القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

 

سكريبت كامل وحصري لمدونة قصر الروايات 





سكريبت كامل وحصري لمدونة قصر الروايات 


كنت بجهز مع صحابي لحفلة التخرج اللي فاضل عليها يومين. فرحانة، متحمسة، مش مصدقة إن اللحظة اللي حلمت بيها من أول سنة جامعة خلاص قربت. كنت شايفة نفسي بلبس حلو، بضحك وبغني، بحتفل بنجاحي بعد تعب سنين.


وأنا قاعدة بختار لبسي، جالي إشعار من جوزي على الواتس. قلبي دق، قلت أكيد هيقولي كلام حلو، يشجعني، يفرحلي… فتحت الرسالة، لقيته باعتلي صورة فستان واسع، وكاتب:


بعد يومين حفلتك، لبسك يكون كده، واسع ومحترم، وشعرك جوه الطرحة. وبلاش رقص وهزار قدام الناس. أنا مش عايز أشوفك بتتصرفي زي البنات اللي بيجروا ورا التريند. إنتِ مراتي، ست محترمة، خارجة من بيت ناس محترمين. حافظي على وقارك، عشان ما اضطرش أتصرف تصرف يزعلك.


الكلام وقع عليا زي الصدمة. ليه؟ ليه حتى فرحتي لازم تتقاس بميزان حد تاني؟ ليه كل حاجة في حياتي لازم تتفلتر برؤيته هو؟ كتبتله وأنا متعصبة:


هو  اي الفستان ده؟! ده يومي، حلمي، وعايزني ألبس حاجة مش شبهّي؟! أنا هلبس اللي يعجبني وهفرح بطريقتي زي صحابي، مش هخلي حد يتحكم فيا حتى في فرحتي!


وقفلت، ودموعي نازلة من القهر… مش بس من كلامه، من إحساسي إني مش حرة، إني دايمًا لازم أشرح ليه بضحك، وليه بفرح، وليه بكون على طبيعتي.


عدّى اليومين، وجه يوم الحفلة. لبست بنطلون، بلوزة شيك، وشعري سايب من الطرحة. حسيت إني أخيرًا بعمل اللي في دماغي. وصلت، لقيت صحابي بيرقصوا، دخلت معاهم، بنضحك ونغني، حسيت إني طايرة.


وفجأة… حسيت بنظرة تقطع القلب. رفعت عيني، لقيته واقف، جوزي، بيبصلي بصدمة، وساكت. عينيه كانت مليانة وجع… بس كمان غضب. فضل واقف بعيد، لا اتكلم ولا اتحرك.


عدت نص ساعة، لقيته راح لبابا، وقال بصوت عالي قدام الكل:


بنتك عندك، هي طالق. الست اللي تقل من نفسها وتكسر كلمة جوزها، ما تنفعش تكون مراتي. أنا مش عايز ولادي يتربوا على إن قلة الحياء اسمها حرية.


الناس كلها سكتت. وأنا؟ كنت واقفة، متجمدة. بس لقيت نفسي برد عليه:


آه، كنت بسمع كلامك، بس في أحلامي؟ لا. دي اللحظة اللي بحلم بيها من وأنا صغيرة. حلمت أفرح، أرقص، أكون على طبيعتي. ليه دايمًا لازم أكون نسخة منك؟ ليه فرحتي لازم تتقاس بميزانك؟


بصلي وقال:


يعني بتحلمي تقللي من نفسك؟! خلاص، افرحي براحتك… أنا مش موجود في الصورة دي تاني.

ومشي.


وأنا لسه واقفة، لقيت ماما جاية عليا، ضربتني بالقلم وقالت:


ده عشان معرفناش نربيكي. جوزك كان بيحافظ عليكي، وإنتِ اخترتي تظهري على حقيقتك.


حطيت إيدي على وشي، وفضلت ساكتة. بصيت حواليّ، لقيت صحابي اللي كانوا بيشجعوني اختفوا، كل واحدة رجعت مكانها. شفت بنات لابسين واسع، مستلمين شهاداتهم بهدوء، وأهاليهم بيحضنوهم بفخر.


وبصيت لنفسي… لقيتني واقفة لوحدي، وسط الزحمة، بس حاسة إني فاضية.


سألت نفسي:

هو أنا كنت بدور على الحرية؟ ولا كنت بهرب من حاجة؟

هو فعلاً التعبير عن الفرح لازم يكون بالشكل ده؟

ولا كنت بقلد من غير ما أفكر؟

هو أنا كنت بفرح… ولا كنت بتمرد؟


ساعتها فهمت…

الحرية مش إنك تعملي اللي إنتِ عايزاه وخلاص،

الحرية الحقيقية إنك تختاري الصح، حتى لو مش على هواك.

وإن الوقار مش ضد الفرح، بس الفرح مش لازم يكون على حساب كرامتك.

وإن اللي بيحبك بجد، مش هيقيدك… بس كمان مش هيسيبك تضيعي نفسك بإيدك.


اللحظة اللي كنت فاكرة إنها هتكون أسعد لحظة في حياتي…

بقت أكتر لحظة وجع.

مش عشان اتطلقت،

لكن عشان اكتشفت إني كنت بقلد، مش بعبّر.

وإني لما قررت أكون أنا، 

مكنتش عارفة أنا دي مين أصلاً.


رجعت البيت بعد الحفلة، مش قادرة أبص في المراية.

كل حاجة كنت فاكراها انتصار… طلعت هزيمة.

قعدت على سريري، والهدوء حواليا بيخنقني.

لا صوت ضحك، ولا موسيقى، ولا حتى صوت نفسي.

بس جوايا… كان في صوت واحد بيصرخ: ليه؟


ليه ما سمعتش؟

ليه ما فهمتش إن اللي كان بيحاول يحافظ عليّا، مش بيقيدني؟

ليه خلطت بين الحنان والسيطرة؟

ليه كنت شايفة إن كل نصيحة هي تحكم؟

وكل حرية هي انتصار؟


مسحت دموعي، وفتحت صور الحفلة…

ضحكتي كانت عالية، بس عينيّا كانت فاضية.

صحابي حواليا، بس مفيش واحدة فيهم جنبي دلوقتي.

اللي كانوا بيقولولي اعملي اللي في دماغك… اختفوا أول ما الدنيا وقعت.


رجعت أبص على صور البنات اللي كانوا لابسين محتشم، واقفين في هدوء، بيستلموا شهاداتهم، وأهاليهم بيحضنوهم بفخر.

وأنا؟

أنا كنت واقفة لوحدي، لا شهادة فرّحتني، ولا رقصتي نفعِتني، ولا حتى لبسي حسسني إني أنا. 


الندم مش بس على الطلاق…

الندم الحقيقي إني خيّبت ظن حد حبني بجد.

حد كان شايف فيا أكتر من اللي أنا شايفاه.

حد كان بيحاول يخليني أحافظ على نفسي، وأنا كنت فاكرة إنه بيحبسني.

الندم إني كنت بسمع صوت الناس، وسايبة صوت ضميري ساكت.

الندم إني كنت بدوّر على تصفيق الناس، ونسيت أدور على رضا ربنا.

الندم إني كنت شايفة الوقار ضعف، والستر كبت، والطاعة خنوع…

واكتشفت متأخر إنهم كانوا عزّة، وكرامة، وأمان.


دلوقتي…

أنا لوحدي.

بس مش زي الأول.

دلوقتي أنا عارفة إني محتاجة أبدأ من جديد.

مش عشان أرجّع اللي راح،

لكن عشان أرجّع نفسي…

نفسي اللي ضيّعتها وأنا بقلد، وأنا بتمرد، وأنا بفتكر إني بفرح.


يمكن أكون اتعلمت الدرس بعد ما خسرت كتير،

بس على الأقل… اتعلمته.

وعرفت إن اللي بيحبك بجد، مش بيكتمك…

بس كمان مش هيسيبك تضيعي نفسك بإيدك.


مش كل لحظة فرح تستاهل نخسر فيها عمر.

ومش كل أنا حرّة معناها إننا صح.

أوقات كتير… بنكتشف متأخر إننا كنا غلط،

بس الأهم… إننا نصلّح، ونبدأ من أول وجديد،

بنسخة مننا… أصدق، وأنضج، وأقوى. 


#تمت

تعليقات

التنقل السريع