رواية وعد الفصل الأول1 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية وعد الفصل الأول1 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
#البارت_الاول
**********
وصل إلى سمعه صوت استنجاد والدة وعد كالصاعقة التي شقّت سكون اللحظة، فانتفض قلبه قبل جسده، وشعر وكأن الأرض اهتزت تحت قدميه..."
وقف رجا ينظر إلى والدته بذهول، عيناه متسعتان ووجهه مشوش، وقال بصوت مبحوح يخالطه الألم والحسرة:
أنا السبب... أنا السبب، أكيد انتحرت علشاني.
رمقته نعمات بنظرة مشوبة بالدهشة وسألته بحيرة:
إنت السبب ليه يا بني؟! هو علشان مش بتبادلها مشاعرها تقوم تنتحر؟!
تعال بس اطلع معايا نشوف جرالها إيه... الست سناء ملهاش حد غيرنا، والبيت فضي علينا.
هز رجا رأسه بأسى ورد بصوت واطي:
مش قادر يا ماما... أنا قتلتها بغبائي، كنت فاكر إنّي لما أخليها تكرهني هتبعد... بس خسرتها، خسرتها للأبد... حياتها كانت في رقابتي، وأنا ضيعتها.
نظرت إليه والدته بريبة، وعيونها تلمع بتساؤل لا يرحم، ثم سألته بحدة مكتومة:
هو إنت بينكم كلام من أصله ولا بتكلمها من ورايا؟!
مش كنت قايللي إنك هتسيبها لحد ما تيأس منك وتفوق لنفسها ومصلحتها وتفكر في حد غيرك؟
و إيه حكاية إنك خلتها تكرهك؟ عملت معاها إيه يا رجا مع البت انطق؟!
ألقى رجا جسده المرهق على أقرب مقعد، وكأن الحياة سُحبت من أوصاله، ثم تمتم بصوت يخنقه الحزن:
هي دي كانت خطتي... كنت عايزها تبعد عني بإي شكل ، بس هي أصرت تعرف... ليه بتجنبها رغم إنها متربية معايا، وليه مش عايز أديها فرصة؟
حاولت أشرح إنّي مش بفكر في الجواز أصلاً، لكنها ما اقتنعتش... عاندتني.
كانت عايزة تعرف إيه اللي فيها مش عاجبني...
ملقتش قدامي غير إني أكرهها فيّ، وعرضت عليها علاقة ترضيني.. بس من غير حب، من غير نية زواج.
أغمض عينيه بألم، وصوته صار أكثر وهنًا:
طبعًا رفضت.......وبكت علي نفسها لم حست إنها رخيصة في نظري... وخرجت تجري، واضح إنّي جرحتها أوي...
اختارت تموت بدل ما تعيش في عيني مهانة، أو إنها اتكسرت قدامي.
اقتربت منه والدته، وجذبته من ذراعه بحزم، وعيناها تلتمعان بالدهشة والخذلان:
معقول؟! معقول انت تعمل كده؟!
بقيت قاسي اوي يا رجا... قاسي على نفسك، وعلى كل اللي بيحبوك...دي وعد بنت غلبانة حبتك من قلبها، إزاي تسمح لقلبها ينكسر منك كده؟!
ثم أخذت بيده، تُجبره على الوقوف، وصوتها يشق الحزن:
قوم معايا نشوف جرى لها إيه...
ولو لسه ربنا كاتب لها عمر، تقدر تصلح اللي عملته... بس يارب، يارب نلحقها.
هز رجا رأسه بعنف، يرفض بعناد مرير، وابتعد عن والدته بضع خطوات وكأن الخطايا تحاصره من كل اتجاه، ثم قال بصوت منكسر:
مش هقدر يا ماما... مش هقدر أشوفها كده...
لو ماتت، تبقى ماتت عشاني، وأنا مش هستحمل ده...
وعد دي بنتي وحبيبتي، كنت بحاول أحميها من حبها ليا، لكن وجعتها أكتر
فكرت إني أنقذها من ألم الفراق... لكن وجعتها وفرقتني هي و وجعتني عليها .....
ضرب صدره بكفه وغمغم بحرقة:
انا غبي... غبي، لا عارف أسعد نفسي، ولا أسعدها في الكام شهر اللي فاضلين لي من عمري بالدنيا...
تنهدت نعمات بحزن، عيناها مغرورقتان، واحتضنته بوجع أمٍ تتقطع على ابنها:
ارحمني يا رجا، وسلّم أمرك لله...
يمكن ربنا يكتب لك النجاة... قوم، قوم نطلع للبنت... نطمن عليها، يمكن ربك يهديك بيها.
تنفس رجا بعمق، كما لو أنه يبتلع نارًا في صدره، ثم نهض متثاقلاً، ونفض الحزن عن كتفيه قدر استطاعته، وصعد مع والدته إلى شقة الست سناء، يعلوهما خوف ثقيل… لا يشبهه إلا صمت الموت.
كان قلبه يرتجف… يخشى أن يكون قد خسر وعد للأبد.
**************
دخل رجا الغرفة مهرولًا، وقلبه يوشك أن يخرج من بين ضلوعه. كانت وعد مسجاة في حضن والدتها، فاقدة الوعي، ووجهها شاحب كأن الحياة قد هجرت ملامحه.
والدتها تبكي بحرقة، تحتضن جسد ابنتها المرتخي وتصرخ برجاء ممزوج باليأس:
الحقني يا رجا! بنتي ماتت… ضنايا وفرحة عمري كلها راحت!
ركع رجا بجوارها، أمسك يد وعد المرتخية، فوجدها باردة كثلج. بدأ يدلكها بسرعة، ووجهه مصفر من الخوف، ثم هتف فجأة بحماس:
وعد عايشة!… في نبض… ضعيف، بس لسه فيه حياة يلا بينا نلحقها !
غطّي شعرها بسرعة يا خالتي، أنا هاخدها على المستشفى حالًا!
أسرعت سناء وجلبت طرحة، غطت بها رأس ابنتها المرتخي، بينما حملها رجا بذراعين مرتجفتين، وانطلق بها إلى الخارج، يعدو كمن يهرب من شبح الموت.
أوقف تاكسي على عجل، فتح الباب الخلفي ومدد جسدها على المقعد الجانبي، بينما جلست والدتها ووالدته بجوارها، تحفّهما دعوات مكتومة ودموع لا تنضب. قال رجا للسائق بصوت مرتجف:
على أقرب مستشفى بسرعة… البنت بتموت!
أدرك السائق خطورة الموقف، فانطلق دون أن ينبس بكلمة، يشق الطريق بسيارته كمن يسابق القدر.
وصلوا إلى المستشفى، فتم نقل وعد سريعًا على سرير نقال إلى غرفة الطوارئ، بينما بقي الثلاثة بالخارج، يتشبثون بالأمل، وكلٌ منهم يصلي في سره.
مرت الدقائق كأنها دهر.
حتى خرج الطبيب أخيرًا، بنظرة جادة وصوت ثابت:
مين المسؤول عن الحالة وعد؟
تقدم رجا خطوة للأمام، وعيناه تقدحان قلقًا:
أنا… طمني يا دكتور، إيه اللي حصل لها؟ هي كويسة؟ عايشة؟!
نظر الطبيب إليه بريبة، ثم قال:
الحمد لله، أنقذناها في الوقت المناسب. االبنت خدت كمية كبيرة من الحبوب كبير ، سببت لها تسمم…
عملنا لها غسيل معدة، وحالتها استقرت دلوقتي. خلال نص ساعة هتكون فافت وتتنقل لغرفتها.
تنهد الثلاثة براحة، ولكن الطبيب أكمل، بنبرة أكثر حذرًاز وجدية:
بس أنا آسف… إحنا بلغنا الشرطة.
دي حالة محاولة انتحار، فيها مساءلة قانونية.
هز رجا رأسه بإيماءة خفيفة، فسألته نعمات بلهفة:
يعني… يعني بنتي عايشة؟!
ثم نظرت إلى الطبيب ودموعها تنهمر:
أحمدك يا رب… شكرًا يا دكتور إنك أنقذتها ورديتلي روحي… وعد دي بنت عمري ودنيتي كلها.
ربت الطبيب على كتفها بشفقة، وشدّ على يدها قائلًا:
الحمد لله جات سليمة، بس لازم تعرفوا إيه اللي خلاها تعمل كده… اللي حاول ينتحر مرة، ممكن يعيدها، ولو دخلت في اكتئاب هتكون حالتها أصعب.
ضربت الأم صدرها بهلع وصرخت بجزع:
يامصيبتي! تنتحر تاني؟! لا والنبي! دي روحي… أنا مقدرش أعيش من غيرها! طيب ممكن أدخل أشوفها؟
هز الطبيب رأسه موافقًا، وأشار إليها أن تدخل أول ما تنتقل إلى غرفتها، وشجعها إنها تحاول تتكلم معاها وتعرف منها السبب الحقيقي.
بعد نصف ساعة، جاءت الممرضة تُبلغهم بأنها فاقت، وأنها بانتظارهم.
دلفت الأم مسرعة إلى الغرفة، والدموع في عينيها، أما رجا ووالدته فظلا بالخارج، وسألته أمه بنبرة قلق:
هتعمل إيه يا رجا؟ البنت كانت هتروح في شربة ميه. والدكتور بيقول ممكن تنتحر تاني
تنهد بقوة، وقال بضيق:
عارف يا ماما… متقلقيش، أنا هتصرف… تعالي نطمن عليها.
رافقته والدته، وما إن دخلت رأته عينا وعد الغارقة بالدموع حتى نكست رأسها وأجهشت بالبكاء.
اقترب منها رجا وقال لوالدتها:
لو سمحتي يا خالتي… ممكن تسيبيني أنا ووعد شوية؟ عايز أكلمها لوحدنا.
نظرت الأم إلى ابنتها التي تبكي بحرقة، ووقع في قلبها يقين أن ما حدث كان بسببه. تساءلت مع نفسها:
يا ترى إيه اللي خلاها تعمل كده في نفسها ؟!
لكنها لم تجد إجابة… فاكتفت بأن جذبت نعمات والدة رجا من ذراعها، وخرجت.
اقترب رجا من السرير، ونظر إليها بغموض، وصوته يحمل ريبة وغضبًا مكتومًا:
ممكن أفهم إيه المصيبة السودة اللي عملتيها دي؟! إيه السبب؟! أوعي تقوليلي علشان رفضي ليكي… إنتي اللي قلتي لأ، مش أنا!
رفعت وعد رأسها بذهول، وقالت بارتباك:
انت مجنون؟! إزاي كنت متخيل إني أسلّمك شرفي بالساهل كده؟! حتي لو بحبك واموت فيك ،
لو على قلبي يتحرق… ماشي، بس جسمي؟ لأ!
مستحيل… من غير…
سكتت فجأة، خجلًا، وعجزت عن إكمال الجملة.
لكنه أكمل عنها، ونظراته تحمل مزيجًا من الندم والدهشة:
من غير جواز؟… يعني أفهم إنك مش بترفضي تكوني ليا… بس عايزة اللي بينا يبقى بالحلال؟
بس إيه الفرق؟!
اللي كنت هاخده منك كان هيرضيني، وفي المقابل… إنتِ مش هتاخدي قلبي برضه.
رفعت رأسها، وحدقت فيه بغيظ، وردّت بنبرة مكسورة لكنها شامخة:
يمكن ماخدتش قلبك… بس على الأقل… احترمت نفسي. ومعملتش حاجة أغضب بيها ربنا.
بصراحة… أنا مصدومة فيك، ومش قادرة اصدق إنك تطلع بالمنظر ده!
اقترب منها، حتى كاد أنفاسه تلامس وجهها، وقال بصوت خافت، لكنه واضح:
وانا… موافق يا وعد. مدام مش هتلزميني أحبك… ولا أبادلك مشاعرك… وعد أنا عايز أتجوزك.
هاه؟ موافقة؟
**********
يتبع.......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا