رواية قلوب تحت الحراسه الفصل الرابع 4 بقلم بشرى اياد حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية قلوب تحت الحراسه الفصل الرابع 4 بقلم بشرى اياد حصريه في مدونة قصر الروايات
#قلوب_تحت_الحراسه
#البارت_الرابع
أصوات الرصاص تصدح في جنبات المكان، تردّدها الجدران القديمة كأنها تتقيأ ذاكرتها.
ليان كانت محمية خلف الجدار، عيناها تتابع المشهد كأنها خارجه، وكأن شيئًا بداخلها يُنتزع ببطء… ليس الخوف فقط، بل الطفولة، الثقة، وحتى ملامح أبيها التي باتت تتشوه كلما تكلم عنها الغرباء.
جاد يتنقل ببراعة، أطلق رصاصتين أصاب بهما أحد المهاجمين، ثم صرخ:
– "ليان! ما تتحركيش! متتحركيش خالص!"
صوت سيف جاء من الجهة الأخرى:
– "فيه باب خلفي! لازم نخرج قبل ما العدد يزيد!"
لم يكن أمامهم سوى الهروب… أو السقوط.
ركضت ليان خلف جاد، وسيف غطّى انسحابهم. انفجرت إحدى الطلقات بالقرب من قدمه، فتعثر لكنه استمر، وجهه يقطر عرقًا ودمًا… وأسرارًا.
خرجوا عبر ممرٍ خلفيّ، وصلوا إلى فناء المدرسة القديم. الليل بالخارج كان أكثر صمتًا، لكنه لم يكن أكثر أمانًا.
جاد قال وهو يلهث:
– "في عربية مستنياني عند الشارع الجانبي… بسرعة!"
ركبوا السيارة، وجاد قادها بجنون، عيونه ثابتة في المرايا، يبحث عن أي أثر للمطاردة.
ليان كانت تلتقط أنفاسها، نظرت إلى سيف وسألته:
– "إنت قلت إن بابا شريك في الكارثة… تقصد إيه؟"
سيف أدار وجهه إليها، بنظرة صلبة:
– "أبوكِ كان مسئول عن مشروع اسمه "الظل الأحمر"… فكرة استخباراتية خرجت عن السيطرة. كانت مصممة تخلق عملاء جُدد بذاكرة مزروعة… من ضمنهم إنتِ."
ساد الصمت.
ليان شعرت كأن الهواء قد انقطع من حولها:
– "يعني إيه؟! أنا… إيه دخلّي في كل دا؟!"
– "الملف اللي أبوكِ خباه… مش مجرد معلومات. كان تجربة. تجربة بشرية… عليكي."
جاد ضرب الفرامل فجأة.
– "إنت بتتكلم عن عمليات زرع ذاكرة؟! دا جنون!"
– "جنون؟ ولا واقع بيحصل قدّامكم؟ ليان مش بس شاهدة… هي مفتاح. جواها شيفرة الذاكرة المزروعة، اللي ممكن توقف شبكة الظل بالكامل."
ليان، بصوت مرتجف:
– "يعني أنا… مش كل حاجة فيا حقيقية؟!"
سيف نظر لها:
– "كل حاجة جواكي حقيقية، بس مش كلها من صنعك. وإنتي الوحيدة اللي ممكن تفكّيها… أو تحرقيها."
في مكانٍ آخر…
غرفة مظلمة، جدار كامل من الشاشات. رجل يجلس في الظل، يتابع تحركاتهم لحظة بلحظة.
– "ليان حمدي بدأت تستعيد وعيها بالجزء الممنوع… لازم ننهيها قبل ما توصل للنقطة صفر."
صوت نسائي أجابه:
– "وجاد؟"
– "لو حاول يحميها… يُعتبر هدف. الكل قابل للتضحية."
العودة إلى جاد وليان وسيف:
وصلوا إلى شقة مؤقتة في حي هادئ. بمجرد دخولهم، أغلق جاد كل النوافذ، وفحص الأبواب.
سيف جلس على الأريكة، مسح وجهه، ثم قال:
– "الخطوة الجاية… استرجاع الذاكرة. فيه طريقة. بس فيها خطر."
ليان وقفت، وجهها يحمل كل التناقضات:
– "أنا مش ههرب من اللي جوايا. حتى لو كانت نار."
سيف ابتسم لأول مرة:
– "كويس… لأن اللي جاي… مش لأي قلب."
رفع جهازًا صغيرًا بحجم الكف، موصول بسلكين نحيفين.
– "دي وحدة استدعاء عصبي. بتنشط الجزء المزروع فـ اللاوعي… بس لو دخلتي بذاكرتك وشفتي أكتر من اللازم، ممكن ترجعي… بشيء مختلف."
جاد بصوت قاطع:
– "مش هسمح بدا يحصل."
ليان نظرت له، نظرة من يعرف أن الوقت ضيق، وأن الخوف ليس خيارًا:
– "جاد… أنا لازم أعرف مين أنا فعلًا."
وضعت الجهاز على رأسها… وأغمضت عينيها.
في اللحظة التالية… كل شيء انفجر داخل عقلها.
أصوات. وجوه. جدران بيضاء. رجال بملابس سوداء. أبوها… يصرخ.
ثم جاءت جملة واحدة، من فم مجهول:
"اللي تتحكم فيه ذاكرتك… يتحكم فيه مستقبلك."
صرخت ليان فجأة، جسدها ينتفض. جاد انقضّ نحوها محاولًا نزع الجهاز، لكن سيف أمسكه بيده:
– "استنى! لازم تكمل! دي لحظة الفتح… لو اتقطعت دلوقتي، هتفقد كل حاجة!"
جاد صاح بغضب:
– "بس هي بتتألم!"
سيف بثبات:
– "الذاكرة الحقيقية ما بترجعش بهدوء… بترجع بالدموع والصراخ. سيبها!"
ليان داخل عقلها كانت تغرق… لكنها بدأت ترى.
رأت رجلاً يوقع أوراقًا سرية… وجهه لم يكن غريبًا. كان والدها.
ورأت نفسها… طفلة صغيرة داخل غرفة زجاجية، مربوطة بأسلاك، تُعرض لنبضات ضوئية، وأصوات غامضة.
رأت امرأة… تشبهها.
وقالت لها المرأة:
"أنا النسخة الأولى… وإنتِ كنتِ الأمل الأخير."
ليان صرخت:
– "أنا مش تجربة! أنا إنسانة!"
وفجأة… انقطعت الكهرباء في الشقة.
الظلام التام.
لحظة سكون.
ثم صوت اختراق نافذة من الزجاج.
سيف أخرج سلاحه فورًا:
– "جُم بدري… أسرع من اللي توقعته."
جاد جرّ ليان من يدها، اللي كانت بتنهج بصعوبة، لكن وعيها بيرجع.
همسات في الظلام، خطوات تقترب، شعاع ليزر أحمر على الجدار.
ليان بصوت مبحوح:
– "جاد… أنا افتكرت. أنا عارفة هما عايزين مني إيه."
– "قوليلنا بسرعة، قبل ما يقتحموا!"
قالت:
– "مش بس جوايا ملف… جوايا شفرة إيقاف النظام بالكامل. بس لازم نوصّلني للمخزن الرئيسي في القاهرة. وإلا… كل حاجة هتتحول لحرب ضد كل الناس اللي بنحبهم."
سيف بهدوء قاتل:
– "يبقى نخرج دلوقتي… أو نموت كلنا هنا."
انطلقت أول قنبلة صوتية داخل الشقة.
وفي لحظة، أصبح كل شيء… تحت الحراسة.
لأن بعض القلوب، لا يُكتب لها السلام… إلا إذا اختارت أن تُقاتل من أجل الحقيقة.
ومع تصاعد الدخان، وصرخات الاقتحام، تشبثت ليان بجاد، نظراتها تتوسل ألا يترك يدها.
– "ما تسبنيش… حتى لو الدنيا كلها ضدي."
جاد قرب منها، وسط الفوضى، وقال بهمس رغم الرصاص:
– "أنا هحارب معاكي… لحد آخر نفس. مش عشان الواجب… عشانك إنتي."
واندفع الثلاثة معًا نحو المجهول، حيث لا شيء مؤكد… إلا أن قلوبهم الآن أصبحت مستهدفة، لا من أجل ما تملك… بل من أجل ما تُخفي.
فالقلوب التي تُحب… يمكن أن تُكسر، لكن القلوب التي تحرس السر… وحدها تعرف كيف تُقاتل.
انفجرت القنبلة الصوتية داخل الشقة، فتبعثرت الظلال على الجدران، وتكسّر الزجاج تحت الأقدام. كان الصوت يصمّ الآذان، والأنفاس تختلط بالرماد والدخان.
جاد سحب ليان إلى خلف الخزانة المعدنية، سيف احتمى بجانب الجدار، يعدّ الطلقات المتبقية في مخزن سلاحه. كل شيء بات على المحك، وكل ثانية تُحسب بأعمار.
– جاد (بهمس مرتجف):
"ليه جيوا بسرعة كدا؟! احنا لسه بنستوعب اللي بيحصل…"
– سيف (ببرود مخيف):
"علشان عارفين إن ليان وصلت لنقطة اللاعودة… وده بيخوّفهم أكتر من أي رصاصة."
– ليان (تلتقط أنفاسها، وجهها شاحب):
"أنا مش ههرب تاني… مش بعد اللي شفته… أنا بقيت فاكرة كل حاجة، كل حاجة!"
– جاد (يحدّق فيها):
"يعني فعلاً الشيفرة جواكي؟!"
هزّت رأسها، ودموعها تلمع وسط الدخان:
– "مش بس الشيفرة… أنا كمان الشاهد الوحيد على التجربة كلها… وعلى نهايتها المفترضة."
تبادل الثلاثة النظرات. خطوات الأعداء تقترب، واللحظة التالية ستكون حاسمة.
سيف أعاد سلاحه إلى وضع الاستعداد، ثم قال بصوت خافت:
– "أنا هفتح الممر الخلفي… بس اللي هينزل معايا، لازم يعرف إنه مفيش رجوع."
جاد وضع يده على كتف ليان:
– "أنا معاكي، سواء كانت دي بداية الحرب… أو نهايتها."
هزّت رأسها بشجاعة… وكأن الذاكرة المؤلمة منحتها قوة لا يمتلكها أحد.
سيف ضغط زرًا خفيًا خلف اللوحة الخشبية القديمة، فانفتح باب أرضي صغير، ينبعث منه نور أزرق باهت… وعمق لا يُرى آخره.
قال سيف بابتسامة باهتة:
– "من هنا… هنبدأ نعرف مين فينا اللي بيحرس السر… ومين بيصنعه."
ترددت ليان لحظة… ثم قفزت أولاً.
تبعها جاد.
ثم أغلق سيف الباب خلفهم… تاركًا ورقة صغيرة على الأرض، كُتب فيها:
"بعض القلوب لا تُخلق للحب فقط… بل لتكون مفاتيح النهاية."
الضوء الأزرق في النفق لم يكن ضوءًا عاديًا… بل كان ينبض. كأن الجدران تتنفس، كأنهم يمشون داخل كائن حي، لا نفق.
كان الصمت مطبقًا، والهواء خانقًا، ومع كل خطوة يخطونها، تزداد البرودة، ويزداد الإحساس بأن هذا المكان لم يُبنَ ليكون مخرجًا… بل مصيدة.
ليان تمشي أولًا، ويدها ترتجف على الحائط كأنها تستدل بالحسّ أكثر من البصر.
جاد يمشي خلفها مباشرة، وصوته يهمس:
– "ليان، لو حسّيتي بأي حاجة مش طبيعية… قوليلي فورًا، حاضر؟"
– "حاسّة بكل حاجة مش طبيعية، جاد… حتى أنا مش طبيعية."
سيف كان خلفهما، يتفحص الجدران ويحسب خطواته، وكأن عقله يعمل على خريطة خفية لا يراها أحد سواه.
وفجأة، عند نقطة معينة من الجدار، توقفت ليان.
نظرت إلى بلاطة صغيرة، منقوش عليها رمز دائري لا يشبه أي رمز حكومي.
لمسته.
فانفتح الجدار إلى غرفة دائرية، فيها شاشات قديمة، أجهزة تسجيل، أرشيف محكم بأقفال رقمية، وجهاز في منتصف الغرفة ينبض بإضاءة خافتة.
دخل الثلاثة، وسيف أغلق الباب خلفهم.
همست ليان:
– "ده… ده مكان الذاكرة، صح؟"
أومأ سيف:
– "ده هو. هنا كل الملفات المزروعة، كل الاختبارات، وكل الأوامر. بس اللي يقدر يفتح النظام… هو إنتِ."
اقتربت ليان من الجهاز، ويده اقتربت من لوحة زجاجية. لحظة وضعت كفّها عليها، بدأت الشاشة تعرض صورًا سريعة: لقطات من الطفولة، من تجارب المعمل، من وجوهٍ لم تتعرف إليها… لكنها تعرفت على شعورها معهم: خوف، خيانة، وحدة.
ثم ظهرت صورة أبيها… يبتسم. يضحك معها. يحتضنها.
تبعتها صورة له وهو يوقّع أوراقًا… ثم وهو يصرخ عليها في مختبرٍ مُعقم.
انهارت على ركبتيها.
– "هو كان بيحبني؟ ولا بس… كان بيستخدم قلبي؟"
ساد الصمت.
ثم قال جاد بصوت خافت:
– "فيه أب بيزرع وجع في بنته بإيده… إلا لو كان مجبور."
سيف كان يراقب الشاشة، وفجأة قال:
– "الملف شغّال… فيه نظام تلقائي بدأ يتفتح. وفي رسالة… ليكِ يا ليان."
ظهرت صورة الأب على الشاشة، هذه المرة، وهو يتحدث مباشرةً:
> "لو وصلتي للنقطة دي، يبقى أنا مقدرتش أحميكي من الحقيقة… ولا من نفسي."
> "ليان، إنتِ ماكنتيش تجربة فاشلة… كنتِ المحاولة الوحيدة إني أنقذ نفسي من اللي اتورطت فيه. الشيفرة جواكي مش علشانهم… هي علشانك. لو فعلتيها، هتدمّري كل النظام ده، وكل نسخة حاولوا يزرعوها بعدك."
> "بس هتفقدي الذاكرة المزروعة… اللي فيها حتى أنا."
هنا، تجمّدت ليان.
نظرت إلى جاد، ثم إلى سيف، ثم إلى الشاشة.
– "يعني لو ضغطت… هنسى كل حاجة؟ حتى اللي كنت فاكرة إنه حب… أو خوف؟"
أومأ سيف ببطء:
– "هترجعي نقية… بس فاضية."
جاد تقدّم نحوها، أمسك يدها:
– "وإحنا نملالك الفراغ من جديد… بذكريات حقيقية."
لحظة صمت.
ثم ضغطت ليان على الزر.
كل شيء توقف.
الجهاز أصدر طنينًا حادًا… الشاشات انطفأت… والضوء الأزرق اختفى.
ووسط الظلام، سقطت ليان أرضًا… مغشيًّا عليها.
ركض جاد واحتضنها.
لكن على الجدار، ظهر آخر سطر على الشاشة قبل أن تغلق للأبد:
"حين يُمحى الماضي… لا يعود القلب كما كان. بل يعود حارسًا لصمته."
كان الصمت أضخم من الصوت.
الضوء الأزرق خمد، والشاشات سكنت، كأن التكنولوجيا نفسها ركعت أمام القرار.
جاد كان يحضن ليان بجسده، وجهه يقطر رعبًا. لمس جبينها المرتجف، ويده تحاول تمييز أي دفء، أي حياة.
– "ليان… ليان! سامعاني؟ بصيلي… أرجوكي بصيلي!"
لكن عيناها مغمضتان. نبضها ضعيف. تنفّسها متقطّع كأن صدرها يقاوم البقاء.
سيف اقترب، انخفض بجانبه، مدّ يده خلف رقبتها، حرّك رأسها ببطء.
– "لسه بتتنفّس… دي مرحلة صدمة عصبية. دماغها بيحذف الملفات واحدة ورا التانية. جهازها العصبي مش متعوّد عالفقد المفاجئ."
– "نرجّعها إزاي؟!"
سيف بصوت هادئ، وكأنه يدور داخل مختبر عقله:
– "مافيش طريقة نرجّع بيها اللي ضاع… بس ممكن نعيد بناء الجديد، خطوة بخطوة."
رفعها جاد من على الأرض، حاضنًا جسدها كأنها كل ما تبقّى له في الحياة.
خرجوا من الغرفة عبر ممرّ ضيّق، قادهم إلى باب صدئ آخر، فتحه سيف ليُطلّ بهم على سطح أحد المباني المهجورة جنوب القاهرة.
المدينة أمامهم كانت نائمة، لكن النور البعيد على الأفق كان يوحي بأن فجرًا جديدًا يولد.
وقف جاد، وهو ينظر لوجهها:
– "أنا مش هسمح لحد ياخدها تاني. لا دولة، ولا نظام، ولا حتى ماضيها. من النهاردة… ليان بتبتدي من جديد."
•••
بعد ثلاثة أيام…
في إحدى شقق المعادي القديمة، على الطابق الرابع، كانت ليان تجلس في ركن غرفة ضيقة، تلفّ نفسها ببطانية خفيفة، تنظر للنافذة كأنها نافذة العالم.
ذاكرتها… صفحة بيضاء.
هي تعرف اسمها. تعرف أنها ليان. لكن كل الباقي… غريب.
لم تعد تتذكر وجه والدها… ولا شكل أمها… ولا جاد.
جاد الذي يجلس في المطبخ يراقبها، بصمتٍ يملؤه وجع الحب الذي لا يُعرَّف.
دخل إليها وهو يحمل كوبًا من الشاي:
– "أنا عملتلك شاي بالنعناع… زي ما كنتي بتحبي."
نظرت له، نظرة غريبة. لا عدائية. لا مألوفة. فقط غريبة.
– "أنا كنت بحبه؟"
ابتسم، لكن وجهه خان ابتسامته:
– "كنتي بتقولي عليه... "الطَعم الوحيد اللي بيطمن قلبك"."
أخذت الكوب، شربت رشفة. ارتجف شيء خفيف في ملامحها.
– "هو فعلاً مريح… بس أنا مش فاكرة."
– "مش مهم تفتكري… المهم نبتدي من جديد. وأنا مش مستعجل."
نظرت إليه للحظة طويلة، ثم قالت:
– "هو إحنا… كنا إيه لبعض؟"
تنهّد، ثم قال:
– "كنا احتمال كبير… يكونوا بيكتبوا عنّا روايات."
ضحكت بخفّة… لكنها دمعة سقطت على خدها، بلا إذن.
•••
في المقابل، سيف لم يكن بعيدًا.
كان يراقبهم من سيارة سوداء مركونة أمام العمارة. يتحدث عبر هاتف آمن.
– "الشيفرة تم تفعيلها… النظام انهار، لكن البنت فقدت كل شيء."
الصوت الآخر سأله:
– "هل تشكّ أنها تسترجع؟"
– "ليان أعمق من أي برنامج. لو حُبّت بصدق… الذاكرة ممكن ترجع، لكن مش كبيانات، كإحساس. وده أخطر من أي شيفرة."
– "يبقى تابعها. عن قرب. وبهدوء."
– "اعتبره حصل."
•••
في الليل، كانت ليان تجلس وحدها قرب الشباك، والهواء يدخل خفيفًا من بين الستائر.
لم تكن تنام بسهولة… فالفراغ الذي بداخلها، لا يُملأ بالكلمات.
دخل جاد الغرفة، جلس أمامها، أخرج من جيبه صورة قديمة… تجمعهما في أحد الشوارع، يضحكان بشدة، وهي تمسك بذراعه.
مدّها لها.
– "دي صورتنا… من قبل ما الدنيا تتشقلب."
أخذتها منه، تأملت ملامحها، ثم نظرت لوجهه الحقيقي.
– "أنا فعلاً كنت بحبك؟"
هزّ رأسه ببطء:
– "لسه… وبتحبيني دلوقتي كمان، بس إحنا لسه فاول السطر."
فجأة، قالت بصوت خافت:
– "أنا حلمت… بحضن. حضن كنت فيه صغيرة، وكان دافي أوي… بس وشي ماكنش باين. بس… حسّيت إنه أمان."
همس:
– "دا حضنك… لما كنتي بتحبي الدنيا. وهي هترجع تحبك."
وضعت رأسها على كتفه، ببطء، لأول مرة دون وعي منها.
ثم همست، كأن قلبها يتكلم بدلًا منها:
– "حاسّة إن قلبي لسه فاكر… حتى لو عقلي نسي."
أغلق عينيه، شدّ ذراعيه حولها، وقال:
– "القلوب لما تحرس الحب… بتفضّل فاكراه حتى بعد النهاية."
يتبع.....
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا