رواية دفء المشاعر الفصل الثالث 3 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية دفء المشاعر الفصل الثالث 3 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
#دفء_المشاعر
البارت_الثالث
***********
كان الليل أوشك ان ينسدل على المدينة كستارة حزن، حينما جلس بدر الويشي في غرفته الواسعة، تلك التي لا تخلو من الفخامة، لكنها فارغة من الدفء. ورغم البُعد، ورغم طبول الحياة التي تطرق عليه من كل الجهات، لم يغادره حنينه إلى أرضٍ كانت تسقيه معنى الرجولة، واركانه تحفظ صوته كما تحفظ الذاكرة صدى أول بكاء.
أمسك الهاتف بقبضة لا تخلو من تردّد، ثم ضغط الرقم الذي يحفظه قلبه لا ذاكرته. لم تكن مكالمة عابرة... بل كانت استدعاءً لما حدث في غيابه خلال أيامٍ طوال.
رنّ الجرس، وحين أتاه صوت زوج أخته، ارتجف شيء داخله ، لكن قبل أن ينطق، اخترقت أذنه صرخة...صرخة أنثى...حادة، موجعة، كأنها طعنة مزّقت صدره من الوريد إلى الوريد.
فهبّ صوته، مبللًا بالقلق، ينفجر على الطرف الآخر:
حصل إيه عنديك يا رحمي؟ طمّني على إخواتي، إيه صابهم؟ ومالها بدور عم تصرخ بعزم ما فيها ليه؟ صابها إيه، حبيبة جلب خوها؟!"
كان الإيقاع في نبرته كالرعد... لا هو غاضب، ولا هو مطمئن، بل بين بين... كمن فقد السيطرة على قلبه.
جاء صوت "رحمي" متهدجًا، يحاول أن يلملم ما تناثر من الذعر:
خيتك زينه، ما صابها شي يا عمدتنا...
دي بس من خلعت جلبها عليكِ الكام يوم اللي فاتو.
ما صدّقت سمعتني بجول بدر إلا وصرخت ووجعت من طُولها! هملني دجيجة أطمن عليها، وأخليها تحددتك بنفسها. لجل يطمن جلبك
بدر، رغم حرقة اللهفة، لم يُفلت خيط الاتصال، كأن الصوت حبل نجاةٍ لا يحتمل الانقطاع. قال بنبرة مُغلّفة بالحزم والرجاء:
سيب المكالمة مفتوحة، متجفلش... خليها تصحى وتحددني، أنا مستني."
مرّت لحظاتٍ كأنها دهر، كانت أنفاسه تسير على حدّ السكين، حتى ارتجف الخط بهمسة ضعيفة، تبعتها نغمة مألوفة كأنها ترتيلٌ من زمن الطهر...
"خوي بدر... انت بخير يا خوي؟!
رد عليّا وطمنّي عنيك... جلبي هيفط من خلعته عليك! جولي فينك كنت؟ ومن متى بتبعد عن إخواتك أكده، من غير سبب؟
ما حصلت وبعدت عنا، من يوم عوّادت من السفر!"
تجمّدت تعابير وجهه، وانعكست على ملامحه ألف حكاية. رفع عينيه إلى "راضية" التي كانت تراقبه من الطرف الآخر للمكان،
فرماها بنظرةٍ شذر، مليئة بلومٍ صامت، لا يحتاج إلى ترجمان. كان يعلم أنه كذب، وأنه أبغض الكذب، لكنه كذب من أجل دفن الحقيقة. والحقيقة وراءها راضية.
عاد إلى المكالمة، حاول أن يغسل صوته من شوائب الضعف، فقال بنبرة رقيقة متزنة:
خوكِ زين يا قلب خوكي من جوّه...
بس انشغلت في صفجة جديدة، ومظنّيتش تاخد وقت طويل مني.سافرت برّات البلد، وكنت كل يوم بجول هتخلي واعاود، اعملكم مفاجأة....لكن طال الغياب، واتشجّت ليكم. قولت أحددتكم وأطمّنكم، وكمان أبلغكم بنجاح الصفحة...
وليكي إنتي وإخواتك دهبّات حلوانها، بس أعاود الصعيد.
سكت، لوهلة، ليمنح للكلمات فرصة أن تلامس قلبها، ثم تمتم بخفوتٍ لم ينقصه العمق:
"هاه يا جليب أخوكي جلبك. اطمني ..و ارتاحتي؟"
كان السؤال أكثر من مجرد جملة...
كان اعترافًا بالذنب، ووعدًا بالرجوع، ورجاءً للغفران.
ساد الصمت لثوانٍ بينهما، ثم انكسر بانفجارٍ من الحزن خرج من قلب بدور، فاندفعت تقول بصوتٍ متهدّج، وهي تبكي بحرقة:
"جلبي مش هيرتاح إلا بشوفتك يا خوي...لان جلبي بيجولي إنك مرضان... فيكي حاجه يا خوي؟
طمني عليك... أنا حساك مش بخير."
لم يتفاجأ بدر بذلك.
من يعرف بدور، يعرف أنها لا تشبه أحدًا من إخوتها.
كانت الأقرب إلى قلبه، بل كانت قلبه ذاته، ولطالما نظر إليها كابنته لا كأخته.
حدّث نفسه، وقد اختلطت في صدره المشاعر بالحيرة والحزن عليها لانه تسبب في قلقها وحدث نفسه يلومها:
واه عليكي يا بت بوي...
جابك الرهيف ده... دايمًا حاسس بخوكي ووجعته..."
زفر بدر نفسًا عميقًا، كمن يتهيّأ لمناورة مؤلمة، وقال بنبرةٍ هادئة، يراوغ فيها قلقها:
طيب أقولك إيه؟ إنا بخير؟ يا بدور واصل تحبي
أجسملك برحمة بوي ولا عزة؟
لكن بدور قاطعته بسرعة، بشجاعة من يعرف الحقيقة دون أن تُقال، وردّت بثقةٍ لا تلين:
اجسم بغلاوتك عندي يا خوي...أنا ما في حد غالي على جلبي جَدّك وجَدّ خوي بدير وطايع.
أما خواتي البنات... الله يسهل ليهم حالهم ويهديهم.
أما عزة... ربنا يرحمه ويجبر على قلبك فراجه."
تنهد بدر، وكأن قناع الصلابة الذي يرتديه انزلق للحظة. إنها بدور، الطفلة التي كبرت وفي قلبها مرآة عاكسة لكل ما يخفيه. لم يعد باستطاعته الكذب عليها أكثر. فقال بصوتٍ خفيض، يشوبه دفء الحنان والاستسلام معًا:
"بدور... يا حبيبة جلبي،خوكي بخير وزين واصل.
وجبل ما تفتحي عيونك الصبح...هكون على راسك.
ارتاحتي دلوك؟"
تنفست بدور بعمق، كأنها سحبت من الهواء دفئه كله، وقالت براحة لم تعرفها منذ أيام:
"ما هرتاح إلا لما أنضرك بعيوني...مش هيغمض لي حقن ولا انعس الا بعد شوفتك يا غالي.
اجفل، بجي وارتاح...حساك همدت من الحديث معايا.
ومن بكير... تكون معاود الصعيد؟ اتفجنا؟"
ابتسم بدر أخيرًا. ابتسامة مرتاحة، مطمئنة، مليئة بالحب. مهما أخفى عنها، قلبها الحنون شعر به،
وسامحته كما تفعل القلوب الصافية.
لكنه لم يغفل أن هناك من ينتظر منه الإجابة أيضًا.
قال بلطفٍ ممزوج بالمسؤولية:
"حاضر يا جَلب خوكي... هِرتاح. بس لفيني طايع... أحددته،لجل أطمن على خواتك وأحوالكم وأحوال البلد في غيابي."
لكن قبل أن تفتح بدور فمها للرد، انخطف الهاتف من يدها، وسُمع صوتٌ رجوليّ، متهدجٌ بالقلق، وحنانٌ مكسور:
"خوي بدر ! فينك يا كبيرنا؟ خلعت جلبي عليك من الجلج! جولي... هملت شوجتك؟ وروحت فين؟
أنا سفرت الصعيد ورجعت أدليت مصر، لفلفلت عليك،
وبوابة العمارة جالي إنه منضركش من وجهت خرجت معايا! كنت فينك يا خوي
زفر بدر زفرة عميقة، خرجت محملة بشيء من الضيق، كأن في صدره جمرة لم تهدأ.
رفع الهاتف من على أذنه قليلًا، كمن يمنح نفسه لحظةً ليلجم انفعاله، ثم أعاده وقال بصوته الرجولي العميق، وقد لفّه شيء من الحزم الممتزج بالعَتاب:
"خابر إنك سَفَرت الصعيد ورجعت وعُدت لمصر،
لما رجعت اليوم... عمران خبرني.
انت صُوح خرجت وِلده من الحبس؟ وليه اتمسك من اصلًا؟ ده وولده غلبان وفي حاله!"
كان السؤال يحمل رائحة الحيرة الخفية، لا من الفعل ذاته، بل من زمنٍ تغيّب فيه عن أهله، وعن التفاصيل التي كانت دومًا تمرّ عبره أولًا.
لكن "طايع"، بطبعه المندفع وثقته التي لا يفارقها الزهو، لم يتأخر في الرد.كان صوته يحمل نبرة الفخر، كمن يحكي إنجازًا يستحق التدوين:
"حصل يا خوي. اتصل بيا بليل وجدت كنت مع اصحابي، بعد ما اتصل عليك كتير ومردتيش، اترجّاني أخرج وِلدهك لإنه اتمسك تحري، ورايد حد يضمنه روحت... استلمته أجل خاطرك. مجرد ما الضابط عرف إني خوك...رحّب بيا، وخرّجه طوالي!"
توقّف لحظة، وكأنما أراد للكلمات التالية أن تصل لبدر بطعن ناعم:
"دايمًا اسمك بيشرّفنا يا خوي... في أي مكان. كان لي حج أتشرف بيك، في فرح صاحبي..."
ثم مال بنبرةٍ أكثر جدية، وقد انكسر شيء في صوته وهو يسأل بقلق دفين:
"المهم... انت كنت فين كل ده؟ وليه هملت الشوجه... جبل ما أعاود؟ مش اتفجّت... يومين وارجع ليك؟
أنا جلبي اتخلع عليك، لما عاودت الصعيد وملجتكش،
بعد ما اتصلت بيك كتير،....وتلفونك مجفول!"
في تلك اللحظة، انعكست على وجه بدر ملامح لا تُقرأ بسهولة. فقد كان بينه وبين طايع الكثير من الأمور غير المنطوقة. لم يكن يهوى الكذب، لكنه اضطر إليه لأجل حماية سمعة راضية التي أصبح علي المحك وسمعته ايضا، رغم مرضه الذي تسبب في كل ذلك وزاد من غرابة الموقف،
تنهد بدر بقوة، وقد فاض به التعب، وقال بصوتٍ حاول أن يُخفي ما علق به من وهن:
"كنت مسافر برّات مصر... في صفحة كبيرة وجعت عليها. المهم دلوج... خلّي بالك من خواتك،
وأنا بكير هكون عنديكم...............سلام دلوك."
أغلق الاتصال دون أن ينتظر ردًا، ثم التفت إلى "راضية"، التي كانت تنظر إليه بدهشةٍ صامتة، وقد طافت على وجهها علامات الحيرة والانشغال.
رأت كيف كان حديثه مع أخته يفيض بالحب واللين، بينما بدا حديثه مع أخيه، رغم الحنان، مغطّى بطبقة من الصلابة الحادة... كأنه يربيه ويؤهله لقادم ويدعم فيه الرجولة:
اقترب منها، وخيوط التعب تتدلّى من ملامحه، وقال بإعياءٍ شديد، وقد لفّ صوته نبرة رجاء متعبة:
همِ. جهّزي الوَكل، خلّيني آكل لجَمة أصلب بيها طولي، بعديها... جَهّزي نفسك لجل نزور خيتك بالمستشفى."
حدّقت فيه "راضية" بعينين متوسعتين، وقد صاحت فجأة بهلع صادق، متشبثةً ببقايا إنسانيته التي لم تخفت بعد:
"تزور أختي ليه؟ وانت تعرفها منين واقولها انت مين
ثم إنت تعبان... الواجب ترتاح!
مش كفاية هتخاطر وتسافر الصعيد بحالتك ده؟!"
نهض من جلسته ببطء، لكن بصوتٍ عاصف، وأمسك بيدها كمن يعيد التوازن لنفسه عبر تشبثه بالغضب، وقال بحدّةٍ لم ترَها فيه من قبل:
"اسمعي زين...حديثك كله مش داخل دماغي، يا بنت الرفدى. بس أنا... هَصدّجك... لحد ما يثبت العكس."
توقف حين لمحها تحدّق فيه بنظرات فزعة، نظرات امتلأت بمزيجٍ من الصدمة والانكسار.
ابتسم، لكن الابتسامة لم تكن حنونة، بل أشبه ما تكون بابتسامة مريرة، كأن شيئًا فيه تحطّم ولم يعد يُصلح بسهولة:
"مالك اتخلعتي أكده ليه؟ غريب... إني شكّيت فيكي،
كنتِ ريداني أأمانك كيف؟ من وجت نضرتك، وحالك... اتربط بيا كإنك جَدري أو متسلّطة عليا..."
تقدّم نحوها خطوة، وواصل، وهذه المرة كانت كلماته لاذعة، مشحونة بما لا يقال:
"ما بالعقل أكده...كي يعني توجّعي قدّامي عربيتي،
قبل ما أركن جدام العمارة؟ وبعدها ترمي نفسك بالمي؟! أول الكوبري مش آخره...ده لو رايدة تموتي حالك صُوح."
صمت لحظة، ثم أردف:
"ولما تعاودي الشوجة، تصيبني الحُمى اللي بتدشمل حالي، من سنين ما صابتني.
وكل كوم... وإنك تجفلي على نفسك معايا لحالك سبوع بكامل ده، دي محدش يبلُغها واصل.
واحدة زيك...إيه يجبرها تجعدي مع راجل غريب؟
حتى لو كان كريم معاكي ؟!"
ثم مال بجسده قليلًا كأنه يُقفل الحديث ويغلق الباب داخله:
"أنا بلّعت كتير، وجولت: اصدّجك يمكن علي حج
لكن لحدّ أكده؟ لا. أنا فَوجت ليكي...ولالعيبك، يا راضية. تحبي تجري ولا اعرف الحجيجة بطريجتي
لم ترد عليها بل ظلت تنظر إليه بغموض، وهدوء حذر
دار عنها، وهو يتمتم من خلف صدرٍ منهك، وكأنه يُنقذ نفسه من الانجراف خلفها:
"هما جهّزي الوكل، لحدّ ما أغيّر خَلجاتي."
تركها واقفة كالجمر في صمتٍ ناري، وتوجه نحو غرفته، وهو يتمتم لنفسه، يستغفر ربه بصدقٍ شديد:
"استغفرك يارب، وأتوب إليك...ما جصَدت سوء الظن بيها، ياربّي سامحني.
لكن كتير اللي حصل لي معاها، من يوم نَضرتها...
الحل... إنّي أتوكّد من حكايتها بنفسي، يمكن تكون على حج... وأنا ظلمتها."
-----------
خرج بدر من الغرفة بعد لحظات، وقد غيّر ثيابه.
لكنّ المفاجأة كانت في "راضية" التي لم تهرب... بل كانت في انتظاره.
ارتدت نفس الثياب التي قابلها بها أول مرة.
كأنها تُعيده للحظة النقاء... قبل الشك.
كانت السفرة مرتبة أمامه، والطعام جاهز، وقد وقفت أمامه بثباتٍ غريب، وقالت:
"اتفضّل... بيه، كُل. وانا بانتظارك لحد ما تخلص، لعلمك أنا... مش خايفة أجي معاك، تزور اختي ،
لأني مش كذّابة."
ثم أضافت، بصوتٍ حزين فيه أنفة:
"بس صَعبان عليا حالك... تخرج وإنت لسه تعبان.
لكن... بكيفك. أنا ردّيت جميلك وكرمك. ولحد كده... تُشكر، يا زُوء."
ضحك بدر ضحكة تهكم جاف، لم يعقب عليها بكلمة، بل مدّ يده نحو الطعام يأكل بنهم، فقد باغته الجوع فجأة كأنما أدرك جسده بعد غياب.
كان أسبوعًا طويلًا، لم يدخل فيه طعامًا حقيقيًا إلى جوفه، كما قالت هي من قبل، ويبدو أنها كانت محقة.
طلب منها أن تأكل معه، لكنها رفضت، وظلّت تتأمّله، تحدّق فيه بصمتٍ عميق، كأنها تبحث عن شيء ضاع منها في ملامحه الرواية الوسيلة ،
في حين كان هو قد بدأ يستعيد وجهه بعضًا من لونه القديم. عادت قسماته المتصلّبة، ونظراته الحادة الصافية.ملامحه التي هزت قلبها يومً راته، كانت الآن تستعيد سطوتها. وحضوره المباغتة، فزعز وجدانها..
كانت شاردة في تفاصيله، حتى أنها لم تنتبه لكلماته حين تحدث، فصاح فجأة وقد نهض عن كرسيّه:
"سافرتي لحد فين يا حزينة؟! شكلك خايفة،
لكني هكون كريم معاكي واديكي فرصة أخيرة...
انطُجي! مين زَجّك عليّا؟!"
تنهّدت هي بضيقٍ ظاهر، ثم قالت بنبرة شبه ساخرة:
"لو خلّصت أكلك...أنا مستعدّة، ..........بس إيه؟!
سافرت فين؟ مش فاهمة...انا واثقة، وقدامك... أهو!"
ضحك بدر من قلبه، لكن ضحكته لم تكن مريحة.
كانت ضحكة من ذاق مرارة الشكّ، ثم اكتشف أنه لا يعرف شيئًا.
ظهرت نَوَاغِزه – تلك الغمازات الصغيرة التي لا تظهر إلا حين يضحك بصدق. فزلزلت قلبها للحظة، لكنها تماسكت، فقال بنبرة ساخرة وعميقة:
"بحدتك... وبجُولك... وكلك زين، يا مخبّلة.
رغم كطولة لسانك، وعجلك الضلم،
لكنك... سَرحانة. وشاردة في إيه؟ مخبرش."
هنا تنفّست هي بعنف، كأنما تُخرِج ما حُشر في صدرها منذ أيام، وقالت بنبرة يختلط فيها الظلم بالحسرة:
"مفيش... بس صعبان عليّا..إنّي أردلك جميلك معايا،
وتشكّ فيّ...رغم إنّك وقت تعبك كنت زي الميّت،
وقتها كنت أقدر أسرقك، وأهرّب، أبقى شوفي...
هتوصل لي إزاي؟!"
ثم أضافت بحدة وهي تنهض من مكانها:
"لكنّك صعبت عليّا...على العموم، أنا جاهزة."
نهض هو الآخر، نفض يده من الماء بعد أن غسلها، ثم قال بصوتٍ حازم، لا رجعة فيه:
"هُمّا بينا... نشوف آخرت حكايتك، يا بِنْت الناس."
---
خرج الاثنان من العمارة،
بدر بخطوات ثابتة رغم ما يعانيه داخليًا من ضعف،
وراضية بجانبِه، لا تُخفي ضيقها، ولا تعبّر عن استسلام.
حين وقف بالشارع، فطلب سيارة أجرة، وأمرها أن تبلغه باسم المستشفى.
قالت له ببساطة:
"المستشفى الحكومي.. اللي في أول شارع التحرير."
ركب بدر السيارة بجوارها، وكانت خطواته مثقلة،
لكنه رغم ذلك، أمسك بيدها. لا لينقذها... بل ليمنعها من الهروب. كان يشعر أنها ستفرّ... منها ما ان تتاح لها الفرصة، وقد كان حدسه في محله.
فما إن توقفت السيارة أمام المستشفى،
ودفعها بلطف لتدخل أولًا،حتى أفلتت يدها بسرعة، وركضت داخله!
ركضت بجنون، كأنها تفرّ من قدرٍ موعود،
وتبعها هو رغم شعوره بالدوار،
يلهث خلفها وهو يحاول تمالك خطواته المتأرجحة.
دخل وراءها من الباب الكبير، ومع أول انعطافة في الممر... توقّف فجأة. عيناه اتّسعتا بذهول،نبضه ضرب صدره كطبول حرب.
كان المشهد أمامه...صدمة العمر.
*****
يتبع.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا