رواية دموع علي ارض الصعيد الفصل الثاني 2 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية دموع علي ارض الصعيد الفصل الثاني 2 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية دموع علي ارض الصعيد الفصل الثاني 2بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الثاني
دموع علي ارض الصعيد
بعد مرور شهر تقريبا هدأ الليل فوق قرى الصعيد لكنه لم يهدأ داخل القصر العريق الذي يملكه كاسر كانت الأنوار باهتة والهواء محملا بثقل لا يُرى والحرس يتحركون في فناء القصر كأنهم يطاردون ظلّا والخدم يتحدثون همسا وكأن الحيطان قد بدأت تستمع وفجاه انفتح باب القصر الكبير واندفع كاسر خارجا بخطوات سريعة كان وجهه مقفولا وحاجباه معقودان وصدره يعلو ويهبط بعنف فـ فتح باب سيارته بحدة و رمى بجسده إلى الداخل وأدار المحرك بقوة جعلت صوت السيارة يخترق سكون الليل تبعته ثلاث سيارات من الحراسة دون أن يجرؤ أحدهم على سؤاله أو حتى اللحاق بنظراته.... كان كاسر طويلا عريض الكتفين بوجه تلونه الشمس وعينين لا تعرفان الرحمة. لا أحد يقترب منه حين يغضب ولا أحد يسأله لماذا اما في الداخل وبين أروقة القصر كانت الخادمات يتحركن بحذر شديد. في الزاوية الخلفية من المطبخ اجتمعن حول صينية الشاي التي لم تقدّم بعد وبدأن يتبادلن النظرات والهمسات حتي قالت واحدة منهن وهي تضع السكر في الأكواب:
هي الست هانم لسه في المستشفى
ردت أخرى وهي تلمع الكؤوس:
ايوه ياختي… الدكاترة بيجولوا حالتها حرجة ومفيش تحسن نهائي
همست ثالثة كانت تراقب الباب كل لحظة:
الناس بتجول إن جوزها السبب…و إنهم لقوا كدمات على جسمه
رفعت الرابعة حاجبيها باستنكار:
جوزها؟! دا لو فعلا مد إيده عليها يبجى كتب نهايته بإيده...دي أخت كاسر بيه مش أي حد
قهقهت إحداهن لكن بصوت خافت خوفا:
ده كاسر بيه يخلي المستشفى نفسها تنقلب نار لو عرف ال حد عمل فيها حاجه عاد.. بس تعرفي الست رحمه طيبه جوي غير الست اميره اخت كاسر بيه الصغيره.. تحسوا انها مدلعه وبصراحه جليله الربايه ومغروره وشايفه نفسها و
وقبل أن ترد أي واحدة دوى صوت جهوري من خلفهم:
في اي عاد... واجفين ليه؟! خلصوا شغلكم بدل ما أخصم منكم يوم كامل
كان الصوت لـ سمية رئيسة الخدم التي وقفت ويديها على خصرها تنظر إليهم كأنها قائدة فرقة عسكرية ورددت مره اخري:
كل واحدة ترجع مكانها وإلا هخلي كاسر بيه يعرف ال بتعملوه
تفرقت الخادمات على الفور وبعد منتصف الليل توقفت السيارة أمام بوابة المستشفى واندفع كاسر إلى الداخل كالعاصفة لم يلقي السلام ولم ينتظر المصعد بل صعد الدرج بخطوات واسعة تخلع الأرض تحتها ولم تكن ملامحه توحي بشيء سوى الغضب حيث فتح باب الجناح بقوة فارتج المكان وارتعد الممر وعندما لمح الطبيب في نهاية الممر تقدم نحوه بسرعة ثم أمسكه من ياقة المعطف الأبيض بعنف وقرب وجهه من وجهه وصرخ :
اي ال حوصل لأختي.... إزاي تتعب بالشكل دا وفحاه اكده... مين المسؤول عن ال حوصلها.. انتوا لازمتكم اي مش فاهم.. بتعملوا اي اصلا
حاول الطبيب أن يحرر نفسه وهو يقول متوترا:
اهدى يا كاسر بيه… كل حاجة تحت السيطرة دلوجتي والله واختك بجت كويسه الحمد لله.. مفيش داعي للعصبيه دي و
لكن قبل أن يرد كاسر اقترب شاب في الثلاثينات من العمر وجهه شاحب ونظراته قلقة… كان أدهم زوج رحمة وقال بصوت متلعثم:
في إي.... ورحمة مالها
التفت إليه كاسر بعينين تقدحان نارا لكن الطبيب تدخل بسرعة:
في خطأ حوصل… ممرضة بدلت الدوا بالغلط بس الحمد لله ممرضة تانية كانت موجودة وتداركت الموقف وأنقذتها في آخر لحظة.. دلوجتي حالتها مستقرة والله الحمد لله
كاسر بغضب :
فين الممرضة دي... انا عايز أشوفها دلوجتي حالا
أشار الطبيب بتردد:
في أوضة استراحة الممرضين… الدور ال تحت
وبدون كلمة زيادة اندفع كاسر نحو السلم ونزل الدرجات اثنتين اثنتين حتى وصل إلى باب الاستراحة وفتح الباب فجأة دون أن يطرق وفجاه ظهرت روح وهي ترتدي جاكيتها وتستعد للمغادرة و التفتت بسرعة وما إن رأت وجهه حتى تجمدت لحظة ثم ارتفع حاجباها بغضب وهتفت:
انت ازاي تدخل اكده من غير استئذان.. فاكر نفسك مين عاد علشان تتجرأ وتدخل بالطريجه دي
اقترب منها كاسر بسرعة و قبض على ذراعها وصوته مليء بالاتهام:
انتي أكيد كنتي جاصدة تجتلي أختي صوح.... إي إل عملتيه دا هااا.. اي حكايتك بجا.. جوليلي مين دافعلك علشان تجتلي اختي
نفضت روح يدها بعنف من قبضته ثم رفعت كفها وضربته على وجهه بقوة جعلت الصمت يسود المكان لثواني ورددت:
إنت اتجننت.... أنا معملتش حاجه.. ولا لمستها انت عايز مني اي عاد.. فاكر نفسك مين وازاي تكلمني بالطريجه دي وتلمسني اكظه... امشي.. اطلع بره يلا
ضاق صدر كاسر أكثر و اقترب منها بغضب وكأنه سيلتهمها لكن قبل أن يلمسها اندفع الطبيب إلى الداخل و صوته يحمل توترا واضحا:
كفاية..... كفاية بجا يا كاسر بيه روح هي السبب إن أختك لسه عايشة… الممرضة التانية ال اتسببت في المشكلة اتحولت للتحقيق وروح هي ال لحقت الموضوع وأنقذت حياتها المفروض تشكرها
توقف كاسر والتفت ببطء إلى روح وعيناه تحدقان فيها بشراسة حتي اقترب منها خطوة أخرى وهمس بجانب أذنها:
الجلم ال ضربتيهولي ... هيرجعلك بس بطريجتي أنا
ثم التفت وخرج من الغرفة يتبعه الطبيب بصمت مشحون وظلت روح تقف مكانها ونفاسها متسارعة تحاول أن تهدئ نبض قلبها حتى دخل أدهم زوج رحمة واقترب منها بتردد:
أنا آسف… معلش متزعليش من كاسر هو بس متعصب علي اخته شويه وحوصل سوء تفاهم
نظرت روح اليه بضيق وهي تتفحصه.. نظراته كانت غريبة… عينيه لا تطابق كلماته وبصوته ما يشبه اللين لكن فيه شيء خفي فـ مد يده ليضعها على كتفها لكنها ابتعدت بسرعة ورددت بضيق :
حوصل خير مفيش مشكلة أهم حاجة دلوجتي إن مدام رحمة بخير
القت روح كلماتها وتركته واقفا بينما نظراته تلاحقها… بنوايا لا تبدو بريئة أبدا وبعد فتره داخل المقابر كان كل شيء ساكنا صامتا إلا من صوت أنفاس متقطعة ونشيج خافت حيث جلست روح على الأرض قدماها مثنيتان أمامها وذراعاها تعانقان ركبتيها وهي تحدق بعينين دامعتين في شاهد قبر مغطى بالتراب وبعض الورد الذابل... مكتوب عليه اسم فرات فـ مدت يدها المرتجفة ولمست أطراف الحجر ثم انهمرت دموعها وهي تتحدث :
عارفة يا فرات.. شوفت ال كاسر دا النهارده... شوفته بعيني... واحد معندوش جلب يا فرات... معندوش رحمة... دخل عليا زي العاصفة.. مسكني واتهمني إني كنت عايزة أجتل أخته... متخيلة... بس انا فعلا كنت عايزه اجتلها وغيرت العلاج وفي اخر لحظه اترددت... مجدرتش اجتل واحده ملهاش ذنب في اي حاجه غير ان اخوها شيطان معندوش انسانيه
شهقت روح وارتعشت شفتاها واكملت'
بس أنا هنتجم... جسما بالله يا فرات هخليه يدفع التمن... زي ما أنا خسرتك بسببه مش هسيب أي حد بيحبه يفضل جمبه... هبعده عن كل حاجة بيحبها... عن أخته عن جصره و عن راحته... هخليه يعيش اسوء ايام حياته
مدت روح يدها تتحسس اسم فرات المكتوب على الشاهد ومسحت دموعها بكفها المرتعشة وسكتت لحظات ثم همست:
نامي وانتي مطمنة... ومتخافيش... مش هسيبه وهاخد بتارك
قامت روح ببطء و نظرت حولها في صمت لم يكن هناك أحد سوى ظلال المقابر وأصوات ليل الصعيد الثقيلة... اتجهت نحو البوابة الصغيرة الحديدية التي تؤدي إلى الخارج ودفعتها بيدها وأحدث صوت الصرير فيها رجة خفيفة في السكون وما إن وضعت قدمها خارج المقابر حتى أضاءت أمامها أنوار سيارة سوداء ضخمة... توقفت فجأة وكأنها كانت تنتظرها لم يكن هناك وقت للهروب.... انفتح الباب الخلفي بعنف وقبل أن تصرخ أو تتحرك انقض عليها رجلان ملثمان وسحبوها إلى الداخل... حاولت أن تصرخ... أن تضرب... لكن كفا قوية كتمت صوتها وأخرى كبلت يديها فرددت روح بصوت مخنوق، متهدج:
سيبوني... انتوا مين ؟! عايزين مني اي عاد.. سيبوني
لكن لا أحد أجاب والسيارة انطلقت في ظلام الليل تاركة المقابر خلفها...وكل ما بقي من روح في المكان...هو وشاحها الذي سقط بجانب قبر فرات يتمايل مع الريح كأنه يلوح لها... الوداع وفي الصباح استفاقت روح على صمت خانق والغرفة التي وجدت نفسها فيها كانت خالية إلا من سرير خشبي مهترئ وستارة نصف ممزقة تراقصها نسائم خفيفة تتسلل من النافذة الصغيرة وجلست فجأة وهي تلهث تتلفت حولها بذعر قبل أن تصرخ بأعلى صوتها:
يا نااس في حد اهنيه أنا فين؟ افتحوا... افتحوا الباب بالله عليكم
لكن لا جواب ترددت أصداء صراخها على الجدران وكأنها وحدها في هذا العالم المهجور فـ نهضت تتعثر في خطواتها حتى سقطت بجانب السرير وهناك... لاحظت شيئا محفظة صغيرة ملقاع بعشوائية كأن أحدا نسيها أو تعمد أن يتركها فـ مدت يدها ببطء و التقطتها وفتحتها بأصابع مرتعشة حتي صورتها وصورة كاسر فـتسمرت عيناها عليه وعلى الورقة المطوية خلف الصورة، ثم شهقت بانكسار وخرجت منها شهقة باكية وهي تهمس:
فرات ...دي محفظه فرات هي محتفظه بصورتي وصورته بس ليه..ليه يا فرات دا زبالة... إزاي تحبي واحد زي دا.. اهه هو السبب في موتك.. هو السبب في كل ال حوصلنا
انفجرت روح باكية وقلبها يتمزق ووجهها يتلوى بين الذكرى والخوف ثم زحفت نحو الباب وبدأت تضرب عليه بجنون:
افتحولي... كاسر أنا عارفة إنك إنت ال جيبتني اهنيه كاسرر افتح أنا مش هسكتلك.. جسما بالله ما انا ساكتع انا عارفه انك عرفتني وعرفت انا مين. افتح بجولك
ظلت روح تضرب وتصرخ حتى سمع صوت المفتاح يدور من الجهة الأخرى فـ تراجعت خطوة وأنفاسها تتلاحق وجسدها يرتجف والباب يفتح ببطء...وعندما رأت من يقف خلفه تسمرت مكانها وشهقت شهقة مكتومة ثم تمتمت:
إنت... مستحيل و
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا