القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني وعشرون 22بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

 رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني وعشرون 22بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني وعشرون 22بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


 



الفصل الثاني والعشرون


استدار برأسه ببطء.....

بدهشة، بصمت، بارتباك، وكأنه لا يصدق أن أذنه التقطت تلك الجملة التي انتظرها كالعمر :

– قولتي إيه ؟؟


ارتبكت، غرق وجهها في الخجل، وتلعثمت أنفاسها، لكنه لم يصمت، اقترب منها أكثر، برجاءً، ولهفة، وتوسل،وحنين قائلاً :

– قولتي إيه يا جيانا......بالله عليكي قوليها تاني !!!


بدأت تفرك يديها بتوتر، لكن عينيه كانتا تطوقها…

حاصرتها نظراته، حتى اقترب أكثر، وضم وجهها بين كفيه، كأن قلبه يهمس من خلال عينيه :

قوليها تاني…..محتاج أسمعها، لو ليا خاطر عندك قوليها


همست كأنها تعترف لروحها أولًا، وليس له فقط :

بحبط


ثم استدارت لتغادر، لكنه لم يدعها، جذب يدها بقوة، لتصطدم بصدره، وفي اللحظة التالية.....

أحاط خصرها بذراعيه كأنّه يعانق عمرًا تائهًا وجده أخيرًا،

عناقٌ طويل، صامت

كأنه صلاة عاشق ضل طريقه إلى السكينة


وبصوت يملؤه الدهشة، والحب، والانتصار أخيرًا ردد فريد بسعادة لم يشعر بها من قبل :

اخيرًا، مش قولتلك ممرمطاني، جاية تقوليها مع الاكشن اللي عيشناه من شوية ده


ضحكت بخفوت، بينما عانقته هي الأخرى، عناق مشتاق فقد السلام طويلًا، ثم وجده فجأة بين ذراعيه


مرت اللحظات دون أن يشعرا….

كم من الوقت مضى، لا يعلمان....!!!

لكن ما كان مؤكدًا.....أن كل منهما، أخيرًا، وجد ملاذه


ابتعدت عنه قليلًا، لكنه لم يتركها، ظل يضمها كأن الخوف ما زال يطارده، نظر داخل عينيها، ولم يتكلما، فالعيون حين تحب، تتكلم بلغة لا تُقال


وبصوت مبحوح من شدة الخفق، سألها فريد بلهفة عاشق :

– سامحتيني؟


ردت عليه بصوت لا يخلو من الصدق والألم :

لسه جوايا جزء صغير، لسه بيتوجع، ولسه مش مسامح،

بس قلبي....قلبي لسه بيحبك، هتقدر تخليه يسامحك ؟؟


رد عليها بسرعة، كأنه يحاول التمسك بها قبل أن تبتعد من جديد :

ده انا اقدر عليه وعلى ابوه كمان، بس هو يوارب ليا الباب


ضحكت بخفوت، فنظر لها بوله وهيام قائلاً :

ضحكتك وحشتني.....وحشتني من زمان اوي يا جيانا


جلست على الأرض، تسند ظهرها على السيارة، فجلس هو الآخر بجانبها، بعشوائية عاشق لا يبالي بشيء إلا قربها


فقالت جيانا بصوتٍ خافت حزين :

– وانت كمان.....وحشتني اوي


ثم نظرت إلى الأرض، ونزلت دمعة صامتة وهي تهمس بعتاب مؤلم :

ليه....ليه سافرت وسيبتني ولا سألت عني، كأنك ما صدقت،

حتى مافكرتش ازاي عيشت السنين دي بعدك



مسح دموعها بكفه، وأقسم لها قائلاً بصدق :

اقسم لك....اني كنت بموت كل يوم من غيرك، بعدت عشان كنت فاكر إن البُعد في مصلحتك، بعدت لأني كنت عارف ان وجودي هيدمرك، وإنك عمرك ما هتسامحيني، خطبت رونزي مجبر بعد ضغط من ابوها عليا بسبب شغل بينا، كنت بحاول اضحك على نفسي، وعلى قلبي، بس لما رجعت وشوفتك، عرفت اني لا نسيت، ولا عمري هقدر أنسى، ولا هحب غيرك يا جيانا


أسند جبينه على جبينها، وتحدث بصوت مهزوم من الحب :

انا كل حاجة في حياتي كانت غلط، إلا إنتي يا جيانا

إنتي الصح الوحيد في حياتي، الصح اللي مش عاوز أخسره،

ما تبعديش عني.....انا محتاجلك


سألته بحزن، وبدموع متساقطة :

مش هتعمل كده تاني؟


اجابها بصدق، ودون تردد :

اقسم بالله ما هتتكرر تاني، ده وعد من فريد جديد،

مش عاوز حاجة من الدنيا دي غيرك، هتفضلي جوه قلبه

وفي عيونه، لحد ما يموت، وبعد ما يموت كمان


صمت للحظات ثم تابع بحب :

لو غلطت في يوم، اقتليني، ولا هزعل، ولا هسألك حتى


نظر كلاهما للآخر، العقل غاب.....والحُب وحده تحدث

اقترب منها ببطء، كأن الشوق يرسم طريقه على شفتيه،

ولما لامست شفتاه شفتيها، رن هاتفها، فتراجعت بسرعة وهي خجلة بشدة، شد فريد خصلات شعره بضيق وسألها بغيظ :

مين ؟


ردت عليه بصوت خافت، خجول :

بابا !!!!!!


تمتم بضيق وغيظ من أكمل :

طبعًا، كنت عارف من غير ما تقولي، لو مش هو هادم اللذات هيكون مين يعني


راقبها وهي ترد على والدها بإيجاز :

مفيش، كنت بتمشى شوية، تمام راجعة البيت حالاً


أنهت المكالمة بتوتر، فمد يده، أخذ يدها وسحبها معه،

ركبا السيارة، وهو يقودها، كل حين يسرق منها نظرة، يبتسم لها، يمسك يدها، يقبلها كأنها كنزه الضائع، وتبتسم هي بخجل


لكن ما زال هناك ما ينتظرهم، ما زال الطريق طويلًا.....

المعركة لم تبدأ بعد، والثمن الذي عليه أن يدفعه،

قد يكون أغلى من كل شيء !!!!!

.........

بدأت الامتحانات، وها هي تيا تنهي أول اختبار لها

خرجت من الجامعة بخطوات مرهقة، تتنفس الصعداء بعد ساعات من التوتر، لكنها لم تكن تتوقع ما ينتظرها بالخارج


صوت ركض خلفها، تلاه صوت باكٍ ومذعور :

تيا.....تيا.....الحقيني......ايهم !!!


توقفت تيا والتفتت بسرعة لتجد "مي" تركض نحوها، وجهها غارق بالدموع، وصوتها يرتجف


وقفت أمامها تلتقط أنفاسها بصعوبة، ثم بدأت تحكي....

تحكي كل ما فعله بها "أيهم"، وصوتها ينكسر، وكلماتها تتقطع


أما تيا، فاستمعت لها بصدمة، عاجزة عن الفهم، ورغدة بجانبها، تراقب مي بنظرات امتعاض واحتقار


عودة بالزمن لعدة ايام........


بعد أن أخذها رجال "أيهم"، دون أن يلاحظ أحد،

اقتادوها إلى أحد المخازن المهجورة التابعة لشركاته

كان المكان مظلمًا، رطبًا، يوحي بالخوف، وكانت هي ملقاة على الأرض، يداها وقدماها مكبلتان بالأحبال، ظلت على هذا الحال حتى فجر اليوم التالي



ثم فتح الباب فجأة، ليصدر صريرًا مرعبًا، جعلها ترتجف

دخل "أيهم"، ملامحه غاضبة، ونظراته لا تحمل ذرة رحمة


انحنى نحوها، جذب شعرها بقسوة، وقال بصوت غاضب، قاسي ارعبها :

حتت بت رخيصة زيك....فاكرة انها هتقدر تتحدى ايهم الزيني ؟؟


صرخت مي بخوف ورعب :

ابعد عني


ضحك ايهم بسخرية، قائلاً بتوعد :

انا ما بضربش ستات، مع ان عينتك الرخيصة تستاهل واكتر، ومش هخلي رجالتي يوسخوا إيديهم عشان واحدة زيك


ثم نادى على أحد رجاله قائلاً بصرامة :

دخل الستات اللي بره.


خلال لحظات، دخلت عدة نساء بملابس سوداء، ملامحهن قاسية، أمرهن ايهم ببرود :

نفذوا


خرج من الغرفة، تاركًا الأمر لهن، واحدة منهن بدأت التصوير كما طُلِب منها

أما الأخريات، فاقتربن من "مي"، فكوا الحبال عن يديها وقدميها، ثم بدأن في تمزيق ملابسها وسط صراخها ورعبها

إحداهن صفعَتها بقسوة، لتسقط فاقدة للوعي بعدما اصطدمت رأسها بالأرض


التقطوا لها صورًا، ثم أعادوا إلباسها، وخرجوا ليعطوا الهاتف لأحد الرجال، الذي سلمه بدوره لـ أيهم !!!!


أخذ الهاتف ووضعه في جيب سترته دون أن ينظر إليه، قائلًا بصرامة :

كملوا اللي اتفقنا عليه


بعدها، عادوا إليها، أفاقوها بدلو ماء بارد في وجهها،

ثم انهالوا عليها بالضرب حتى فقدت الوعي مرة أخرى !!!


عند الفجر، أوصلها الرجال إلى باب بيتها، شبه فاقدة للوعي

تفاجأ والدها ووالدتها بحالتها، ونُقلت إلى المستشفى على الفور، حيث بقيت هناك عدة أيام، وحين استفاقت، وجدت على هاتفها رسالة من "أيهم"، تحمل صورًا لها وهي فاقدة الوعي، شبه عارية


ارتجفت، لم تصدق ما تراه، وذهبت مباشرة إلى مكتبه، وما إن دخلت، استقبلها قائلاً بسخرية :

شوفتي الصور.....حلوة مش كده !!!!


نظرت له مي بشر فتابع ايهم ببرود اثار استفرارها :

زي ما محدش صدق إني بوست تيا غصب عنها، محدش هيصدق إن الصور دي اتاخدت وانتي مغمى عليكي،

فضيحة قصاد فضيحة....والبادي أظلم يا حلوة


ثم تابع بوعيد :

جربي تقربي منها تاني وانا همحيكي من على وش الدنيا، اذيتك ليا كوم، وانك تلمسي شعره منها ده كوم تاني


صرخت عليه بغل :

انت مش بني آدم.....والله لأقتلك


دفعها بعيدًا ثم نادى بعلو صوته على الأمن، وما إن دخلوا، أشار إليهم قائلاً بصرامة :

ارمو الزبالة دي بره، اخر مرة تعتب من باب الشركة


حاولت المقاومة، لكنهم سحبوها بالقوة وهي تصرخ بغضب :

هتشوف يا ايهم، والله لتندم !!


عودة للحاضر.......




كانت مي تبكي بانهيار أمام تيا، وهي تتوسل إليها قائلة :

انا آسفة، والله آسفة، ابوس إيدك يا تيا، روحيله، هو بيسمع كلامك، خليه يديني الصور، انا كده هتفضح


ردت عليها رغد بعصبية :

وهي مالها، ما تولعي، مش كفاية الفضيحة اللي عملتيها لتيا، مستنية منها تخاف على فضيحتك


لكن تيا كانت تنظر لمي بصمت ثقيل، ثم تكلمت بنبرة حزينة :

كنت عارفة إنك أنانية، وإنك ما بتحبي غير نفسك، بس ما توقعتش توصلي للدرجة دي، تفضحيني؟ وانتي عارفة اني بريئة، يا خسارة كل لحظة اعتبرتك فيها اختي !!!!!


تنهدت، ثم أضافت بمرارة :

بس هعمل اللي اتربيت عليه، وهفتكر العِشرة اللي كانت بينا،

عشان زي ما بيقولوا، العيش والملح ما يهونوش غير على ولاد الحرام…..وأنا مش منهم يا مي




كادت مي أن تشكرها، لكن تيا تركتها وغادرت سريعًا، تتبعها رغد بنظرة احتقار قبل أن تختفي من المكان


تنفست مي بعمق، كأنها استردت أنفاسها للحظة،

لكن داخلها لم يهدأ، لأنها قررت، لن تسامح......

لن تصمت، وأيهم سيتلقى الضربة، ولو بعد حين !!!!!

.......

بعد وقت، وصلت تيا إلى الشركة وتوجهت مباشرةً إلى مكتبه لكنها ما إن دخلت حتى تفاجأت بوجود سكرتير رجل، وليس امرأة كما توقعت، ألقت عليه السلام بهدوء :

السلام عليكم


رد عليها السلام، فسألته بهدوء :

لو سمحت، عاوزة أقابل الأستاذ أيهم


سألها بجدية :

هل في ميعاد سابق...؟؟


حركت رأسها نفيًا وقالت بجدية :

لا، بس قوله تيا النويري بره وعاوزة تشوفه


أومأ لها واتصل بمكتب أيهم، وما إن سمع الأخير اسمها، حتى نهض كأن كهرباء سرت في جسده، وخرج مهرولًا، ينظر إليها بسعادة، ممتزجة بالدهشة


ثم التفت للسكرتير قائلاً بحدة :

بعد كده لما تيجي الأنسة، تدخل على طول.....مفهوم ؟؟


أومأ له السكرتير سريعًا، فتنحى جانبًا، وفتح أيهم الباب لها قائلاً بلطف :

اتفضلي


دخلت تيا، تبعها أيهم وأغلق الباب خلفه، جلست على المقعد المقابل لمكتبه، بينما جلس هو أمامها قائلاً بابتسامة واسعة :

مش مصدق انك هنا بجد


زفرت بضيق، وأشاحت بوجهها عنه، فشعر بالحرج، وقال :

احم.....تشربي ايه ؟؟


ردت تيا عليه بحدة :

انا مش جاية اتضايف، انا جاية عشان مي، ازاي عملت فيها كده، ازاي جالك قلب تهدد بنت وتصورها صور بالشكل ده


قطب ايهم جبينه ورد عليها بنفس الحدة :

زي ما هي جالها قلب تعمل فيكي كده، انتي عارفة صاحبتك اللي بتدافعي عنها دي، كانت بتساومني عليكي من قبل الحفلة بفترة، عاوزة تتجوزني مقابل الصور اللي معاها قالتلي لو موافقتش، هتفضحك


نظرت له بتساؤل مصدوم، فأكمل بنبرة أقسى :

لما قولتلها هتفضحي صاحبتك ردت عليا وقالتلي وايه يعني صاحبتي، مصلحتي اهم، دي ماينفعش تصعب عليكي، تستاهل اللي جرالها واكتر كمان، ولو هي بعتتك ونجحت تأثر عليكي، فأنا لأ، ومش هتنازل، لو غلطت فيا كنت عديتها، لكن هي غلطت فيكي، وخلت دموعك تنزل، وأنا أقدر اعدي اي حاجة إلا إن حد يأذيكي او يمسك بسوء


أحرجها حديثه، وأربكها حجم مشاعره تجاهها، لكنها لا تقوى على أن تكون سببًا في فضيحة أحد، حتى وان خانتها


تمتمت بخجل وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه :

ليا خاطر عندك


ابتسم، ونظر إليها بحب قائلاً بصدق :

ليكي خاطري وروحي...وقلبي اللي ما حب ولا هيحب غيرك


ازدادت خجلًا، وقالت برجاء وهي تشيح بنظراته بعيدًا عنه :

رجع لها صورها، وانا هقطع علاقتي بيها، بس بلاش تكون سبب في فضيحة حد، متعملش زيها، مهما حصل بيني وبينها عيش ومالح ولو هي مراعتش ده، انا هعمل كده لأني بنت زيها، مرضاش لنفسي ولا لغيري بأذى زي كده


رفعت عيناها إليه قائلة برجاء :

لو ليا خاطر عندك، امسح كل صورها وسيبها في حالها يا ايهم


لكنه لم يبدُ مهتمًا بكل ما قالته، كأن شيئًا واحدًا فقط شغل باله، فتمتم بهيام :

قولتي ايه ؟؟


نظرت له باستغراب، فأعاد ما قال بجنون العاشق :

قولي ايهم تاني كده !!!!


رددت تيا اسمه بغضب :

ايييهم


غمز بعينيه مشاكسًا اياها، ثم قال بعشق :

يا حلاوة ايهم وهي طالعة من بين شفايفك


اشتعل وجهها غضبًا وخجلًا، وتوردت وجنتاها كمن فُضح قلبه، فالتقطت حقيبتها وهمت بالمغادرة، غير أن يده سبقتها، قبض على كفها برفقٍ حازم، وجذبها نحوه، فاصطدمت بصدره العريض، فتلاقت نظراتهما في صمتٍ ثقيلٍ مشحونٍ بكل ما لم يُقال......


تاهت تيا فيه، ولم تستطع أن تُنكر.......

نعم، هو وسيم، بل فائق الوسامة.....

كل ما فيه يجذبها، صوته، حضوره، حنانه، كلماته المعسولة

لولا ماضيه، لكانت أسعد امرأة بنظرة من عينيه


بينما ايهم، ظل يتأملها وكأنها نُسجت من ضوء القمر....

ملامحها كانت خليطًا عجيبًا من البراءة والأنوثة،

وصوتها، وإن لم تنطق، يعبُر إلى روحه كدعاءٍ صادق في جوف الليل......

كل ما فيها كان يدهشه، ولكن أكثر ما سَكن قلبه فيها عفتُها


اقترب منها وقد غلبه الشعور، وفي عينيه اشتعل الحنين،

وحين تكلم، لم يكن يُلقي كلمات، بل كان ينسج شعرًا من أعماق قلبه، نبرة صوته دافئة، تنطق بما لم يَعتده قلبها :

في وجهكِ البدرُ يسري دونَ ميعادِ

وفي ابتسامكِ سُكرٌ فاقَ أعيادي


كأنكِ الفجرُ يُهدي الكونَ أنفاسًا

ويزرعُ النورَ في الأرواحِ بإنشادِ


يا آيةَ الحسنِ، هل في الوصفِ متسعٌ...؟

أم قد تجاوزَ فيكِ الحُسنُ أبعادِي؟


كلماته اخترقت قلبها....

ذابت، خجلًا، وانبهارًا...

كيف له أن يقول الشعر هكذا.....؟؟

كيف له أن يتسلل لوجدانها دون استئذان....؟؟




قلبها استكان، تاهت عينيها فيه، لم تعد تفكر بشيء

اقترب منها أكثر، كأن اللحظة تُقسم أنها ستُخلد،

حتى شعرت بأنفاسه تلامس وجهها الناعم، فارتعشت على اثرها !!!


لكن....

رن هاتف المكتب فجأة،

كأن القدر قرر أن يوقظها من غفلتها،

انتفضت، ودفعته بعيدًا عنها، وركضت نحو الباب !!!!


لكن ايهم أمسك يدها، وقف أمامها، وعيناه تنطقان بندم رجل لم يُرِد أن يُخيفها، فقط اقترب حين ناداه قلبه، تنهد ثم قال بهدوء صادق :

انا آسف، اوعدك، مش هقرب تاني، اقعدي نكمل كلامنا، خليكي شوية


ترددت.....

ترددت كثيرًا، ثم دفعت يده وجلست من جديد، فقال بابتسامة صافية :

عشان خاطرك انتي....هعمل اللي قولتي عليه، بس لو حاولت تأذيكي تاني، مش هرحمها يا تيا


ابتسمت له، وقالت بلطف :

شكرًا


ظل يرمقها بنظرات عشق، بينما وقفت تيا تستعد للرحيل :

انا اتأخرت، ولازم أمشي


اوقفها بنبرة فيها شيء من الرجاء :

استني، هوصلك


ابتسمت بهدوء وردت عليه برفق :

مفيش داعي، السواق معايا....بعد اذنك


قبل أن تخرج، اوقفها ايهم قائلاً بنبرة مليئة بالحزن والرجاء :

مفيش أمل خالص ان احنا نكون لبعض يا تيا....؟؟


تنهدت بحزن، وردت عليه دون ان تلتفت :

لسه ما عملتش اللي يخليني آمن على نفسي معاك، اثبتلي انك اتغيرت، انك تستاهلني، اني هعيش معاك عمري من غير خوف، اثبتلي ان عمري ما هندم اني قبلت بيك يا ايهم


ثم غادرت......

ابتسم ايهم، رغم كل شيء بسعادة مشوبة بالأمل، يفكر كيف يكسب ثقتها، كيف يجعلها تقبل بحبه !!!

.......

بعد مضي وقت قصير.......

دخلت جيانا منزلها والابتسامة لا تفارق شفتيها، كانت تسير وكأنها لا تلمس الأرض، تحلق في عالم لا يراه سواها، مما أثار دهشة من حولها، وخصوصًا والدها الذي طالما كان يقرأ ملامحها دون أن تنطق.....

رأى بريقًا مختلفًا يلمع في عينيها، وارتسمت على وجهه علامات قلق…..هل حدث ما يخشاه ؟؟


صعدت إلى غرفتها، وألقت بجسدها على الفراش، تتأمل سقف غرفتها بعينين تُخفيان مزيجًا من السعادة والرهبة…..

سعادة ولدت من قربه وخوف من المجهول القادم


أما فريد، فدخل غرفته في الفندق وابتسامة غير مصدقة ترتسم على وجهه، كأنه لا يزال يعيش اللحظة

هل حدث حقًا....؟؟

هل اقتربت منه بهذا الشكل....؟؟

هل اصبحت له من جديد....؟؟

........

بعد عشرة أيام




عاد سمير مرهقًا من عمله، يحمل فوق كتفيه تعب الأيام، وفي قلبه شوق دفين لامرأة واحدة

تجاوز عتبة المنزل بعد منتصف الليل، ليجدها تغط في نومٍ عميق على أريكة الصالة، هادئة كالطفلة الصغيرة



اقترب منها بخطى هادئة، يخشى أن يصدر صوتًا يوقظها، فهو لا يريدها أن ترى نظرة الشوق المشتعلة في عينيه.....

لا يريد الآن !!!!


جثا على ركبتيه أمامها، يتأمل وجهها بصمتٍ مُغرم، ويده امتدت بحنان تُزيح خصلات شعرها التي تمردت فوق جبينها…

ثم انحنى يُقبل جبينها برقة عاشق، وتنهيدة خرجت من صدره المثقل بالوجع، ليتها لم تفعل ما فعلت....

لو تعلم كم أحبها، وكم تمزقه غيرته كلما تذكر نامت بأحضان رجل اخر غيره !!!


ابتعد عنها، يخفي حزنه خلف قناعٍ من برودٍ يتقن ارتداءه فقط أمامها، ثم وكزها بذراعه برفق لتفتح عينيها ببطء، وما إن رأته أمامها حتى هبت واقفة، قائلة بتوتر :

انت رجعت امتى، حمد الله على السلامة


نظر إليها سمير ببرود وقال :

نايمة هنا ليه ؟؟


ردت عليه هايدي بتوتر :

راحت عليا نومة وانا قاعدة


ردد بصوت هادئ حاد :

جهزي العشاء.


نظرت إليه بتوتر، وراحت تفرك يديها خجلًا وخوفًا، ثم قالت :

مش بعرف اطبخ


تأملها للحظة، وقد راقه ارتباكها، ثم سألها بضيق زائف :

اومال كنتي بتاكلي ايه الايام اللي فاتت


خفضت بصرها، وقالت بصوت مبحوح، حزين :

مكنش ليا نفس، واحيانا كنت بطلب اكل من بره


تنهد، وداخل قلبه كره نفسه، كيف يُعاملها هكذا، ولماذا تخشاه بهذا الشكل؟

دخل إلى غرفته وصفق الباب خلفه بقوة، فانتفضت هي مكانها فزعًا


نظرت تجاه الباب بحزن، وأشفقت عليه......

هو جائع بالتأكيد، ماذا تفعل ؟؟


دخلت المطبخ، تتأمل محتوياته بحيرة، فقد كانت هذه المرة الأولى التي تدخل فيها مطبخًا، ثم التقطت هاتفها واتصلت بتيا، التي لم تتركها يومًا في محنتها، وكانت تزورها باستمرار، هي وحنان التي بدأت ترى فيها فتاة طيبة على عكس ظنها السابق :

معلش يا تيا بتصل بيكي في وقت متأخر زي ده، وازعجتك


ردت عليها تيا برقتها المعهودة :

متقوليش كده، اتصلي في اي وقت، كمان انا اصلاً صاحية


رددت هايدي بتردد :

سمير رجع من شوية وانا مش عارفة اعمل اكل ايه، واتصرف ازاي، زي ما انتي عارفة مش بعرف اطبخ خالص، ولا اعرف حاجة عن المطبخ


ضحكت تيا بخفة، وقالت :

بسيطة، افتحي الثلاجة و.......


بدأت تُملي عليها الخطوات، وحين انتهت قالت هايدي بابتسامة ممتنة :

متشكرة اوي يا تيا، واسفه ع الازعاج


ردت عليها تيا بمحبة :

مفيش شكر بين الاخوات، اتصلي في اي وقت زي ما تحبي


أغلقت هايدي الهاتف، وبدأت بتنفيذ ما قيل لها، أعدت بعض الساندويتشات وكوبًا من عصير البرتقال

وقفت أمام باب غرفته، تتردد كثيرًا، ثم طرقت الباب بهدوء

لم يُجب




فتحت الباب بتردد، دخلت….لكن الغرفة بدت خالية، حتى خرج فجأة من الحمام، لا يرتدي سوى منشفة تحيط خصره، ويمسح شعره بمنشفة أخرى


شهقت سريعًا وأغمضت عينيها خجلًا، فقال بحدة رغم انه راق له خجلها :

ايه اللي دخلك هنا ؟؟


ردت عليه بتوتر وهي لا تزال تُغمض عينيها :

حضرت العشا ليك، وخبطت كتير بس انت مردتش


اقترب منها وأخذ الصينية من يديها، ثم مد يده الثانية وجذب يدها ليدفعها إلى الداخل

جلس على الفراش وجذبها للجلوس بجانبه، وقال دون أن ينظر إليها :

كُلي معايا


ردت هايدي عليه بخجل :

مش جعانة


نظر إليها وقال بجفاف :

قولت تاكلي، تبقى تاكلي من غير نقاش


أطاعته، ومدت يدها تتناول الطعام بتوتر، بينما هو ظل يتأمل ملامحها، وهي تأكل بخجل ووجهها مُنكس، وحين انتهيا، مدت يدها لرفع الصينية، في اللحظة ذاتها كان هو يهم بالحركة، فتلامست يداها بيده، ارتعشا، وسرت في جسديهما كهرباء غريبة !!!


كادت ان تهم بالمغادرة، لكنه سبقها، أخذ الصينية منها ووضعها على الطاولة بجانب الباب، ثم استدار إليها.....


وقف خلفها مباشرة.....

نسي كل شيء، كل ألم، كل خيانة، كل ماضٍ

امتدت يده تلامس خصرها بلطف، ودفن وجهه في عنقها، يستنشق عبيرها كما لو كان يتنفسها.....كأن الحياة قد اختزلت في لحظتها، وفي أنوثتها الساكنة بين ذراعيه


ارتعش صدرها من وقع قربه، والتفتت إليه ببطء، فالتقت نظراتهما، صامتة، مشتعلة !!

نظرة خذلت الكبرياء، وكشفت ما خفي من عشقٍ دفين


اقترب منها أكثر، بعينين مُعلقتين على ملامحها، يقرأ شغفها بصمت، ثم انحنى يُقبّلها، قبلة لا تشبه غيرها، كانت اعترافًا، واشتياقًا طويلًا تأجّل كثيرًا


ضاعت المسافة بينهما، وتلاشت الحدود،

ضمها إلى صدره كما لو كانت وطنًا عاد إليه بعد غياب،

وبقيا على حالهما، في لحظة لم تعرف فيها اللغة صوتًا،

بل نطقت العيون، والأنفاس، والأمان الذي وُلد من هذا القرب


كانت لحظة صادقة، نقية…...

بعيدة عن كل ماضٍ موجع،

قريبة من قلبين لم يعرفا سوى الشوق، والحنين، والحب !!!

...........

كانت وحيدة في ليلٍ صامتٍ، تجلس على أحد المقاعد الخشبية بجانب الطريق، والدموع تنساب من عينيها بحرقةٍ كأنها تسيل من جرحٍ مفتوح، كلما عادت الصورة إلى ذاكرتها، شعرت وكأن الأرض تميد تحتها !!!

صدمة بحجم السماء، تسحق قلبها اليافع ببطء


لم تكن تعرف إلى أين تمضي، ولا من تلجأ إليه، لكن قلبها اختار دون تفكير.....اتصلت به

صوتها المرتجف كان كافياً ليُسرع الخطى إليها، وما هي إلا دقائق حتى توقفت سيارته أمامها، وركض نحوها بخوفٍ يقطر من عينيه قائلاً :

روز، ايه اللي مقعدك هنا في الوقت ده، وليه بتبكي كده



نظرت إليه، ثم ارتمت في حضنه بانهيارٍ، شهقاتها العالية كانت دليل على ما تشعر به من حزن يمزق قلبها الآن دون رحمة


اخذ يربت على شعرها كأنها طفلته، يُهدئ هذا الطوفان الذي اجتاحها، لم تبتعد عن حضنه، بل ظلت ملتصقةً به، تهمس من بين بكائها :

شوفت، شوفت بابا......مع الخدامة !!!!


لم يتفاجأ من حقارة والدها، فهو اعلم به منها، فسألها ببرود :

بيخون مامتك يعني ؟؟


أومأت برأسها، والدموع تعود أقسى، وأشد :

كنا في حفلة، انا وماما، وانا رجعت لوحدي علشان صدعت، بس لما دخلت، لقيته، في أوضة ماما، وعلى سريرها مع الخدامة


انهارت تبكي من جديد، تردد كلماتٍ كالسكاكين :

هما ليه بيعملوا فيا كده، هو انا مش بنتهم، من لحمهم ودمهم، طالما مش قابلني ولا بيحبوني، جابوني ع الدنيا دي ليه، طب عو انا وحشة، ما اتحبش يعني، العيب في ولا في مين، انا طول عمري بسمع كلامهم، رونزي هتتجوزي فريد، قولت حاضر، رونزي اعملي كده بقول حاضر، انا عمري ما زعلتهم، من صغري بتمنى منهم نظرة فيها حنان بس كنت بلاقي البرود والجفا، انا معرفتش طعم الحب، ولمة العيلة غير بينكم حسيت اني بني ادمة بجد وعايشة مبسوطة، انا ليه بيحصل فيا كده يا آسر.....ليه ؟؟




لم يحتمل، وضع كفيه على وجهها بحنان، مسح دموعها بأنامله، وهمس بصوتٍ حنون :

صدقيني العيب مش فيكي، انتي أجمل بنوتة في الدنيا كلها، انتي مفيش زيك يا روز، اي حد انتي في حياته هو محظوظ بيكي وروحك وشخصيتك الحلوة


رفعت عينيها إليه، وكأنها تستنجد به، وهمست من وسط دموعها :

طب هما بيكرهوني ليه ؟؟


كذب، مضطرًا....فالحقيقة كانت أقسى من أن تُقال، هل يخبرها ان امثال والديها ليس لهم قلب ومشاعر تجاه احد :

بيحبوكي اكيد، مفيش اهل بتكره اولادها، بس مش بيعرفوا يعبروا عن ده، وبعدين بذمتك هو في حد يقدر يكره القمر ده


خفضت عينيها، فاجتذبها مرة أخرى إلى صدره، لتتشبث به وكأنها تغرق وهو خشبة خلاصها الوحيدة

لم يتركها منذ خرجت من بيت النويري، كان ظلها، دفئها، ملاذها، ووسط هذا الاحتضان، نطقت أخيرًا بما يسكن قلبها منذ فترة، حطمت كل الحواجز بينهما :

انا بحبك يا آسر.....


تصلب جسده للحظة، ثم ابتعد قليلًا ينظر إليها بدهشةٍ متسائلة، لتتفاجأ به يميل برأسه نحوها، يضع جبينه على جبينها ويبتسم بمكرٍ ناعم :

على حسب علمي.....المفروض أنا اللي اقولها


همست بخجلٍ وحزن :

يعني انت مش بتحبني ؟؟


صمت للحظات، ثم أمسك وجهها،و نظر داخل عينيها بقلبه قبل عينيه، وقال بهزيمة :

عمري ما عرفت الحب غير معاكي.....انا بحبك يا روز


ضحكت بسعادةٍ خجلة، ليضمها إليه مجددًا بحبٍ صادق، كأنه يرفعها من حطامها، لحظات مرت، قبل ان يمسك يدها قائلاً :

وجودنا هنا وفي الوقت ده غلط.....تعالي يلا نروح


حركت رأسها بالنفي، وقالت بحزن :

انا مش راجعة الفيلا دي تاني


ابتسم ورد عليها بحنان :

هتيجي معايا.....وهتباتي في بيت عمي اكمل


سألته رونزي بتردد :

بس الوقت متأخر......


رد عليها آسر بحنان :

متخافيش، انا هتصرف


بالفعل، وصلت معه، فتحت لهما تيا الباب، وقبل أن تتركه، طبع قبلة رقيقة على وجنتها، لتبتسم بخجلٍ وسعادة

لكن رغم ذلك، لم تستطع نسيان ما رأته........

تلك الصورة لن تُمحى أبدًا من ذاكرتها !!!!!

..........

في صباح اليوم التالي

كان الجميع في صالة المنزل يستعدون للإفطار، والبهجة تملأ المكان بعودة "رونزي" بينهما


اما في منزل سمير.....

استفاق على همسات الصباح، وجدها نائمة فوق صدره، ذراعها تحيط خصره بحب، مثله تمامًا !!!


رغم الدفء، كان قلبه يشتعل غضبًا، ندم ينهش رجولته، كره نفسه على لحظة ضعف أفقدته السيطرة واقترب منها !!!


أبعدها عنه بخشونة، على اثرها فتحت عينيها، ثم رفعت جسدها سريعًا، تغطي نفسها بملاءة الفراش، وهي تردد بخجل :

صباح الخير


لم يرد عليها لكن نظراته كانت كفيلة لترد عليها بما يريد ان يقوله لها، فسألته هايدي بحذر :

سمير.....انت سامحتني ؟؟


ضحك بسخريةٍ موجعة وقال :

مين اللي ضحك عليكي وقالك كده.....؟!


حركت رأسها وسألته بألم :

طب واللي حصل بينا امبارح، كان ايه ؟؟


نظر إليها بعيون باردة، وقال بقسوة :

كنت بجرب، زي ما اللي قبلي جرب، المفروض تبقي مبسوطة امبارح كانت أول مرة ليكي في الحلال


انهارت تبكي، صدرها يرتفع ويهبط بانفعال موجوع، ورغم قسوته، كان قلبه يُجاهد لئلا يعود إليها، ليضمها، ويخبرها أن ما حدث كان أجمل ما في عمره




لكنه هرب.....

هرب من ضعفه، ومن عشقه، ومن وجعها الذي يحرقه، وبقيت هي وحدها في الغرفة، تبكي.....كأنها تنزف

صرخت بقهر، كسرت كل شيء طالته يدها حتى، تناثر الزجاج، وامتلأت يداها بالشظايا


أمسكت قطعة زجاج، نظرت إليها.....بخواء

لقد سئمت من الحياة، من الإهمال، من الصدمة، من الجميع

ليس لديها احد يهتم لامرها

أغمضت عينيها......وقررت أن تُنهي كل شيء !!!!!!

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع