رواية لإجلها الفصل الحادي والثلاثون 31( الجزء الاول)بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية لإجلها الفصل الحادي والثلاثون 31( الجزء الاول)بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الواحد والثلاثون ج١
حرّر قلبك
فالحب لا يأتي في هيئة صفعة،
ولا يولد في ظل الخوف والخذلان.
من أحب بصدق، لا يخون... ولا يهمل.
اترك نفسك للحب،
ودعه يتسلل بهدوء إلى شقوق روحك،
يداوي الجراح التي توهمت أنها لا تلتئم.
أعطِ لقلبك فرصة ثانية...
ربما القادم يحمل لك بلسمًا،
يرمّمك، ويجبر كسرك دون أن يسأل.
لا تدفن الحب في مقبرة الماضي والحذر،
فليست كل القلوب سواء،
وليس كل من اقترب... يشبه من رحل.
الخاطرة الروعة والمراجعة من الرائعة الغالية/ سنا الفردوس
تنظر إلى الخارج من خلف الستار الأبيض للغرفة التي أصبحت تسكنها مؤقتًا، وذلك منذ الإعلان عن عقد قرانها.
عشرة أيام مرّت بأحداث مشتعلة لم تهدأ حتى الآن، منذ أن ضعفت وأخبرته بموافقتها بعد إلحاحٍ منه، ليغتنم الفرصة في نفس اليوم، ويُتم الاتفاق مع شقيقها على إتمام الزواج في أقرب وقت.
حاولت الاعتراض أو التراجع، ولكن هيهات، فكأن الجميع قد تآمر عليها، واتسعت دائرة الإلحاح لتشمل كل من له صلة قرابة من جهته أو جهتها، من والدته وشقيقاته، أو شقيقها وزوجته، حتى رضخت في النهاية ووافقت على عقد القران في تكتم تام، فقد كانت تلك التعليمات الأهم بالنسبة إليه.
لكن ما إن أتم مراده، حتى خرج إلى الهواء يطلق عددًا من الأعيرة النارية احتفالًا وإشهارًا، وكأنه أول زواج له!
فنَال بعدها المباركات والتهاني من المعارف والأحباب، غير آبه بخجلها أو خوفها من القادم. ثم حدث ما كانت تخشاه، حين وصل الخبر إلى زوجها السابق "عرفان"، فاشتعلت نيران كانت كفيلة بإشعال فتنة بين العائلتين، قد تخلّف ثأرًا يمتد لعقود بسببها.
فقد أتى في اللحظة نفسها، مسلحًا، متهجمًا وقاصدًا الاعتداء، لولا يقظة "حمزة" الذي كان على استعدادٍ تام لإحباط مخططه، وإحكام السيطرة عليه بواسطة رجال الحراسة العاملين تحت أمرته، بالإضافة إلى شهادة عدد من الأعيان الذين جمعهم ليشهدوا على ما يحدث.
تلك الليلة كانت أبشع الليالي، مليئة بالأحاديث الساخنة والشجارات، انتهت في الأخير بقرار حاسم:
ضرورة نقل مزيونة من منزلها لوأد الفتنة حتى يتم الزفاف.
ودّت في داخلها لو تتبع عرض شقيقها بالذهاب إلى منزله، لكنها خشت عليه وعلى أبنائه من بطش عرفان، الذي بدا كالمجنون، غير آبه بفضائح أو سمعته أمام الرجال.
مما اضطرها في النهاية للانصياع إلى أمر العقلاء، والقدوم إلى هذا المنزل الكبير، حيث تسكن ابنتها في الطابق العلوي، وتسكن هي وحدها في الأسفل داخل شقة اتضح لاحقًا أنها شقته، بل وصُدمت حين اكتشفت أنها تنام داخل غرفته أيضًا.
اللعنة عليه من ماكرٍ يُجيد فرض سطوته بأبسط الأشياء.
وها هي الآن، تطالع من مكانها تجهيزات "الليلة الكبيرة" التي تتم من صباح الغد... ليلة زفافها إلى حمزة.
تنهدت بقنوط، وتراجعت بخطواتها حتى جلست على طرف التخت، تفرك كفيها بتوترٍ شديد.
يمر على قلبها الخوف بوطأة مرعبة، وكأنها بكرٌ في أول زواج لها، لا... بل هي تخشى إعادة التجربة.
التجربة المريرة التي قضت على طفولتها ومراهقتها، وأنوثتها التي سُحقت بالضعف والمرض.
الكلمات الجارحة التي كان يلقيها عليها "عرفان" في كل مرة يقترب منها، وهي ترجوه أن يتركها، وألا يُحمّلها ما لا تطيق، لكنه كان يأبى إلا أن يُنفّذ رغبته بها، دون ذرة شفقة أو رحمة لحالها، وفي النهاية تُعَيَّر بمرضها، وبعجزها عن مجاراته كأي زوجة خُلقت لإسعاد زوجها...
كثيرًا ما تمر عليها لحظات من الندم، لاستسلامها والموافقة على الزواج من حمزة، رغم حنقها الشديد منه لاستخدامه كل الطرق للضغط عليها، إلا أن صوتًا داخلها دائمًا ما يُذكّرها أن سبب موافقتها، في الأول والأخير، كان حاجتها إلى الأمان، بل والأكثر... حاجتها إليه هو.
صوت طرقٍ خافت على باب الغرفة جعلها تنفض عنها الأفكار السيئة، استعدادًا لدخول "حُسنية" كما توقعت، أو إحدى الفتيات الصغيرات من أحفادها.
كادت أن تدعو الطارق للدخول، لكن الكلمة علقت في حلقها حين اجفلت بدفع الباب على عجالة، بدخول أحدهم، مُغلقًا الباب خلفه.
همّت بالصراخ، لكنها توقفت حين عرفت هويته، وقد وقف يلهث أمامها بابتسامة متسعة، يُناظرها ببرودٍ متناهٍ قائلاً:
— أخيرًا شوفتك يا عروستي.
ذهب عنها الذهول، واعتلت ملامحها شراسة كاملة، وكأنها قطة على وشك الهجوم عليه:
— انت اتجننت يا حمزة؟ داخل كده من غير "أحم ولا دستور"؟ افرض كنت براحتى وانا في الأوضة هنا، كان هيبجى منظري إيه ولا منظرك ساعتها؟
ألقى عليها نظرة فاحصة، من شعر رأسها حتى خف القدم أسفل العباءة التي ترتديها، ثم عقب بحسرة مرددًا:
— لا، مالكيش دعوة بمنظري... المهم إنتِ! ليه يا مزيونة مش جاعدة براحتك؟ وانتي في أوضة ومجفول عليكي بابها؟
فغرت فاهها بدهشة، لكنها سرعان ما فطنت لسر دخوله المفاجئ المريب:
— يعني داخل عشان كده يا حمزة؟
أومأ برأسه تهتز أمامها بوضوح، فبرقت عيناها ذهولًا من صراحته الفجّة، لتصرخ به:
— اطلع برا يا حمزة.
تبسم بخبث، يُشاكسها بكلامه المعسول وأقدامه تتحرك في اتجاهها ببطءٍ مدروس:
— كده على طول؟ طب قدّري إني جايلك "سرقة"، غفلت أمي وأخواتي، وطلعتلك من الباب الخلفي، عملت زي العيال المراهقين عشان أشوفك، مانعينك عني لحد ما يتم المراد، أموت أنا بقى بشوقي على ما يحصل.
كادت أن تتأثر بحديث قلبه الذي يخرج دون حساب، لكنها انتبهت لقربه فجأة، فتراجعت معترضة:
— حوش ملاعيبك دي عني يا حمزة، عشان أنا صاحية لك. ثم تعالى هنا، مين اللي حاشوني عنك؟ ما انت بتيجي كل يوم، وبحضر قعدتك معاهم، مفيش مرة جيت من غير ما تشوفني!
ردَّ متصنعًا الجدية:
— أيوه، بس وسطيهم يا مزيونة، وأنا عايز أجعد معاكي لوحدينا، نقعد ونتقرب من بعض، تعرفي أنا بفكر إزاي؟ وأنا أعرف مقاس هدومك بدل ما أشتري على عمايا، والصورة الذهنية اللي في خيالي.
— هدوم إيه؟
سألت ببراءة، قبل أن تقرأ الإجابة في عينيه الماكرتين، فازداد غيظها:
— بطل قلة أدب!
ضحك مرددًا ببراءة ومظلومية:
— طب أنا عملت حاجة يا بوي؟ ما أنا جاعد مكاني أها، وكل ما أتعِتع حبة لجدّام، ترجعي انتي لورا أكتر! رغم إنك حلالي، والنهاردة يوم مش عادي... دي دخلتنا كمان و...
صاحت به، تقاطعه بحدة من فرط انفعالها وتوترها الذي يزيد بأفعاله، حتى لم تعد تدري بما تتفوه:
— احترم نفسك يا حمزة، وبطل حديتك البارد. وبعدين ما تنساش أنا نبهت عليك بإيه من الأول، يعني ما تحطّش أمل على اللي في دماغك.
قطّب للحظات ثم استوعب، مرددًا بابتسامة لم تفهمها:
— آه، صح... انتي قلتيلي أعتبر نفسي متجوز واحد صاحبي، أو مش متجوز خالص؟
أومأت بتشنج:
— أيوه، هو كده بالفعل، وانت جولتت إن مش هامك، خلاص... إنت حر.
ازدادت ابتسامته الغامضة اتساعًا، ليهادنها:
— وقلت كمان إني راضي، راضي بكل حاجة تاجي منك، لو حتى "فتافيت"... أنا شاري، وواقع على بوزى كمان، في حب المزيونة.
يغلبها بذوقه، يغلبها بغزله وبرقة الحديث التي لا تخلو من رسائل مبطنة ومداعبات تصل إليها سريعًا بدون جهد، ولكنها ترفض أن تضعف بين يديه.
لا بد أن يعلم جيدًا بعيوبها حتى لا يُصدم لاحقًا.
طال سكوتها أمام تأمله نظراته الحانية، حتى ضجرت وأمرته:
— خلاص بقى، مش ناوي تطلع؟ اطلع يا حمزة، مش ناجصة حد يدخل يشوفك دلوك، ويسأل بتعمل إيه عندي في الأوضة؟ اطلع يا حمزة.
---
خرج أخيرًا من غرفتها على غير إرادته، مدفوعًا بيديها، لتغلق الباب خلفه.
فتوقف مستندًا على بابها بحالمية، هامسًا بعدها:
— اعملي على كيفك يا قلب حمزة... في الآخر برضو هيتجفل علينا باب واحد.
تنهد بحرارة، ثم رفع رأسه ليستدير عائدًا، فتصطدم أبصاره بمن كانت واقفة أمامه، عاقدة ذراعيها فوق صدرها، تطالعه بنظرات كاشفة.
حاول التغاضي عنها، يمازحها بعد أن تحمحم يجلي حلقه:
— الست منى هانم، لا تكوني واجفة هنا مستنية الجطر؟!
ضاقت حدقتاها أكثر، تركته يبتسم على مزحته بسخافة مكشوفة، حتى كاد أن يتخطاها، لكنها أمسكته توقفه:
— يا ظريف إنت يا لطيف... داخل عندها ليه دلوك زي الحرامية؟
مش جادر تصبر لما تيجي العشية ويتجفل عليكم باب واحد؟
نزع ذراعه منها مُبدياً اعتراضه مرددًا:
ـ لا، مش جادر يا ست البرنسيسة، عشان بقالي أكتر من أسبوع وانتوا مانعيني أجعد معاها زي الخُطاب، مع إن دا حقها عليّ وحقّي عليها عشان نفهم بعض.
بدهشة شديدة عقّبت تراجعه:
ـ انت عقلك هبّ منك يا حمزة؟ كلام وخُطاب! على أساس إنكم أول مرة تتعرفوا على بعض، ولا دي أول جوازة ليكم؟
ـ بالنسبالي أنا، دي أول جوازة ليا يا منى، واعتبرها الجوازة الوحيدة كمان. ويلا بعدي كده، عشان متأخر أصلاً على الرجالة.
قالها بجدية وهو يهمّ بالذهاب، لكنها أبت أن تتركه، فأمسكت به متأملة ملامحه السعيدة للحظات، ثم ألقت بنفسها عليه، تعانقه وتقبّل كتف ذراعه، معبّرة عن فرحتها:
ـ مبروك يا حبيبي، ربنا يتمملك على خير.
شدّ عليها بذراعه هو الآخر:
ـ الله يبارك فيكي يا غالية. عقبالك تفرحي بولادك انتي ومنص... إلّا هو فين؟ من الصبح ما شفتوش.
كانت قد ابتعدت عنه قليلًا لتخبره بشيء من الأسى:
ـ منصور جاعد مع أمك، أصلها زعلانة وعايزة حد يقنع خليفة يرد مراته. شايفاها عيبة في حقنا يتم فرحك وبت عمّه زعلانة منه.
ـ أممم...
زَمَّ حمزة بفمه متفهّمًا ومتأثرًا أيضًا، لكنه لا يملك بيده شيئًا. يعلم أن سر لجوء والدته إلى منصور هو يأسها منه، لا تعرف أنه قد ضاق من هالة ونفسها السوداء منذ طفولتها.
لقد تسببت في أذيته كثيرًا، ولم تترك له بابًا للتسامح، خصوصًا بعد مؤامراتها الأخيرة على مزيونة وتعمدها افتعال الفضائح لها.
ليس ملاكًا هو، حتى يتغاضى عن كل ذلك ويذهب لمصالحتها على أخيه، الذي جنى على نفسه منذ البداية حين رضخ لأمر والده الراحل ووافق عليها.
ـ طب وخليفة نفسه فين؟
ـ جاله اتصال مفاجئ وطلع بعدها بعربيته، شكله عنده مشوار مهم هو التاني؟
تساءل بحيرة بعد سماع رد منى على استفساره:
ـ مشوار إيه كمان اللي يطلعلُه فجأة ويسيب العالم والفرشة اللي بتتنصب تحت من غير ما يبلّغني؟!
...
لأول مرة يجتمع معها في مكان تحفه الأجواء الرومانسية كهذا، هادئ وبعيد عن الضوضاء. وما حاجته للأخيرة وقد كانت هي تقوم بالمهمة كاملة، بالبكاء حدّ الانهيار، والذي يشهده لأول مرة منها، بعد أن اتصلت به تطلبه على عجالة في أمر ضروري، وكأنها على وشك الانتحار من فرط قهرها كما تدّعي.
وبالطبع السبب معروف:
ـ هموت من القهرة يا خليفة. أخوك ماهموش كلام الناس ولا الفرق اللي بينهم، وكأنه عايز يكسرني أو ياخدها عند، بقى أنااا يفضل عليا واحدة جاهلة وبيئة زي دي؟
هو بيعاقبني ولا بيعاقب نفسه؟ طب افترض بكرة خلفت، أولاد الست البيئة دي يبقوا إخوات ابني؟ هو أنتوا إزاي سكتوله أصلاً ولا وافقتوه؟ إزاي أقنعكم؟
بهدوء شديد، كان يستمع ويستمع، يكبت انفعاله على قدر ما يستطيع، حتى إذا جاءت على ذكر الأخيرة، عقب قائلًا:
ـ أولًا حمزة مش عيّل صغير عشان ياخد رأي حد فينا ولا يهمه إقناعنا،
ثانيًا بجى، وهو الأهم، ياريت تخلي بالك من كلامك عن مزيونة أكتر من كده، بلاش تقللي من واحدة كل ذنبها إن حمزة اختارها. هو في الأول والآخر، دا اختياره على فكرة.
شهقت، تمسح بالمحارم الورقية على أنفها ووجنتيها بعنف، معترضة:
ـ لا يا خليفة، مش اختياره. أنا عارفة من زمان إنه "عندي"، وهو أكيد عمل كده عشان يتحداني أو يكسرني بعد المغرز الأخير اللي وقعت فيه، وكله بسبب مراتك.
هالة هي السبب. فضلت تحرّض فيا لحد ما غلطت ونفذت اللي كانت عايزاه، منها لله. كانت عاملة نفسها حبيبة معايا وخايفة على مصلحتي، وبمجرد ما حصل اللي حصل قطعت معايا، وحتى تليفون ما بتردش عليه. منها لله، منها لله.
ها هو يتأكد من ظنه دون مجهود، وعلى الرغم من الغضب المستعر بداخله، إلا أنه استطاع السيطرة على انفعالاته معها بكل سهولة:
ـ يعني أنتي بتعترفي وبكل بساطة إن هالة هي اللي وزّتك تعملي فضيحة للست الغلبانة؟
وجاية دلوك تصرخي إن حمزة فضّلها عليكي؟
طب هو كتب كتابه خلاص من أيام، والنهاردة دخلته، بعتّالي أنا ليه يا روان؟
بغض النظر عن هالة، عشان دي حسابها عليا، دا غير إني مزمجها أصلًا عند ناسها من يوم اللي حصل.
أظن يعني إن دموعك دي والشحتفة والبُكا كان من الأفضل يبجوا في بيتك وبين أهلك،
أنا إيه دخلي بانهيارك؟
معلش يعني، أنا مش هجف معاكي ضد أخويا مهما كانت معزتك عندي.
كان واضحًا، كان حازمًا، حتى أفحمها للحظات، حتى إذا ردّت أخيرًا، أظهرت وجهها الحقيقي:
ـ أنا عارفة إنك مش هتوقف معايا يا خليفة عشان أخوك، أخوك اللي فضّلته على نفسك زمان، وفضلت كاتم اللي في قلبك ناحيتي عشانه.
أنا مش غبية عشان مفهمش ولا أحس بمشاعرك.
ابتلع ريقه بتوجس، يسألها بحذر، يرفض رفضًا تامًا افتضاح أمره بالفعل أمامها، يُنهيها بصرامة أن تواصل:
ـ إيه اللي بتخربطي بيه دا يا روان؟ دا كلام تضيع فيه رقاب. اصحي وفوقي لنفسك يا بت الناس، وأنا هاعتبر نفسي ما سمعتش حاجة، ولا ألمّها وأقوم أحسن.
كاد أن يهمّ بالنهوض وتركها، قبل أن تصعقه بعرضها:
ـ خليفة... أنا بعرض عليك تتجوزني.
توقف لحظات متطلّعًا إليها بصمت، حتى صدر استفساره أخيرًا بعد استيعاب متأخر، بعد تجاوزه الصدمة:
ـ مين اللي يتجوز مين؟!
إنتي ناسية إنك كنتي مرّة أخويا؟
عايزاني أعدي ده وكمان على مراتي؟
إنتي عايزة تكيدي مين فيهم بالظبط؟
ـ الاتنين.
كادت بالفعل أن تنطقها، ولكن يكفي عليها أن يفهمها وحده، فردّت بضعف ونعومة تلمس عاطفته نحوها:
ـ مليش دعوة بحد فيهم يا خليفة،
أنا بس رجعت لعقلي دلوقتي وببص لمصلحتي زيهم.
إشمعنا هما يعيشوا حياتهم، وإحنا الاتنين نفضل في العذاب طول عمرنا؟
بُصّلي كويس يا خليفة، وبُصّ لنفسك.
جوازنا مش عيب ولا حرام،
الحرام هو إنك تعيش مع واحدة زي هالة لا عمرها شافتك ولا هتحس بيك،
وأنا أفضل بعيدة عن ابني،
واسيبه لواحدة جاهلة تربيه.
يرضيك يا خليفة إن إحنا الاتنين نندفن بالحياة؟ دا يرضيك؟
ـ لا طبعًا، ميرضنيش...
قالها في رد سريع، ثم أخرج من صدره تنهيدة مثقلة، ليردف ببعض الارتياح، وكأنه قد وجد نفسه أخيرًا:
ـ عارفة يا روان، إن أنا مفروض أشكرك دلوك، بجد والله من غير هزار.
بجالي سنين في توهة وأفكار غبية عن وهم صنعته في عقلي،
فاكر نفسي إني بحب من طرف واحد وكاتم على اللي بحسّه جوايا.
عمال ألوم نفسي، مرة في السكوت لحد ما سيبتك تضيعي مني وتروحي لأقرب ماليًا،
ومرة تانية إني مش قادر أطلع حبك من قلبي وأنا عارف إنه ما ينفعش.
توقف فجأة، زافرًا بغضب مكتوم:
ـ بقالك سنين، عارفة بكل ده، وحاسة بيه،
ويمكن كمان مستمتعة بالاحتياط اللي مستني رضا منك،
ولما ييجي وقت عوزته، هيركض ركض عليكي لما بس ما تشاوري...
لكن لا يا روان، مش أنا اللي أقبل.
روحي دوري على حد تاني بعيد عنّينا.
عيلة القناوي كلها رجال، مفيهمش واحد واطي ولا خسيس يناسبلك.
ونهض بعنف عن مقعده، هاتفًا بصوته الجهوري على النادل دون مراعاة لهيبة المكان أو وضعهما، وألقى عددًا من الأوراق النقدية على الطاولة:
ـ جرسون! تعال خد حسابك، والباقي خدّه بجشيش حلال ليك.
ورمقها بنظرة أخيرة بازدراء، عرفت منها مقدارها الحقيقي الآن بالنسبة إليه، قبل أن يذهب ويتركها في صدمتها.
…
مازالت الاستعدادات مستمرة، وقد حان الآن وقتها،
ولكنها رفضت أن تفعل أي شيء قبل أن تصعد إلى ابنتها وتطمئن عليها.
ولجت إلى داخل الغرفة التي كانت غارقة في الظلام، فخطت بأقدامها، شدّت ستار الشرفة، ثم فتحت شراعيها ليغمر ضوء الشمس نصف الغرفة، الأمر الذي جعل ابنتها تستيقظ من غفوتها على الفور وتغلق بكفيها على عينيها بعدم تحمل:
ـ باه عليك يا معاذ، أنا جيلالك، عايزة أنام يا شيخ، حرام عليك.
ـ ما أنا مش معاذ يا جلب أمك.
تفوهت بها مزيونة لتحط جالسة بجوارها على الفراش، ثم دنت تقبّل وجنتها وجبهتها، فقابلتها ليلى بوجوم قائلة:
ـ هو إنتي مش دخلتك النهاردة برضو؟
اجفلت مزيونة حتى تجلّى الارتباك في ردها:
ـ وه، مش تقولي صباح الخير الأول يا ليلى، صاحية على الأسئلة كده دوغري!
تمتمت ليلى تعيد لها القبلة على وجنتها:
ـ صباح الفل والورد ياما، معلش صاحية مش مركزة.
ـ مش مركزة برضو؟
تمتمت بها مزيونة في داخلها بتساؤل أصبح يراودها، عن الموقف الحقيقي لابنتها من زواجها. لقد أبدت من البداية موافقتها، بل والعكس لطالما كانت تلمح عن حمزة وعن رجولته وعن وعن، لكن ما إن تمت الخطبة القصيرة والمفاجأة حتى تغيرت معها بشكل غير مفهوم، المعاملة بينهما أصبحت فاترة بدون سبب. كم من مرة صارحتها تسألها عن موقفها من الخطبة لتعرف رأيها، ولكنها دائمًا ما تجيب بنفس الإجابة، ولا تريحها.
ـ ليلى يا حبيبتي هسألك تاني وللمرة السبعين حتى:
ـ موافقة على جوازة أمك اللي لا كانت على البال ولا على الخاطر؟ ولا لاه؟ جولي يا بتي، لو ملكيش غاية بلاش أوجف ومكملش.
استنكرت ليلى وهي تعتدل بجزعها حتى تجلس بجوارها:
ـ إيه هو اللي متكمليش ياما؟ إنتي جاية النهاردة وفي الليلة الكبيرة والناس والمعازيم مليّين الدنيا وهتجولي لا؟ هو لعب عيال؟ عمي حمزة كاتب كتابه عليكي يعني مرته شرعًا إنتي ناسية؟
ـ لا يا حبيبتي مش ناسية، بس خايفة أكمل وإنتي مش راضية؟ هيفيدني ساعتها سي حمزة؟
أشفقت ليلى حتى ألقت بثقلها عليها، تكرر لها وللمرة الألف:
ـ والله موافقة يا أمه، والله موافقة، أجولها كام مرة عشان تصدّقي؟ بلاش تزعليني من نفسي الله يخليكِ.
ضمتها مزيونة إليها أكثر، تقبّل أعلى رأسها:
ـ وأنا عمري ما أزعل منك يا جلب مزيونة، ولا عمر راجل هياخدني منك، لا تفتكري كمان إني هشوف نفسي وأنشغل عنك.
رفعت رأسها إليها تعارضها:
ـ وماله ياما لما تنشغلي بنفسك؟ أنا كبرت على فكرة، ولما اتجوزت فهمت أكتر، إنتي اتظلمتي جوي يا أمه، وحقك تشوفيلك يومين. عمي حمزة حنين وأنا واثقة إنه هيعوضك.
اكتنفها الخجل تأثرًا بكلمات ابنتها، حتى حاولت التشويش بالمزاح:
ـ يا أختي، لا عايزة عوض ولا زفت، أنا كده زينة وفل الفل، المهم خلينا فيكي، أنا عايزاكي دايمًا مبسوطة يا نور عيني.
وكان الرد من ليلى ابتسامة صافية، بصدق موقفها المؤيد، ولكن داخلها حرب شعواء، والسبب والدها الذي لا يكف عن الاتصال بها والشكوى مما حدث إليه من غدر، من قبل حمزة.
......................
أما عن عرفان الذي كان يغلي كفوهة بركان، يتحين الفرصة فقط من أجل الانفجار لتأكل نيرانه الأخضر واليابس، ذلك المتحذلق الذي علم عليه في كل المعارك التي خاضها معه، دائمًا ما يباغته، دائمًا ما يختار الوقت المناسب كي يضرب ضربته، وما أقسى تلك الضربة الأخيرة، لقد أخذها منه، أخذها منه بعد أن استفاق هو وعاد إلى وعيه وعشقه القديم لها.
ضرب بكف يده الغليظة على خشب الخزانة التي تحتوي على ملابسه حتى انشطر بشكل طولي من قوة الدفعة، يريد أن يفرغ غليله بأي فرد الآن، وكأنه محبوس داخل قفص حديدي مقيد بعد أن سُحبت منه كل الحيل. فكلما تهور هزمه الملعون بأقل الوسائل وأشهد عليه خلق الله، لا أحد يقف معه حتى عائلته، وقد نالهم الخزي من أفعاله كما يتحججون دائمًا. نيران تأكله من الداخل، كلما أتى بذهنه أن أحدًا غيره سيلمسها، يريد إطفاء حريق صدره بأي طريقة، حتى لو اضطر لافتعال جريمة.
ـ الغداء يا غالي، مش هتاجي تدب يدك في وكله زينة، بدل ما أنت بتاكل في نفسك.
تمتمت الأخيرة بصوت كالهمس، لكنها وصلت إليه مع تلك النبرة الشامتة التي أصبح يستشعرها منها طوال الأيام الفائتة، وكم من مرة فشّ غليله بضربها، ومع ذلك لا ترتدع أو تتراجع:
ـ إيه يا صفا، شكل جتك خدت على الضرب يا جزينة ولا هو بجى معاكِ إدمان؟ تحبي أريحك خالص المرة دي بطلوع روحك، النهاردة بالذات معنديش غير كده عشان تبجي عارفة يعني.
نثرت مجموعة من أوراق الجرجير التي كانت تتسلى بهم من فوق صينية الطعام، لتسخر بهدوء وعدم اكتراث، تزيد عليه:
ـ اشمعنا النهاردة بالذات يعني؟ لا تكون خسرت في شغلك كمان، اهو دا اللي ناقص، هتبقي خسارة وجلة قيمة كمان اهو دا اللي ناقص....
وكأنه كان في انتظارها، اندفع بدون انتظار ليهجم عليها ويضع كفيه الكبيرتين على عنقها عازمًا على خنقها والتخلص منها:
ـ أنا هخليها جلة قيمة وجلة عقل كمان بالمرة وأطلع روحك المرة دي في يدي.
بعنفه وقوته المفرطة كاد يكسر رقبتها بين يديه بالفعل، حتى لم يشعر بنفسه إلا بعد صراخ صغاره وابنه ناصر أكبر أطفاله منها، وهو يضرب بكلتا يديه على كل منطقة يطالها من جسده؛
ـ بعد يدك عنها، والله لو موتها لموتك أنا كمان، بعد.
دفعها بقوة حتى أوقعها على الأرض، فجثا الفتى بجوارها يربت عليها ويتبادل نظرات التحدي مع والده الذي تجمد في مكانه، يلهث بصدمة، لقد كبر الفتى وشب رغم صغر سنوات عمره، لتطول يداه على والده. يبدو أن صورته اهتزت ولم تعد له قيمة بالفعل حتى في بيته.
زفر ليسحب نفسه فجأة مغادرًا من أمامه وشياطينه معه.
..........................
كلما مرّ الوقت، كلما اشتعلت مظاهر الفرح أكثر فأكثر،
رغم أنها كانت قد شددت عليه ألّا يُفرط في الاحتفال كما كان ينوي وأن يجعلها ليلة تشهد عليها البلدة بأكملها.
تذكّرت أنه في هذا اليوم، قد صرخت به أمامهم جميعًا حتى لا يفعلها،
فهادنها، وادّعى طاعتها، باختصارها على ليلة للذكر الحكيم،
مع دعوة الأقرباء إلى مأدبة طعام… فصدّقته.
ثم جاء اليوم، وشهدت بأم عينيها نصبة الفَرَاشة التي شملت حيًّا كاملًا،
وعدد الذبائح التي تكفي بلدةً كاملة،
ثم المزمار البلدي اشتعل منذ أذان العصر،
ووصلت منه أصوات التهليل من الرجال، والرقص على الأحصنة،
وكأنه مهرجان أو مولد!
زادها ذلك حرجًا وهي في مراحلها الأخيرة
تحت يد الفتاة التي تقوم بتزيينها،
رغم أنها لم تكن تريدها من الأساس،
لكنها اضطرت إليها بعدما أصر برأسه أن يأخذها
إلى أكبر مركز تجميل في المحافظة.
كان يكتنفها حرج غير عادي،
تتمنى فقط أن يمر كل شيء في هدوء،
فهي تكره هذه الجلبة التي لا داعي لها.
ــ بسم الله ما شاء الله، لا قوة إلا بالله،
قمر وبدر منور يا مزيونة!
هتفت بها "منى" من خلفها فجأة، حتى انتفضت على أثرها،
ثم تبسّمت لعفويتها مرددة بخجل:
ــ مش جوي كده يا منى،
دول شوية مكياچ وبودرة في الأول وفي الآخر يعني.
ــ مكياچ مين يا مجنونة اللي هيخلي الواحدة بالحلاوة دي؟
صاحت بها "محروسة"، زوجة شقيقها، متدخلة في الحديث
علّها تخفف عنها قليلًا من توترها،
فهي الشاهدة على مأساتها منذ بداية اليوم،
مع محاولاتها الحثيثة لتحفيزها.
ــ بصّي في مرايتك زين يا مزيونة،
وشوفي الحلاوة الربّاني لما ينضاف عليها
بس شوية ألوان يبيّنوها،
والله ما كدبت لما قالت "قمر يا حبيبتي، وبدر منور"!
ختمت عبارتها بقبلة حانية على وجنتها،
فصرخت "منى"، التي كانت تتابع بتأثر:
ــ عندك يا محروسة!
هي حبيبتك آه، بس من بعيد لبعيد الله يخليكي،
معانا واحد مجنون،
لو شاف حد بيلمس ممتلكاته، هيعملها جناية!
ضحكت "محروسة" مع الفتاة التي كانت تلملم أدواتها،
على عكس "مزيونة" التي تطلعت إلى "منى" بخجل متضاعف، تنهاها بحذر:
ــ بلاش الكلام ده يا منى،
لأحسن والله لو زوّدتي،
هجوم ويسيبها لكم خالص!
ــ تروحي فين يا غالية؟
بعد خلاص ما دخلتي القفص؟
ولا السبع اللي برا ده هيسمح أصلًا؟
ده مصدّق!
قالتها "منى"، ثم اقتربت تعانقها من الخلف،
تقبّلها على رأسها، تخفف من جرعة الضغط عليها بالمزاح:
ــ رجلك شغالة هز تحت الكرسي،
ولا اكنك عروسة في أول دخلتها،
وشّي بجى في الأرض من البِت الكوافيرة
اللي واخدة بالها وعمّالة تضحك!
التفّ رأس "مزيونة" فجأة بالفعل نحو الفتاة،
فلحقت بها "منى" تهمس في أذنها:
ــ يا بت بهزر معاكي، ما تفضحِناش!
أنا بس قاصدة أناغشك،
تعالي بقى، الحريم والكل مستنيكي برا.
استقامت تسحبها من يدها،
لكن "مزيونة" تشبّثت قدميها بالأرض، تعترض:
ــ بلاش يا منى، خلّيني هنا،
هي الحريم دي لازم تشوفني يعني؟
اشحال ما كانت ليلة عزاب!
قهقهت "منى"، معقّبة:
ــ يا أختي احمدي ربنا على كده،
ده "حمزة" كان عايز يعمل كوشة ومسرح وحكاية!
ــ أيوه، عشان كنت سيبتها له خالص!
ضحكت "منى" لتسحبها من يدها ساخرة:
ــ تاني برضه يا "مزيونة"؟
تعالي يا خيتي، وبلاها أحلامك دي!
خرجت بها بالفعل من داخل الغرفة
التي كانت تتخفّى فيها منذ الصباح بحجة الاستعداد لليلتها،
لتنزل بها الآن، وهي تتشبث بها كعروس بكر،
ليس خجلًا، بقدر ما هو قلق شديد طُبِع في الذاكرة
من مخلفات الماضي البائس...
---
وما إن أطلت بها من أعلى الدرج، حتى صدحت أصوات الزغاريد تُجلجل المكان،
وتفاجأت "مزيونة" بالعدد المهول من النساء اللاتي لا تعلم بصفة معظمهن،
ولكنها مضطرة للتعامل والتكيّف.
تلقّفتها "حُسنية" تُقبّلها وتضمّها إليها بأمومة ليست غريبة عنها،
ودارت بها على النساء الكبيرات من عائلتها،
حتى استقرّت "مزيونة" في النهاية بجوار ابنتها،
التي جلست في مكانٍ مبتعدٍ إلى حدٍّ ما عن الضجيج،
حرصًا على سلامتها وسلامة جنينها،
فكلّ حركتها محسوبة بشدة.
اندَمَجت قليلًا حتى كادت أن ترتخي،
لولا صوته الذي صدح فجأة يجذب أنظار الجميع نحوه:
ــ "وه! عروستي جاعدة هنا يا غجر،
وأنا جاعد برّا بسلم على الخناشير!"
أثار بمزحته ضحكات النساء وتعليقات شقيقاته،
الأمر الذي انعكس عليها بالمزيد من الحرج،
حتى همست إلى "منى" موسوسة لها:
ــ أحبّ على يدك، قولي لأخوك يلمّها!
مش كفاية المقلب اللي شربته، وقال لي بأن الليلة على الضيق؟
أمال لو على الواسع كان عمل إيه؟
تبسمت "منى" لها بقلة حيلة،
رغم ابتهاجها الشديد لفرحة شقيقها،
الذي عاد بأفعاله لعريس صغير في العشرين من عمره.
تبادل هو المزاح مع النساء من أقاربه، ثم تقدّم نحوهن،
فقبّل رأس "ليلى"، التي ناظرته بامتنان شديد،
رغم الحيرة التي كانت تعصف برأسها.
تركها لـ"معاذ"، الذي أنهضها بحرص شديد،
ليصعد بها، مكتفيًا بذلك الجزء القصير من الوقت
في حضور تلك الليلة الهامة.
واتّخذ "حمزة" محلّها بجوار عروسه، لكن من الجهة الأخرى،
ليُبادرها على الفور بمشاكسته:
ــ إزيك يا عروستي يا حلوة؟
لم يتأثر بصمتها،
وعيناها الجميلة المرسومة تطالعه بشرر الغيظ
الذي تكنّه داخلها الآن بسببه.
ــ الحلو ساكت ومبيـرُدّش ليه؟
تمكنت هذه المرة من التحدث،
تهمس محذّرة له:
ــ اعقل يا حمزة،
عشان أنا بقيت حاسة نفسي مسخرة وسط الحريم
اللي بتقلب عينيها فيّا.
قطب فجأة، عاقدًا حاجبيه،
حتى ظنّت به الغضب،
لكنّه ألقى بنظرة مُقيّمة عليها،
من تلك الطرحة التي أُلقِيَت على الشعر المصفف بعناية،
بقصة لا تناسب إلا ملكات الجمال،
حيث الشعر المدرج الطويل على جانبي الوجه،
بزينة تليق بالمناسبة،
حتى جعلتها ليست فاتنة فحسب،
بل هي "فتنة" كاملة.
نزلت عيناه على الفستان الواسع بلونه السماوي،
الذي انتقاه بنفسه،
كي يرى بعينه حسن اختياره،
على ذاك القَد الملفوف،
الذي أحدث داخله مشاعر لا يصحّ لها الظهور الآن على الإطلاق...
فرفع عينيه سريعًا،
يعود إلى عبثه قائلًا:
ــ ما هو ده الطبيعي،
إنها تقلب عينيها فيكي وتغير كمان منك.
تصدجي بجي أنا أقتنعت دلوك بس بوجهة نظرك،
لما رفضتي نعمل كوشة ولا ليلة كبيرة ومسرح!
تخيّلي بقى عيون الستات،
لو انضمّت ليها عيون الرجالة؟
والله كنت صوّرت فيها جتَيّل!
للمرة المئة، يُربكها بجرأته في الحديث،
والنظرات التي ليست غبية عن الانتباه لما خلفها،
الأمر الذي جعلها تميل عليه وتذكّره:
ــ برضه هاجولك تاني يا حمزة،
عشان بس ما تعشّمش وترجع تتصدم...
بلاش اللهفة الزيادة، وانت عارف اللي فيها.
كاد أن يستفسر عن مغزى ما تقصده،
لكن سرعان ما تذكّر،
لتصدح ضحكته العالية حتى لفتت أنظار النساء إليهما،
فدنا منها هامسًا:
ــ واخد بالي يا باشا؟
اعتبر نفسي متجوز واحد صاحبي...
أو مش متجوز أصلًا!
أومأت برأسها تطالعه بتوجّس،
فعاد يضحك بصوت مكتوم مرة أخرى،
مغمغمًا بصوت لا يسمعه سواه:
ــ عَدّيها على خير الليلة دي يا رب...
... يتبع بالجزء الثاني.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا