القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خيانه الفصل الثامن 8بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات




رواية خيانه الفصل الثامن 8بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات 





رواية خيانه الفصل الثامن 8بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات 




الفصل الثامن



غُربةُ النفس... أقسى أنواع الغُربة. تليها غُربة المكان، حين تشعر بالوحدة وأنت بين أهلك. ثم تأتي غُربة الحياة، حين يُجبرنا القدر على البُعد عن من نُحب، في سبيل لقمة العيش أو تحقيق حلم.



كلها غُربات... لكنها لا تُقارن بغربتي داخل نفسي. فأنا لا أعرف من أكون، ولا لماذا وُجدت في تلك الحياة! هل خُلقت لأكون وحيدة؟ منبوذة؟ لم أجد الحب ممن تمنيت قربهم، فتألم قلبي، وتحطّم داخلي، بينما وجهي يبتسم وكأني أسعد الناس.



لا أعرف ماذا أفعل لأعيش كباقي البشر...




❈-❈-❈



ركضت خلفه بسرعة، تناديه بصوت ملهوف: – "دكتور ساهر! يا دكتور، لو سمحت... ثواني بس!"



توقف ونظر إليها بحزن: – "خير يا ريم؟ في حاجة؟"



قالت وهي تبكي: – "أنا آسفة جدًا يا دكتور... عمري ما كنت أتمنى أكون سبب في حزن أي حد... بس كل حاجة قسمة ونصيب."



ردّ بصوت يحمل مرارة: – "إحنا ملناش يد في مشاعرنا... أنتي لفتّي نظري من أول يوم ليكي في الكلية، وكنت بستنى السنة تخلص علشان أطلب إيدك... ماكنتش أعرف إن هييجي حد يخطفك مني، خصوصًا وأنا كنت متابعك، ولاحظت إنك مالكيش أي اهتمام بحد من زمايلك، وده شجّعني أستنى."



أجابت بأسف: "كنت أتمنى يكون في إيدي حاجة أقدّمها لحضرتك... أرجوك سامحني."



قال وهو يحاول الابتسام رغم وجعه: "طول ما أنتي كويسة ومبسوطة قدامي... أنا هكون بخير. أتمنى الشخص اللي ارتبطتي بيه يستاهلك ويقدّرك... ولو احتجتيني في أي وقت، أنا موجود."



ردّت بدموع: "شكرًا جدًا لحضرتك... ربنا يرزقك باللي يعوّضك."



قال بندم: "مافيش حد هيعوضني عنك، يا ريم... بس ماتقلقيش، أنا راجل وأقدر أتحمّل. بعد إذنك..."



راقبته وهو يبتعد، والندم يحطمها بصمت. تمتمت بصوت مكسور: – "مع السلامة، يا دكتور..."



اقتربت منها صديقتها هاجر، واحتضنتها باكية. من أحبّها بصدق خسرته، وكانت تظنه يتسلى بها، بينما من وثقت به وخبّأت مشاعرها عنده، خانها وأهانها.



ما أغرب هذه الحياة... تأخذ منّا دومًا ما نتمنّى!



قالت جنّة بضيق: "من رقة مشاعرها ! خلاص بقي يا حبيبتي... حصل خير. مشاعرنا دي حاجة خارجة عن إرادتنا. يعني أنتي طلبتي منه يحبك؟! هو اللي وقع من أول محاضرة!"




❈-❈-❈



وقف آدم ينظر لهاجر بعينين مشتعلتين غضبًا، وصوته يفيض بالتحذير: "الحصل ده لو اتكرر... حسابك معايا هيكون عسير!"



نظرت إليه وكأنها لا تفهم مقصده: – "اللي هو إيه؟ مش فاهمة!"



اقترب منها أكثر، وهمس بغضب مكتوم: "لا... فاهمة كويس! مافيش حاجة اسمها خروجات معاه لوحدكم، ولا قعدة مع بعض إلا لما تروحي بيته. ودي آخر مرة أتكلم في حاجة زي دي... ماتختبريش صبري يا هاجر!"



قالت ببرود تستفزه: 


 "أولًا ده خطيبي، وعادي أخرج معاه أو أقعد معاه. وبعدين... إنت مالك؟ أنا باستأذن بابا وهو وافق."



صرخ بغضب: "أنا ليا، وليا جدًا كمان! أي حاجة تخصك، أنا ليا فيها... واتعدلي كده في الكلام، أحسن أعدّلك! فاهمة ولا لأ؟!"



صرخت لأول مرة في وجهه، كأنها تتحرر من سلطته: "لأ! مش هتعدل! وده خطيبي، وإنت مالكش دعوة باللي بيني وبينه! نخرج، نهزر، يبوسني... إنت مالك؟!"



تجمّد في مكانه... من هذه التي ترد عليه بتلك الوقاحة؟! انفجرت أعصابه، وصاح بصوت عاصف: "هاجررررر! اخرسي!!"



ثم رفع يده وصفعها على وجهها...!



توقف الزمن، وانسحب الهواء من الغرفة.



ضمّ يده بقوة، وكأنه لا يصدق أنها طاوعته على إيذائها.



نظرت إليه بصدمة وألم، وقالت بصوت مختنق: "إنت بتضربني يا آدم؟!"



أتت صباح على صوت الصراخ، تصرخ بفزع: – "خير يا ولاد؟! إيه اللي حصل؟!"



لكن هاجر ظلت تكرر، والدموع تنهمر: – "إنت ضربتني..."



هرب بعينيه منها، وحاول إظهار اللامبالاة، وردّ ببرود: "وأكسر رقبتك كمان، لو قلّتي أدبك... فاهمة؟!"



ردّت منكسرة، تنهمر دموعها بغزارة: – "أنا بكرهك يا آدم... عارف يعني إيه بكرهك؟!"



ركضت إلى غرفتها تبكي، وتركته للندم يأكله حيًّا.



وقف في مكانه، لا يصدق ما حدث. هو نفسه الذي دفعها بيده إلى رجل آخر... فلماذا يغضب الآن؟!



سألته صباح، بصوتها الحنون المرتجف: "إنت ضربتها يا آدم؟ ليه كده يا حبيبي؟ ده إنت عمرك ما سمحت لحد فينا يعاقبها، حتى أبوها!"



تنفّس بصعوبة، وقال محاولًا تبرير فعلته، وكأنه يقنع نفسه: "كان لازم أوقفها عند حدها... عمرها ما عنّدتني، ولا علّت صوتها عليّا..."



خرج من الغرفة، يحدث نفسه بألم: – "يعقل أخسرها؟! لم تعد طفلتي التي ادللها ، واحقق لها كل ما تتمناه ؟! هل أتي اليوم الذي اسلمها لرجل أخر بيدي ؟! ياخد مكاني؟! بل ياخدها كلها... وأنا أبقى مجرد أطلال؟!"



جفلت روحه من مجرد الفكرة، ولعن نفسه... للمرة المليون.


❈-❈-❈



خرجت حليمة مسرعة على صوت نداء "داده يا داده... داداه!"، فوجدت ريم تنتظرها بلهفة.



قالت حليمة بلطف:


– خير يا ست البنات، مالك؟



أمسكت ريم بيدها وراحت تدور بها بحماس طفولي:


– عمرو راجع النهارده! ياااه يا داده، وحشني قوي، بقاله شهر غايب، كنت هتجنن... وحشني، وحشني جدًا!



أجابتها حليمة بقلب أم عطوف:


– ربنا يسعدك ويحنن قلبه عليكي يا بنتي.



هتفت ريم بحماس:


– يا رب يا داده! ها، قوليلي بقى، إيه أكتر الأكلات اللي بيحبها؟ عشان أعملها كلها النهارده... بيحب المحشي؟ ولا الملوخية بالأرانب؟ ولا بوفتيك ومكرونة؟ ولا إيه رأيك نعمل سمك؟ ها، قولي يا داده، أكتر حاجة بيحبها إيه؟



ضحكت حليمة من سرعتها في الكلام وقالت وهي تلهث:


– اهدى يا حبيبتي، خدي نفسك! إديني فرصة أتكلم.



قالت ريم بفرحة:


– آسفة يا داده، ده من فرحتي برجوعه!



– هو بيحب الخضار المشكّل باللحمة، وكفتة الفراخ مع المكرونة، وكمان ملوخية بالأرانب. بس طبعًا مش هنعمل كل ده في يوم واحد.



– لا، يا داده، أنا هعمل كله! يلا بينا على المطبخ!



اندفعت ريم نحو المطبخ، تصنع الطعام بقلبٍ يفيض حبًا، تتحرك بخفة كأنها ريشة في مهب الفرح، وابتسامتها تنير وجهها الجميل. وبعد ساعات طويلة، خرجت من المطبخ وصعدت إلى غرفتها لتأخذ حمامًا منعشًا.




❈-❈-❈



في مكان آخر...



تحدثت خالة سالي بغيظ:


– جوزك ده صعب جدًا يا سالي! فيها إيه لو كان خلّى صاحبه يتعرف عليها شوية؟!



ردت سالي بضيق واضح:


– أعمل إيه فيه بس؟ مش بيسمع كلامي.



قالت والدتها بسخرية:


– على إيه يا أختي؟ أومال لو كانت ظروفه حلوة شوية، كان عمل معانا إيه؟ ده مش بيطيق سيرتي، كأننا أعداؤه.



احتضنتها سالي بحنان:


– ما تقوليش كده يا ماما... هو في زيك في الدنيا؟ يا أجمل أم!



هتفت خالتها بكبرياء:


– وهو أصلًا كان يطول بنتي؟! ولا حتى باباها كان وافق!



قالت ميريام بتنهيدة إعجاب:


– أنا كنت هوافق يا مامي، شكله واو! جانتيه خالص! أمشي جنبه وأفتخر بيه وسط صحابي!



ردت سالي باحتقار:


– آه، لو شفتي البنت اللي اتجوزها... ولا أصحابها! لوكل خالص... ياي! بلدي جدًا وبيئة! تصدقي عندها خدم، وهي اللي طبخت؟!



ميريام باشمئزاز:


– ياي يا سالي! وانتي أكلتي؟ ما خفتيش؟



– لا، كنت قرفانة لما عرفت إنها هي اللي طبخت. هي لاحظت وقالتلي: "كلي، أنا أكلي نضيف". اعتذرت وقلت لها: أصل الأكل دسم، وأنا بعمل رجيم.



– خوفت من مالك، كان مهددني قبل ما نروح.



قالت الأم بغيظ:


– كنتي خليه يطلقك ونخلص منه. هو كان يطول يرتبط اسمُه باسم عيلتنا.



ردت سالي بثقة:


– لا يا مامي، مالك مركز وهيبة... خسارة أسيبه لحد تاني!



❈-❈-❈



وقفت ريم على السلم، تنتظره بشوق ولهفة. قلبها يدق بسرعة كأنها طبول، وكأن كل نبضة تناديه. رغم غرابة علاقتهما، إلا أن قلبها لم يعرف إلا حبه، مهما كانت قسوته.



دلف عمرو من الباب، فوجدها تنتظره كأنها كانت على علم بموعد عودته.



تقدمت نحوه بهفة:


– حمدالله على السلامة!



ردّ دون أن ينظر لها، وهو يتجه إلى الداخل:


– الله يسلمك.



همست بحنين:


– وحشتني قوي...



تابع صعوده الدرج دون أن يرد، فتجاهلت بروده وهتفت بصوت مرتفع ليسمعها:


– على ما تاخد شاور، يكون الأكل جاهز!



توقف وردّ ببرود:


– لا، أنا أكلت بره.



اقتربت منه بلهفة:


– أنا عملت كل الأكل اللي بتحبه، ومأكلتش عشان ناكل سوا!



نظر لها بضيق:


– هو انتي ما بتفهميش؟! قلتلك مش باكل مع حد!



ردت ببراءة طفولية:


– بس إنت أكلت مع أصحابك لما كانوا هنا...



فجأة، جذبها من ذراعها بعنف، وهو يصرخ:


– إنتي اتجننتي؟! هتحاسبيني؟! عملت إيه ومعملتش إيه؟!



رفعت عينيها بدموع وألم من شدة قبضته على ذراعها:


– عمرو... دراعي! إنت بتوجعني...



نظر إلى دموعها، ثم تركها بعنف وصعد للأعلى.



ظلت واقفة في مكانها، تبكي، تمسد ذراعها من الألم، ثم صعدت لغرفتها بصمت.




❈-❈-❈



كانت حليمة تراقب المشهد من بعيد، والدموع تملأ عينيها.



قالت بحزن وهي تخاطب نفسها:


– حبيبتي... قلبي وجعني عليكي! كأنك حتة مني! أول مرة أحس إني بكره عمرو اللي دايمًا كنت بعتبره زي ابني... من الجبروت اللي بيعاملك بيه!


إزاي مش حاسس بحنانك اللي يكفي الكون كله؟! ولا شايف طيبة قلبك اللي تدوب الحجر؟



❈-❈-❈



في غرفتها، جلست على طرف الفراش تبكي بحزن على حالها. خلعت بلوزتها وألقت نظرة على ذراعها، لتجده قد تحول إلى اللون الأزرق بفعل ضغط يده العنيف على بشرتها الرقيقة، التي تتأثر بسرعة. قامت بوضع مرهمٍ للكدمات، ثم احتضنت نفسها وهي تبكي على حياتها البائسة.




❈-❈-❈


بعد مرور يومان في منزل هاجر 



كان يقف خلف الباب يناديها، بينما هي تبكي في الداخل دون أن ترد.



قال بصوت مرتجف:


– "هاجر، حبيبتي... أنا آسف يا قلبي، والله غصب عني. ردي عليّا بقى. بقلك تلات أيام حابسة نفسك، كفاية كده. مش عايزة تردي عليّا ولا حتى تفتحي؟!



 أنا عملت كده من غيرتي عليكي... أنتي بنتي اللي ربيتها، واتعودت إني أكون كل حاجة في حياتها.



 فجأة حد تاني يشاركني فيها؟! كان صعب عليا... بس هاخد وقت لحد ما أتعوّد على الوضع الجديد. افتحي بقى... يعني آدم ما وحشكِيش؟"



اقتربت من الباب، ورفعت يدها تتحسسه بحب. كانت تشتاقه حدّ الجنون، فمنذ فتحت عينيها على الحياة، لم يمرّ يوم دون أن تراه أو تتحدث معه. كانت تلك أوّل مرة تبتعد عنه كل تلك المدّة.



تنهد آدم بوجع، لم يكن يتوقّع أن تقسو عليه بتلك الطريقة.



قال بصوت متألم:


– "أنا جبتلك غزل البنات وآيس كريم كتير... مش هتردي؟! يعني كده يا جوجو؟! مافيش أي حاجة دومي عملها معاكي تغفرله أول غلطة؟"



هتفت من الداخل، بصوت مكسور:


– "أنا زعلانة منك قوي يا آدم... ومش قادرة أسامحك. أنت... مدّيت إيدك عليّا."



اقترب من الباب، ووضع يده عليه برفق، ثم قال بحرقة:


– "عارف إني غلطان، وغلط كبير كمان... بس وحياتك عندي، سامحيني. افتحي الباب. عايز أطمن عليكي. بقالي كام يوم لا عارف أروح شغلي، ولا عارف أنام. كفاية عقاب لحد كده."



فتحت الباب، وقابلها وجهه الذي أنار حين سمع صوت المفتاح وهو يدور.



قالت وهي تحاول إخفاء لهفتها:


– "فين غزل البنات بتاعي؟"



رفع يده بحنان قائلاً:


– "أهو، يا حبيبتي."



سمعا صوت صباح، والدتها، من خلفه:


– "كده يا هاجر؟ تتعبي أخوكي؟!"



رفعت عينيها لأمها بحزن... فالجميع مصرّ على أنه "أخوها الكبير"، وهذا ما يزيد من عذابها وتعبها النفسي.




❈-❈-❈



عاد ادم شقته مشتت لم يتوقع منها تلك القسوة ثلاث أيام لم يرها او يحدثها كيف استطاعت وهي التي منذ ميلادها لم تفارقه يوما هل شعرت بحنين اتجاه ذلك الماهر هل فقد سطوته عليها ،



 جلس آدم يتذكّر... عاد به الزمن إلى الوراء، يوم تركه والده لخالته صباح لتتولّى تربيته بعد وفاة والدته.



فلاش باك:



صباح، بصوت حاسم:


– "لأ يا صابر، أنا هاخد ابن أختي أربيه. مش ممكن أسيبه لواحدة غريبة. وبعدين أنا كده كده ما بخلفش، يعني كل اهتمامي هيكون بيه وبس."



ثم أكملت بسخرية:


– "وبعدين، شايفة إنك مش فاضي له. المدام الجديدة واخدة كل وقتك."



ردّ صابر بلا مبالاة:


– "لو أخدتيه، يا صباح، ماليش دعوة بمصروفه. يومين وهتزهقي منه وترجّعيه."



هتفت صباح بسخرية مريرة:


– "هو أنت كان ليك دعوة بمصروفه قبل كده؟! مالكش في الوقت. خلاص... آخر الكلام يا صابر."



قال وهو يلوّح بيده:


– "خديه، يلا يا خويا مع خالتك."



ركض آدم نحوها بحب وسعادة، وأرتمى في أحضانها قائلاً:


– "وحشتيني يا خالتو!"



ضمته صباح بحنان وردّت:


– "وأنت كمان يا حبيب خالتك. يلا نمشي من هنا... أنا اتخنقت من أبوك والعقربة مراته!"




❈-❈-❈



بعد خمس عشرة سنة:



قالت صباح، بصوت مكسور:


– "إزاي يا بني؟! عايز تسيبنا بعد العمر ده؟!"



ردّ آدم بهدوء:


– "معلش يا جوز خالتي... هاجر كبرت، وماعادش ينفع أكون موجود معاها في نفس المكان. لازم تبقى بحريتها."



قالت صباح باعتراض واضح:


– "بس أنت ابني، وأخوها الكبير!"



– "يا خالتي، ده الصح. حتى الشرع بيقول كده، لما الأخوات يوصلوا لسنها، لازم يتفرقوا في النوم.



 والشقة صغيرة، وهي كبرت، وبعدين أنا أجّرت شقة في أول الشارع. هاكل معاكم، بس النوم هناك... ياريت تسيبوني براحتي."



رضخت صباح وزوجها لطلبه رغم حزنهما الشديد على بعده.




❈-❈-❈



في غرفة خالد، بينما كان يشاهد التلفاز وجنه بين ذراعيه:



قال وهو يبتسم:


– "أنا نفسي في طفل قوي منك يا جنّة... عايز حاجة تكبر وتجري بين رجلينا كده."



ردّت جنّة برفض خفيف:


– "لأ يا خالد، هستنى لما أخلص امتحاناتي... دي آخر سنة."



ضمها خالد بقوة، ثم قال بجدية:


– "كل مرة بطلع فيها مهمة، مش ببقى عارف هرجع ولا لأ. كان نفسي يكون بينا طفل... تفتكريني بيه."



التفتت إليه، وضمت وجهه بلهفة:


– "بعد الشر عليك... ماتقولش كده."



ابتسم بخفة وسألها بمكر:


– "يعني لو مت... هتزعلِي عليّا؟"



قالت بغضبٍ خفيف:


– "ما تقولش كده يا خالد! هزعل منك، آه... أنا مش بعرف أعبّر، بس أكيد إنت عارف إني بحبك جداً... وإنت كل حاجة ليا."



اقترب منها وهمس بمكر:


– "بس أنا بعرف أعبّر، يا قلبي... تعالي، وأنا أعبّرلك عن كل مشاعري."



لوّت فمها بخفة وقالت:


– "هو ده التعبير بالنسبالك؟!"



ضحك بخفة، ثم قال بصوت لعوب:


– "بذمتك... في تعبير أحسن من كده؟!"



❈-❈-❈




هتف يامن بقلق، وهو يراقب ملامح ابن خاله وصديق طفولته :


– "حالة جدك مقلقاني جدًا يا أسر."



ردّ أسر وهو يتنهّد:


– "إنت عارف... كل سنة في نفس الميعاد بيكون كده. مش سهلة على أي حد يخسر مراته وبنته في نفس اليوم، وبالذات لو كان بيعشقهم الاتنين."



لم يلبث أن سمعا صوت الجد فارس ينادي من الداخل:


– "يا أسر، العربية جاهزة؟"



اقترب أسر منه بحزن، وقال:


– "أيوه، يا جدي... اتفضل."



تحرّك فارس بكرسيه المتحرّك، وخلفه أحفاده يامن وأسر. وصلوا إلى المدافن، وساعداه على النزول، ثم وقفوا بعيدًا كما اعتادوا، فقد كان يرفض تواجد أي شخص معه في مثل هذا اليوم.



دخل فارس إلى الداخل، حتى وصل إلى إحدى المقابر، ووقف أمامها وهو يهمس بدموعٍ لم يتوقف سيلها:


– "وحشتوني... وحشتوني جدًا النهارده.


بقالكم تسع سنين بعيد عني، ومش عارف ليه ما رُحتش معاكم! ليه فضلت لوحدي؟ وأنا كانت روحي فيكم أنتم بالذات..."



ثم ابتسم ابتسامة واهنة، وقال بحرقة:


– "بس عارفة يا كوثر؟ الولاد، أسر ويامن، عوّضوني كتير. هم اللي مهونين عليا الأيام. بيحبوني وبيخافوا على زعلي... مش عشان الفلوس، لأ، عشان هم أحفادي بجد. مش زي بنتك الجاحدة.


وأنتِ، يا حبيبة بابا، أخبارك إيه؟ وحشتيني جدًا...


هانت. أنا حاسس إن قربت أجيلكم."




❈-❈-❈



في الخارج، كان يامن ينظر إلى بوابة المدفن بقلقٍ ظاهر، وقال:


– "جدي اتأخر المرة دي..."



ردّ أسر مؤكّدًا:


– "أيوه، وأنا كمان قلقان، بس هو حذرنا من الدخول عليه."



نظر يامن في ساعته وقال بجدية:


– "هسيبه ربع ساعة كمان... لو ما خرجش، هدخل، واللي يحصل يحصل."



قال أسر وهو يستعدّ للحركة:


– "كده الموضوع زاد عن حدّه."



توجّه الاثنان إلى الداخل بخطى سريعة. وما إن وصلا إلى حيث تركا جدّهما، حتى أطلقا صرخة عالية وركضا نحوه، حين وجداه ملقى على الأرض بجوار كرسيّه، بلا حراك.

يتبع

 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع