رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الحادي عشر بقلم شروق مصطفى حصريه
رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الحادي عشر بقلم شروق مصطفى حصريه
جمر الجليد الجزء الثالث حصري بقلم شروق مصطفى الفصل الحادي عشر حصري
الفصل الحادي عشر جمر الجليد الجزء الثالث بقلم شروق مصطفى
“أكيد هقوله، مش هسيبه كده! ده جوزها، ولازم يعرف حالتها.”
هتف بها وليد بأنفعال لزوجته
نظرت إليه همسة بتوتر، وسألته:
“هو الدكتور قالك إيه عن حالتها؟ أنا شايفاها إيديها ورجليها متجبسين.”
تنهد وليد بحزن وقال:
“ده اللي خدتِ بالك منه بس؟ ما خدتِش بالك من حاجة تانية؟”
ازدادت همسة قلقًا، وردّت بارتباك:
“حاجة؟ حاجة إيه؟ مش فاهمة… سيلا مالها؟”
زفر بعمق، ثم قال بصوت منخفض:
“سيلا عملت حادثة كبيرة، وقلبها وقف مرتين جوه العمليات. النزيف اللي في المخ دخلها في غيبوبة، وبعد الإفاقة اتضح إن عندها عمى مؤقت. النزيف الداخلي مأثر على الشبكية، وكمان هيأثر على العصب في رجلها. رحلة شفائها طويلة شوية ومحتاجة وجودنا كلنا حواليها.
هي رافضة وجود عاصم، وده هيأثر بالسلب على نتيجة العلاج. الدكتور قال إن العامل النفسي مهم جدًا للمريض.
والحل في إيد عاصم… لازم نعرف سبب رفضها ليه.
فهماني؟ انتي مالكيش دخل في أي حاجة، أنا اللي هقولها إني بلغتُه، مش إنتي… ماشي؟”
اتسعت عيناها، وبدأت تشهق من الصدمة، غير مستوعبة ما سمعته:
“مش ممكن! ي… يعني هي ما شافتنيش جوه وأنا بكلمها؟! لأ لأ… كده كتير بجد!”
ربت وليد على كتفها محاولًا تهدئتها وقال:
“لازم نقويها يا همس… احمدي ربنا كده، ماشي؟ الدكتور قال ما ينفعش تتحرك قبل ثلاث شهور.”
سألته بتوتر:
“هتخرج إمتى من هنا؟ ما ننقلها مستشفى عندنا… صح؟ ولا إيه؟”
أجابها بهدوء:
“هتتنقل في طيارة مخصصة لمستشفى… آه.”
داخل أروقة المشفى، ومع حلول المساء، دخلا إليها بهدوء، عقب توصية الطبيب بضرورة عدم التأثير على حالتها النفسية، وتجنب الحديث في أي أمر قد يزعجها.
فقد كان أكثر ما صدمها مؤخرًا هو فقدانها المفاجئ للبصر، ورغم خطورة الأمر، فإنها لم تُبدِ أي رد فعل أو انهيار. بل واجهت الصدمة بصمت تام، حابسةً كل ما بداخلها.
حين أفاقت من الغيبوبة، أخبرته – دون انفعال – بأنها تشعر وكأن الضوء مغلق.
فأجرى لها الطبيب بعض الفحوصات، ثم صارحها بحقيقة فقدانها المؤقت للبصر.
ظل يترقب منها رد فعل طبيعي كأي مريض: صراخ، بكاء، إنكار… لكنها تقبّلت الخبر بصدرٍ رحب، تمتمت بكلمات غير مفهومة، ثم ابتسمت وعادت إلى نومها، ما أدهش طبيبها وأثار قلقه في ذات الوقت.
دخل وليد وهمسة غرفتها، فوجداها مستيقظة. اقترب منها وليد وتحدث برفق:
“الحمد لله على سلامتك يا سيلا. محتاجة أي حاجة أعملها لك؟”
هزّت رأسها بالإيجاب، ثم نطقت بصوت خافت:
“تعالى يا وليد، عاوزاك… آه.”
تدخلت همسة قائلة بحنان:
“حبيبتي، قولي اللي انتي عاوزاه، واحنا نعملهولك.”
تحدثت سيلا بألم ومرارة:
“طبعًا الدكتور عرفكوا حالتي… وإني مش بشوف و…”
قاطعتها همسة سريعًا، وصوتها يفيض حزنًا:
“مؤقت يا سيلا، والله هترجعي زي الأول وأحسن، بس العلاج عاوز وقت… مش أكتر.”
ابتسمت سيلا ابتسامة حزينة، وعيناها تلوّحان بالدموع، بينما خرج صوتها مختنقًا ولا مبالٍ:
“حتى لو مرجعش… مش فارقة خلاص. المهم يا وليد، أنا كرهت القعدة هنا، مشيني… عاوزة أرجع إسكندرية تاني، ممكن؟”
أجابها وليد بهدوء ممزوج بالألم:
“مش هينفع يا سيلا. أنا هنقلك من هنا لمستشفى في القاهرة، مش هينفع تتحركي قبل تلات شهور، أنتي جسمك كله متجبس.”
توسلت إليه بضعف:
“أرجوك يا وليد، مش عاوزة مستشفى… خرجني من هنا. هم..وت لو فضلت هنا. رجعني إسكندرية… مكان ما كنت قاعدة.”
تنهد وليد طويلًا، وصمت قليلًا يفكر، ثم قال:
“طيب يا سيلا، هكلم الدكتور وأشوفه… وأجي لك تاني.”
نهض من جوارها وخرج يسأل الطبيب، فالتفتت همسة نحو أختها، وقالت برقة:
“انتي لسه هنا…”
ردّت سيلا بصوت مختنق:
“آه يا حبيبتي، عاوزة حاجة؟ أنا جنبك.”
وجلسَت همسة بجانبها، تربّت على كتفها بحنان.
قالت سيلا بألم حقيقي:
“همسة، مش عاوزة عاصم يشوفني كده… مش عاوزة شفقة، خاصة منه. كفاية إنه دبحني، وآخر حاجة شافتها عنيا… كانت هو.”
تعالت شهقاتها عاليًا، وكأن الروح تُنتزع من داخلها.
اقتربت منها همسة بفزع، تحاول تهدئتها:
“اهدي خلاص، والله مش هقوله حاجة.”
ثم نهضت سريعًا، أحضرت كوبًا من الماء ومدّته إليها برفق:
“اشربي طيب، ممكن تهدي؟ بلاش كلام طالما بيتعبك.”
وبعد لحظات من الهدوء، قالت بصوت مبحوح:
“أنا عاوزة أطلق منه، مش هقدر أعيش معاه تاني. هو مات بالنسبة لي خلاص… ياريت لو وليد يكلمه، وننفصل بهدوء من غير أي مشاكل.”
أجابتها همسة بتروٍّ:
“طيب، قومي لنا بالسلامة الأول، وبعدين كله هيتحل بإذن الله. الأمور دي مش بتتحل كده، لازم تتكلموا بنفسكم.”
لكن سيلا أجابت بحزم ووجع:
“أنا لساني مش ها يخاطب الشخص ده أبدًا، ولا عاوزة أشوفه قدامي لحظة حتى.”
هتفت همسة وهي تحاول فهم ما حدث:
“إيه اللي حصل لكل ده؟ شوفتي إيه يا سيلا؟ في عاصم بيحبك! استحالة يوافق على الانفصال… أكيد فهمتي غلط يا بنتي، مش تخسري كل اللي بينكم في لحظة زعل.”
ردّت بحدة وغضب:
“مش عاوزة حد ينطق اسمه قدامي! اعتبروه مات بالنسبة لي… محدش يذكر اسمه قدامي، وده آخر كلام عندي.”
ثم أغمضت عينيها دون أن تردّ، وغرقت في نوم عميق بعد الإنهاك النفسي والبدني.
خرجت همسة من الغرفة بهدوء، وجلست تنتظر زوجها حتى رآها في الخارج، فتحدث إليها بقلق:
“في حاجة؟ طلعتي ليه؟”
أجابته:
“مفيش، نامت… بقولك يا وليد، سيلا عاوزة تنفصل منه، مصممة على كده، ومش قابلة حتى حد يذكر اسمه قدامها… وده موقفها، نعمل إيه؟”
قال وليد وهو يفكر:
“أنا سألت الدكتور، ينفع ننقل التمريض البيت، قال ينفع… بس المهم ما تتحركش. حاولي تقنعيها تيجي عندنا في البيت، تكون قدامك ووسطنا بدل ما تروح إسكندرية… إشمعنا هناك؟”
هزّت رأسها بالموافقة:
“تصحى وأقولها.”
قال وليد وهو يفكر بصوت مسموع:
“بكرة نتحرك بإذن الله… مش عارف هعمل إيه في عاصم، مخلصناش من معتز، طلع لنا عاصم كمان.”
همست همسة بحزن على ما آل إليه حالهم والمصائب المتلاحقة:
“مش عارفة بجد… أنتوا سبتوا معتز كده خلاص؟”
ردّ وليد بنبرة مرهقة:
“عامر وعاصم وصل بيهم إنهم مسكوه وضربوه، يمكن يفوق من اللي هو فيه…”
شهقت همسة من الصدمة:
“وصل له الأمر للدرجة دي؟ للضرب؟!”
أجاب وليد بأسى:
“طول الليل استغفر الله… مشاريب وملهى وبنات وقرف! مسكوه وضربوه علقة م..وت، وشبه قطعوه. قالهم محدش له دعوة بيا، ومش عايز يعرفهم تاني، واتخانق معاهم، وساب لهم الفندق، وقاعد لوحده.”
همست همسة بقهر:
“يا حول الله يا رب… كان مستخبي لهم فين كل ده بس؟! يا ربي، ربنا يهديهم كلهم.”
نهض وليد وقال وهو يشير إليها:
“يلا قومي، أنا حجزت لنا أوضة نرتاح فيها… وبكرة نتحرك.”
في صباح اليوم التالي، تم نقل سيلا عبر طائرة خاصة مجهّزة بكامل المعدات الطبية إلى الإسكندرية، واستقرت في المكان الذي رغبت به، بعد جدال دار بينها وبين وليد، وافقها عليه في النهاية احترامًا لراحتها النفسية.
تم توفير طاقم تمريض متخصص لخدمتها، ولم تفارقها همسة، بينما سافر وليد لإحضار ابنته وبعض الملابس والمستلزمات للإقامة إلى جوارها.
وبعدما علمت مي بوجودها هناك، أسرعت للحاق بها، وأصرت والدتها على الذهاب معها أيضًا.
دلفت مي إلى الغرفة وهي تكتم دموعها، ثم هتفت بصوت مختنق:
“سيلا… حبيبتي.”
ردّت سيلا بنبرة هادئة متماسكة:
“أنا كويسة، ما تعيطيش يا مي… أنا لسه حية، لما أمو..ت عيّطي براحتك.”
وبّختها مي بحرقة:
“ألف بعد الشر عليكي! ما تقوليش كده تاني، ربنا يخليكي لينا يا رب… بس أنا مش مصدقة كل ده حصلك، يا قلبي!”
تمتمت سيلا باستسلام:
“نصيبي كده… أنا راضية، والحمد لله.”
…
وعلى الجانب الآخر، هاتف وليد عاصم فور وصوله إلى القاهرة، طالبًا لقاءه على وجه السرعة.
قال له عبر الهاتف:
“عايز أقابلك ضروري… تعالى على البيت، أنا هناك، متتأخرش.”
وما إن أغلق المكالمة، حتى بدأ في تجهيز الحقائب، ووضع كل ما يمكن أن تحتاجه سيلا خلال إقامتها. وبعد أقل من نصف ساعة، حضر عاصم إلى المنزل.
فتح وليد الباب، ودخل عاصم بلهفةٍ يملؤها الأمل، متخيّلًا أن وليد قد علم بمكانها.
بادره عاصم بقلق شديد:
“فيه إيه؟ لقيتها صح؟ هي كويسة؟!”
نظر له وليد بحدة، وحدّق في عينيه مباشرة ثم قال بصوت مملوء بالغضب:
“عملت إيه في سيلا يا عاصم؟! وصّلتها للحالة اللي هي فيها دي؟ فهمني!”
تفاجأ عاصم من لهجته، وقال بلهفة:
“حالة إيه؟! لاقيتها؟! طيب هي فين؟ عاوز أشوفها بسرعة، لازم أشرح لها كل حاجة… هي مش فاهمة حاجة! رد ساكت ليه؟! اتكلم، هي فين؟!”
أمسكه من ياقة قميصه وهزّه بعنف، يهتف بانفعال:
“هي فهمت غلط! لازم أتكلم معاها… أنت ساكت كده ليه؟ حصلها إيه؟ انطق بقى!”
دفعه وليد من يده مبتعدًا عنه، بينما ظل الآخر يحدّق فيه بنظرة طويلة غامضة لا تُفهم، قبل أن يتحدث أخيرًا:
“إيه اللي بتقوله ده؟ هي شافت إيه؟ احكي! هي مش قابلة تشوفك… ما تنطق! عملت فيها إيه؟”
شدّ عاصم على شعره بيده، يسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا كمن فقد صوابه، ثم كور قبضته وضرب بها الحائط عدة مرات حتى اندفعت الدماء من يده. لحق به وليد وأمسك بذراعه يبعده عن الأذى، محدثًا إياه بنبرة هادئة:
“اهدى، كده مش هنوصل لحاجة. اللي بتعمله ده مش هو الحل. هي محتجالنا جنبها، وأنا متأكد إنك كمان مهم ليها، بس لازم تحلوا مشكلتكم الأول، عاصم… سيلا عملت حادثة كبيرة. لقيناها في الغردقة، في مستشفى… مجبّسة.”
تلعثم وليد وتردد قليلًا قبل أن يُكمل، فنظر إليه عاصم برفض داخلي، يهز رأسه يمينًا ويسارًا، يهتف بصوت موجوع:
“وإيه؟ كمل! سكت ليه؟”
رد وليد بنبرة مهزوزة، كمن يُثقل لسانه الحزن:
“الحادثة أثّرت على عنيها… مؤقتًا.”
رفع عاصم رأسه إلى السماء، أغمض عينيه بألم كمن يناجي ربه، ثم نظر إليه برجاء وقال:
“أرجوك… لازم تساعدني. خَلّيها تسمعني، وبعدها تعمل اللي هي عاوزاه. هتساعدني صح؟ قولي هي فين، وأنا هتصرف. أنا كنت مكلم حد يتتبع تليفونها، بس هي لسه ما فتحتهوش.”
قال وليد بقلة حيلة:
“هي صمّمت ترجع الإسكندرية، ومعاها طاقم التمريض. مش بتتحرك أصلاً.”
تحدث عاصم بانفعال:
“هسفرها، هاخدها ونعالجها برة… مش هسيبها، لازم أمشي. لازم تسمعني!”
راح يتحدث كالمجنون، غير واعٍ لما حوله، ثم غادر سريعًا.
استقل سيارة أجرة متجهًا إلى الإسكندرية، عاجزًا عن القيادة بنفسه. جلس في المقعد الخلفي يلوم نفسه، وعيناه تلمعان بالدموع. تمتم بألم:
“أنا السبب… ياريتني ما بعدت عنك… غبي، غبي!”
تذكر ملامحها حين صدمتها الحقيقة، فحدث نفسه:
“لازم تسمعيني… حتى لو خطفتك بعيد عن كل الناس!”
وبعد ساعة تقريبًا، وصل إلى حيث تقيم. كانت السماء ملبدة بالغيوم، تنذر بقرب هطول المطر. اقترب من الشاليه، وطرق الباب. وبعد لحظات، فتح فجأة… ووجد أمامه همسة.
تفاجأت برؤيته، وتحدثت بتوتر وهي تدفعه إلى الخارج:
“عاصم! إيه اللي جابك هنا؟”
خرجت وغلّقت الباب خلفها، فاقترب منها وهو يتوسل:
“لازم أشوفها… هي محتجاني دلوقتي أكتر من أي وقت!”
همسة دفعته بهدوء وهي تهمس برجاء:
“هشش، أرجوك… امشي من هنا بسرعة، هي مش عايزة تشوفك.”
ثم بدأت تبكي بحرقة، وقالت:
“امشي يا عاصم، والله هتنهار تاني. سيبها دلوقتي، لما تهدى، كلمها.”
هتف بعناد:
“مش هقدر أسيبها، مش همشي! لازم تسمعني… هي محتاجاني. أنا بس اللي هعرف أداويها وأطيب جرحها! خليني أدخل… أفهمها، هي مش فاهمة حاجة والله!”
صرخت به رافضة:
“مش هينفع! لازم تمشي، مش دلوقتي… لما تشد نفسها الأول! بلاش تشوفك كده… أرجوك، امشي بقى!”
رفع نظره إلى السماء باستسلام، ثم أعاد أنظاره إلى الباب الذي فصله عنها. تجاهل كل كلماتها، واندفع نحو الباب.
دفعه بخفة، ففوجئ بـمي تقف أمامه وقد اتسعت عيناها من الصدمة. هرعت إليه، تمنعه من الدخول، وهمست برجاء:
“عاصم… وجودك مش مرغوب فيه. من فضلك، اخرج!”
لكنه لم يستجب، وفتح الباب المؤدي إلى غرفتها بهدوء. حاولت مي منعه، فأشار بأنامله إلى شفتيه أن تصمت.
وقف عند عتبة الباب، يتأمل حالها بصمت، فتجمّدت قدماه. دمعت عيناه من رؤيتها، وابتلع حلقه اليابس، ولم يقدر على النطق.
حتى سمع صوتها ب…
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثالث 3من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا