القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية لأنه موسى الفصل الثالث عشر 13بقلم ماهى أحمد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 




رواية لأنه موسى الفصل الثالث عشر 13بقلم ماهى أحمد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)






رواية لأنه موسى الفصل الثالث عشر 13بقلم ماهى أحمد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)




غُصن رُمان 


البَاب الثَالت عَشر  chapter Thirteen l


أغرِقوا ال مُوسى بِقلوبَكم


دَعمكم هَو وَقودي لِلأستِمرار 


                         .             ولأَنهُ موسَى 

                                

         𝒜𝓃𝒹 𝒷𝑒𝒸𝒶𝓊𝓈𝑒 𝒽𝑒 𝒾𝓈 𝑀𝑜𝓊𝓈𝒶

             .               ------------------------------     

                     .         -------------------------


                    

                            غُصن رُمَان 


ابتَلعت " امنه " ريِقها وَقد أَضحت حَواسها فِي قَمة

أرتِخائها ، تَستمع بِوضوح لِنقر حَبات البَرد عَلى زُجاج النَوافذ وَحركة السَتائر حَتى الحَفيف وَرقاص السَاعه ، بَينما صَوته يَحتجز انتِباهها وَكأن لاَ مَهرب لَها مِن صَوته 


"تَ.. تَأخرت .. وَلكن عَلى مَاذا ؟ 

هَ..هَل كَان يَتوقع اتِصالي ؟


نَبست بِصوتٍ خَفيض بِه الأستِغراب وَالتَوجس مِن القَادم ليُجيبها هُو 


" عليا .. " 


طَقطقت قِداحتهُ وَصلت الىّ أُذنيها عَبر السَماعه ، وَثُقل الدُخان يَنساب مِن بَين حُروفه


" واه .. متوقع اتصالك  " 


ارتَابها شَىٍء مِن التَوتر حَالما سَمع هَمسها لِنفسها 


" سُحقاً لَي  فَبعض الأصوَات تُولد مِن الصَمت لا مِن الكَلام ، فَذلك الخُفّاش الأشعَث لَم يَحتج إلىّ أُذنَين لَقد اقتَنص هَمسي قَبل أن يَكتمل فِي حَنجرتي  " 


" بتحبي الرمان " 


"بَ .. بحب ايه " 


"الرُمــــــان .." 


تَرددت فِي الأيِماءه لَكنها فَعلت وَقد شَعرت بِسُخريته عَندما حَكت لَها نَبرتُه السَاخره


" انا مش شايفك  ، انا بس سامعك ولازم تتكلمي عشان اعرف ردك "


" أيِـ .." 


كَادت أن تَجيبُه وَلكنهُ فَصل حَديثها أَثناء رَدها لِيَردف


"بس خليكي حذره في جوابك  قبل ما تجاوبي لازم تفرقي اذا كِنتِ بتحبي الرمان نفسه ولا حبيباتُه "


قَطبت حَاجباها وَقد تَشكلت عُقده غَاضبه هُناك 

هَامسه بِداخلها 


" انَا لاَ أفهم ، مَا الذِي يُريد ايِصالهُ لي بِتلك الكَلمات المُلتفه ؟ أَليسَ الرُمان هُو ذَاتُه حَباتُه 


تُراودني فِكرة إغلاَق الهَاتف

الفِرار بِعقلي مِن فَوضاه، لَكن يدايّ لا تُطاوعني متيبستَا عَلى أُذني، كَأن قيودًا مِن هَواء ثَقيل تُكبّلني عَن الحَركة "


" اكيد عايزه تقفلي المكالمه دلوقتي " 


أردَفت تَهمس فِي تَفاجؤ مِما قَالُه وَقد سَرت رَعشه خَفيفه عَلى طُول ذِراعِيها 


" كَيف لهُ أن يَقرأني هَكذا أَأنا كِتاباً غُلافهُ شَفافاً

وَصفحاتُه لاَ تَعرف السَتر  بِالنسبه لهُ "


فَقدت " امنه " القُدره عَلى الأجَابه ، إِذ تَأخرت فِي الَرد عَليِه لِبضعة دَقائق لِتدرك أنهُ  مَا زَال عَلى الهَاتف 


" ياترى لسانك بلع حروفه ولا ايه  "


" اكيد لاء ..ليه بتقول كده  " 


"  سَاكته من وَقت ما كلمتيني ، مش سامع غير صوت أنفاسك من اول المكالمه "


أَطلقت تَنهيده مُنهكه مِن حَديثه 


" انا هقفل .." 


أَتاها الرَد بِلا مُبالاه وَقد بَان الاستِمتاع فِي حَديثُه


" اقفلي ، بس خليكي فاكره ، اللحظه اللي هتقفلي فيها هبيع السوار بتاعك فيها ومش هتعرفي ترجعيه تاني  " 


لِما لا اليِذ بِالفرار فَحسب ؟ هَل لِفُقداني لِلسوار حَقاً

أم انهُ لَدي الفِضول لِأرى نِهاية هَذه اللَعبه 


أجفَلت " امنه " عَلى حَديثُه وَهو يَردف 


" شايف انك لسه ماقفلتيش ..وبِما انك لسه معايا على الخط وماقفلتيش ، هَـــا بقى قوليلي بتحبي الرمان ولا حبيباته "


هُو أَردف أثَناء تَحركُه بَينما هَي تَلتقط صَوت خَطواتُه وَنبست


" حبيباته .." 


" تَباً لي ، لاَ أُصدق أَنني أختَرت الأجَابه بَدلاً مِن أغلاَق الهَاتف 


وَلكنهُ غَريب ، غَريب لِلغايه ، هَو يَستمر فِي قَول أَشياء مُبهمه مَحقونه بِالألغَاز وَالأحَاجي المُفككه 

وَهذا مَا يَثير فِضولي بِأتجاهُه ، أُريد أَن أعرف المَزيد عَنه 


" تعرفي إن الرمان ساعات بيبقي وراه اسرار محدش بياخد باله منها"


" اسرار مره واحده وياترى ايه هي اسراره "


سَألتهُ تَصفع نَفسها دَاخليًا لِتهدج صَوتها ، تُريد أن تُجاريه بِحديثُه المُبهم 


"الرمان بيخبّي أسراره وكل حباية ليها حكاية… اللي يِفَرّق بين صوت الحبّة وصوت القشرة، هو اللي هيفهم "


مَاذا يَعني بِكلامُه هَذا ؟ هَل لِلرُمان أَصوات .. يَجب عَليا التَفرقه بَينهُم ، رُبما يَتعمد تَشويشي فَقط وَلكني سَأحاول تَشويشه ، لا أُريده أن يَنتصر عَلّي بِلعبُه بِالكَلمات المُبهمه 


تَنفست " أمنه " وَزفرت بِراحه قَائله


"يمكن القشرة أوقات بتصون، والحبّة تفسد

او يمكن الرمان ما بيتكلمش أصلاً، يمكن إحنا اللي بنحط في ودانه اللي عايزين نسمعه"


انكَمشت أَنَاملها دَاخل كَفها وَقد اهتَز الكَثير فِي دَاخلها وَبُعثر بِشكل عَشوائي هَامسه بِداخلها


" فَليدهسني عِجل سَمين  ..

مَ.. مَاالذي تَفوهت بِه لِلتو ، انَا حَتى لا أدرك مَعنى لِكلامي 


اغمَضت عِينيها بِقوه ، صَافعه نَفسها دَاخلياً


"تَباً لَكِ أمنه جَاريتهُ بِغموضه ..فَماذا أن سَألك مَاذا تَقصدين ؟ وَأنتِ نَفسك لاَ تَفهمين  " 


كَانت ابتِساماتهُ المُتلاعبه تُنذرها بِحديثُه السَاخر 


" مش هقولك تقصدي ايه عشان ماحرجكيش ، بس اللي عايزك تعرفيه انك هتعرفي قصدي قريب

بس اوعي تستعجلي الرمان عمره ما بيتفتح الا في أوانه  " 


أَغلقَ الهاتِف، فَتسَعت مِقلتـاها كَمَن ضُبِطَ مُتلبِّسًا بِدهشَته، ثُمَّ تَسرَّبت عَلى ثَغرِها ابتِسامَةٌ باهِتة، كَأنَّها اعتِرافٌ مُوارَب بِهزيمَةٍ صَغيرة لِكلماته عن ألا يُحرجها


نَهضت مِتوجهه نَاحية السِرير بِخطواتٍ مُتخدره لِجلوسها المِطول عَلى طَرف المَكتب وَفي سكونٍ داخليٍّ مُتصدّع، هَمست لِنفسها…


" حَديثُه .. لِأولِ مَره أَجدُ نَفسي أَنزَلقُ في حَوارٍ يَتَلوَّنُ كَالسِّحر، مَع رَجُلٍ يَختَبئُ خَلفَ أَلغازٍ لا تُشبِه سِوى مَتاهه. كَلامُه يَسري كَتيارٍ يَستفز نَبضي، وَمَع ذلِكَ يُغرينِي … كَمن يُحاوِل فَك طِلسم كتبَ عَلى جلدِ مَخطوطٍ قَديم.

لِماذا أَمسكتُ بالهَاتف؟ لِماذا لَم أُسقِط الخَيط قَبلَ أَن يَلتفَّ حَولي؟ الغُموضُ يَبتَلِعُه إِلى الحَدِّ الَّذي أَعمى عَينيَّ عَن مَكنونِه " 


القَيت " امنه" جَسدها لِاكناف الفِراش لِشدة انهَاكها جَسديًا وَعقليًا ، تَسدل جِفناها لَعل الأَصوات التِي فِي عَقلها تَهدأ


.. .. .. ..                     🍁                         .. .. .. .. 


                    

                       غُصن رُمَان 


ابتَلعت " امنه " ريِقها وَقد أَضحت حَواسها فِي قَمة

أرتِخائها ، تَستمع بِوضوح لِنقر حَبات البَرد عَلى زُجاج النَوافذ وَحركة السَتائر حَتى الحَفيف وَرقاص السَاعه ، بَينما صَوته يَحتجز انتِباهها وَكأن لاَ مَهرب لَها مِن صَوته 


"تَ.. تَأخرت .. وَلكن عَلى مَاذا ؟ 

هَ..هَل كَان يَتوقع اتِصالي ؟


نَبست بِصوتٍ خَفيض بِه الأستِغراب وَالتَوجس مِن القَادم ليُجيبها هُو 


" عليا .. " 


طَقطقت قِداحتهُ وَصلت الىّ أُذنيها عَبر السَماعه ، وَثُقل الدُخان يَنساب مِن بَين حُروفه


" واه .. متوقع اتصالك  " 


ارتَابها شَىٍء مِن التَوتر حَالما سَمع هَمسها لِنفسها 


" سُحقاً لَي  فَبعض الأصوَات تُولد مِن الصَمت لا مِن الكَلام


فَذلك الخُفّاش الأشعَث لَم يَحتج إلىّ أُذنَين لَقد اقتَنص هَمسي قَبل أن يَكتمل فِي حَنجرتي  " 


" بتحبي الرمان " 


"بَ .. بحب ايه " 


"الرُمــــــان .." 


تَرددت فِي الأيِماءه لَكنها فَعلت وَقد شَعرت بِسُخريته عَندما حَكت لَها نَبرتُه السَاخره


" انا مش شايفك  ، انا بس سامعك ولازم تتكلمي عشان اعرف ردك "


" أيِـ .." 


كَادت أن تَجيبُه وَلكنهُ فَصل حَديثها أَثناء رَدها لِيَردف


"بس خليكي حذره في جوابك  قبل ما تجاوبي لازم تفرقي اذا كِنتِ بتحبي الرمان نفسه ولا حبيباتُه "


قَطبت حَاجباها وَقد تَشكلت عُقده غَاضبه هُناك 

هَامسه بِداخلها 


" انَا لاَ أفهم ، مَا الذِي يُريد ايِصالهُ لي بِتلك الكَلمات المُلتفه ؟ أَليسَ الرُمان هُو ذَاتُه حَباتُه 


تُراودني فِكرة إغلاَق الهَاتف

الفِرار بِعقلي مِن فَوضاه، لَكن يدايّ لا تُطاوعني متيبستَا عَلى أُذني، كَأن قيودًا مِن هَواء ثَقيل تُكبّلني عَن الحَركة "


" اكيد عايزه تقفلي المكالمه دلوقتي " 


أردَفت تَهمس فِي تَفاجؤ مِما قَالُه وَقد سَرت رَعشه خَفيفه عَلى طُول ذِراعِيها 


" كَيف لهُ أن يَقرأني هَكذا أَأنا كِتاباً غُلافهُ شَفافاً

وَصفحاتُه لاَ تَعرف السَتر  بِالنسبه لهُ "


فَقدت " امنه " القُدره عَلى الأجَابه ، إِذ تَأخرت فِي الَرد عَليِه لِبضعة دَقائق لِتدرك أنهُ  مَا زَال عَلى الهَاتف 


" ياترى لسانك بلع حروفه ولا ايه  "


" اكيد لاء ..ليه بتقول كده  " 


"  سَاكته من وَقت ما كلمتيني ، مش سامع غير صوت أنفاسك من اول المكالمه "


أَطلقت تَنهيده مُنهكه مِن حَديثه 


" انا هقفل .." 


أَتاها الرَد بِلا مُبالاه وَقد بَان الاستِمتاع فِي حَديثُه


" اقفلي ، بس خليكي فاكره ، اللحظه اللي هتقفلي فيها هبيع السوار بتاعك فيها ومش هتعرفي ترجعيه تاني  " 


لِما لا اليِذ بِالفرار فَحسب ؟ هَل لِفُقداني لِلسوار حَقاً

أم انهُ لَدي الفِضول لِأرى نِهاية هَذه اللَعبه 


أجفَلت " امنه " عَلى حَديثُه وَهو يَردف 


" شايف انك لسه ماقفلتيش ..وبِما انك لسه معايا على الخط وماقفلتيش ، هَـــا بقى قوليلي بتحبي الرمان ولا حبيباته "


هُو أَردف أثَناء تَحركُه بَينما هَي تَلتقط صَوت خَطواتُه وَنبست


" حبيباته .." 


" تَباً لي ، لاَ أُصدق أَنني أختَرت الأجَابه بَدلاً مِن أغلاَق الهَاتف 


وَلكنهُ غَريب ، غَريب لِلغايه ، هَو يَستمر فِي قَول أَشياء مُبهمه مَحقونه بِالألغَاز وَالأحَاجي المُفككه 

وَهذا مَا يَثير فِضولي بِأتجاهُه ، أُريد أَن أعرف المَزيد عَنه 


" تعرفي إن الرمان ساعات بيبقي وراه اسرار محدش بياخد باله منها"


" اسرار مره واحده وياترى ايه هي اسراره "


سَألتهُ تَصفع نَفسها دَاخليًا لِتهدج صَوتها ، تُريد أن تُجاريه بِحديثُه المُبهم 


"الرمان بيخبّي أسراره وكل حباية فيه حكاية… اللي يِفَرّق بين صوت الحبّة وصوت القشرة، هو اللي هيفهم "


مَاذا يَعني بِكلامُه هَذا ؟ هَل لِلرُمان أَصوات .. يَجب عَليا التَفرقه بَينهُم ، رُبما يَتعمد تَشويشي فَقط وَلكني سَأحاول تَشويشه ، لا أُريده أن يَنتصر عَلّي بِلعبُه بِالكَلمات المُبهمه 


تَنفست " أمنه " وَزفرت بِراحه قَائله


"يمكن القشرة أوقات بتصون، والحبّة تفسد

او يمكن الرمان ما بيتكلمش أصلاً، يمكن إحنا اللي بنحط في ودانه اللي عايزين نسمعه"


انكَمشت أَنَاملها دَاخل كَفها وَقد اهتَز الكَثير فِي دَاخلها وَبُعثر بِشكل عَشوائي هَامسه بِداخلها


" فَليدهسني عِجل سَمين  ..

مَ.. مَاالذي تَفوهت بِه لِلتو ، انَا حَتى لا أدرك مَعنى لِكلامي 


اغمَضت عِينيها بِقوه ، صَافعه نَفسها دَاخلياً


"تَباً لَكِ أمنه جَاريتهُ بِغموضه ..فَماذا أن سَألك مَاذا تَقصدين ؟ وَأنتِ نَفسك لاَ تَفهمين  " 


كَانت ابتِساماتهُ المُتلاعبه تُنذرها بِحديثُه السَاخر 


" مش هقولك تقصدي ايه عشان ماحرجكيش ، بس اللي عايزك تعرفيه انك هتعرفي قصدي قريب

بس اوعي تستعجلي الرمان عمره ما بيتفتح بغير اوانه " 


أَغلقَ الهاتِف، فَتسَعت مِقلتـاها كَمَن ضُبِطَ مُتلبِّسًا بِدهشَته، ثُمَّ تَسرَّبت عَلى ثَغرِها ابتِسامَةٌ باهِتة، كَأنَّها اعتِرافٌ مُوارَب بِهزيمَةٍ صَغيرة لِكلماته عن ألا يُحرجها


نَهضت مِتوجهه نَاحية السِرير بِخطواتٍ مُتخدره لِجلوسها المِطول عَلى طَرف المَكتب وَفي سكونٍ داخليٍّ مُتصدّع، هَمست لِنفسها…


" حَديثُه .. لِأولِ مَره أَجدُ نَفسي أَنزَلقُ في حَوارٍ يَتَلوَّنُ كَالسِّحر، مَع رَجُلٍ يَختَبئُ خَلفَ أَلغازٍ لا تُشبِه سِوى مَتاهه. كَلامُه يَسري كَتيارٍ يَستفز نَبضي، وَمَع ذلِكَ يُغرينِي … كَمن يُحاوِل فَك طِلسم كتبَ عَلى جلدِ مَخطوطٍ قَديم.

لِماذا أَمسكتُ بالهَاتف؟ لِماذا لَم أُسقِط الخَيط قَبلَ أَن يَلتفَّ حَولي؟ الغُموضُ يَبتَلِعُه إِلى الحَدِّ الَّذي أَعمى عَينيَّ عَن مَكنونِه " 


القَيت " امنه" جَسدها لِاكناف الفِراش لِشدة انهَاكها جَسديًا وَعقليًا ، تَسدل جِفناها لَعل الأَصوات التِي فِي عَقلها تَهدأ


-------------------------


ادخَل " موسى" هَاتفُه بِداخل جَيبُه يُبعثر خُصلاتُه بِيُسراه ، ثُم اتَجه دَاخل المَقهى خَاصتُه لِيُقابله

" نوح " بِبسمه سَاخره 


" ايه ياسطا سايبنا نظبط ام الكافيه لوحدنا وواخدلك انت جنب وواقف على جنب " 


احتَك بِكتفُه وَهو يَتجه نَاحية الحَائط لِيُعقب


" حاسس ان احنا قربنا نشوف عيالك يسطا  "


بَلل " موسى " شَفتاه وَابتعد عَنهُ يَتجه نَحو البَراميل لِيرفع احَداها فَوق كَتفهُ 


" تشوفلي عيال مره واحده من مكالمه تليفون ، طب قول للقمان الكلام ده .. هو اللي قرب يتجوز مش انا " 


أودَع " أنس "  سِكّينَةَ المَـعجونِ في صُندوقِ الطِّلاء، وأردف فيما كانَ يَسحَبُ بأنامِلِه على الجِدار


" لا يسطا بلاش نشوف خلفة شيماء فلتر عشان مش عايزين عيال متفلترين  " 


ضَحك " نوح " بِصوتٍ عَالي فِيما كَان يُقطع القِطع الخَشبيه بِالمُنشار اليَدوي 


" عليا الطلاق قولت كلمة حق يسطا ، البلد مش ناقصه فلاتر "


تَناول " لُقمان " حِفنه مِن المَسامير بِجانبُه أثنَاء 

حَديثُه


" ما تبس يلا انت وهو ، وبلاش القاعده تبقى عليا الله يكرمكم عشان الواحد خلاص على اخرُه " 


دَق " لُقمان " المُسمار " بِداخل الحَائط طَالباً


" ادم ، ناولني مسمار صُلب مِن عندك الله يكرمك" 


التَقط " ادم " حِفنه مِن المَسامير عَلى الطَاوله سَائلاً


" هو انت وشيماء متخانقين  "


استَقبل "لُقمان" سُؤالهُ بِصَمتٍ مُطبق، فانتَزع "نُوح" الكَلامَ عَنهُ وهَتفَ 


" انا مش عارف البت دي بيجلها قلب تتخانق معاك ازاي .. مش كفايه انها لاقت واحد عبيط زيك يرضى بيها  "


كَرر " لقمان"  طَلبُه بِانفعال يَضع المَطرقه عَلى المَقعد بِجواره


" انا مش قولتلكوا فككوا مني ياجدعان ، والله ما طايق نفسي ولا طايقك يانوح انت بالذات ففكك مني يسطا الله يكرمك  " 


تَوقف الجَميع عَن العَمل حَالما لَمحوا الانفعَال وَاضحًا عَلى وَجه  " لقمان " فَأردف " انس" 


" خلاص يسطا اهدى نوح بيهزر معاك عادي ما انت عارفه  ، بلاش القفش ورقم تمانيه اللي ظهر على وش امك ده " 


مَسح "موسى" بِكفه عَلى عُنقه بِتعب ، ثُم اتجَه إِلى السَخان الكَهرَبائي، وَوصَلهُ بِالمِقبَس، ليُعِد الشَاي 


" جايبلكم بقى شوية شاي معايا من العراق ، هتحلفوا انكوا مش هتشربوا تاني  " 


انتَقل بَصرُه نَحو " ادم " طَالباً


" ادم ، انت ايدك نضيفه افرش الكراتين دي في الارض عشان نقعد عليها " 


جَلس الجَميع فِي دَائرة مُتقابلة، بيِنما كَان "موسى" يَصُب الشَاي فِي الأكوَاب وَيناولها إليِهم واحدًا تلو الآخر ، ارتَشف " لقمان " مِن كُوبِه بِاشمئزاز 


" يــع ، يسطا ايه القرف ده يسطا  ، ما تشربنا شاي طبيعي ، تسمع عن شاي العروسه ابو نشاره ده " 


تَناول " ادم " كُوب الشَاي الخَاص بِه وَقد رَاق لهُ


" تسلم ايدك ياموسى "


" بالف هنا يا ادم " 


قَالها " موسى" وَهو يَنقر بِسبابته عَلى كِتفي

" نوح" قائلاً


" خش شويه ياسيدنا ، خليني اقعد " 


ثُم أشَار بِعينيه عَلى " ادم " بِشبح ابتِسامه"


" شايفين الذوق ، مش زيكم الذوق ما يعرفش طريق اهاليكم ، يابني انت وهو ، هو في حد يعرف يشرب شاي شجر الاكاسيا " 


حَرك " انس " رَأسُه وَهو يَرتشف مِن قِدحُه


" يادي ام الشجر الاصفر ده يسطا اللي واكل دماغك "


" اه واكل دماغي ، خليك في حالك " 


استَدار " لقمان " لِشقيقه فَرمقهُ " موسى " بِأصرار عَلى مَا سَأل 


" مش هتقول بقى مالك يالقمان متعكنن من ساعة ما جيت من المشوار اللي قولتلي انك رايحه ومن اول ما رجلك خطت الكافيه وانت ساكت " 


حِين سَمع " لقمان " سُؤاله شَعر بِأن الكَون يَضيق مِن حَوله وَقبل أن يَدلي بِاعتراضُه سَمع " نوح " يَقول


" ماتنجز يابني وقول في ايه احنا هناكلك " 


هَز رَأسُه مِوافقاً بِالأجابه 


" فاكرين البت اللي روحت المدرسه وانقذتها وعملت فيها الواد باتمان اللي بتجري وراه النسوان 

والبطل الهمام اللي مافيش منه اتنين في الشام "


هَز الجَميع رَأسُه بِالأجابه لِيُعقب 


" اهي البت دي بقى ابوها جابني بيته علشان يعرف مين اللي كان عايز يخليها تنط من فوق سطح المدرسه ، وانا رايح وفارد نفسي بقى هقول الحقيقه وان البت الملزقه ليلاس  اللي جاتلي الچيم ووقفت الحاره على صباع رجل ، البت دي  المفروض تبقى اختها اساساً هي اللي كانت بتحرضها انها ترمي نفسها وبتاع ، لاقيتلك البت نورا ولا نور مش فاكر اسمها ايه حتى ،  جاتلي وقالتلي اقول ان مافيش حد كان عايزها تخليها تنط ، وان هي اللي كانت عايزه تنط بمزاجها "


ابتَسم " انس " قَبل أن يَوقف حَديثُه 


" طيب ما انت مالك يسطا ان شالله يولعوا كلهم على بعض " 


أستَدار لهُ وَهو يَخبرُه


" ما انا قولت كده يسطا وقولت هقوله الحقيقه ويولعوا كلهم سوا ، بس بنت ال ... حطتني بين اختيارين يا اما اقول ان مكانش في حد بيحرضها انها ترمي نفسها يا اما هتشيلني انا الليله دي كلها وبكده هاروح في ستين داهيه والوظيفه هاتروح مني ، فاضطريت اقبل عشان خاطر شيماء ، شيماء لو عرفت اني ما اخدتش الشغلانه دي هتزعل اوي 

وانا مش عايز ازعلها وعايز احققلها كل اللي نفسها فيه ، وشغلانه زي دي هترفعنا لفوق وده اللي خلاني اسكت " 


انتَبه لـ " موسى " الذِي حَدثهُ بِرفق 


" وطبعاً لَما تروح المدرسه مش هتقدر ترفع عينك فيهم عشان مشوا كلمتهم عليك " 


أَردف " لقمان " بِقلق غَلفهُ


" الله ينور عليك يسطا  ، وبالذات البت اللي اسمها ليلاس دي .. غمزتلي حتة غمزه وانا طالع من عندهم ، حسستني ان انا ولا حاجه .. العيال عيال الاغنيا دول ، بيمشوا كل حاجه تحت رجليهم وانا مش كده ، وخلاص الساعه دلوقتي بقت سته الصبح واول حصه ليا الساعه تسعه  ، ومش عارف همشي مع العيال ولاد اللذين دول ازاي  " 


دَلك " نوح " جَبينُه ليِنهَض 


" يسطا محلوله وعهد الله محلوله ، ده انتَ اللي فيه ده مايجيش ذره في اللي حصلي النهارده وعهد ربنا " 


انتَقلت الانظَار عَليه لِيمسك هُو طَرف الحَديث يَشير بَعينيه الىّ " موسى " 


" يسطا لما قولتلك انا عايز المكنه بتاعتك اعمل بيها مشوار النهارده كان معايا ميعاد مع بت اسمها

ليان بت من بتوع ايچيبت في التجمع الخامس روحت يسطا وانا لابس الطقمايه السودا والسلسله الدهب وفاتح القميص لحد سُرتي " 


أشار " نوح "  عَلى أَسفَل مِعدتُه ، لِيرى انظَار الجَميع عَلى مِعدتُه انتَبه عَلى مَوضع سُبابته يَرفع 

يَدهُ لِلأعلى قَليلاً وَهو يُصحح 


" لا مؤاخذه يارجاله ، اقصد هنا  ..


ابتَلع " نوح " مَا فِي حَلقُه لِيردف 


" ام هند يسطا .. لاقيتلك البت ايــــــه 

فــلقــه ، عليا الطلاق فورتيكه يسطا منك لي  ، فلقة قشطه  تقول للفلتر قوم وانا اقعد مكانك " 


نَظر لـ " لُقمان " وَهو يَردف 


" لا مؤاخذه يا لقمان " 


ايمَاءه بَسيطه صَدرت مِن "لُقمان" مَع شِبه ابتِسامه


" لا ياحبيبي خد راحتك " 


" المهم البت شوفتها من هنا وقلبي وقع من هنا ، خدود ايه حمرا على بيضا على شعر اصفر امها لبنانيه وابوها مصري ، قعدنا شويه لاقيتها بتطلب 

حاجات كده باللبناني  والمكان يسطا هناك غالي ، وانا خايف على الالفين وخمسميه بتوع الجمعيه اللي معايا 


اخذَ يِعد عَلى اصَابعه مُتمتماً 


" وانا يسطا شغال احسبها وبتاع ، لاقيتلك الويتر بيقولي تشرب ايه ؟  روحت بالع نفسي وبكل ثقه وبتاع قولتله شاي بالنعناع " 


القعده يسطا قربت تخلص والبت كل مشاكلها الحزينه ان ضافرها اتكسر وهي حزينه عليه وانا كل اللي هممني في القاعده وشاغل دماغي  الكلام هيرسي على ايه ، ما انا خايف على فلوس الجمعيه اللي كنت مخبيها في الجلابيه " 


ضَحك " موسى " عَلى طَريقتُه بِالحديث لِيردف 


" وبعدين يسطا عملت ايه طلع الحساب كام " 


قَضم " نوح " عَلى شَفاهه نَافياً


" سييك من الحساب يسطا ، انا كنت مسلم امري للذي لا يغفل ولا ينام وقولت هي حبسه ولا اكتر ، بس قبل ما اعرف الحساب والويتر جاي عليا لاقيت ابوها قعد في النص ما بينا

لاقيته بيسلم علينا وبيبوسها من خدها وبتاع بيقولها وحشتيني 


أشَار بِيدُه بِحركه دَائريه


" وانا قاعد يسطا كده ومافيش اي احترام ليا خالص " 


نَبس " انس " يَعقد حَاجبيه بِاستفسار 


" يابني انت مش بتقول انه ابوها " 


أجَابُه " نوح " يَرفع سُبابتهُ بِالايجاب


" طب وهو ده مبرر عشان يبوسها ده انا الواد بتاعها ومحاولتش ابوسها " 


رَد " لقمان " سَاخراً بِضحكه مَكتومه


"لا في دي عندك حق " 


" ام هند يسطا منك لي ..  فضلت بقى  اشد وارخي مع الراجل واجيب  التيت ابن عم الشريط واتسأل بالسين وارد بالجيم ، والالف والباء تعبوا معايا بصراحه ، مابقيتش عارف اجيبه منين ويجيلي منين وبيقولي انه بنته بتاخد خمسين الف جنيه في الشهر  " 


قَاطعهُ " انس " سَائلاً


" ليه بتغسل كلى ولا ايه " 


أشَار " نوح " بِيده فِي وَجهه 


" ياعم دي لو بتشتريها مش هتاخد المبلغ ده كله" 


ضَحك " ادم " عَلى حَديثُه بِينما تَحدث " لقمان " سَائلاً


" ياعم كنت سيبه وامشي وقلبظ دماغك منه " 


" حاولت يسطا عليا النعمه بس ماعرفتش اخوك فقري لاقيت ابوها بيقولي اضمن مستقبل بنتي ازاي منك" 


اشَار " موسى " ضَاحكاً


" كنت قولتله ياسيدنا هاروح اسجلهالك في الشهر العقاري " 


ضَحك الجَميع بَينما " نوح " رَد يَضع كَفه عَلى جَيب سِرواله 


" المهم حطيت ايدي على فلوس الجمعيه اللي في جيبي وقولتلهم  داخل الحمام وبتاع وفلقت منهم ورجعت معايا فلوس الجمعيه الحمدلله


وطلعوا كانوا عاملنلي كامين ولاد ال.. عايزين يلبسوني جوازه اكمني قايلهم اني غني وبتاع .. الراجل ابن ال.. كان ناقص يمضيني على سروالي الابيض الداخلي ..  بس اخوك سداد وعرف يصد الهجمات " 


وَضع " موسى " كوب الشَاي بِالمنتصف بَعدما انتَهى مِنه


" المهم جيت ترمي شباكك عليهم ، قالوا يشقوا الشبكه اتنين .." 


رَد " نوح " عَليه وَهو يَشير بِرأسِه بِالأيجاب


" حصل ياخويا .. حصل كنت فاكرهم مليانين طلعوا مصديين  اكتر من العبدلله " 


امتلئ المَكان بِأصوات ضَحكاتهم العَاليه بَينما 

" ادم " نَبس مِن بَين قَهقهاته لِتخرج كَلماتُه بِشكل مُتقطع "


" ياريتني كنت ، كنت زيك ، واقدر افلسع كده من اي حد عايز يستغلني ، كل دكتور اول ما يلاقيني بعرف احل اي قضيه وبطلع الاول على الدفعه كل سنه ، يقولي اشتغل معاه في الضل من غير ما حد يعرف " 


صَمت الجَميع واتَجهت الأنظَار نَحوه ، لِيردف

" ادم " بِنبره حَزينه


" مافيش ولا دكتور فيهم ، عايز يقول لحد انه  بيشتغل عنده محامي عنده نسبة توحد ومش طبيعي ، علشان سمعة المكتب بتاعته ، بس كلهم عايزني في الدرى ، محدش عايز يقول ان ادم بيشتغل معاه ، كلهم كده "


قَضم عَلى شَفتاه يَشد عَلى قَبضتُه ، يَشعر بِحرقه فِي أنفُه وَعيناه لِكتمُه دمُوعه وَأردف 


" عاوزين احل القضايا اللي بتجيلهم من غير ما حد يعرف اني بشتغل معاهم وهما اللي اسمهم يلمع في السما وانا افضل طول عمري في الدرا وبس " 


اقتَرب مِنهُ " موسى " بِحذر ، مَع مُراعاة عَدم لَمسُه 


" بلاش تحبس دموعك يا ادم لو عايز تبكي ابكي 

مافيش حد غريب ما بينا "


لَقد هَطلت دِموعه بِغزاره الأَن 


سَاد الصَمت بَينهم وَهم يَتبادلون النَظرات، حَاول "أنس" أن يَتحدث لَكن "موسى" بَتر حَديثُه بِنظرة  عَيناه  فَتنهّد "نوح" فِي ضِيق وَهو مُتمتمًا


" ما خلاص بقى يا ادم في راجل بيعيط " 


عَقد " موسى " يَده خَلف ظَهره واقتَرب مِنهُ أكثَر


" مش عارف انا مين اللي  اخترع  إن الرجالة ما بتعيطش والله 


إحنا مش حجر، إحنا لحم ودم وقلب بيتخنق من كتر الكبت .. الدموع مش عيب، العيب الحقيقي إنك تقع وتسيب نفسك مرميه 


الدموع عمرها ما كانت  نهاية الرجوله يانوح  الدمعة اللي تنزل وتتمسح بإيدك التانية قبل ما حد يشوفها، دي علامة قوه مش ضعف 

الرجولة مش إنك ما تضعفش، الرجولة إنك تضعف دقيقة وتقوم بعدها تكمل 


وَجه " موسى " حَديثُه لـ " ادم " 


أوعى تفتكر يا ادم  إن اللي بيستغلك أو بيكسر عزيمتك أذكى منك بالعكس

همّ أضعف منك  بكتير، بس اتعودوا يركبوا على اللي عنده موهبه زيك والله 


امشي في طريقك، وإوعى تدي لحد مفاتيح قلبك ولا دموعك وطظ في أي لقب وأي كرسي وأي شهادة مش شايفة قيمتك ياخويا " 


شِبه بَسمه طَفيفه ظَهرت عَلى ثِغر " لقمان " وَمد يَدهُ بِهدوء لِيمسح دِموع شَقيقُه لَكن تَوقفت يَدهُ فِي مُنتصف الطَريق حِينَ انتَفض " ادم " مُبتعداً


" خلاص ياعم ادم امسح دموعك انت ، وبالله عليك ما تزعل نفسك ، عشان انت بالذات زعلك غالي عندنا كلنا " 


جَلس " نوح " عَلى الكُرسي الخَشبي بِجواره 


" ما خلاص بقى ياعم ادم بدل ما اروح ادمدملك دماغ امه دلوقتي المحامي ولا الدكتور بتاعك ده " 


دَحرج " انس " مِقلتاه صَوبه 


" ما بلاش انتَ يانوح بدل ما تاخد علقه زي بتاعت سعد المره اللي فاتت " 


ابتَسم الجَميع ، وارتَسمت الضَحكه عَلى شِفاه "ادم" وَفي تَلك اللحظَة ، أدرَك "آدم" أن الدموع التي أفلتت لم تكن ضعفًا

بل كَانت جسرًا أعَاد إليِه إخوتُه عبورَه، ليذكّروه أن وَحدته وَهم، وأنهُ مَهما تَاه وَضاع، سَيظل بَينهم قلبٌ وَاحد يَنبض لَهم جميعًا


.. .. .. ..                     🍁                        .. .. .. .. 


سَماء " القاهره " حَزينه بِلونها الشَاحب والسُحب قَد تَبعثرت هُنا وَ هُناك لِتسبح فِي الفَضاء بِبُطىء انهُ طَقس " حبيبه" المُفضل فَهي  تَكره الشَمس السَاطعه 


" ماما .. انا حضرتلك الفطار " 


أَردفت بِها " حبيبه " أثنَاء وَضع الصِينيه عَلى الطَاوله لِتوجه " والدتها " ابتِسامه مُرحبه نَحوها 

فَبادلتها " حبيبه " بِواحده أكثَر تَودداً

لِتزيح السَتائر السَوداء وتَتسلل أشِعة الشَمس الخَافته الىّ  الغُرفه تُبدد شَيئاً مِن وَطأة الظَلام الذِي خَيم طَويلاً


" لا ، بس عيني عليكي النهارده بارده صاحيه بتضحكي ووشك منور يا امي " 


اومَأت " والدتها " اليِها بِابتسامه حَنونه تَستعد لِلنهوض مِن عَلى الفِراش ، وَقبل أن تَنهض استَوقفتها " حبيبه " بِالوقوف امَامها بِوجه بَشوش 


" والله ما انتِ قايمه خليكي ياماما مكانك .. انا هجيبلك الاكل لحد السرير  ، ده انا ما بصدق اشوف ضحكتك الحلوه دي كل فين وفين " 


" للدرجه دي انا بقيت نكديه وبقت توحشك ضحكتي ياحبيبه " 


أحضَرت " حبيبه " الطاوله المُتحركه وَجلست عَلى 

طَرف الفِراش مُقابلها وَنفيت 


" لا ، ماقصدش والله " 


دَفعت " حبيبه " بِطبق البَيض المَسلوق أَمامها لُتعقب 


" انا بس اقصد انك بقيتي بتفكري كتير ودماغك دايمًا مابتوقفش تفكير ، عشان كده تلاقيني مابشوفش ضحكتك كتير " 


شَرعت " والدتها " بِحشو مِعدتها بِالطعام وَحينَ انتَهت ، بَدأت " حبيبه " في جَمع الأَطباق الفَارغه 

وَهي تَنبس 


" ايه رايك النهارده الشمس يادوبك طالعه وده الجو اللي بحبه انا وانتِ 


وَضعت " حبيبه " الاطباق جَانباً


"تيجي بعد ما انزل الاطباق ناخد فناجين القهوه السخنه اللي انا محضراها  ، ونتمشى شويه في الجنينه نشربها تحت "


اطلَقت " والدتها " تَنهيده يَائسه تَحتسي أخر قَطراتٍ مِن قِدح الشّاي 


" معنديش مانع طالما اخوكي مشي ، وانا وهو مش تحت سقف واحد ، بعادُه عني بيخليني اتنفس واحس اني بقيت احسن " 


كَانت " حبيبه " تَمسح الطَاوله ، وَحين سَمعت كَلماتها تَوقفت تُعاتبها 


" ليه كده ياماما ، ده موسى بيحبك ، ليه بتكرهيه 

الكُره ده كله ، ده متحمل القعده في القصر ده ومتحمل تحكمات بابا وشغله وقرفه عشانك " 


مَقلتي " حبيبه " البُندقيه فَتشتها لِتثير ارتِباكها


" ماتبصليش كده ياحبيبه ، انتِ ماتعرفيش حاجه"


"ومش هَعرف… مش هَعرف أبداً ليه الكُره ده ساكن في قلبِك ناحية موسى، إلا لو إنتِ اللي قلتيلي 

إيه اللي عمله موسى  يستاهل كل العذاب ده

ليه حاطّة عُمره على كفّه وبتحمّليه وزر السنين اللي فاتت؟ ليه بتعذبيه… وبتعذبيني معاه؟

ليه مانسيبش القصر ده ونفلت من بابا ونعيش بعيد، حياة نضيفة، حياة موسى يقدر يوفّرها لنا من تعبه وعرقه؟ ليه سايبه بابا يمسك بخناق موسى عشان عارف إنك عمرك ما هتقدري تسيبي القصر… وإنك مربوطة فيه كأنه سجننا الأبدي وابويا هو السجان "


أَشاحت " والدتها " بِوجهها عَنها وَرمت بِكأس القَهوه السَاخن جَانبًا لِتعبر عَن غَضبها ، تَأوهت

" حبيبه " مِن القَهوه السَاخنه التّي اصطَدمت بِكف يَدها ، وَلم تَلتفت لَها وَالدتها بِل تَابعت 


" عشان كل ما وجعه يزيد قدّامي، أحس النار اللي في قلبي بتبرد ،  كل تنهيدة بيمدّها، كل نظرة انكسار في عينه بتروّيني .. مش بس بارتاح لاء 

انا بحس ان روحي بتهدا ،  بحس إنّي بشفي ناري منه، يمكن وجعي يخف من اللي عمله "


وَضعت " حبيبه " أنَاملها عَلى مَوضع الحَرق بِملامح مُتألمه 


" بقالك سنين بترددي نفس الكلام ، مابسمعش غيره وبقالي سنين ماشوفتش منه غير انه بيعاملك احسن معامله كان ممكن يقول انا مالي زي هارون الله يرحمه ومايبصش في وشنا ، كان ممكن يسيبنا ويبعد ومايهمهوش بقى اذا كنتي هتنتحري ولا بابا يموتك ولا يطردك ، بس انتِ مش لاقيه حاجه تقوليها  ، غير انه كرهك لي عماكي ، عماكي حتى انك تشوفي ان بنتك ايدها اتسلخت من القهوه اللي دلقتيها عليها " 


حَاولت " والدتها " التَظاهر بِأنها لَم تَتأثر بِحديثها 

وَحينَ غَادرت ابنَتها  ،  قَبضت عَلى المِلاءه

لِلحظه خَاطفه تَجمعت طَبقه زُجاجيه عَلى عَيناها وَاغمَضت عَيناها عَل مَدمعها يَجف 


.. .. .. ..                      🍁                     .. .. .. .. 


وَقف الشَباب أمَام المَقهى يَستعدوا لِلرحيل ، تتشَابك الأصوَات مَع صَرير المُحرك الذِي أيقَظهُ "موسى" وَهو يُثبّت خُوذته بِأحكام 


" ايه يانوح واقف كده ليه مش هاتروح معانا "


طَالع " نوح " عَقارب سَاعتُه يَجيبُه نَافيًا


" لا انا هستنى بشر ، زمانه جاي

انا قولتله يجيب التروسيكل بتاعه ويلم الكراتين والكراكيب دي كلها "


أومَأ لهُ "موسى" بِرأسُه، وأصَابعهُ تَضغط بِثبات عَلى مَكابح دراجتُه


" طيب ياسيدنا عملت خير"


لَمح " نوح " ابتِسامة " موسى " الجَانبيه تَنخفض تَدريجِيًا ، فَاقترب مِنه هَامسًا بِأذُنه


" يسطا مش عايزين ننسى بشر يسطا معانا ده عيل غلبان وعهد الله ، عايزينه يطلع معانا بمصلحه "


عَادت ابتِسامة " موسى " لَهُ يَضغط بِقدمه عَلى المَكابح بِقوه 


" ياسيدنا  عارف انك هتقول كده  ومن غير ما تقول والله حاطه في دماغي "


اخرَج " موسى " النِقود مِن جيبه يَضعها بِداخل كَفُه قَائلاً


" خد ياسيدنا ، اديلوا المبلغ ده وخلي يلم الدنيا دي كلها ،  وقولوا يعمل حسابه انه معانا في الكافيه بس اول ما نفتحه ، معانا بقى على اي وضع تمام "


اشَار " نوح " بِالأيجاب بَينما هَتف " موسى " الى

" لقمان "


" لقمان تعالى ورايا هوصلك للمدرسه عشان ما تتأخرش وانت يا انس روح ادم على البيت واطلع على شغلك


جَلس "لقمان " خَلفه يَعتدل بِجلستُه استِعداداً لِلطريق  بينما غَادر كُلاً مِن "انس" و"ادم"  يُتابع

"نوح  " خَطواتهم المُبتعده بِعينيه وَما أن ابتَعدوا  حَتى لَمح مَن يَقترب مِنه بِخطواتٍ تَحمل دِفئًا مَألوفًا وَشوقًا واضحًا لاَ يُخفَى 


" ازيك يانوح " 


أرجَع رَأسُه لِلخلف مُتكتف فِي ضِيق لِيُجيبها بِنبره جَاهد لِيجعلها هَادئه 


" ازيك انتِ ياوفاء ، بتعملي ايه هنا وعرفتي اني هنا ازاي " 


أردَف وَانقبِض قَلبها مِن نَبرتُه الوَاضحه بِعدم التَرحيب بِها 


" انا ، انا كنت هنا في مستشفى التأمين لسه اول مره ليا في نباطشية الممرضين وانا طالعه شوفت انس وادم طالعين على الشارع عشان يركبوا ولاقيتك واقف بالصدفه ، فقولت يعني 


بَللت حَلقها بِريقها الجَاف


" اجي اسلم عليك وبالمره اسألك مابتردش عليا ليه بقالك فتره وكل ما اتصل بيك حد من اخواتك يرد عليا ، وبعد الشر يعني حد فيهم قالي انك مت"


مَسح بِأرنبة أنفُه عَلى سُبابته وَقد شَعرت بِتهربُه مِن الاجَابه لِذلك سَألت بِدموع تُجاهد اخفَائها 


" انتَ مابقيتش تحبني زي الاول يانوح " 


تَبسم سَاخراً ، يَميل بِرأسُه يُسره ليُجيب بِنبره مُستفزه 


" هو انا كل ما غيب عنك شهرين تلاته ولا مردش عليكي اول خمستاشر مره ابقى مابحبكيش ياوفاء .. 


فَتحت ثَغرها لِتجيبُه وَلكنه قَاطعها وَعلى ثِغره تِلك 

الابتِسامه الجَانبيه 


" يابت والله بحبك ، طمني قلبك ده .. وزي ما انتِ شايفه انا مشغول قد ايه مع اخواتي يعني مابلعبش وربنا عالم اليومين دول الدنيا مزنقه معايا اوي ومحتاج قرشين ومش عايز اقولك تفتكري اني عايز منك حاجه " 


تَبسم حَتى تَجعدت أطرَاف جِفنيه وَكأنهُ قَد أوصَلها لِلمصب 


" والله يانوح انا مابقاش حيلتي حاجه اخر مره بعتلك الغويشتين بتوعي ، وقولت لماما انهم اتسرقوا مش عارفه اساعدك ازاي تاني مع اني والله نفسي اساعدك " 


اتَكأ بِكتفُه الأَيمن عَلى البَاب وَقد كَان فِي قِمة الوَداعه 


" وانا قولتلك هاتي فلوس ياوفاء ولا عايز منك حاجه انتِ كده بتشتميني ، ليه بس كده يا وفاء تزعليني منك ،  وعلى الغويشتين ياستي هرجعهملك بلاش كل شويه تفكريني بيهم  " 


ظَهر القَلق فِي مِقلتيها حِين بَدا انزِعاجه مِنها لِتردف مُسرعه تَنزع الخَاتم الوَحيد مِن أصبعها 


" والله ابداً ما اقصد يانوح ، انا بس بحاول اقف جنبك مش اكتر وتعرف قد ايه انا شايله همك  ، حتى .. حتى عشان تعرف اني نيتي خير خد الخاتم ده ماما جابتهولي في عيد ميلادي فك بي ضيقتك دلوقتي وان شاء الله لما تفتحوا الكافيه والامور تتعدل ابقى رجعهولي "


تَنهد وَقد رَاق له رَدها كَثيراً 


" اه ياختي وترجعي تقولي فين الغويشتين وفين الخاتم ، مع اني مابطلبش ياوفاء ، انتِ اللي بتيجي تديني " 


أخفَى ابتِسامتُه التّي كَادت تَطفو عَلى السَطح 

وَلمحت شَيئًا فِي عِينيه بَدا رِضاه بِهما 


" والله ابداً مش هقولك كده تاني وبعدين مش انت دايماً بتقولي ان احنا الاتنين واحد ، خد بقى ما تكسفش ايدي " 


" يــــاه ، ياوفاء لو مكنتيش تمصممه " 


مَد يَده يَضع الخَاتم بِداخل جَيب بِنطاله الخَلفي اثنَاء حَديثُه 


" يلا بقى روحي دلوقتي وانا اول ما اخلص شغل الكافيه هكلمك على طول " 


اتَى " بشر " يَركن التروسيكل خَاصتهُ جَانبًا يَلقي التَحيه 


" ازيك ياوفاء " 


أومَأت لهُ بِأبتسامه وَهي تُغادر 


" ازيك انتَ يابشر " 


وَحينَ رَحلت اتَجه " بِشر " الى صَديقُه وَقد بَدا عَلى تَقاسيمُه الغَضب 


" انت مش قولت انك سيبت البت دي يانوح "


هَز كِتفيه بِلا مُبالاه


" اعملها ايه هي اللي بتشوفني عنيها تطلع قلوب "


" لا ياراجل ، يعني مش انت اللي فضلت تجري وراها بالشهور لحد ما عبرتك " 


استَدار " نوح"  وَتبسم بِزاويه اوسَع وَكأنهُ رَاضي جِداً عَما حَدث 


" اه انا ، بس في الاخر جت زيها زي غيرها وبقت تجري ورايا كمان " 


" البت دي طيبه يانوح مش زي اي حد عرفته ، سيبها في حالها وخليها تشوف نصيبها وبعدين دي جارتك يا اخي والجيره ليها حق عليك "


كَانت نَبرتهُ حَاده كَما كَانت مَلامحهُ أيضًا ، لِيهدىء 

" نوح " مِن رَوعه قَليلاً


" خلاص ياعم اهدى مش هكلمها تاني ، انا عارف انها هي اللي بتيجي تدي لامك الحقنه وجارتكم وبتاع " 


رَبت عَلى كِتفُه بِحده 


" بس مش عايزك تنسى ان انا صاحبك اللي مالكش في الدنيا غيره " 


.. ... .. ..                      🍁.                 .. ... .. .. 


"العيال اللي جوا المدرسة دول يا لقمان، شايفينك مش أكتر من لعبة جديدة، هيلعبوا بيها، يضحكوا شوية عليها ، وبعدين أول ما يلاقوك اتكسرت هيملّوا منك وهيرموك زي أي حاجه اتكسرت ومابقاش ليها لازمه 

 بس هنا الفرق... الشاطر مش اللي يستنى مصيره، الشاطر هو اللي يقلب الطرابيزه عليهم قبل ما يحسّوا إنهم مسيطرين

 واجههم بعيون ثابتة، خليهم يحسوا إنك شايفهم على حقيقتهم، وإنك قادر تشوف اللي جواهم بنفس خبثهم ، وخليهم من اول مره يحسوا انهم مش قدك " 


زَفر " لقمان " أثنَاء دِخوله لِلمدرسه بَعد تَوديع "موسى"  وَحديثُه ذَلك لاَ يُبارح عَقلُه ، تَحرك بِثقه دَاخل المَبنى ليِرى ثَلاث فَتيات يَشرن نَحوه وَيتحدثن فِيما بَينهن ، وَلكنهُ التَفت اليِهُن نَظر لِبرهه ، ثُم ابتَسم لَهن بِزيف 


" بيقولوا ان المستر الجديد باباه فران ومن حي من الاحياء الشعبيه اللي في السويس " 


قَلب عَيناهُ بِضجر يُحاول تَمالك نَفسُه ، أكمَل طَريقُه يَصعد الدَرجات التّي أَمام البَاب الرَئيسي لِقسم المَبنى الثَانوي ، وبِكُل تَأكيد لَم يَسلم مِن هَمسات الطُلاب أثناء سَيرُه بِالرواق ، وَبات يَشعر بِالأشمئزاز مِن نَظراتهم تِلك


أَسرع يُتابع خُطاه نَحو قَاعتُه، قاعة فَريدة بِمظهرها، أَشبه بِمسرحٍ صَغير ، لَم يَكُن مُجرد حُجره مَدرسيه ،  المَدرجات تُرتّب بِحلقاتٍ نِصف دائريّة تُطوّق المَكان، تَرتفع خَمس دَرجات مُتتاليه تُعطي كُل طالب مَجالاً للنَظر مُباشرة نَحو المَنصّة. السَقف مُقبّب تُضيئه نَوافذ عُليا تُلقي أَشعة شَمس مُتناثرة كَخيوطٍ مُغبرّة فَوق المَقاعد.


يَدخُل الطُلاب مِن بَابٍ عَريض أَعلى المُدرج، بَينما يَدخُل "لقمان" مِن بَابٍ جانبيّ أَسفل القاعة يَؤدّي مُباشرةً إِلى مَكتبُه. مَكتبٌ وُضِع على مَنصّة صَغيرة ترتفع دَرجتَين، وَخلفه سَبّورة الكترونيّة عَريضة كَلوحٍ مُضيء يَملأ الجِدار. كُل التَفاصيل تَجعل المَكان يُوحِي بِمهابةٍ مَسرحيّة


بَدأ الطُلاب بِالدخول واحداً تِلو الأَخر ، لِتقع مِقلتاه 

عَلى " نورا " مِن بَينهم أَومَأت لهُ بِرأسها ، وابتَسم هُو لَها يِشير لَها بِالجلوس 


دَخلت " نورا " الصَف وَجلست فِي أول كُرسي مِن جَانب البَاب بِالأعلى 


 التَفت " لقمان"  وَما بَدأ بِالكتابه  عَلى السَبوره الألكترونيه حَتى سَمع صَوت يَدين عَلى الطَاوله 

لِدرجة أغلَقت " نورا " مِنهُما عَيناها ثُم فَتحتهما بِبطىء وَياليتها لَم تَفعل لِتجد " ليلاس " تَقف أمَامها وَخلفها جَماعتها المُكونه مِن ثَلاث فَتيات وَشابين لِتردف 


"What a beautiful morning that began with seeing Noura Karem, where is the nearest road to hell, please?"


"ياله من صباح جميل بدأ برؤية نورا كارم، أين أقرب طريق للجحيم من فضلكم" 


ضَحك الطُلاب عَلى حَديثها ، بَينما رَسمت " نورا " ابتِسامه زَائفه عَلى وَجهها والخَوف يَملىء تَقاسيمها مُعتذره


" صباح الخير ياليلاس ، اسفه مكنتش اعرف انك عايزه تقعدي هنا النهارده " 


تَدخل " لقمان " بَينهما مُسرعًا بِقول 


" خليكي يانورا رايحه فين انتِ جيتي هنا الاول يبقى ده مكانك " 


 تحرّكت نُورَا وهي تَتحدث ، واضعةً الأقلامَ في جوف حقيبتها


" معلش يامستر لقمان انا اصلاً ما بعرفش اشوف من قدام خليني اقعد ورا احسن " 


ابتَسمت " ليلاس " بِسخريه كَما هُو المِتوقع مِنها 

جَالسه عَلى المَقعد وَمقلتيها الرُماديه لا تُفارق عَينا 

" لقمان " قَائله مُتحديا ايَاه


" صباح الخير يامستر " 


" اللي زيك الخير بيتقلب شر لمجرد ان شوفنا وشوشهم " 


أَخذت تُداعب بأطراف أَصابِعها خُصلات شَعرها، تَلوِّيها وتُرسِلها من بَين أناملها، ثُم التَفتت إِليه قائلة


"بجد .. طيب ليه تِخلّي يومك يِتعكَّر لمَّا عينيك تِقع عليّا؟ قدِّم استقالتك وابعد خالص… وانت مش هتشوف وِشي تاني"


زَفر " لقمان " بِملل يَتجاهل حَديثها الأخير ، يَعود الى السبوره الألكترونيه خَاصتُه 


لُترفع " ليلاس " قَدمها عَلى الطَاوله تَضع قَدم فَوق الأُخرى تَعلن تَحديها لهُ فِي العَلن أَمام الجَميع 


... .. .. ..                    🍁.                      .... .. .. .. 


امنه ..


" اصحي بقى يا امنه ، بقالك كتير اوي نايمه "


عَقدت حَاجباها لِيدٍ تَهز كَتفاها بِخفه ، لِتنفرج رِموشها تُطالع الأَرجاء فِي خمول 


" ليه ، هي الساعه كام دلوقتي يامصطفى  " 


نَبست وَحلقها مُتخدش مِن العَطش ، تَتوجه نَحو أبريِق المَاء تُبلل جَفاف لِسانها 


" احنا خلاص داخلين على العصر وجدك لحد دلوقتي ماتغداش مش راضي يتغدا من غيرك " 


أَومَأت لهُ أثنَاء شُربها لِلماء ، وَقد انتَبهت لِلهاتف بِجوارها حِينها عَادت لَها ذَاكرتها 


" مُكالمتُه ، والوَرق الأَسود عَلى هَيئة تَنينٍ صَغير ، 

وَحديثُه المُبهم عَن الرُمان " 


زَفرت عَندما خَرجت مِن الحُجره لِتجلس فِي مَقعدها بَعدما القَت التَحيه عَلى جَدها لِتجد عَلى الطَاوله خُبز إيِطالي مُحمّص مَع زَيت الزَيِتون وَالأعشَاب، وَشوربَة كَريم مَشروم سَاخنة، وَسلطة جَرجير بِالبارميزَان


" كلي بقى وقوليلي رأيك يا امنه انفع ابقى طباخ شاطر ولا لاء " 


نَبس " مُصطفى " وَهو يُحرك عَجلات كُرسيه أَمامها بَينما  " الـجد" كَان يُحرك حِساءُه بِبطء ، لِتبدأ هَي بِتقطيع الخُبز مُردفه 


" ريحة الاكل تجنن ، حقك عليا المفروض  كنت حضرت معاك الغدا بس راحت عليا نومه ، معرفش نمت النوم ده كله ازاي" 


فَرت ضِحكه خَافته مِن " مصطفى " يَنفي بِرأسُه 

يَرتشف مِن العَصير مَا يَروي عَطشهُ لِلفواكه الحَمراء


" تعملي معايا ايه بس يا امنه ، ده الاكل وتنضيف البيت ده الحاجه الوحيده اللي بتسليني  ما انتِ عارفه لا بروح ولا حتى باجي " 


حَمحمت مَع تَباطىء مَضغها لِقطع الخُبز حِين نَبست لهُ تِهون عَليه وِحدتُه


" خلاص هانت يامصطفى كلها ايام وتتجوز انت وحبيبه وتملالك البيت اطفال تنشغل بيهم ومايبقاش عندك وقت خالص من كتر شقاوتهم " 


تَبسم لَها فِي ايِماءه يُطالع الفَراغ ، مِقلتيه شَارده تَلمع وَكأن ذِكرى شَيئًا مَا اضَاءتهما 


" اتمنى يا امنه ، اتمنى .. بس زي ما انتِ شايفه الراجل ابو حبيبه ده مش عايز يجيبها لبر ، وانتِ لو معرفتيش ترجعي ميراثك من ..


وَضعت يَدها عَلى فَخذُه بِرفق ، تُطالعه بِنظره مُطمئنه لَعلها تَنساب اليِه 


" هاخده .. ميراثي هاخده مش عايزاك تكون قلقان يامصطفى " 


رَفعت يَدها عَن فَخذُه ، تُقلب بَقايا الحِساء 


" عدى من الشهر تلات ايام ، ولسه معانا سبعه وعشرين يوم ، عايزاك تعرف اني هعمل كل اللي في جهدي عشان اشوفك مبسوط وسعيد " 


لاَحت شَفتاها تَبتسم لِرؤيه " مصطفى " سَعيد وَراضي هَكذا مِن حَديثها ، لِتنتبه لِجدها يُطالعها بِنظرات مُختلفه ، نَظرات جَعلتها تَرتبك لِوهله 


" في حاجه ياجدو انت كويس .." 


لِينبس لَها " الجد " بِاستغرَاب سَائلاً


" انتِ مين .." 


زَفرت " امنه " بِملل ، تُطالعه لِتشعر بِنظراتُه لَها تُقيدها 

بِحبلٍ غَير مَرئي واقترابُه نَحوها جَعلها تَقبض عَلى الزُجاجه أمَامها ، نَبس " مصطفى " وَهو يُطالعها فِي ارتِباك 


" امنه ، قومي هاتي الدوا بتاع جدو من اوضتك ، هتلاقيه على التسريحه أنتِ اخر مره حطتيه هناك " 


تَحركت " امنه " دَاخل غُرفتها 


تحرَّكت "آمنة" داخِل غُرفتها بخُطى مُضطربة، تُقلب الأشياء بِعَجلةٍ مُرتبكة بحثًا عن الدَواء  فَتَّشت فوق الطاولة، وَفتحت الأدراج مرارًا، لكن العُبوة لم تكُن هُناك. التَفتت يَأسًا، حتى وقَع بَصرها على الفِراش، حيث استقر الدواء على مَلاءته كأنَّه وُضع عَمدًا. لَم تَشغَل بالها بِالتفكير في السبب، بل أَلقَت بجَسدها المُرهَق فوق السرير تَستجدي لحظة هدوء


لم يَطُل سُكونها، إذ ارتفعت عيناها مُصادَفةً إلى السقف، فإذا بها تَرتطم بمَشهد أربك كيانها. حُروف مُشوَّشة ارتُسمت فوق البياض، كأنها خُطّت على عَجَل، تتوارى وتَظهر في ضباب البصر. تَسارعت أنفاسها، وغَاصت يدها في الفراش تُحاول التثبّت من واقِعها. نهضت دفعةً واحدة، تقف فوق السرير، تُحدّق بجُنون، تُقرب عينيها أكثر حتى انجلت الكلمة واضحة، كأنها أُريد لها أن تُكتَشف في تلك اللحظة وحدها:


"حُبّةٌ من رُمّانٍ قديم… تُخفي بين تجاعيدها قلوبًا هشّة ما زالت تنبض، وما زالوا يُفتّشون عن يدٍ تُنصت."


وبجوار السُطور، بَرز رَمز صغير لِغُصن رمّان، غامق المَلامح، كأنما أُضيف عمداً ليؤكّد أنها ليست مُجرّد كلمات.


تجمّدت أنفاسها، والذهول يُسقِط الدَفء مِن أطرافها؛ تُحدّق مُرتابة، عاجزة عن استيعاب كيف ظهرت تلك العِبارة هُنا، فوق سقف غُرفتها بالذات… لِتعلم أنَها رِسالة وُجّهت إليها وحدها .


.. .. .. .. .. 🍁 .. .. .. .. ..  🍁 .. .. .. .. .. .. 🍁 .. .. 


إن كَانَتْ كَلِمَاتِي قَدْ وَجَدَتْ لَهَا مَقَامًا فِي قَلْبِكِ، فَلَا تَبْخَلِي بِقلب يَضيء لِي الدَّرْبَ، وَتَعْلِيقِ يُنْبِتُ فِي رُوحِيَ الرَّغْبَةَ فِي الاسْتِمْرَارِ✨


𝓜𝓪𝓱𝓮𝓮 𝓐𝓱𝓶𝓮𝓭🥀


لو وصلتي لهنا اتمنى ماتنسيش تدوسي على القلب اللي بيشجعني ♥️



تكملة الرواية بعد قليل 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع