رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم بتول عبد الرحمن حصريه
قبل ما يستوعب وجودها قدامه، لقاها بتفتح الباب اللي جنبه وتقعد بكل بساطة، بصلها بذهول وقال بحدة
"مين سمحلك تفتحي عربيتي وتدخلي تقعدي؟"
ردت بمنتهى الهدوء وهي بتبص قدامها
"محدش."
قال بغضب وهو بيفتح باب العربيه جنبها بعنف
"وركبتي ليه لما هو محدش؟ انتي عبيطة؟"
قالت وهي بتعدل قعدتها وبتقفل الباب اللي فتحه
"عايزاك توصلني مشوار وندردش شويه."
اتنهد وهو بيبصلها كأنها كارثة نزلت عليه وقال
"ليه؟ هو أنا كنت السواق بتاعك؟"
ردت بسرعة وهي باصه قدامها
"لو كنت السواق بتاعي، كنت ركبت ورا مش قدام، إيه، مش هتتحرك؟"
قال بعند وهو لسه ماسك الدريكسيون من غير ما يحركه
"لاء طبعًا مش هتحرك، انتي تنزلي دلوقتي حالًا من عربيتي."
قالت وهي بترفع حاجبها باستفزاز بسيط
"ولو منزلتش؟"
قال وهو بيجز على أسنانه
"أنا مش عايز أتعامل معاكي بأسلوب مش كويس."
ردت بمنتهى البرود
"طيب يلا اتحرك بقا، عايزه ألحق أروح مشواري."
قال بعصبية
"أنا مالي بمشاويرك أنا؟ روحي مشاويرك بعيد عني."
قالت وهي بتبتسم لنفسها
"مالك إزاي بقا؟ أنا عايزاك معايا، محتاجة رأيك طبعًا، مش يلا؟ عايزة ألحق أرجع علشان أدي يونس المسكن."
فضل ساكت شوية، بص قدامه، مش عارف يتصرف، واضح عليه الارتباك… يعمل ايه معاها
قالت بصوت خافت بعد ما ميلت عليه شويه
"يلا، بلاش تردد."
اتنهد وقال بجمود
"وأنا مش هتحرك غير لما تنزلي… أنا مالي بيكي اصلا ؟"
قالت وهي بتبصله بهدوء لكن عينيها فيها لمعة حزن مش واضحة
"عايزة أتكلم معاك شوية… ولا دي كمان ممنوعة؟"
سكت تيم، عينيه راحت على المفتاح… وبعدين على الطريق… وبعدين عليها.
لف المفتاح، والعربية اشتغلت.
قالت فريدة وهي بتبص قدامها
"برافو… ولد مهذب"
خرج تيم من المنطقة، والصمت كان مالي العربية،
فريدة كانت قاعدة عينيها على الطريق، لكن عقلها مشغول بيه، بيه وباللي شافته من أول يوم دخلت فيه البيت ده.
قطعت الصمت بصوت هادي لكنه فيه نغمة استغراب
"إنتوا عيلة غريبة جدا بالنسبالي... يعني أول مرة أشوف عيلة زيكوا، إزاي حياتكوا كلها صنف واحد بس من البشر؟ دي حاجة غريبة جدًا بالنسبالي."
سكتت لحظة، وبعدين كملت، نبرتها بقت أهدى لكن فيها مرارة خفيفة
"والأغرب... عدائك ليا بالرغم إني معملتش حاجة ليك. يعني... أنا مش عارفاك أصلاً، ولا إنت تعرفني."
تيم كان سايق بصمت، ملامحه جامدة كأنه مش سامعها، بس ضيق عينه البسيط وطريقة ضغطه على الدريكسيون قالت كل حاجة... هو سمعها، بس فضَّل الصمت
قالت فريدة وهي بتبص قدامها ونبرتها مش خالية من التهكم
"يعني يونس وإنت أبعد ما تكونوا عن الإخوات، مش فاهمة بيتكوا ده، ده غير إنه في آخر الدنيا حرفيًا، كل حاجه غريبه عندكوا"
رد تيم وهو بيزفر بزهق واضح
"انتي مش بتفهمي، فهُوَفّر كلامي أحسن."
فريدة رفعت حاجبها وقالت بنبرة متحدية
"بقى أنا مش بفهم؟ وهتوفّر كلامك؟ على فكرة أنا ممكن أضايقك دلوقتي وأبهدل عربيتك دي، فبلاش تتحداني"
بصلها تيم ورفع حاجبه بنظرة كلها تحدي، فقالت بسرعة وهي بتشاور بإيدها
"إنت اللي بدأت."
قال بحدة وهو مركز في السواقة
"أنا منسيتش اللي عملتيه امبارح في أوضتي."
قالت بنبرة فيها غيظ واضح
"بالرعب اللي عيشتني فيه يومين ده؟ حقي، أقل حاجة أعملها فيك."
رد بجفاف
"انتي ملكيش أي حق في بيت إنتي مش مرغوبه فيه."
رفعت صوتها سنة وقالت
"ومين اللي مش راغب وجودي؟ إنت؟!"
رد من غير ما يبص ليها
"ومش أنا لوحدي… ماما نفسها مستحيل تتقبلك، ولو أنا مش عايزك تكوني موجودة، فده حماية ليكي من ماما، هي الشخص الوحيد اللي مسيطر على البيت وكلامها اللي بيمشي، وجودك مؤقت لبعد يومين مثلا، لما ترجع هتعرفي قصدي، ده لو فضلتي أصلًا."
فريدة بصتله باستغراب وسألته
"طيب… مامتك عرفنا إنها مش عايزة أي بنات عندكم وهيا اللي حطت القوانين دي، وانت؟ إيه السبب؟ سالي بتقول إن عندك فوبيا… هل دي حقيقة؟"
رد ببرود
"سالي تقول اللي هي عايزاه… لكن أنا اللي أقرر."
سألته مباشرة
"وانت مقرّر إيه؟"
قال بجمود
"دي حاجة متخصكيش، ركّزي في شغلك وبس."
ردت وهي بتحاول تحافظ على هدوئها
"أنا عايزة أفهم… إنت ليه عايزني أمشي؟ إنت كـ تيم، ليه مش متقبلني؟ إيه السبب؟ لو قلتلي السبب الحقيقي، همشي دلوقتي ومش هرجع أبدًا."
وقف العربية على جنب، وبصلها من غير أي تردد وقال
"أنا حر… مش قابلك، عادي، لما حد يكون مش قابلك، بتسأليه عن السبب؟ عدم قبول كده بالظبط."
فريدة بصتله بثبات وقالت
"أنا متأكدة إن مش ده السبب، إنت هاجمتني قبل حتى ما تشوفني، أنا عارفة ده كويس."
تيم سكت لحظة، وبعدين غير الموضوع فجأة، كأنه بيهرب من كلامها
"إنتي رايحة فين؟"
قالت بنبرة غامضة وهي بتبص قدامها
"هتعرف لما نوصل."
رفع حاجبه، وبصلها من طرف عينه بريبة
"هو في إيه؟ رايحة فين؟"
قالت وهي بتحاول تبان عادية
"مشوار بسيط، خمس دقايق مش هطول"
رد بتهكم
" اتمنى، انا مالي ومال القرف ده"
بصتله من فوق لتحت وقالت
" مكانش مشوار هو "
وصلوا قدام أتيليه كبير، وقف تيم العربية وبص للمكان باستغراب وقال
"ده؟!"
هزت فريدة راسها وقالت بهدوء
"آه… مش هتنزل معايا؟"
رفع حواجبه وقال بتهكم
"أنا؟! وانا مالي؟"
قالت وهي بتفتح باب العربية
"انزل وهقولك مالك دلوقتي."
رد وهو لسه قاعد مكانه
"لما أفهم الأول!"
ردت وهي بتنزل وتلف حوالين العربية
"يلا يا تيم اخلص، ولا نسيت؟ تلاقيك مش عارف ده إيه أصلاً، حياتكوا كلها بِدل أكيد، بس ده رجالي كمان علفكره؟"
نزل من العربية بضيق وقال
"بطّلي استظراف."
قالت وهي داخلة الأتيليه وبتضحك
"موعدكش"
دخل وراها، والبنت اللي شغّالة في المكان رحّبت بفريدة بابتسامة، فريده طلبت منها حاجه راحت تجيبها
تيم فضل واقف، باصص حواليه باستغراب، واضح عليه عدم الارتياح.
بصلها وقال
"وبعدين؟ عايزة إيه؟"
ردت وهي بتبصله بهدوء
"كتب كتاب صاحبتي بعد بكرة، ولسه مجبتش فستان، وكنت محتاجة رأي حد… زيك مثلًا."
عيونه وسعت بدهشة وقال
"أنا؟! انا؟!"
قالت ببساطة
"أيوه، محتاجة حد يقولي الفستان لايق ولا لاء، وقلت أستغل وجودك، اهو يبقى ليك لازمه حتى"
قال وهو بيحط إيده في جيبه
"يعني أنا بقيت بتاع فساتين على اخر الزمن؟"
ردت وهي بتمسك فستان أول ما البنت جابته
"لاء، حد رأيه مختلف… وده اللي محتاجاه."
فضل ساكت، واضح إنه مش مقتنع بس فضوله خلاه يفضل، وهيا دخلت جوه علشان تقيّس أول فستان…
فريدة دخلت غرفة القياس ومعاها فستان لونه أحمر أنيق، قماشته ناعمه وبينحني على الجسم بنعومة، تفاصيله بسيطة لكن فيها لمسة أنوثة طاغية،لبسته ووقفت قدام المراية، فكت شعرها الطويل اللي نزل على كتفها بانسيابية، وحطت روج نفس لون الفستان
خرجت بخطوات هادية وواثقة، أول ما طلعت من الباب كان تيم واقف بره، زهقان وواضح عليه الملل، إيده في جيبه، وعينه مشغولة بالسقف، لكنه أول ما لمحها، وقعت عينيه عليها.
فضل باصصلها، عينه اتحركت بتأنّي من فوق لتحت بانبهار خافي
فريدة وقفت قدامه وسألته بابتسامة بسيطة، شبه خجولة
"ها؟ إيه رأيك؟"
سكت لحظة، وبعدين قال بجفاف مصطنع
"واضح إنه... فستان."
ضحكت وقالت بسخريه
" بجد والله، مش عارفه لو مقولتش أنه فستان كنت عرفت منين، ده راي ده بالذمه؟"
رفع حاجبه وقال
"أهو حاجة بتتلبس، لونه أحمر، وغالي شكله."
قالت بضحكة خفيفة
"يعني موافق؟ عجبك"
قال بنبرة باردة مصطنعة
"انتي اللي رايحة كتب كتاب، مش أنا، اختاري اللي يريحك."
ضحكت وقالت
"بس قولت آخد رأي حد دمه ناشف."
قال وهو بيحاول يبعد عينه عنها
"شكلك… معقول."
قالت وهي بتكتم ضحكتها
"ده أحسن كومبليمنت منك؟ شكلي معقول؟ بجد والله؟!"
مردش، بس ملامحه لانت، كأنه مش عايز يعترف إنه فعلاً اتأثر، أو إن شكلها عجبه.
قالت وهي داخله تاني تغير هدومها
"طيب استناني، هجرب فستان تاني… بس متزهقش."
رد بسرعة من وراها
"اتأخري، يمكن أمشي."
قالت من جوه
" مش هتقدر، بالرغم من برودك ورخامتك بس متعملهاش"
ضحك رغماً عنه، بس بسرعة اخفى ضحكته
رجعت فريدة لجوة، الضحكه لسه مرسومة على شفايفها
بعد دقايق، الباب اتفتح تاني بهدوء… وطلعت فريدة.
المرة دي كانت لابسة فستان تاني، طويل، لونه نبيتي غامق، قماشته من حرير مطفي، وبينسدل بانسيابية على جسمها، فيه فتحة صغيرة في الكتف، ولمعة خفيفة على أطراف القماش، بتدي إيحاء بالوقار والجاذبية في وقت واحد.
شعرها لسه سايب، بس المرة دي لفته على ناحية واحدة، وسابت خصلة ناعمة تنزل على خدها، ملامحها كانت هادية، لكن في عينيها لمعة واثقه...
تيم بصلها، سكت، بس نظرته كانت بتتكلم، ثابتة، متفحصة، وفيها حاجة شبه الذهول، بس بيقاومها بعناده المعتاد.
فريدة رفعت حواجبها وقالت بنبرة خفيفه
"طب ده أحلى؟ ولا الأول؟"
اتردد لحظة، وبعدها قال بنبرة حاول يخليها عادية "اللي يريحك، الاتنين... مختلفين."
قالت وهي بتعدل طرف الفستان بإيدها
"بس رأيك انت ايه، عايزة أبقى مميزة في اليوم ده."
قال من غير ما يبصلها بصوت خافت
"هتبقي مميزة... أكيد."
سكتت لحظة، وبعدين ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت " هشوف التالت"
رجعت تاني بعد شوية، بس المرة دي كانت لابسة فستان مختلف تمامًا، لونه بينك فاتح هادي، بسيط في تصميمه بس في منتهى الأناقة، الجزء العلوي من الدانتيل الناعم، بأكمام شفافة طويلة، والجزء السفلي نازل ناعم لحد الأرض، بيتموج مع كل خطوة بتخطيها
شعرها لسه مفكوك، بس لمّته كله على جنب واحد، والروج اتحول للون وردي ناعم زادها رقة، ملامحها كانت هادية، بس في عينيها نظرة منتظرة… منتظرة رد فعله.
تيم كان واقف في نفس المكان، بيقلب في موبايله، لكن أول ما سمع خطواتها ورفع عينه، سكت، فضل باصصلها، مش قادر يخفي الدهشة ولا الانبهار اللي ظهر في نظرته من غير ما يقصد.
فريدة وقفت قدامه، وقالت بنبرة أخف من الأول، فيها حاجة شبه الخجل
"ده أحلى ولا التانيين؟"
اتأخر في الرد، كأنه بيحاول يلم أفكاره، وقال بعد ثواني
"ده… شكله مختلف."
قالت وهي بتعدل خصلتين من شعرها
"يعني عاجبك؟"
قال وهو بيحول نظره بعيد عنها
"يعني… شكله لايق اكتر"
ابتسمت بخفة وقالت
"عرفت أختار برضو، ها؟"
قال بنبرة متعمدة تكون باردة، بس نبرته كانت أهدى من العادة
"مش وحش."
قالت وهي راجعة ناحيه المرايا
"لو ده وصفك لما تعجبك حاجة، فده يعتبر مدح."
فضل ساكت، مش بيرد، بس عينيه مسابتش انعكاسها في المراية، كانت كل مرة بتدخل بيها بتبهره، شكلها فعلا مميز
دخلت تجرب الفستان الأخير، وقالتله قبل ما تدخل
"فاضل واحد، ووقتها هشوف إيه أكتر حاجة عجبتك."
اكتفى بهز راسه، مش قادر يرد بكلمة، يمكن علشان ميبانش عليه إنه منتظر يشوفها.
عدت دقايق وبعدها خرجت
ولما خرجت…
وقف مكانه، مترقب
كانت لابسة فستان أسود، بسيط بس فيه فخامة. قماشته ناعمه، مفتوح من تحت شويه، وفيه كم واحد بنص، تفاصيله تحفه، كأن كل تفصيلة فيه اتفصلت على قدها.
لامه شعرها فوق بشكل غير متكلف، فيه شياكة وفيه عفوية، ومن غير ما تقصد، شكلها كان حلو بغباء.
تيم عينيه اتعلقت عليها، كأنها لوحه مش حقيقه
فريدة رفعت حاجبها لما شافته ساكت وقالت بنعومة فيها دلال
" عجبتك؟!
بلع ريقه بصعوبة، قال من غير تفكير
"ده."
سألته
"يعني ده اللي عجبك أكتر؟"
هز راسه ببطء، وقال بصوت أخفت من العادة
"أكتر من اللي كنت متوقعه بصراحه."
ضحكت وقالت وهي بتلف قدام المراية
"يبقى كده خلاص… هو ده"
تيم بلع ريقه، وبص بعيد عنها لحظة، كأنه بيحاول يلم نفسه، وبعدين رجع يبصلها وقال بصوت فيه توتر مش ظاهر، لكنه واضح في نبرته
"لاء"
سكتت لحظة، وبعدين قالت بنفس الهدوء
"ليه لاء؟"
خد نفس قصير، وقال بسرعة
"مش لمناسبة زي دي… بلاش."
قالت بنبرة أهدى، وبصوت فيه لمعة بسيطه من التحدي
"بس هو عاجبني جدًا."
بصلها تاني، وكأنه بيقاوم تأثيرها وبيحاول يرجع لنفسه
"اللي قبله أحلى… ده ملفت أوي، بلاش."
ابتسمت وقالت " ده رايك يعني؟!"
هز راسه فقالت " يبقي اللي قبل ده"
فريده دخلت تغير هدومها وخرجت وهيا شايلة الفستان اللي اختارته في إيدها، قربت من الكاونتر وادته للبنت وقالت وهي بتفتح شنطتها
"تمام كده، قوليلي الحساب كام؟"
البنت ابتسمت وقالت وهي بتبص في الشاشة
"الدفع تم خلاص… الفاتورة طلعت باسم الأستاذ."
فريدة وقفت في مكانها، لفّت ببطء ناحية تيم اللي كان واقف على جنب حاطط إيده في جيبه، وبيبص لها بنظرة ولا كأن في حاجة حصلت.
قالتله وهي مبحلقة فيه
"يعني إيه الدفع تم؟!"
رد من غير ما يرمش حتى
"يعني خلصنا… مفيش داعي للكلام."
قالت بحدة وهي واقفه قدامه
"لا، في داعي جدً، أنا اللي جايبة الفستان، يعني أنا اللي هدفع."
رد ببرود
" مستنيكي بره"
خرج وركب عربيته، اتنهدت وخرجت وراه، ركبت جنبه ومدت إيدها وطلعت الفلوس من شنطتها بسرعة، بس هو بص للفلوس كأنها ورق فاضي وقال
"حافظي عليهم… يمكن تحتاجيهم وأنتي راجعة البيت اللي في اخر الدنيا "
قالت وهي بتشد نفسها أكتر
"مش بحب حد يصرف عليا، فلو سمحت"
قال بهدوء
"وأنا مش بحب أسيب واحدة… مهما كانت، تحاسب قدامي."
اتحرك بالعربيه وهيا كانت متضايقه، بعد شويه قطعت الصمت وقالت بنبرة خفيفة
"ممكن تنزل تجيبلي مايه؟ عطشانة جدًا."
بص قدامه وهو ساكت، وبعد ثانيتين ركن على جنب قدام سوبر ماركت صغير وقال
"ماشي، استني."
نزل بهدوء، دخل السوبر ماركت، وهي في اللحظة دي فتحت التابلوه بهدوء، طلعت الفلوس اللي كانت ناوية ترجعهاله، وحطتها جوه التابلوه وقفلته تاني كأنها معملتش حاجة.
رجع بعد دقايق بسيطة، فتح الباب وركب، معاه كيس صغير فيه حاجات اداهولها
مدّت إيدها تاخد المايه، وبصت في الكيس كان في عصاير كمان قالت بزهول
"إيه ده؟! أنا طلبت مايه بس!"
بصلها وهو بيقفل الباب وقال ببساطة
"وفيها إيه؟ جبت عصير كمان… يمكن تحبي."
قالت وهي بتبصله باندهاش
"أنا قولتلك مايه… مش هموت من العطش يعني للدرجادي"
رفع حاجبه وسألها
"وهو العصير في قانون بيمنع نشربه؟! "
ساق تيم العربية بصمت، وشغل مزيكا خفيفة في الخلفية كانت عاملة جو مريح شوية… الجو بينه وبين فريدة فيه هدوء متوتر
فريدة فضلت تبص من الشباك، وبعد لحظة قالت وهي لسه عينيها على الطريق
"هو غريب… إنك تكون شخص متحفظ أوي كده… وفى نفس الوقت، لما بتقرر تساعد، بتعمل ده من غير ما تبين أي مشاعر."
بصلها تيم بسرعة، وبعدين رجع يبص للطريق وقال بنبرة هادية
"وإنتي غريبة إنك مش بتسكتي أبدا… حتى في لحظة هدوء لازم تطلعي منها بكلام."
ضحكت وهي بتعدل شعرها
"دي طريقتي… بتعامل مع الناس بالكلام، بس إنت واضح إنك بتتعامل بالصمت."
قال بسخرية خفيفة
"الصمت أذكى كتير من الكلام أوقات."
قالت
"بس مش أدفى."
سكت فكملت
"وبعدين… مش لازم تكون كل حاجة فيها حسابات وعقل، ساعات الكلمة الطيبة بتفرق، حتى لو كانت صغيرة."
قال وهو بيهدي السرعة شوية
"أنا مش طيب… ومش بقول حاجات ملهاش لازمة."
قالت وهي بتبصله بتركيز
"بس ساعدتني أختار فستان، ودفعت الحساب، وجبت عصير، رغم إني طلبت مايه… وكل ده من غير ما تبرره بكلمة، يبقى إنت مش زي ما بتحاول تبان."
رد وهو بيوقف العربية قدام بوابة الفيلا
"دي مش طيبه، دي اساسيات عادي، أو واجب، سميها زي ما تحبي"
قالت وهي بتفك حزام الأمان وبتبتسم
" مش قادره افهمك، بس اللي متأكده منه انك مش وحش ابدا، لذيذ وتتحب "
بصلها لحظة، لكنها فتحت الباب ونزلت بسرعة، كأنها كانت عايزة تهرب قبل ما تسمع ردّه أو حتى يبصلها أكتر.
وقف لحظة مكانه… وبعدين قال بصوت واطي وهو لسه ماسك الدريكسيون
"يا ريت أعرف أهرب زيك..."
طلعت فريدة فوق بهدوء، وأول ما فتحت باب أوضة يونس، لقت نظرته متعلقة بيها، رفع حاجبه وسألها بنبرة فيها تساؤل وعتاب
"كنتي فين كل ده؟"
فريدة سكتت لحظه، فكرت ترد بإيه، بعدين قالت " كنت بجيب حاجات من الشارع نقصاني"
يونس بصلها باستغراب وهو بيعدل نفسه على السرير وقال
" كنتي بعتتي حد يجبلك اللي محتاجاه"
ردت وهي بتحضر الحقنه
"بحب اجيب حاجتي بنفسي "
خدت نفس وهي بتقربله وبتحط الحقنه في الكانيولا وقالت بنبرة خفيفة
" ارتاح شويه، شكلك مرهق وتعبان "
يونس غمض عينيه بألم واستسلم للنوم
يوم كتب الكتاب، اليوم كان هادي وبسيط، فريده مع يسر في اوضتها في البيت، كل حاجه بسيطه جدا، مفيش ميكب ارتيست مفيش حد غير يسر وفريده ومعاهم ياسمين قاعده بعيد شويه بتبرد ضوافرها كان في توتر واضح على يسر، فريدة كانت قاعدة جنب يسر، بتحاول تهديها بلُطف وهي ماسكه ايديها، يسر وشها كان مشدود، بتعض شفايفها ومش قادرة تركز في حاجة حواليها بالرغم من فرحتها بس كانت متوتره
قالت فريدة بهدوء وهي بتبتسم
"مش معقول كده يا يسر، ده يومك، خليكي هادية شويه، ده مش امتحان."
يسر أخدت نفس عميق وحاولت تبتسم، بس عينيها فضلت تلمع من التوتر
"مش قادرة… مش مستوعبة إن النهاردة فعلاً اليوم ده، حاسة إن في مليون حاجة ممكن تبوظ."
ياسمين قالت بنبرة فيها لمحة سخرية وهي بتبصلها
"هو كتب كتاب مش حفلة ملك إنجلترا يعني، مفيش داعي للدراما دي كلها."
فريدة بصتلها بسرعة، لكنها فضلت محافظة على هدوئها، رجعت تبص ليسر وقالت بلُطف
"سيبيك من الكلام ده، كل حاجة هتمشي زي ما انتي مخططة، وكلنا معاكي."
ردت وهي بتحاول تضحك
"أنا بس خايفة يحصل حاجة تعكنن عليا، أنا متوترة من غير سبب."
ياسمين اتكلمت تاني، المرة دي بنبرة أهدى
"انتي بس بتكبرى المواضيع، كتب كتاب عادي في البيت يعني، مش اول واحده تتجوز"
فريدة لمحت الضيق في كلام ياسمين، وقررت تغير الموضوع بسرعة، قالت وهي بتقف
"يلا نقوم نجهز شعرك، لازم تخلصي بدري علشان نلحق نصور صور حلوة قبل الزحمة."
يسر قامت ببطء، لسه في نغزة قلق جواها، وفريدة حطت إيديها على كتفها وقالت بابتسامة
"أنا معاكي، مش هسيبك لحظة."
موبايل ياسمين رن فجأة، الصوت قطع الكلام اللي كان داير في الأوضة.
يسر بصتلها وسألت ببساطة
"مين؟"
ياسمين اتوترت جدًا، نظرتها اتغيرت وقالت بسرعة وهي بتحاول تخبي ارتباكها
"واحدة صاحبتي... هخرج أرد."
خرجت من الأوضة وقفلت الباب وراها، قلبها بيخبط في صدرها، وبصت على الاسم
ردت وقالت بصوت واطي فيه قلق
"نعم؟"
جالها صوته من الناحية التانية، صوته هادي وهو بيقول
"انتي كويسة؟"
قالت وهي بتحاول تسيطر على صوتها المرتعش
"هبقى كويسة ازاي وكتب كتابك على أختي النهاردة؟"
قال بسرعة، وكأنه بيحاول يلحق حاجة بتضيع منه
"ياسمين... أنا بحبك انتي... وانتي عارفة ده."
ضحكت ضحكة قصيرة مليانة قهر وقالت
"آه طبعًا... عشان كده اتجوزت أختي!"
قال بسرعه
"انتي عارفة إن ده غصب عني، وإن قلبي معاكي من الأول... أنا بحبك انتي، مش هي."
قالت بصوت واطي بس فيه غضب مكبوت
"وعايز إيه يعني؟ دلوقتي خلاص، انتهى الموضوع."
قال
"انتي اللي كلمتيني يوم الخطوبة، وقلتيلي انك مش قادرة تنسيني، افتكري."
سكتت لحظة، وبعدين قالت
"اليوم ده عدى خلاص، والنهاردة كتب كتابك."
رد بنبرة فيها إصرار
"وأنا مش عايز كتب الكتاب ده، عايزك انتي."
قالت بدهشة
"قصدك إيه؟"
قال ببطء، كأن كل كلمة فيها قرار
"يعني لو انتي طلبتي مني مجيش، مش هاجي. قدامك حلين، يا تيجي انتي ونهرب سوا وهتجوزك بعيد عن الكل ، يا إما هاجي كتب الكتاب، ووقتها هتضطري تحضري فرحي على أختك."
سكتت، صوت أنفاسها بس هو اللي باين، وبعدين قالت بارتباك
"مش هينفع أهرب معاك... انت بتهزر؟"
قال بنبرة أهدى بس حاسمه
"شايفة حل تاني؟ الخيار في إيدك."
قالت بصوت مهزوز
"مش عارفة..."
قال
"يبقى فهمت، سلام يا ياسمين."
قالت بسرعة وهي بتحاول توقفه
"لاء! لاء، استنى!"
قال بخبث
"إيه؟"
قالت وقلبها بيدق
"هجيلك... خلاص، أنا كمان بحبك."
رد وهو بياخد نفس
"حلو... هستناكي، اول ما اوصل تحت البيت هديكي رنه تنزلي"
قفلت المكالمة، وفضلت واقفة ثواني، بتحاول تستوعب اللي حصل، وبعدها رجعت الأوضة.
يســر كانت قاعدة قدام المراية، إيديها بتترعش وهي بتظبط تسريحه جايباها من الانستجرام وحبت تعملها
فريدة كانت واقفة وراها، بتعدل في التفاصيل الصغيرة، وبتحاول تهديها بكلام خفيف
"متحركيش إيدك كده، هتبوّظي اللي عملناه كله… بصيلي، أنتي زي القمر، متقلقيش."
يسر خدت نفس عميق، وقالت بصوت خافت
"حاسّة إني مخنوقة… مش عارفة ليه، بس قلبي مقبوض."
فريدة لمحت توترها، فمسكت إيدها وقالت
"ده طبيعي، كل البنات بتتوتر يوم كتب كتابهم… ده خوف من التغيير، مش أكتر، بس انتي هتبقي تمام، صدقيني."
في اللحظة دي دخلت ياسمين، ملامحها متماسكة بس عينيها فيها ارتباك واضح
فريدة قالت
"أهو ياسمين جت، تعالي شغلي اغاني على زوقك وغيري الجو"
ياسمين ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت
"أكيد…"
راحت وقعدت على طرف السرير، بتبص على يسر من بعيد، بس دماغها في حتة تانية خالص.
كانت كل كلمة قالها لسه بتلف في دماغها
"لو طلبتي مني، مش هاجي."
”أنا بحبك.”
“قدامك حلين.”
يسر بصتلها وقالت
"انتي كويسة؟ حسيت إنك اتأخرتي في المكالمة."
ياسمين بسرعة قالت وهي بتحاول تتحكم في صوتها
"آه… آه، عادي،دي واحدة صاحبتي ."
فريدة بصّت لياسمين بسرعة، لاحظت حاجة في نبرة صوتها، بس سكتت.
يسر قالت بحذر
"متحمسة ولا متوترة زينا؟"
ياسمين قالت
"أنا؟ لاء، عادي... انتي اللي هتتجوزي مش انا"
يســر هزت راسها وقالت
"صح، خايفه اقول المأذون لاء بدل موافقه"
فريده ضحكت وقالت
" متعمليهاش لاء، وبعدين خدتي التوتر كله انهارده، سيبي شويه للفرح"
فجأة موبايل ياسمين نّور تاني، بس سحبته بسرعة وحطته على الصامت
خلاص… هي أخدت قرار.
وبين اللحظة والتانية، كانت بتبص ليسر، وكل مرة عينها تتملى دموع ومتلحقش تنزل.
هي بتحب أختها… بس بتحبه أكتر.
والساعة بتجري.
والاتفاق اتقال.
وهو مستني.
ياسمين قامت من مكانها بهدوء، قلبها بيخبط في صدرها كأن في طبول حرب، قربت من يسر، ضمتها من ضهرها وهي قاعدة قدام المراية وقالت
"أنا بحبك قوي… عارفة كده؟"
يسر بصتلها باستغراب من المراية
"حبيبتي وأنا كمان… مالك؟"
هزت راسها وقالت بابتسامة مصطنعة
"ولا حاجة… هخرج أتنفس شوية وارجعلك."
يسر قالت
"متتأخريش… حساني لوحدي."
خرجت ياسمين بسرعة، مشيت في الطرقة وكأن رجليها بتجري لوحدها، قلبها بيصرخ، عقلها بيمنعها بس هيا خلاص خدت القرار
وصلت للباب الخارجي، بصت حواليها، لقت العربية واقفة بعيد على جنب، وهو جوّاها.
نزل بسرعة أول ما شافها، فتح الباب وقال
" اتأخرتي ليه، فكرتك مش جايه
قالت بصوت مبحوح
"لو مفروض أكون مع حد… فهو إنت."
ركبت جنبه، قفل الباب، والعربية اتحركت.
وفي نفس اللحظة، جوه البيت…
يسر كانت بتنده على ياسمين، وفريدة بتدور حواليها،
فريدة خرجت للطُرقة تنادي
"ياسمين؟!… ياسمين؟!"
بس مفيش رد.
دخلت الأوضة تاني، وقالت
" ملقتهاش"
يسر بصتلها وقالت
" مش تحت، قالت هتيجي علطول"
الباب خبط، وفتحت فريده بسرعه وهيا بتقول
" جت"
فتحت بس لقت يوسف اخو يسر وقف قدام الباب، مبتسم ابتسامة خفيفة وقال بصوته الهادي
"إيه يا بنات؟ المأذون وصل."
يسر اتجمدت لحظة، وبعدين بصت لفريده، وببطء وقفت وقالت بصوت بيرتعش
"أنا متوترة أوي…"
يوسف قرب منها، وبحب كبير باس جبينها وقال
"ده طبيعي، أنهارده حياتك هتتغير."
فريده ابتسمت وهي بتبص ليهم، المشهد كله دافي ومليان مشاعر
يوسف بص في ساعته، وبعدين قال بنبرة قلق خفيف
"رني على محمد، المفروض يكون جه."
يسر رفعت حاجبها باستغراب وقالت
"هو لسه مجاش؟"
هز راسه وقال
"لاء، مجاش… رني عليه بسرعة، اكيد في الطريق"
فتحت يسر موبايلها بسرعة، قلبها بدأ يدق أسرع، ضغطت على اسمه ورنت، لكن بعد لحظات قصيرة، بصت ليوسف وقالت بصوت فيه قلق
"فونه مقفول…"
لحظة صمت قصيرة مرت، قبل ما فريده تقول بقلق
" ياسمين مش موجوده؟! وهو فونه مقفول؟!"
يسر قالت وهيا مستغربه
" وايه العلاقه؟"
فريده قالت بسرعه
" رني على ياسمين"
يسر سألتها بخوف
" في ايه يا فريده، ايه اللي تعرفيه قولي "
يتبع.....
بارت 6
فريده اخدت نفس عميق وقالت
"فاكرة لما قولتلك إنّي شفتهم مع بعض؟ وجيت أقولك، بس انتي وقفتي الكلام وقتها وقلتيلي إنها أختك، وإنها مستحيل تبص لخطيبك؟"
سكتت لحظة وكملت
"أنا كنت شاكّة يا يسر... الشك قتلني، علشان الوضع اللي شفتهم فيه مكنش طبيعي، قولتلك انهم كانوا متوترين بشكل غريب، بس لما حاولت ألمّحلك قولتيلي أكيد عادي... بس هو مكنش عادي."
يوسف كان واقف، متجمد مكانه، وقال بنبرة جادة فيها توتر ظاهر
"قصدك إيه يا فريده؟ أنتي عارفة إن الكلام ده خطر؟! أنتي بتقولي إن خطيب أختي... وأختي؟! أنتي مدركة؟!"
فريده بصّتله، ملامحها فيها ألم وحيرة
"أنا مكنتش عايزه أتحط في موقف زي ده يا يوسف، صدقني، بس أنا حكيت اللي شوفته... مزودتش ولا نقصت، ويمكن أكون غلطانة، وبتمني، بس للأسف"
يسر مقدرتش تستوعب، اتسندت على أول كرسي جنبها وقعدت، عيونها تاهت في الفراغ، والدموع بدأت تلمع فيها وهي بتفتح موبايلها بتوتر.
رنت على ياسمين...
لكن الفون مقفول.
بصت لفريده، وبصوت مش مسموع تقريبًا قالت
"مقفول... فونها مقفول..."
نظرة يأس وخوف ظهرت على وشها، وكأن اللحظة اللي كانت مستنياها طول عمرها اتحولت لكابوس،
أما يوسف، فكان واقف، وإيده متشنجة، وصوته طالع من بين اسنانه بغضب
" مش حقيقي، مستحيل يكون حقيقي"
يوسف خرج من الأوضة بسرعة، ملامحه مش واضحة، بس خطواته كانت عنيفة كأن الأرض مش شايلاه.
يسر فضلت قاعدة، عينيها متعلقة بالباب اللي خرج منه، مش مستوعبة، مش مصدقة، كل حاجة حواليها بقت ضباب.
بصّت لفريده، صوتها مكسور وكل كلمه فيها رجاء
"قولي إنك بتكدبي... علشان خاطري يا فريده، دي أختي... وهو كان هيكون جوزي كمان كام دقيقة."
فريده قربت منها بهدوء، ونزلت لمستواها، عينيها فيها حزن، وقالت بصوت ناعم
"أنا آسفه يا يسر... بس ياريت فعلاً أكون غلطانة."
يسر خدت نفس متقطع، وقالت وهي بتحاول تقنع نفسها
"أعمل إيه؟ إزاي؟... هي هتيجي دلوقتي، صدقيني... ياسمين مستحيل تعمل فيا كده... دي أختي!"
عيونها دمعت وهي بتفتكر، وقالت بصوت واطي مهزوز
"قبل ما تخرج... جت حضنتني وقالتلي إنها بتحبني..."
سكتت لحظة، كأنها بتربط الأحداث، وبعدين قالت
"لما فونها رن... كان هو، بعدها اتوترت، وكانت غريبة... أكيد ضحك عليها... هي لسه صغيرة."
فريده مدّت إيدها بهدوء، لمست إيد يسر وقالت بلطف وهي بتحاول تهديها
"اهدي يا يسر... اهدي يا حبيبتي... أنا هنا، مش هسيبك."
يسر اتكلمت بخفوت، كأنها بتحكي لنفسها
"كان ممكن أكون دلوقتي مراته... كنت هبقى مراته، ويا ربي كنت ناوية أعيش معاه العمر كله...
وهي، أختي... كانت بتبصله، كانت بتاخده مني، وأنا بحبها وعمري ما شكيت."
سندت وشها بين ايديها وقالت
"ليه يا فريدة؟ ليه مقلتيش وقتها؟ ليه سكتي؟ ليه مقولتيش بوضوح "
فريدة حاولت توضح
" حاولت بس انتي مكنتيش مصدقه، قولتلك فقولتيلي اكيد بيتكلموا عادي"
يسر بصتلها، والدموع نازله على خدها
" لاني واثقه فيهم، اشك في مين، دول اقرب اتنين ليا"
الباب خبط مرتين قبل ما يتفتح، ويدخل أبو يسر بصوت فيه نبرة فرحة مش عارف إنها هتتقطع في لحظة
"إيه يا يسر يا حبي..."
بس وقف مكانه لما شافها قاعدة على الكرسي، ملامحها باهتة، بتعيط ، وشكلها باين عليه الصدمه
وفريده قاعدة جنبها، ملامحها مشوشة ما بين القلق، والشفقة، والعجز.
امها دخلت ووقفت ورا جوزها
"في إيه؟ إنتو كويسين؟!"
أبو يسر كرر بصوت هادي
"يسر، مالك؟ بتعيطي ليه؟!"
يسر مردتش، خدت نفسها بالعافية وكأنها بتقاوم اللي بيحصل، فريده حطت إيدها على كتف يسر تحاول تهديها، بس مقالتش حاجة.
باباها قرب، سألها
"حد يرد عليا؟! في إيه؟!"
يوسف دخل فجأة، الباب اتفتح بعنف، ووشه كان شاحب، وعينيه مليانة غضب مكسور
"مفيش كتب كتاب يا بابا."
مامتها ردت باستغراب
"إيه؟! بتقول إيه يا يوسف؟!"
باباه قرب منه وهو بيقول
" يعني ايه يا ابني، ما تفهموني"
يوسف عض على شفايفه، صوته طلع مبحوح
"ياسمين... ياسمين هربت... مع محمد."
لحظة صمت... كأن الزمن وقف.
الام اتسمرت مكانها، وإيدها اتحركت لا إراديًا ناحيه صدرها، الاب حس بصدمه وقال وهو مش مصدق
" يعني ايه؟ انت بتقول ايه؟!"
يسر قالت بصوت عالي نسبياً
"يعني خانتني يا بابا... هي وهو... سابوني في اليوم اللي المفروض أكون فيه عروسة!"
باباها بدأ يرجع خطوة لورا، وشه شِحب، وابتدى يتكلم بصوت مخنوق
"مش ممكن... مش ممكن... بنتي؟!"
وفجأة، رجله خانته، وقع على الأرض.
الام صرخت بصوت عالي باسمه
يوسف جري عليه وهو بيزعق
"بابا!!! بابا رد عليا!!"
الأب مكانش بيرد، صدره بيطلع وينزل بصعوبة، والعرق مغرق وشه.
الأم قعدت جنبه وهي بتنهار ومش عارفه تعمل ايه
تيم رجع البيت بعد ما الراجل اللي بينضف عربيته قاله إنه لقى فلوس في التابلوه، قعد يفكر شوية، ولما ربط الأحداث، فهم إنهم من فريدة.
دخل الفيلا، وكانت سالي قاعدة في الجنينة، أول ما شافته، قامت بسرعة وقالت
"تيم، أخيرًا جيت."
رد عليها وهو ماشي ناحيتها
"جاي آخد حاجة وماشي."
قالت بنبرة فيها وجع
"برضو؟"
رد ببرود
"خلاص هانت، ماما جاية بكره الساعة ٧:٤٥ دقيقة، وأنا هجيبها من المطار بنفسي، وهعرفها إني مش قاعد في البيت."
سالي قالت وهي بتحاول تبين إنها متضايقة
"ماشي يا تيم، إنت حر... محدش قادر يفهمني منكوا اساسا"
بصّلها وقال بنبرة قاسية
"حرام عليكي تأذي غيرك يا سالي، إنتي عارفة إن ماما هتمشيها، ياريت تفكري وتبقي تشغلي عقلك شويه، ياريت بجد "
سالي ردت بثقة
"أنا عارفة أنا بعمل إيه... شكرًا على النصيحة."
سابها وطلع على أوضة يونس، خبط قبل ما يدخل، ولما فتح الباب، لقى ممرض قاعد مع يونس، دخل وقال بصدمه
"إنت جديد هنا؟!"
يونس ضحك وقال
"إيه يا عم تيم، عاش من شافك!"
تيم قال وهو بيبتسم
"أومال أنا جاي لمين دلوقتي؟"
يونس قال بمزح
"بعد إيه بقى... ما خلاص."
تيم سأل وهو بيبص حواليه
"فريدة فين؟ مش المفروض تكون هنا دلوقتي؟"
يونس قال ببساطة
"ما هي مشيت... بس جابت بدالها محمود."
كان محمود بيحاول يتكلم، بس يونس غمزله بسرعة.
تيم قال بدهشة
"يعني مشيت؟!"
يونس أكد
"آه، عايز حاجة منها ولا إيه؟!"
تيم هز راسه وقال بنبرة هروب
"لاء... وهعوز منها إيه أنا؟ بس بسأل، كويس إنها جت منها، بس إيه السبب؟ كانت رافضة تمشي يعني."
يونس قال بنفي
"مش عارف والله."
تيم سأله بشك
"حد ضايقها يعني؟"
يونس بسرعة قال
"أبدًا، محصلش."
تيم بص على محمود وسأله
"هي شغالة في نفس المستشفى اللي إنت فيها؟"
محمود هز راسه
"آه، إحنا صحاب أصلًا."
تيم اتنهد وغير الموضوع
"وإنت عامل إيه؟"
يونس قال وهو مبتسم ابتسامة حزينة
"وحش والله من غير فريدة، تحسها هي المسكن، والله."
تيم قال بحده
"في إيه، ما تتظبط بقا."
يونس رد وهو بيبص لفوق
"يا عم البنات رقيقة... مش زي اللي بتعامل معاهم."
بص على محمود وقال
"لا مؤاخذة يا محمود."
محمود ضحك وقال
"ولا يهمك يا حبيبي."
تيم وقف وقال
"أنا ماشي... سلام."
يونس نده عليه
"هتمشي لأوضتك ولا هتمشي هتمشي؟"
تيم قال وهو بيزفر
"مش عارف... لسه."
يونس قال بمكر
"بس فريدة مشيت... ملكش حجة."
تيم وقف لحظة، وبعدين قال
" هشوف لسه قولت"
في عربية الإسعاف، صوت جهاز نبض القلب بيطّمنهم إنه لسه عايش... لكن الكل ساكت.
الأم قاعدة جنب جوزها، ماسكة إيده، ودموعها بتنزل من غير صوت، يوسف قاعد قصادهم، لا يقل وجع عنهم، بس متماسك، لازم يكون قوي.
وصلوا المستشفى.
الدكاترة جريوا بيه على الطوارئ، وقالوا
"واضح إنه جاله جلطة حادة، ادعوله، بنعمل اللي نقدر عليه"
في صالة الانتظار، الجو خانق، يوسف واقف، بيتمشى رايح جاي.
الأم قعدت على الكرسي وهي بتردد
"يارب ما يجراله حاجة... يارب ما يجراله حاجة."
يسر كانت قاعدة بعد ما جت هيا وفريده وراهم، وشها شاحب وعينيها ثابتة على الأرض.
فريده قالت بهدوء
"يسر... اشربي العصير ده يهديكي شويه"
يسر هزت راسها برفض، وبصوت واطي جدًا قالت
"أنا السبب... أنا السبب."
يوسف سمعها وقال وهو بيقرب منها
"انتي مش السبب، متلوميش نفسك، محدش كان يتوقع اللي حصل ده."
بس صوته كان مكسور... حتى هو مش مصدق الكلام اللي بيقوله.
بعد شوية، الدكتور خرج وقال
"الحمد لله، عدّى مرحلة الخطر... بس لازم يرتاح تمامًا، ممنوع أي ضغط نفسي عليه."
يوسف قال بسرعة
"ينفع ندخله؟"
الدكتور هز راسه
"واحد بس، ويفضل يبقى في هدوء تام."
الأم دخلت، وسابوها لحظة معاه، يوسف وقف ساند على الحيطة، بيحاول يجمّع نفسه.
قال لفريده
"أنا مش عارف هعمل إيه... هقول للناس إيه؟ هقابل أختي إزاي لو شفتها؟"
فريده قالت بصوت واطي
" سيبها على ربنا، الناس فهمت أن عمو تعب، ناس كتير هتيجي تتطمن عليه دلوقتي، متبينش اني في حاجه"
يوسف قال
" اعملها ازاي، ازاي قدرت تعمل حاجه زي دي، ليه فكرت في نفسها وبس"
تيم كان قاعد في أوضته على طرف السرير بيفكر وبيسأل نفسه
"ليه مشيت؟"
فضل يسأل نفسه السؤال ده كذا مرة، كأنه بيحاول يلاقي إجابة من الفراغ.
"هي ليه مشيت؟ أنا قلت حاجه ضايقتها؟ ولا حصلها حاجه؟"
عمال يردد نفس الكلام وفجأة افتكر إن فريدة كانت قايله قبل كده إن عندها كتب كتاب صاحبتها.
نسي خالص بالرغم من أنه جاي اصلا ومعاه فلوس الفستان اللي هيا حطتهم في التابلوه، حس نفسه غبي شويه، وشه اتبدل، حس إن يونس خدعه، قام بسرعة وخرج من أوضته وراح على أوضة يونس، كان محمود لسه بيحطله المسكن.
تيم قال بنبرة سريعة
"ثانية واحدة."
محمود بصله مستغرب، وكمان يونس رفع حاجبه كأنه بيقول "في إيه؟"
تيم دخل الأوضة، واقف قدام يونس وقال بعصبية
"إنت كدّاب يا زفت."
يونس فتح عينه من الصدمة
"كدّاب في إيه؟!"
تيم قال وهو بيقرب منه
"فريدة ممشيتش… فريدة راحت كتب كتاب صاحبتها، وبتكدب عليا"
يونس قال بارتباك وهو بيحاول يخفف التوتر
"إيه ده؟! انت عرفت إزاي؟"
تيم قال وهو بيجز على سنانه
"حاجة متخصكش… يا كداب."
يونس ضحك بخفة وقال
"يا عم بهزر معاك، متبقاش تقيل كده...بس شاغل بالك ليه؟"
تيم بصله بحدة وقال
"ومشغلهوش ليه؟ طبيعي أشغل بالي، اصلا مفيش حاجه شاغله بالي غير الموضوع ده، وخصوصا بكره"
يونس قاله
" وانت متضايق ليه، مش انت خرجت نفسك منها، اهرب يلا كعادتك"
سكت شويه كأنه كان هيقول حاجه
يونس سأله
" عايز تقول ايه ؟!"
تيم لف وشه وقال بسرعة
"ولا حاجه… أنا ماشي."
وسابه وخرج والغضب باين على وشه
في شقة مفروشة صغيرة، كانت ياسمين قاعدة على طرف السرير، عينيها سرحانة في الأرض، ملامحها جامدة، بس عقلها بيغلي، مش بتعيط، ومش بتتكلم، بس كل تفاصيل وشها كانت بتقول إنها مش مرتاحة… فيه حاجة تقيلة على قلبها.
محمد كان واقف جنب الشباك، بيبص عليها من بعيد، وبيحاول يقرا اللي جواها، قرب منها وقال بهدوء
"ياسمين، متخافيش… أنا معاكي، ومش هسيبك."
مردتش.
قرب أكتر، وقعد جنبها وقال
"أنا عارف إنك مش بتتكلمي، بس شايفك… شايف إنك مش مرتاحة."
اتنهدت، وقالت بصوت واطي
"أنا مش ندمانة، بس... بابا لما يعرف، هيعمل إيه؟ ماما، يوسف، يسر..."
صوتها اتكسر في الآخر، لكنها شدت نفسها، ورجعت لسكونها.
محمد قال بسرعة
" ملناش دعوه يا ياسمين، خلاص انسيهم، مش هينفع نرجع، مفيهاش رجوع"
ياسمين بصتله، عينيها مفيهاش دموع، بس مليانة خوف
قال بهدوء
"انتي مش لوحدك، انا معاكي، احنا خدنا قرارنا سوا ونفذناه سوا، وهنعيش باقي حياتنا مع بعض"
ياسمين قالت
"أنا خايفة... بس مش منهم، من نفسي، مش مصدقه اللي عملته"
محمد قرب منها وحط إيده على كتفها، وقال
"أنا معاكي، صدقيني، كل حاجة هتتصلح… حتى لو أخدت وقت."
كان واضح إنها بتحاول تصدّقه، بس جواها في حرب.
عند فريدة، كانت قاعدة مع يسر في أوضتها، الجو هادي بس كله توتر وألم.
فريدة قالت بنبرة هادية وهي بتحاول تطمنها
"أنا هفضل معاكي النهارده، كلمت إسلام وقلتله إني هكون معاكي."
يسر كانت نايمة على جنبها، ولفت الغطا حواليها، ردت بصوت واطي مليان خيبة
"مفيش داعي يا فريدة... لو عايزة تروحي، روحي."
فريدة قربت منها أكتر وقالت بصدق
"يسر، بجد أنا مش عارفة أهون عليكي إزاي... مش عارفة أصلاً إحساسك، بس أكيد اللي حصل خير، يعني... كويس إنك متجوزتهوش."
يسر اتعدلت وقعدت، عينيها فيها تساؤل وألم وقالت
"طب وياسمين يا فريدة؟ دي أختي الصغيرة... إزاي قدر يضحك عليها؟ وهي صدقته إزاي؟"
فريدة حطت إيدها على كتفها وقالت بنبرة فيها أمل
"ياسمين هترجع، أكيد، لما تعرف إنه إنسان مش كويس هترجع، صدقيني، هترجع وهتفهم غلطها... هو غلط كبير، عارفة، بس هتفهم، هي لسه صغيرة ومش فاهمة."
يسر قالت بصوت مكسور
"وبابا وماما... ويوسف؟"
فريدة اخدت نفس وقالت
"محدش هيعرف يا يسر، كتب الكتاب محصلش علشان باباكي تعب، الناس كلها عارفة كده، أما أهل خطيبك، فهما زيكوا... ابنهم هرب برضو وصغّرهم قدام الناس."
يسر قالت بإحساس عميق بالخذلان
"بس البنت غير الولد يا فريدة... بنت تهرب دي كارثة."
فريدة هزت راسها وقالت بإصرار
"الاثنين غلطوا نفس الغلط، مينفعش نقول إنها لوحدها الغلطانة أو إنها غلطت أكتر."
يسر سكتت لحظة وبعدين قالت وهي بتبص في الفراغ
"أنا بس اللي شاغل تفكيري... هو جه اتقدملـي أنا ليه؟ ما كان ييجي ليها هيا! ليه يعمل كده؟"
فريدة قربت منها أكتر، وقالت بحنية
"خلاص يا يسر... اللي حصل حصل، المهم دلوقتي ترتاحي... ومتفكريش."
ساد الصمت في المكان، بس صمت مزعج مليان جروح والم
الصبح، كانت فريدة صاحيَة من بدري، أو يمكن منامتش أصلًا
يسر برضو كانت في حالة تانية، نايمة بعين وصاحية بعين، مش قادرة تصدق اللي حصل، لسه جواها أمل بسيط إنها تصحى تلاقي كل ده كابوس، بس الواقع كان بيشدها كل شوية ويقولها "لاء... حقيقي".
قامت من على السرير بهدوء، كانت حركتها بطيئة، كأنها مش حابة تواجه اللي ورا الباب، فريدة سألتها، صوتها كان واطي لكن قلقان
"رايحة فين؟"
يسر ردت
"هطمن على بابا."
فريدة قالت بسرعه
"استني… هاجي معاكي."
خرجوا سوا من الأوضة، مشيهم كان بطيء، كأن رجليهم تقيلة
وصلوا قدام الاوضه، الباب كان مفتوح، فدخلوا بهدوء.
أم يسر كانت قاعدة على سجادة الصلاة، عينيها كلها دموع، وشها شاحب وبتعيط في صمت، كانت باينة مكسورة.
باباها كان نايم على السرير، ملامحه تعبانة جدًا، النوم مش مريح، والهم واضح على ملامحه.
اول ما شافتهم أم يسر، قامت بسرعة وراحت لبنتها، حضنتها حضن طويل كأنه محاولة تعويض عن وجع الليلة اللي فاتت.
يسر حست حضن أمها وكأنه بيهزّها من جوه، حضن دافي لكنه مليان وجع، وقالت بصوت مخنوق
"بابا عامل إيه؟"
أمها مسحت دموعها بسرعة وقالت
"الحمد لله… أحسن من بالليل شوية."
سكتت لحظة، وبصت لبنتها وسألتها
"وإنتي… إنتي عاملة إيه؟"
يسر عضّت شفايفها، وعنيها نزلت دمعة واحدة وهي بترد
"هكون عاملة إيه يعني يا ماما؟ حاسة إني في كابوس… ونفسي أفوق منه ومش عارفة."
أمها حضنتها تاني، وكأنها بتحاول تحوش عنها وجع الدنيا كلها، وقالت وهي بتحاول تثبت صوتها
"ربنا كبير يا يسر… اللي حصل مش سهل، بس إحنا أقوى، ربنا معانا، ربنا معانا يا بنتي"
يسر سكتت، كانت بتفكر في كل كلمة، بس عقلها لسه مش مستوعب.
بصّت على باباها، وكان نايم بعيون مقفولة وتنهيدة تقيلة طالعة منه، كأن قلبه بيتكلم من غير صوت.
قالت وهي بتقرب منه وتمسك إيده
"أنا السبب… أنا كنت شايفة حاجات ومطنشاها، كنت واثقه فيهم، بس هما خانوني"
أمها قربت منها وقعدت جنبها، قالت بهدوء
"إنتي مش السبب يا بنتي، محدش كان يتوقع اللي حصل… لا أنا، ولا أبوكي، ولا حد اتوقع ده"
فريدة كانت واقفة وراهم، بتحاول تسيطر على دموعها، بس عينيها فضحتها.
جه صوت أبو يسر، واطي بس حاد
"مش عايز أسمع اسمها في البيت ده تاني… أنا بنتي ماتت، مش عايز أسمع سيرتها."
أم يسر بصتله بدموع ووجع، وقالت بتحاول تلطف الكلام
"بس..."
قطع كلامها بنظرة مليانة كسر وتعب، وقال بصوت مبحوح من الوجع
"معنديش بنات كده، اعتبروها ماتت."
الكلمات نزلت تقيلة على الكل، بس محدش هيقدر يعترض اصلا
فريده بعد ما سابت يسر نايمه، روحت البيت، أول ما دخلت لقت إسلام أخوها في الصالة.
بصتلُه، ولقيت نفسها بتجري عليه وتحضنه، حضن الأمان اللي كانت محتاجاه
حضنها بقوة، وقال بهدوء
"اهدي يا حبيبتي... اهدي"
فريدة كانت بتعيط، قالت وهي بتحاول تمسك دموعها
"زعلانة أوي على يسر، مكانتش تستاهل اللي حصل… بس أنا نبهتها، نبهتها بطريقه غير مباشرة، وقلتلها تاخد بالها، وهي مصدقتش."
إسلام رد عليها وهو بيطبطب على ضهرها
"فريدة، انتي عملتي اللي عليكي، وهي كبيرة وعاقلة، واللي حصل ده… كويس إنه حصل قبل الجواز مش بعده."
فريدة هزت راسها وقالت
"قولتلها كده برضو… بس هناك، حالتهم كلهم وحشة، يسر وباباها، ويوسف، ومامتها… متخيل اللي حصل؟"
إسلام قال بهدوء
"عارف، بس الوقت هيهديهم، وكل واحد فيهم هيلاقي طريقه يتعامل بيها مع الوجع، انتي بس خليكي جنبها، وجودك بيفرق."
هزت راسها وقالت
" اخدت مسكن علشان تعرف تنام، بتعيط طول الليل فحاولت اديها حاجه تريحها"
على آخر النهار، وصلت فريدة بيت يونس، كانت ماشية بخطوات هادية، لكن تعبانة من جو اليوم كله، أول ما دخلت، يونس شافها وابتسم بارتياح واضح وقال
"ياااه، حمد الله على السلامة."
فريدة ردّت وهي بتخلع الشنطة من على كتفها
"متأفورش، ده هو يوم."
ضحك يونس وقال بنبرة خفيفة
"والله كأنه سنة… يوم تقيل."
فريدة رمقته بنظرة فيها نص جد ونص هزار وقالت
"وقبل ما أجي؟"
قال
"كانت أيام تقيلة برضو."
فريدة غيرت الموضوع وسألته بنبرة هادية
"وامبارح… محمود كان كويس؟"
يونس هزّ راسه وقال
"كويس عادي، بس… انتي غير، أخدت عليكي، مرتاح معاكي."
فريدة بصّتله وقالت بخفوت
"كويس."
يونس حس إنها مش فريده اللي متعود عليها، فسألها
"مالك؟ حاسس إنك متضايقة."
فريدة ردّت بسرعة وهي بتحاول تخبي أي مشاعر
"عادي."
يونس قال وهو بيحاول يفكّ لغز الحالة اللي فيها
"المفروض إنك كنتي في كتب كتاب صاحبتك… تبقي مبسوطة."
سكتت لحظة، وبعدين قالت بنبرة هادية لكن فيها حزن مكتوم
"مكانش في كتب كتاب."
يونس استغرب وسألها
"أومال انتي كنتي فين؟"
فريدة اتنهدت وقالت بصوت فيه وجع
"أبوها تعب… وراح المستشفى."
يونس سكت، وعينيه بقت فيها لمعة تعاطف حقيقي،
وبعدين قال بهدوء
"خير؟ هو كويس دلوقتي؟"
فريدة أومأت براسها وقالت بصوت واطي
"أه… الحمد لله أحسن"
حس أن في حاجه تانيه بس محبش يضغط عليها ويتطفل فسابها على راحتها
فريدة دخلت تغير هدومها، وبعد دقايق خرجت... أول ما خرجت شافت يونس بيحاول يحرك رجله لوحده، قربت عليه بسرعة وقالت بقلق
"انت بتعمل إيه؟!"
يونس بصلها وهو بيحاول يثبت نفسه وقال بابتسامة باهتة
"بقيت أعرف أحركها شوية."
قالت وهي بتقرب أكتر وملامحها فيها توتر
"بس كده غلط يا يونس! أنا مسمحتلكش تغير الوضعية ولا تتحرك كده من نفسك."
قال بصوت هادي لكن متألم
"مش قادر أستنى… نفسي أحس إني بتحسن، اتحرك، أرجع طبيعي."
قبل ما تكمل كلامها، الباب خبط خبطة خفيفة ودخلت سالي وهي بتقول بسرعة
"ماما في الطريق… وجاية."
يتبع.......
"ماما في الطريق... وجاية"
يونس اتوتر فجأة وقال بصوت شبه هامس
"استخبي! استخبي بسرعه!"
فريدة وسالي بصوله باستغراب،
سالي قالت وهي رافعة حواجبها
"إيه الهبل ده يا يونس؟"
وبعدين كملت
"تيم كلمني وقالي إنه لسه مقالش ليها حاجه، وإنها متعرفش أي حاجه لحد دلوقتي."
فريدة بصتلها باستغراب وقالت بهدوء
"هيحصل إيه يعني لما تعرف؟ أو انتي عايزاني أتصرف ازاي؟"
يونس رد وهو بيحرك راسه بقلق
"هتطردنا كلنا بس!"
سالي قالت بنبرة فيها توتر وصدق
"هتمشيكي يا فريدة... بس أنا مش عايزة كده، هتقولك في الأول تمشي بهدوء، وبعدها... معرفش، المرحلة الجاية ممكن تكون إيه، تيم بس اللي يعرف،
زمان، كانت في واحدة شغالة هنا، بابا اللي جايبها، ورفضت تمشي، بس اختفت بعدها، معرفناش مشيت ازاي، كنا صغيرين وقتها."
فريدة سكتت لحظة، وبعدين قالت بهدوء ونظرتها فيها تسليم
"تمام، لما تيجي هنشوف، فاتحيها وشوفي رد فعلها... بس بعدها، إيه اللي هيحصل؟"
سالي قالت بخفوت
"مش عارفة."
فريدة قالت
"يبقى سيبيها على ربنا، يمكن تقولكم السبب اللي مخليها رافضة تعاملاتكم مع أي مؤنث... أو وجود أي مؤنث قريب من البيت."
يونس وضح
"إحنا مش ماشي علينا القوانين أوي... يعني هي رافضة وجود أي بنت في البيت أو الشركة أو المصنع، بس مش بتجبرنا نمنع التعامل معاهم برا، يعني طول ما إحنا بره البيت أو الشغل، تمام."
فريدة هزت راسها وقالت بنبرة تفكير
"مش هتفرق... المبدأ واحد، حتى لو في البيت بس، وانتوا مش عارفين السبب، وتيم رافض يقول، وده حقكم."
وقفت عربية سودا فخمة قدام البيت.
الباب اتفتح، ونزل تيم الأول، وقف جنب العربية، لحد ما نزلت هي.
طلّت من العربية بهدوء، لابسة اسود بسيط وأنيق وشيك، وقفت بثبات ووقار وهي بتبص حواليها، ملامحها كانت ساكنة.
نزل واحد من البودي جاردات بهدوء وفتح باب تاني للعربية... وخرج منه كرسي متحرك، عليه راجل باين عليه التعب، لكن باين كمان إن ليه مكانته.
سالي كانت واقفة على باب البيت، وأول ما شافتهم نزلت بسرعه وياسين أول ما لمح جده وجدته، سبقها وجرى بأقصى سرعته وهو بيهتف
"تييييييييييتة! جدووووووو!"
ابتسمتله ابتسامة صغيرة دافية، حضنته بحنية، وبصّت لتيم اللي واقف جنبها، وقالتله بصوتها الهادي اللي دايمًا واثق
"وحشتوني يا ولاد."
سالي حضنتها وباستها
"حمد لله على السلامة، نورتوا البيت."
ردّت وهي بتطبطب على وشها
"البيت منور بيكوا."
بصّت لتيم بعدها، وقالت بهدوء وهي بتحط إيدها على دراعه
"ساكت ليه ومش عايز تتكلم"
قال بإيجاز
" عادي، مفيش حاجه اقولها"
قالتله
" هنشوف "
دخلوا كلهم سوا، وسكتت لحظة وهي بتبص للبيت… بتحب بيتها حتى لو بعدت عنه ساعه بيوحشها
سألت بهدوء
"يونس عامل ايه ؟!"
سالي ردت بسرعة
"هو كويس… صاحي دلوقتي."
قالت بنبرة ثابتة
"كويس، هطلع أشوفه."
سالي اترددت شوية وقالت
"بس كنت عايزه أقولك حاجه قبل ما تشوفيه."
ردت وهي بتتحرك ناحية السلم
"لما أشوفه ابقي قولي اللي عايزه تقوليه."
قالت سالي بتوتر وهي بتحاول توقفها
"لاء قبل ما تطلعي… عايزه أقولك."
سالي بصت لتيم اللي اكتفى إنه يرفع كتفه وبعدين بصت لمامتها وقالت
"أنا جبت ممرضة تانية مع يونس."
سكتت لحظة، وبعدين بصت لسليمان " شغال في البيت" وقالت بنبرة واضحة
"طلع نصر أوضته يا سليمان."
استنت لحد ما اخده وبعدها بصّت لسالي وقالت بهدوء قاتل
"يبقى تمشي يا سالي… من برا برا، متتكررش تاني يا حبيبتي علشان منخسرش بعض."
سالي اتنفضت وقالت
"بس المرادي يا ماما مش هتمشي، أنا عايزاها في البيت، ويونس اتعلّق بيها و..."
قاطعتها بحسم
"سالي، خليني هادية... مشيها ومحدش تاني ييجي، أحسن ما تضطريني أعمل حاجات مش هتعجبك."
سالي قالت بإصرار ممزوج بدموع على طرف عنيها
"طب ليه؟ يعني إيه السبب يا ماما؟ أنا بجد زهقت، نفسي أقعد هنا بس بحس إني لوحدي، مانعه أي بنت تيجي ليه؟ بجد؟"
ردت بثبات
"دي حاجه تخصني أنا بس، ده بيتي، وأنا حرة أحط القوانين اللي تعجبني، ولو مش عاجبك… يبقى خليكي في بيتك وجيبي اللي يعجبك."
سالي قالت بانفعال
"يعني يا ماما تمنعيني من وجودي هنا في الآخر؟!"
نفت
"بيتك ومطرحك طبعًا، بس لو عايزه تبقي هنا… احترمي القوانين اللي حطاها، واللي مش عاجبه… عارف هو يعمل إيه."
بصت لتيم، وقالت
"ولا إيه يا تيم؟"
تيم قال بنبرة باردة
"أكيد يا ماما، أنا مليش دعوه، أنا عرفتك إني مش في البيت أصلاً."
سالي قالت بانكسار
"بقى كده يا تيم؟ كلكوا بقيتوا ضدي يعني؟"
تيم قال بنفي
"أنا مش ضد حد، بس هي حرة… تعمل اللي هي عايزاه."
سالي قالت بصوت بدأ يعلى
"بس أنا من حقي أعرف إيه السبب اللي مانع وجود أي بنت هنا؟ ليه مانعين من زمان؟ حتى صحابي كنت أنا اللي بروحلهم هما ميجوش، ليه يا ماما؟! هتبقي تعملي إيه مع مراتات يونس وتيم؟ ولا مش هتجوزيهم؟"
قالت بنبرة قاطعة
"لما ييجي وقت الكلام ده نبقى نشوف يا سالي، دلوقتي اسمعي الكلام، هروح آخد شاور واشوف نصر، هتكوني مشتيها، ولما أرجع… ملاقيهاش."
سالي قالت بنبرة متحدية
"ولو ممشيتش؟ هتعملي إيه؟ تخيلي كلنا وقفنا ضدك ورفضنا مبدأك… هتعملي إيه وقتها؟"
تيم اتدخل
"سالي، خدي بالك من كلامك لو سمحتي."
سالي بصتله وقالت بغضب
"انت تسكت خالص! أنت سبب كبير في اللي إحنا فيه أصلاً، دايمًا موافقها على كل كلامها حتى لو كان غلط! وأنا عايزه أعرف دلوقتي بقا، ليه مفيش بنات بتخش هنا؟ ليه القانون ده؟ من حقي أعرف!"
تيم رد بهدوء
"مش من حقك طبعًا، ومش من حق حد يعرف، البيت ده بيتها، وتعمل اللي هي عايزاه من غير ما نسألها، حقك ده لما تمنعك، لكن هي ما منعتكيش."
سالي علت صوتها أكتر، وقالت بحزم موجوع
"لِعلمكوا بقى… أنا لو مشيت، والله ما هعتب البيت ده أبدًا، مش هتشوفوا وشي تاني، ويبقى القانون بحق وحقيقي، ومفيش أي واحدة تدخل البيت ده، حتى أنا! صدقوني، لو خرجت… مش هرجع أبدًا، انسوني… واعتبروني متّ!"
سادت لحظة صمت تقيلة، محدش نطق، بصتلها بحدة، نظرة مفيهاش اي تردد، وبهدوء مرّ قالت
"خلاص يا سالي… لو دي رغبتك، يبقى براحتك."
سالي اتفاجئت، متوقعتش كده ابدا، ليه الرفض ده لدرجة أنها تتخلي عنها، تيم بص لمامته، وبعدين بص لأخته، عايز يتكلم، يخفف، بس سالي كانت بصاله بعتاب ميتحملوش
وسط الجو المشحون ده، نزلت فريدة بخطوات هادية، هيا سمعت كل كلمه اتقالت وحست أن كده الأمور بتخرج عن السيطره فقررت تتدخل
أول ما دخلت الصالون، بصّت على الموجودين وقالت بنبرة مهذبة وواثقة
"مساء الخير."
الكل لف ناحيتها، بس فريدة… أول ما عنيها وقعت على مامت تيم، اتجمدت.
مفيش نفس… مفيش كلمة… كل اللي في وشها كان صدمة وبس
رجعت خطوتين لورا، وإيدها خبطت في ترابيزه جانبية، كل حاجة عليها وقعت واتكسرت
يتبع.........
بارت 8
سالي بصت لفريده بقلق وقالت
"فريدة؟ مالك؟"
بس فريدة مكانتش سامعة اي كلمه، كانت بتبص للست اللي قدامها بصدمه ومش مستوعبه
مامت تيم ( صابرين) بصّتلها هي كمان، ملامحها اتجمّدت.
تيم قال بصوت هادي، لكن فيه نبرة حذر
"فريدة، في حاجة؟"
فريدة ردت بصوت واطي جدًا، أشبه بهمس
"هي..."
صابرين كانت واقفة مكانها، حركت شفايفها بهمس مش واضح...
"إيناس؟"
فريدة قالت بصوت فيه رهبة ودهشة
"مش معقول..."
صابرين قربت خطوة، باصة ليها بتركيز غريب، وقالت بانفعال مكبوت
"إزاي؟! انتي... انتي؟"
سالي وتيم واقفين مش فاهمين أي حاجة،
تيم باصص لفريده وبعدين بص لمامته
وبعدين الاتنين بصوا لبعض، ملامحهم كلها استغراب وقلق.
صابرين وقفت قدام فريدة، عنيها بتدور في ملامحها وكأنها بتفتّش عن ذكرى قديمة، وقالت بانبهار
"نفس العيون... نفس الملامح... انتي مين؟"
فريدة هزّت راسها وقالت بهدوء فيه رهبة
"أنا فريدة... بنت إيناس."
صابرين اتصدمت وتيم كمان مصدقش
صابرين قالت بصوت مبحوح
"بنتها؟!"
هزت فريدة راسها بتأكيد، وقالت بنبرة دافيه
"ماما دايمًا بتتكلم عنك، صورك معاها على طول، وبتحكيلي عنكوا... نفسها تشوفك أوي."
دمعة نزلت على خد صابرين، وراحت حاضنة فريدة بقوة، حضن دافي كأنها بتحضن اختها
سالي كانت واقفة مصدومة، مش مستوعبة اللي بيحصل، قربت خطوة وقالت
"ماما؟ انتي تعرفيها؟!"
صابرين وهي لسه حاضنة فريدة، قالت بصوت مبحوح
"دي بنت أختي... أختي اللي الظروف فرقتنا سنين، ومعرفش عنها حاجه"
تيم كان واقف، عينيه مش قادرة تتحول عن فريدة، مش مصدق إن فريده بنت خالته
صابرين قعدت فجأة على أقرب كرسي، وسحبت فريدة تقعد جنبها وقالت
"احكيلي... احكيلي عنها، عنك، عن حياتها... هي كويسة؟ اتجوزت مين؟ عندك إخوات؟ انتي الكبيرة؟ ولا الصغيرة؟
سكتت لحظة، وبصت لفريدة كأنها مش مصدقة، وقالت
" أنا فعلاً قدامي بنت إيناس؟!"
فريدة ضحكت وسط دموعها وقالت
" أيوه، بنتها... ماما اتجوزت بعدك بسنه، عندي اسلام اكبر مني ب 3 سنين"
بصّت في الأرض وقالت
"ماما دايمًا بتتكلم عنك، وتقولي إنك كنتي كل حياتها، وإنك فجأة اختفيتي، وإنهم خدّوكي منها... من يومها وهي بتدعي إن ربنا يجمعكم"
صابرين دمعت تاني، وقالت بصوت مبحوح
"وأنا كمان... كنت بدعي، كنت علطول بدعي"
بصّت لفريدة تاني وقالت
" بس وجودك دلوقتي زي حلم... أنا مش مصدقة..."
دموعها بدأت تلمع في عينيها وهي بتتمتم
" فريدة... انتي شبهها... شبهها بالظبط..."
رفعت إيديها بتردد، كأنها مش مصدقة ولمست وش فريدة بإيد بتترعش
قالت بصوت مخنوق
"إيناس... أختي اتجوزت؟!"
سكتت لحظة وكملت وهي بتحاول تبتسم وسط دموعها
"وعندها بنت؟! وولد؟!"
فريدة ابتسمت وقالت بهدوء
"عندها بنت، ودايمًا بتحكيلها عنك، كانت بتعيط وهي بتوريني صورك، وبتقولي إنها مشتاقالك من سنين..."
بصت في عينيها وكملت
"كانت نفسها تضمك ولو دقيقة."
صابرين سألتها بصوت مكسور
"إيناس فين دلوقتي؟ عايزة أشوفها، لازم أشوفها..."
فريدة هزت راسها وقالت
"هتشوفيها... هتفرح اوي لو شافتك"
وفي اللحظة دي، قررت تروح تشوف اختها، قامت وقالت لتيم
" يلا يا تيم، لازم اروح اشوفها"
تيم هز راسه وقال
" حاضر يا ماما، يلا"
لكن قبل ما يخرجوا، سالي فجأة قالت بقلق
"يونس؟!"
فريده بصت في ساعتها وقالت بهدوء
"يونس، معاد حقنته عدى."
صابرين بسرعة قالت
" اطلعي اديهاله بسرعه."
فريده طلعت بسرعة، وصابرين وراها، دخلت عند يونس اللي كان واضح عليه التوتر وسأل
"ايه اللي حصل؟"
صابرين دخلت تتطمن عليه، وهو مستغرب جدًا من وجود فريدة مع والدته في نفس الوقت، فريدة كانت بتحضر الحقنة، ويونس سألها بدهشة
" هو في ايه؟ فهموني، اللي انا شايفه ده ازاي ؟!"
فريدة قربت من الكانيولا، وهي بتثبت الحقنة، وقالتله بنبرة حازمة
" مش وقته دلوقتي، هتفهم كل حاجة بعدين، ممكن؟!"
صابرين قربت منه وسألته
" انت كويس ؟!"
قالها بتعب
" حاسس اني ضارب حقنه اقسم بالله"
كان تيم واقف مع سالي، وسالي قالت بذهول
"إزاي؟ يعني ماما عندها أخت وإحنا منعرفش عنها أي حاجة؟"
تيم كان ساكت، فسالي بصتلّه باستغراب وقالت
"إنت كنت عارف؟"
رد عليها فورًا
"لاء طبعًا، وهعرف منين؟"
سالي قالت بحدة
"ماما بتقولك كل حاجة، وكمان شايفاك متفاجئتش اوي يعني"
قال بهدوء
"مش دايمًا"
سالي اتنهدت وقالت بمرارة
"إنت تعرف كل حاجة هنا، أصلًا إنت الوحيد هنا اللي ليك قيمة، لكن لا أنا ولا يونس حد بيعملنا قيمة... وده آخر يوم ليا هنا، مش هعتب البيت ده تاني."
تيم قال وهو بيحاول يهدّيها
"سالي، بطلي هبل، متشخصنيش الأمور."
بصلته بوجع وقالت
"طبعًا، ما إنت مش مكاني عشان تحس بيا."
فريده وصابرين نزلوا، وخرجوا كلهم ما عدا سالي اللي رفضت تروح وركبوا العربية واتحركوا على بيت فريدة.
ولما وصلوا، نزلوا من العربية، وفريدة قالت بحماس
"ماما مش هتصدق لما تشوفك بجد... يا رب تكون في البيت، هطلع أشوفها."
استنوا تحت وهي طلعت بسرعة، فتحت الباب ودخلت بسرعه، كانت مامتها بتتكلم في التليفون.
فريدة دخلت بسرعة وقالت بلهفة
"ماما، مش هتصدقي!"
قالت باستغراب
"في إيه يا فريدة؟"
فريدة شدت إيدها وهي بتضحك ومتوترة وقالت
"قومي، انزلي معايا! عندي ليكي مفاجأة حلوة جدًا."
قالت باستغراب وهي لسه قاعدة
"مش قادرة أنزل يا فريدة، في إيه؟"
فريدة ردّت بإصرار
"يا ماما، يلا بس بسرعة!"
إيناس سابت الموبايل على السرير وقامت بتردد، قلبها بدأ يدق بسرعة وهي شايفة الحماس اللي في عيون بنتها، وقالت وهي بتمشي وراها
"فريدة، هو في إيه؟ خوفتيني."
فريدة ابتسمت وقالت وهي ماسكة إيدها
"هتعرفي دلوقتي... بس بلاش تسألي، تعالي بس."
نزلوا مع بعض، وكل خطوة كانت بتقربهم من تحت وقلب إيناس بيخبط كأنها داخلة على حاجة مش قادرة تتخيلها، نزلوا تحت وصابرين كانت واقفه منتظره بلهفه
إيناس وقفت مكانها، وسابت إيد فريدة من الصدمة، وشها اتغير، قربت خطوة وقالت بصوت مبحوح
"صـ... صابرين؟!"
صابرين ابتسمت ابتسامة مهزوزة، وقالت وهي بتخطي خطوة ناحيتها
"إيناس... إيناس أختي!"
إيناس عينيها دمعت فورًا، مش مصدقة، قربت منها وقالت
"مش معقول... دي إنتي؟ فعلاً إنتي؟"
صابرين مدت إيديها، وهم الاتنين حضنوا بعض حضن عمره سنين، سنين من البُعد، من الوجع، من الشوق، حضن فيه كل اللي مفيش كلام ممكن يوصفه.
فضلوا كده لحظات، من غير ولا كلمة، بس الدموع كانت بتتكلم بدالهم.
فريدة واقفة شايفاهم وحست بفرحه، مامتها طول عمرها بتحلم باللحظه دي، اما تيم فكان واقف بعيد وحاطط أيده في جيبه وهو بيبصلهم
صابرين وهي لسه في حضن أختها همست
"وحشتيني أوي، كنت فاكرة إني مش هشوفك تاني طول عمري."
إيناس قالت بصوت متكسر
"أنا كمان... كنت بدعي لربنا يخليني أشوفك ولو مرة واحدة بس... كنت نفسي أحضنك زي كده."
بعدوا عن بعض شوية، بس إيديهم لسه في إيدين بعض، مش عايزين يسيبوا اللحظة.
فريدة ابتسمت وعيونها بتلمع، وقالت بهدوء وهي باصة لصابرين وإيناس
"يعتبر أنا السبب في إنكموا تتجمعوا من تاني... وده أحلى سبب حصل في حياتي."
صابرين قالت بفرحه
" بحمد ربنا من كل قلبي أنه بعتك"
صابرين بصّت حوالين المكان، وبنبرة فيها لهفة نادت
"تيم... تعالى سلّم على خالتك."
تيم كان واقف على جنب، متابع بصمت، قرب بخطوات بطيئة، وسلّم على إيناس بإيده وهو بيقول باقتضاب
"أهلاً وسهلاً."
بس قبل ما يرجع مكانه، إيناس مدت إيديها وشدّته في حضنها، حضن صادق ومليان شوق، تيم اتفاجئ، مرفعش إيديه، بس منسحبش، فضّل مكانه، ساكت
إيناس ابتسمت وقالت بتأثر واضح
"أنا فرحانة إني شوفتكوا... فرحانة أكتر مما كنت متخيّلة."
قعدت جنب اختها، الجو كان مليان مشاعر لسه بتتشكل، بين دموع فرحة وابتسامات مش مصدقة اللي بيحصل.
صوتهم هادي لكن عيونهم بتتكلم أكتر من لسانهم، حنين سنين كتير كان بيطلع في كل كلمه.
فريدة كانت واقفة على جنب، بصّت لتيم اللي واقف مكانه ساكت كعادته، وقربت منه وهي بتشده بلطافة
"تعالى معايا."
بصلها باستغراب وقال بجفاف
"فين؟"
ردت وهي بترفع حواجبها
"اقف معايا، هعملهم حاجة يشربوها."
قال ببرود
"وأنا مالي؟"
زفرت وقالت
"إنت مش حافظ غير الكلمة دي يعني؟"
شدّته من دراعه وهي بتقول
"تعالى بدل ما انت واقف كده ملكش لازمة."
اتنحنح وقال وهو بيبصلها
"أنا مليش لازمة؟!"
ردت بسرعة وهي بتهزر
"أومال أنا؟!"
شدّته تاني، وهو في الآخر استسلم ومشي وراها من غير ما يقول كلمة تانية.
دخلوا المطبخ، وكان فيه واحدة من الخدامين بتنضف الرخامه، فريدة ابتسمت وقالت بنبرة ودودة
"مساء الفل."
الخدامة ردت بابتسامة
"مساء النور يا حبيبتي، هتعملي حاجة؟"
قالت فريدة
"آه، هعمل عصير."
ردت الخدامة بلطافة
"طيب، هسيبك براحتك."
خرجت وسابتهم لوحدهم، فريدة فتحت التلاجة، طلعت مانجا وعلبة عصير جاهز، ولفت لتيم وسألته
"أعمل عصير ولا أصب الجاهز؟"
قال من غير ما يبصلها
"وأنا مالي؟ انتي اللي هتعملي."
ردّت وهي بتزفر بإحباط
"نفسي أخد منك عقّاد نافع بجد."
رفع حاجبه وقال
"يعني إيه؟"
هزت راسها وقالت باستخفاف
"ولا حاجة."
سكتت لحظة وهي بتقشر المانجا، وبعدها بصّتله تاني وقالت بنبرة فيها تأمل
"يعني في الآخر طلعنا قرايب... شوف الصدف."
ردّ وهو بيهز كتفه
"مش مقتنع أساسًا."
قال له وهي مبتسمة بسماجه
"عنك ما اقتنعت، أنا مقتنعة تمامًا... يمكن علشان من وأنا صغيرة عارفة إن عندي خالة، وعارفة شكلها كمان، بس انها تكون مامتك ده اللي متوقعتهوش، حسيتها شريره من كلامكوا"
بصلها للحظة، لكن مردش، كأنه مسمعهاش اصلا
فريدة بدأت تقطع المانجا وهي مركزة في اللي بتعمله، وتيم واقف جنبها ساكت، إيده في جيبه، وملامحه زي ما هي... مفيش حاجة بتتحرك غير عينه اللي بتتابعها من غير ما تحس.
قالت وهي بتحط المانجا في الخلاط
"عارف؟ طول عمري عندي أمل إن اليوم ده ييجي، بس مكنتش متخيلة إنه هييجي فعلاً."
مردش، بس فضل يبص لها.
كملت وهي بتشغّل الخلاط وعلت صوتها
"وأكتر حاجة كنت عايزاها إن ماما تقابل أختها... كانت دايمًا بتتكلم عنها وهي بتعيط... أنا كنت حافظة شكلها من صور قديمة جدًا
الخلاط خلّص، وقفلته، بدأت تصب العصير في الكوبايات.
جابت كيكه وبدأت تقطعها، قالتله
"علفكره، أنا اللي عامله الكيكه دي"
قطعتله قطعة صغيرة وحطتها قدامه
"دوقها وقول رأيك."
تيم اتردد وقال
"مش عايز، شكراً."
ابتسمت وقالتله بتهكم
"براحتك، أنت الخسران."
بعدها قسمت الكيكة في أطباق صغيرة، وحطتهم على رخامه تانيه ومسحت الرخامة اللي اشتغلت عليها بسرعة
فونها رن، طلعت التليفون من جيبها، كان إسلام على الطرف التاني.
ردت بسرعة، وعيونها مليانة حماس
"أنت فين؟! برن عليك بقالي ساعة يا أستاذ."
قال إسلام بنبرة مشغولة
"إيه يا فريدة؟ مشغول ومش قادر أرد، في حاجة مهمة؟"
قالت له بجدية
"مهمة جدًا، مش هتصدقها بجد."
سأل بقلق
"في إيه؟"
ردت عليه بحماس
"مش هتتوقع!"
قال وهو بيحاول يركز معاها
"فريدة، والله مشغول."
ردت عليه بلهفة
"يعني مش هتيجي؟ لازم تيجي دلوقتي."
قال
"قدامي ساعه مثلا"
قالت وهي مش قادرة تخفي توترها
"خلاص يبقى لما تيجي، ولو إني مش قادرة أصبر وعايزة أقولك."
قال بحسم
"طب ما تقولي، ولو مش هتقولي مضطر أقفل."
ضحكت فريدة بخفة وقالت
"لما تيجي، سلام."
وقفلت المكالمة، وحطت التليفون في جيبها وغسلت إيديها بسرعه
تيم كان واقف بيبصلها، متابعها وسأل
"ده مين؟"
فريدة بصتله وقالت بابتسامة خفيفة
"ده ابن خالتك."
تيم رفع حاجبه وقال
"ابن خالتي؟!"
فريدة ضحكت وقالت بتلاعب
"لقب جديد بس هتاخد عليه، دونت ووري."
تيم سألها
"يعني أخوكي؟ صح كده؟"
ردت بثقة
"صح كده، طول عمرك لماح ومركز."
مدت له صنية العصير وقالت
"خد، شيل معايا."
قالها
"يعني إنتي جايباني أساعدك؟"
ردت بكل برود
"تساعدني في إيه؟ أنت عملت حاجة؟"
أخذ الصنية وهو بيقول
"أمال ده إيه؟!"
ابتسمت وقالت بخفة
"سميها زي ما تحب."
شالت أطباق الكيكة ومشيت قدامه، وهو مشي وراها
فريدة خرجت من المطبخ، حطت طبق الكيكة على الترابيزة، وخدت صينية العصير من تيم، حطتها جنبها وقالت بنبرة فيها شوية صدق وشوية ارتباك
"حاجة جديدة عليّا بجد... عايزة وقت أستوعب."
إيناس ابتسمت وقالت
"أومال أنا أقول إيه؟!"
صابرين بصتلهم، صوتها هادي لكن فيه وجع سنين
"أنا عشت حياتي كلها وحيدة... مكانش ليا حد، وكان نفسي أشوفك، بس مكنتش عارفة إزاي... ربنا يسامحهم اللي كانوا السبب."
فريدة لمحت تيم واقف، قالتله
"إنت واقف ليه؟ تعالِ اقعد."
رد بهدوء
"أنا مرتاح كده."
إيناس بصتله بابتسامة كلها حنين
"تعالَ يا حبيبي اقعد... تعالَ ده انت من ريحة الغالية."
هز راسه وقال بلطف
"شكرًا... أنا مرتاح كده."
بدأوا يتكلموا تاني وفريدة كانت سامعاهم وكل كلمة بتدخل قلبها، قامت وخدت طبق فيه كيك، وقفت جنبه، مدّته له وقالت بخفة
"برضو مش هتقولّي رأيك؟"
بصلها وسألها
"وإنتي عايزة رأيي في إيه؟"
قالت وهي بتحاول تخفي توترها
"عادي... بحب آخد آراء الناس."
أخد حتة صغيرة، داقها وقال بعند
"مش حلوة."
اتشدت وقالت
"بجد؟!"
قال بمراوغه
"يعني مش قد كده... في أحسن من كده."
قالت بنغمة فيها برود ظاهري
"ده رأيك يعني؟"
رد ببساطة
"إنتي اللي طلبتي."
هزّت كتفها وقالت
"عادي، مش بزعل أصلًا... كل واحد وليه رأيه."
سكتوا شويه، لحد ما كسر هو الصمت وسألها بنبرة فضولية
"حضرتي كتب كتاب صاحبتك؟"
سكتت للحظة كأنها بتفكر ترد تقول إيه، وبعدين قالت
"مكانش في كتب كتاب."
رفع حاجبه وسأل
"ليه؟ مش قولتي إن في؟"
قالت وهي بتحاول تحافظ على تماسكها
"باباها تعب."
سأل باهتمام
"اتأجل يعني؟"
قالت بصراحة
"لاء، اتلغى."
حس إن الكلام واقف عند الحد ده، وإنها مش حابة تكمل، فسكت شوية، وبعدين قال
"لقيت في عربيتي فلوس... أكيد بتوعك؟"
قالت وهي بتبعد
"لاء... مش بتوعي."
سألها
"يعني مش إنتي اللي حطاهم؟"
ردت بهدوء وهيا ماشيه من قدامه
"لاء... معرفش عنهم حاجة."
تيم بص لمامته وسألها
"لسه هتقعدي؟"
صابرين بصتله وقالت
"زهقت؟ لو زهقت روح إنت، أنا لسه قاعدة."
إيناس دخلت في الكلام وقالت
"لسه مشفتوش إسلام ابني... زمانه جاي."
فريدة قالت
"قدامه ساعة."
صابرين سألت ببساطة
"وجوزك؟"
إيناس ردت بهدوء
"مسافر... بييجي من السنة للسنة."
فريدة قامت وسابتهم، خرجت من البيت، سحبت موبايلها من جيبها، ورنت على يسر
فريدة قالت بسرعة ولهفة
"عاملة إيه دلوقتي؟"
يسر من الناحية التانية صوتها تعبان
"هكون عاملة إيه يا فريدة؟"
فريدة سألتها بهدوء
"يعني... الأوضاع إيه عندك؟"
يسر ردّت
"زي ما سبتيها يا فريدة... مفيش جديد."
يسر سكتت شوية، وبعدين قالت
"كل ما بفتكر اللي حصل، قلبي بيتكسر أكتر... مش قادرة أصدق إن كل ده حصل"
فريدة قالت بحزن
"ولا أنا... بس خليني أقولك حاجة... اللي بيخسر إنسانة زيك، هو اللي خسران، حتى لو كنتي شايفة العكس دلوقتي."
يسر قالت بمرارة
"نفسي أصدق... بس الوجع أكبر من أي عزاء دلوقتي."
فريدة قالت بحنان
"هتعدي يا يسر، أنا عارفة إنك مش شايفة كده دلوقتي، بس كل حاجة بتحصل لحكمة... وكل حاجة صعبة بتعلمنا حاجة."
يسر سكتت شوية، وبعدين قالت
"مش عايزة أتعلم حاجة، أنا تعبت خلاص."
فريدة قالت بابتسامة بسيطة بتحاول تخفف عنها
"خديها واحدة واحدة، متحاوليش تقعدي في البيت، انزلي الشغل واشغلي نفسك، حاولي تنسي، مجرد محاوله"
يسر قالت بصوت مكسور
"مش قادرة أعمل حاجة... بس شكراً يا فريدة إني لسه لما بكلمك بحس إني مش لوحدي."
فريدة قالت بلطف وهيا بتنهي المكالمه
"وأنتي عمرِك ما هتكوني لوحدِك... طيب أنا هسيبك ترتاحي شوية، ولو احتجتي أي حاجة أنا جنبك على طول، ماشي؟"
قفلت معاها، دخلت البيت تاني، بس قابلت تيم خارج
رفعت حاجبها وسألته باستغراب
"رايح فين؟!"
رد بزهق
"هستنى بره، مليت."
ضحكت وقالت
"والله أنا كمان ملانه... بس بما إني هخرج أجيب شوية حاجات من السوبر ماركت، تعال معايا؟!"
بصلها وهو بيبص في ساعته كأنه بيحسب الزمن وقال
"معقول، قبل الساعة ١٢، عشان ده معاد نومي."
ردّت وهي بتمشي من قدامه
"ثواني هطلع أغيّر هدومي وهاجي على طول."
قال باستعجال
"طيب، متتأخريش."
ردّت بصوت خفيف
"عيب عليك."
ابتسم ابتسامة صغيرة مش باينة، وخرج فعلاً وقف قدام البيت مستني.
أما فريدة، فطلعت بسرعة على أوضتها بحماس، فتحت فونها ورنت على سالي، اول ما ردت قالتلها
" معتقدش أن تيم عنده جينوفوبيا زي ما قولتي"
يتبع.......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا