القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني عشر 12بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات


رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني عشر 12بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات 





رواية ليتني لم أحبك الفصل الثاني عشر 12بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات 



#الفصل_الثاني_عشر

#رواية_ليتني_لم_أحبك

#الكاتبة_شهد_الشورى

صباح يوم الخطبة – قصر الزيني

في أروقة القصر، كانت الحركة لا تهدأ، كل شخص يقف على قدم وساق، ينفذ أوامر "دولت هانم" الصارمة، التي لا تقبل التأخير ولا التهاون.

الخدم يتحركون بسرعة، والتنسيقات تُراجع، وكل تفصيل يُراجع مرتين.


أما بالأعلى، فكانت "رونزي" تجلس أمام المرآة تتزين، حولها "حنان" و"تيا" تساعدانها وتداعبان توترها بابتسامات مشجعة.


بينما غابت "جيانا"، بعدما اعتذرت بأنها ستذهب لعملها وتعود سريعًا، وقد حاول "أكمل" بدايةً منعها من الذهاب أو حتى حضور أي فرد من العائلة، إلا أن إصرارها كان أكبر:


جيانا بثقة حازمة:

"وليه ما نروحش يا بابا؟

أنا مش بهرب... ولا ههرب.

أنا هقف قدامه وعيني في عينه، ومش هيهمني غير رونزي...

اللي أكيد هتزعل لو ملقَتناش جنبها في يوم زي ده، خصوصًا ان باباها ومامتها مش هيحضروا.د


أمام صدق كلماتها، لم يجد "أكمل" إلا أن يوافق...على مضض

.........

في الجريدة – مكتب جيانا


جلست "جيانا" بمكتبها، أوراق مبعثرة، شاشة الحاسوب أمامها تعرض مقالات ناقصة، بينما هي تغوص في دوامة شرود عميق، ألم ينهش قلبها كلما مر الوقت !!!!!!


طرق الباب فجأة، ثم دخل الساعي العجوز "عم محمود" وهو يحمل حقيبة جلدية قائلاً بهدوء :

"واحد جه وساب لحضرتك الشنطة دي، يا آنسة جيانا"


رفعت رأسها بدهشة وسألته باستغراب :

"مقلش مين؟"


نفى برأسه قائلاً :

"لا والله، سابها مع الظرف ده وقال أوصلهولك"


شكرته بصوت خافت، وما إن غادر حتى فتحت الظرف تقرأه بصدمة ومع كل كلمة تشتعل غضبًا :

الشنطة فيها اتنين مليون جنيه، مقابل إنك تنفذي اللي مطلوب، بلاش تتحديني يا حلوة، لأني لحد دلوقتي بلعب معاكي براحة، بلاش نخش في اللعب التقيل، عشان صدقيني... هتخسري، ومش انتي بس اللي هتخسري، كل اللي يخصك هيخسر كمان، اللي حصل لأختك؟ كان بس البداية، خدي الفلوس، وابعدي عن طريق اللي أقوى منك


عيناها اتسعتا....اليد التي تمسكت بالورقة بدأت ترتجف، ثم كورتها بقوة، تعرف صاحب الرسالة... وتعرفه جيدًا


رددت بغيظ مكتوم :

"حامد صفوان !!!!!!


أمسكت بالحقيبة، ثم نهضت من مكانها، وانطلقت بخطوات غاضبة نحو الباب  !!!!!!!!


جلست خلف عجلة القيادة، تقود بسرعة جنونية، أنفاسها سريعة، قلبها يغلي، وعقلها يعيد شريطًا لطالما حاولت كتمه.......


عودة بالوقت لشهرين تقريبًا


كانت تعود من عملها، الساعة تقترب من التاسعة مساءً، أول مرة تتأخر بهذا الشكل، الشارع هادئ، وهي منشغلة تفكر بالمقال الجريء الذي نشرته اليوم


حوار مؤلم مع والدة فتاة دخلت مستشفى صفوان لإجراء عملية الزائدة، فخرجت منها بكلية واحدة فقط !!!!!!

الفيديو الذي نشرته بالجريدة هز الرأي العام، وحصد ملايين المشاهدات !!!!!!!!


ابتسمت وهي تتخيل وجه "حامد" حين يراها تفضح جرائمه للعالم، لكنها لم تكن تعلم أن هناك من يراقبها......


سيارة سوداء تسير بجانبها، تصدمها من الجانب فجأة !!!!

صرخة خرجت منها، ثم فقدت السيطرة، واصطدمت بشجرة ضخمة على جانب الطريق !!!!


خرج ثلاثة رجال، كأنهم وحوش ليلية، جذبها أحدهم من السيارة وهي تنزف، شبه فاقدة للوعي !!!!


صفعات متتالية.....ثم أحدهم يمسكها بقوة !!!


ظهر "حامد صفوان"، ينزل من سيارته ببطء، اقترب منها، انحنى عليها، ثم قبض على وجهها بيده بعنف قائلاً بغل :

"حتة بت زيك... تتجرأ تقف قدام حامد صفوان، جربت معاكي بالهدوء... بس الطريقة دي متنفعش مع اللي زيك !!!


ردت عليه جيانا بأنفاس متقطعة وسخرية  :

"حامد صفوان كدبة كبيرة... ولازم الناس تعرف حقيقة واحد حقير زيك"


صفعة مدوية أخرستها، أعقبها ضحكة متشفية منه،

ثم أشار لأحد رجاله.....فركلها ركلة عنيفة في منتصف ساقها

خرجت منها صرخة رغمًا عنها، حاولت كتمها، لكنها سقطت على الأرض تتألم


ردد حامد وهو يربت على وجهها بإهانة :

"المرة دي قرصة ودن، المرة الجاية، مش عارف إيه اللي ممكن يحصل"


دفعها بقدمه لتسقط بجانب سيارتها، فاقدة الوعي، تنزف ببطء !!!!!!!!


بعد قليل، بدأت تفيق.....

رجل مسن يحاول إفاقتها، ساعدها، ونقلها للمستشفى

حالها كان يُرثى له، كسور، كدمات، وجسدها كله في حالة إنهيار، قضت شهرًا في المستشفى !!


حين سألت عن الرجل، علمت أن من أنقذها هو "صلاح الزيني"... جد فريد !!!!!!

من تلك الليلة... أقسمت "جيانا" أن تنتقم !!!!!!


عودة للوقت الحاضر – مقر شركة صفوان


وصلت إلى مبنى الشركة، نزلت من السيارة كالعاصفة،

سألت عن مكتبه دون أن تنتظر ردًا، تجاهلت سكرتيرته ثم دخلت المكتب بقوة، عيناها تشتعلان غضبًا.......


بالداخل، كان فريد يجلس أمام مكتب حامد صفوان، يحاول كبح جم غضبه المتصاعد. الحديث في ظاهره يدور حول تفاصيل صفقة عمل، لكن ما بداخله عاصفة لا تهدأ. كيف يضبط أعصابه وهو يواجه الوجه البارد لمن تجرأ على إيذاء من أحب؟ كل عضلة في جسده توشك أن تنقض عليه، أن يثأر لفجعة قلبه... لكنّه تماسك، منتظرًا اللحظة المناسبة.


وفجأة…

انفتح الباب بعنف، واقتحمت جيانا الغرفة كالإعصار ملامحها مشتعلة، وفي يدها حقيبة سوداء صغيرة، خطت خطوات سريعة حادة حتى وصلت أمام المكتب، ثم فتحت الحقيبة بقوة، وألقت بمحتوياتها من رزم الأموال فوق وجه حامد دون ترد :

فلوسك متلزمنيش، روح ارشي بيها حد تاني غير جيانا النويري !!!


قالتها جيانا بحدة، وكلماتها كالسهم الذي أصاب الرجل في كبريائه....فتحداها بنظرة متعجرفة قائلاً :  

إنتي يا بت منين جتلك الجرأة تعملي كده؟ ده أنا أفعصك بجزمتي......إنتي ولا حاجة !!


اشتعل غضب جيانا، وضربت بيدها على مكتبه بقوة....كان صوت الضربة بمثابة صفعة على وجهه :

اللي بتقول ما تسواش حاجة، هي اللي مخلياك خايف و بتدور على طريقة تسكتها بيها....أولهم الحادثة اللي اقيدت ضد مجهول، واللي أنا وإنت عارفين كويس إنك السبب فيها وأنا ساكته بمزاجي، بس حقي هاخده بإيدي....والفلوس اللي بعتهالي عشان ترشيني بيها ، ومخلي كلابك يراقبوني ، مفكرني هبلة !!!


ضربت على المكتب مرة أخرى، وكل ضربة كانت تحمل قوة غضبها المشتعل :

فوق لنفسك ، متستخفش باللي قدامك....أنا بنت أكمل النويري، لا عاش ولا كان اللي يهددها أو يغلط فيها و الفلوس اللي بعتها دي ما تسواش حاجة، ده أنا أغرقك فلوس إنت وأهلك واحد واحد يا زبالة


قالتها ثم استدارت، وغادرت المكتب بخطى ثابتة وسريعة، دون أن تلتفت لأي منهم، بينما ظل فريد يحاول اللحاق بها خرج الاثنان خلفها، تاركين الرجل يشتعل غضبًا يتوعد لها بويلات لا تنتهي !!!!!!


في الخارج، كانت جيانا تخرج من الشركة بخطوات غاضبة، وفريد يلحق بها محاولاً تهدئتها :

جيانا، استني....جيانا


اقترب منها وأمسك بذراعها محاولًا إيقافها، لكنها دفعته بعيدًا قائلة بنبرة حادة :

ابعد إيدك عني 


حاول فريد أن يبقي صوته هادئًا، رغم الغضب الذي بدأ يتسرب إليه :

جيانا، الراجل ده عملك إيه قوليلي، وصدقيني مش هرحمه لو كان أذاكي !!


نظرت إليه ببرود ممزوج بسخرية :  

وأنا بقى مستنياك تاخد لي حقي منه....كأن مش ورايا رجالة يقدروا يعملوا كده....وبعدين بصفتك مين تعمل كده ، لو عاوز تحاسب اللي أذاني، حاسب نفسك الأول، لأنك أول واحد أذاني


أشاح فريد بوجهه بعيدًا، كلماتها كانت كالسيف الذي مزق قلبه يعلم أنها على حق، فهو أول من خذلها، ولا يستطيع إنكار ذلك


تدخل أيهم محاولًا تهدئة الأجواء :  

أظن دلوقتي مش الوقت ولا المكان المناسب للكلام ده 


نظرت إليه جيانا بابتسامة ساخرة، وقالت :  

ده على أساس إن في كلام بينا.....كل حاجة خلصت من سبع سنين، ولو ابن عمك نسي، فكره إنت !!!


حاول فريد أن يتحدث بنبرة هادئة....فقال بحزن :  

إنتي شفتي الظاهر بس، ما تعرفيش كل حاجة


تظاهرت بالدهشة وهي تقول بتهكم :  

بجد!!!!....طب عرفني إنت، يمكن أنا عميا ومش بشوف....أو يمكن مبسمعش كمان....يلا، فهمني !!!


زفر فريد بضيق من أسلوبها الحاد، لكنه التزم الصمت، بينما تابعت هي بسخرية تخفي خلفها ألمًا عميقًا :

نفسي أعرف إنت مهتم ليه وبتجري ورايا....ده أنا حتى كنت مجرد رهان وخسرته.....مش حاجة كبيرة أوي كده !!!!!


تحدث فريد محاولًا التبرير :  

في الأول كان رهان، بس أقسم لك من قلبي إني حبيتك ،  يمكن كدبت في حاجات، بس في دي أنا صادق....أنا حبيتك، ولسه بحبك يا جيانا


نظرت إليه جيانا نظرة قاسية، وقالت بدون تردد :  

كداب....لو فضلت مية سنة تقول بحبك، عمري ما هصدقك عارف ليه لأن اللي زيك معندوش قلب يحب بيه، اللي زيك يعرف يخون ويأذي بس، كلمة حب دي كبيرة اوي عليك !!!!


قالتها بصوتٍ خافت، كمن يُعلن انسحابه الأخير من معركة خاسرة، ثم استدارت وصعدت إلى سيارتها. أغلقت الباب كأنها تُغلق على وجعها، وأدارت المحرك بسرعة الهارب من ألمٍ يُلاحقه. انطلقت دون أن تلتفت، لا لشيء، إلا لأنها كانت تعلم أن نظرة واحدة نحوه قد تسقط دمعة حاولت جاهدًة أن تحبسها.


كان قلبها يعتصر وجعًا، ألم ثقيل يضغط على صدرها كأن أنفاسها تخونها. لم تكن حزينة فقط... بل مكسورة، من الداخل. تتألم لأنها، رغم كل شيء، ما زالت تحبه تعرف أن حبه لم يكن ملاذًا آمنًا، بل كان عاصفة اقتلعتها من جذورها، ورماها في مهب الخذلان.


كانت تلوم قلبها الذي لا يزال يحمل له مكانًا، قلبها الذي لم يتعلم أن يكره من آذاه، قلبها النقي الذي لم يعرف الخيانة، فبقي وفيًا لأول من دقّ لأجله.

تعرف أنها تستحق حبًا يُرممها، لا حبًا يتركها تنزف على أطراف الذاكرة، لكنها أيضًا لم تتعلّم بعد كيف تُغلق قلبها في وجه من كان يومًا موطنها


مؤلمة هي الذكرى حين تقف في منتصف الطريق، بين ماضٍ يحترق، وقلبٍ لا يزال ينبض باسمه

...........

في وقتٍ لاحق – قصر الزيني


كان المساء قد بدأ ينسدل كستارٍ مخمليّ على القصر، يتسلل الضوء الذهبي من النوافذ العالية ليغمر الغرف بهدوء مسائيّ ثقيل... في غرفة خصصوها لرونزي، كانت الفتاة تقف أمام المرآة، تتأمل نفسها بعينٍ لم ترَ الجمال في عينيها منذ زمن.

الفستان الأزرق الفاتح ينسدل على جسدها كنسمة صيف، بلا أكمام، يُظهر عنقها النحيل وبشرتها المتوهجة تحت ضوء المرآة، وشعرها، الذي صعد أعلى رأسها في كعكة أنيقة، أضفى عليها هيبة ناعمة كأميرة خرجت للتو من كتاب أسطوري


وراءها، وقفت جيانا

لم تكن تنظر لرونزي فقط، بل لنفسها في انعكاس المرآة أيضًا، كأنها تحاول أن ترى ما لا يُقال

فستانها الأحمر المائل إلى اللهب، ينحدر على جسدها بانسيابية أنثى تعرف تمامًا أنوثتها، لكن ملامحها لم تكن تحتفل !!!

شعرها المموج ينزلق على كتفيها برقة، يشبهها... رقيقة في حزنها، مشتعلة في صمتها


قالت رونزي وهي تدور في مكانها، والبسمة ترتسم على شفتيها بسعادة :

– جيجي، قوليلي إيه رأيك...؟


نظرت لها جيانا، وابتسمت تلك الابتسامة التي تجيدها النساء حين يُخفين خلفها الكثير:

– طالعة زي القمر


ردت حنان بالموافقة، بينما كانت جيانا تتحرك بتثاقل نحو الشرفة، كأن قدميها تجرها نحو شيء لا تريد رؤيته، لكن قلبها يصر، وقفت هناك، الهواء يلامس وجنتيها، لكنها لم تشعر به...

عيناها وقعتا عليه


كان هناك، في الأسفل، واقفًا بجانب ابن عمه "ايهم"

كأن العالم كله تلاشى وبقي هو

وتحت وقع تلك النظرة، رفع رأسه، لتلتقي أعينهما


لحظة واحدة... لكنها كانت كفيلة بأن تُعيد كل شيء

هو ينظر إليها كمن يرى ذنبه متجسدًا في وجه من كسر،

وهي تنظر إليه كمن يواجه خيانته، ولا يستطيع الهرب.

نظرة مشبعة بكل ما لم يُقل، بكل ما طُعن ولم يُشفى.


ثم أشاحت بوجهها، بسرعة مذعورة، كأن تلك النظرة صفعتها.

عادت إلى الداخل، بعينين تلمعان من الدمع، لكنها لن تنهمر.

هي قررت ألا تهدر دموعها على من رأى انكسارها ولم يُبادر،

من كسرها بيدٍ باردة، ثم ندم متأخرًا حيث لا جدوى

.......

أسفل الدرج، كانت رونزي تنزل بخطوات ثابتة تمسك بذراع محمد الزيني، غياب والدها في ليلة كهذه، كان كثقب صغير في قلبها…..لكنه موجع !!!!


عند نهاية الدرج، استقبلها فريد

ابتسم لها… ابتسامة ناقصة، لا تصل للعينين.

كان هناك ندم يتوارى خلف ملامحه، ندم لا يريد الاعتراف به.


حين تقدم لخطبة رونزي، أقنع نفسه أن الماضي دُفن،

لكن الماضي لا يموت، بل يتخفى….إلى أن يقف أمامك من جديد، كما فعلت جيانا الآن


ومع كل خطوةٍ يخطوها برفقة رونزي، كانت عيناه تبحثان عنها، عن امرأة تسكنه رغم الغياب.


وحين وجدها....اختنق

كانت واقفة هناك، بجانب والدها، تشبه اللهب بفستانها الأحمر

فاتنة، لا، بل ساحرة.....كل ما فيها يصرخ جمالًا


ظل يحدق بها، كأن النظر إليها عقاب يستحقه، وكأن حضورها امتحان سقط فيه قبل أن يبدأ


شعرت رونزي بتلك النظرات، وتسلل الشك لداخلها، لكن سرعان ما وأدته داخليًا

مستحيل أن يفعلها....هذا ما قاله عقلها، لكنها لم تعرف أن القلوب أصدق من الظنون !!!!!


وخزته بذراعها، وهمست برقة قلقة :

– فريد....سرحان في إيه ؟


تنحنح بسرعة، مجهدًا نبرته لتبدو طبيعية:

– مفيش

أومأت له، وابتسمت، بينما داخلها صوت خافت لا يتوقف عن الهمس.....لا تشعر بالارتياح !!!!!!

.......

بين الحضور، كان فادي يقف برفقة سالي، سكرتيرة فريد سابقًا، وايهم حاليًا، كانت تنظر إلى جيانا باهتمام غريب ثن قالت وهي تضيق عينيها :

– البت دي... أنا شوفتها قبل كده ومش فاكرة فين !!


سألها فادي ببرود :

– مين دي ؟


أشارت برأسها قائلة بتذكر :

– اللي واقفة هناك دي كانت بتيجي دايمًا مكتب فريد واول ما كانت تيجي، يدخلها من غير ما يستأذن ده غير نظراته ليها !!!!!!


رفع حاجبه وسألها بزهول :

– متأكدة ؟


ردت عليه سالي بتأكيد :

– ايوه دي حتى مرة كنت معاه في شقته، ولقيتها جاية، كانت عارفة العنوان كمان، شكل كده كان فيه حاجة بينهم هما الاتنين وقتها 


لمعت في عينيه ابتسامة لا تُبشر بخير وقال :

– اممم....قولتيلي !!!


سألته بفضول :

– ناوي على إيه؟


رمقها بنظرة قاسية وقال بحدة :

– مالكيش فيه 

.......

على الناحية الأخرى كانت جيانا تقف مع تيا، ثم انسحبت للحظة لتُجيب على الهاتف، لكن حين التفتت....وجدت أمامها ذلك الرجل الذي لم تنسى ملامحه… أو نظراته الماكرة والوقحة !!!!


وقف فادي أمامها وقال، بصوتٍ لا يحمل إلا التهكم :

– ازيك يا قمر؟


نظرت له ببرود، ثم تخطته دون كلمة واحدة، لكن فادي، كعادته، لم يعرف للحدود معنى، وقف أمامها من جديد، ليقطع طريقها بجسده ونبرته الوقحة :

– إيه بس يا قمر؟ مالك؟ أنا حتى نفسي أتعرف…..


كادت أن تصفعه، لكن صوتًا أكثر رجولة قاطعهم فجأة، دون سابق إنذار، وقف فريد بينهما، بجسده الطويل ونظراته الحادة قائلاً :

– في حاجة يا فادي؟


رفع الآخر حاجبيه بلا مبالاة، وهو يُدخل يده في جيب بنطاله، وكأنه لا يرى في الموقف سوى فرصة للعبث :

– في حاجة إنت يا ابن خالي؟ سايب خطيبتك لوحدها وجاي ليه؟ أنا بس كنت بتعرف ع القمر


شهق فريد في صدره غضبًا، قبضته ترتجف بجانبه، يحاول جاهداً ألا يفتك به أمام الجميع، لكن فادي لم يكتفي، بل اقترب أكثر، يربت على كتف فريد بخفة مقيتة، وهمس بمكر:

– اهدى يا ابن خالي، بس الصراحة عندك حق، البت حلوة اوي وتستاهل تغير عليها، بس زي ما جربت زمان سيب ابن عمتك يجرب......


عند تلك الكلمات انفرط الحاجز الأخير في صبره، وفجأة، بدون تفكير، كانت قبضته ترتطم بوجه فادي بعنف !!


تأوه فادي بخفوت، ثم ابتسم، تلك الابتسامة المريضة التي لا تنذر بخير،ثم قال وهو ينفض الدم عن فمه، بنبرة مليئة بالتهديد :

– والله لهتدفع تمن اللي عملته ده غالي، وغالي أوي كمان يا ابن الزيني


لم يرد عليه فريد، فقط رمقه بتحدي لا يقل لهيبًا عن صدره المشتعل، فانسحب الآخر، يترك خلفه وعدًا بالشر


بينما جيانا حمدت ربها أن أحدًا لم يلحظ ما حدث

التفت إليها فريد وسألها بغيرة وغضب :

– كان بيقولك إيه؟


نظرت له، ثم ردت عليه بحدة  :

– وإنت مالك؟


قالتها، وغادرت أمامه بخطوات سريعة، لكنها لم تكد تبتعد حتى وجدته يمسك يدها فجأة، يجذبها بعنف إلى زاوية بعيدة عن أعين الناس


حاولت أن تفلت يدها، لكنه لم يتركها حتى أوقفها، مواجهًا إياها بنظرة تشتعل بالغيرة والغضب :

– كان بيقولك إيه؟!


صرخت عليه جيانا مجددًا بغضب :

– قولتلك وإنت مالك؟!


أمسكها من كتفيها، يهزها بعنف، كأن عنف يديه هو السبيل الوحيد لإخراج الحقيقة :

– انجزي قولي، ونصيحة مني بلاش استفزاز دلوقتي بالذات يا جيانا، انا على آخري


دفعت يده بعنف، تقهقه بسخرية :

– تصدق خوفت !!!!


زفر بقوة، يحاول أن يهدأ.....لكنه لا يستطيع، وفي لحظة ضعف، لم يشعر بنفسه إلا وهو يجذبها بين ذراعيه…..

يعانقها، كأن ما بين ذراعيه وطن ضائع 


تجمدت للحظة، لكن وعيها سرعان ما صحا، دفعت صدره بكل قوتها، ليقول هو بنبرة مكسورة :

– مكنتش أحب نوصل للي إحنا فيه دلوقتي 


نظرت له بسخرية مريرة تمزقها من الداخل لكنها لا تُظهر غير قسوتها :

– وإحنا كنا إيه زمان عشان نبقى دلوقتي؟ كل الحكاية رهان…..وخسرته !!!


صرخ فيها، صوته يزلزل الفراغ من حولهما :

– افهمي بقى.....أنا حبيتك بجد


صرخت فيه بعنف، ودموعها تقف على أعتاب الانهيار :

– بتحبني؟ بتحبني إزاي؟ لو كنت بتحبني فعلاً، إحنا ليه سيبنا بعض؟ ليه؟ هاتلي مبرر واحد بس غير إنك ندل وجبان، ومكنتش راجل كفاية عشان توفي بوعودك معايا 


نظر إليها، عجزًا وحزنًا، ثم همس، كأن روحه تنهار من الداخل:

مكنتيش كده


ضحكت…..ضحكة تنخر في روحه قائلة بسخرية مريرة :

– البركة فيك يا بن الزيني


غادرت دون أن تلتفت، تجر وجعها خلفها كذيل ثقيل !!!!!

......

عادت إلى الحفل، لكن العالم لم يعد كما كان، وقفت بجوار والدها، وعينيها تلمعان بالدموع التي تأبى الانهيار، أمسكت يده بقوة، فالتفت إليها بقلق فبادرت قائلة بحزن :

– أنا هخرج أتمشى شوية بالعربية


كاد أن يعترض، لكن نظر في عينيها، فأدرك أنها على وشك الاختناق، ابنته لازالت تحب ذلك الوغد، حرك رأسه موافقًا :

ماشي، بس خلي بالك من نفسك متتاخريش ارجعي هنا تاني


أومأت برأسها، وغادرت مسرعة، لاتعرف إلى أين، فقط تركت نفسها للطريق، كانت تقود السيارة بلا وعي.....

الطريق يبتلعها، والماضي يلاحقها


لِحُسنِ حظها، لم تَرى سالي، تلك التي خانها معها من قبل، ورأتهما معًا في تلك الليلة.....

كأن القدرَ هذه المرة أشفقَ على قلبِها المكسور، فحَجَب عنها مشهدًا كان كفيلًا بإعادة كل الوجع، دفعةً واحدة.

كأن الليلَ نفسهُ تأمل وجعها، فستر عنها ما لا يُحتمل !!!!

.............

على الجانب الآخر من القاعة، وقف سمير إلى جوار آسر، الذي بدا وكأن عينيه تأبيان مفارقة "رونزي"، يرمقها بنظرات ثابتة تحمل ما لم تُفصح عنه الكلمات، بينما هي لاحظت تلك النظرات، لكنها تظاهرت باللامبالاة !!!


قال سمير، وهو يبتسم بسعادة :

– بُص...شايف مراتى المستقبلية، هناك، أنا هروحلها


ثم انطلق بخفة نحو وجهته، وكأن قلبه يسير أمامه، أما آسر، فقد خطا نحو "رونزي"، ووقف إلى جوارها، ناظرًا أمامه بصوت هادئ ونبرة لا تخلو من الاستفزاز :

– مش شايفة إن الفستان ده مكشوف شوية...؟؟


استدارت له بدهشة، وقالت:

– أفندم؟!


رد عليها وهو ما زال ينظر أمامه دون أن يلتفت إليها :

– يعني الفستان صدره باين، ومكشوف، مش شايفة كده ؟؟


اشتعل وجهها بحمرة الخجل، وتماسكت لترد عليه بحدة :

– وإنت مالك؟!


ابتسم ابتسامة جانبية وقال بهدوء ساخر :

– هو خطيبك ما قالش حاجة؟ أصل اللي بيحب بيغير بس شكله مش......


قاطعته قائلة بغضب :

– انت مالك؟ بتتكلم كده ليه؟ إنت مين أصلاً عشان تقول خطيبي بيحبني ولا لأ....؟!


اقترب قليلًا، وهمس بابتسامة غامضة :

– محدش عارف.....مش يمكن قريب يبقى ليا صِفة


رمقته بنظرة حادة غاضبة، ثم غادرت المكان بخطوات سريعة، بينما في أعماقها راح صوته يتردد.....يوقظ فيها شيئًا حاولت طمره !!!!!


أما هو، فظل ينظر خلفها بصمت غامض، ينوي الكثير لكن صبرًا.......

.........

على الناحية الأخرى في ركنٍ آخر من القاعة

جلست هايدي وحدها على طاولة صغيرة، تحدق في الفراغ بشرود، غافلة عن ذلك الذي اقترب منها، يُطيل النظر إليها كأنها لوحة فنية


كانت ترتدي فستانًا أسود ناعمًا، ينسدل بانسيابية، ويكشف كتفًا واحدًا، وقد جمعت خصلات شعرها على جانبٍ واحد بإتقانٍ عفوي


سحب الكرسي وجلس بهدوء إلى جوارها، لتلتفت إليه فجأة بصدمة قائلة :

– انت؟!


ابتسم سمير بعينين تلمعان بإعجاب وقال بهيام :

– الأسود يليق بكِ


سألته هايدي بريبة :

– إنت بتعمل إيه هنا...؟!


رد مبتسمًا :

– معزوم على الخطوبة وإنتي بقى، أنا ماعرفتش أتعرف عليكي يوم الحادثة، أخبارك إيه دلوقتي


أجابته بأدب وابتسامة خفيفة :

– أنا هايدي عبد الرحمن بنت عمة العريس، والحمد لله بقيت أحسن، الفضل كله ليك انت اللي انقذتني


حرك رأسه وقال بهيام وهو يمد يده إليها :

– سمير الفيومي، ظابط، وعندي اتنين وتلاتين سنة، أعزب


ابتسمت هايدي، وردت عليه بأدب :

– تشرفنا


طال صمته، وتعمقت نظراته لها، لتشعر هايدي بالارتباك، فوقفت قائلة بتوتر :

– عن إذنك، ماما بتنادي عليا


قبل أن تبتعد، نطق دون وعي، كأن قلبه سبق لسانه :

– إنتي حلوة أوي


تورد وجهها خجلًا لأول مرة منذ زمن، وابتسمت تلقائيًا، ثم غادرت سريعًا، بينما هو يتأمل ملامحها الغائبة وهمس بإصرار :

– يا بنت اللذينة، خطفت قلبي في ثانية وغلاوة الحجة الله يرحمها لاتجوزها !!!!!!!!

...........

كانت تيا تتحرك في القاعة بخفة، تنظر حولها باحثة عن شقيقتها، لكنها لم تجدها !!!!

همت أن تتوجه نحو الطاولة التي تجلس عليها عائلتها، حين لمحت بعينيها شخصًا يترنح في مشيته على مسافة قريبة بدا عليه الدوار، رغم أنه كان رجلًا مسنًا، إلا أن وقاره لا يوحي بضعف


اقتربت منه سريعًا، وعيناها ممتلئتان بالقلق، ثم قالت له بنبرة خافتة :

– حضرتك كويس؟


لكنه لم يجب، فما كان منها إلا أن أسرعت تحضر له مقعدًا، أجلسته عليه بلطف، في تلك اللحظة، كان أحد الندل يمر بالمشروبات، فأشارت له، وأخذت منه كأس ماء، وساعدته على الارتشاف


اقترب النادل بقلق حين تعرف عليه، وقال :

– جمال باشا، حضرتك كويس، هنادي على أيهم باشا حالاً


في أقل من دقيقة، كان أيهم يركض نحوه، وجهه ممتقع من الخوف، قائلاً بلهفة وهو ينحني أمام والده :

– بابا؟ حضرتك كويس؟ حاسس بإيه؟ يلا نروح المستشفى


رد عليه جمال بصوت واهن متعب :

– أنا كويس...الضغط شكله واطي شوية، مش مستاهلة خدني على أوضتي أستريح


رد عليه أيهم بقلق :

– حاضر يا بابا، نطلع فوق دلوقتي، وهتصل بالدكتور 


لم يعارضه جمال، فقد كان يدرك جيدًا كم يحمل له ابنه من خوف، لا بسبب هذا الموقف فقط، بل لأن ذكرى فقدان والدته ما تزال محفورة في قلبه حتى الآن


ساعدته تيا برفقة أيهم ليصعدوا إلى غرفته، وأسندوه إلى الفراش، وبعد دقائق قليلة، حضر طبيب العائلة، الذي كان من ضمن المدعوين وبعد أن فحصه، أكد أن ضغطه منخفض، أعطاه ما يلزم من أدوية وتعليمات


نظرت له تيا بابتسامة رقيقة وقالت :

– ألف سلامة على حضرتك


ابتسم لها جمال بتعب وقال :

– الله يسلمك يا بنتي....شكرًا إنك ساعدتيني


ردت عليه بتهذيب واحترام :

– العفو، ما تقولش كده حضرتك....ده واجب، ألف سلامة عليك مرة تانية، هستأذن بقى، لازم أنزل عشان بابا ميقلقش


– اتفضلي يا بنتي، إذنك معاكي


غادرت الغرفة تحت أنظار أيهم الذي لتوه فقط لاحظ وجودها

ظل يتابعها وهي تبتعد، بعينين شاردتين، قبل أن يفيق على صوت والده، الذي قال بهدوء :

– باين عليها بنت محترمة أوي....ربنا يحفظها لأهلها


أومأ أيهم بابتسامة باهتة، ثم جلس بجانب والده، يراقب أنفاسه حتى غفا، نزل بعدها للحفل، يبحث عنها، لكنهم أخبروه أن جيانا وعائلتها قد غادروا


عاد مجددًا إلى غرفة والده بعد أن بدل ملابسه، ليجد على الأرض شيئًا يلمع، فانحنى والتقطه


كان خاتمًا ألماسيًا صغيرًا، ظن أنه قد سقط من يدها،

ابتسم وهو يضعه في جيبه، وهو يتذكر ملامحها في تلك الفتاة شيءٌ يأسر نظره، وكلما رآها يعجز عن إبعاد عينيه عنها كان يبرر ذلك بأنها مختلفة عن كل من عرفهم، وهذا وحده كان سبب انجذابه إليها !!!!!


نظر بعدها إلى وجه والده النائم، وارتسمت على ملامحه ابتسامة حزينة، رحيل والدته كان ضربة قاسية، تركت شرخًا في قلبه وقلب والده، الذي لم يتجاوز حزنه يومًا، بل ظل يطلب الموت كل ليلة كي يلحق بها


كان هذا ما يخشاه أيهم….أن يخسر والده كما خسر والدته

أغمض عينيه بألم، وحاول أن يمنع دموعه من السقوط، لكنه فشل، فذلك اليوم، حين رحلت والدته، سيظل أسوأ أيام حياته، حتى لو مضى عليه ألف عام.....لن ينساه

.............

في نفس الليلة، بعد انتهاء الحفل، كانت دولت قد قضت معظم وقتها في غرفتها، حين علمت بحضور عائلة أكمل النويري، فآثرت البقاء بعيدًا


في الخارج، كان فريد يتناول العشاء مع رونزي

لكن كلمات آسر ظلت تتردد في أذنها، رغم محاولتها تجاهلها

في طريق عودتهما، بينما كان يوصلها بسيارته، سألته فجأة :

– إيه رأيك في الفستان يا فريد؟ حلو؟


رد عليها دون أن يلتفت :

– حلو يا رونزي


سألته مرة أخرى بهدوء غريب :

– بجد عجبك؟


رد عليها بنفاذ صبر :

– ما قولتلك حلو وعجبني، في إيه؟ مالك؟


ردت عليه بصوت هادئ :

– مفيش…...


أوصلها إلى منزل عائلة النويري، وعادت هي تدخل بخطوات بطيئة، بينما انطلق هو يقود بلا هدف


اخذ يدور بسيارته في الطرقات، كأن الشوارع تواسيه، أو تحتضن ندمه

ابتسم بحنين، حين تسللت إلى ذهنه الذكريات…..

ليت تلك الأيام تعود، ليت الخطأ لم يحدث….


دون أن يدري، قدماه قد قادته نحو ذلك المكان، ذلك الذي مرت عليه سنوات طويلة، ولم تطأه قدمه منذ رحيلها

..........

جلست هناك على المقعد الخشبي في ذلك الكوخ المهجور، حيث الغبار يتربص بكل زاوية، والصور القديمة، المغبرة، تزين الجدران برائحة الماضي، اقتربت ببطء من صورة كبيرة تجمعها به، مدت يدها بقطعة قماش، ومسحت عنها الغبار، ثم وقفت تنظر إليها بعيون تائهة، وكأنها تحاول التقاط آخر همسٍ من ذكرى مشتركة، كان ذلك صوتًا تمنت سماعه، لكنه جاء على غير توقع


لم تجب ولم تلتفت، حتى شعر بوجوده خلفها، ينطق باسمها بحزن خافت :

كانت آخر صورة لينا سوا !!!!!


التفتت إليه، ووقف فريد أمامها، قائلاً وصوته يهتز بالأسف :

أنا آسف، غضب عني....


خفض رأسه، هاربًا من نظراتها القاسية التي تلومه بلا هوادة

تسارعت أنفاسها، صدرها يرتفع وينخفض بشدة من حدة الانفعال، لكنها اكتفت بأن تعتصر الكلمات من بين شفتيها، بغلٍ وغضب :

آسف؟! آسف على إيه؟ على تمثيلك للحب؟ على إني كنت مجرد رهان؟ آسف على خيانتك اللي شوفتها بعيني؟ شوفتك مع واحدة تانية في سرير واحد وتقولي غصب عنك، ايه الغصب في كده، هي الخيانة بقت غصب وأنا معرفش....ولا هو ديل الكلب عمره ما يتعدل والطبع غلاب


أغمض عينيه مجددًا، يتجنب نظراتها، تلك النظرات التي تنطق بالاشمئزاز، بينما تتوالى كلماتها الساخرة :

آسف إنك كنت هتعتدي عليا؟ آسف على إيه ولا إيه بالظبط؟ أعدلك كام غلطة عشان تعتذر عليها؟ كلمة آسف دي لما تخبطني من غير قصد، ساعتها اسامحك، لكن لما تعمل كل ده وتقولي آسف؟ ما هو يإما أنت معندكش دم، يإما بتهزر !!!


التمعت عينيه بالدموع التي حاول أن يكبحها، ثم قال بصوت مكسور :

انا غلطت، وفيا حاجات كتير ما تتغفرش، وكدبت عليك في حاجات، وفعلاً ما استاهلش واحدة بأخلاقك.....بس والله ما حبيت غيرك يا جيانا وكل مرة قولتلك فيها إني بحبك، كانت طالعة من قلبي وكانت حقيقية


ضحكت بسخرية قاسية، وقالت :

بتحبني، كل ده وبتحبني، أومال لو ما كنتش بتحبني، كنت عملت فيا إيه


كانت دموعها تلمع، لكنها تمسكت بعزة النفس، رفضت أن تدحرها، ثم قالت، وهي تشير إلى نفسها بمرارة :

بس اللوم مش عليك، اللوم عليا، أنا اللي حبيت حد مايستاهلش، اللوم عليا....أنا الغلطانة مش أنت


تنهد فريد بحزنٍ عميق وقال :

صدقيني، ما كنتش أتمنى يوصل بينا الحال ده، ولا إني أخسرك، لو بيدي كنت فضلت جنبك، وحافظت عليكي، بس كان غصب عني


نظرت له بمرارة وقالت :

اللي بيحب بيعرف يحافظ على اللي بيحبه، لو كنت فعلاً حبيتني، كنت عرفت تحافظ عليا، إنت اللي استغنيت، إنت اللي بعت، إنت اللي خونت، إنت اللي خالفت الوعود، مش أنا


كانت كلماتها تعصر قلبها، كجرح عميق لا يراه أحد، ذاك الألم الذي يختبئ خلف صمتها


تبادلا النظرات لوهلة، ثم غادرت هي الكوخ سريعًا، تاركة خلفها صدى الألم 


أمسكها قبل أن تصعد إلى سيارتها، جذبها إلى حضنه بقوةٍ لا تخلو من شوق، يشتاق إليها، يحبها، لكنه لا يجد ما يبرر به خطئه.


دفعته بعيدًا بنظرة تملؤها الاشمئزاز، ثم غادرت المكان سريعًا تاركة خلفها قلبًا مكسورًا لا يملك سوى الاعتذار

............

في صباح اليوم التالي، كان القصر يعج بهدوء مشوب بتوتر خفي، جلس فريد مع والده محمد في البهو يتبادلان الحديث حول أمور العمل، حين انقطع النقاش فجأة بصوت دولت الغاضب الذي اخترق الصمت كالرعد :

ايه اللي أنت عملته ده يا محمد !!!!!


التفت فريد إليها يسألها ببرود :

في إيه يا ماما


ردت عليه دولت بنفاد صبر وغلظة :

اسأل أبوك


تنهد محمد بملل واضح، وقال:

في إيه يا دولت ع الصبح


ردت عليه دولت بنبرة مشحونة بالغضب:

إنت فتحت حساب باسم بنت الخدامة بعشرين مليون جنيه


أجابها محمد ببرود لا يعبّر إلا عن اللامبالاة:

أه !!!!!


اشتعلت دولت غضباً من بروده وقالت :

ازاي متقوليش حاجة زي كده


رد عليها محمد ببرود وسخرية :

معلش، نسيت أخد الإذن منك، أصلي مش راشد ولسه صغير


صرخت عليه دولت بحدة:

إنت بتتريق عليا


ضحك محمد بسخرية وقال :

قولت أخلي اللي بعتاهم يراقبوني يوصلولك هما الخبر، أهم يحللوا الفلوس اللي بتدفعيها ليهم كل شوية 


توترت دولت وقالت :

إنت بتتكلم عن إيه، أنا مش فاهمة حاجة 


تقدم محمد منها قائلاً بنبرة حازمة :

انتي فاهمة قصدي كويس يا دولت، انا صابر عليكي بقالي سنين طويلة بس صبري بدأ ينفد، بلاش تجربي الوش التاني لأنك هتندمي


سألته دولت بسخرية :

ده من إمتى بقى ان شاء الله 


رد عليها محمد بصرامة :

من دلوقتي


صرخت عليه دولت بغل :

على جثتي بنت الخدامة تاخد مليم واحد من فلوسي انا وابني، سامع على جثتي يا محمد


مسكها محمد من معصمها بغضب وقال بحدة :

إياكي تغلط في بنتي أو أمها، إنتي سامعة؟ بنتي خط أحمر يا دولت 


ردت عليه بسخرية واستهزاء :

من إمتى وصوتك بيعلى؟ شخصيتك دي كانت فين؟ دلوقتي افتكرت بنتك؟ ولا زينب الخدامة رجعت تاكل عقلك بكلمتين وتضحك عليك زي زمان........


صفعها محمد على وجهها بغضب وغل !!!!!!


حلت الصدمة على دولت، أما فريد فظل يراقب بعيون ساخرة لا تتدخل، فرددت دولت بصدمة :

انت بتمد إيدك عليا يا محمد


شدد محمد قبضته على معصمها بغضب وقال :

وأقطعلك لسانك الطويل ده كمان، واضح إني أخدتك عليا اوي....انتي أكبر غلطة في حياتي، شيطان ماشي ع الأرض


نظرت دولت لابنها بانكسار متصنع وقالت :

شوفت يا فريد ابوك عمل ايه، رفع ايده عليا و.......


قاطعها محمد بغضب :

ما تدخليش فريد بينا، سامعة


هنا تدخل فريد وقال بسخرية مريرة :

ماتدخليش فريد بينا، طب والله كويس إنكم افتكرتوا فريد وسط خناقتكم دي مرة واحدة


اقتربت دولت منه قائلة بحنان زائف :

حبيبي، انت بتقول إيه ؟


أوقفها فريد ببرود قائلاً بصرمة :

ابعدي عني......ابعدي


تنهد بمرارة ثم قال :

انتوا الاتنين أكبر غلطة في حياتي


صرخ عليه محمد بغضب :

فريد انت واخد بالك بتقول إيه.....؟!


صرخ فريد، كأن جرحًا قديمًا انفجر فيه فجأة، وكأن الكلمات كانت منذ زمن عالقة في حلقه، تنتظر لحظة الانفجار:

بقول الحقيقة

إنتوا إيه؟ ما بتشبعوش خناق؟

تلاتين سنة خناق ولسه مشبعتوش؟ مازهقتوش؟

أنا حياتي اتدمرت بسببكم، بسبب خناقاتكم اللي مابتخلصش

خلتوني أكره الجواز... عقدتوني من الحب

عقدتوني من فكرة إني أحب واحدة، وأكون أب، وأبقى زيك؟

أو أجيب أم لعيالي تبقى زيك يا دولت هانم

إنتوا الاتنين فشلتوا، فشلتوا تكونوا أب وأم، وزوج وزوجة

إنت أناني... وهي زيك، ما فرقتش عنك في حاجة

أنا جرحت الإنسانة الوحيدة اللي حبيتها.....

الوحيدة اللي حبتني بجد، وعشقتها من قلبي، جرحتها....

جرحتها بإيدي، عشان أنا طالع من بيت مفهوش غير خراب


صوته تكسر، وعيناه احمرّتا، لكنه قاوم دموعه بعناد، ثم أردف بألم :

أنا بحسد ديما....

بحسدها لأنها عاشت بعيد عن ده كله،

بعيد عن الخراب اللي أنا اتربيت فيه، بعيد عن السم اللي كنت بأتنفسه بينكم كل يوم


ثم تابع بمرارة :

دلوقتي بتقولها طلعي فريد بره المشاكل، فريد طول عمره بره حياتكم، بره حساباتكم......فريد مكنش ليه وجود في حياتكم إلا في المشاكل، حضرتها تيجي تشتكيلي من مشاكلها معاك من غير ما تراعي اني مجرد طفل، وإنت عمرك ما شوفتني، المشاكل اللي عاوز تطلعني منها دلوقتي انت حطتني فيها زمان ومكنش فارق معاك، انتوا الاتنين كنتوا بتستعملوني...


نظر إلى والده وقال بقهر :

عمرك ما فكرت تسمعني، كل اللي كان يهمك نفس وبس !!!!


ضرب الطاولة بقدمه قائلاً بصوت عالي ارعب الجميع :

إنتوا الاتنين، السعادة اللي كنتوا بتمثلوها قدام الناس؟

كدبة كبيرة، والحقيقة الوحيدةؤ إني ما افتكرتش يوم واحد حسيت فيه إني ابن، أو ليا بيت حقيقي، إنتوا ما تنفعوش تكونوا لا أب، ولا أم......ولا حتى بني آدمين يعرفوا يحبوا غير نفسهم


قال كلماته، وكان كل حرف منها يقطر وجعًا، ثم استدار ليرحل، يهرب من كل شيء، من القصر، من الذكريات، من نفسه، لكنه توقف فجأة عندما رأي........!!!!!!

___________


وحشتوني أوي أوي يا أحلى متابعين في الدنيا 🥺

سامحوني ع التأخير، نزلت مصر كام يوم والتعب خلاني أتأخر شوية لحد ما فوقت من دوشة السفر

بس رجعتلكم، وهكمل بإذن الله 😍


مستنية رأيكم بكل شوق، بحبكم من قلبي ❤️✨

وحشتوني تاني وتالت ورابع يا حلوين 🥺


 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع