القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثامن عشر 18 بقلم بتول عبد الرحمن حصريه

 

رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثامن عشر 18 بقلم بتول عبد الرحمن حصريه 






رواية استثنائيه في دائرة الرفض الفصل الثامن عشر 18 بقلم بتول عبد الرحمن حصريه 


فريده وقفت ببطء، وكل جسمها اتشد، وبصتله بذهول وهيا بتقول بصوت مهزوز

" بابا؟!" 

بصلها وابتسم

"إزيك يا فريدة؟"

إيناس بصت للأرض، ملامحها جامدة، كأن قلبها بيتشد ما بين وجع قديم وهدوء مصطنع.

صابرين لمّا استوعبت الموقف، قامت فورًا، وخدت خطوة ورا، بصت لإيناس وسألتها بصوت واطي

"ده جوزك؟!"

إيناس أومأت من غير ما ترفع عينيها.

صابرين بصّت لتيم وسالي وقالت

"يلا بينا يا ولاد نسيبهم دلوقتي... أكيد محتاجين يقعدوا سوا."

سالي وتيم قاموا وصابرين قالت لايناس 

"هكلمك، ماشي؟"

ايناس هزت راسها وصابرين مشيت ورا سالي وتيم اللي سبقوا

ابو فريده (هاني) ابتسم لفريده، وبهدوء مد إيده يسلم عليها،

"إزيك يا حبيبتي؟ وحشتيني."

فريده حضنته بسرعة، وهي لسه مش مصدقة إنه واقف قدامها.

لكن إيناس كانت ساكتة، ملامحها جامدة، مش قادرة تبصله.

فريدة كانت ملامحها متوترة، وعينيها رايحة جاية ما بين باباها ومامتها

الجو تقيل، كله ترقب وصمت مشحون… زي الهدنة اللي قبل العاصفة.

إيناس بصوت هادي لكن واضح فيه حيرة قالت

"رجعت ليه؟"

هاني خلع الجاكيت بهدوء، وحطه على طرف الكنبة، وقعد كأنه لسه صاحب المكان

"جيت علشان أسمع، مش أتكلم... إسلام قالي إنك عايزة تتطلقي."

فريده همست بصدمة

"إسلام؟!"

وفجأة، خطوات تقيلة نازلة من السلم، إسلام ظهر،

وقف جنب أمه، وصوته كان هادي، لكن واضح فيه الإصرار

"أنا اللي كلمته... علشان ماما محتاجة تاخد قرار،

ومينفعش القرار ده يتاخد وإنت مش موجود."

هاني بص لإيناس، نبرته ما بين التحدي والاستنكار

"يعني بعد السنين دي، قررتي فجأة إنك عايزة تتطلقي؟"

إيناس اتجمدت، الدهشة مغطية وشها

"أتطلق؟! انت اللي قولت كده؟"

إسلام رد وهو بيبص لأبوه بثبات

"أه... لأنك لازم تعيشي حياتك زيه، هو اختار حياته وانتي لازم تعملي زيه "

إيناس قالت بسرعة وبصوت فيه قهر

"إسلام، أنا قولتلك متفتحش الموضوع ده تاني."

إسلام قال وهو بيكتم غضبه

"بس حرام تفضلي عايشة كده."

هاني قام وقف، عينيه فيها نار، وبص لابنه وقال بحدة

"وانت ازاي تتدخل في حاجة زي دي؟ من إمتى الصغيرين بيتدخلوا في أمور الكبار؟"

إسلام رد بنبرة قوية

"لما أشوف الوضع ده قدامي، يبقى لازم أتدخل...

انت سيبتنا ومشيت، كمل جميلك وطلّقها وامشي!"

إيناس قالت بصوت عالي وهي بتبص لإسلام بدموع في عنيها

"إسلام، كفاية... كفايه، أنا مطلبتش منك تتدخل وتتكلم بدالي، أنا اللي عايشه... وأنا اللي هقرر، مش إنت، أنا اللي هتحمل النتيجة لوحدي."

إسلام حاول يفتح بُقه يرد، لكن قبل ما الكلمة تطلع،

إيناس قاطعته بنبرة حازمة وصوتها بدأ يعلى أكتر

"ولا كلمة! لو سمحت."

سادت لحظة صمت تقيلة...

هاني كان واقف، وشه مش باين عليه أي تأثر، لكن صوته جه حاد وواضح

"لازم نتكلم يا إيناس."

إيناس وقفت بثبات، وعينيها فيها تحدي 

"مفيش كلام بينا، معنديش كلام أقوله ليك،

إحنا معادش بينا لا كلام... ولا حياة، اللي بيربط بينا ولادك وبس، غير كده انسى إن ليك زوجة وحَتى لو مطلقتنيش رسمي، أنا بعتبر نفسي مطلقه اصلا ومش فارقه معايا، وياريت ترجع مكان ما جيت،عشان ملكش مكان هنا."

هاني لف ناحيّة فريدة، ونبرته أخدت لهجة شبه آمرة

"فريدة، معلش يا بابا... ممكن تسيبينا لوحدنا، إنتي وأخوكي؟"

لكن قبل ما فريدة تتحرك، إيناس رفعت إيدها وقالت بحسم أكتر

"لو في حاجة هتتقال، يبقى قدامهم... قولتلك مفيش بينا كلام."

هاني عضّ على شفايفه، لفّ بعينه ناحيّة فريدة تاني، وقال بنبرة هادية بس ضاغطة

"يلا يا بابا..."

فريدة بصّت لمامتها لحظة، وبعدين هزت راسها بخفة، وشدّت إيد إسلام اللي كان واقف زي التمثال، رافض يسيب أمه لوحدها.

"يلا يا إسلام…"

قالتها بهمس وهي بتسحبه براحه

إسلام بصّ لأمه، وبعدين لأبوه…

بس في الآخر مشي معاها.


هاني وقف في نص الصالة، عينيه عليها، لكن ملامحه  جامده وقال بهدوء 

"أنا عارف إنك موجوعة... ويمكن شايفة إنك بتنتقمي لما ترفضي حتى تسمعيني، بس اللي بينا عمره ما كان بسيط، ومينفعش ينتهي بصمتك ده."

إيناس ردت بنبرة باردة

"اللي بينا انتهى من زمان، من أول ما قررت تكون لحد تاني، وسبتني أواجه الدنيا لوحدي."

هاني قال وهو بيقرب خطوة

"أنا مكنتش ناوي أبعد، كنت بس... بدور على فرصة، على استقرار، على أمان."

ضحكت إيناس ضحكة قصيرة وموجوعة

"فرصة؟

سفرك ده كان فرصة؟

وجوازك من غيري كان أمان؟

ياريت تسكت احسن، كلامك بيجيب مشاكل اكتر"

سكت... بس ملامحه اتشدت، كملت بوجع اكتر

" معرفش اي اللي جابك اصلا وبعد ايه، كنت مستنياك بس ده من زمان، دلوقتي خلاص انت اتنسيت"

هاني رفع عينه، ونبرة صوته اتبدلت

"أنا غلطت عارف بس أنا جيت أرمم، مش أهد."

إيناس ردت بنبرة حاسمة"

"أنا اللي اتهديت،

سنين وأنا بسأل نفسي...

أنا ناقصة إيه؟

كنت مراتك، وأم ولادك، وسندك...

وفي الآخر اخترت تبعد،

تبني بيت تاني بعيد عننا."

سكتت لحظة، وختمت

"البيت ده اتكسر... وأنا رممته لوحدي.

فـمتجيش دلوقتي تقولي برمم، لو فاكر اني لسه البنت الضعيفه اللي كانت مبتقدرش تبعد عنك تبقى غلطان، انا اتعلمت دروس كتير قوي وبقيت اعيش من غيرك خلاص"

هاني قرب خطوة، بس صوتها وقفه

"خطوة كمان وهتفقد آخر ذرة احترام فضلتلك جوايا"

سكت، معندوش حاجه يقولها، أو لو اتكلم هيزود الطين بَله 

إيناس وقفت في وشه، كلامها كان ثابت

قالتله بصوت واضح وقاطع

"ياريت ترجع مطرح ما كنت... علشان مبقاش ليك مكان هنا، لو طلقتني، تكون شاكر، ولو مش ناوي، يبقى اتفضل، وأنا قولتلك قبل كده...أنا اعتبرت نفسي مطلقة من زمان."

لف وشه لحظة، حاول يخبي مشاعره، رجع يبصلها وهو بيقول بنبرة واطيه بس فيها وجع

"يعني خلاص؟

كل اللي بينا انتهى كده؟"

إيناس ردت بقوه

"انتهى من يوم ما قررت تختار غيري، بعد ما قولتلك مش مهم تسافر وخليك معانا وانا كنت حاسه انك مش هترجعلي تاني، وده اللي حصل فعلا، قولتلك أيامها انا بستقوى بوجودك بس قولتلي الشغل، روح لشغلك يلا وكمل حياتك زي ما كنت، أنا عشت كل لحظة فاتت لوحدي، واقدر اعيش اللي جاي كمان لوحدي، اتمني تكون دي اخر مره اشوفك فيها"

قالت كلامها وانسحبت من قدامه، كانت ماشيه بخطوات سريعة، وهي طالعة السلم، لمحت فريدة وإسلام واقفين على الجنب، سامعين كل كلمة، ملامحهم مصدومه، بس ساكتين

بصتلهم لحظة، وكملت لأوضتها، ولما وصلت لباب أوضتها… فتحته بسرعة، ورزعته وراها بكل القوة اللي جواها

فريدة راحت وراها وفتحِت الباب بحذر ودخلت بهدوء، لقتها قاعدة على طرف السرير، ضهرها ليها، وكتفها بيتهز من عياطها.

فريدة قربت، قعدت جنبها من غير كلام، بس بهدوء 

مدت إيدها بهدوء ولمست كفها، وقالت بنبرة دافية

"ماما"

إيناس مسحت دموعها بسرعة، كأنها مش عايزة تتشاف ضعيفة، وقالت بصوت مبحوح

"أنا كويسة يا فريدة... روحي انتي."

فريدة شدت على إيدها وقالت وهي بتحاول تبص في عينيها

"لا مش هسيبك...مش وإنتي كده، أنا مش صغيرة يا ماما...أنا شايفة وسامعة، وبفهم، بس طول عمري سايبة ليكي القرار، علشان عارفة إنك بتستحملي أكتر من اللي يستحمله أي حد."

إيناس بصتلها أخيرًا، بعين فيها ألم سنين، وقالت بصوت مهزوز

"هو كسرني يا فريدة، أنا استنيته سنين، مش شهور،

كنت بقول هيرجع، هيفهم، هيفتكرنا، بس رجع بإيده فاضية وقلب مش لينا."

فريدة حطت راسها على ركبتها، وقالت بصوت واطي

"وانتي تستاهلي قلبك يتحب مش يتكسر، بس صدقيني، إحنا معاكي، أنا وإسلام، وإنتي أقوى من كده بكتير."

لحظة صمت عدت، وإيناس مسكت إيد بنتها بقوة، كأنها بتاخد منها أمان كانت محتاجاه من زمان، وهمست

"أنا خلصت اللي جوايا من ناحيته، ومش ناوية أرجع، حتى لو فضل اسمي على اسمه."

فريده سكتت لحظه وبعدين قالت

" اطلبي منه يطلقك لو ده هيريحك، واحنا معاكي، معاكي في أي حاجه"

إيناس ضمت فريدة ليها، حضن طويل، دافي، مليان كسر ووجع وحب.

كانت بتعيط، بس عياط هادي وقالت بصوت مبحوح 

"أنا تعبت يا فريدة، أنا تعبت أوي."

فريدة قالت بصوت ثابت

"وأنا معاكي يا ماما، مش هسيبك لوحدك أبدا."


تحت في الصالون

هاني كان واقف، بيبص قدامه بشرود، بس من جواه كان بركان.

إسلام نزل من فوق، خطواته سريعة، ومفيهاش أي احترام.

وقف قدامه وقال بنبرة فيها احتقار واضح

"مش شايف إنك خلصت دورك هنا؟

مش شايف إنك جيت في وقت محدش عايزك فيه؟"

هاني بصله بحدة، لكنه سكت، مستني يسمع اللي في قلبه، بس إسلام مسكتش، كمل بنبرة تقيلة

"أنا شفت أمي بتتكسر حرفيًا قدامي...كل يوم بسببك."

قرب خطوة وكمل بتهكم واضح

"سنين طويلة واحنا بنتلمّ ونتفرّق، وهي مستنياك،

وانت؟

جيت دلوقتي، بعد ما بنيتلك حياة تانية، وافتكرت إنك ممكن تدخل هنا كأنك لسه الراجل اللي ليه احترامه."

هاني قال بنبرة جافة

"أنا أبوك، وده بيتي."

إسلام رد بسرعة وسخريه

"أبويا؟ لاء طبعا، أبويا الحقيقي مات أول ما قرر يسيب أمي ويتجوز غيرها، واللي يسيب مراته وولاده ويمشي، ميستحقش يكون اسمه أب."

هاني بصله بحدة وقال

"كبرت ونسيت نفسك، إنت بتكلمني أنا كده؟"

إسلام ضحك بسخرية وكمل

"أنا فاكر نفسي كويس جدًا، فاكرني وأنا صغير بسأل على أب مش موجود، فاكر أمي وهي بتخبّي دموعها علشان تضحكلنا، فاكرك... بس وأنت مش هنا."

قرب منه أكتر وقال بصوت ثابت

"فلو عندك شوية دم، طلقها وارجع لحياتك،

وافتكر إنك عمرك ما كنت جزء من حياتنا."

سابه وطلع من غير ما يستنى رد.

وهاني فضل واقف مكانه، متجمد، مكنش متوقع الهجوم ده، بس مش هييأس، هيحاول مره اخيره


عند سالي

كانت قاعدة جنب تيم، بتتكلم وهي باينة عليها القلق

"فريدة حالتها مش أحسن الأيام دي، أنا ملاحظة من فترة إنها متضايقة بس مش بتبين... يمكن يكون في مشكله بين مامتها و باباها"

تيم بصّلها بس مردش، سالي كملت وهي بتقوله

"رصيدي خلص، ممكن اكلمها من فونك؟!"

تيم بصّلها لحظة، وبعدين اداها الموبايل من غير ما يقول أي كلمه 

سالي بسرعة كتبت رقم فريدة واتصلت، فضلت ترن، بس فريدة مردتش.

ادته الفون وهيا بتقول

"مردتش... شكلها مشغولة، خلاص هبقى أكلمها بعدين"

فضل تيم ماسك الموبايل، عينه ثابتة على الرقم اللي ظاهر قدامه، متشتت، بيفكر، هل يمسح الرقم، ولا يسيبه؟

حس إنه مش قادر يمسحه، لقى نفسه بيسجل الرقم عنده، بص للاسم بعد ما اتحفظ، وقفل الموبايل بسرعة.


عند ايناس

فريده خرجت بعد ما ايناس طلبت منها تسيبها لوحدها شويه، وبعد شويه رن موبايل إيناس، كان اسم صابرين ظاهر على الشاشة، اترددت لحظة قبل ما ترد، صوتها كان باين فيه التعب وهي بتقول

"ألو؟"

صابرين كان صوتها قلقان وقالت

"إيناس، إيه اللي حصل؟ إنتي كويسة؟"

إيناس سكتت ثواني، وبصت قدامها بشرود قبل ما تقول بصوت هادي

"معرفش... معرفش أنا جبت القوة دي منين، لقيت نفسي بتكلم وبتكلم، مش قادرة أسكت، مش قادرة أتحمل أكتر."

صابرين قالت بهدوء

"دي مش قوة جديدة، دي كانت جواكي من زمان، بس إنتي كنتي خايفة تظهريها علشان فريده واسلام" 

إيناس قالت بصوت متقطع

"أنا حتى مش عارفة قلت إيه ولا إزاي... كل اللي كنت حاسة بيه خرج مني، لقيت نفسي بقول إني خلاص، مش عايزة أعيش معاه ابدا"

صابرين قالت

"عملتي الصح، محدش يستاهل يعيش مكسور يا إيناس، حتى لو علشان العيال، هما محتاجين يشوفوكي واقفة، مش ضعيفة."

إيناس قالت وهي بتاخد نفس عميق

"بس خايفة يا صابرين... خايفة أكون بضيّع استقرارهم لو طلقني"

صابرين ردت بسرعة

"انتي مش بتضيعي استقرارهم، انتي بتحمي نفسك وبتحميهم من حياة كلها كسر وقهر... اللي عملتيه ده قوة مش ضعف."

إيناس فضلت ساكتة لحظة وقالت

"أنا مش هرجع في كلامي خلاص... حتى لو النتيجة إيه."

صابرين قالت بنبرة داعمة

"وأنا معاكي، لو احتجتي أي حاجة، أنا معاكي."

إيناس قفلت المكالمة، وقعدت على طرف السرير، عينيها فيها دموع لكنها حست وكأن حِمل تقيل كان على قلبها واتشال.


تاني يوم، فريدة خرجت من اوضتها، بصّت على باب أوضة مامتها، اترددت تخبط عليها، لكن اتراجعت، وقالت لنفسها بصوت واطي "خليها ترتاح..."

نزلت بخطوات هادية، عينيها مجهدة من قلة النوم، ولما نزلت شافت هاني قاعد، كان ماسك فنجان قهوة، وبصلها أول ما شافها.

قال بصوت هادي

"صباح الخير يا فريدة."

ردت وهي واقفة

"صباح الخير."

شاور على الكرسي اللي قدامه

"تعالي اقعدي معايا شوية."

اترددت لحظة، وبعدين مشيت وقعدت قدامه، ملامحها جادة.

هاني شرب من القهوة وقال

"إيه الأخبار هنا؟... عاملين إيه؟"

ردت فريدة بنبرة جافة بس فيها احترام

"تمام... كله ماشي."

هاني بصّلها شوية وقال

"مامتك... عاملة إيه؟"

اتشدت ملامحها شوية، وقالت وهي بتبص ناحية الأرض

"كويسة... او بتحاول"

فضل ساكت لحظه وبعدين قال

"وإسلام؟"

ردت وهي بتتنهد

"كلنا بخير وعايشين عادي"

هاني حرك راسه ببطء، وقال بنبرة فيها محاولة للتقرب

"فريدة... أنا عارف إني قصّرت كتير... وعارف إن وجودي مش سهل عليكم."

رفعت عينيها وبصتله وقالت بهدوء

"إحنا اتعودنا يا بابا... وبنتعامل."

كلمة "بابا" خرجت منها بصعوبة، لكنها قالتها، وبان في عينيها لمعة سريعة.

هاني ابتسم ابتسامة باهتة

"أنا مقدّر اللي مامتك شالته طول السنين دي... ومقدّر إنكوا كبرتوا لوحدكوا."

فريدة سكتت، مش عارفة ترد، لكنها اكتفت بهزة راس بسيطة.

قال بعد لحظة

"أنا... مش جاي أزعلكم، ولا أعكّر عليكم حياتكم... أنا بس جيت..."

قاطعت كلامه بسرعة "عارفة."

سكتت لحظة، وبصتله وقالت بنبرة فيها حنية ضعيفة وسط الجفاء

"بس ياريت متوجعهاش تاني... بلاش... كفايه"

بصّلها وهو بيحاول يبتسم وقال

"هحاول يا فريدة... هحاول"

فضل يبصلها، شايف قد إيه كبرت واتغيرت.

عدل قعدته، بص لفنجان القهوة اللي في إيده، وقال بنبرة هادية

"زمان... كنتِ لما بشوفك بعد السفر، بتجري عليّا... دلوقتي حتى الكلام بينا بقا قليل"

فريدة بصتله، ملامحها ثابتة، بس في لمعة حزن في عينيها

"كبرنا."

ابتسم ابتسامة صغيرة باهتة

"آه... كبرتوا فعلاً."

سكت لحظة وقال 

"بس أنا مهما حصل... أبوكوا."

فريدة قالت بصوت واطي

"عارفة."

رجع يبصلها وقال

"إنتِ شايفة إيه يا فريدة؟ شايفة الوضع إزاي؟"

سكتت شوية، وكأنها بتختار كلامها، وقالت بهدوء 

"إحنا... اتعودنا نعيش من غيرك... اتعودنا إن كل واحد فينا يشيل نفسه... وماما دايما معانا وساندانا"

سألها

"وأنا؟"

ردت بعد تردد

"إنت... كنت بعيد... وأوقات البُعد بيكون أريح من القرب... حتى لو القرب ده من أغلى الناس."

اتشدت ملامحه وقال

"أريح؟"

هزت راسها بهدوء

"أيوه... أريح."

فضل ساكت شوية، ففريدة قالت بنبرة فيها حنية لكنها حازمه

"بصراحة يا بابا... ماما كانت قوية جدًا علشان تكمّل... يمكن لو في راحة ليها دلوقتي... تكون إن كل واحد يعرف مكانه الحقيقي في حياتها."

قال بحدة خافتة

"تقصدي إيه يا فريدة؟"

ردت وهي بتحاول تخلي صوتها ثابت 

"مفيش قصد... بس أوقات الحل بيكون في البُعد... حتى لو البُعد ده صعب، بس انا عارفه أنه مش صعب ابدا عليك"

اتنهد هاني ومرر إيده على وشه وقال

"يعني شايفة إن الانسحاب أحسن؟"

فريدة بصتله وقالت

"لو الحل ده هيريّح الكل... يبقى أيوه."

فضل باصص لها لحظة، وشاف في عينيها خوف وحب وحزن وقال "متغيرتيش... لسه قلبك طيب."

قالت بسرعة

"أنا مش عايزة أشوف ماما موجوعة تاني."

فضل ساكت، بصلها، وقال بهدوء 

"أنا همشي، بس هحاول محاوله اخيره"

فريدة سكتت شويه وبعدين بصتله وسألت بنبرة هادية فيها تردد

"هتطلقها؟"

هاني رفع عينه ليها وقال

"انتي شايفة إيه يا فريدة؟"

سكتت فريدة شويه، وبصت ناحية الأرض، وأفكارها بتلف بسرعة في دماغها...

لو مامتها اتطلقت، ساعتها هيكون في فرصه تتجوز علي، لكن لو مامتها لسه على ذمة باباها، محدش هيقدر يفتح الموضوع، وهيكون كده اتقفل نهائيا، خاصة أن باباها لو مشي مش هيرجع تاني.

رفعت عينيها بعد تردد، وقالت بنبرة هادية، بس جواها صوت بيحارب

"شايفة... إنك متطلقهاش."

هاني بصّلها، مستني تكمل، فقالت

"على الأقل... طول عمرنا قدام الناس... بنقول إنك مسافر شغل، وإنك سايبنا علشان ظروف السفر وشغلك... مش إنك سايبنا عدم تحمل مسؤوليه... كده بيكون شكلنا وشكلك أحسن قدام الناس، وقدام نفسنا."

سكتت لحظة وكملت

"وكده... على الأقل ماما هتفضل معانا، ومحدش هيتدخل في حياتها."

هاني بصلها بصه طويلة، وقال بهدوء

"يعني شايفة إن وجودي كزوج، حتى لو بعيد... أحسن."

هزت فريدة راسها وقالت

"أيوه... أريح للكل."

رجع يبص لفنجانه، وحس إن اللي بينه وبينهم انتهى، حتى لو اسمه هيفضل في البطاقة... بس هو خلاص بقي ضيف في حياتهم، ومش هياخد مكانه أكبر من كده.


على اخر النهار فريده كانت في شغلها، بتراجع ملف في أيديها، رنّ تليفون الاستقبال الداخلي، ردّت فريدة بسرعة وهي مركزه في الورق اللي قدامها

"أيوه، فريدة معاك."

صوت موظف الاستقبال جه واضح

"فريدة، في حالة هنا، محتاجينك تيجي فورًا."

فريدة قالت بسرعة وهي مشغولة

"معلش، أنا مشغولة دلوقتي، هبعت أي حد من زمايلي."

سكت لحظة وقال

"مش هينفع... الشخص اللي مستني قال إنه مش هيكشف غير معاكي، طالبك بالاسم."

رفعت فريدة وشها ببطء، عينيها لمعت باستغراب، وقلبها دق بسرعة، سابت الورق من إيدها، وقامت بخطوات ثابتة وهي بتسأل نفسها

" مين اللي ممكن يطلبها بالاسم؟ وليه؟"

خرجت من القسم، ودخلت الاوضه اللي الشخص ده فيها وشافته

يتبع.....

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع