم عنادك وغبائك إلا إنك ضعيفة ومضحوك عليكِ، وده السبب الأكبر اللي منعني أفعصك بعد ما اتجرأتي وقربتي من مرات فؤاد علام وفكرتي تأذيها
تمالكت من غضبها لأبعد الحدود وذلك بعدما قام والدها بتعنيفها ومطالبتها بالإبتعاد عن ذاك العقرب السام "فؤاد علام"وأخبرها أن سمهُ نادرًا ولدغتهِ مميته،فتحدثت بهداوة عكس ما يدور بخلدها:
-مارح حاسبك على هالإهانات ورح إعمل حالي ما سمعت شي، نحن ما فيه بينا شي بيستاهل لحتى نكون أعداء منشانه، الموضوع بينحل بمنتهي السهولة
وتابعت بذات مغزى استفز ذاك العاشق:
-إسمعني يا فؤاد بيك، إذا بتخبر مَرتك تبعد عن حياتي وعن يلي بحبهن الموضوع بينحل، قِلها ما تقرب صوب أي شي بيخصني، وأنا مارح إإذيها ولا حتى بفكر.
-متقدريش تهوبي ناحيتها وأظن إنتِ جربتي وشوفتي النتيجة، ده أولاً... قالها بأعين تطلقُ شزرًا ثم تابع ساخرًا:
-ثانيًا وده الأهم إنتِ بجد صعبانة عليا
وتابع موضحًا مقصد حديثه:
-عايشة في وهم ودخلتي نفسك في حرب لا هي من الأساس حربك ولا انتِ قد شرها، وكل ده بسبب إنك ماشية مغيبة ورا واحد بيستغل حبك ليه وعلاقات أبوكِ المشبوهة وسككه المفتوحة اللي بتحقق له أغراضه الدنيئة
ازدردت لعابها فتابع بجدية:
-أنا مش عاوز أصدمك بس هقول لك الحقيقة يمكن تفوقي من الوهم اللي إنتِ معيشة نفسك فيه ومستعدة تضحي بحياتك علشانه
تمعنت بالنظر إليه وترقبت بشغفٍ تكملة حديثه المثير:
-عاوزة أقول لك إنك أخر شخص ممكن" عمرو البنهاوي" يهتم لأمره أو يخاف عليه، لأنه ببساطة عُمره ما حبك، وأظن ده ظهر وقدرتي تلمسيه من خلال تصرفاته في الأزمة بتاعتك
-" عمرو"بحياته ما عِشق مَرة غيري... قالتها بحدة لتتابع بثقة عمياء:
-أنا المَرة يلي بيحبها ومستعد كرمالها يضحي بعمره
رفع حاجبهُ وسألها بمغزى:
-ويا ترى اللي بيحب حد بيكذب عليه؟
-"عمرو" بحياته ما كذب عليي،صدقني، انا وأولاده كِل دنيتو، نصيحة فتش ورى مَرتك، هايدي حية هي والحقيرة يلي إسمها سُمية،يلي بتكون إمها لزينة
وتابعت بثقة تخبرهُ بما استمعته من زوجها:
-اتنيناتهُن نسجو شباكهُن عليه ولعبوا بعقلاته، ولأنه كتير حبوب و حَدا منيح وطيب صدق كذباتهُن
وباتت تهزي وتعيد كلماته التي حفظتها عن ظهر قلب من كثرة إعادتهِ لتلك القصة البالية التي أعاد تكرارها على مسامع تلك الفارغة العديد والعديد من المرات حتى حفظت حروفها، وتابعت بثقة تُحسد عليها:
-قدروا يلعبوا بعقلاته ويوقعوه بشباكهن الوسخة.
من الطبيعي أن تستفزه كلماتها الوقحة عن زوجته، لكن العكس ما حدث،فقد أشفق عليها وشعر بأن ذاك الشيطان قد تملك من المرأة وحولها إلى مسخٍ تردد ما أخبرها به كالبغبغاء دون إدراكٍ أو تفكير، نهض وتحدث بهدوءٍ:
-لحد هنا وبالنسبة لي الكلام انتهى،أكثر حاجة بكرهها في حياتي هي الغباء والنقاش مع الأغبياء، وإن الإنسان يكون قافل مخه ويتحول لـ إمعة بإسم الحب.
لم ينتظر ردها على حديثه المهين وانصرف بخطواتٍ ثابتة واثقة تحت نظراتها الزائغة وهي تُشيعُ خطواته بعقلٍ بات مشوشًا من حديثه المبهم.
مر يومان على ذاك اللقاء وقد قرر فؤاد أن يساعد تلك المُغفلة ويُنهي إستغلالها من قِبل ذاك الطُفيلي "عمرو"،بات يفكر وبالأخير إهتدى إلى جمع كل المستندات والدلائل التي تؤكد كذبهِ عليها،جلس بمكتبه المتواجد بالقصر وقام بفتح جهاز الحاسوب الخاص به، استحضر رقم هاتفها ثم قام بتجميع نسخة من الفيديو الذي تم تسجيلهُ أثناء توثيق عملية إختطاف ذاك الحقير لإيثار بداية من إجبارها على الترجل من السيارة الخاصة بفؤاد علام عن طريق رجاله المجرمين،ثم تسجيل الكاميرات التي سبق وتم زرعها عن طريق رجال فؤاد بمنزل عمرو المتواجد بأحد الأماكن الحديثة،بعث إليها التسجيل بالكامل أثناء ما كان يعنفها ويسألها ما إذا كانت سلمت حالها وجسدها إلى فؤاد علام أم أنها ظلت على وفائها لذاك المعتوه،أيضًا بعث لها صورًا من بعض المحاضر التي حررتها إيثار ضد المدعو عمرو تتهمه بالتعدي على منزلها أثناء تناولهُ مشروبات كحولية تُذهب العقل ويحاسب عليها الدين والقانون
قام أيضًا بإرسال وثيقة تنازل عمرو عن حضانة الصغير و وضع إمضائه على ذاك الإقرار مما يثبت عدم صحة جُل ما أخبرها به، استجمع قوته وقام بإرسال الملف كاملاً ليصل إلى هاتفها عبر تطبيق الواتساب والتي تلقتهُ بصدمة عمرها بالكامل، حينها استمع هو إلى صرخات إيثار التي أتته من الطابق العلوي فأغلق الجهاز سريعًا وهرول كي يصعد الدرج بوقتٍ قياسي ويصل إلى خليلة الروح.
بينما تلقت "رولا" تلك المستندات بذهولٍ وعدم استيعاب، أوصدت باب غرفتها الخاصة عليها وباتت تتفحصُ تلك المستندات بأعين متسعة وأنفاسٍ لاهثة من شدة الغضب، لم تكتفي بمصداقية رجل دولة كـ فؤاد علام كلمتهُ كالسيف، بل ذهبت بصباح اليوم التالي لأحد خبراء الإنترنت للتأكُد من صحة الفيديو والمستندات، وحين أكد لها الخبير صحتها شعرت بنارًا مستعرة هبت بجميع جسدها،بالاول قررت الإنتقام الفوري وإبلاغ والدها بأنه تم خداعها للمرة الأولى على يد ذاك الحقير الذي استخدمها لأغراض انتقامه الدنيء، لكنها تراجعت على الفور وقررت التأني وليتم التخطط للإنتقام منه بتروي لجعله عبره لمن لا يعتبر.
أكثر ما أرهق قلبها وأشعرها بالخزي والألم والعار هو عنوان ذاك المنزل الذي ارسلهُ لها فؤاد مع مقطع فيديو يظهر به زوجها الحنون عمرو وهو يترجل من سيارته بصحبة فتاة ترتدي ملابس خليعة تظهر أكثر مما تستُر،اقتربت الفتاة منه فحاوط كتفها بحميمية ثم ولچت بصحبته إلى ذاك المنزل، وخرجا بعد مرور ساعتين بحالة من الانتشاء تعلمها هي جيدًا.
____________
عودة لوقتنا الحالي
كانت تجلس بالمقعد المقابل له تنتظر إفاقته بقلبٍ مشتعل وروحٍ ما عادت تطيقُ الإنتظار، بدأ يتملل محركًا رأسه ثم بدأ يرفع جفنيه بالتدريج ثم إغلاقهما وتكرار الحركة حتى استقرا جفنيه على فتحيهما، ارتعد وفتح عينيه على مصراعيهما حين وضحت الصورة أمامه وتذكر ما حدث من تلك الجالسة تنتظر استيقاظه، ابتسمت ساخرة ونطقت بتهكمٍ:
-أخيرًا طلعت الشمس من لمن فتحوا عيونك، دخيلك ما أكذب نظراتك
وتابعت تحت ذهول عمرو من تحولها المريب:
-أنا كيف اتحولت لهيك واحدة غبية ما بتفهم، ما عم صدق لهلا كيف تركت حالي لكون لعبة بإيدين واحد أچدب مِتلك
وتابعت بنظرة ثاقبة تحت ابتلاعه لريقه:
-كان معها الحق ماما، هي الوحيدة يلي كانت شايفة حقيقتك البشعة وكتير نبهتني، وأنا من غبائي ما كنت بصدق حكياتها، والبابا حبيبي أنا يلي اجبرته لحتى يوافق عچوازنا ويحترمك، يا الله، إديش كِنت مغفلة
نطق بصدرٍ يلهث من شدة هلعه من مظهرها الذي يدعوا إلى القلق:
-"رولا"فوقي، إنتِ بتعملي إيه، أنا عمرو حبيبك؟!
قال جملتهُ الأخيرة صارخًا، نطقت تجيبهُ بكوميديا ساخرة:
-إي بعرف إنك "عمرو"، عمرو الخاين الحقير يلي جعل من" رولا إلياس" مسخرة قِدام كل يلي بيعرفونا
صاحت بوجعٍ وقهر:
-بس يلي ما بتعرفه لحد هلا، إني عرفت كِل حقيقتك يا واطي، صار ماضيك الوسخ كلياته تحت إيديا، عرفت كيف وقعتها لـ إيثار وكيف خِنتها مع أقرب صديئة لئلا
وصرخت بما علمته من مروة زوجة حسين بعدما أستعان بها فؤاد، فقد هاتفت فؤاد بعد يومان تشكك بصحة حديثه برغم الأدلة الموثقة فطلب منها الذهاب إلى منزل مروة وسؤالها إذا لم يكن حديثه وتلك المستندات كافية بالنسبة لها، بالفعل ذهبت وصارحتها مروة بجل ما حدث وكانت هي أحد شهود العيان عليه:
-هيدي الرخيصة سُمية يلي چبتها بقلب بيتك ونمت معها عسرير مَرتك يا واطي، إديشك طلعت حقير وبلا اخلاق يا زلمة، بعد كل يلي عملته بهاالمسكينة بتچي لعندي وتتهمها هي بالخيانة
هزت رأسها لتُكمل وهي ترمقهُ باحتقارٍ:
-لو تعرف أديش صرت بحتقرك وبكرهك، والله كِنت بتقتل حالك
حاول فك قيوده وبات يحرك جسده وعندما فشل صرخ بكامل صوته لينطق كذبًا كعادته:
-كل الكلام ده كذب، صدقيني أنا عمري ما كذبت عليكِ في حرف قولته لك، فؤاد علام أكيد هو اللي بلغك بالكلام الفارغ ده
-مروة مَرته لحسين أخوك هي يلي فتحت عيوني، المَرة كَتر خيرها خبرتني بكل شي حصل بالماضي
-كذابة... قالها بحدة وتابع بافتراءٍ كاذب:
-تلاقي فؤاد هو اللي حفظها الكلمتين دول علشان تقولهم لك وتفرق بينا، صعبان عليهم سعادتنا يا رولا، فوقي وبلاش تديهم الفرصة ويكون انتقامهم مني على إيد اكتر إنسانة حبيتها في حياتي
وقفت وتحركت باستدارة إلى أن وصلت أمامه، مالت تستند بجبهتها على خاصته ثم سألته:
-عن چد أنا أكتر مَرة حبيتها؟!
حرك رأسه سريعًا لينطق مؤكدًا كي ينجو بحاله من طوفان تلك الثائرة:
-طبعاً يا حبيبتي،هي دي حاجه محتاجة سؤال!
-وشو منشان إيثار يا عمرو؟!
ابتلع لعابهُ فتابعت هي بقلب إمرأةٍ نازف:
-انا شوفِت الفيديو يلي خطفتا فيه وهي مَرة متچوزة وبعصمة رچال غيرك
وتابعت بوجع:
-سمعت بإدنيا كل كلامك إلها، وكيف كنت مخطط لهروبها معك هي و يوسف، سمعت كلامك ووعدك لئلها بإن ناطرتها أچمل أيام بعمرها، سمعت كل وعودك وشِفت بعيونك نظرات رچال مغروم لحتى الموت بالمَرة الوحيدة يلي حبها وسِكنت بقلبه
مع كل كلمة كانت تنطق بها تتزايدُ معها دقات قلبه والخوف يتملكه أكثر، سألها بصوتٍ خفيض خرج مرتبكًا:
-إنتِ شوفتي الفيديو ده فين؟!
إنتصبت بوقفتها ودارت حتى وقفت بالمقابل:
-بعت لي ياه فؤاد علام... قالتها ببرودٍ لتنطق بابتسامة ساخرة:
-كَتِر خَيره للزلمة، ما قِبِل كمل حياتي وانا مضحوك علي مِتل الهبلة، بعت لي إياه مع كل المستندات يلي بتكشف كذبك وألاعيبك الحقيرة يلي لعبتها علي وع البابا
طالعها مستعطفًا في محاولة منه لجذبها وعودتها من جديد إلى أحضانه وبيت أمانه الواهي:
-كل دي حاجات مبفبركة زورها فؤاد علشان يفرق بينا، صدقيني يا حبيبتي، حتى مروة قدر يجبرها على الكذب، وهي للأسف متقدرش ترفض له طلب لأنها خايفة على شغل جوزها، بحكم إن الحقير فؤاد هو اللي معين حسين في الشركة
حتى بتلك كذب عليها فنطقت هي بما نزل عليه كالصاعقة التي زلزلت كيانه:
-وهايد البيت واللي عم يحصل فيه من مسخرة كمان كذبة من فؤاد علام؟!
ازدرد لعابه لتتابع بسخطٍ وأعين مشتعلة غضبًا:
-بكل عين وئحة چايبني للبيت يلي عم تقضي فيه سهراتك الوسخة مع هالنسوان الرخيصة يلي بيشبهوك؟!
إقتربت من جديد وصرخت بنظراتٍ تطلق سهامًا سامة بسنونٍ مدببة:
-شو يلي كان ناقصك يا واطي لحتى تخوني مع هادول النسوان يلي بِقرف شغلهُن عندي لحتى يغسلوا لئلي التواليت؟!
ابتلع لعابهُ فتابعت هي سريعًا وقبل أن يقوم بتكذيب الأخبار كعادته:
-وقَبل ما تنفي هالتهمة عنك بحب قِلك إني إچيت لهون وزرعت كاميرات بأوضة النوم والفيلا كلها وشوفتك بعيوني وإنتْ عم بتخوني
وتابعت بابتسامة مريرة وقلبٍ يغلي كالبركان:
-بعد ما فؤاد علام الله يخليه بعت لي فيديو موثق لئلك وإنتَ عم تدخل لهاالبيت ومعك واحدة رخيصة بتشبهك
استرسلت مبررة، لأخر لحظة تريد تبرئته كي تهرول عائدة لأحضانه من جديد:
- ما اكتفيت وقِلت لازمن أتأكد لحتى ما أظلمك،ما أنا بردوا لساتني بحبك، طلبت منه العنوان ومشكور الزلمة ما قصر، بعت لي إياه برسالة عالواتساب، إچيت بنفسي بعد ما دورت عالمفتاح
وتابعت باستخفافٍ وسخرية من سذاجته:
-ولقيته موچود بين مفاتيحك بالعليقة يا أهبل،طبعته وعملت نُسخة لئلي وإچيت لهون وإنت نايم في البيت عودانك، زرعت الكاميرات يلي چابهم لئلي خبير كِنت موصيته عليهم، وصلتهم بتليفوني وصرت اشوفك كل ما تچي لهون ومعك هادول النسوان
وتابعت للمعرفة فقط:
-وحتى الفيديو والأوراق يلي بعتهم لي فؤاد علام، عطيتهم لخبير وتأكدت من صحتهم قَبل ما أتحرك وأچهز لهاالإنتقام العظيم، اليوم يلي بوعدك إن مصر وكِل الدول العربية رح تتكلم عنه لسنين قِدام
كاد أن يتحدث فأوقفته بإشارة من كفها:
-وفر عحالك الكلام، ما بدي إسمع من تِمك ولا حَرف،اليوم أنا يلي راح إتكلم وإنتْ بتسمع وبس، وهيد كرم أخلاق مني لحتى ما تموت وإنت متل الأجدب ما فاهم شي
تابعت مسترسلة باستفاضة:
- فكرت اخلص عليك وإنتْ تحت تأثير المنوم بس تراچعت لسببين، أولهم حبيت واچهك بتُهمك وقِلت لحالي يا" رولا "، من حق الزلمة يعرف أنا ليش رح موته هالموتة البشعة
-"رولا"... قالها بحركات استسلامية من رأسه مصاحبة لنظراتٍ مستعطفة متوسلة لتصيح هي بكامل صوتها:
-إخرس ولا تسمعني صوتك لحتى خلص كلامي
وصمتت قليلاً قبل أن تسأله بجبينٍ مقطب:
-شو عم كنت بقول أنا؟
إي تذكرت...نطقتها بلامبالاة لتنطق بابتسامة وشماتة ظهرت بمقلتيها:
-السبب التاني يلي خلاني نطرتك لحتى تفيق، هو رغبتي القوية وأنا عم شوف الذِل والوچع بعيونك، حبيت فرچيك فرحة قلبي وانتصاري وإنتْ عم بتموت من الوچع على إيدين هالمغفلة يلي استخدمتها متل الهبلة بانتقامك الوسخ
-واضح إنهم قدروا يعملوا لك غسيل مخ وعرفوا يكرهوكي فيا... قالها بفزعٍ ظهر بينًا بعينيه ثم سأله متسمكًا بآخر حبل لنجاته:
: فين طنط، إندهي لها يا" رولا"
تطلع للأعلى وصرخ ينادي بكامل صوته:
-إنتِ فين يا طنط، تعالي خلصيني من المهزلة اللي بتحصل دي
-ما تتعب صوتك حياتي، كل يلي بتعمله مافي منه فايدة، الماما ونور وسَليم بطريقهم هلا للمطار، راح ينطروني لحتى اخلص عليك وحصلهم وبنسافر كلياتنا للبابا
----------
العودة لفجر اليوم
استغلت "رولا" نوم ذاك الغافي بعمقٍ وانسحبت من جواره دون أن يشعر بها، اغلقت عليه الباب وتسحبت على أطراف قدميها حتى وصلت إلى غرفة والدتها وولجت دون أن تطرق بابها، مالت على والدتها وهمست مما أفزع المرأة:
-ماما، بليز فِيقي
-شو في يا رولا؟!... نطقتها وهي تفتح عينيها بتوجسٍ لتجيبها الاخرى بهمسٍ:
-بدي اياكي تقومي حالاً وتضبي اغراضك عالسريع،أنا چهزت اغراض سَليم ونور،رح روح غيرلهم اواعيهم وإنتِ كمان بتلبسي لك اي اشي عالسريع، لازم تتحركي باللصغار من هون حالاً
نطقت نائلة برعبٍ ظهر بعينيها:
-شو في يا ماما، عم تخوفيني بهيأتك وحكياتك هادول؟
اجابتها ابنتها بحدة وغل ظهر بهيأتها:
-الحقير طلع عم يخوني يا ماما، وكل يلي حكاه عن مَرته السابقة كان كِله كذب بكذب
طالعتها بسخرية لتنطق بلومٍ شديد:
-ما أنا قِلت لك هايد الكلام من قَبل، بس إنتِ ما كنتي عم بتصدقيني، كنت صامة أذنيكِ وما عم تسمعي غير صوت حالك وبس، شوفي لوين وصلنا بعنادك
-بشرفك هيدا وقته يا ماما؟!...نطقتها بلومٍ وتابعت وهي تترجاها:
-دخيلك اتحركي لنچهز حالنا قَبل ما يِفيق
بعد مرور حوالي ساعة كان الجميع جاهزًا، انقشع الظلام وكشف عن نور السماء وأعلن عن ميلاد يومٍ جديد، نطقت رولا بهمسٍ إلى والدتها:
-هايد الباسبور تبعي، وسَليم اللصغير ونور مقيدين معي، خلي الباسبور معك، وهلا لازمن تتحركي، خدي معك الشغالة بتقعد بالولاد بالكرسي الوراني، وإنتِ سوقي لحالك، انطريني بالمطار وأنا بخلص عالسريع وبلحقك
شو چنيتي إنتِ،من كل عقلك مفكرة إني رح اتركك مع هالحيوان لحالك وأمشي؟!
ترجتها:
-ماما بليز
أجابتها المرأة بصمودٍ واصرار:
-ما تعبي حالك بالحكي، ما رح اتحرك خطوة واحدة من دونك
نطقت بحقدٍ من بين أسنانها:
-وأنا ما رح اترك هون لحتى انتقم لكرامتي من هالخاين،رح دفعه تمن عملته كتير يا ماما، رح عرفه إن اللعب مع بنته لسَليم إلياس تمنه غالي كتير
سألتها متوجسة:
-بشو عم بتفكري يا تؤبري قلبي؟!
أجابتها بكذبٍ كي يطمئن قلبها وتتركها وترحل بالصغار:
-ولا شي، رح خبره إني رح طلق منه وبسافر أنا و ولادي وبعيش حياتي مع رچال جديد، ورح خلي البابا يخسره كل شي بيملكه لحتى يصير ما يملك فرانك واحد
-وبلكي أذاكي يا تؤبريني؟!...نطقت جملتها بتوجسٍ وتابعت وهي تهز رأسها بنفيٍ مرتعب:
-أنا كيف بدي عيش من دونك يا "رولا"؟
نطقت رولا بثقة مبالغ بها:
-ما تخافي، ما بيقدر يمس شعرة واحدة مني،هالچبان بيعرف بنت مين أنا بكون، وبعمره ما رح يفكر يأذي بنته لسَليم إلياس، بس إيلي طلب عِندك، ما تخبريه للبابا بيلي صار لحتى ما يبعت زلماته يخلصوا عليه
وتابعت بابتسامة تشفي:
-وكتير منيح إن هالمغفل سرب الزلم تبعه لحتى ما يثيروا الشكوك ويكشفوا عن مكانه، المحامي هيك خبره
تطلعت أمامها وبشرٍ ظهر على ملامحها تابعت:
-أنا يلي اتخانت واتلعب بيني، وأنا يلي رح انتقم لحالي
بعد إصرار وتحايلات تحركت المرأة ومعها العاملة وقادت السيارة وانطلقت بطريقها إلى المطار.
عودة للوقت الحالي
صرخ مستنجدًا بعدما اطلع على خطتها الشيطانية:
-فكيني يا رولا وبطلي جنان
وتابع بلهفة في محاولة منه باستدراجها:
-أقول لك، فكيني وتعالي نسافر كلنا النهارده عن طريق المطار، أنا معايا باسبور مزور هسافر بيه ومش هنكشف لإنه أمريكاني ومعمول بحرفية عالية
-من كل عقلك مِفكر إنك رح تأثر علي من بعد يلي عرفته؟!...تابعت بشرٍ ظهر من بين عينيها الحادتين وهي تدور من حوله في مشهد جعل الرعب يدب بداخل أوصالهِ:
-ليش ما عم تقتنع إن نهايتك إچت، إنتَ انتهيت يا عمرو
ابتسمت وتابعت وهي تميل بجانب أذنه:
- وهلا رح انتقم لكرامتي ولكل يلي ظلمتهم معك، ليوسف ولهالمسكينة زينة، وحتى هالحرباية إيثار،إي بعمري ما حبيتها ما رح إنكر، ومع هيك رح انتقم لها منك يا خاين
تحركت وجلبت شريطًا لاصقًا تحت صرخات عمرو وهو يستعطفها:
-إرحميني يا "رولا"، أنا محبتش غيرك في حياتي، تعالي نسيب البلد ونبدأ من جديد، أوعدك إني مش هفكر في إيثار تاني أبداً، بس أرجوكِ ارحميني
اقتربت عليه وتحدثت:
-اتأخرت كتير يا عمرو، للأسف، حكياتك وحتى دموعك هاي مارح تفيدك وما عادت تأثر فيني مِتل الاول
نزلت دمعة من عينيه وهو يقول بضعفٍ واستسلام:
-وحياة نور وسليم لتفكيني، سبيني عايش علشان خاطرهم.
صرخت بحدة وغلٍ:
-وإنتْ ليه ما عملت حسابهم قبل ما تخوني مع هيك أشكال يا حقير
توقفت وتابعت حديثًا من القلب:
-بتعرف يا عمرو
طالعها بذعرٍ وهو يتابع حركاتها المريبة وذاك الشريط اللاصق التي تعدهُ بين كفيها:
-بعد ما شِفت كلامك ونظرات الغرام يلي عم تِطَلع بيهم ع إيثار، الغيرة شعللت بقلبي،ومع هيك هديت حالي وقِلت إنو بيكفيني إنك وئتها ما كنت معي ولا حتى كنت بتعرفني، بس يلي كسرني وخلاني صممت على الانتقام، هي الڤيلا ويلي عم يحصل فيها، وبكل عين وئحة چايبني لتنيمني عنفس السرير يلي بتنام عليه مع هادول العاهرات يلي شبهك، وما كفاك هيك، بتكذب علي وانا عيني بعينك وبتقِلي إنك چايب لي إياها هدية لعيد ميلادي،بعمري ما شِفت أوئح منك يا حقير
-يا نـــــــــاس،حد يلحقني...صرخ بها عندما لمح إصرار الغدر بعينيها، كانت أسرع منه فبسرعة البرق ألصقت الشريط حول فمه فانكتم صوته، ابتسمت وتحدثت متهكمة:
-شفت كيف مَرت طلعت كتير ذكية، عِملت حساب لكل شي، حتى توثيق هاللحظة ما نسيته
وأشارت بكفها على تلك الكاميرا المعلقة بأعلى الحائط لتتابع:
-صورت كل شي للذكرى، بس يا خسارة، مضطرة أفك الكاميرا وأخدها معي قبل ما تسچل لحظة الإنفچار
هز رأسها بجنونٍ رافض مع زوم بصوته وعيناه تترجاها بدموع الندم والألم طالبًا الغفران، تابعت هي بأسى مفتعل:
-كان بدي شوفك وإنتْ عم تولع وبتتلوى وتصرخ من الألم،
صمتت لبرهة لترتفع قهقهاتها وهي تقول بفخرٍ:
-هليء لفهمت سبب إنشكاحه للبابا وهو عم يتفرچ عضحيته،وااااو،شعور كتيــــــر حلو
زادت أصوات فمه المكتوم وهو يزوم مطالبًا إياها بأن ترحمهُ وتطلق سراحه ولكن لا حياة لمن تنادي،تحركت إلى موقد الغاز وبدأت بفتح جميع العيون الخمس تحت صرخاته المستنجدة،نطقت بهيأة جنونية تخبرهُ بهدوءٍ وكأنها تطمئنهُ:
-ما بدي إياك تخاف حياتي،الغاز ما رح يتسرب للخارج،قفلت كل إزاز الفيلا منيح لحتى ما تطلع ريحته وحدا يحس وييچي لينقذك
أشارت على حالها بفخرٍ لتجيب:
-انا شو قِلت لك من شوي،قلت لك إني عملت حساب لكل شي،هايدا تخطيط أيام وليالي كِتار يا عمرو، وهليء فيك تفتخر فيني
وتابعت:
-ومنشان لولاد بدي اياك تطمن عالأخير،أنا معهُن وما رح اتخلى عنهن أبدًا
واسترسلت وهي تطالع دموعه باحتقارٍ وغل:
- وبوعدك رح أذكرك بأسوء كلام بينقال لطفل عن أبوه
استمعت لطرقاتٍ عالية على الباب الخارجي،اتسعت عينيه بسعادة وتجدد الأمل بداخلهما بينما هي أصابها الذعر،استمعت لرنين هاتفها فنظرت بالشاشة لتجده اسم أبيها،ردت سريعًا لينهرها هو:
-إفتحي الباب للرچال وتحركي من عندك فورًا
نطقت بحقدٍ ظهر بنبرات صوتها:
-مش قبل ما انتقم لكرامتي واشعل النار بچسده بإيديا يا بابا
صاح يحذرها:
-قيلت لك افتحي الباب وزلمتي بيقوموا مع هالحقير بالواچب
سألته بغضبٍ ظهر بصوتها:
-ماما يلي خبرتك؟!
هتف الرجل بحدة بلغت ذروتها:
-مو وقته هالحكي يا بابا،اتحركي حالاً قبل ما البوليس المصري ياخد خبر وييچي يتحفظ عليكِ، وئتها ما رح أعرف اتصرف، بترچاك يا تؤبريني.
نطق كلمته الاخيرة برجاءٍ لأب مرتعب على ابنته الوحيدة مما جعلها تهرول لتقف على أحد المقاعد وتجلب الكاميرا ثم هرولت إلى الباب فتحته ليدخل الرجال سريعًا وتحركوا لتمشيط المكان وتنظيفه من أي أدلة تحت صرخات عمرو المستغيثة والتي قُبلت بالتجاهل التام وقبل ان ينصرفوا للخارج توقفت هي بجانب الباب وقامت بفتح القداحة وثبتتها لتظل نيرانها مشتعلة، تركتها بجوار الباب لتغلقهُ سريعًا وتهرول مسرعة داخل السيارة، أغلق أحد الرجال الباب وانطلقوا سريعًا تاركين ذاك الذي يزوم مستنجدًا، يفرك بجسده بعنفٍ محاولاً فك قيود ساقيه أو كفيه، برغم عقدها بقوة للحبال إلا انهُ لن يستسلم وظل يحارب لأجل البقاء، كانت دموعهُ تسيل بغزارة فوق وجنتيه، تذكر جميع حياته وكأن ما عاشه يمر من أمام عينيه كشريطًا سينمائيًا،استسلم للقدر وتبسم وهو يرى إيثار تتراقصُ وتتمايلُ بجسدها أثناء حضورها بحنة إبنة عمه، كانت تلك هي المرة الأولى التي رأها بها، عندما كان يتلصص ويسترق النظرات على الفتيات بحفلة الحنة، هي لا غيرها من فتنته وجعلته يتمناها ويشتهي جسدها، مر من أمامهُ وجهها الخجول عندما كان يتتبعُ خطواتها أثناء ما كانت بطريقها إلى موقف السيارات للذهاب إلى الجامعة، شعورها بالخجل والسعادة عندما اخبرها عن عشقهِ لها، ليلة خطبتهما، زواجهما وأول قُبلة ودفئ الحُضن الأول وثرائه، سهراتهما وجنون العشق وما عاشاهُ معًا من ليالي دافئة مليئة بالرومانسية، وقوع خبر حملها بوليدهما الأول، نظراته لعيناي يوسف حين خرج من غرفة عمليات الولادة وحملهُ بين يديه،يا الله،نزلت دموعه وبات يصرخ،لا يريد الموت الآن، يريد العودة لمن امتلكت كيانه بالكامل،يريد الارتماء بأحضان نجله الحبيب وطلب السماح على ما فات،سيحاول مجددًا استرضاء إيثار علها تعود لرشدها وتطلب الطلاق من ذاك الدخيل "فؤاد علام" وتعود لأحضانه الدافئة من جديد،يقسم أنه سيذيقها الشهد ألوانًا لو أنها ترضى،فقط ترضى ولتترك الباقي عليه،سيحيا معها حياةً مثالية وليحتضنا صغيرهما ويحاوطا عليه، سيفعل المستحيل لأجل إسعادهما، فقط لو ترضىَ.
بالخارج أسرع يوسف مترجلاً من السيارة وهو يهرول إلى المنزل، وذلك بعدما تلقت شرطة المكان بلاغًا من أحد الجيران بوجود حركة مريبة من داخل البيت المجاور لهما وصوت رجلاً يستنجد وامراة تصيح صراخًا وتبكيتًا ، وقد علم فؤاد من خلال مصادره أن هذه الوحدة المملوكة لـ"عمرو البنهاوي"هي من تم الإبلاغ عنها من قِبل الجيران، وعلى الفور أبلغ يوسف الذي أصابهُ الهلع على الصغار وأصر على فؤاد أن يذهب مع رجال الشرطة كي يحتوي شقيقاه قبل أن تتحفظ الشرطة على "عمرو" بتهمة البلاغ المقدم بحقه من قِبل أزهار فقط، وذلك بعد ان ظهر مالكًا اخر للمطعم حمل قضية لحم الحمير بالإتفاق مع محامي عمرو مقابل مبلغًا كبيرًا من المال، لا يعلم ما مصدر تلك المشاعر التي اجتاحت قلبه وجعلت منه شاعرًا بالمسؤلية تجاه شقيقاه الصغار، بالكاد إقترب الجميع خطوة ليتراجعوا بهلعٍ وهم يرون ذاك الإنفجار العظيم الذي هز المنطقة بالكامل، هرول الجمبع والكل أخذ ساترًا خلف السيارات ليتفادوا نار جهنم التي اندلعت للتو، انتفض قلب يوسف هلعًا على ساكني المنزل، كل ما يشغل بالهُ هما الصغيران،لا ينكر أيضًا شعورهُ بالخوف على ذاك المؤذي لحاله والجميع
أما بالداخل، علت صرخات عمرو وارتفع صوتهُ مستنجدًا بعد أن أكلت النيران الشريط اللاصق وخرج صوتهُ مجلجلاً بالصرخات طالبًا العون من الجميع، بات يصرخ ويصرخ مستغيثًا دون إجابة، فالجميع يستمع لصوته ولكن لا أحد يجرؤ على الإقتراب فقد ارتفعت ألسنة اللهب البرتقالية لعشرات الأمتار بهيئة مُرعبة، من يراها يرتعد هلعًا ورعبًا، إرتفعت أصوات ساكني المكان وخرج الجميع من بيوتهم صارخين هلعين مما يروه، وبسرعة حضرت سيارات المطافي وبدأت برش المياة عبر الخراطيم للسيطرة على هذا الحريق الهائل،وقف يوسف منتصب الظهر وابتعد للخلف يتطلع بألمٍ وصوت صرخات عمرو تمزق داخلهُ وتؤلمهُ، نزلت دموعه شاعرًا بالعجز حيال ما يحدث لوالده وشقيقاه، وقف كثيرًا حتى توقفت صرخات عمرو للأبد.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بمكانٍ آخر، داخل مطار القاهرة الدولي، وصلت إلى صف المسافرين و وقفت بجوار والدتها ونجليها لتسألها نائلة:
-شو عملتي يا رولا؟!
أجابتها وهي تتنفسُ بانتشاءٍ ينم عن راحتها:
-يلي كان لازم ينعمل يا ماما
وتابعت تسألها بعتابٍ:
-ما قِلت لك لا تخبري البابا، ليش قِلتي له؟!
نطقت المرأة بجدية:
-لأنه ما بقى عندي ثئة فيكِ من بعد ما ورطي حالك مع چوز طليقة هالحقير
ابتسامة نصر ارتسمت فوق شفتيها لتنطق بنبرة منتشية:
-خلاص يا ماما،كل شي انتهى،ما بقى فيه شي اسمه عمرو لحتى يزعچنا من بعد اليوم،خِلصت منه وخَلصت البشرية من أذاه وكذباته اللي ماعم ينتهوا
تلفتت الصغيرة من حولها قبل أن تسألها:
-ماما، وينه البابا؟!
أجابتها بهدوء:
-البابا سافر لمكان بعيد يا ألبي
وأيمتى رح يرچع؟... سؤالاً وجهته الصغيرة لتجيبها بنبرة حماسية:
-ما قال
اقتربت من النافذة وسلمت أوراقها ليسألها الموظف:
-جنسية حضرتك فرنسية؟
نطقت باللكنة الفرنسية التي تتقنها بطلاقة:
-نعم سيدي،ومعي طفلاي أيضًا يحملان الجنسية الفرنسية وهما مقيدان على جواز السفر الخاص بي
أخرجت تصريحًا أخر وتحدثت:
-وهذه هي موافقة الأب على السفر.
كان عمرو قد وضع امضائه على السماح لأطفاله بمغادرة البلاد بصحبة والدتهما تحسبًا لأي جديد يحدث بالقضية ويمنع سفره، وهذا ما سهل عليها المهمة، أشار لها الضابط المسؤول عن مرور المسافرين إلى الصالة الداخلية وقد لحقت بها نائلة والعاملة وبعد حوالي النصف ساعة كانت تربط حزام الأمان لصغارها ثم ربطته لحالها وأغمضت عينيها تتنفسُ براحة حين شعرت بحركة الطائرة أثناء استعدادها للإقلاع.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا