رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق مصطفى حصريه
رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الثالث عشر13 بقلم شروق مصطفى حصريه
عاد وليد مسرعًا بعدما أنهى مكالمته مع همسة، وكان قد أتم اتفاقه مع السمسار واستأجر الشاليه المجاور لهم. أوقف سيارته على عجل، ثم دلف إلى الداخل بخطوات قلقة، لكنّه تجمّد في مكانه حين وقعت عيناه على المشهد الصادم أمامه.
عاصم كان مسجًى على الأرض داخل غرفة سيلا، فاقدًا للوعي، بينما طاقم التمريض يحاول جاهدًا سحبه خارجًا، وسط نوبات من الصراخ الهستيري التي كانت تملأ المكان.
وقبل هذه اللحظة بلحظات…
انفجرت سيلا في صرخة حادة هزّت أرجاء الغرفة. لم يستطع أحد تهدئتها، كانت عيناها تجوبان المكان في هلع، وهي تصرّ بأنّه ما زال موجودًا بجانبها. تؤكّد بأنها تسمع همسه، وتتنشّق عطره الذي عبق الأجواء.
همسة، التي هرعت إلى الغرفة فور سماعها للصراخ، فوجئت برؤية عاصم واقفًا عند رأس الفراش، بينما سيلا ترتعـ,ـش بجنون، تهتف بهستيريا وهي تتلمّس أنفاسه تقترب منها.
عاصم لم يكن في حالته الطبيعية. خطواته متخبّطة، عيناه زائغتان، وصوته بالكاد يُسمع:
ــ “اسمعيني بس يا سيلا… لازم تسمعيني، أنا… أنا ااا…”
لكنّه لم يكمل.
قاطعته صرختها المفـ,ـزعة، ممتلئة بكل الألـ,ـم والغضب المكبوت:
ــ “اطلع برّه حياتي! بقرف منك ومن لمستك… براااا!”
همس عاصم بكلمات مهزومة:
ــ “سيلا… والله بحبك… آسف على…”
لكن جسـ,ـده خانَه، وانـ,ـهار فجأة على الأرض أمام أعين الجميع، غارقًا في صمته ووجعه، غائبًا عن الوعي تمامًا.
…
لم يستطع أحد حمل عاصم إلى الخارج. بدا وكأن جسده فقد كل قواه تمامًا. صرخت همسة بذعر:
ــ “وليد… تعالى بسرعة!”
ركضت مي نحو الغرفة بفزع، بينما بقيت نبيلة بجوار الصغيرة، تخشى أن توقظها من نومها، واحتوت همسة أختها تحاول تهدئتها قدر المستطاع، لكن سيلا لم تتوقف عن البكاء. كانت دموعها حارقة، تبكي جسدًا ينزف داخله، قلبًا تمزّق إلى أشلاء.
ما رأته لم يكن سهلًا… كيف يمكن لقلبٍ أن يحتمل أن يرى نصفه الآخر بين أحضان امرأة أخرى؟
ليس فقط في حـ,ـضنها، بل وهي تهمس بإعجابٍ برجولته، بجسده المثير، وكأنها تفتخر بامتلاكه!
في تلك اللحظة، شعرت سيلا وكأن سـ,ـكينًا مزّق وجهها، طُـ,ـعن صمتها بخنـ,ـجر، وانسحب منها الأمان.
يومها، حين فتحت باب الغرفة، كانت لحظة صادمة…
اتسعت عيناها، وشهقت أنفاسها وهي ترى المشهد الحميمي أمامها.
كان يعطيها ظهره، عارٍ من الأعلى، بينما تلك الشقراء تحتضنه من الخلف، تلتصق به وكأنها جزء منه، تميل برأسها عليه كأن لا أحد سواهما في هذا العالم.
انتفض كلاهما من صوت الباب، لكن المشهد قد سُجِّل بالفعل.
لو كانت النظرات**، لكانا الآن جـ,ـثتين هامدتين.
سقط ما كانت تحمله من بين يديها.
نظرت إليهما بذهول… ما أصعب أن ترى روحك تُسحب منك على مهل، أن تتحوّل إلى جسد بلا حياة.
رمقته بنظرة اشمئزاز، تفيض بالخـ,ـيانة.
أي كلام يمكن أن يُقال بعد ذلك؟
أي تبرير يُمكن أن يُغفر؟
لو روت لها غريبة هذا المشهد، لما صدّقت أذنيها… لكنها رأته بعينيها.
رأته.
ابتعدت تلك الفتاة من بين ذراعيه، أما عاصم فقد تجمّد في مكانه، كأن الحياة انسحبت منه هو الآخر.
ركضت سيلا مبتعدة، تهرب من المشهد، لكنّه لم يفارق ذاكرتها، ظل يلاحقها حتى أخذ الله نور بصرها.
وحينها فقط، حمدت الله على ذلك البلاء… فقد لم تعد تريد أن تراه مجددًا.
كانت دموعها تتساقط الآن، وهي تتذكّر كل شيء…
فما إن سمعت صوته مرة أخرى، حتى صرخت في وجه أختها:
ــ “مش عاوزة أسمع صوته! مش هقعد في مكان هو فيه! أنا همشي… حدّ يخرجني من هنا! مش قادرة أتنفس وهو موجود… فاهمة؟!”
ترددت همسة قليلًا، ثم أجابت بتوتر:
ــ “ح… حاضر، هطلع أشوف فيه إيه وهرجعلك.”
خرجت همسة من الغرفة، لكنها لم تُحكم إغلاق الباب…
وسمعت سيلا بوضوح بعض الهمهمات… أصواتًا هامسة تصدر منه…
صوت مألوف ما زال يجرح قلبها رغم كل شيء.
في الخارج، وبعد محاولات متكرّرة من وليد ومي لحمله خارج الغرفة، كشفت الممرضة على عاصم لتقول بقلق:
– حرارته مرتفعة جدًا، فوق الأربعين… لازم تنزلوه تحت مياه فاترة بسرعة وتبدلوا هدومه، وبعدها أديه له الحقنة الخافضة.
فتح عاصم عينيه بصعوبة، وهو يهذي بكلمات غير مفهومة قبل أن يفقد وعيه من جديد:
– أنا مش خاين… اسمعيني… عمري ما خـ,ـونتك… لازم تسمعيني…
سارع وليد بحمله، ودلف به إلى الحمّام، حيث جعله تحت المياه، ثم بدّل ملابسه المبتلّة سريعًا، قبل أن تعطيه الممرضة خافض الحرارة وتتركه ممددًا على الأريكة، غارقًا في نومٍ ثقيل. جلس وليد بجواره، متعبًا من كل ما جرى.
قال بنبرة مرهقة:
– ادخلوا ناموا… أنا هفضل جنبه. يلا يا همسة شوفي سيلا، خليكي جنبها… وانتي يا مي، دخلي، كفاية عليكو… تعبتوا.
ثم التفت نحو الممرضة:
– اتفضلي ريحي شوية.
انسحب الجميع إلى غرفهم، وظل وليد في مكانه. وما هي إلا دقائق حتى جاءت همسة، تطرق على كتفه برفق بعدما غفا قليلاً، وقد أحضرت له بعض الطعام.
قالت له بابتسامة:
– يلا تعالى كل حاجة، مكلتش من الصبح… إحنا كلنا كلنا.
ابتسم لها بمحبة:
– تسلم إيدِك.
انتهى من طعامه، ثم استلقى على الأريكة الأخرى، وأغلق عينيه، غارقًا في نومٍ عميق من شدّة الإرهاق.
—
في الصباح، نهض وليد باكرًا، لكنه فوجئ بعدم وجود عاصم في مكانه. فزع، وبدأ يبحث عنه في أنحاء المكان، إلى أن وجد باب غرفة سيلا مفتوحًا.
اقترب بهدوء، ليجده راكعًا على ركبتيه عند طرف سريرها، يربت على رأسها برقة. لكن ما إن شعر عاصم بوجوده، حتى نهض وغادر الغرفة بهدوء، قبل أن تستيقظ سيلا.
خرج إليه، قائلاً بنبرة جدّية:
– عاوزك في موضوع مهم… تعالى نشرب قهوة، بس مش هنا… بره.
هتف وليد وهو يربت على ذراعه بقلق:
– انت لسه تعبان… ريّح شوية، وبعدين نخرج طيب؟
لكن عاصم بدا وكأنه لا يسمع شيئًا، أو لا يريد أن يسمع. قال وهو يتنفس بثبات:
– أنا بقيت كويس… وهيبقى أحسن… طول ما هي جنبي. يلا بينا قبل ما حد يصحى.
أجابه وليد، مستسلمًا:
– تمام… يلا.
…
غادروا معًا، وتحدث عاصم مع الآخر في أمر ما، لكن الأخير اعترض بشدة، وبعد حوار طويل، ارتضى في النهاية واتفقا على ما سيحدث.
بعد ذلك، غادروا وأوصله وليد إلى الشاليه المجاور ليأخذ قسطًا من الراحة. لكن، قبل أن يتركه، هتف له وليد:
“همشي دلوقتي، ولما تجهز، بلغني علشان أتمم لك باقي المهمة.”
استعجل عاصم وهو يرد:
“بكرة مش قادر أستنى أكتر من كده، بكرة يا وليد، اعمل اللي قلتلك عليه.”
همس لنفسه بعد أن غادر:
“هانت أوي يا طفلتي العنيدة.”
صباح اليوم التالي، رتب عاصم بعض مكالماته، ثم هاتف وليد ليتمم باقي المهمة ويُوسع له الطريق لتنفيذ مخططه. بعد أن أغلق مع وليد، نادى على زوجته التي حضرت أمامه، فأردف لها:
“حبيبتي، ممكن تاخدي مي وتروحوا الشاليه عند عاصم عشان تروقوا شوية؟ وهقعد أنا وهو على الكافيه لحد ما تخلصوا، هو مش عارف يعمل إيه مع التراب والجو ده.”
قطعته همسة بتساؤل:
“عنيا حاضر، خلاص هاروح أنا، بس سيبيني مي تقعد مع سيلا.”
هاتف وليد بتوتر، متعجلًا:
“هاه، لا، لا، ماما مي موجودة؟ خديها تساعدك، لأن البيت مترب أوي مش عارف يقعد فيه، هطلع أجيب لكم المفتاح منه ونقعد بره لغاية ما تخلصوا، ماشي؟ قولي لمي عشان لما أجي.”
وافقت على حديثه واتجهت لمي لتأخذ بعض أدوات التنظيف معها. وفجأة…
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثالث 3من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا