رواية وعد الفصل الثالث 3 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية وعد الفصل الثالث 3 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
#وعد
#البارت الثالث
***************
أُقيم زفاف رجا ووعد وسط فرحة غامرة عمّت قلوب أهل الحارة، تتويجًا لعِشرة السنين والجيرة الطيبة التي جمعت بين العائلتين. اختلطت الزغاريد بدموع الفرح، والقلوب تلهج بالدعوات، حتى بدا المشهد لوحةً مكتملة من السعادة.
لكن الصفاء لم يدم طويلًا، فقد شقّ الصفوف رجلٌ ثقيل الظل، شهير بين الجميع بلقب "كيشا"، ووقف أمام العريس يزمّ شفتيه بحقدٍ ظاهر، ثم قال بصوت أجشّ:
طلّق وعد دلوقتي، ولااخدها بعد موتك وتبقى أرملتك.
ساد الصمت لثوانٍ، ثم انفجر رجا ضاحكًا بثقة واستعلاء:
انت اهبل يلا ، عايزني اطلق مراتي علشانك، طيب مش هطلّقها… وانت هتغور من هنا أحسنلك.
قبل أن يرد عليه، اختنقت كلماته في حلقه، بعدما اندفع الدم من فم كيشا إثر لكمة قوية باغته بها رجا، أعقبها ضربة بالرأس أسقطته أرضًا. ترنّح كيشا والدماء تنزف من وجهه، ليعمّ الصراخ القاعة وتلقي وعد بنفسها في حضن زوجها، تدفعه بعيدًا عنه وهي تهتف بذعر:
كفاية يا رجا، ابعد عنه… ده مجرم وممكن…
لكنه وضع يده على فمها ليسكتها، وصاح فيها بحدة: اخرسي يا وعد… الراجل اللي ما يعرفش يحمي عرضه ويدافع عنه ما يستاهلش يبقى راجل!
ثم دفع جسد كيشا بقدمه بغضب، وقال بحدة وقهر:
الكلب الحقير ده ! فاكر علشان ساكت ومحترم، هفرّط في مراتي؟ ده حتى فيها موتي مستحيل اسيبهالك. شيلوه من قدامي قبل ما أخلص عليه!
واسمع يا عرة الرجالة… والله العظيم لو قربت منها تاني، لا أقطّعك وأرميك للكلاب!
تحامل كيشا على نفسه بمساعدة اثنين من أصدقائه، ووقف يتأرجح من الدوار، ينزف من رأسه وأنفه، ونطق بغِلّ دفين:
ماشي يا رجا… يمكن بقت مراتك… بس في الآخر هتبقى ليا… ولو ما قدرتش أوصل لها،
هطول شرفك فيها وامرمغه في التراب… ساعتها شوف هتخليها في عصمتك إزاي!
انعقد فكّ رجا بقوة، ونظراته توهجت بالشرر. اندفع عليه مجددًا ينهال عليه باللكمات بلا رحمة حتى سقط "كيشا" مغشيًا عليه، وجهه مشوه من الضرب، جسده غارق في الدماء.
في تلك اللحظات، كانت والدة وعد قد اتصلت بالنجدة. حضرت سيارة الإسعاف سريعًا، ونُقل كيشا وهو في حالة حرجة، ليتبعه ضابط الشرطة، الذي طلب من رجا أن يرافقه لتحرير محضر بالواقعة، يثبت فيه التهديد والاعتداء حتى لا يتعرض له أو لزوجته مستقبلاً.
وما إن غادر رجا، حتى انفضّ السامر، وارتفعت دموع الفرح لتُستبدل بقلق ودموع قهر، وصعدت وعد إلى شقتها بصحبة والدتها ووالدة رجا، تجلس بفستان زفافها على طرف الأريكة، تبكي حظها وتهمس بصوتٍ مهزوم:
والله حرام بقي يرضي ربنا كده؟… ياخدوا رجا وهما شايفين بعينيهم إنه هو المجني عليه!
آه يا وعد يا قليلة البخت… يالي ما بتلحقي تفرحي!
ضحكت والدتها، واحتضنتها بحنان يشوبه التأثر، وقالت:
يا بت اهدي… دي ساعة زمن ويرجعلك. وبعدين جوزك ده راجل بجد… لا خاف من تهديد ولا من مطوة! ربنا حافظه ليكي … وبرده بالسلامه ويكمل فرحتكم على خير.
ابتسمت وعد بفخر، وراحت تصف شجاعة رجا بانبهار طفولي صادق:
آه يا ماما، سمعتيه وهو بيقوله "لو قربت منها هموّتك"؟
هو أنا بحب رجا من شويا .... ده روحي وقلبي.
اقتربت منها حماتها، نعمات، وقد ارتسم الحزن على ملامحها، فظنت سناء أنها متأثرة لأن فرحة ابنها لم تكتمل، وأنه قُطِع عليه يوم عرسه. فربّتت على يدها وقالت بلطف:
ربنا يسعدك بيه يا بنتي، ويفرح قلبك زي ما فرّحتي قلبي بحبك لابني. يلا يا عروستنا، قومي غيري هدومك وجهزي نفسك، علشان تفرحي قلب جوزك لما يرجع بالسلامه
هزّت وعد رأسها بالرفض، وقالت بإصرار حزين:
لأ يا خالتي… مش هتحرك من مكاني غير لما يرجع.
أنا عارفة بختي، عمري ما فرحت زي باقي العرايس، وشكلي هبات على الكرسي لابسة الفستان.
ضحكت أمها، وقرصتها من أذنها بخفة:
قومي يا مفترية… بقي ملحقتيش تفرحي، ده رجا عاملك فرح الكل بيحلف بيه، ودافع عنك قدام الكل.. وكل البنات بتحسدك عليه! وبعد ده كله تقولي بختك قليل؟
قومي يا خايبة، صلي ركعتين شكر لله إنه كتبك من نصيب راجل زي رجا. يلا قومي واستهدى بالله
مهما غاب، هيرجع وهياخدك في حضنه يا غلباوية!
ما كادت تنهي جملتها حتى دوّى صوت رجا من خلفهم، بنبرة مرحة وحنونة:
كويس إني رجعت في الوقت المناسب، علشان نصلي سوا. من النهاردة، كل حاجة هنعملها سوا، مش كده يا وعد؟
نظرت إليه وعد بابتسامة عريضة زينت وجهها البرئ، وقامت مسرعة لتقترب منه، لكن والدته سبقَتها واحتضنته، وقالت بلهفة:
حمدلله على سلامتك يا ضنايا… طمّني، عملتوا إيه في القسم؟
قبّل يدها باحترام، ثم اقترب من وعد، وأخذها تحت جناحه، وضغطها إلى صدره، وقال بصوتٍ مطمئن:
ولا حاجة.عملت له محضر، وأخدوا عليه تعهد بعدم التعرض، وهيوقّع عليه بإذن الله لما يقوم بالسلامة.
هو دلوقتي في المستشفى، حالته غير مستقرة… ربنا يعافيه ويكفينا شره.
ربتت سناء على كتفه بعرفان، وقالت بحرارة:
ربنا يحفظك ويصونك يا رجا… زي ما صُنت بنتي وشرفها، ورفعت راسي.
تقدّمت سناء من والدة رجا، وقالت بابتسامة دافئة:
يلا يا نعمات نطلع نرتاح، ونسيب العرايس ياكلوا لقمة ويرتاحوا. وبكرا على المغرب ننزل نباركلهم تاني، وانتو خدو راحتكم في النوم. ربنا يسعدكم ويفرح قلبي بيكم.
الله لا يحرمني منك يا رجا، ويفرحني بحفيد ليك انت وبنتي قبل ما السنة تلف.
تغيّرت ملامح رجا، وابتسم ابتسامة خافتة، ورد بهدوء:
كله بإذن ربنا يا خالتي، اقعدو اتعشوا الأول معانا.
ضحكت أمه، وجذبت سناء للخروج، وقالت وهي تُغلق الباب:
كفاية كده علينا… كلّوا انتو بالهنا والشفا، وربنا يباركلك يا ضنايا، تصبحوا على خير.
وما إن أُغلق الباب، حتى أداره رجا بالمفتاح، ثم التفت لوعد وقال بنظرة عميقة:
مبروك يا وعد… من الليلة دي، ده بيتك ودنيتك الجديدة.
----------------
دخل رجا إلى غرفة النوم برفقة وعد التي كانت ترتجف بخفة. التفت إليها متعجبًا:
مالك يا وعد؟ خايفة مني؟ ولا مكسوفة؟ بس ليه؟ وإحنا متفقين إن جوازنا أبيض، مجرد حبر على ورق.
هزّت رأسها بإيماءة، وقالت بخجل:
عارفة… بس افتكرت الليلة اياها، وكلامك ساعتها…
تخيّلت لو كنت ضعفت، وخليت قلبي يحكمني بدل عقلي… كنت هترضي تتجوزني بعد كده؟ ولا كنت هتشوف إني ما استاهلش؟
لانك كنت بتختبر أخلاقي، ولو وافقت هتتأكد إني...
لم يدعها تُكمل. ضمّها إلى صدره، ورفع وجهها إليه برفق، لتتلاقى نظراتهما، وقال:
مافيش حد فاهمك قدّي يا وعد..
حتي لو كان قلبك هزم عقلك، برضو كنت هتجوزك.
ضعفك عمره ما كان دليل على انعدم أخلاقك، بالعكس ده بس كان هيبين إنك بتحبيني بصدق.
وقلبك سيطرت علي افعالك
متقلقيش علي نفسك معايا يا وعد، مش انا اللي استغل ضعفك واخذه قرينه ضدك لانك…تربية إيدي.
ثم ابتسم لها بحنان، ونزع طرحتها برفق، وربّت على شعرها القصير بدهشة صادقة وهو يقول:
إيه ده؟ كنت فاكرك شعرك طويل!
وأنا صغير، كنت دايمًا بشوف ضفيرتك الطويلة… راحت فين؟
وضعت يدها على رأسها بخجل، وقد أحست بالحرج لأنه اكتشف أنها قصّت شعرها وفقًا للموضة، لكنها داخليًا كانت ترقص فرحًا… لأنه لا يزال يتذكر أدق تفاصيلها منذ الطفولة. فتمتمت بتردد:
حقك عليا… ماكنتش أعرف إنك بتحب الشعر الطويل.
غمغم بضيق خفيف، وربّت على ظهرها بلطف:
بحبه جدًا...وإنتِ كنتِ قمر بيه.
الشعر تاج المرأة، بيزينها… اوعديني إنك هتسيبيه يطول، ومش هتقُصّيه تاني. اتفقنا؟
أومأت برأسها موافقة، فابتسم وسألها بنبرة حنونة:
ها قوليلي… تحبي نبدأ بالأكل؟
ولا نصلي ركعتين شكر لربنا اللي جمعنا، وتكون بدايتنا سوا بحمد الله؟
هزّت رأسها بالموافقة، فابتسم وهو يبادلها السلام، ثم تركها تدخل لتبدّل ثيابها، فخلعت فستانها وارتدت الإسدال، بينما هو خرج من الغرفة ليغيّر ملابسه أيضًا في انتظارها.
خرجت إليه بعد الوضوء، فوقف يصلي بها، وسأل الله أن يبارك لهما في حياتهما سويًا.
ثم أمسك يدها، ودخلا معًا إلى غرفة النوم.
أجلسها برفق، ثم أتى بالطعام، وجلسا يتناولانه سويًا، يتحادثان تارة عن ما جرى في ليلة زفافهما، وتارة أخرى عن ذكريات الطفولة القديمة التي ظلت تسكن قلبيهما.
طال العشاء، ليس لطوله، بل لكثرة الأحاديث الدافئة التي اختلطت به.
وما إن انتهيا، حتى وقف رجا، فنهضت وعد سريعًا، جمعت الأطباق وأدخلتها إلى المطبخ، ثم عادت… لتراه مستلقيًا على الفراش في أريحية كاملة.
توقفت مكانها في حيرة… لا تعرف ما الذي ينبغي عليها فعله.
رفع جسده مسنودًا على مرفقه، وسألها بنبرة مازحة دافئة:
مالك واقفة كده ليه؟ محتاسة؟ ولا متوترة؟
تعالي نامي في حضني… مش إنتِ اللي كنتي نفسك في كده؟ ولا مكسوفة؟
نكسَت رأسها أرضًا، يخنقها حياؤها، فغابت عن ملاحظته وهو ينهض ويتجه نحوها، وفجأة… أظلمت الدنيا من حولها، وقبل أن تفهم ما يحدث، شعرت بيده تنزع عنها الإسدال، ثم حملها بين ذراعيه ومدّدها على الفراش.
طوّق خصرها بذراعه، وضمّها إلى صدره برقة، ثم قبّل جبينها وهمس في أذنها بصوتٍ حنون:
تصبحين على خير…يا حلم جميل، أتمناه.
ويا وعد، عمري ما أخلّ بيه…
ويا روح، ملكت روحي، فعاهدت نفسي أن لا تكون ذاتي إلا لها… ما حييت.
ثم أغمض عينيه، وهدأت أنفاسه… فعلمت أنه قد غفى. أما هي… فلم تهدأ أنفاسها بعد.
ظلت تتنفس عطره وتستسلم لحرارة اللحظة…
فلم تسأله عن مقصده من كلماته العميقة، ولا ناقشته فيما همس به، بل شرَدت تمامًا… وأسلمت روحها لدفء أحضانه، التي صارت أخيرًا… مأواها بعد طول عناء وانتظار.
*************
استيقظت وعد شاعرا بثقل علي جسدها، فتحت عيناها بفزع فرات جسدها حبيس اذرع واقدام رجا، النائم باريحية، ابتسمت بسعادة غير مصدقه انها غفت بين احضانه، تأملت ملامحها الهادئه والتي ذهب عنه الحزن الذي لا تعرف سببه،
فجاة فتح عيناه فهربت من نظراته بان دفنت راسها بصدره وتذكرت انها لا ترتدى الا ثيابها الذاخليه فقط بعد ان نزعها عنها الاسدال بعدما اغلق الاضاءة، فارتجفت بخجل وحاولت الخروج من بين احضانه،
ضحك رجا بمودة وضمها اليه اكثر بحنان وهمس:
معرفش ازاي بتتكسف مني وانت اللي طلبتي حضني
انا كنت هعطيكي الحرية تفضلي باوضتي او اجهز ليكي اوضة تانية وانت اللي اخترتي حضني، افهم بقي مكسوفه مني ليه، ولا كنت عايزه تنامي بالاسدال بحضن جوزك يا مجنونه،
زاد خجلها وانكمشت اكثر في حضنه فضمها بقوة اليه قائلًا:
ممكن الجميل يبطل دلع ويقوم يجهز الفطار، ولا هنفضل ننتكسف كده كتير
هزت راسها وقامت مسرعه من جواره وفتحت خزانة ملابسها لكي ترتدى ما يستر جسدها
اخذ رجا يضحك بقوة من شدة خجلها وهي من اردت وصاله وسعت اليه بقوة
استمر الحال بينهم لا بتغير، وبعد اسبوع عاد رجا الي عمله كمهندس معماري، واستمر سعيه الدؤوب في محاولة صدار امر من الحي باعادة تنكيس البيت الذي يسكن فيه هو وزوجته ووالدته ووالدة زوجته، بعد ان غادر جميع السكان خوفًا من انهياره
لكن بات محاولاته بالفشل، بسبب ان البناية ضعيفه ولن تتحمل التنكيس الا بعمل اعمدة تسند البيت من الانهيار وقت التنكيس، وهذا ما لا يستطيع عمله لعدم وجود توافرسيوله مالية
عاد الي البيت وهو مهموم وكانت زوجته تجلس مع
والدتها ووالدته بالصاله، القي رجا عليهم السلام ودخل غرفته واغلق الباب خلفه ،
قامت امها سناء ودفعت ابنتها نحو غرفة نومهم بعدما راوه مكفهر الوجه قائلة تحفزها:
ادخلي شوفي جوزك ماله، شكل في حاجه ضايقته في الشغل وانا هاخد حماتك واطلع فوق
همت وعد لكي تدخل اليه ، فامسكت والدته نعمات يدها وقالت:
خليكي انت يا وعد شكلي عارفه اللي مضايق ابني، انا هدخل ليه اتكلم معاه، لو مكنش اللي في بالي، انا هاخد امك ونطلع ونسببكم لبعض تتهنو يا عرسان
استغربت سناء ووعد موقف نعمات التي وجب عليها ان تعطي زوجته فرصه تهون علي زوجها، كي تتعود علي طبعه وتصبح هي واحة راحته من همومه:
تركتهم نعمات في حيرتهم، ودلفت الي ابنها فراته جالس علي الفراش واضع وجهه بين كفاه، دنت منه فكان الحزن واليأس يسكن عيناه كأنه يحمل هموم الكون فوق راسه فسالته بالم بعتصر قلبها حزنا علي حال ابنها الذي سيفارق الدنيا قريبًا:
مالك يا رجا، طمني يا ابني في جديد ولا حزين علي حالك وعلي ايامك اللي بتهرب من بين ايدك
تنهد رجا بضيق وربت علي كتف والدته مواسيًا له علي انتظار موته مثله وقال:
مفيش يا ماما طلب التنكيس اترفض بشرط اعمل عواميد تسند البيت، انت عارفه كل فلوسي راحتي علي العلاج ومسكنات الالم ، ومبقاش معايا اللي ييسير حالكم بعدى، اه يا امي انا حزين هتروحو فين بعد ما قرار الازالة يتنفذ ، كنت نفسي انكس البيت واضمن ليكم الاستقرار قبل ما...
وضعت والدته يدها علي فمه وقطعت حديثه:
كفاية يا رجا، بعدك لا عايزه بيت ولا حياة، ياريت فكرت في نفسك من زمان بدل ما بتفكر في اللي حواليك وتحاول تخفف همومهم
ضمته الي صدرها وبكت:
سيبك منا وشوف طريقة تتعالج بيها، مش معقول مفيش امل، ربنا قال في كتابة العزيز
( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
اسبل جفناه بحزن واجابها:
ونعمه بالله، بس ده مش ياس يا امي ده واقع لازم اعيشه واحسب ليه قبل ما افارق الدنيا، انت ووعد ووالدتها، محدش ليكم في الدنيا غيري واجب عليا اامن عليكم من غدر الحياة بعدى، لكني عاجز حتي علي تامين بيت تعيشو فيه وتنعمو بالاستقرار
هزت امه راسها بالنفي وابطلت حجته بحكمه:
وانت كنت امنت غدر الزمان، كنت زي الفل وصحتك زي الفل، لحد ما فجاة المرض نهش فيك وهيسرق عمرك وشبابك، يا رجا عيش حياتك او اللي باقي منها فكر في نفسك، وسيبني للي خلقنا هو يدبر حالنا من بعدك، اوعدني يا رجا انك تتهني بعروستك وتعوض نفسك ومراتك حبك، مش يمكن ربنا يرزقك منها بطفل يكون ذكري وسلسال ليك
اعترض رجا بشدة علي اقتراح والدته واردف:
لاء مستحيل اظلمها معايا مرتين، كفاية ظلمت نفسي بجوازي منها،انا تعبان يا امي كل يوم وهي في حضني بعيش دفاها وبتمناها
لكن مرضي حرمني منها ومن الحياه في دنيتها ودخول جنتها اه يا امي
جذبت والدته راسه وضمتها الي صدرها تحتويه وتخفف عنها بعض ما يعانيه وقالت:
طيب يا رجا ما تدخل دنيتها وعيش اليومين اللي ليك في سعادة معاها بلاش زهدك فيها من خوفك عليها، ما ياما ناس اتجوزو وعاشو والقدر فراقهم
جت عليك علي الاقل انت عارف قيمة وقتك معاها
هز راسه برفض قاطع واردف:
علشان عارف مش عايزها تعيش وحيدة بعدى، او مع طفل مريض يورث مرضي وتنتظر موته زي ما انت بنتظريه دلوقتي، انا عايز ارحمها من العيش علي ذكرياتي، علشان تقدر تتجوز من غير ما جوزها يعايرها انها كانت لغيره قبله، ويقل منها
وغلاوتي عندك يا امي جوزها للي يستحقها بعدى
بكت امه بحرقه وضمته الي صدرها بقوة وقالت:
اه يا وجع قلبك يا نعمات، ليه كده بس يا ابني، تحرم نفسك وتكتب عليك الزهد والحرمان
ابتسم بجزع ورد عليها:
ده قدري ومكتوب عليا وصدقيني كده احسن لا اعلقها بيا ولا اعلق نفسي بيها واكره قدري
ثم مين قالك اني مش سعيد دي محاولاته وسعيها علشان احبها بتجنني رغم اني بعشقها لكن عمايلها خليتني ادوب عشقًا في هواها،
نهض من علي الفراش وجذب يد والدته كي تقوم هي الاخرة وقال:
قومي نقعد معاهم مبقتش عندى وقت حني اشبع منك ومنها يارب كملها علي خير وهونها
**************
مر شهر وحياة رجا لم تتبدل مع وعد، الا انه زادت به عشقًا واصبحت تتمنا ان تنال حبه، ذلك التحدي التي قبلته بحماس علي امل انها ستنجح ، ويكمل زواجها منه حتي يرزقها الله بطفل يشبهه
لكن بدل عن ذلك اصبح رجا يتجنبها كثيرًا ويتجنب الحديث معها، مما زاد خيرتها حتي في الليل ما ان تغفو يبتعد عنها كانه لا ينال الراحه معها
رغم ذلك لم تياس الي ان زارهم صديق زوجها وكان طبيب عرف نفسها بذلك وانها كان يدرس بامريكا،
رحب به رجا ورفض استضافته بشقته وطلب منه ان يستضيفه في احد الكافتريات واخذه وخرج دون ان تفهم وعد سبب تصرفه الغريب هذا
وصل رجا الي الكافتريا وجلس مع صديقه حسن الذي قال بعصبيه:
مش معقول يا رجا غيران علي مراتك مني، انت اخويا ومستحيل افكر في مرات اخويا بجد زعلان منك، اخر حاجه اتوقعها منك،
ضحك رجا بتهكم ودفعه في صدره برفق وقال:
انت متخلف يا حسن، انت صديقي واخويا والوحيد اللي امنته علي سري، كل الحكاية خفت تتكلم عن مرضي قدام وعد وتصدمها بان خلال شهور هتبقي ارمله، فقولت اخدك واخرج ونتكلم براحتنا
حدق به حسن باستغراب وتعجب وقال:
ايه ده هي مراتك متعرفش بحالتك الصحية، انت كده هتصدمها بموتك طول عمرك صريح مع نفسك وغيرك ليه خبيت عليها وهي شريكة حياتك، افرض حملت مش لازم تعرف لأبنك يصاب بمرضك
ارجع رجا ظهره علي مقعده وقال:
متقلقش جوازي منها صورى، انا اتجوزتها لانها فكرت بالانتحار لما رفضتها، خفت عليها من نفسها، ثم مين ضامن عمره يوم، تعتبرني مت في حادثه
المهم خير قولت ان في خبر حلو علشاني خبر ايه
رفع نظراته عن عيناه وقال بحماس:
في دكتور بيطبق نظرية عن مرضي الثلاسيميا، مرضك وبالذات نفس الجزئية المصاب ريها
_______
ما هو مرض الثلاسيميا!
التلاسيميَّة هو اضطراب دم وراثي يؤدي إلى انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الجسم عن المعدل الطبيعي. يُمكِّن الهيموغلوبين خلايا الدم الحمراء من حمل الأكسجين. قد تسبب التلاسيميَّة فقر الدم؛ مما يجعلك تشعر بالإرهاق.
تنهد حسن واكمل حين راي امتعاض رجا من حديثه:
افهم بس الدكتور ده عالم كبير وبقاله سنين بيتشغل علي الطفرات الوراثية وثلاسيميا الدم وبالذت ثلاسيما الفا نفس اللي بتعاني منه،
(حفيقة عملية)
تتكون جزيئات الهيموغلوبين من سلاسل تُسمى سلاسل ألفا وبيتا التي قد تتأثر بالطفرات. في الثلاسيميا، يقل إنتاج سلاسل ألفا أو بيتا؛ ما يؤدي إلى الإصابة إما بثلاسيميا ألفا أو ثلاسيميا بيتا.
في ثلاسيميا ألفا، تعتمد شدة الثلاسيميا على عدد الطفرات الجينية التي ورثتها من الأهل. وكلما زادت الجينات الطافرة، زادت شدة الثلاسيميا.
في ثلاسيميا بيتا، تعتمد شدة الثلاسيميا على الموقع الذي تأثر بالطفرة في جزيء الهيموغلوبين.
________
اكمل حسن حديثه بحماس:
انا عارف ان الياس تمكن منك بالذات لانك محتاج زرع نخاع وللاسف غير متوفر ولا حتي متبرع،
بس التجربة تعتمد علي سلسله بتوقيت معين لتغير الدم علي مراحل انا عارف انها ممكن تفشل لعدم تلائم جسمك او رفض التغير
لكن علي الاقل هتعيش وقت اطول مع امك ومراتك اللي الواضح انك بتحبها وده سبب جوازك منها مش حكاية انقاذك ليها من الموت، يا نمس
( تعريف سلاسل الفا من الثلاسيميا)
الثلاسيمية ألفا
تشترك أربعة جينات في تكوين سلسلة هيموغلوبين ألفا. وتحصُل على اثنين منها من الوالدين. وإذا كنتَ تَرِث:
طفرة وراثية، فلن تظهر عليكَ مؤشرات أو أعراض الثلاسيمية. ولكنكَ تُعَدُّ حاملًا للمرض، ويُمكن أن تُورِّثه إلى أطفالك.
وإذا كنتَ تَرِث طَفْرَتَيْنِ وراثيتين، فستكون مؤشرات وأعراض الثلاسيمية طفيفة. قد يُطلَق على هذه الحالة سمة ثلاسيمية ألفا.
وفي حالة وراثة ثلاث طفرات جينية، فستتراوح شدة المؤشرات والأعراض من متوسِّطة إلى شديدة.
ولكن من النادر وراثة أربع طفرات جينية، وعادة ما تتسبَّب في وفاة الأجنة. المواليد المولودة بهذه الحالة غالبًا ما يُتَوَفَّوْنَ بعد فترة قصيرة من الولادة أو يَلزَمهم المعالجة بنقل الدم طوال الحياة. وفي حالات نادرة، يُمكن معالجة الطفل المولود بهذه الحالة عن طريق نقل وزراعة الخلايا الجذعية.
_______
هز رجا راسه برفض تام وقال:
انت قولتها بنفس نسبة الفشل اكبر من النجاح، عايزني فار تجارب يا حسن،
يمكن لانك طبيب افهم وجهة نظرك، لان موتي او حياتي التجربة ما هو الا طريق من الشفاء بترسموها لمرضي الثلاسيميا الاخرين من بعدى وده هدفكم
لكن نسيت يا صاحبي ان عندى ام وزوجة محتاجين كل مليم علشان يتعايشو منه بعد ما اموت
قولي هكسب ايه لما اسيب شغلي واوهب حياتي لتجربة فشله، غير خسارتي لعائد مادى اتركه لاهلي
اخرج حسن شيك بمبلغ كبير واعطاه له:
اتفضل ده شيك بربع مليون دولار، يعني تقدر تنكس البيت وتسيب لاهلك مبلغ يتعايشو بيه من بعدك
خد بالك حالتك من اكثر الحالات اللي توافق التجربة والدكتور متحمس ليك
جرب يا رجا لو فشلت مش خسران ولو نجحت حتي لو نجاح محدود هتعطيك فرصه تعيش معهم وقت اطول، صدقتي انا جيت ليك مخصوص لانك صاحبي ونفسي تشفي وتعيش يا صاحبي لو ايام زيادة
تناول رجا الشيك واصابتها الحيرة، هل يخسر من عمره الشهور الباقية لكي يؤمن حياة زوجته وامه، ام يجازف لعل الله ؤكتب له عمر جديد حتي لو شهور قليله مع تعويض مادى يامن حياة من يحب بعده
قلب رجا الشيك بيده وتهكم قائلًا؟!!!!
***************
يتبع .....
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا