القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الحادى وعشرون بقلم شروق مصطفى حصريه



رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الحادى وعشرون بقلم شروق مصطفى حصريه 




رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الحادى وعشرون بقلم شروق مصطفى حصريه 




21جمر الجليد الجزء الثالث حصري بقلم شروق مصطفى



جمر الجليد الجزء الثالث حصري بقلم شروق مصطفى الفصل الواحد والعشرون


غادر معتز غرفة عاصم قبل أن يباغته بأي سؤال آخر لم يكن مستعدًا للإجابة عليه في تلك اللحظة. خرج من المكان بأكمله، مختنقًا، متوجهًا إلى الفندق، حيث ارتمى على الفراش واضعًا يديه فوق رأسه، يضغط عليه بقوة، كاتمًا ذلك الألم الذي يعصف بكيانه. دسّ رأسه تحت الوسادة، صارخًا بصمت، يحاول كتم وجعه النفسي والبدني، لكن وجع قلبه لم يهدأ بعد. تأوّه بشدة:


“آااااااه…”


ظلّ لفترة يكتم آلامه، خشية أن يسمعه أحد من الخارج. وبعد قليل، هدأ، وألقى الوسادة جانبًا، فيما دموعه علِقت بين عينيه لأول مرة ينهار أمام أحد، وتُفضَح هشاشته أمامهم، وهو الذي اعتاد الأبتعاد عن الجميع. حتى عمّن ملكت قلبه. احترق بنار البعد، حتى تكرهه، حتى لا تراه ضعيفًا… ليأخذه الموت معه.


تحامل على نفسه، وقلبه ينزف ألمًا كلما نظر في عينيها، فرأى فيهما الكُره يتغلغل. كان يسعى لأن تبغضه وتبتعد عنه، لكنها كانت تقترب أكثر، حتى تسلّل الشك إلى داخلها. وسمعت ما لم ترغب أي امرأة أن تسمعه يومًا.


حين شعر بها تستيقظ منتصف الليل، سارع إلى الاتصال بشخص ما، مرددًا بعض الأقاويل الكاذبة. حتى رآها تنهار، وصدقَت ما سمعت. لكنه لم يكتفِ بذلك، بل ظل يجلد نفسه، يلعن لسانه حين أهانها، ويده التي امتدّت عليها يومًا.


أفاق من ذكرياته محطَّمًا كل شيء حوله، ثم أبصرها أمام مرآته، تحدّق إليه بابتسامة ساخرة متهكمة. للحظة، توهّم أنها أمامه حقًا. انفجر باكيًا، متوسلًا أن تسامحه على ظلمه لها:


ما تضحكيش… عارف إنك موجوعة زيي ويمكن أكتر… سبتك وعارف إني خسرتك، بس أنا بحبك. عارف إني ضيعتك من إيدي… لكن غصب عني، من كتر حبي ليكي، كان لازم أضحي بيكي عشان تعرفي تعيشي من غيري. كان لازم أعملك كده وتكرهيني… سامحيني يا مي…”


ظل يتأوّه ويبكي، مفترشًا الأرض، يبكي بانهيار. لم تكن المرة الأولى التي تنهار فيها حصونه الصلبة أمام نفسه. لطالما كان يجلد ذاته منذ فُراقهم حتى اليوم. يشاهد صورهما، وذكريات حبهما تنمو يومًا بعد يوم، حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي قلب حياته رأسًا على عقب اكتشاف مرضه، وابتعاده عن أحبابه رويدًا رويدًا.


رغم كل محاولاته السابقة، فشل في نسيانها. أقدم على أفعال بغيضة، ليدفعهم إلى النفور منه والابتعاد، وقد كان له ما أراد. مثّل دور الإنسان اللاهي، يلهو ويشرب، ويتردد على الملاهي الليلية، يصاحب النساء من كل صنف ولون، حتى تنتشر تلك الأخبار بينهم. لكن حين يختلي بنفسه، يغدو حطامًا داخليًا، يحترق بنار الشوق والحنين لمن أحبهم.


في إحدى الليالي، وبينما كان يجلس كعادته في الملهى، ومن حوله من يصفّق ويضحك، جلس يتصنع السُّكر، حتى صُدم بوجود أخيه إلى جواره. حاول التمثيل، لكنه لم يقوَ على الاستمرار. كانت المرة الأولى التي يراه فيها في تلك الحالة الغريبة… لم يستطع المواصلة، وأدرك في النهاية أنه الخاسر الوحيد… بخسارته لسنده الوحيد.


نهض بتكاسل، متحاملًا على نفسه، عندما استمع إلى رنين هاتفه. وجده “وليد”، فحاول إخراج صوته بنبرة طبيعية حتى لا يثير شكّه:


– أنا في الفندق، بريح شوية… آسف مشيت من غير ما أقول لحد… لا، هغير هدومي وأجي لكم تاني.


ردّ عليه الآخر بنبرة مطمئنة:


– “لا، كويس، مفيش حاجة… نص ساعة وهكون عندكم، سلام.”


أغلق الهاتف، وجلس على الفراش منهكًا، ثم تناول بعض المسكنات، ولم يشعر بنفسه بعد ذلك… غلبه النعاس من شدة الإرهاق.


مرّ يومان، ثم عاد الجميع إلى القاهرة. حاولت “سيلا” أن تذهب إلى صديقتها، لكن “عاصم” رفض ذلك رفضًا قاطعًا، هاتفًا إليها:


– “بلاش يا سيلا… ما تدخليش بينهم. ممكن هو لو كان عاوز يقول لها حاجة، كان قال من الأول. إنما هو مجابش سيرتها خالص، يبقى نحترم رغبته… يمكن مش عاوزها تشوفه وهو ضعيف، هو بيفكر كده. وما تعرفيش رد فعلها هي كمان… ما تغلطيش الدنيا دلوقتي، استني نشوف هنعمل إيه.”


تطلعت إليه بصدمة مما سمعت، وقالت بانفعال:


– “إنت بنفسك بتقول كده يا عاصم؟! إنت نفسك ماسبتنيش وقت مرضي… الموضوع ده بيفرق جدًا ليه وليّا! معقول نسيت؟!”


نظر إليها مطولًا، ثم تحدث بنبرة هادئة:


– “يا حبيبتي، حالة معتز غيرك خاالص. ليه تربطي ده بده؟ إحنا كنا متجوزين… معتز منفصل عن مي، يعني مش في حكمه. في فرق كبير يا ماما. عارف طبعًا إنه بيفرق، لو كانت لسه على ذمته. لكن هو ضيّع الحق ده بغبائه وتسرّعه، وهييجي اليوم اللي يندم فيه على كده… بس مش عاوز أسبق الأحداث. يقوم لنا بالسلامة الأول، وبعدين نشوف هنتصرف إزاي، أو نصالحهم إزاي.”


بتردد، قالت:


– “ط… طيب، نفهمها حتى حالته؟ هو أكيد ده السبب في انفصالهم، لإنها حاسة إنها مظلومة و…”


كادت أن تخبره بما حدث وكيف تعرّضت مي للظلم، لكنه قاطعها وهو يهزّ رأسه بيأس من عنادها:


– يا ماما، سيبيهم. هو لو عاوز، في مليون طريقة يوصّلها، ويقولها بنفسه… لما يطلب منك هو، ماشي؟ خلينا نجهز نفسنا، وأعمل اتصالاتي، ونتوكل على الله بعدها.


….

على الجهة الأخرى، وجدت رسالة من “مهاب” يطمئن فيها عليها. ابتسمت بسخرية، ثم قامت بحظره وكسرت تلك الشريحة أيضًا. كانت تلوم نفسها، وتجلدها على انجرافها في تلك العلاقة العابرة، نادمة على تواصلها معه، وقد ظنّت لوهلة أن تلك الطريقة قد تساعدها على نسيانه واستعادة ثقتها بنفسها. نعتت نفسها على غبائها، وهي تدرك أنها لم تكن سوى محاولة يائسة للهروب من ألمها الحقيقي.


أنهت عملها، ثم توجّهت إلى موعد جلستها. وبعد تبادل التحية، جلست في مكانها المعتاد. تطلع إليها الطبيب، وقال:


– “ها… وصلنا لفين آخر مرة؟”


نظر إلى الورقة التي يسجّل فيها ملاحظاته، وأردف:


– آه، لحد ما عرفتي إنه بيخونك… كمّلي.


صمتت قليلًا، أغمضت عينيها، ثم فتحتهما وهي تستعدّ للحديث:


– وقت ما سمعت صدفة… وطول ما هو قاعد ماكنش بيسيب تليفونه من إيده. مرّة نام وراح في النوم، اتسحبت واخدت التليفون ببصمة إيده، وفتّشت بسرعة قبل ما يصحى. وكانت المفاجأة إني لاقيت شاتات كتير بينه وبين واحدة… وكلام بينهم حب وغرام ومستني يوم اللي اللي…


لم تنسَ… لم يكن مجرد مشهد عابر أو كلمة تُنسى بمرور الوقت. بل حُفرت تلك العبارة في أعماقها كندبة لا تشفى، تذكّرتها الآن كما لو كانت تُقرأ أمامها من جديد، بنفس التفاصيل، بنفس الوجع.


كانت تلك الجملة، المدوّنة على شاشة هاتفه، كصفعة باردة “اليوم اللي هيبعد عنّي ويسيبني، هيكون معاكي’


انهمرت دموعها، وانهارت عند تذكّرها لتلك الجملة. لم تحتج لتفسير أو توضيح… المعنى كان واضحًا حدَّ الألم. أغلقت الهاتف وأعادته إلى جواره بصمت. في تلك اللحظة اتخذت قرارها… نهاية ما بينهما قد كُتبت، حتى إن لم تُنطق بعد.


لم تُمهَل. لم تُتح لها فرصة المواجهة.

لم تمر سوى لحظات، حتى بدأ رقمٌ غريب يطاردها برسائل مبهمة. لم تردّ، لم تُجبه، فقط كانت تقرأ الرسائل وتُسارع بالحظر، وقلبها يخفق بشيء لم تفهمه، وغضبها ينفجر في صمت…

وكل شيء فيها كان يتهاوى دون أن تنبس بكلمة.


ظلت تتحدث بتيهٍ وتردد ورهبة في آنٍ واحد:

– ك… كان يوميًا بيبعتلي، إنه عاوز يتعرف ويكون صديق. كنت بقرأ رسالته، وكل مرة بحظره… معرفش، ألاقيه يكلّمني من رقم جديد ومصمِّم!

لاقيت فجأة معتز مسك تليفوني، وبيّتْهمني… إني أنا خ… خاينة! أنا… أنا… م… مِش خاينة! والله ما خاينة! أ… أنا…


ولمّا لاحظ مازن تدهور حالتها، تدخّل بهدوء قائلًا:

– ممكن نوقّف، نشرب حاجة ونكمّل، أوكيه؟


هزّت رأسها موافِقة، فطلب لها مشروبًا يهدّئ أعصابها. تناولته ببطء، ثم عادت تنظر إلى الضوء الخافت في الغرفة، وعادت إلى استرخاءها المؤقت، حتى قال لها مازن بنبرة هادئة:

– لو مش قادرة، نخلّيها للجلسة الجاية.


هزّت رأسها بالنفي، وأجابت بإصرار:

– أنا نفسي أخرج اللي جوايا… يمكن أرتاح، ولو بسيط.


سجّل مازن ملاحظات سريعة في دفتره، ثم قال لها بصوت منخفض مشجع:

– كمّلي…


عادت بذاكرتها إلى الوراء، إلى ذلك اليوم المشؤوم…


في الصباح، استيقظت على صوت أزعجها. تململت من نومها، ونهضت بتأفف؛ فلم تنم بشكل طبيعي بسبب الكوابيس المزعجة.

أمسكت هاتفها، تتفقده بعد أن صدرت منه نغمة تنبيه لرسالة جديدة، من نفس الشخص:


“معاكي إنك ماترديش… بس أنا محتاجك معايا جدًا. لو هتعرّفيني، تتأكدي بجد إني صديق… قبل ما يكون في حاجة.”


أغلقت الهاتف، ولم ترد. ثم عادت إلى النوم مرةً أخرى.


لكنّه لم يتركها في حالها… حتى في منتصف اليوم.


عند الظهيرة، كانت تعد بعض الأشياء، وداخلها نيّة حاسمة بأن تترك له المنزل بأكمله ليشبع به. ثم تفاجأت مجددًا بصوت رسالة.

ذهبت إلى غرفتها، أمسكت بهاتفها، وفي داخلها رغبة بأن تلقّنه درسًا قاسيًا. كادت أن تقرأ الرسالة وتكتب ردًّا، لكنّ ما لم يكن في الحسبان حدث…


خُطف الهاتف من يدها فجأة!


قرأت ما قرأته، وهي لا تفهم شيئًا مما يحدث.

كل شيء وقع بسرعة، كأن الزمن انفلت من بين يديها، وتحول المشهد في لحظة إلى كابوسٍ لا سبيل للهرب منه.


لم تصدّق ما يحدث، حتى أفاقت على أول صفعة تهوي على وجهها.

كانت المرة الأولى التي يمدّ بها يده عليها.

انهال عليها ضربًا متتاليًا بالأقلام، وانفجرت الشتائم تباعًا، فيما ازدادت عصبيته كلما صمتت، فقبض على شعرها وجرّها بعنف وهو يصرخ بجنون:


– آه! تستغليني وأنا عاجز؟ وانتي مقضياها صُحوبية هنا؟ يا خاينة! يا فاجرة! بتكلمي رجالة كمان وانتي ست متجوزة؟!

وعاملة نفسك بتحبيني وبتساعديني؟!

مش بعيد بتمسحي الشات أول بأول علشان ماشكّش فيكي! حقيرة!


لم يترك لها فرصة للدفاع عن نفسها، لم تجد لحظة تشرح له فيها ما حدث؛ فقد انتهى زمن التبرير والعتاب.


أيقنت في تلك اللحظة أن النهاية قد حلّت، ولكنها كانت نهاية قاسية ومهينة.

كانت تظن أنها إن قررت الرحيل، ستغادر بكامل كرامتها، لكنها وجدت نفسها تُطرد من حياته ذليلة، مكسورة، مجروحة في شرفها، وهو يجرّها من شعرها خارج المنزل كأنها لا شيء.


فقدت القدرة على الكلام، شُلّ لسانها، وجمدت عيناها في نظرات صامتة تودّع بها المكان.

نظرت حولها نظرة الوداع الأخيرة… كل زاوية في المنزل حفظتها عن ظهر قلب.

كل ركن فيه كان يحمل ذكرى، أو ضحكة، أو كلمة، أو لحظة دفء…

لكنها غادرته بلا رجعة، مظلومة، مطعونة، تحمل على عاتقها وصمة لم ترتكبها، وجرحًا لا يندمل.


استلمت ورقة طلاقها، وفي اللحظة ذاتها، انهارت كل حصونها التي بنتها بصبر ووجع.

حينها فقط، أدركت أنها ليست في حلم، بل كابوس ثقيل تجسّد واقعًا مؤلمًا لا فكاك منه.

خارت قواها، وأصبحت قدماها كالهلام، فسقطت أرضًا، وقد أحاطها السواد من كل جانب، كأن الحياة انسحبت منها دفعة واحدة.

رفضت كل شيء، رفضت العالم، ورفضت أن تستمر.

حتى أفاقت بعد ذلك على سرير في المشفى…

كانت والدتها إلى جوارها، تطيب خاطرها بكلماتٍ مرتجفة، وأخيها، سندها الحقيقي، ممسكًا بيدها في صمتٍ ثقيلٍ مليء بالعجز والحب.


وبعدها… سافرت، ابتعدت عن كل ما يؤلمها، عن الأماكن، عن الذكريات، عن نفسها القديمة.

لم تعد إلا بعد مرور ستة أشهر من جرحٍ لم يلتئم بعد… لا يزال ينزف.


– مي… مي، كفاية النهارده كده، فوقي يا بنتي.


انتهت من شرودها على صوت والدتها، تزامنًا مع انطفاء الضوء في الغرفة، وصوت الطبيب وهو يعلن انتهاء الجلسة.

نظرت من حولها، لتجد نفسها جالسة أمام مكتبه، تمسح دموعها المرتبكة، وصدرها لا يزال يعلو ويهبط من شدة البكاء.


قالت بتوتر، بصوتٍ خافتٍ منكسر:

– ح… حضرتك م… مصدقني، صح؟


رفع الطبيب عينيه نحوها باستغراب، ثم أجابها بهدوء:


– مصدقك في إيه؟ قصدك إنك مش خاينة يعني… وكده؟


أومأت برأسها، ودموعها تتساقط مجددًا.

لكن الطبيب قهقه فجأة، ضحكة عالية أربكتها، فارتجفت وسألته بصدمة:


– حضرتك بتضحك على إيه؟! في إيه من اللي قولته يضحّك؟


لوّح بيده معتذرًا، وقال محاولًا تمالك نفسه:


– آسف… مقدرتش أمسك نفسي.

بس إنتي يا مي… طيبة أوي، لدرجة إنك صدّقتي المسرحية اللي اتعملت لك!

وعايشة دور إنك مقهورة ومظلومة.

وآه، إنتي فعلًا مظلومة، ومش هأنكر ده…

بس عشان هو اللي عاوز يوصلك للحالة دي يا مي.

معتز… مريض.

بقلم شروق مصطفى

حصري

رايكم

بتبع


 


 لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثالث 3من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا







تعليقات

التنقل السريع