رواية السند الفصل الأول 1بقلم امل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية السند الفصل الأول 1بقلم امل مصطفي حصريه في مدونة قصر الروايات
#السند
#بقلمي _امل _مصطفي
#_1
السند الحقيقي هو الله ♥️
*************
ماذا يحدث عندما يصبح السند سبب الكسر؟
ويُكشف الستر بيد من وُجب عليهم الستر؟
والصدر الذي نجد فيه الأمان، يصبح أشواكًا تغرز بلا رحمة في الروح قبل الجسد؟
الانهيار والعجز... هذا ما تشعر به في تلك اللحظة. لا تستطيع تصديق ما لفظه لسانه أمامها الآن؛ يطلب منها أن تتنازل عن ردائها الواسع الفضفاض، حتى ترتدي تلك الملابس التي ترسم الجسد بطريقة ملفتة.
لا، وألف لا!
لن تفعل ما يطلبه منها هذا المعتوه، الذي من المفترض أن يكون دوره هو الحفاظ عليها من كل العيون.
تحدثت بقوة، رغم الخوف الذي تشعر به:
- "أنت عارف إن ده مش ممكن يحصل، مهما عملت."
رمقها بنظرة ساخرة، وهو يقترب منها بخطوات مدروسة جعلت قلبها يختلج بين ضلوعها من قربه، ذلك القرب الذي صارت تكرهه.
رفع هاتفه أمام وجهها، وعيونه تفترس ملامحها، في انتظار رد فعلها على ما سوف يعرضه عليها؛ ليشفي غليله منها، هي وأمها.
شهقت بقوة، وهي لا تصدق ما ترى!
كيف؟ ومتى حدث ذلك؟
لا يمكن أن يكون هذا شخصًا طبيعيًا!
كل شيء يؤكد أنه مريض...
من يصوّر أخته في تلك الهيئة ودون علمها، لكي يستغلها؟
ليس بشرًا، بل شيطان في هيئة إنسان!
لم تعد تستطيع الوقوف...
يكفي ما تراه الآن من خذلان، يهدّ جبلًا بلا رحمة، فما بالك بشخص مثلها؟
كان يتأمل معالمها التي تحولت إلى شيء لا يستطيع تحديده، لكنه في داخله كان مبسوطًا بدرجة كبيرة.
أمها أخذت جزءًا كبيرًا من قلب أبيه بعد وفاة أمه، وهي أخذت الباقي من قلبه منذ يوم ميلادها...
ومنذ ذلك اليوم، فقد هو حب واهتمام أبيه إلى الأبد.
زيّنت ملامحه ابتسامة عريضة، عندما وجدها فاقدة الوعي بين قدميه.
أردف بشماتة:
- "أنتي لسه شوفتي حاجة!"
*****
هناك في مكان آخر
وقف السائق بجوار السيارة في انتظار سيده.
وما إن رآه يقترب، حتى وقف باحترام وهو يعدل من هيئته.
ركب أمير ورامز في المقعد الخلفي، وتحرك السائق بهما، لكنه تنحنح بإحراج، مما دفع رامز لرفع عينيه نحوه متسائلًا:
- "خير يا فوزي؟ عايز تقول حاجة؟"
ابتلع فوزي ريقه، ثم تحدث بتردد:
- "فرح أختي كمان يومين... وكنت أتمنى حضراتكم تشرفونا. ده يبقى كرم كبير منكم."
تقابلت عيون أمير ورامز بنظرة سريعة، ثم قال رامز بابتسامة:
- "مبروك يا فوزي. بُكرة أردّ عليك.
لو فاضيين، مافيش مانع نحضر فرح شعبي من نفسنا،
ولو مافيش وقت، هاعرفك قبلها."
ابتسم فوزي بسعادة:
- "ده شرف كبير لينا، ووعد إنكم هتنبهروا من جو فرحنا!"
******
كانت ملامحها تنكمش، و تلين بطريقة مؤلمة.
حاولت فتح عينيها بصعوبة، لكنها ندمت أشد الندم حين اصطدمت صورته وهو ينحني عليها، بوجهه القبيح المبتسم.
ابتعدت عنه بجسد مرتجف، وسألته بتعب:
- "إزاي تعمل فيه كده؟!
أنا أختك... شرفك... إزاي تصورني وأنا...؟"
لكنها لم تستطع إكمال جملتها؛ لثقل لسانها وصعوبة ما تريد قوله.
ضحك بقوة، قائلاً:
- "يعني حرام لما يكون معايا كنز في البيت...
وأنا مش قادر أحقق كل أحلامي؟!
أحرم نفسي؟!
يرضيك الناس يقولوا على أخوكي عبيط؟"
أردفت بتقزز:
- "لا، يقولوا عليك مش راجل... و ديوث!"
هجم على عنقها بغضب، وهو يتحدث بحدة:
- "إتلَمي! أحسن ما أخليكي تحصلي أمك!"
قالت بضعف، وهي تحاول أن تحمي رقبتها:
- "أنا مش هاقولك أنت مش خايف من ربنا،
لأن اللي زيك ما يعرفوش ربنا...
أنت مش خايف من الناس؟ من الفضيحة؟
أنا أختك، يعني إنت كمان هتتفضح!"
ضحك مرة أخرى، لكن هذه المرة ببرود قاتل، وهو يقول:
- "مافيش فضيحة ولا حاجة...
ربنا يسامح أبويا، اللي جري ورا واحدة شمال، وخلف منها بنت شمال زيها."
صرخت في وجهه بانهيار:
- "اخرس!
اقطع لسانك ولسان أي حد يجيب سيرتها!
أمي دي أشرف منك... ومن مليون واحد من عينتك!"
اقترب منها بنظرة شرسة، مهددًا:
- "لو ما سمعتيش الكلام، و نفذتي اللي أطلبه... الفيديو هيطير!"
*******
دخل عليه يتحدث بغضب
"هو أنا لازم ألف وراك كده عشان أكلمك؟!"
ترك ما بيده، ورفع عينيه قائلاً:
- "خير يا هيثم؟"
جلس هيثم بجانبه وهو يقول:
- "جايلك في سبوبة حلوة... ليا وليك."
- "خير؟ إيه هي السبوبة؟"
- "عايزك يوم فرح شادي... تصور كام فيديو لـ شهد وهي بترقص."
نظر له بعدم فهم:
- "شهد مين؟!"
رد هيثم بضيق:
- "لا فوق معايا بقى! أومال الناس هنا بيقولوا عليك عبقري ليه؟ مش عشان بتفهمها وهي طايرة؟
شهد أختي!"
قال الآخر باستغراب وعدم تصديق:
- "شهد؟ اللي بتمشي لابسة شوال؟
ولا بترفع عنيها من الأرض؟
ولا بتسلم على رجالة؟ ترقص؟!"
رد هيثم ببرود:
- "مالكش فيه!
أنا عايزك في حاجة معيّنة وبس.
لما تعمل الفيديو...
عايز أشوفه، وتكلّم كام واحد من حبايبك اللي بيدفعوا!"
******
تسير كجسدٍ بلا روح.
تسبح في شيطان عقلها، ذاك الذي يُزيِّن لها أن الانتحار أهون من تنفيذ طلب أخيها.
ضائعة، مذبوحة، ممزقة... ماذا تفعل؟
هل تتعرى وتُلغي ذاتها؟
أم تُلغي حياتها وتُنهي معاناتها؟
لكنها... تخاف الله.
سمعت صوت أحدهم يُلقي السلام عليها.
لم ترفع عينيها لترى من المتحدث، لكنها عرفته من نبرة صوته.
فوزي، بتوتر ظاهر:
— "أخبارك إيه يا ست البنات؟ عاملة إيه؟
أنا كنت حابب أعرفك إنّي ناوي أطلب إيدك بعد فرح أختي، لو مش عندك مانع...
أنتِ عارفة إني مش برتاح مع أخوكي، ما تزعليش مني يعني."
ردت بعتاب هادئ:
— "هو ينفع توقفني كده في الطريق علشان تتكلم في حاجة زي دي؟
أظن ليا بيت، وليا أخ... تيجي تطلبني منه."
تحركت دون أن تنتظر منه أي رد، وتركته واقفًا في مكانه.
نظر إلى طيفها المغادر، حدّث نفسه بدهشة:
— "مش عارف... الملاك دي تبقى أخت شيطان زي هيثم إزاي؟!"
---
جاء اليوم المشؤوم.
قضت ليلتها في الصلاة والرجاء، تبتهل إلى الحي القيوم أن يرحمها، أن يُنقذها، أن يُبدّل قدرها.
هي مُقبلة على أمر،
خطأ واحد فيه كفيل بانهيار كل ما بنته في ماضيها، وكل ما تأمل فيه في مستقبلها.
من سيُصدق؟
من سيُصدق أن تلك الفتاة، التي تموت خجلًا، والتي تمسكّت بدينها لآخر لحظة، ستفعل هذا؟
الناس لن يرحموها...
سيلقبونها بأقبح الأوصاف، و سيتحول نقاؤها في أعينهم إلى سراب.
أفاقت من شرودها على صوت الباب، وقد فُتح دون حتى أن يُطرق.
ثم سمعت صافرة إعجاب جعلتها تنكمش على نفسها.
اقترب منها، ودار حولها بنظرات إعجاب حقيقية.
قال بوقاحة:
— "إيه يا بت الجمال ده كله؟ يخربيت كده!
عارفة... لو مكنتيش أختي، عمري ما كنت أسيبك لحد غيري أبدًا.
بس أعمل إيه؟ حظي بقى..."
نظرت إليه بدموع تتوسل، ورجاء يقطع القلب:
— "أرجوك يا هيثم...
بلاش تعمل فيه كده، حرام عليك.
أنا هاشتغل و أجيب اللي أنت عايزه، بس بلاش تفضحني بالطريقة دي."
جذب يدها بعنف، ونظر في وجهها قائلًا:
— "بطّلي عياط، عشان عايز عيونك الجميلة دي زي ما هي.
و حطّي شوية مكياج يشيل التعب ده."
قالت بقهر:
— "أنا إمتى استعملت حاجة من دي؟
هجيب مكياج منين؟"
زفر بضيق:
— "طيب، خلّيكي... هشوف عند مروة و أجي."
كاد أن يتحرك، لكنها أمسكت بيده، ثم انحنت عليها باكية، تقبّلها برجاء:
— "أبوس إيدك... بلاش!"
نفض يدها بغضب، وتركها خلفه في حالة من الحزن والألم، لا يُحتمل.
---
وقف فوزي بسعادة طاغية، يرحّب بأمير ورامز.
وهو غير مصدق حتي الآن موافقتهم علي دعوة فرح أخته في هذا المكان الشعبي جهّز لهما طاولة خاصة، تليق بمقامهما.
أما هما، فكانا يتأملان المشهد من حولهما برضا، فقد عشقا حياة السهر والرقص.
لكن هذه السهرة مختلفة...
هي في حي شعبي، وهم اعتادوا الأماكن الراقية، حيث الإضاءة الناعمة والهدوء المصنوع.
**
كانت خطواتها ثقيلة، لا تقوى على المشي،
بينما كان هيثم يسحبها خلفه كأنها شيء بلا روح.
لم ترفع عينيها من الأرض، لكنها كانت تشعر بكل العيون تراقبها.
نظرات فضول ولهفة كانت تلاحقها،
من هذه التي يسحبها هيثم؟
هو دائمًا مع مروة، وهي الآن تجلس أمامهم.
لم يتخيل فرد واحد من أهل الحارة أن تكون تلك شهد
شهد... لن ترتدي مثل هذه الملابس أبدًا!
********
يتبع
تكملة الرواية من هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا