رواية منعطف خطر الفصل التاسع وخمسون 59بقلم ملك ابراهيم حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية منعطف خطر الفصل التاسع وخمسون 59بقلم ملك ابراهيم حصريه في مدونة قصر الروايات
#الحلقة_59 قبل الأخيرة 🔥
#رواية_منعطف_خطر
#بقلمي_ملك_إبراهيم
في حاجة غريبه!
مفيش ألم.
مش حاسس بحاجة!
فتح عينه ببطء، وشاف الخصم واقع قدامه… ميت. الدم بينزف من دماغه، والسلاح لسه في إيده. قلب معتصم كان بيدق بسرعة جنونية، رفع نظره، وهناك… شاف مهاب واقف بثبات، ماسك سلاحه، وعينه كلها ثقة.
فهم ان مهاب هو اللي أنقذه.
وسط أصوات الرصاص والصراخ، مهاب صرخ له بابتسامة خفيفة:
– مراتك لو خلفت ولد… هتسميه إيه؟
معتصم رد بابتسامة فيها امتنان:
– مهاب طبعًا!
ضحك مهاب بثقة وهو بيرجع يركّز على المعركة:
– يبقى كده مش خسارة فيك الرصاصة اللي أنقذتك!
معتصم ضحك وبص للسما وهمس: شكرا يارب.
َقرب من جثة الشخص اللي واقع على الأرض عشان ياخد سـ ـلاحه، وهو بياخد الSـلاح لفت انتباهو سلسلة غريبة في رقبته، أخدها معتصم ومسكها في ايديه وهو بيتأملها، فجأة اتفتحت في ايده ولقى جواها فلاشه صغيرة.
........
تحت، كانت المهمة لسه مشتعلة، أصوات الرصاص بتتقطع مع صرخات وتبادل أوامر بين قوات الشرطة ورجال الmافيا. الجو مليان دخان وريحة بارود، والخطوات بتجري في كل اتجاه.
لكن بعد دقايق معدودة، صوت الطلقات بدأ يهدى، ورجال الشرطة قدروا يسيطروا على الموقف. كل اللي كان لسه عايش من رجال الmافيا اتقبض عليه.
الصوت جه واضح في اللاسلكي:
– المهمة نجحت… الكل يوقف إطلاق النار.
خالد كان نازل على ركبته جنب واحد من العساكر ، العسكري كان مصاب والدم مالي الأرض تحته.
كان واقف قريب من خالد وقت ما اتصاب برصاصة في رجله، ولما وقع، خالد سحبه بسرعة لغطاء جانبي، وابتدى يضغط على الجرح بكل قوته عشان يوقف النزيف. أنفاسه كانت سريعة ووشه متوتر، لكنه مركز لآخر لحظة.
رجال الإسعاف جريوا عليهم، رفعوا المصاب على النقالة وأخدوه معاهم.
معتصم قرب من خالد، ووقتها لمح بقع دم على صدره بعد ما خلع الواقي:
– خالد… إنت كويس؟
خالد مسك صدره بألم، وصوته طلع متقطع:
– كويس… بس شكل الجرح بتاع العملية اتفتح تاني وبينزف.
معتصم بسرعة بيشوف مكان النزيف، صوته ارتفع وسط الزحمة:
– مسعف!… حد ييجي هنا بسرعة!
لكن خالد رفع إيده يطمنه بابتسامة هادية رغم الألم:
– متقلقش يا معتصم… مفيش حاجة.
وبص حواليه بقلق:
– هو… مهاب فين؟
معتصم لف حواليه بسرعة، صوته مليان قلق:
– أنا بدور عليه… مش لاقيه! ده هو اللي أنقذني فوق… كنت خلاص نطقت الشهادة!
كلمات معتصم خلّت القلق يتسلل أكتر لقلوبهم. لحظات تقيلة عدّت، والرعب بدأ يسيطر عليهم وهما فعلاً مش شايفينه في أي مكان.
معتصم بقى يتحرك وسط الزحمة، يسأل أي ظابط أو عسكري يقابله:
– شفتوا الرائد مهاب؟! كان فوق معايا!
وخالد، رغم الألم اللي بيخبط في صدره والنزيف اللي مش بيقف، بدأ هو كمان يدور، عينه بتتحرك بسرعة من غير ما يقدر يوقف نفسه.
الاتنين وقفوا لحظة، يبصوا لبعض، والنظرة بينهم بتقول نفس الجملة من غير ما تتقال:
– يا رب يكون بخير.
دخلوا جوه الفيلا، أصوات خطواتهم بتدوس على فوارغ الطلقات المنتشرة على الأرض. الجدران عليها آثار الرصاص، والخراب مالي المكان بعد المعركة العنيفة. ريحة البارود لسه معلقة في الجو، والجثث مرمية في زوايا مختلفة.
خالد كان بيتحرك بحذر، عينه بتمسح المكان، وفجأة…
وقف مكانه، جسمه اتجمد، وعينه اتسعت من الصدمة.
صوته خرج واهتز وهو بينادي:
– "معتصم…"
عينه كانت متثبتة على حاجة قدامه، حاجة خلت دقات قلبه تسرع، ومش قادر ياخد خطوة لقدام.
معتصم قرب من خالد بخطوات سريعة، قلبه بيدق بعنف من الخوف على مهاب. وقف جنبه وبص قدامه… وفي نفس اللحظة، هو كمان اتجمد من الصدمة.
لحظات معدودة وهما بيحاولوا يستوعبوا المشهد، قبل ما يتحركوا بخطوات تقيلة ناحية المكان اللي عنيهم اتثبتت عليه.
في نص المطبخ، مهاب كان قاعد على تربيزة صغيرة، فاتح رغيف عيش بلدي، وحاطط جبنة ولانشون، بياكل فطور كامل كأنه في بيته، مفيش في وشه أي أثر للمعركة اللي لسه مخلصتش من دماغهم.
خالد ومعتصم وقفوا قدامه مش قادرين ينطقوا من الصدمة. أخيرًا، صوت معتصم خرج مهزوز:
– مهاب… إنت بتعمل إيه؟
مهاب رفع عينه وهو بياكل من السندوتش بكل هدوء:
– بفطر… مش المهمة خلصت؟ أسيب نفسي أموت من الجوع ولا إيه؟
خالد اتنرفز، مسك طبق فاضي من قدامه ورماه عليه بعصبية:
– إحنا اللي كنا هنموت من الخوف عليك يا متخلف! وانت قاعد هنا بتفطر؟!
معتصم تدخل بسرعة، ماسك خالد من كتفه وهو بيبعده عنه بالعافية:
– "اهدى يا خالد…"
في اللحظة دي، صوت خطوات القائد دخل ووقف قدامهم ، وصوته القوي ملأ المكان:
"إيه اللي بيحصل هنا؟"
مهاب قام واقف بسرعة، مؤدي التحية العسكرية بكل جدية.
معتصم اتدخل بسرعة قبل ما الموضوع يكبر:
– مفيش يا فندم… بس خالد الجرح اللي في صدره اتفتح، وأنا كنت بدور على حاجة أوقف بيها النزيف.
القائد كان واقف عند باب المطبخ، عينه بتلمح مهاب اللي كان بيحرك بقه ببطء شديد، بيحاول يبلع اللقمة من غير ما القائد يلاحظ. قدامه طبق فيه عيش وجبنة ولانشون.
القائد رفع حاجبه وسأله بصرامة:
– وأنت… كنت بتعمل إيه هنا يا مهاب؟
مهاب رد بسرعة:
– كنت بعمله سندوتش يا فندم… أصل خالد حاسس بهبوط بسبب النزيف.
القائد بص له لحظة، وبعدين ابتسم وهو بيهز راسه:
– خالد برضه اللي حاسس بهبوط؟!
خالد بص ل مهاب بنظرة غيظ، الغيظ اللي فيه خوف حقيقي كان جواه من لحظات.
أما معتصم، فحاول بكل قوته يكتم ضحكته بعد ما قلبه ارتاح واطمن على مهاب.
القائد حول نظره لخالد:
– الإسعاف برّه يا خالد، خليهم يشوفوا الجرح بتاعك.
واتحرك القائد للخروج، وصوت خطواته اختفى.
مهاب وقتها أخد نفس عميق وكأنه فلت من كمين، بلع الأكل، وقعد بارتياح وهو بيكمل فطاره.
معتصم بص له بابتسامة ساخرة:
– انت جبت الأكل ده منين ؟
مهاب أشار للجبنة وهو بياكل:
– التلاجة بتاعهم مليانة أكل،
ولاد الإيه دول جايبين جبنة طعمها حلو أوي… شكلها مستوردة.. جايبينها معاهم وهما جاين!
معتصم هز راسه بقلة حيلة، وبص على خالد اللي كان واقف على وشك ينفجر من عمايل مهاب.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في بيت أخو سالم الدريني…
ياسمين كانت في أوضة واحدة مع كارما، ومعاهم أحمد.
وأخيرًا… الأخوات اتجمعوا. اللحظة اللي كانت ياسمين بتتمناها من اول ما عرفت ان لهم اخت.
بابتسامة مليانة دفء، عرفت أحمد إن كارما تبقى أختهم. ملامحه اتبدلت بدهشة وفرحة، وكارما ما ضيعتش وقت، قعدت تتكلم معاه وتضحك وهي بتلاعبه، وهو بيرد عليها بضحكة طفولية بريئة.
لكن ياسمين… كانت في عالم تاني خالص. واقفة في البلكونة، عينها شارده لبعيد وقلبها مشغول على حبيبها.
جواها لهفة تسمع صوته، او كلمة واحدة منه تكفي… تسمع منه إنه بخير، وساعتها قلبها يهدى.
........
في أوضة جنبهم…
بهيرة وعبير كانوا قاعدين، والجو بينهم تقيل لدرجة تخنق.
دموع عبير ما وقفتش لحظة، عينيها حمرا وهي بتبص لبهيرة بنظرة ندم، بتحاول بأي طريقة تطلب منها تسامحها.
لكن بهيرة كانت متجمدة مكانها، وشها ثابت لكن جواها عاصفة. قلبها مجروح باللي عرفته… أبوها، السند والضهر اللي طول عمرها متكأة عليه، كان ناوي يحرق قلبها على ابنها.
وأختها الوحيدة، اللي كانت بتعتبرها حياتها… طلعت بتخدعها، وتكدب عليها وتقول إن أبوها مسافر، وهو في الحقيقة عايش في بيته وبيخطط يقTل ابنها!
كل واحدة فيهم شايلة جرح عميق وإحساس بالخذلان، لكن ما فيش ولا واحدة قادرة تبوح للتانية اللي جواها.
الثقة اللي كانت بينهم اتكسرت… وكسرها كان تقيل، صعب يتلحم تاني.
........
أما عند سالم…
كان قاعد تحت مع أخوه، ساكت وعينه مركزه علي نقطه ثابته قدامه بشرود. القلق كان واكل قلبه، والخوف مسيطر عليه… خايف يخسر ابنه.
كل ساعة بتمر عليه كانت تقيلة كأنها يوم كامل، وكل دقيقة بتزود وجعه.
مستني مكالمة من خالد تطمّنه… مستني يسمع صوت ابنه الوحيد، اللحظة اللي يشوفه فيها وتقرّ عينه برؤيته.
الإحساس ده كان خانقه، كأن أنفاسه مش كاملة لحد ما يتأكد إن ابنه بخير.
........
في سوهاج…
عند أهل معتصم.
ممدوح ما خرجش من البيت طول اليوم، قاعد زي الحارس، عينه ما بتفارق زينب مراته، بيراقب كل تحركاتها وكأنه مستني منها غلطة.
هي التوتر باين عليها، ملامحها مش ثابتة، وكأنها شايلة في دماغها مصيبة بتفكر فيها.
الشر اللي جواها كان عامي عينها عن نظرات جوزها اللي بتلاحقها في كل خطوة وتقرأها من غير ما تنطق.
أما زينة… كانت في أوضتها طول اليوم، ما خرجتش.
قلبها مشغول وملهوف على معتصم، إحساس القلق مسيطر عليها.
قاعدة مستنية منه مكالمة تطمّنها، وكل ما تبص علي الموبايل ، تدعي في سرها ربنا يحميه ويرجّعها له بالسلامة.
........
في مديرية الأمن، كان الجو مشحون بالترقب.
معتصم سلّم الفلاشة اللي انتزعها من سلسلة رجل الmافيا اللي مهاب قTله.
بعد الفحص، ظهرت الحقيقة… ملفات بأسماء تقيلة، شخصيات لها نفوذ، متورطة لسنين في شغل مشبوه مع الMافيا.
واضح إن الراجل ده كان مخزن الأسرار دي كدرع يحميه من غدرهم، لكن الدرع وقع في إيد الشرطة.
أوامر صدرت فورًا بخروج مأمورية خاصة للقبض على الأسماء اللي ظهرت.
وفي وسط ده، خالد طلب يقابل جده، وحيد الأسيوطي.
الباب اتفتح، وحيد دخل مكبل بالكلبشات، ملامحه متماسكة ظاهريًا، لكن عنيه فيها لمعة غريبة ما بين التحدي والانكسار.
خالد كان قاعد، قام واقف أول ما شافه، نظره هابط للأرض وكأنه بيجمع شجاعته.
وحيد رفع راسه، وبص لخالد، صوته خرج مهزوز لكنه مغلف ببرود متعمد:
– جاي تشمت في جدك؟ ولا جاي تعرض المساعدة يا حضرة الظابط؟
خالد رفع نظره عليه، صوته هادئ لكن فيه حدة وقهر مكتوم:
– جاي أسألك… ليه؟
ضحكة قصيرة خرجت من وحيد، متبوعة بثقة مصطنعة:
– هو إيه اللي ليه؟! انت هتصدق كلام الشرقاوي والمجنون حفيده!؟ أنا طول عمري راجل شريف. وهما ما عندهمش دليل واحد يثبت كلامهم… وهطلع في أول عرض ليا على النيابة!
خالد هز راسه، ابتسامة ساخرة رسمت نفسها على وشه، لكنها مكسورة بحزن حقيقي:
– لا… المرادي ما حسبتهاش صح يا جدي.
انت هنا مش عشان اعتراف الشرقاوي ولا حفيده…
انت هنا… عشان تورطك في أعمال إجرامية أخطر بكتير منهم.
وحيد الأسيوطي بلع ريقه بصعوبة، عينيه بدأت تزوغ، وصوته طلع هامس كأنه بيختبر رد فعل خالد:
– انت… مكنتش فاقد الذاكرة… صح؟
خالد رفع عينيه ، نبرة صوته ثابتة لكن وراها مرارة موجعة:
– صدقني… جت عليا لحظات، اتمنيت فيها أفقد الذاكرة بجد… وأمسح كل ذكريات عمري اللي كنت عايشها وانا فاكر إن جدي راجل شريف.
ملامح وحيد شدّت، وحاول يرجّع هدوءه:
– انت معندكش أي دليل تمسكني بيه!
خالد ابتسم ابتسامة حزينة، هز راسه:
– فعلا مكنش عندي دليل … لكن دلوقتي، معانا دليل قوي ضدك، وضد كل واحد خان البلد دي وهو قدام الناس بيبان إنه بيدافع عنها.
نفسي ألاقي سبب واحد… أو حتى عذر… يخلي إنسان في مكانتك… تبقى دي نهايته.
وجه وحيد اتغير، الذهول سيطر عليه:
– يعني إيه معاكم دليل؟
خالد رد بثقة وهدوء قاتل:
– هتعرف في النيابة… اللي كنت متأكد إنها هتخرجك.
الأفضل تبدأ تتعود على حياة السجن… لأن أقل حكم عليك، هيكون مؤبد.
ساعتها، وحيد فهم… دي كانت النهاية.
خالد وقف، عينيه مليانة خذلان أكتر من الغضب، ونادى بصوت هادي:
– خده يا عسكري… رجّعه الحبس تاني.
الكلمة كانت تقيلة على قلب خالد… تقيلة لدرجة حس بيها وهي بتغرس جوا صدره.
عمره ما تخيل إنه ييجي يوم وينطقها، ويكون جده هو المقصود بيها.
قعد على المكتب، ضهره مكسور من الحزن، وعينيه اتعلقت في الفراغ… قلبه بيصرخ، بس خلاص، مفيش فايدة. الحزن مش هيرجع حاجة.
جده غلط… وغلطته كانت كبيرة، والنتيجة طبيعية.
لازم يتعاقب… ويدفع تمن خيانته لبلده.
صوت معتصم قطع شروده وهو داخل بحماس:
– هتعمل إيه يا خالد؟ هترجع بيتك ولا هتروح لأهلك في بيت عمك؟ إحنا خدنا أجازة أسبوع… مش عايزين نضيعها.
خالد وقف، وكأنه بيحاول يقفل الصفحة دي من حياته.
أبوه، أمه، مراته… هما الأهم دلوقتي.
اتكلم بهدوء:
– انت هتعمل إيه؟
معتصم ابتسم وقال:
– هروح البلد حالاً… مراتي وحشاني.
خالد ابتسم، وسأل وهو بيحاول يخفف الجو:
– والأستاذ التاني راح فين؟
معتصم ضحك:
– لما عرف إن في أجازة… جري من المديرية.. بيقول تعب وعايز ينام.
خالد ضحك:
– بيتعب هو أوي.
خرجوا مع بعض، وخالد قال وهو ماشي:
– أنا كمان هروح عند أهلي، أكيد قلقانين عليا.
رد معتصم وهو ماشي جنبه:
– ماشي وابقي طمني عليك لما توصل.
ََرواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في سوهاج.
جوه بيت أبو معتصم، الجو كان هادي، صوت عقارب الساعة واضح وسط السكون.
زينب كانت قاعدة على الكنبة، أصابعها بتفرك في بعض بسرعة، وعينيها شارده في الأرض، كأنها بتحارب أفكارها جوا دماغها.
أبو معتصم قام من مكانه وقال بصوت هادي:
– أنا هطلع أنام… تصبحوا على خير.
طلع على السلم بهدوء، وبعده زهيرة وقفت وقالت وهي بتتحرك:
– وأنا هطلع أطمن على زينة وأنام… تصبحوا على خير.
فضلت زينب قاعدة، وممدوح كان بيراقبها بعينه، صوته فيه لمحة غموض:
– يلا يا زينب نطلع ننام إحنا كمان.
زينب ردت بسرعة، صوتها فيه توتر:
– لا، اطلع انت… أنا هدخل المطبخ أغسل شوية أطباق من بواقي العشا.
ممدوح فضّل باصص لها لحظة، وكأنه بيحاول يقرأ اللي جواها، وبعدين قام طالع على أوضتهم من غير ما يقول كلمة تانية.
زينب فضلت قاعدة مكانها كام دقيقة، بتسمع حركة البيت وهي بتهدى تدريجيًا لحد ما السكون غطى المكان. قامت ودخلت المطبخ، فتحت المية، بدأت تغسل الأطباق بهدوء، لكنها كانت بتطوّل، كأنها مستنية اللحظة المناسبة.
لما خلصت، مسحت إيديها وبصت حواليها، تتأكد إن الكل نام. قلبها بدأ يدق أسرع وهي بتاخد إزازة سائل غسيل المواعين من جنب الحوض.
طلعت على السلم بخطوات حذرة، وقفت على أعلى درجة وبصت حواليها… البيت غرقان في الضلمة، وكل حاجة ساكنة. فتحت الإزازة بإيد مرتعشة، وكبت السائل كله على السلم، ريحته النفاذة مالية الجو.
وبخطوات سريعة، راحت على أوضة زينة وخبطت على الباب بهدوء.
من جوه، سمعت صوت زينة.
زينب حطت أيديها علي بطنها ، وعملت نفسها تعبانة وعندها مغص، وهي بتفتح الباب دخلت بصوت متقطع وكأنها بتلهث:
– الحقيني يا زينة… بطني بتتقطع.
زينة قامت بسرعة، القلق باين على وشها، وقربت من زينب وهي بتسألها:
– مالك يا زينب؟ في إيه؟
زينب ردت بصوت متقطع، ماسكة بطنها وكأن الألم بيقطعها:
– تعبانة أوي يا زينة… بطني بتتقطع… مش قادرة أنزل أعمل حاجة دافية أشربها. معلش يا زينة، تنزلي تعمليلي كوباية نعناع دافية… هي اللي هتريحني. أنا كنت هخبط على عمتي، بس مش عايزة أتعبها.
زينة ردت من غير تفكير:
– حاضر هنزل أعملك… اقعدي ارتاحي هنا.
زينب قعدت على السرير، تمثل التعب بعينين مغمضة ونَفَس تقيل، وزينة صدقتها وخرجت بسرعة من الأوضة.
جسم زينب كان بيرتعش، عينيها مفتوحة نص فتحة وهي منتظرة اللحظة… منتظرة تسمع صوت صراخ زينة وهو بيملي البيت كله.
لكن… عدت ثواني… بقت دقيقة… دقيقتين… تلاتة… خمسة!
مفيش صوت… ولا حتى خبطة… ولا حتى همسة!
الحيرة كسرت تمثيلها، فقامَت بحذر من على السرير. خرجت من أوضة زينة، خطواتها بطيئة ومرعوبة، قلبها بيخبط في ضلوعها. قربت من السلم وبصت لتحت… مفيش أثر لزينة! ولا حتى ظلها.
وقفت على طرف السلم، عينيها رايحة جاية على الدرج… كانت بتدقق لو فيه أثر خطوات فوق سائل الغسيل.
لكن فجأة، صوت ممدوح جوزها جه من وراها، هادي بس حاد:
– بتبصي على إيه يا زينب؟
زينب اتخضت، قلبها طار من مكانه، ورجليها خانتها.
خطت خطوة مش مقصوده ونزلت على أول درجة، وأول ما لمسَت السائل… رجلها راحت من تحتها!
اتزحلقت، وصوت صراخها شق سكون البيت وهي بتتقلب على الدرج… لحد ما ارتطمت بالأرض تحت، جسمها واقع وكأنه كله اتكسر.
زينة كانت واقفة ورا ممدوح، قلبها بيخبط من الخضة.
افتكرت اللحظة اللي خرجت فيها من أوضتها عشان تنزل تعمل حاجة دافية لزينب… لكن قبل ما تخطي أول درجة على السلم، لقت ممدوح ابن خالها بيشدها من إيدها فجأة، نظرته جدية وعينيه فيها تحذير، وهو بيشاور لها ما تطلعش صوت، وتتحرك معاه في سكات.
رعب تسلل لقلبها وهي مش فاهمة إيه اللي بيحصل… بس دلوقتي فهمت: لو ممدوح ما لحقهاش، كانت هي دلوقتي اللي مرمية مكان زينب تحت!
صوت صراخ زينب، خلى الحاج عبد الرحيم يخرج من أوضته بسرعة، وزهيرة كمان خرجت بخضة، صوتها عالي وهي بتسأل:
– في إيه؟
ممدوح كان واقف، عينه معلقة بمراته وهي مرمية على الأرض، مش قادرة حتى تطلع صوت من الوجع، وزينة واقفة جنبه، حاطة إيديها على بوقها وكاتمة شهقتها.
ممدوح شاور لأبوه وعمته، صوته ثابت:
– محدش ينزل في حاجة بتزحلق علي السلم… هاتي فوطة ناشفة من عندك يا عمتي.
زهيرة جرت على أوضتها ورجعت بسرعة ومعاها منشفة، وممدوح بدأ يجفف سائل الغسيل من على السلم بحذر، كل حركة منه محسوبة.
زينة فضلت واقفة في مكانها، جسدها متجمد وعينيها متسعة، مش قادرة تصدق المشهد.
ممدوح نزل بخطوات تقيلة، وأبوه وعمته وراه بحذر.
زينب كانت ملقاة على الأرض، وشها شاحب وصوتها طالع ضعيف:
– الحقني يا ممدوح…
زهيرة قربت منها، وحطت إيدها على وشها بتحاول تطمن عليها، لكن عينيها اتسعت فجأة لما لمحت الدم بينزف من تحت زينب.
بصت لممدوح بصدمة، صوتها طالع بهمس لكنه مليان رعب:
– هي زينب… كانت حامل!؟
ممدوح بص لعمته بصدمة، وبعدين عينه راحت لزينب اللي كانت بتغيب عن الوعي، وشها شاحب ونفسها متقطع.
صوت أبوه جه ملهوف وقلق واضح فيه:
– شيل مراتك، ناخدها المستوصف بسرعة يا ممدوح.
زهيرة قربت أكتر، ملامحها مضطربة وهي بتقول:
– مراتك شكلها كانت حامل وبتسقط… لازم دكتور يشوفها بسرعه.
ممدوح وقف لحظات مكانه، عينه مثبتة على الدم اللي بيغمر الأرض حوالين زينب، ودماغه مش قادر يستوعب إنها كانت حامل فعلًا… الصدمة كانت قافلة على أي رد فعل تاني.
ببطء، انحنى وشالها من على الأرض، رفعها بإيدين ثابتة رغم رعشة قلبه، وطلع بيها برا البيت بخطوات سريعة، وأبوه وراه بيجري.
زينة كانت واقفة فوق، بتتابع المشهد بعينين متسعة وخطواتها متسمّرة، الخوف مسيطر عليها، ومخها بيصرخ بأسئلة مش لاقية لها إجابة.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في ساعة متأخرة من الليل،
في بيت اخو سالم الدريني ، الدنيا كانت ساكنة والهدوء مغطي كل ركن.
الكل نايم، ماعدا ياسمين اللي كانت واقفة في البلكونة، نفس وقفت خالد المفضلة.
قلبها ملهوف عليه، عينيها سارحه في السماء وكأنها بتسأل النجوم: هو فين؟ ليه مكلمهاش ولا طمّنها؟ ليه مفيش أي خبر عنه، ولا حتى كلمة تخفف القلق اللي بيخنقها!
فجأة، اخترق هدوء الليل صوت صفير خفيف من تحت البلكونة.
عرفته فورًا… النغمة كانت إشارته ليها.
بصت بسرعة لتحت، وقلبها دق بقوة… هو خالد، واقف يبتسم لها ابتسامة دافية.
قال بهدوء وصوته فيه حنية:
– فاضية تيجي معايا مشوار؟
ابتسمت ودموعها لمعت في عينيها، هزت راسها بسرعة ونزلت تجري على السلم.
فتحت باب البيت، وأول ما شافته واقف قدامها، رمت نفسها في حضنه.
ضمها لقلبه، متجاهل الألم اللي حس بيه من الجرح لما ضغطت عليه.
تنهد بحب وهمس:
– وحشتيني.
رفع وشها بين إيديه، وعينيه غرقانين في عيونها اللي لسه الدموع بتلمع فيهم، سألها:
– في حد صاحي؟
هزت راسها بـ "لا".
مسك إيديها وقال:
– طب تعالي معايا.
أخدها معاه، وهي ماشية جنبه وقلبها مليان أسئلة، لحد ما وقفت وقالت:
– هنروح فين دلوقتي؟ وبعدين طمّني عليك الأول… إيه اللي حصل؟
وقف وبص في عينيها، صوته ثابت:
– خلاص، مبقاش في خطر تاني.
هي بفضول وقلق:
– مبقاش في خطر إزاي؟ احكيلي! وبعدين إنت مكلمتنيش تطمني ليه… أنا كنت هموت من الخوف عليك!
مسك إيديها بإحكام وقال:
– هقولك كل حاجة… تعالي.
خدها وقعدوا في جنينة بيت عمه، ريحة الورد حواليهم، والليل شاهد على لحظة اللقاء اللي كانت مستنياها.
ياسمين، قلبها بيخبط، بصت له بفضول أكتر وسألته:
– إيه اللي حصل يا خالد؟ طمّني.
خالد بدأ يحكيلها كل اللي مر بيه، عن المهمة الصعبة، وعن مقابلته مع جده والكلام اللي دار بينهم، لحد ما ختم كلامه بصوت فيه راحة:
– خلاص… إحنا بقينا في أمان، وكل المتورطين اتقبض عليهم.
ياسمين كانت قاعدة قدامه، عينيها مثبتة عليه وبتسمع بكل تركيز، قلبها بيهدى مع كل كلمة. وفجأة، لمعت عينيها بسؤال غريب وهي بتبص له:
– خالد… هو إنت شعرك بيلمع ليه؟
خالد اتجمد لحظة من المفاجأة، وبص لها باستغراب:
– انتي جبتي الجملة دي منين؟ مهاب اللي قالك عليها؟
ردت ياسمين بدهشة بريئة:
– مهاب قالي على إيه؟ مش فاهمة! اللمعة دي أنا عرفاها كويس… إنت روحت البيت، أخدت شاور، وحطيت من كريم الشعر بتاعك… صح؟
خالد سابها لحظة وبص لها وكأنه بيحاول يستوعب:
– انتي قصدك على كريم الشعر؟
ياسمين رفعت حواجبها وقالت بنبرة عتاب:
– لا طبعًا… أنا قصدي إن حضرتك روحت البيت، غيرت لبسك، أخدت شاور، وحطيت كريم شعر وبرفيوم… وأنا قاعدة هنا هموت من الخوف عليك!
ابتسم خالد وضحك بخفة:
– ده قصدك؟
ردت ياسمين بثقة وهي شايلة جواها شوية زعل:
– آه طبعًا… المفروض كنت تطمني قبل كل ده!
خالد هز راسه وهو بيضحك:
– طب مبدئيًا كده، موضوع لمعان الشعر متتكلميش فيه تاني… وخصوصًا قصاد المجنون اللي اسمه مهاب. عارفة لو لقيتي شامبو مكتوب عليه "لمعان الشعر"؟ ارميه.
ياسمين فضلت تبص له بدهشة ممزوجة بفضول ، وهو كان بيضحك وكأنه نسي كل التعب اللي عاشه الساعات اللي فاتت.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في سوهاج.
جوه مستوصف طبي صغير على طرف البلد، ريحته خليط من المطهرات وصوت مروحة سقف بتلف ببطء.
ممدوح كان واقف جنب السرير، عينيه معلقة بحركة الدكتور وهو بيركب الكانيولا في إيد زينب.
ملامحه كانت جامدة، لكن جواه كان في دوشة مشاعر ما بين صدمة ووجع.
زينب بدأت تفوق، جفنها بيتقل ويفتح، وبتحاول تركز في الأصوات حواليها.
الدكتور بص لممدوح وهو بيقول بهدوء:
– مش هتحتاج عملية تنظيف رحم، الحمل كان لسه في أوله… هتاخد الأدوية دي وترتاح وهتبقى كويسة.
زهيرة قربت خطوة وسألت بصوت كله لهفة، لدرجة إن الكلام وصل لودان زينب وهي لسه بتفوق:
– يعني هي كانت حامل يا دكتور؟
الدكتور أومأ براسه وقال:
– آه… كانت حامل في شهرها الأول، لكن للأسف الواقعة كانت قوية ومستحملتش.
زهيرة بصت لممدوح بعينين حزينة، أما الدكتور فكمّل كلامه قبل ما يخرج:
– أول لما المحلول يخلص، تقدروا ترجعوا البيت… بس ضروري ترتاح وتاخد الدوا.
لما الباب اتقفل وهدأ المكان، زينب رفعت إيديها الضعيفة لبطنها، وصوتها خرج بضعف :
– هو الدكتور بيقول إني كنت حامل؟ يعني أنا بخلف؟
ممدوح وقف قدامها، عينيه مليانة وجع، قلبه بيتقطع على الطفل اللي كان بيتمناه طول عمره، واللي ضاع منه في لحظة… لكن وجعه كان ممزوج بغضب عميق:
– كنتي حامل بعد السنين دي كلها… بس شوفي حكمة ربنا، رتبتي الواقعة دي لزينة عشان تحرميها من الخلفة… بس جت فيكي انتي، ودوقتي اللي كنتي هتعمليه فيها…
سكت لحظة، نبرة صوته اتحولت لجمود وقسوة، وعينيه ما اهتزتش وهو بيقول:
– انتي طالق يا زينب... بقلمي ملك إبراهيم.
.... يتبع
تكملة الرواية الأخير من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا