رواية روح الفصل السابع 7 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية روح الفصل السابع 7 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل السابع
روح
الفصل السابع
روح
في أروقة المستشفى، كان الجو مثقلاً بالرهبة والخوف؛ الأضواء البيضاء الباردة تلقي ظلالاً باهتة على الجدران، وصوت الأجهزة الطبية يتردد كأنفاس متقطعة في المكان، بينما وقفت روح متشبثة بيديها المرتجفتين، نظراتها القلقة تنتقل بين الباب المغلق وبين الوجوه المتجهمة التي تحيط بها، وقد كان ركان واقفا بجوارها، عينيه تتأمل الفراغ بجمود بشي بأن قلبه يشتعل من الداخل لكنه يأبى أن ييظهر ذلك، أما بقية أفراد العائلة فكانوا موزعين بين المقاعد والممرات، يتنفسون ببطء وكأن الهواء أثقل من أن يدخل صدورهم. وما هي إلا لحظات حتى انفتح الباب، وخرج الطبيب بوجه متجهم لا يحمل إلا مزيدا من القلق، فتقدمت نحوه الأرجل المرتجفة والعقول المشدودة إلى كلمة واحدة تخرج من فمه، فقال بصوت جاف لكنه حاسم:
الطفله دخلت في غيبوبة... ولازم أبلغ الشرطي علشان الحالة دي فيها شبهة جنائيه
ساد الصمت برهة كأن الزمن توقف، قبل أن يتقدم أمجد بخطوات ثابتة ولكن عيناه تموجان بعاصفة صامتة، ثم قال بحدة مكتومة:
لع يا حكيم..... بلاش شرطة، احنا هنتصرف
ارتجفت روح كأن كلمات أمجد سقطت عليها كسوط يحرق جلدها، فانفجرت تصرخ بصوت يائس غارق في الرعشة:
ليه؟! علشان انتو ال عملتوا اكده صوح... انتو السبب ف كل ال بيوحصل
نظرت ميرا اليها بغضب ثم اندفعت خطوة للأمام، وصرخت في وجهها بعينين تشتعلان غضبا وهتفت:
ـكله بسببك انتي... انتي السبب في كل المصايب ال حوصلت في حياتنا.... انتي السبب ف ال عملتيه في البنت! انتي سبب البلاوي كلها... منك لله يا شيخه
وبصوتها المتهدج اختلطت الشتائم بالدموع، ثم استدارت وغادرت المكان بخطوات غاضبة، تاركة روح غارقة في دموعها وصوتها المبحوح يختنق بين الحناجر وفي بيت العائلة، كان الليل قد غطى الجدران بظلاله الثقيلة، وفي غرفه صفا كانت تقف أمام الحوض، يداها تتحركان بجنون وهي تغسل كفيها مرارا وتكرارا، كأنها تحاول محو أثر لا يزول أبدا، ووجهها مشدود بقلق لا تعرف له تفسيرا إلا أنها مذنبة. وفجأة، رفعت عينيها لتجد ابنتها الصغيرة واقفة عند زاوية الباب، تحدق بها بخوف وعيناها تلمعان بالدموع المكبوتة. فتجمدت صفا للحظة، ثم التفتت إليها بعصبية وهي تقترب بخطوات متوترة، وأمسكت يدها الصغيرة بقسوة وهي تقول بحدة:
انتي بتعملي إي اهنيه
ارتبكت الطفلة وابتلعت ريقها بصعوبة، ثم قالت بصوت مرتجف:
مش... مش بعمل حاجه يا ماما والله
صرخت صفا بعصبية أكبر، وعروق رقبتها تنتفض من الغضب:
اتكلمي يا بت انتي... جولي كنتي بتعملي إي
فانفجرت الطفلة بالبكاء، ودموعها انحدرت على وجنتيها وهي تردد ببراءة ممزوجة بالرعب:
أنا... أنا شوفتك... شوفتك وانتي واجفه تتفرجي علي ليان... والست ال شكلها وحش دي كانت بتموتها
تسمرت ملامح صفا للحظة وعيناها اتسعتا في صدمة عنيفة، ثم اندفعت تضرب ابنتها على وجهها بكف قوية، لتشهق الطفلة من الألم قبل أن تنحني عليها صفا وتهمس بصوت حاد يقطر تهديدا:
انتي عارفه لو جولتي لحد... أنا هخلي الست دي تعمل فيكي نفس ال عملته فيها بالظبط... فاهمه؟
ارتجفت الطفلة بقوة، ودموعها تساقطت كالمطر وهي تهز رأسها بالموافقة، بينما ظل وجه صفا مشدودا بالخوف والجنون في آن واحد كأنها تقف على حافة هاوية لا عودة منها.
وفي مساء اليوم التالي، كانت جنة تجلس على طرف سريرها تضم ركبتيها إلى صدرها وعيناها غارقتان في الخوف، وكأنها ما زالت أسيرة لصور ثقيلة تحاصرها. تذكرت المرأة ذات الملامح القاسية التي رأتها وهي تؤذي ليان وترددت في ذهنها كلمات أمها صفا وهي تهمس لها بصرامة:
"لازم تموتيها... البنت دي لازم تتجتل علشان امها تنتهي من حياتنا نهائي "
ارتجفت جنة، وانسابت دمعة على وجنتها، قبل أن تفزع على صوت الباب وهو يفتح بهدوء، ورأت ظل أبيها ركان يقترب منها. جلس بجوارها على السرير، صوته دافئ لكنه مثقل بالقلق:
مالك يا جنة... انتي مش طبيعيه ليه الايامدي جوليلي يا حبيبتي في اي
رفعت جنخ رأسها إليه، ودموعها لم تجف بعد وأمسكت بيده الصغيرة بكفها المرتجف وقالت بصوت متقطع:
بابا... متسبنيش بالله عليك ... خليك معايا... بالله عليك يا بابا متسبنيش
أحاطها ركان بذراعه وهو يزداد حيرة، نظر إليها مطولا قبل أن يسألها بنبرة قلقه:
في إي يا حبيبتي؟ ليه بتجولي اكده.. انا عمري ما هسيبك.. مالك بس في اي
كانت الصغيره ستتحدث ولكن قبل أن تنطق، انفتح الباب فجأة، ودخلت صفا بخطوات باردة، غير أن عينيها لم تستطيعا إخفاء الشرر المتطاير منهما فـ ارتجفت جنة أكثر، وانكمشت في مكانها وهي تمسك بذراع والدها بقوة، كأنها تبحث عن حماية منه فقالت صفا بابتسامة متكلفة وهي تحاول تمالك نفسها:
جووم يا ركان يلا ... تعالى لازم اكل اي حاجة، انت بجالك يومين مأكلتش
أدار ركان رأسه إليها ببطء وخرج صوته متعب لكنه حاسم:
مليش نفس ومش عايز واكل شكرا
ثم تنهد وسألها فجأة:
ـ روح... جات؟
أجابت صفا سريعا وهي تحاول أن تبدو هادئة:
أيوه... جات من امجد من شويه ودخلت اوضتك وبعدها رجعت لاوضتها تاني
القت صفا كلماتها بينما ظلّت جنة ملتصقة بوالدها، تحدق في أمها بخوف طفولي صامت، وقلبها الصغير يطرق صدرها كأنه على وشك أن ينفجر. وبعد فتره من الوقت دخل ركان غرفته متثاقل الخطى، وجهه شاحب وذهنه مشغول بما دار مع جنة، أراد أن يغيّر ثيابه علّه يزيح عن جسده بعض هذا الإرهاق الثقيل. مدّ يده يفك أزرار قميصه حتى ألقاه أرضا، وبات عاري الصدر. لكن ما إن التفت نحو الطاولة الصغيرة بجانب السرير حتى انعقد حاجباه بدهشة…فـ السلاح الخاص به لم يكن في مكانه فـ تجمد لوهلة ثم انقضت على ذهنه كلمات صفا حين قالت له بهدوء بارد:
(روح دخلت أوضتك الأول)
انقبض قلبه فجأة، كأن صاعقة سرت في جسده واندفع راكضا نحو غرفة روح، قدماه تضربان الأرض بعنف، وصدره العاري يتصبب عرقا ودفع الباب بقوة، وعيناه اتسعتا بصدمه قاسية.
حين وجد روح تقغ في البلكونة وقد صعدت على السور الحديدي، والهواء يعبث بشعرها المبعثر، ويدها المرتجفة تقبض على المسدس فـ ارتجف صوته وهو يصرخ:
روح... إنتي بتعملي إي... انزلي وارمي ال في ايدك دا
التفتت نحوه بملامح منهارة وعيناها محمرتان من البكاء، والندم يغرق ملامحها. فـرفعت السلاح قليلا وهتفت:
انا السبب في كل حاجة يا ركان... أنا ال بوظت الدنيا من أولها... هربت واتجوزت من غير إذنكم... ضيعتكم... بنتي الأولى ماتت... والتانية هتموت... كله بسببي أنا.. انا ال جتلت ولادي الاتنين بأيدي
اقترب ركان منها بخطوات حذرة وصوته منخفض لكنه مليء بالرجاء:
اهدي يا روح... بلاش تجولي اكده... ليان هتبجي كويسه والله انا متاكد
هزت روح رأسها بعنف زدموعها تتساقط بغزارة، ثم نظرت إليه بنظرة مكسورة وهتفت:
حتى إنت يا ركان... خسرتك... كنت بتحبني، ودلوجتي بجيت بتكرهني زيهم كلهم.. انا مبجاش حد عايزني وكله بسببي انا
وقف ركان في مكانه، يمد يديه ببطء نحوها كأنه يحاول أن يلمس خوفها وهتف:
انا مش بكرهك... اسمعيني يا روح.. انا كرهي دا كله من كتر حبي فيكي... من كتر ما اتغدرت منك.. يعني دا مش كره بالعكس... تنا بحاول انتحم منك بس مش عارف... بحاول انساكي ومش عارف.. وبالرغم من كل دا مش جادر اسامحك علشان اكده بطلع غضبي عليكي.. دا مش كره.. نزلي السلاح بالله عليكي وخدي بالك انتي اكده هتوقعي
صرخت روخ بصوت متحشرج، وقد غرزت المسدس في جانب رأسها:
لع .. لازم أموت... يمكن أخلص وأخلصكم مني! لو مموتش من الرصاص... هموت من الوقعة من اهنيه.. انا مش عايزه اعيش اكتر من اكده
ارتعش قلب ركان وكاد ينهار أمام كلماتها، لكن ظل يقترب منها بخطوة تلو الأخرى، يمد كفيه كأنه يناجيها:
لا يا روح... بلاش... بالله عليكي بلاش تعملي فيا اكده تاني... بلاش تعذبيني تاني
أغمضت روح عينيها، ودموعها سالت بغزارة، ثم همست بصوت منقطع :
ـ سامحني... أنا آسفة يا ركان... آسفة على كل حاجة...وجول لامجد وميرا يسامحوني بالله عليك
وفي اللحظة التي رفعت فيها روح المسدس بقوة نحو رأسها، ظهر ظل خلفها بسرعة خاطفة… كان أمجد، قد صعد السور من الجهة الأخرى، عينيه تشتعلان بلهفة وذعر. دفعها بجسده دفعة قوية إلى داخل الغرفة، وفي نفس اللحظة انقض ركان وسحبها بكل قوته وانتزع السلاح من يدها المرتجفة، وألقاه بعيدا فـ انهارت روح بين ذراعيه ووجهها مدفون في صدره العاري، تبكي بحرقة وهي تصرخ بصوت متحشرج:
سيبني... سيبني أموت... أنا تعبت يا ركان... تعبت
أحكم ركان ذراعيه حولها كمن يتمسك بآخر ما يملك، يهمس في أذنها بصوت مبحوح:
مش هسيبك... مش هسيبك تمشي تاني.. مش هسيبك تعذبيني اكده مره تانيه
بينما كان أمجد يقف يتنفس بعنف، ملامحه متشنجة، وعيناه مضطربتان بين الذهول والغضب، والليل في الخارج يعصف برياحه كأنه يشاركهم هذه اللحظة الثقيلة ومع إشراقة صباح جديد، جلس ركان بجوار روح المستلقية على السرير، يده تتحرك برفق فوق شعرها المبعثر، كأنه يحاول أن يهدئ عاصفة بداخلها وهو في الأصل غارق في عاصفته الخاصة. عيناه تراقبان ملامحها المتعبة، وفي قلبه خليط من القلق والحزن.
غير أن لحظة السكون لم تدم طويلاً، إذ انفتح الباب لتدخل ميرا بخطوات سريعة، وجهها ممتلئ بالارتباك، وقالت بصوت متوتر:
ركان… تعالى بسرعه.
نهض ركان على الفور ولحق بها بخطوات سريعة، وما لبث أن وصل إلى أسفل السلالم حتى وقع بصره على الشرطي الواقف عند الباب، وإلى جواره سالم. فـ توقف ركان لوهلة قبل أن يتقدم منه بصوت مبحوح:
في إي يا حضرة الظابط؟
فتح الشرطي ملفا بين يديه، وصوته صارم لا يحتمل نقاشا:
عندنا حكم من المحكمة… بانتقال حضانة الطفلة "ليان" لوالدتها… ولازم تتنفذ.
ساد الصمت أرجاء المكان، قبل أن ينفجر أمجد متقدما خطوة والذهول يعلو ملامحه:
إزاي الكلام دا؟! إحنا مجلناش أي إعلان ولا استدعاء
أجابه الشرطي بهدوء وهو يقلب الأوراق:
لع… الإعلان وصلكم ، وانتوا استلمتوه كمان. ودلوجتي جايين ننفذ وبنحاول نخلي الموضوع ودي.
وفي تلك اللحظة، تحرك سالم إلى الأمام، عيناه تموجان بألم عميق وغضب مكتوم، وقال بصوت متماسك:
كفاية ال حوصل لبنتي… مش عايز حد منكم يشوفها تاني.
وفيما كان الجميع يتابعون بذهول، هبطت روح من الطابق العلوي، خطواتها مترددة، ووجهها شاحب تكسوه آثار دموع لم تجف. ووقفت أمامهم ونظرت مباشرة إلى سالم، ثم نطقت بصوت مرتجف:
أو إي
التقت عينا سالم بعينيها، للحظة صمت فيها كل شيء، قبل أن يقول بصرامة:
تيجي معايا… وترجعي بيتك.
ارتجف قلب روح ورفعت رأسها بصعوبة، ودمعة انزلقت على وجنتها، ثم أجابت بصوت خافت لكنه واضح:
وأنا… موافجه و
تكملة الرواية من هنااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا