رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
لا حول ولا قوة إلا بالله
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
🔹الفصل الخامس والثلاثون 🔹
«أذنابُ الماضي»
#_أنا لها شمس الجزء الثاني،بقلمي روز آمين
«حين رأتك عيني للوهلة الأولى اهتز قلبي وأشار عقلي وقال، "هذا هو نوعي المفضل من الرجال"،رأيت بك خليل روحي الذي طالما بحثت عنه،أشرتُ إليك بأصبعي فخضعت لقوى سحري خانعًا مستسلمًا، وبفترةٍ وجيزة أصبحنا روحًا واحدة تحيا داخل جسدين، حاربت الجميع لأجل عشقك المُولَع، تشبثتُ بك للنهاية حتى زفرتُ بك فارسًا وفازت بالآخير رغبتي،لم أشعر بدفيء أحضان رجلاً مثلما شعرتُ وأنا بصحبتك، تبدلتُ لأنثى آخرى لأچلك،نعم،لأجلك أنتْ،أصبحتُ أكثر تعقُلاً وثباتًا،بِتُ أسبحُ حول هالتكَ،وبعد أن كنت أمتلكُ أنا زمام أمورك انحصر عالمي داخل عيناكَ وأصبحت أدور في فلكك، عشقتك بكل جوارحي وما تركت مستحيلاً إلا وجاهدت وفعلتهُ لأجل رضاكَ يا مُلهمي،أصبحت أرى الأمور بعينيك وأشعرُ بحِسك وأتصرفُ بأمرتك،بإختصارًا أصبحتُ أنتَ وحدك عالمي،كل هذا كان حُلمًا رائعًا تحول بلحظة إلى كابوسًا مُفزعًا بعدما انقشع ظلام ليلي لأرى الحقيقةَ العارية،والآن هيا أجبني، هل وضعت تلك اللحظةِ بالحُسبان؟ أو تخيلت ردة فعلي يا تُرى؟هل راودتك تلك الأسئلة من قبل أم أن غبائكَ صور لك خديعتي حتى النهاية؟مهلاً، أنا لا أريدُ منكَ إچابةً،حتى أني لن أخبرك بل سأترك هذا لحِسكَ العظيم،فهيا اطلق لخيالك العنان وقبل أن تبدأ عليك أن تعلم جيدًا ،أنك مهما تعمقت وسرحت بتخيلاتكَ ،سأتفوقُ بجدارةٍ على جميعها لأمرٍ بسيط،هو أنك مهما تماديت في الشر فلن تبلغ نصف ما بلغته، فأنا إبنةُ الشيطانُ أيها الأبله، فانتظر من الآن نهايتك وجحيمك الحتمي.»
"رولا سليم إلياس"
بقلمي «روز أمين»
__________________________
بمكانٍ آخر،كان يقف أمام ذاك الحائط الزجاجي يتطلعُ على حديقة منزلهِ الشاسعة وهو يتابع ما يحدث بالقرية عبر الهاتف الچوال بتوترٍ بالغ، ارتعد جسده رعبًا بعدما استمع من أحد رجاله المنتشرين بالبلدة ما حدث من طوفان سيقوم بتحطيم جميع ما خطط له على مدار شهورًا كاملة،دب ساقية بعنفٍ في الأرض وجذب شعره بحدة للخلف حتى بات يقتلع جذورهُ ليصرخ بالهاتف قائلاً بتوبيخ رجله:
-إقفل يا حمار ولما يحصل جديد إبقى بلغني بسرعة
شعر بصوت كعب حذاءًا عالي يدق الأرض من خلفه، استدار ليجد رولا تقترب عليه وبلحظة قطبت جبينها تسأله:
-شو بك يا عمرو،ليش وچك مقلوب هيك؟!
طالعها والغضب يسكن عيناه لتقترب منه تسألهُ بدلالٍ وهي تتحسسُ وجنته كي تحسهُ على مصارحتها بمجريات الأمور:
-شو في حياتي، حدا بلغك خبرية مو منيحة؟!
-فيه مشكلة كبيرة في البلد والوضع اتطور وخرج عن السيطرة... قالها متوترًا ليتابع مزدردًا لُعابهُ:
-إحنا لازم نسيب الفيلا دي حالاً
-شو يلي بيجبرنا نتركه لبيتنا يا "عمرو"؟! ولوين بدنا نروح يا زلمة؟!... سؤالاً طرحتهُ بذهولٍ متعجب ليجيبها سريعًا بما جعل اتساع عينيها يزيد:
-عندي ڤيلا في كومبوند تاني محدش يعرف عنها أي حاجه حتى أهلي، هنروح نقعد فيها لحد الأمور ما تستقر ونرجع هنا تاني
سألتهُ بدهشة مفتعلة ممتزجة بحدة طفيفة:
-وأنا ليش ما عندي خبر من قَبِل عن هالڤيلا؟! وشو لازمتها من الأساس؟!
انزعج من حدتها عليه وطرح تلك الأسئلة فأخر ما ينقصهُ الآن هو طرح تلك الأسئلة الغبية،صاح بها معنفًا:
-وده وقته يا"رولا"
وتابع مسترسلاً بنبرة حزينة ونظرات أعين منكسرة لحثها على التعاطف معه:
-أنا في مصيبة كبيرة وإنتِ بدل ما تقفي جنبي جاية تحاسبيني؟!
وتابع بكذبٍ ظهر بنبرات صوتهِ المرتبك:
-على العموم يا ستي دي ڤيلا كنت شاريها علشان أقدمها لك هدية في عيد جوازنا الجاي
-حياتي إنتَ يا عمرو... قالتها بابتسامة مزيفة لتجذبهُ وتسكنهُ أحضانها ثم بلحظة تحولت ملامحها لحادة ونظراتها لنارية وهي تقول:
-تؤبرني أديشك حنون
خرج من بين أحضانها لينطق بهلعٍ لم يستطع مداراته لسيطرة الخوف عليه:
-مش وقت أحضان يا رولا، إحنا لازم نسيب المكان ده حالاً، الوقت مش في صالحنا
-شو عامل إنتَ وسِتهم لحتى تنهار بهالشكل؟!
-وبعدين معاكِ يا رولا...صرخ بها وهو يدور حول حاله كالأسد الجريح مما جعلها تتراجع وتقول لاستقطابه:
-خلص، بوعدك ما رح إسألك بعد هلا
زفر ونطق بلهفة ممتزجة بقلقٍ عميق:
-إطلعي بسرعة هاتي حاجتك المهمة وجهزي الولاد، وادي خبر لمامتك علشان تجهز
وتابع بحسمٍ:
-لازم في خلال نص ساعة بالكتير نكون اتحركنا من هنا
صعدت الدرج لتجد والدتها تقف بأعلاه،ومن الواضح أنها كانت تتسمع عليهما،امسكت بكفها وسحبتها حتى وصلت إلى باب غرفتها ودفعته لتوصده جيدًا قبل أن تهتف بحدة:
-دخلك شو عامل هاالتافه هو وإمه الحرباية لحتى يكون مرعوب هيك؟
أجابتها هامسة:
-ما بعرف يا ماما،بس شكله الموضوع كبير ومعئد
-ونحن شو بيدخلنا بقصصهم يا ماما؟!...قالتها نائلة بارتيابٍ لتتابع بحذرٍ:
-خليني تلفن لبيك وبخبره شو يلي صار، وهو بيتصرف وبيئلنا شو بنعمل
هتفت "رولا" تترجى والدتها بنظراتها المستعطفة:
-دخيلك يا ماما ما تدخليه للبابا في الموضوع
تابعت وهي تنظر للأمام بشرودٍ وكأنها تخطط لشيئًا ما:
-أنا بحلها، وهلا بترچاكِ تساعديني لنضب اغراضنا عالسريع لحتى نتحرك من هون.
زفرت المرأة بضيق لا يروق لها تصرفات ابنتها الهوجاء لكنها مضطرة لمجاراتها كي لا تحزن.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
العودة إلى قرية "آل ناصف"وقف الحاج محمد يصرخ بكامل صوته يأمر الجميع بالابتعاد عن الصيدلي وكأنهُ يخاطب نفسه، فحتى أبنائه ضربوا بأوامره عرض الحائط وانقضوا على الصيدلي كالذئاب المفترسة الجائعة،صرخ أيضاً إمام الجامع في محاولة منه للابتعاد وبات يقص عليهم بعض آيات الذكر الحكيم دون جدوى، حالة من الهرج والمرج أصابت الوسط
حضر رجال الشرطة بسياراتهم بعد أن استعان بهم بعض أبناء القرية من رأوا أن زمام الأمور قد انفلتت على الآخير لتعم الفوضى بالبلدة،ترجل رجال الشرطة من السيارات وبدأوا بالإنتشار حول الإشتباك وبدأ الضابط بالصياح يأمرهم بالابتعاد عن الصيدلي وأخصائي المعمل دون فائدة،اتسعت عينيه حين رأى غضب الناس وتجمهرهم حول الرجلين،الأمر أشبه بحيواناتٍ مفترسة جائعة قد عثروا على فريستين فانقضوا عليهما لينهشوا من لحمهما دون الشفقة على صرخات الفريسة، أخرج الضابط سلاحهُ ورفعهُ للأعلى ليطلق بعض الأعيرة النارية في الهواء الطلق كي يُجبر الناس على الابتعاد، كرر العملية عدة مرات حتى ابتعد الجميع بمساعدة الحاج محمد وإمام الجامع ورجال الشرطة
صرخ الضابط حين وجد الرجلين يغرقان بدمائهما بمنظرٍ تقشعر لهُ الأبدان، وجه كلاً منهما مشرحًا وأظافر أهل القرية قد حُفرت وكلاً وضع علامته المؤثرة فوق جسديهما:
-أنا عاوز أعرف إيه اللي بيحصل هنا بالظبط ومين المسؤل عن الفوضى والخلل الأمنى اللي حصل ده؟
وأشار لرجاله الاطمئنان على الطبيبين،بينما ازدرد السيد محمد لعابه فهو المسؤول الأول والآخير عما حدث وبدر من أهل قريته، نطق بصوتٍ حاول السيطرة عليه ليخرج ثابتًا وهو يقول:
-الموضوع كان بسيط يا باشا وكان عبارة عن قاعدة عرفيه بينا كأهل بلد واحدة
قاطعه الضابط بحدة بالغة:
-مش انتَ اللي تقرر إذا كان بسيط ولا لا يا حاج محمد، وبعدين البلد دي فيها قانون، وحتى لو هتعمل قاعدة عرفية فدي كمان ليها أصول وقوانين وإحنا بنكون مدعيين فيها لضبط النفس عند الجميع، وعلشان لما الأمور تتطور وتخرج عن السيطرة زي ما حصل هنا، نكون موجودين ونسيطر على الأوضاع
انتفض جسد السيد محمد عندما استمع إلى صوت رجل الشرطة المبلغ بالاطمئنان عن المتعدي عليهما وهو يقول:
-الصيدلي مات يا افندم
اتسعت عيني الضابط لتعلو أصوات شباب عائلة ناصف وأهل القرية جميعًا وهم يقولون بقلوبٍ لا تعرف الشفقة على هذا القاتل بائع ضميره:
-في ستين داهية، عقبال دكتور التحاليل
صرخ الضابط بكامل صوته كي يحث جميع الابواق التي فُتحت على الصمت:
-الكل يسكت، مش عاوز أسمع صوت حد فيكم
وتابع متوجهًا باتهامٍ للسيد محمد:
-إنتَ المسؤول قدامي عن موت دكتور فريد، وعلشان كده مضطر أقبض عليك، وهناك تبقى تحكي لنا تفاصيل الفوضى اللي حصلت دي، حصلت ازاي
علت أصوات الناس باعتراضٍ على التحفظ على السيد محمد ناصف ليهتف إمام الجامع موضحًا حقيقة الآمر:
-الحاج محمد بريء من ذنب الدكتور يا حضرة الظابط، الراجل عمل أقصى ما بوسعه وحاول يبعد الناس ويهديهم، لكن الشباب مسمعوش لحد وثاروا على الدكتور وحصل اللي حصل
وتابع بحكم مكانته كرجل دين:
-وبكده الحاج محمد بريء من دمه،ودم الراجل إتفرق بين شباب البلد
-انا مليش دعوة بالكلام ده كله يا سيدنا الشيخ،أنا هنا بنفذ القانون،والقانون بيقول إن كل واحد مسؤل عن اللي حصل النهارده هيتقبض عليه ويتحقق معاه إلى أن تثبت برائته أو إدانته
هرول طلعت يتحامى في الضابط فقد كان يختبيء تحت أحد الأرائك الخشبية خشيةً من ثورة أهل البلدة عليه وضمه مع ذاك الثُنائي،صرخ مستنجدًا بجسدٍ يرتجف هلعًا:
-إحميني من أهل البلد يا حضرة الظابط، انا بريء، والله ما كنت أعرف أي حاجة
قطب جبينه يسأل:
-إنتَ مين يا جدع إنتَ؟!
أجابهُ أحد الشباب:
-ده طلعت البنهاوي يا باشا، واحد من اللي اتفقوا على مرض وفضيحة الست أزهار
ازدرد لعاب "طلعت" وقبل أن ينطق نافيًا وجد قبضة الضابط تهبط بقوة على كتفه كمن عثر على ضالته وهو يقول:
-هو أنتَ بقى طلعت البنهاوي صاحب المطعم اللي على الطريق بره، وقعت ولا حدش سمى عليك يا حبيبي
وصاح مناديًا على أحد رجاله:
-عسكري إسماعيل، خد الواد ده إرميه في البوكس واتحفظ عليه كويس على ما نفضى له ونشوف مصايبه هو كمان
صرخ "طلعت" متعجبًا:
-أنا عملت إيه يا باشا؟!
نطق الضابط مفسرًا تحت ترقب أهل البلد وتمعنهم بالحديث:
-صلاح حرامي الحمير اتقبض عليه من كام ساعة وهو متلبس بسرقة حمارين من غيط في البلد اللي جنبكم، ولما استجوبناه اعترف إنه بيسرق الحمير بالاتفاق معاك علشان تدبحها وتستخدمها في المطعم بتاعك على أساس إنها لحمة بقر وجاموس
ارتعد طلعت من نظرات أهل القرية التي صوبت نحوهِ كسهامٍ مسممة بينما صاح أحد الشباب بذهولٍ وهو يشعر بالتقزز :
-يعني إيه، الكفتة واللحمة المشوية والحواوشي اللي كنا بناكلهم الفترة اللي فاتت دي كلها، كانت من لحم الحمير؟!
انتهز عزيز الجوهري الذي حضر هو وشقيقه "وجدي" حين علم بما يجري من كارثة، وهتف ملقيًا بكامل اللوم على أهل قريته:
-إشربوا يا بلد، مش جريتوا ورى الأكل الرخيص وقاطعتوا مطعمنا اللي بنتقي الله في كل لقمة بنقدمها لكم فيه؟
وتابع شامتًا:
-أهو عمرو البنهاوي وطلعت طلعوا بيأكلوكم لحم حمير وكمان مسروق
صرخ طلعت متنصلاً بندالة كعادته:
-أنا مليش دعوة يا باشا، المطعم باسم "عمرو" والاتفاقات وتوريد اللحمة وكل حاجة هو المسؤل عنها، أنا موظف شغلتي أبيع واورد له الفلوس وبس
لم يكن عزيز هو الوحيد الذي انتهز تلك الفرصة لتوجيه اللوم إلى أهل قريته فقط، بل اتبع الحاج محمد أيضًا نفس النهج حيث وجه لومهُ إلى ضابط الشرطة قائلاً:
-شوفت يا باشا، عرفت إن كان عندي حق لما نفيت نسل البنهاوي النجس وقطعت دابرهم من البلد كلها، كنا عايشين مرتاحين والبلد كانت هادية، لحد ما رجعوا تاني وانتَ بنفسك يا باشا اللي جيت وأجبرتنا على دخولهم لما حضرت مع رجالتك افتتاح مطعم الشوم والندامة
وتابع محملاً إياه الذنب:
-وأهم البهوات طلعوا بيقدموا فيه سمومهم للناس في لحمة الحمير، وياعالم الامراض اللي دخلت جسد الناس من اللحمة اللي حرمها ربنا في كتابه العزيز
صاح إمام الجامع موجهًا حديثهُ إلى ذاك الـ"طلعت" المتحفظ عليه من قِبل رجال الشرطة:
-لا حول ولاقوة إلابالله العلي العظيم، إنتوا إيه يا أخي، مبتخافوش من ربنا ولا بتتقوه، دايرين تأذوا وترازوا في الخلق، حتى اللقمة بتاعت الناس مسلمتش من أذاكم، هتقابلوا ربنا وتقفوا قدامه يوم الموقف العظيم بأنهي وش؟!
فارت دماء الشباب داخل عروقهم وجميعهم شعر بالتقزز حتى منهم من اصابهُ الهلع وامسك بطنه وبدأ يتقيء بإعياءٍ، بينما أقبل البعض ليهاجموا طلعت فاستشعر الضابط الخطر فقام بإطلاق الرصاص الحي بالأعلى للتفرقة، وسريعًا أمر رجاله بالتحفظ على طلعت داخل سيارة الشرطة، وبالفعل هرولوا لإخفائه عن العيون خوفًا من أن تطاله أيادي أهل القرية فيمزقوه ويحولوا جسده لإربًا
هاجت الناس وتحول المكان إلى هرجٍ ومرج من جديد كل هذا يحدث تحت نظرات ذاك الواقف جانبًا عينية ممتلئة بدموع الالم والحسرة، يشعر بالخزي والعار ويتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعهُ ليختفي من أمام أعين الناس المشفقة على حاله،حضرت سيارتي الإسعاف حملت إحداهما جثة الصيدلي تحت صرخات والدته وزوجته التي برغم ما حدث لصغيرها بسبب لعنة المال الملطخ بشرف سيدة بريئة، إلا أن خبر وفاته نزل عليها كصاعقة كهربائية زلزلت كيانها بالكامل،والآن خسرت زوجها وسيلحق نجلها بأبيه وستبقى وحيدة بلا ونيس يؤنس عالمها وذاك ابتلائها من المولى عز وجل ربما لرفعة شأنها ،فالبلاء وإن كان ظاهره النقمة إلا أن حقيقته نعمة، فالله يبتلي أهل الطاعة إما لمغفرة ذنوبهم أو رفعًا لدرجاتهم، وفي كلا الأمرين خير للإنسان لو عقل وصبر.
حملت السيارة الآخرى أخصائي التحاليل مع التحفظ عليه من قبل رجال الشرطة لحمايته وأيضًا لضلوعه في الجريمة، واتجهت إلى المشفى لعلاجه، بدأ الضابط بالتحفظ على بعض الشباب للتحقيق معهم في واقعة وفاة الصيدلي فريد والتعدي على الآخر،ومن بينهم نجلي السيد محمد بذاته وبعض أبناء العائلة بالإضافة لبعض أهالي القرية الذين شاركوا بأخذ حق إبنة قريتهم والثأر ممن تعديا على شرفها، ليصرخ أهالي الشباب ويعترضوا فطمأنهم الضابط أنها مجرد إجراءات إحترازية وسيتم الإفراج عنهم إذا ما ثبت تورطهم وذلك لتهدئة الوسط ليس إلا، لكنه سيتبع التحقيق بشفافية وحتمًا سينال كل متعدي جزائه بعدل الله وحكمة القانون
تحدث الحاج محمد إلى الضابط بصوتٍ عالي كإشارة منه إلى الشباب المتحفظ عليه ورسالة للجميع بألا تأتي سيرة إجلال في أقوالهم أثناء الإدلاء بشهادتهم في محضر الشرطة الرسمي:
-يا باشا المتهم الرئيسي في اللي حصل ده كله هو عمرو البنهاوي،بمساعدة الشيطان طلعت
-و ستهم يا حاج محمد...نطقتها إحدى النساء ليخرسها بنظراته وهو يقول بذات مغزى وصل للجميع:
-الكلام اللي قولته هو اللي حصل يا باشا، وباعتراف الصيدلي الله يرحمه قدام الجميع وكمان دكتور التحاليل، ولا إيه يا أهل البلد
وافقهُ الجميع بصوتٍ عالي لثقتهم باتباعه للعدالة، نطق الضابط مستفسرًا من المرأة:
-مين ستهم؟!
ابتلعت ريقها وبعد تفكيرًا تحدثت بتفسيرٍ:
-أنا قصدي إن امهم قصرت في ربايتهم وكده هي معاهم.
لم يهتم الضابط بتفسير المرأة وتحدث إلى السيد محمد باحترام لسببين،أولهما خشيةً من غضب التجمهر لأجل كبيرهم الحكيم،والآخر هو أنه حقًا يكن للسيد إحترامًا لعدم تعديه يومًا على القانون واحترامه للجميع عدا تلك الحادثة التي تصرف بها بهوجاء:
-أنا هاخد الشباب على القسم وابدأ التحقيق في القضية يا حاج محمد، ومستنيك تجي لي النهارده القسم علشان ناخد أقوالك إنتَ كمان، وياريت تجيب معاك الست الشاهدة مرات طلعت
-أنا تحت أمرك يا باشا،اتفضل جنابك وأنا هصرف الناس وأهديهم واحصلك على القسم
بعدما انصرف الضابط ومعه جميع المشتبه بهم وهم أكثر من مئة شاب على الأقل،هدأ السيد محمد الأهالي وانصرفوا ليقترب هو من حسين المهزوم، حاوط كتفه وتحدث متضامنًا:
-قلبي عندك يا حسين يا ابني، مش عارف أقول لك إيه
وتابع الرجل ناصحًا لأجل ما يشعر به ذاك الخلوق من مشاعرًا مميتة:
-خد بعضك وارجع لعيالك يا ابني،ونصيحتي ليك انسى البلد وخليك مكمل في طريقك
-ليا عندك طلب واحد قبل ما امشي يا خال... قالها بصوتٍ منكسر ذليل ليجيبه الرجل بهدوء:
-اطلب يا ابني، عاوز فلوس؟
قالها محمد بصدقٍ ليقطع الآخر حديثه قائلاً بخجلٍ:
-كتر خيرك يا خال، مستورة الحمدلله
وتابع وهو يبتلع لعابه:
-أنا بقول تديني أمي أخدها معايا، ووعد عليا ما هتشوف وشها تاني ولا هتسمع عنها أي حاجة
-طلبك متأخر يا ابني، أمر أمك مبقاش في إيدي خلاص
ترجاهُ بعيناه متذللاً فحرك الرجل رأسهُ وتحدث:
-ده طلب ست اتظلمت واتداس على شرفها وعفتها بجزمة أهل البلد كلهم، وأقل حاجة نريحها في آخر أيامها
سألهُ بذهولٍ:
-يعني هتسلمها أمي بجد يا خال؟! هتسلمها اختك؟!
تنهد الرجل بأسى وتحدث والألم ينهشُ بصدره:
-إنتَ فاكرني مبسوط وأنا بسلم أختي لأزهار، ستهم بنت الحاج ناصف اللي كانت رجالة البلد بأكملها بتقف لها باحترام،بس للأسف، أمك هي اللي عملت ووصلت نفسها للنهاية دي، والقصاص عدل ربنا في الأرض يا حسين
نزلت دموعه ألمًا وحسرة على ما وصلت إليه عائلته وطلب أن يرى والدته للمرة الآخيرة فرفض محمد للتحفظ على إجلال من قبل أزهار بغرفة واحدة لكنه أصر على رؤيتها .
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بمسكن حسين البنهاوي داخل القاهرة الكُبرى حضر يوسف بصحبة شقيقته بعدما أخبرته الأخيرة بأن ابنة عمها أبلغتها عبر الهاتف بانهيار والدتها خوفًا على أبيها المتواجد وسط النار،على الفور حضر هو وشقيقته كي يؤازرا أسرة عمهما
يجلس منكسًا رأسهُ والحزن والهم والألم يسكنون ملامحهُ ،يقابلون جلوسهُ مروة المنتحبة وابنتيها وأيضًا زينة التي تحدثت وهي تحتوي كف زوجة عمها الحنون:
-كفاية عياط يا خالتي،إن شاء الله عمي هيتصل بيكي تاني الوقت ويطمنا عليه
خرج من الداخل أحمد حيث كان بالحمام،وهتف بحدة وهو يجاور إبن عمه بالجلوس:
-انا اللي عاوز أعرفه بابا رايح ليه أصلاً، إحنا لينا إيه هناك أو مين علشان نروح له ويحط نفسه في وسط النار علشانهم؟!
-والله يا ابني أنا قولت الكلام ده لعمي...جملة تأكيدية نطق بها يوسف ليتابع بعدم رضا ظهر فوق ملامحهُ:
-قولت له ركز مع ولادك وشغلك وخرج الناس دي من حساباتك، لأن محدش فينا هيشوف خير في قربه منهم
نطقت مروة بدموعها الحزينة:
-إنتوا بتتكلموا علشان الموضوع بعيد عنكم يا يوسف، لكن عمك حسين ميقدرش يبعد، دول في الأول والأخر أمه واخواته، وعمك ضميره حي، ميقدرش يسيبهم وهما في الظروف دي
ضيق بين حاجبيه قبل أن يسألها مستنكرًا:
-ومين اللي حطهم في الموقف ده يا طنط؟! مش عمايلهم السودة وإجرامهم وعدم خوفهم من ربنا؟!
واسترسل يهز رأسهُ بذهولٍ وعدم إدراكٍ لمدى إجرامهم وشيطنة عقولهم:
-حضرتك مستوعبة هما عملوا إيه، دول لوثوا دم ست بريئة بمرض مميت ومرعب
وتابع بتحريك رأسهِ باستنكارٍ وجنون:
-وياريتهم إكتفوا بكدة، دول مش بس لوثوا دمها، دول لوثوا سمعة ست شريفة ودنسوا طهارتها قدام اولادها وأهل البلد كلهم، دول غلبوا الشياطين بتفكيرهم الحقير
وتابع يسألها وقد أوشك على فقدان عقله:
-حضرتك مستوعبة عمي رايح يساند مين؟!
ارتفع صوت شهقاتها وتزايد هبوط دموعها ليزفر هو مسترسلاً:
-أنا مش قصدي أضايق حضرتك بكلامي،أنا بعرفك إن عمي غلطان في دعمه ليهم
-يوسف عنده حق يا ماما...قالتها جنة لتهتف بجسدٍ مستنفر:
-العيلة دي مشوفناش من وراها غير العار والهم
أكمل على حديثها أحمد الثائر:
-وبدل أبوكِ ما يبعد ويكفينا شرهم،مُصر يجري وراهم علشان يورط نفسه معاهم،ادينا قاعدين حاطين أدينا على خدنا ومستنيين نعرف اللي حصل معاه،يا ترى لو البوليس قبض عليه معاهم هنعمل إيه وهيكون موقفه هو إيه؟
نطقت الصغيرة تقى سريعًا وعينيها تتشبثان بأملٍ بابن عمها:
- لو بابا اتقبض عليه يوسف أكيد هيطلعه،مهو ضابط ويقدر يعمل كده
وتابعت متعلقة بعينيه بتوسُلٍ بريء:
- مش كده يا يوسف؟
شملها بنظراتٍ حزينة ونطق كي يهدأ من ورعِ تلك الصغيرة :
-بابا محدش هيقدر ييجي جنبه يا تقى،لأنه مش مدان بأي فعل،اطمني يا حبيبتي
وتابع وهو يتطلع إلى زوجة عمه:
-كفاية عياط يا طنط لو سمحتي
نطقت بتوجسٍ وريبة:
-أنا خايفة لياخدوا عمك في الرجلين يا يوسف،بحكم إنه اخوهم،وخصوصًا إن ابوك الندل ورطهم وهرب زي عوايده
برغم احتراق روحه وغضبه من ذكرها بلقب "أبوك"ولصق اللقب به إلا أنه تمالك من غضبه وتحدث مهدأً روعها:
-إن شاء الله مش هيحصل كده، وصدقيني لو الموضوع لا قدر الله اتطور والشرطة قبضت على كل الناس اللي كانت حاضرة زي ما بتقولي، أنا هتصل ببابا فؤاد وهخليه يتدخل
استمع إلى رنين جرس الباب فأشار سريعًا إلى أحمد الذي تأهب للوقوف وتحدث:
-خليك يا أحمد، ده غالبًا هيكون دليفري المطعم
تحرك باتجاه الباب لتسأل مروة متعجبة:
-دليفري إيه اللي جاي لنا الوقت؟
أجابتها زينة بهدوءٍ كعادتها:
-ده يوسف اتصل بمطعم مشويات وإحنا جايين في العربية، وحجز لنا عشا علشان ناكل مع بعض
وتابعت بحرجٍ يعود لشخصيتها:
-هو قال أكيد إنتوا مش قادرين تقفوا في المطبخ وتعملوا عشا وانتوا في الظروف دي
-ومين ليه نفس للاكل وعمك في وسط النار يا زينة... قالتها لتنهمر دموعها بغزارة، احتضنتها زينة وانهمرت دموعها هي الآخرى قلقًا وحزنًا على ذاك الحنون الذي احتواها في كنفه منذ أن كانت طفلة حتى ترعرعت بين أحضانه وصارت شابة يتشرف الجميع بحُسن تربيتها، استلم يوسف الطعام من العامل وحاسبهُ ثم أغلق الباب ليضع الاكياس فوق الطاولة الصغيرة وهو يقول:
-يلا يا جماعة علشان نتعشى
أشارت بكفها باعتراضٍ:
-خد ولاد عمك وكلوا انتوا يا ابني، أنا مش هقدر أحط لقمة في بوقي إلا لما ألاقي عمك داخل علينا من الباب
-مش هينفع اللي حضرتك بتعمليه ده، صدقيني موضوع عمي أبسط مما تتخيلي، وشوية وهتلاقيه داخل علينا لإن زي ما قولت لك، هو ملوش اي علاقة بالموضوع
أقبل عليها وبسط كفه وتحدث:
-مينفعش تفضلي من غير أكل الفترة دي كلها، قومي علشان خاطري
وتابع من باب الضغط عليها:
-ولا مش عوزاني أكل معاكم، على فكرة أنا جعان ومأكلتش من إمبارح حتى اسألي زينة؟
نطقت سريعًا تؤكد على حديث شقيقها:
-آه والله ما حط لقمة في جوفه من ساعة ما عمي حسين ما كلمه، عايش طول اليوم على القهوة
نطقت جنة أيضاً:
-لو مقومتيش أكلتي إحنا كمان مش هناكل
نطق يوسف يجبرها على الاستجابة:
-إيه يا طنط، أنا هفضل مادد إيدي كده كتير ولا إيه
تبسمت له لتضع كفها بخاصته فأسندها الشاب والفتيات واتجه جميعهم إلى الطاولة ليخرجن الفتيات الطعام ويرصهن ويبدأ الجميع بتناولهُ دون شهية ولا تذوق وكأن كلاً منهما يؤدي وظيفة ويأكلُ غصبًا لأجل الآخر.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ولچت بعدما اسأذنت بالدخول وتحركت باتجاه ذاك القابع خلف مكتبه الخشبي، أمسكت كوب القهوة وقامت بوضعهِ فوق سطح المكتب وهي تقول بملامح وجه جادة:
-قهوة سعادتك يا باشا
خلع عنه نظارته الطبيه ليفرك عينيه برفقٍ وأغلق الحاسوب وهو يقول:
-تسلم إيدك يا عزة
أمسكت كأس الماء وقامت بوضعه بجوار القهوة لتنطق مستفسرة:
-ألا إيه آخر الأخبار يا باشا؟
ناظرها مستفهمًا لتتابع مفسرة:
-أخبار البلد واللي بيجرى فيها
-ملكيش دعوه بالموضوع ده...قالها بحزمٍ ليتابع بإشارة تحذيرية من سبابته:
-وإياك إيثار تعرف حاجه عن الموضوع يا عزة، صدقيني المرة دي بالذات ما هرحمك
لوت جانب فمها لتنطق متهكمة:
-وأنا لو عاوزة أقول لها كنت هاجي أقول لك إنتَ من الأول ليه؟!
مصمصت شفتيها ونطقت وهي تضرب كفها بالآخر بأسى:
-أنا مش صعبان عليا في الليلة دي كلها إلا يوسف يا حبة عيني، الواد كل ما ييجي يقوم ويسند ظهره ييجي المنيل على عينه ويسحبه معاه لتحت بعمايله السودة
وتابعت بإشارة من كفيها:
-كانت جوازة الشوم والندامة، ودفع تمنها المسكين
رفع قدح القهوة وارتشف منه القليل لينطق بهدوءٍ و رزانة:
-بطلي ندب يا عزة وروحي شوفي وراكِي إيه
-يعني هيكون ورايا الديوان... قالتها وهي تشيح بكفها لتتابع وكأنها تتحدث مع إحدى صديقاتها:
-ادينا بنتسلى
إستند بظهره للوراء ورفع حاجبه الأيسر يطالعها باستغرابٍ في محاولة لفهم تلك المرأة غريبة الأطوار، يقسم بداخلهُ أنها أغرب إمرأة قابلها بتاريخ حياته، عجيبًا أمرهُ معها،برغم أفعالها العجيبة وبرغم شخصيته الحاسمة التي ما كانت تسمح بالماضي لتعدي أحدهم مهما كان حدوده التي وضعها لحاله، إلا أنه يتعجب لأمره، كيف سمح لتلك البسيطة اختراق قوانينه ليس فقط القوانين من تم خرقها بل اخترقت بعفويتها قلب ذاك الجامد ليصبح لا يطيق الاستغناء عنها واعتاد رؤية وجهها صباح كل يوم، أصبحت رؤيتها إدمانًا كفنجان قهوة الصباح من يدها، ضيقت بين عينيها لتقطع حبل أفكاره بسؤالها العفوي:
-اسم الله عليك يا باشا، إنتَ بتبص لي كده ليه؟!
اجابها بجمودٍ:
-بتملى في جمال طلتك يا عزة
-يو كتك إيه يا سيادة المستشار، ضحكتني يحظك ربنا... قالتها بعفوية وضحكة خرجت من القلب لتنير وجهها البشوش
حاوط فكه بكف يده ثم بات يلف مقعدهِ يمينًا ويسارًا لينطق:
-عارفة يا عزة لو حد غيرك قالي يو كتك إيه، كنت عملت فيه إيه؟!
نطقت بنبرة توددية:
-أنا عارفة إن ليا غلاوة عندك، عشان كده باخد راحتي معاك في الكلام، ولعلمك بقى...نطقتها بجدية لتتابع مفسرة:
- أنا مباخدش راحتي في الكلام كده إلا مع حبايبي والناس القريبين مني، آه
-يا هنايا.... قالها ساخرًا ومازال يطالعها لتقطع عليهما ذاك الحوار الخارج من القلب تلك التي ولچت لتقول:
-قاعد لوحدك ليه يا حبيبي
-سلامة الشوف يا نضري...قالتها باستهجان لتمصمص شفتيها مسترسلة بتهكمٍ عاتب:
-شايفاني هوى قدامك ولا اكونش مش قد المقام
اقتربت عليها لتحتوي كتفيها ومالت على أحدهما تضع رأسها بحنوٍ ظهر بصوتها وهي تنطق بدلالٍ:
-إنتِ قد الدنيا كلها يا زوزة، واكيد مقصدش اللي جه في بالك
-طب اسيبك بقى مع جوزك تسليه، وأروح أسخن للباشا الكبير كباية حليب تريح اعصابه قبل ما ينام
انصرفت وأغلقت الباب لتقترب الآخرى من حبيبها، عدلت من وضع المقعد وباتت تواجههُ ليمسك كفها ويجذبها حتى سقطت فوق ساقيه بعنفٍ أثار كلاهما، إقتربت عليه تستند بجبهتها على خاصته ونطقت بإثارة أمام شفتيه:
-إنتَ قد الحركة دي يا باشا؟!
-قدها ونص يا قلب الباشا...إقترب على شفتيها يلتقطهما ويغوص معها بقبلاتٍ حارة اشعلت قلبه بعشقها ، ابتعد لينطق من جديد:
-وحشتني شقاوتك قوي يا إيثو
تبسمت وباتت تداعب أنفهِ بخاصتها بملاطفة:
-أنا كلي ملكك يا حبيبي
مال يلتقطُ شفتيها من جديد لينتفض كلاهما على دفع الباب مما جعلها تهب واقفة ليرى كلاهما ذاك المشاغب الحامل لهرته الجديدة،هتف بسعادة وهو يقبل عليهما:
-يا بابي، مشموش عمال يسأل عليك
-الله يخربيت مشموش على اليوم اللي دخل فيه أم البيت ده...قالها فؤاد وهو يزفر في محاولة منه لتهدأة حالة الزعر التي سببها له ذاك المشاغب الصغير،وتابع وهو يطالع تلك المجاورة له التي دخلت في نوبة من الضحك:
-إحمدي ربنا إنك لحقتي تخلفي لك مني تلات عيال قبل ما أقطع الخلف على إيد القرد المسلسل اللي خلفتيهولنا وطلقتيه علينا في البيت
أطلقت قهقهاتها المرتفعة مع رفعه لحاجبه يطالعها متعجبًا،أقترب الصغير من مقعد والده ونطق مجددًا وهو يلصق قطته بصدر أبيه:
-سلم على مشموش وبوسه يا بابي
نطق مستنكرًا:
-يا ابني إنتَ ليه مش مقتنع إن اللي في إيدك دي أنسة، قطة حضرتك مش قط، يعني مشموشة
أشار إلى والدته وتحدث:
-والله دي غلطة مامي مش غلطتي، هي عارفة إني بحب إسم مشموش ومش هنده لقطي غير بيه
وتابع وهو يحتضن القطة بدلالٍ لامس قلب أبيه تحت نظرات إيثار الحنون:
-شوف يا بابي شبه مشموش إزاي، ده حبني قوي على فكرة؟
ذاك الصغير استطاع أن يمتلك الجزء الأكبر من قلب فؤاد علام، بل الوحيد القادر على خلق بسمته من قلب الأحزان، قرب صغيره ليرفعه مثبتًا إياه فوق ساقيه ثم قبل وجنتيه وتحدث بنبرة حنون وصوتٍ هاديء:
-إنتَ عارف إن أنا بحبك قوي؟
اومأ برأسه ليتابع فؤاد بحالة هائلة من المشاعر تجتاح قلبه:
-لا إنتَ مش فاهم، أنا بحبك قوي،بحبك أكتر من أي حد في الدنيا كلها
-حتى أكتر من تاج؟!... قالها الصغير متعمقًا بعيني أبيه بترقبٍ واهتمام،ابتسم فؤاد حين فطن مغزى سؤاله،فطالما شعر بانجذاب فؤاد إلى شقيقته أكثر لشعور فؤاد الدائم واقتناعه بأن الفتاة تحتاج أكثر لحنان أبيها،غمرهُ بلمساته الحنون فوق وجنته ونطق:
-أكتر من أي حد في الدنيا،ملوك ده ساكن قلب بابي من جوه
إبتسامة واسعة احتلت ثغره الصغير لتتسع شفتيه بلونها الوردي مما جعل قلب فؤاد يتراقصُ فرحًا،إحتضن مالك والده ليتمسح بصدره وهو يقول:
-وأنا بحبك أكتر حد في الدنيا كلها يا بابي، حتى أكتر من مشموش
احتضنت كلاهما وتحدثت متأثرة بنبرة حنون:
-ربنا يخليكم ليا وميحرمنيش منكم أبداً.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
كان مساندًا برأسه على زجاج نافذة سيارة الأجرة عائدًا في طريقه إلى منزله بالقاهرة، يحمل داخل قلبه همومًا لو تفرقت على مدينة بأكملها لكفت ووفت، تذكر قبل قليل بعدما ترجى خاله وولچ إلى تلك القاسية التي بمجرد أن رأته حتى تجعد جبينها بينما نطق هو بدموعهُ التي لم يستطع ان يكظمها أكثر:
-ليه عملتي كده، شايفة وصلتي نفسك وولادك لإيه؟!
-إنتَ آخر واحد يحق لك الكلام يا عرة الرجالة...نطقت حديثها وهي ترمقهُ بحدة لتتابع بعدم ذرة ندم واحدة:
-أنا واخوك خدنا حق أبوك من الحربوئة اللي قتلته وريحنا جسده في التربة
نطق بألم ينخر بأعماق قلبه لأجلها:
-حق إيه، إنتِ مش واخدة بالك إن أبويا قتل جوزها ويتم عيالها وكله بسببك إنتِ، لولا تحريضك للحاج هارون على نزوله في الانتخابات قصاد أبويا مكنش حصل حاجه من كل ده
-إمشي من قدامي وروح لمراتك اللي سحبتك وراها زي الخروف ونستك أهلك وناسك، يلا غور من هنا...قالتها بجبروت ليخرجه محمد من الغرفة ويغلقها عليها من جديد
داخل مسكن حسين، تأخر الوقت ومازال يوسف وزينة يجلسون بصحبة العائلة منتظرين حضور حسين الذي حضر بعد مدة ليطمئن عليه الجميع ويعود يوسف وشقيقته إلى مسكنهما دون أن يسأل على تفاصيل ما حدث كي لا يزيدها على عمه المسكين.
______________
بينما انتقلت إجلال عنوةً عنها إلى منزل أزهار وبنفس الغرفة التي تسكن بها حسبما طلبت الأخيرة، إقتربت أزهار من إجلال الجالسة فوق المقعد لتصرخ الآخيرة وهي تشير بيدها هلعًا:
-لو قربتي مني هقطعك بسناني يا أزهار
فتحت أزهار درج المنضدة الصغيرة وأخرجت منه أنبول معبأ بدواء داء السكري وتحدثت بابتسامة شامتة:
-شوفتي سوء نيتك يا مَرة،ده أنا عاملة حسابك وجايبة لك حقنة السكر وهديها لك بأديا كمان
توقفت تطالعها وتحدثت بابتسامة سعيدة ووجهٍ من يراه لا يصدق أن تلك هي أزهار المريضة وكأن شعور الانتصار وعودة حقها أعادوا لها صحتها:
-ومن حظك الحلو إني بعرف أدي حقن من أيام الله يرحمه الحاج هارون، فكراه يا إجلال؟!
وتابعت بمغزى ساخر:
-إسكتي، مش جالي إمبارح في الحلم وباعت لك معايا السلام ، قولت له أبدًا يا حاج،سلام كده على الماشي مينفعش، نادرٍ عليا ما أجي لك وإيدي فاضية أبداً، لازم أجيب لك حبيبة القلب في إيدي وأنا جاية
انهت حديثها ومالت بجسدها تقلب داخل كيسًا مملؤً بالنفايات الخاصة بها حيث يتركها نجلها ويأخذها كل يومين ليدفنها داخل الصحراء كي لا يتأذى أحدًا، صرخت إجلال وهي تقول عندما وجدتها تمسك إبرة مستعملة لحقن الدواء:
-إنتِ بتعملي ايه، إعقلي يا أزهار
نطقت أزهار بصوتٍ عالي تستدعي ابنتها وزوجة نجلها اللتان ولچتا وقام بتثبيت تلك السمينة التي صرخت وهي ترى ازهار تمليء الإبرة المستعملة من الدواء وتقترب عليها:
-إتقي الله وخافي من ربنا يا أزهار، إعملي لأخرتك اللي قربت وسيبك من انتقام الدنيا.
نطقت ابنة أزهار وهي تغرس اظافرها بلحم ذراعها المقيد:
-إخرسي يا ولية يا سو،إنتِ تعرفي ربنا علشان تتكلمي عنه
اقتربت أزهار وغرست سن الإبرة الملوث منها وافرغت الدواء وهي تبتسم بتشفى وشعور نشوة النصر يملؤ نفسها تحت صرخات إجلال واستنجادها بالبشر دون جدوى.
انتهت لتقول:
-بالمرض إن شاءالله يا غالية
وتابعت وهي تشير لابنتها وزوجة نجلها المرتديان القفازات الطبية السميكة لحمايتهما:
-اطلعوا برة وسيبوني مع حبيبتي لوحدنا
أمسكتها ابنتها عنوة عنها وهي تقول:
-حسن اخويا قال نرميها في الاوضة القبلية ونقفل عليها،وكل يوم هندخلك ليها في ميعاد الحقنة، لحد ما نتأكد من إن المرض صاب جسدها، بعدها نرميها في بيتها زي ااكلبة
تابعت أزهار متشفية:
-نسيت أقول لك على أخر الأخبار، مش الحاج محمد عطى البيت بتاعك وكل أملاك الملعون إبنك للبت نوجا واهلها،الحاج محمد بعت جاب أهلها وتلاقيهم الوقت مهيصين في خير البيت ونعيمه
كانت تستمع إليها والغضب والحقد يملأن قلبها لتتابع الآخرى بشماتة:
-يلا، ولاد حلال ويستاهلوا، وشوية لما المرض يمسك فيك هنبعتك لـ نوجا علشان تاخد منك حقها هي كمان، وتدوقك من النعيم اللي دوقتيهولها
قد قرر نجل أزهار ابتعاد إجلال وعزلها بغرفة بعيدًا عن والدته خشيةً من أن تنتقم منها وتأذيها أثناء نومها.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
عصر اليوم التالي، تحديدًا داخل منزل السيد"أحمد زين الدين"خرج من باب المنزل الداخلي يطوف بعينيه باحثًا عن زوجته، وجدتها تجلسُ على أحد المقاعد القريبة من حوض السباحة، أقبل عليها فلمح دموعها التي سارعت بتجفيفها كي لا تظهر أمامهُ بهيأة ضعيفة، تنهد وسحب مقعدًا ليقابلها الجلوس، طالعته قبل أن ينطق لائمًا:
-وبعدين معاكِ يا نجوى، بقى لك يومين من وقت ما سميحة سافرت وإنتِ مبطلتيش عياط؟!
هتفت بحدة أظهرت مدى غضبها:
-حتى حُزني على فراق بنتي عاوز تمنعني منه، مش كفاية حرمتني من وجودها جنبي هي وأحفادي؟!
وتابعت بلومٍ غائر:
-لازم تعرف إني لا يمكن هسامحك على اللي عملته في بنتك الوحيدة وشمت فيها وفيا اللي يسوى واللي ميسواش
نطق يحثها على التعقل ورؤية الصورة كاملة:
-قبل ما تلوميني على قراري اللي صححت بيه وضع ومنعت بيه خراب بيت بنتك، كان من الأولى تعقليها وتفهميها إن اللي بتعمله ده حرام وغلط وعيب، وشرعًا يندرج تحت بند خيانة الزوج
-إنتَ اتجننت يا أحمد؟!... قالتها بأعين مندهشة لتتابع بنبرة عاتبة:
-لما أنتَ تتكلم كده عن بنتك خليت إيه للغريب والعدو؟!
هتف موضحًا:
-والله ما فيه عدو لبنتك غيرها هي نفسها، شيطانها مقويها وللأسف هي ماشية وراه بعيون مغمضة، جوزها طيب وبيحبها، وهي ضامنة وجوده وعلشان كده بتدوس على رجولته، ولو اتحمل مرة وعشرة علشان بيحبها، هيجي له وقت ويفوق من غيبوبة حبها ويثور لكرامته، بنتك يا هانم ممرمطة الراجل وراها، الأول لما حبت تهرب وهي شايفة سعادة إبن عمها واستقراره مع مراته، فخدت جوزها واستقروا في دبي، والراجل علشان بيحبها نفذ لها رغبتها، بعد سنين من الاستقرار والنجاح اللي حققوه الاتنين هناك، في لحظة نهت له على أحلامه لما الخايب أخوها كلمها وطلب منها يرجعوا علشان يكونوا جبهة واحدة يحاربوا بيها إيثار،سحبت جوزها وراها زي المعزة وبردوا علشان بيحبها طاوعها،لكن لحد إمتى هيتحمل جنان بنتك يا نجوى؟!
وتابع بحدة:
-بنتك مريضة بحب فؤاد يا هانم،والمفروض إنتَ تشجعيني على قراري ده،ده لو كنتي فعلاً بتحبيها وخايفة عليها
صمتت لتيقنها صحة حديث زوجها لينطق هو من جديد في محاولة منه للتخفيف عن تلك الأم الحزينة لفراق نجلتها الوحيدة:
- إهدي يا نجوى وقومي اغسلي وشك، وتعالي يا ستي نكلمها فيديو كول مع بعض ونتطمن عليها
أومأت له وتحركت للداخل تحت نظراته المشيعة لدخولها ليخرج تنهيدة حارة خرحت من أعماق صدره حزنًا على فراق غالية قلبه ولكن لم يكن أمامهُ سوى ذاك القرار فلم تترك له سميحة خيارًا آخر.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
صباح اليوم الثالث منذ إنفجار العاصفة، فاق من نومه ليجد جوارهُ خاليًا، فتح عينيه يتلفت من حوله فلم يجد لزوجته أثرًا، تنهد ثم سحب جسده لأعلى مستندًا على خلفية السرير، بعد قليل كان داخل كبينة الاستحمام والماء ينهمرُ على جسده، خرج وجفف جسده ليرتدي بورنس الحمام، نزل إلى الطابق الارضي وجد رولا تقف بداخل المطبخ تجهز له طعام الإفطار،نطق وهو يتلفتُ من حولهِ باحثًا عن أطفاله بعدما وجد الهدوء يعم المكان:
-فين الاولاد يا رولا؟
-راحوا لعند الچيران مع الماما
اتسعت عينيه زُعرًا ليصيح بهلعٍ ظهر بعينيه:
-جيران مين اللي وديتي عندهم الولاد، إنتِ شكلك اتجننتي يا رولا؟!
وتابع وهو يزدرد لعابهُ رعبًا:
-إنتِ مش عارفة إن البوليس بيدور عليا وإن مينفعش أي حد مننا يخرج ويتشاف لحد ما ييجي ميعاد هروبنا من البلد عن طريق البحر، ده أحنا قافلين التليفونات يا رولا، تقومي تخرجي الأولاد علشان حد يشوفهم ويتعرف عليهم؟!
إقتربت عليه وتبسمت بدلالٍ وهي تحسه على الهدوء:
-بليز تهدى يا عمرو،أنا والماما عارفين ومقدرين الوضع يلي نحن فيه،هاديك الچارة الماما تعرفت عليها هون بالحديئة يلي بأول الكومبوند،وهي لبنانية،يعني ما دخلها بحوارنا،فيك تهدى وتقعد لنتروق سوى
وأشارت إلى الطاولة التي تتوسط المطبخ:
-اطلع بعيونك وشوف شو مچهزتلك مَرتك الحلوة للترويقة،عِملت لك البيض بالبسطرمة يلي بتحبه
حاول جاهدًا أن يهدأ من حاله وزفر يخرج ما في صدره ثم طالعها بأعين متعجبة قبل أن يسألها:
-وإنتِ لابسة ومتشيكة كده ورايحة على فين؟
أشارت بكفها بلامبالاة وهي ترص الصحون فوق الطاولة لتنطق بوجهٍ عابس:
-دخيلك لوين بدي روح، إلنا تلات أيام من وئت يلي صار ونحن محبوسين مِتل الفروچ بالعشة
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تنطق مفسرة:
-قِلت لحالي بلكي لو لبست لي شي فستان وعِملت شعراتي بتتحسن نفسيتي ولو اشوي
إقترب عليها واخذها داخل احضانه لينطق بنبرة حنون مصطنعة ككل حياته معها:
-أنا آسف يا حبيبتي، أنا عارف إني تعبتك معايا، بس كلها يومين والمركب اللي هنسافر فيها هتكون جاهزة، معلش اتحملي معايا شوية لحد ما نعدي من الازمة دي، وبعد ما تنتهي هنرجع هنا تاني،وأقوى من الأول، المحامي طمني وقال لي إن القضية مش كبيرة وموت الصيدلي ضعف الموقف القانوني، بس قال لي من الأفضل تسافر لك شهرين برة البلد لحد ما يخلص لي هو القضية ويجيب لي البراءة
إحتوت وجنتيه وتحدث بابتسامة ساحرة وهي تقول:
-فداك عمرى يا تؤبرني، لو بتطلب حياتي ما بتأخِر
-حبيبة قلبي يا رولا... قالها ثم التقط منها قبلة سريعة قبل أن يجلس ويبدأ بتناول الطعام،باغتته بسؤالاً وهي تتناول إحدى شرائح الخيار:
-وأنا بقلب في درچ الكومود شِفت وصل كهربا لها البيت بإسمك،ما قِلت لي إنك كنت رح تسچلي إياه بذكرى چوازنا؟!
توقف الطعام بحلقه ليسعل فناولته كأس الماء وهي تقول بدلالٍ مفرط:
-إشرب مَي حياتي
ارتشف بعض الماء ثم تحدث بعدما أخذ نفسًا ليهدأ ثم تحدث كذبًا:
-أصل البايع كان مستعجل فاضطريت أشتريها واسجلها بإسمي،وكنت هنقل لك ملكيتها على عيد جوازنا، بس حصل اللي حصل
ابتسمت وبعد انتهاء تناول طعام الفطور حضرت له مشروب القهوة فتناوله على نفس طاولة المطبخ،ارتشف منها رشفةً ليقول بتلذُذٍ:
-تسلم إيدك يا حبيبتي، القهوة حلوة قوي، مكنتش أعرف إنك ست بيت شاطرة كده
وتابع بابتسامة:
-تقريبًا دي أول مرة من ساعة ما اتجوزنا، تجهزي لي فيها الفطار وتعملي لي القهوة بنفسك
وقفت بالجهة المقابله له ثم مالت للأمام لتستند بكفيها على سطح الطاولة وهي تقول بأعين تطلقُ حممًا بركانية لو خرجت لفحمته:
-ورح تكون المرة الآخيرة يا حقير
اتسعت عينيه وهو يسألها باستغراب:
-إيه الهزار السخيف ده يا رولا
أجابته بابتسامة ساخرة:
-معك حق،نحن مازلنا بمرحلة الهزار، بعد شوي رح تشوف طاقة چهنم يلي رح تنفچر بوچك يا واطي
بدأ يشعر بثقلٍ برأسه ودوارًا خفيف،قاوم فتح عينيه بقوة وصعوبة دون جدوى ليسألها بلسانٍ ثقيل وحروفًا خرجت بصعوبة وهو يرى صورتها تبتعد وكأنها أصبحت سرابًا يبتعد:
-إنتِ عملتي فيا إيه يا "رولا"؟
-ما تخاف، ما رح موتك بهيدي اللسهولة، رح چهز لك طقوس بتليق بقصة حُبنا اللكبيرة، رح يكون وداع بيليئ لخداعك اللكبير يلي عيشتني فيه سنين طوال، وانا ماشية وراك مِتل المغفلة
ارتمى برأسه للخلف مستسلمًا لتأثير الحبوب المنومة التي وضعتها له بكوب القهوة فهرولت سريعًا إليه لتقبض على خصلات شعره بقوة إقتلعت معها بعضًا من خصلاته،وألقت برأسهِ بعنفٍ شديد للخلف لترتد رأسه وباتت تهتز دون استقرار،ثم هرولت إلى أحد أدراج المطبخ لتخرج منها حبلاً جلبتهُ خصيصًا وبدأت بتقييده ولف الحبل حول المقعد وتقييد يديه من الخلف، ثم شددت على تقييد ساقيه بأرجل المقعد، وقفت منتصية الظهر تتخسر بيديها، لتبتسم وهي تقول بشرٍ ظهر على ملامحها التي تحولت وكأنها شيطان:
-وهلئ چهزنا كلِ شي للإحتفال، بس تفيق بيبلش العَرِض، بوعدك رح تنبسط كتير بس تشوف الفقرات يلي مچهزت لك إياها يا تؤبرني.
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا